حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

سينما شخصيات متوحشة.. أحيانا تكون ضحية عالم من الطبيعيين

«الزومبيز في الجوار»

محمد رُضا

 

بين الأفلام

كل شيء «أفنجرز»

* كل شيء «أفنجرز» هذا الأسبوع. إنه في كل مكان فيه صالة عرض؛ من موسكو إلى ريو دي جانيرو، ومن كايب تاون إلى هلسنكي.. دبي.. نيودلهي وما بعد. الافتتاح، حسب، تقديرات خبراء مجلة «ذا هوليوود ريبورتر»، أنجز في أيامه الستة الأولى في أوروبا وآسيا ما يزيد على 200 مليون دولار، ومن المرجح أن ينجز مع نهاية هذا الأسبوع 350 مليونا إلى 400 مليون. هذا، وعروضه الأميركية لم تبدأ بعد؛ إذ من المقرر لها أن تنطلق اليوم.

* هذا النوع من الأخبار تتمناه كل شركة أفلام؛ منتجة كانت أم موزعة، ولا تمانع في حدوثه كل أسبوع إذا ما استطاعت. لكنه أمر لا يتحقق طوال العام لأن عدد الأفلام التي من هذا الحجم وفي الوقت ذاته تتمتع بجمهور «مخزن» يعرف مسبقا شخصيات الفيلم ومستعد لمشاهدتها ببعدين أو ثلاثة (أو حتى أربعة إذا ما تتطلب الأمر) يبقى أقل من عدد الأفلام الأكثر تواضعا. هذا الفيلم الذي أنتجته «مارفل» مالكة الحقوق والتي جاءت بشخصياتها من عالم مجلات الرسوم الشعبية (الكوميكس) قبل بضع سنوات لتنقل الصور الثابتة إلى أخرى متحركة، وساهمت في تمويله شركة «ديزني» موقعة فاتورة بتكلفة بلغت 220 مليون دولار، ينضم إلى أفلام الشركة السابقة التي أنجزت نجاحات موازية عبر شخصياتها «السوبر هيرو»، مثل Thor الذي حقق 449.3 مليون دولار حول العالم، و«آيرون مان» الذي جمع جزأه الأول 585 مليونا، والثاني 624 مليونا ومثل «كابتن أميركا» الذي جمع 368.6 مليون دولار في عروضه قبل نحو عام.

* كل هذه الشخصيات موجودة ومجتمعة في الفيلم الجديد «ذا أفنجرز» مما يرسم صورة لحل قد ترتئيه «مارفل» في المستقبل: ماذا لو تخلت عن إطلاق هذه الشخصيات في أعمال منفردة وداومت على تقديمها مجتمعة في أجزاء لاحقة من هذا المسلسل؟ الفكرة قد توفر مئات الملايين بلا ريب، لكنها قد تناسب شخصيات ليست مشهورة بما فيه الكفاية لتقف على قدميها منفصلة، مثل «هوك آي» كما يؤديه هنا جيريمي رانر، و«بلاك ويدو» كما تلعبها سكارليت جوهانسون، أو شخصيات لم تستطع أن تتمتع بكثير من النجاح مثل «ذا هَلْك» كما يؤديه هنا مارك روفالو (بعدما تناوب على هذه الشخصية إريك بانا سنة 2003 ثم إد نورتون سنة 2008).

* طبعا هناك أفلام أخرى هذا الأسبوع، مع أن معظمها سيقع تحت أقدام المهرولين لمشاهدة «ذا أفنجرز». هناك مثلا Safe، الفيلم الجديد لممثل الأكشن جاسون ستاذام الذي سيكون سعيدا إذا ما أنجز فيلمه أكثر من خمسة عشر مليون دولار عالميا في أسبوعه الأول. ولن يكون هناك متسع للكوميديا البريطانية The Best Exotic Marigold Hotel لجون مادن مع جودي دنش وتوم ولكنسون حول مجموعة بريطانيين كبار في السن يصلون إلى الهند لقضاء عطلة في فندق بدا على الورق أفضل منه في الواقع. كما أن الوقت لا يبدو مناسبا لكوميديا غرامية مؤجلة من العام الماضي عنوانها «قدر صغير من الجنة» مع كيت هدسون وبيتر دينكلايج وكاثي بايتس و(بعد غياب طويل) ووبي غولدبيرغ.

* لكن سطوة «ذا أفنجرز» ستنتهي بعد أسبوع واحد من هذا اليوم حين ينطلق «ظلالات داكنة» للمخرج تيم بيرتون مع جوني دب وميشيل فايفر وهيلينا بونهام كارتر. في الوقت ذاته، هو تحد صعب على هذا الفيلم الكوميدي - الفانتازي إذا ما أخفق في انتزاع الريادة من الفيلم المهيمن حاليا.

سينما شخصيات متوحشة.. أحيانا تكون ضحية عالم من الطبيعيين

«الزومبيز في الجوار»

* لوس أنجليس: محمد رُضا في الفيلم المقبل «زومبي 108» سنجد مدينة تايباي التايوانية وقد تحولت إلى غابة متوحشة بعدما تحول نصف من فيها إلى «زومبيز» متوحشين دائمي البحث عما يشبع غريزتهم وهي التهام بشر أحياء. الفيلم سيأتي مشحونا بمشاهد الرعب والدم مع فتح خط على مشاهد جنسية كما لو كان يريد تغطية كل الفرص التي من شأنها تمييز هذا الفيلم عن عشرات سبقته في السنوات الأربعين الماضية أو نحوها.

نعم مرت 44 سنة على ظهور أول فيلم «زومبي» مميز بشخصياته الباحثة دون عناء عمن تقضم في أي من ساعات النهار والليل، ففي عام 1968 قام مخرج أميركي مستقل وغير معروف اسمه جورج أ. روميرو بإطلاق فيلم بث الرعب والقلق في نفوس مشاهديه هو «ليلة الأحياء الموتى»؛ وهو أبيض وأسود صغير بكاميرا تبدو كما لو كانت طبيعية الوجود حين انطلقت الأحداث، يدور حول ظهور فيروس مجهول يحول الناس إلى وحوش بشرية تتحرك ببطء لكنها لا ترتدع. إنها نهاية العالم كما نعرفه، لكنها نهاية ما زالت تقع كل سنة مع مزيد من الأفلام المتمحورة حول هذا الموضوع وتلك الشخصيات.

منذ عشر سنوات زادت «شهية» السينما لوجبات من هذا النوع: جورج أ. روميرو عاد إلى هذا المنوال في «فجر الأحياء الموتى» (في أربعة أجزاء أخرى بعد فيلمه الأول). والسينما البريطانية تحركت بنجاح وقدمت فيلمين لافتين في هذا الشأن هما «28 يوما لاحقة» و«بعد 28 أسبوعا لاحقة» والسينما الأميركية لم تتوان عن تقديم المزيد مثل «زومبيلاند» و«كوكب الرعب» و«المجانين» و«يوم الموتى» و«الموتى» والمسلسل التلفزيوني الناجح The Walking Dead.

وكما تقترح هذه الأفلام أن الوباء المتسبب في هذه الكارثة منتشر حول العالم، نرى أن سينما الزومبيز باتت متعددة الرؤوس. فإلى جانب المساهمة التايوانية التي ستعرض خلال هذا العام على نطاق واسع، هناك مساهمات إسبانية وصينية وإيطالية؛ بل وكوبية. نعم المخرج أليخاندرو بروغيز أنجز تصوير «جوان الموتى» (على غرار «جوان دارك») الذي تقع أحداثه، على الأرجح، في هافانا.

إذا ما كانت هذه الأفلام نبوءة مستقبلية، فإن هذا محط جدال. البعض يفضل اعتبار أن هذه الأفلام مجرد هواجس وكوابيس محبوسة بين جدران صالات السينما، في حين أن البعض الآخر يخشى أن يكون العالم مقبل على مثل هذه النهاية بالفعل. لا يعرف كيف ولا متى لكنه سيستشهد بـ«زومبيلاند» و«بعد 28 أسبوعا» ويقول: «أرأيت؟! لقد صدق حدسي».

لكن الثابت أن التعبير منتشر الآن عن الشخصيات ذات المناصب الاقتصادية الرفيعة التي تستحوذ، في العالم الغربي، على مقدرات الشعوب؛ بل وتحرك الحكومات صوب تبني قراراتها، كما هي الحال في الأزمة اليونانية المتجسدة. التعبير مستخدم في نشرات الأنباء في المحطات التلفزيونية البديلة المناوئة لتلك المؤسسات الإعلامية المعتمدة كتعويض أبلغ، في رأي مستخدميها، عن تعبيري «أسماك قرش» و«القطط البدينة» («القطط السمان» في التعبير المصري).

ولا ريب أن العديد من أفلام الزومبي تناولت أبعادا سياسية من هذا النوع. فجأة؛ نهاية العالم باتت ناتجة عن جشع واسع جعل الناس تنقلب إلى وحوش تود الانتقام من المسالمين. حتى يبرر جورج أ. روميرو هذا البعد، سمح للشخصيات المتوحشة أن تبدو ضحايا لعالم أفلت من عقاله في كل شأن وجانب. فإن المبعوثين من الموت في فيلمه الثاني في السلسلة «فجر الموتى» (1978) هم ضحايا مجتمع استهلاكي بالمقام الأول. ذلك المشهد الذي نرى فيه الزومبيز يدخلون إلى «شوبينغ مول» ويجولون في أرجاء متجرة في وهلة تنتقل بهم إلى ممارساتهم السابقة حين كانوا أحياء طبيعيين، يبث الرعب من دون أن يقع فيه ما يرعب. عالم مسكون بهواجسه مقبل على عالم تتبدى الأيام فيه كما لو كانت جحيما متواصلا على الأرض. في فيلمه الثالث في السلسلة «نهار الموتى» (بذلك تدرج من الليل إلى الفجر ثم النهار) يضع روميرو السلكين العسكري والعلمي في بؤرته النقدية. وفي الجزء الرابع والأشد فتكا في بعض جوانبه «أرض الموتى» نراه يوجه نقده إلى الإعلام وهو توجه ليس جديدا؛ إذ اشتغل عليه في كل أفلامه.

ليس أن الامتداد الرمزي لماهية الزومبي (بوصفه نصف بشر) كان دائما موجودا في أفلام الزومبي، لكن حين يكون موجودا فإنه حضوره واضح: الزومبيز هم بشر عاديون سقطوا إلى الدرك بعدما أطاحت الظروف الاجتماعية والأمنية والاقتصادية بكل الكيانات الشرعية التي التزم بها الإنسان منذ أن تحضر قبل خمسة آلاف سنة أو نحوها. لكن تلك التي لم ترغب في الترميز تنقسم بدورها إلى فئتين: فئة يهمها إتقان فن التخويف من دون أي دلالات إضافية (في البال «زومبيلاند» - 2009)، وفئة تتيح لنفسها التظاهر بأنها تعلق سياسيا أو اجتماعيا على الوضع لتنطلق منه إلى حذافير رواياتها (مثل النسخة المكررة من فيلم روميرو، تلك التي أخرجها زاك سنايدر سنة 2004 تحت عنوان «فجر الموتى» والتي يمهد فيها لأحداثه بإظهار مسلمين يقومون بتأدية الصلاة كما لو أنهم صدر الخطر اللاحق).

على صعيد فني، فإن نظرية «غير الواضح يمكن له أن يُخيف أكثر من الوضوح» تتبدى صحيحة في العديد من الأمثلة. الفارق بين أفلام الزومبيز وأفلام دراكولا مثلا (أو أفلام دراكولا وأفلام «مصاصي الدماء» الحالية) هو أن أفلام الأمس كانت مخيفة حتى من دون مشاهد قضم أطراف وأفواه تعلوها الدماء. كان الرهان الصحيح آنذاك هو ترك مخيلة المشاهد تترعرع على نحو تدرك معه ما الذي يحدث بالفعل. في الحقيقة، إذا ما لاحظت «نوسفيراتو» الصامت (للألماني ف.و. مورناو سنة 1922) الذي تحدث عن مصاص دماء مستوحى من شخصية دراكولا (بعدما أخفق المخرج في استحصال ترخيص قانوني يتيح له استخدام الشخصية ذاتها) ووضعت نفسك بعيدا عن المؤثرات الحالية، فإنه لن يترك مخيلتك بعد ذلك. خلال العرض ستشعر بالخطر الداهم الذي لا يحاول أن يؤكد لك أنك ستلقى المصير نفسه حال خروجك من الصالة؛ بل الذي سيستخدم خوفك الناشئ داخل الصالة ليبني عليه نجاحه في الاستحواذ عليك مستخدما الظلال والتركيبة القصصية والتنفيذ الفني كعملية زرع الفكرة في البال بتؤدة وصبر.

منذ ذلك الحين، تنوعت الأساليب والاتجاهات وتطورت منابع الخوف الكامنة فينا وفي السينما ذاتها. صارت ربما أكثر تشابكا، لكن المخرج الفصيح الذي لا يمكن المرور تحت رادار أفلامه ألفرد هيتشكوك كان قال في حديث للمخرج الفرنسي الراحل فرنسوا تروفو: «يجب أن لا يقف شيء في المسافة بين المشاهد والفيلم». هذه الأيام كل شيء يقف؛ وربما لهذا السبب اختلف الذوق عما كان عليه سابقا.

وراء كل جريمة غراب «بو»

* الغراب The Raven إخراج: جيمس ماكتيغ أدوار أولى: جون كيوزاك - لوك إيفانز - برندون غليسون -

كيفن مكنالي النوع: تشويق

* تقييم الناقد: (4) (من خمسة)

* حين يذكر فيلم جيمس ماكتيغ الجديد «الغراب»، في مقدمته وقبل الانتقال من الصورة الأولى، أن إدغار ألان بو وُجد على شفير الموت ينازع وأن سبب موته لا يزال غامضا، فإن المشاهد لن يدري أن النية تتجه بهذا الفيلم ليتمحور حول وفاة بو كما يتخيلها. لكن بعد ساعة وعشر دقائق؛ إذ يعود الفيلم إلى ذلك المشهد الذي بدأ به، ندرك أن الكتابة أنجزت حركة دائرية ماهرة ولو أن الحكاية هنا تحيل أسباب الموت إلى سم شربه الروائي بو ثمنا لإنقاذ المرأة التي أحب.

طبعا لا يهم هنا أن لا شيء مما نراه في الفيلم حدث فعليا مع الروائي الذي احتفي بمئوية وفاته قبل عامين، بما في ذلك أسباب تلك الوفاة. سيناريو هنا (أو حنا) شكسبير وبن ليفنغستون يتضمن أحداثا تستمد من الشخصية الواقعية كل ما تستطيع توفيره من خيال. المزج بين الواقع والخيال يظهر أيضا في مشهد حلم مقتضب يمر به الكاتب (يؤديه جون كيوزاك ببراعته وموهبته غير المقدرة حق تقديرها) ليستيقظ منه أكثر اضطرابا من قبل أن يخلد إلى النوم. هذا المزج يستخدم لإتمام أحداثه بعدد من روايات الكاتب ذاتها. ينطلق ويؤسس لـ«الغراب» ويشتمل على «الحفرة وعقرب الساعة» و«القلب الواشي» و«القناع الأحمر» من بين أخرى. السبيل لتأمين هذا المرور الآمن على تلك الأعمال هو جعل بعض الجرائم الواردة فيها تشكل الجرائم التي يرتكبها المجرم في سعيه، حسب قوله، لتخليد الكاتب. فالقصة هنا تدور حول ذلك القاتل (شخصيته مغلفة بالكتمان جيدا لما قبل النهاية بنحو عشر دقائق) الذي يرتكب جرائمه باستيحاء من روايات بو الذي يطلبه البوليس في مدينة بولتيمور في عام 1892 أولا على أنه متهم، ثم سريعا لمساعدته على كشف الستار عن هوية قاتل يرتكب جرائمه الفظيعة مستخدما مواقف مشابهة خطها الكاتب. وهناك جزء من الفيلم يعكس فيه بو شعوره بالذنب كون أفكاره الداكنة التي ساهمت في تأليف حكاياته وشهرته على حد سواء، كانت من التأثير بحيث دفعت أحدهم لمحاكاتها في الواقع. هذا جانب آخر من المزج بين الواقع والخيال هنا، فالحكايات المكتوبة والمنشورة باتت، بخيالاتها، واقعا ماديا ملموسا، لكن قيام أحد في الفيلم باستلهامها خيال جانح. الرابط بينهما هو فعليا ما يميز كل فيلم ينطلق من حقيقة ثابتة إلى خيال واسع. لكن في حين أن التوازن غير موجود في العديد من تلك الأفلام، فإنه هنا ثابت، مما يجعل عملية الانتقال (وفي غضونها عملية التأثر والتأثير) من معالم الفيلم الأساسية.

جيمس ماكتيغ هو ذاته الذي بشر بثورات ربيع أوروبية حين حقق قبل سبع سنوات V For Vendetta ثم أنجز فيلما هوجم (رغم تنفيذه الجيد) هو «النينجا القاتل» (2009)، والآن يعود في وضع فني ملائم لسرد حكاية يقودها من ترك في أدب الرعب والتشويق البوليسي، كما في عالم التحريات (قبل آرثر كونان دويل وأغاثا كريستي) بالغ الأثر.

على عكس عودة غاي ريتشي إلى شخصية دويل الشهيرة شيرلوك هولمز في الفيلمين الحديثين، حافظ ماكتيغ على ثلاثة عناصر أساسية: القيمة التاريخية، والأجواء الواقعية للأمكنة وللفترة الزمنية، كما حافظ على احترامه للكاتب ولشخوصه.

سنوات السينما

1922 الحلقة الأولى: «روبين هود» و«نانوك الشمال»

* هناك عدد من الأحداث والأفلام البارزة عند الانتقال إلى سنة 1922؛ في مقدمتها أن السينما لم تشهد قبل هذا العامأي نجاح لفيلم تسجيلي طويل. المخرج والباحث روبرت ج. فلاهرتي أنجز هذه الوثبة لأول مرة حين قدمت الصالات التجارية في الولايات المتحدة فيلمه المعروف «نانوك الشمال» حول حياة نانوك وعائلته في صقيع ألاسكا. طبعا الفيلم الأول في شباك التذاكر الأميركية في ذلك العام لم يكن لهذا العمل التوثيقي، بل لفيلم ترفيهي جيد هو «روبين هود» أنجزه المخرج المتكاثر ألان دوان (411 فيلما في ما بين 1911 و1961)؛ إذ جمع في حصيلته مليونين و500 ألف دولار حين كان سعر التذكرة لا يتجاوز عشرة سنتات (بدل اثني عشر دولار فما فوق حاليا). بتطبيق سعر التذكرة اليوم على سعرها آنذاك فإن «روبين هود» الذي شاهده نحو 25 مليونا أنجز أكثر مما أنجزه «تايتانيك» قبل خمس عشرة سنة (مليار و400 مليون دولار). «روبين هود» لم يكن الشخصية البريطانية الوحيدة التي ارتسمت على الشاشات الأميركية في ذلك العام كما سنرى في الحلقة المقبلة.

* شباك التذاكر لا اختلافات كبيرة عن الأسبوع السابق وذلك بانتظار نتائج «ذا أفنجرز» في الأسبوع المقبل. الفيلم الأنيميشن البريطاني «القراصنة» حل ثانيا بإيراد لا يعد بفوز كبير، لكن هناك ما هو أسوأ: كوميديا بعنوان «خطوبة السنوات الخمس» تحط خامسة، والأكشن «آمن» سادسا.

1 (1) Think Like A Man: $18,166,080 (2) 2 (-) The Pirates!: $11,820,744 (4) 3 (2) The Lucky One: $11,809,188 (1) 4 (3) The Hunger Games: $11,605,128 (3) 5 (-) The Five Years Engagement: $10,900,621 (2) 6 (-) Safe: $7,720,206 (2) 7 (-) The Raven: $7,682,102 (4) 8 (4) Chimpanzee: $5,531,160 (2) 9 (5) The Three Stooges: $5,474,261 (2) 10 (6) The Cabin in the Woods: $4,004,296 (3)

الشرق الأوسط في

04/05/2012

 

تشكل الحرب مادة أساسية سواء بطريقة مباشرة أو بالتركيز على قضايا كانت سببا لها

الأفلام اللبنانية.. هل تعيش عقدة الحرب أم هي تعبير صادق عن وجدان صنّاعها؟

بيروت: هيام بنوت

تشكل الحرب مادة أساسية في الأفلام اللبنانية، ونكاد لا نستثني فيلما لبنانيا واحدا لا تكون الحرب موضوعا أساسيا فيه، وإذا كانت بعض الأفلام لم تعالج هذا الموضوع بطريقة مباشرة فإنها تناولته بطريقة غير مباشرة من خلال التركيز على قضايا كانت الحرب سببا لها، كما فعلت مثلا المخرجة نادين لبكي في فيلمها الثاني «وهلأ لوين» الذي تطرق إلى مشكلة الطائفية في لبنان. فهل ستظل السينما اللبنانية محصورة في أفلام الحرب؟ وهل يعاني المخرجون اللبنانيون من عقدة «أفلام الحرب»؟

المخرج بهيج حجيج استفزه السؤال واحتج عليه قائلا: «السؤال مردود، وأنا أحمل النقاد المسؤولية، لأنهم يطبعون كل فيلم جديد بطابع (فيلم عن الحرب) وهذا الكلام غير صحيح. الأفلام التي تنتج اليوم لها علاقة بوضع غير مستقر قائم ومستمر يعيشه اللبنانيون، والفنان يعبر عن الواقع الذي يعيشه. ثمة خطأ كبير أن يقال إننا لا ننتج سوى أفلام عن الحرب، ومع أنني لست ضدها فإن هذا الكلام غير صحيح. الفنان ينطلق من أرضية معينة، وهو يرتبط بالواقع السياسي وليس معلقا في الهواء، والسينما الجدية والجادة تعبر عن الواقع الذي نعيشه، ونحن نعيش وضعا غير مستقر. هذا وضعنا ونحن نتكلم عنه، ونحن لا نتحدث عن الحرب، بل عن شيء له علاقة بنا، وهذا هو الفن الحقيقي لأنه يقدم للجمهور عملا فنيا له ارتباط بحياة، بيوميات، بعواطف وشعور، ليست معلقة في الهواء، بل لها علاقة بالمجتمع، بالأرض والوطن، وهذا هو تفسيري لهذا النوع من الأفلام. إذا كانت يومياتنا يوميات حرب تصبح الحرب مسألة عادية جدا في أفلامنا. نحن نعيش الحرب منذ 40 عاما، وإذا سألنا أي لبنان: (هل أنت مرتاح؟)، يكون الجواب: (عندي قلق)، والسينما تعبر عن ذلك. هل نقدم أفلاما عن روميو وجوليت أو قصصا في الهواء؟! هذه ليست سينما وليست فنا، وأي فن جدي عالمي تكمن قيمته في تناوله للواقع. وأنا لا أتحدث عن سينما واقعية، بل عن سينما تنطلق من واقع معيش، ونحن واقعنا قلق وغير مستقر».

ويتابع حجيج: «هناك أيضا أفلام تسلية تعرض في الصالات اللبنانية كفيلم (كاش فلو) الذي لا يتحدث عن الحرب، أو فيلم (وهلأ لوين) للمخرجة نادين لبكي، الذي يدور حول الحرب الطائفية التي تعبر عن حياتنا وواقعنا غير المستقر. هناك مشكلات كثيرة لم تحلّ في لبنان، نحن نعيشها ويجب أن نتطرق إليها في الفن. من الخطأ جدا أن يقال: لا نريد مزيدا من أفلام الحرب، بل هذا الكلام يشير إلى عقلية خطيرة ومنطق خطير جدا لأنه ضد الذاكرة والمجتمع والإنسان. الذاكرة يجب أن تظل موجودة وبشكل مستمر، ولا يجوز أن نمحو كل شيء وأن نمحو الحرب وأن نقول: (خلينا نتسلى)! الحرب وعدم الاستقرار في خلايانا، وهي ليست شيئا يمكن محوه، وأنا أعتبر أن إرادة محو الذاكرة هي عمل سياسي، لأن من يطالب بذلك وبعدم التحدث عن الحرب يريد أن يوحي بأن كل شيء على أفضل ما يرام، وهذا غير صحيح على الإطلاق. أنا مع أن نفرح، ولكن هذا لا يعني أن كل شيء انتهى في لبنان، وكثيرون يفكرون مثلي».

حجيج الذي يحضر لفيلم جيد يقول عنه إنه يتحدث عن مشكلة اجتماعية لها علاقة بواقع غير مستقر يؤثر على المجتمع، سواء من ناحية تسخيف العائلة أو من ناحية الفوارق بين الأجيال. ويضيف: «هناك محاولة مستمرة لتسخيف المجتمع اللبناني، من خلال بعض الأعمال التلفزيونية، التي تهدف إلى منع الإنسان من التفكير. المستوى الثقافي تراجع كثيرا في لبنان، وهذه إحدى تداعيات الحرب، وثمة إرادة لكي نصل إلى هذا المستوى، وهناك من يخطط لذلك لأن مثل هذه الأمور لا يمكن أن تحصل بشكل تلقائي وعفوي. الدراما التلفزيونية تبعد الناس عن الفن الحقيقي، وهناك محاولة لإلهاء الناس عن المشكلات الأساسية، وهذه السياسة متبعة منذ انتهاء الحرب وحتى اليوم ولكنها أثبتت فشلها، وكانت نتيجتها المزيد من المشكلات. الحرب لم تنتهِ في لبنان، بمعنى أو بآخر، وتداعياتها لا تزال مستمرة، ونحن نعبر عنها، ليس سينمائيا فقط، بل أيضا في الأدب وفي أي تعبير فني آخر. وأنا أقول: «ارحموا السينما»، ويكفي المعاناة التي يعيشها المخرج عند تنفيذ أي فيلم جديد. هل يريدون سينما لبنانية شبيهة بالسينما الهوليوودية من الدرجة الثالثة والرابعة (تسخيف وهبل) أو سينما (فاست فود)؟! أنا لا ألوم الناس، بل ألوم الجو السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي نعيشه منذ انتهاء الحرب وحتى اليوم، وحتى البنيان الذي نشاهده هو تدمير للمدينة وليس إعمارا لها».

المخرج سعيد الماروق يرى أنه من المبكر جدا الابتعاد عن أفلام الحرب، قائلا: «هذه ليست عقدة، بل واقع يتحدث عن تاريخنا المعاصر. فأنا كمخرج عشت الحرب وكانت الصور ترتسم أمامي ولا يمكنني أن أتغاضى عنها، ولكي أبتعد عن سينما الحرب فإنني أحتاج إلى 30 سنة جديدة لكي أتناول مواضيع جديدة في أفلامي، وهذا الوضع ينطبق على كل جيل المخرجين الذين تتراوح أعمارهم بين 30 و40 عاما، لأننا جميعا ولدنا في الحرب التي أصبحت مترسخة في عقلنا اللاواعي». ويتابع الماروق: «هل يمكن أن نتحدث سينمائيا عن منطقة البرج التي يخبرنا عنها أهلنا إذا كنا لا نعرفها، ولا يوجد لها امتداد في ذاكرتناظ! لبنان دمر، ثم أعيد أعماره، وأنا من الجيل الذي لا يعرف لبنان قبل عام 1975، ولا يوجد صلة بيني وبين تلك المرحلة، لأن جذوري كإنسان تبدأ من فترة الحرب والمرحلة التي تلتها، ولذلك فمن الطبيعي جدا أن تكون أفلامي عنها».

وللذين يقولون: «لقد مللنا من سينما الحرب»، يرد عليهم الماروق: «لا بد من البحث عن رؤية جديدة وأسلوب جديد عند طرح سينما الحرب، وبدل أن تكون بالرصاص والقنابل يمكن تناولها من زاويا جيدة. مع الوقت يصل المخرج إلى مرحلة من النضوج، ولكن قبلها لا بد له من أن يخوض تجارب مختلفة إلى أن يصل إلى هذه المرحلة، قد يكون فيلمي المقبل عن الفساد أو السياسة أو المخدرات لأن هذه المواضيع أصبحت مبلورة، وهي تتعلق بطريقة أو بأخرى بالحرب. الحرب في لبنان حصلت في عام 1975 ولم يطرح أي فيلم سينمائي موضوعا يتحدث عن أسبابها، وهذا ما سأفعله من خلال فيلم (سينما ريفولي)، إذ لا بد من أن نقف أمام المرآة وأن نعود إلى عام 1975 لنعرف الأسباب ونجد الحل ومن ثم نعمل على بناء المستقبل، لأن المستقبل لا يبنى أبدا إذا تم التغاضي عن الجريمة».

من ناحية أخرى يرى الماروق أن المخرج اللبناني يخاف من الفيلم التجاري، ولذلك هو لا يقترب منه، قائلا: «شخصيا أنا مع هذا النوع من الأفلام، ويجب أن يكون هناك اتجاه لإنتاج أفلام كوميدية ترفيهية و(أكشن)، لأنها تساهم بتحريك العجلة السينمائية وتنعش السوق. ومقابل كل 20 فيلما تجاريا يجب أن يكون هناك 5 أفلام نخبوبة، ولا يجوز أن تكون كل أفلامنا نخبوية كما يحصل اليوم. ولكن بما أن المنتج لا يثق في السوق اللبناني، وبما أن المخرج يخاف من الإقدام على خطوة مماثلة، يظل السير على السجادة الحمراء هو الحل الأفضل عند المخرجين، وهذا السبب الذي يجعل من الفيلم اللبناني فيلم مهرجانات، وما دمنا مستمرين في إنتاج أفلام نخبوية ستظل الأفلام اللبنانية تصنف تحت اسم تجارب، في حين أنه ينتج في مصر سنويا 80 فيلما سينمائيا بينها 5 أفلام نخبوبة فقط». المخرج جو بوعيد اعتبر أن المخرج كأي شخص آخر يعكس حقيقة البيئة التي ينتمي إليها، قائلا: «في فيلمي الجديد (تنورة ماكسي) لم أستطع أن أتجاهل الأحداث التي تشكلت كنتيجة للاجتياح الإسرائيلي للبنان، ولكن بعض المخرجين يستغلون الحرب لأنها تشكل مادة درامية شيقة في الأفلام، ولكن وبشكل عام لا يحق لنا أن نظلم السينمائي، لأن الحرب راسخة في عقله اللاوعي. صحيح أننا نعيش حاليا فترة سلم ولكنه سلم مرتقب ولا نعرف ماذا يمكن أن يحصل في أي لحظة، وسواء شئنا أم أبينا فإن الحرب خامدة تحت الرماد والأجواء ليست مطمئنة، وهذه الهواجس هي التي تجعلني أقول كسينمائي، صحيح أن الحرب انتهت ولكنها لم تنتهِ في الحقيقة، بل هي لا تزال في عقول الناس، وإن لم تكن في الطرقات والشوارع».

بوعيد الذي كانت تزعجه في الفترة السابقة الأفلام التي تتكلم عن الحرب، يضيف: «ولكن عندما كبرت تأكدت أن المخرج لا بد أن يحاول التعبير عن أمور معينة حصلت معه أو مع أهله أو أقاربه بسبب الحرب، ولكن هذا لا يعني بالضرورة أن كل الأفلام يجب أن تتناول بطريقة مباشرة أو غير مباشرة هذا الموضوع. ولكنني كمخرج لست ضد أفلام الحرب، لأنه لا يمكن أن نلغي الحرب من ذاكرتنا، ولكن يمكن أن نتطرق إليها من زاوية مختلفة وبرؤية جديدة».

الشرق الأوسط في

04/05/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)