حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

جون كيوزاك يؤدي شخصية إدغار آلان بو

«كيف لك أن تكون نجما وشخصا متواضعا في الوقت نفسه؟»

محمد رُضا

 

في حساب الممثل جون كيوزاك ستون فيلما من عام 1983 إلى اليوم. آخر هذه الأفلام «The Raven» الذي يفتتح عالميا هذه الأيام بتوقعات كبيرة، وفيه يؤدي كيوزاك شخصية المؤلف البوليسي والشاعر إدغار آلان بو الذي اشتهر بعد وفاته (وُجد ميتا على الرصيف فقيرا وبتأثير الإدمان والمرض) أكثر مما واتته الشهرة حيا، والذي استمدت السينما من أعماله عشرات الأفلام. في الحقيقة عدد الأفلام المقتبسة عنه أو التي تأتي على ذكره كسيرة حياة جزئية أو كاملة بلغ في آخر تعداد 192 فيلما، بينها فيلم أردني الإخراج (لمحيي الدين قندور) دار بالكامل عن شخص بو. وهناك ستة أفلام في مراحل مختلفة من الإنتاج مسحوبة من أعماله التي من بينها «قناع الموت الأحمر» و«موريلا» و«القلب الدال» و«تهاوي منزل آشر» و«الغراب»، التي هي من بين الأكثر ظهورا في الاقتباسات السينمائية، وآخرها الفيلم الذي يتولى بطولته كيوزاك ويخرجه جيمس ماكتيغ.

أن يكون بو أكثر شهرة من جون كيوزاك فهذا جائز، ولو أنه غير مؤكد. المسألة نسبية حتى بالنسبة للممثل الجاد والموهوب الذي منع نفسه من الانجذاب صوب الأدوار البطولية الخارقة على غرار أتراب له مثل جوني دب وروبرت داوني جونيور. شارك في الكثير من الأفلام الناجحة مثل «صيف مجنون» و«المحتالون» و«دفع الصفيح» و«2012»، لكنه لعب أيضا في أفلام تحسب على المستقل والمختلف مثل «رصاص فوق برودواي» و«ظلال وسحاب» (كلاهما لوودي ألن) و«Grosse Point Blank» العنيف و«أن تكون جون مالكوفتيش».

·         ما تاريخ علاقتك بإدغار آلان بو كقارئ أو كمتابع لأدبه؟ هل هو تاريخ بعيد؟

- قرأته في صفوف الدراسة. كنت شابا صغيرا حين أدركت قيمته الحقيقية في الأدب وفي التراث الأميركيين. وحين تنظر إليه اليوم تجده الأب الروحي لكل ما تلاه من حكايات تشويق داكنة أو روحانية، كما الأب الروحي للتحري الخاص.

·         سبق أغاثا كريستي وآرثر كونان دويل...؟

- نعم. إنه تشارلي تشابلن الأدب. وحين عدت إليه لاحقا وقرأته أكثر أدركت كم كان متميزا بكتابته. كان «سيدا» في عمله وترك تأثيره في أكثر من اتجاه.

·         لكن الفيلم ليس قصة حياته.

- صحيح. نسرد هنا قصة خيالية يدخلها ليكون بطلا لأحد أعماله. إنه فيلم فانتازي يصبح فيها بو جزءا من خياله. وهذا يتيح له أن يقدم نفسه. لديك حياته وكتاباته ورسائله، ثم نراه مطلوبا لكي يشترك في فك ألغاز ناتجة عن واحدة من رواياته. كل هذا من دون أن نشكل كلمة نهائية أو محددة في حياته أو حوله. بو أراد أن يكون مقروءا أكثر، أن تؤلف رواياته ما ألفته لاحقا من انتشار. ليس لأنها لم تكن منتشرة في وقته، لكن الشهرة واتته بالفعل لاحقا عقب موته.

·         بو كان شخصية تميل إلى التعقيد. حياته السوداوية أثرت عليه وحكاياته وشخصياته سوداوية أيضا. كيف تعاملت مع هذا الجانب؟

- هذا صحيح. لم تكن حياة سهلة، فحين كان صغيرا فقد والده وتبناه أب ثري لكنه حرمه من الثراء إذا لم ينصَع لتوجيهاته. بو كما تعلم كان مدمن كحول، بل كان يحمل مفهوما عنصريا في بعض الحالات، وشخصياته وأجواؤه داكنة بالفعل. كان في السادسة والعشرين حين تزوج فتاة في الثالثة عشرة من عمرها. لم يكن الأمر فضيحة آنذاك كما هو اليوم، لكن هذا يعكس توهانه. لا أعتقد أنه كان مشغولا بالجنس أو النساء، لكن تأثير وفاة زوجته كان بدوره كبيرا عليه. لذلك غلبت على أعماله ذلك الطابع الداكن.

·         ماذا تعني لك حكاية «الغراب» ذاتها؟

- الغراب رمز ميثالوجي في عمله، وهو طير له وجود في التراث والثقافات المختلفة. لكن عند بو هو رمز لطائر يستطيع أن يعيش فوق وتحت الواقع ويرى ويعلم الدواخل وما تحت الأرض.

·         حدثتني عن علاقتك بالروائي بو، لكن ماذا عن علاقتك بالشعر عموما؟ هل كتبت شعرا؟

- نعم، فعلت. لكنني لن أظهره لأحد على الإطلاق. أولا لأنه ليس جيدا، وثانيا لأني لا أعتبر نفسي شاعرا. تستطيع أن تقرأ بو وتستطيع أن تقرأ أوكتافيو باز أو سواهما وتحاول أن تتعلم، لكنّ هناك شيئا آخر غير إتقان العبارات أو تقليد الأساليب. هذا الشيء هو الذي يمنح الشاعر حق ممارسة الشعر.

·         كيف تجد موقعك اليوم بين الممثلين.. كيف تفسر الشهرة؟

- طبعا أمثل الأفلام وأتمنى أن يقبل الناس عليها جميعا. هذا شيء واضح، لكني جئت من عائلة لا تتفق كثيرا والمدح المباشر. تفضل عناصر وقيما أخرى على الشهرة.

·         مثل ماذا تحديدا؟

- أعني كيف لك أن تكون نجما وفي الوقت ذاته متواضعا؟ لدي الرغبة في كليهما، ولا أدري كيف السبيل للتوفيق بينهما. نعم، أريد أن أنقل ما عندي إلى الناس عن طريق التمثيل وأريد النجاح بكل تأكيد، لكن الشهرة لها ضرائب تدفعها إذا ما أردت لوجهك أن يغزو كل مكان. أتساءل أحيانا ما إذا كان من حق الممثل أن يفرض وجوده على الجمهور، وحين أفكر في ذلك تجدني أفضل التمثيل على الشهرة. أقبل على الدخول في المشاريع ثم ترك القرار للجمهور.

·         لكنك درست الكيكبوكسينغ (ملاكمة الرفس) قبل نحو عشرين سنة، أليس كذلك؟

- بلى.

·         هل كنت بصدد اختيار أفلام أكشن ومغامرات من تلك التي كان يقوم بها حينها ممثلون معروفون؟

- لقد درست الكيكبوكسينغ على يد محترف ومعلم ممتاز اسمه بني أرغواديز، لكن ذلك كان بسبب تمثيلي فيلم «غروس بوينت بلانك» تحديدا، بل وظهر معي في بعض مشاهد الفيلم. كان ذلك أساسا لغاية تمثيل الفيلم الذي لم يكن فيلما من نوع أفلام فان دام أو تشاك نوريس، بل كان استخدام هذا الفن القتالي محدودا بمشاهد معينة، لكني كنت جادا. هذا لا يمنع من تعلم هذه الرياضة. لقد أخذت درسا يوم أمس.

·         ما الذي تعلمته من هذا الفن القتالي؟

- تعلمت أنك حين تواجه خصما فإنك تريد التغلب على خصمين آخرين يكمنان في داخلك: الأول أن تتحول إلى قاتل، والثاني أن تتحول إلى جبان. تريد أن تبقى بعيدا عن الحالتين.

·         هل ستمارس هذه الرياضة في فيلمك المقبل «الأرض المتجمدة»؟

- لا. تصوير هذا الفيلم انتهى بالفعل وليست فيه مشاهد قتال من هذا النوع.

جولة في سينما العالم

* لم يعد أحد يكتب خصيصا للسينما، أو هكذا يبدو الأمر. فإذا ما حدث ذلك فإن النتيجة هي فيلم من نوع «بنطلون جولييت» أو «حظ سعيد» أو «رد فعل»، وهي بعض الأفلام المصرية المعروضة حاليا في القاهرة. أما الكثير من الأعمال الجديدة فنجده مقتبسا من ألعاب فيديو (مستمدة من مصادر عدة) كما الحال في «سفينة حرب» أو من مجلات الكوميكس، كالفيلم المقبل «المنتقمون»، أو من شخصيات حقيقية مدموجة بالخيال («شيرلوك هولمز: ظلال الغموض» و«الغراب»)، وهذه الأفلام معروضة حاليا (أو على وشك البدء بعرضها بالنسبة لـ«المنتقمون») في كل عواصم الخليج والشرق الأوسط.

* الموزع وصاحب الصالات السينمائي ماريو حداد لخص حال التوزيع في المنطقة العربية في جلسة امتدت لساعات مباشرة بعد انتهاء مهرجان الخليج السينمائي بأنه جيد لكنه محدد المواقع، قائلا: «هناك اليوم سوق كبيرة أساسية في المنطقة هي سوق الإمارات، ثم الأسواق المحيطة بها كالكويت والبحرين وقطر. ثم هناك نشاط ملحوظ في بيروت وعمان، وعودة نشاط إلى صالات القاهرة».

هذا على الصعيد الإيجابي، أما على الصعيد السلبي فيجد أن هناك مشكلة متجددة، قائلا: «كلما تم الحديث عن تشجيع السينمات المحلية يبدأون بالموزع وصاحب السينما. يا عمي، لِم لا يبدأون من القاعدة؟».

في ذلك الرأي عودة إلى ما ذكرته في الكثير من المرات حول ضرورة قيام الموزعين وأصحاب صالات السينما بتشجيع السينمات الناشئة والمختلفة، لكن ماريو حداد يرى العكس، فيقول: «عندما يصبح لهذه السينما جمهور يرغب في مشاهدتها فإن شاشاتنا حاضرة».

* لا أحد يقول إن شركات التوزيع هي جمعيات خيرية، لكن كيف يمكن لهذا الجمهور أن ينشأ إذا لم تبادر شركات السينما بتخصيص صالة واحدة فقط لعرض الفيلم النوعي محليا كان أو عالميا؟

- لكن ماذا نفعل إذا لم يأتِ الجمهور لمشاهدة هذه الأفلام؟ لقد جربنا في بيروت والحضور متفاوت، لكن هناك جمهور، لذلك التجربة إلى الآن ناجحة. لكن لا تطالبني بتطبيقها حيث الإقبال سيكون قليلا.

* من ناحية أخرى، يكشف السيد ماريو الذي له باع يمتد إلى أربعة عقود، أن هناك نحو 25 فيلما لبنانيا ينتظر العرض، قائلا: «لو أردت عرض فيلم لبناني كل أسبوع أو أسبوعين لاستطعت. لكن ذلك سيكون في غير صالح السينما اللبنانية. الكثرة تضر السوق، وعلينا أن نختار».

أحد الأفلام التي تنتظر العروض بفارغ الصبر «آخر فالانتاين في بيروت» لسليم الترك، الذي كان عرضه عرضا خاصا في «كان» الماضي (شأنه في ذلك شأن فيلم «تورا بورا» للكويتي وليد العوضي، الذي عرض أيضا في المناسبة ذاتها)، الذي هو أول فيلم عربي بثلاثة أبعاد. أعجب هذا الناقد، لكنّ نقادا آخرين شاهدوه بنصف إعجاب.

فيلم الأسبوع

* «سفينة حربية»

*كم سمكة ماتت خلال الغزو الفضائي؟

*إخراج: بيتر بيرغ الممثلون: أدوار أولى: تايلور كيتش، ليام نيسون، بروكلين دكر، ريحانا، تادانوبو أسانو النوع: حربي تقييم الناقد: (2*) (من خمسة) حين تصطدم سفن الفضاء الضخمة بالبحر بعنف، وحين تنفجر بشكل مروع.. كم سمكة تموت نتيجة ذلك؟ وجدت نفسي متسائلا حتى من قبل رؤية سمكة قرش تمر بجوار السفينة الآتية من عمق الفضاء متفحصة ذلك الكيان الضخم الذي حط فوق الماء وتحته، ثم أخذ يطلق قذائفه ضد السفن الحربية التي يديرها البشر. ولم يكن هذا هو التساؤل الوحيد. هناك مثلا: «لماذا مهما حاول هذا الفيلم أن يتألق ومهما حشد من العناصر الإنتاجية والتأثيرية فإنه لن يرتفع عن مستوى نجمتين (تعنيان عملا متوسط القيمة)؟

الجواب يأتي باكرا. في ربع الساعة الأول نواكب تلك الحكاية المحفوظة سلفا، التي قوامها أن الشاب الوسيم هوبر (تايلور كيتش) سوف يفوز في نهاية الفيلم بالمنصب وبالمعارك وبالفتاة التي يأمل الفوز بها. وعندما تتراءى لك النهاية من الدقائق الأولى فإن الفيلم لا يستطيع أن يرتفع كثيرا بعد ذلك.

البداية على هوبر وشقيقه (ألكسندر سكارسغارد) في حانة قبل دقائق قليلة من منتصف الليل. هوبر بلا عمل وبلا مستقبل، وفجأة تدخل الحانة فتاة ترتدي القصير من فوق ومن تحت اسمها سام (ريحانا) تطلب وجبة بوريتو، لكن الخادم يخبرها أن المطبخ مغلق. هوبر مأخوذ بها لدرجة أنه يعدها بأن يحضر لها بوريتو من مكان آخر بعد خمس دقائق، كل ذلك مقابل التعرف إليها. ينطلق إلى المطعم المقابل ويجده مغلقا. الآن هذه هي الأولويات: سيصعد سطح المطعم (ماذا كان سيفعل لو أن فوق المطعم بناية؟) وسيمزق أرضية السقف ثم يتدلى من السقف إلى أرض المطعم. يأخذ بوريتو. يضعها في المايكروويف ثم يحاول حملها عائدا من حيث أتى، لكنه يقع في أيدي رجال الأمن.

إذا قبلنا بهذه الشطحة الفانتازية التي بلا ضوابط عقلية لن يكون غريبا تصديق أن آلات قتالية ضخمة انطلقت من العالم الفضائي البعيد وحطت بالقرب من هونولولو وأخذت تدمر ما يواجهها. طبعا ما بين ليلة وضحاها انضم هوبر إلى البحرية وأصبح ضابطا. لا يزال أرعن في تصرفاته ومشاكسا في مواجهاته، إلا أن هذا لا يوقف طموحاته للبرهنة عن صلاحيته للأدميرال شاين (نيسون) لأن الفتاة التي أحب من «البصبصة» الأولى هي ابنته! المعركة التي تستمر لمعظم الفيلم تقع بين تلك السفن الفضائية الكبرى وبين البحريتين الأميركية واليابانية المشتركتين - آنذاك - في تدريبات مشتركة. وكل شيء هنا أيضا يعمل حسب «كتاب التقاليد»: البطل يواجه يابانيا في عداوة، والعداوة لاحقا تتحول إلى صداقة والتحام مصير، فكلاهما بات مسؤولا عن حماية الأرض من خطر الدمار الشامل الآتي من الفضاء. سفن الدمار الفضائية لديها أسلحة مثيرة مثل كرات معدنية تستطيع أن تمزق كل ما يعترضها من صخور ومعادن وبواخر، ولديها قذائف تدك داخل السفينة قبل أن تنفجر.. ونقطة ضعفها الشمس، ولو أن نقطة الضعف هذه تستخدم لصالح أهل الأرض مرة واحدة.

في النهاية هو فيلم خيالي – علمي، مشكلته أنه لا يتيح لا الخيال ولا العلم أن يلعب دوره جيدا. فالأول محكوم بالكليشيهات والثاني لا وجود له مطلقا.

شباك التذاكر

يتراجع «تايتانك» بالأبعاد الثلاثة إلى المركز الثامن هذا الأسبوع، ما يدل على أن الجمهور لم يستطع التغلب على فكرة أنه شاهد الفيلم بالبعدين قبل 16 سنة ولا داعي لمشاهدته مرة أخرى وبسعر تذاكر أعلى. فيلم آخر سقط من علوّ شاهق «مرآة مرآة» من بطولة نيكول كيدمان.

1 (-) Think Like A Man: $32,803,344 (2*) 2 (-) The Lucky One: $22,805,760 (1*) 3 (1) The Hunger Games: $14,772 (3*) 4 (-) Chimpanzee: $10,205,057 (2*) 5 (2) The Three Stooges: $9,287,262 (2*) 6 (3) The Cabin in the Woods: $7,740,992 (3*) 7 (5) American Reunion: $5,321,033 (1*) 8 (4) Titanic: $5,191,006 (4*) 9 (8) 21 Jump Street: $4,082,640 (2*) 10 (7) Mirror Mirror: $6,847,924 (2*)

* الأفلام الجديدة هذا الأسبوع هي:

* المنتقمون The Avengers قطط أفريقية (تسجيلي) African Cats الغراب (عن إدغار آلان بو) The Raven الناسك (إسباني بالإنجليزية) The Monk خمس سنوات خطبة (كوميدي رومانسي) Five Years Engagment

سنوات السينما

1921 | الحلقة الثالثة: تشابلن ينتقل إلى الطويل

* أول فيلم طويل أخرجه تشابلن ومثله هو «الفتى» من إنتاج ذلك العام. وهو فيلم قاده النجم تشابلن لكنه صنع نجما من ممثل في السابعة من العمر هو جاكي كوغن الذي استمر في المهنة من ذلك الحين وحتى وفاته سنة 1948. لكن في حين أن هذه السنة هي انتصار جديد لتشابلن بسبب فيلمه الذي لاقى نجاحا تجاريا، إلا أنها كانت وبالا على الكوميدي الآخر روسكو فاتي أرباكل الذي اتهم باغتصابه فتاة صغيرة خلال حفلة توقيعه عقدا بثلاثة ملايين دولار آنذاك. ومع أن المحكمة لم تُدِنه فإن مستقبله كله انتهى عمليا بسبب ذلك.

أيضا هو العام الذي جرب فيه د.و. غريفيث إدخال الصوت إلى السينما، وذلك قبل ستة أعوام من قيام السينما بالنطق رسميا.

الشرق الأوسط في

27/04/2012

 

فلسطين وثورات الربيع وعبد الناصر.. أبطال على الشاشة

مهرجان «الجزيرة» بطعم السياسة

القاهرة: طارق الشناوي  

في افتتاح مهرجان «الجزيرة» للأفلام الوثائقية كان الحضور لافتا للسينما الفلسطينية التي تناولت الصمود ضد الاحتلال الإسرائيلي من خلال فيلمي «مونولوجات غزة» و«الحجارة المقدسة»، وتم أيضا تكريم المذيع تيسير علوني، الذي أدين بالحبس سبع سنوات وقضى العقوبة في أحد السجون الإسبانية بتهمة التعامل مع تنظيم القاعدة، رغم أن الرجل لم يقُم إلا فقط بدوره المهني. وفي الختام شاهدنا أن السينما الفلسطينية تحصد الكثير من الجوائز الكبرى للمهرجان، ويشارك في توزيع الجوائز الرئيس التونسي المنصف المرزوقي، في سابقة هي الأولى من نوعها عندما يحضر رئيس جمهورية مهرجانا سينمائيا، وحصد الجائزة الكبرى الذهبية في المهرجان فيلم «نصف ثورة» الذي تناول ثورة اللوتس المصرية، وتحديدا نصفها الأول، ومن أين جاءت التسمية «نصف ثورة»، بينما كان حاضرا للحفل كضيوف شرف الدكتورة هدى جمال عبد الناصر، ابنة الزعيم الوطني، والكاتب محفوظ عبد الرحمن، مؤلف فيلم «ناصر56».

مزج السياسة بالثقافة هو واحد من الملامح التي نراها في الكثير من التظاهرات الفنية، ولكن ينبغي أن لا يطغى هذا الوجه على الفعاليات الثقافية، وأن تتوجه لجان التحكيم إلى مؤازرة الأفضل فنيا وليس الذي يتوافق سياسيا، والحقيقة هي أن الجوائز التي أعلنت الأحد الماضي في مهرجان «الجزيرة» للأفلام الوثائقية في دورته الثامنة وحصدتها الأفلام السياسية كانت ترتكن أيضا إلى قيمة فنية، وهكذا تمكن المهرجان من عبور هذا المأزق.

مما لا شك فيه أن اختيار فيلمي الاحتفال لم يكن عشوائيا، ورئيس المهرجان المخرج عباس أرناؤوط كان يقصد أن يقول المهرجان كلمته ضد الممارسات الإسرائيلية من خلال تلك الرؤية الفنية.

«مونولوجات غزة» للمخرج خليل المزين كان يجسد من خلال كواليس فرقة مسرحية «روح المقاومة»، بينما فيلم «الحجارة المقدسة» يفضح الممارسات الإسرائيلية في سرقة الحجارة الفلسطينية وتعريض حياة المواطن الفلسطيني للمخاطر بسبب ما تبثه المحاجر من أتربة ورذاذ وسموم تسكن في الصدور.

بين أفلام المهرجان التي قاربت 200 فيلم في مختلف الأقسام كانت الثورة حاضرة في أكثر من فيلم تناول ثورة اللوتس المصرية، وكان من بينها عيون أجنبية مثل هذا الفيلم السويسري «اسمي مواطن مصري» الذي تناول تلك العيون التي اقتلعتها بنادق القناصة وهي تتوجه إليها ومع سبق الإصرار. حرصت المخرجة عايدة شلابفر على أن تلتقي بهؤلاء الأبطال، ولا أنسى كلمة هذا البطل الذي قال: «كنت أريد أن أضحي بكل جسدي، ذهبت إلى الميدان من أجل مصر، وأنا لا أبالي بالثمن، ولم أندم على فقدان عيني، ولو عادت بي الأيام لذهبت مرة أخرى».

إنها العيون التي حصدتها نيران القناصة في تصويبات مباشرة تخترق الجدار الشفاف وتواصل الاختراق لتصل إلى الجمجمة، الهدف ليس فقط فقأ العين، ولكن الاستراتيجية هي أن تصل الرسالة إلى الجميع: «لا شيء أغلى من العيون، وسوف نحصدها». وجاء الرد: «لا شيء أغلى من الوطن، وسوف نحقق له الحياة».

المخرجة السويسرية عايدة شلابفر في فيلمها التسجيلي القصير «اسمي مواطن مصري» تحمل وثيقة محملة بالأدلة وناطقة بالإبداع تؤكد أن التصويب على العيون لم يكن عشوائيا، وأن الهدف لم يكن فقط فقأ عين هؤلاء الأبطال، ولكن كسر عيون كل المصريين حتى لا يطالب أحد بالحرية.

وتنتقل المخرجة إلى قضية حساسة وسؤال لم يحسمه القضاء بعد، وهو: هل كانت هناك مؤامرة من بعض الأطباء؟ من الصعب تعميم ذلك ولا حتى الوصول إلى نتيجة تؤكد أن المؤامرة شارك فيها بعضهم، ولكن الحقيقة هي أن من فقدوا أعينهم أكدوا أن مستشفى العيون كان يخلو من المتخصصين، وأن الأطباء الصغار الذين لا يملكون الخبرة الكافية للتعامل مع هذه الحالات الحرجة كانت لديهم التعليمات المباشرة بضرورة أن يوقع المريض إقرارا يفيد بموافقته على فقدان بصره لو لم تنجح العملية، والأبطال لم يملكوا خيارا آخر سوى التوقيع بالموافقة.

هل كان كبار مخصصي العيون مشغولين بتحقيق الأموال في عياداتهم الخاصة خارج المستشفى؟ هل بالصدفة وفي هذا التوقيت كانوا جميعا خارج نطاق الخدمة؟ كان من الممكن إنقاذ عيون البعض لو تمت الجراحة في التوقيت وبالأداء السليم، كان من المحتمل تقليل الخسائر بقدر المستطاع، ولكن يبدو أن المؤامرة كانت محكمة تماما.

لن يعترف أحد بأن هذا هو المطلوب.. من أعطى أوامره بالضرب؟ هل هو وزير الداخلية «العادلي» منفردا؟ وهل من الممكن أن نتصور أن هذا يتم بعيدا عن «مبارك» القائد الأعلى للشرطة؟! العين بالعين، فلقد أخذوا أعين الشباب ولم يثأر أحد لهم.. ربما كان هناك أمل أو بصيص أمل في أن تجرى عمليات ليستعيدوا نسبة ما من القدرة على الإبصار، وهناك أيضا في نهاية الأمر عمليات تجميل، الهدف الأدنى لها هو أنها تضمن للمصاب الاحتفاظ بالجانب الشكلي، حيث يتم تركيب عين صناعية تتحرك بنفس مقياس العين السليمة ولا يمكن أن تلاحظ أنها صناعية، وهي عملية مكلفة ماديا، وأقل ما يمكن أن نفعله هو أن نمكنهم من ذلك.

«اسمي مواطن مصري» رصد فني بتفهم وإبداع قدمته المخرجة السويسرية بعين تكشف إلى أي مدى أحب هؤلاء الوطن.. كنا في خلفية الفيلم التوثيقي نشاهد خريطة الثورة المصرية.. كانت أرض الواقع تشهد بأن صورة الوطن لا تزال تسكنهم حتى بعد أن أطفأوا نور أعينهم.

قدمت المخرجة رؤية مختلفة للثورة، صوبت الكاميرا لترى بالعيون المفقودة تفاصيل الثورة. صحيح أنها رؤية أجنبي، ولكن الثورة المصرية أسقطت الحواجز الجغرافية فأصبح الشأن المصري شأنا عالميا.. الشريط بقدر ما آثار الشجن في النفوس وأنت ترى شبابا في عز العطاء يفقد الإبصار تماما أو يفقد إحدى عينيه، بقدر ما نجح الفيلم في عبور تلك الحالة لنعيش مشاعر العزة مع هؤلاء الأبطال الذين منحونا الأمل في غد أرحب وأجمل.

كانت الثورة حاضرة طوال أحداث الفيلم، وكان أيضا الإحساس بأن هناك من تآمر على عيون الثوار حاضرا.. «اسمي مواطن مصري» هو هتاف صرخت به عيون الشرفاء التي فأقوها ولم يستطيعوا أن يكسروها!! رشح فيلم «اسمي مواطن مصري» لأكثر من جائزة، ورشح أيضا فيلم آخر باسم «الجمل» عن الموقعة الشهيرة التي حملت هذا العنوان يوم 2 فبراير 2011، كما شاهدنا فيلم «سيدة في الميدان» الذي تناول دور المرأة في الثورة، وفيلم «عام بعد الربيع العربي» من خلال الرؤية الهولندية التي تطل على الشارع العربي للمخرج عبد الله والي، وفيلم عن الصديقين الشيخ أمام وأحمد فؤاد نجم يقدم الفن الغنائي عندما يقاوم السلطة، وكان بالفيلم حضور لزمن عبد الناصر، إلا أن الفيلم الذي استحوذ على الاهتمام واستحق الذهبية هو «نصف ثورة»، عندما تتابع لقطاته على الشاشة فأنت تتابع بنفس القدر من الشغف كيف تم تحقيق الفيلم.. في اللقطات الأولى كانت الكاميرا تطل على ميدان التحرير، وبدأت العيون تحدق وتسأل ماذا يجري، وتأكدوا أنها ثورة.. ومع دقات الثورة على الباب كانوا هم والكاميرا في الميدان. أتحدث عن مجموعة من الأصدقاء مختلفي الجنسيات يجمعهم حب السينما وتعنيهم الثورة، لدى كل من منهم علاقة خاصة بمصر، لو لم تكن الهوية مصرية فإن الهوى مصري.

الكاميرا تلتقط كل شيء، إلا أنهم لم يكملوا الرحلة بعد أن بدأت الملاحقات الأمنية تضيق الخناق عليهم بحجة أنهم أجانب.. إنهم ممن أطلق عليهم نظام مبارك «حاملي الأجندات الأجنبية»، وكان الإعلام الرسمي والخاص أثناء الثورة يحرص على أن يلتقط أي أجنبي في ميدان التحرير لكي يعلن للناس أنها مؤامرة أجنبية لزعزعة الاستقرار في مصر.

فيلم «نصف ثورة» قدمه المخرجان عمر شرقاوي وكريم الحكيم، جذور كل منهما مختلطة ما بين مصر وفلسطين والدنمارك، ولكن فيلمهما مصري القضية والإحساس والهوى، حتى وإن كانت هوية الإنتاج دنماركية، كانوا ومعهم أصدقاؤهم المصريون في الميدان منذ 25 يناير وحتى 3 فبراير قدما من التحرير «نصف ثورة».. وثقا ثمانية أيام من أحداث الثورة، وكان عليهما بعد ذلك أن يشدا الرحال إلى الخارج قبل أن تطالهم قبضة الأمن.. كانت العيون تطل على الثورة، عين في الميدان وعين ترصد من شرفة في هذا البيت القديم الكائن في وسط المدينة ما يجري، وكانت هناك الأجهزة الأمنية تترصد لهما فلم يكتمل التوثيق، فجاء العنوان وكأنه النبوءة لما نعيشه الآن، إنها نصف ثورة يبحث عن نصفه الآخر! الفيلم كعمل فني هو بالتأكيد فيلم كامل، فهو يعبر بكل دقة وصدق عما عاشته مصر في الأيام الأولى، حيث كان الرهان على من هو صاحب النفس الأطول.. الأجهزة الأمنية تريد أن تستنفد طاقة البشر، ولهذا تطيل من أمد مبارك على الكرسي فتطلق البلطجية إلى الميدان.. كانت الكاميرا لا تنقل فقط ردود فعل المتظاهرين، ولكنها استطاعت أن تتسلل أيضا إلى الجانب الآخر وترصد القناصة وهم يطلقون الرصاص الحي على المتظاهرين.. كانت هناك كاميرا تلتقط، وتسجيل صوتي يوثق، وقبل كل ذلك إحساس يتحرك بتلقائية في التعبير، لنرى أن الثورة المصرية لا تعني فقط مصر ولكن ترصدها كل العيون في أكثر من دولة في العالم من خلال لقاءات تنضح بالصدق!! غادر الفريق السينمائي الذي قدم الفيلم مضطرا الأراضي المصرية، بعد أن أوقف الأمن وقتها صلاحية تأشيرة وجودهم على الأراضي المصرية، ولكن مصر لم تغادرهم، وهكذا جاءت الشاشة وهي تعلن على «التترات» أن قبضة المجلس العسكري هي التي صارت الآن بديلا عن قبضة مبارك!! السينما لا يمكن أن تعزلها عن الرؤية السياسية، خصوصا عندما تعيش الأوطان في مرحلة حساسة، والمهرجانات لا تقام بمعزل عما يجري في الحياة، وهكذا مرت أيام مهرجان «الجزيرة» في دورته الثامنة وهي تمزج ما بين روح ثورات الربيع، ونضال الفلسطينيين ضد الممارسات الإسرائيلية، وحضور لافت للرئيس التونسي المنصف المرزوقي، الذي ألقى محاضرة أثناء المهرجان تتناول حال الأوطان العربية بعد الثورات، وشاهدنا أيضا طيف جمال عبد الناصر يطل علينا في عدد من أفلام المهرجان.

الشرق الأوسط في

27/04/2012

 

نقاد يحملون المنتجين مغبة الخوف من إنتاجها بحجة ارتفاع التكاليف

أفلام «الرعب» تعود إلى السينما المصرية عبر «قصر البارون»

القاهرة: حنان عقيل

لا يكاد يذكر اسم أفلام الرعب، حتى تتبادر إلى الأذهان السينما الأميركية، التي نجحت على مدار عقود طويلة في تقديم أفضل أفلام الرعب، واستطاعت من خلالها أن تجذب المشاهدين سواء من الغرب أو حتى من الشرق خاصة العالم العربي.

ندرة أفلام الرعب العربية، دفعت مؤخرا عددا من المنتجين للتفكير في تقديم هذه النوعية من الأفلام، كان أبرزها فيلم «قصر البارون»، الذي أعلن القائمون عليه أنه سيكون أول تعاون مصري أميركي بين شركتي «هوليود» و«ديفا للإنتاج الفني».

ومن المنتظر تصوير «قصر البارون» بتقنية الأبعاد الثلاثية، ويشرف عليه خبراء في صناعة السينما من أميركا وفرنسا، وبحسب منتجيه فسوف يكون باهظ التكلفة.

كانت السنوات الأخيرة قد شهدت ظهور عدد من أفلام الرعب، منها فيلم «أحلام حقيقية» للمخرج محمد دياب، الذي لم يعتمد على فكرة الرعب الدموي ولكنه اعتمد أكثر على التشويق والصدمات. وكذلك فيلم «إدرينالين» للمخرج محمود كامل، الذي اعتمد في تصويره على الإثارة والغموض، حيث تدور أحداثه حول تشريح الجثث.

ومن قبلهما تم تقديم عدد من الأفلام التي حملت في طياتها شكلا من أشكال أفلام الرعب، مثل فيلم «نقطة رجوع» للمخرج حاتم فريد، وأيضا فيلم «شارع 18» للمخرج حسام الجوهري، بالإضافة إلى فيلم «كامب» الذي قدمته مجموعة من الوجوه الشابة. أما في الثمانينات فقد ظهرت محاولات متفرقة لأفلام الرعب، من أبرزها فيلم «الإنس والجن» بطولة عادل إمام والفنانة يسرا عام 1985، وفيلم «التعويذة» الذي قام ببطولته الفنان محمود ياسين عام 1987.

وفي عام 1996 قدم المخرج ياسين إسماعيل يس فيلم «المكالمة القاتلة» الذي قامت ببطولته معالي زايد ورانيا فريد شوقي، حيث تدور أحداثه حول فتاة لاهية تتسلى بالاتصال بأي أرقام، وبالمصادفة تتصل بقاتل يطاردها طوال أحداث الفيلم، كما قدم إسماعيل يس فيلم «بيت الرعب» الذي تناول الرُعب بطريقة كوميدية.

لكن إلى أي مدى استطاعت هذه الأفلام تحقيق النجاح؟ الناقدة الفنية ماجدة خير الله، تؤكد أن مشكلة أفلام الرعب في مصر تتمثل في عدم وجود أي خيال أو إبداع في الكتابة أو الإخراج، كما أن الرقابة تضع العديد من القيود أمام أفلام الرعب حيث لا تراعي طبيعتها الخاصة التي تجعلها تختلف عن غيرها من الأفلام.

وتوضح خير الله لـ«الشرق الأوسط» أن أفلام الرعب الموجودة لم تتعد التقليد، بالإضافة إلى احتوائها على قدر كبير من السذاجة في التناول، مشيرة إلى أن الإبداع هو المشكلة الحقيقية وليس فقر الإنتاج. أما الناقدة الفنية ماجدة موريس، فترى أن صناعة السينما في مصر لا تسمح بإنتاج أفلام رعب نظرا لأنها تحتاج إلى إنتاج ضخم، بالإضافة إلى حاجتها إلى استخدام تقنيات متقدمة وإمكانيات ضخمة وأجهزة خاصة.

وأشارت موريس إلى أن إنتاج أفلام رعب يحتاج أيضا إلى تخصصات دقيقة وإمكانيات فنية عالية مثل استخدام الحيل بطريقة صحيحة، ووجود فنيين على قدر عال من الكفاءة ومنتجين لديهم القدرة على المغامرة في إنتاج فيلم رعب.

أما عن أفلام الرعب التي قُدمت من قبل فقد أكدت موريس أنها تجارب جيدة ولكن من الممكن تطويرها والخروج بأفلام أكثر تقدما. موضحة أن الإنتاج في السينما المصرية يعتمد على منتجي القطاع الخاص فقط، مما يجعل هناك العديد من المشاكل في التسويق والتوزيع خارج مصر، وبالتالي لا يغامر المنتجون بإنتاج أي أفلام إلا إذا كانت هناك ضمانات لنجاح نوعية الأفلام المنتجة. وأشارت إلى أن نجاح فيلم «قصر البارون» لن يعتمد فقط على الإمكانيات المادية والإنتاجية الضخمة المعدة له، ولكن لا بد من أن يكون الكاتب قادرا على فهم هذه النوعية من الأفلام والتعامل معها بطريقة صحيحة.

الشرق الأوسط في

27/04/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)