حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

محمد اسماعيل:

أفلام خلاعية تعرض بإسم سينما المؤلف

تطوان (المغرب) - فجر يعقوب

 

كرّم مهرجان تطوان لسينما بلدان البحر الأبيض المتوسط في دورته الأخيرة، المخرج المغربي محمد إسماعيل بصفته «مخرجاً متوسطياً بلا منازع». وقد شاء التكريم أن يقول كلمة مختلفة بحق المخرج، لأنه الامتداد على الواجهة المتوسطية للمغرب الذي تشكّل من أفلامه «حين جعل من الشمال استوديوات طبيعية مشرّعة على الأمل، ومن الطفولة أفقاً للتصوير». هكذا، قال التكريم كلمته، مترافقاً مع عرض جميع الأفلام التي حققها إسماعيل حتى الآن. وبالطبع شكّل عرض فيلمه الجديد «الزمان العاكر» في يوم الافتتاح، مناسبة لإجراء حوار معه على هامش فاعليات المهرجان:

·         لماذا تصر على التصوير في مدينة تطوان؟

- مدينة تطوان ليست فقط مسقط رأسي، بل فيها كل الذكريات التي يمكنها أن تصنع مني إنساناً. هي الفضاء النفسي الذي أتحرك فيه، وأحياؤها وشوارعها عالقة في ذهني وفي بصيرتي إن شئت. لهذا، يمكنني القول إنني أستطيع أن أوظف عاطفياً وجمالياً كل سنتيمتر منها. وتبقى تطوان امتيازاً لي إذا ما وسّعنا فتحة «البيكار» على ستين كيلومتراً، إذ ستجد نفسك في إسبانيا، وفي طنجة، وفي شفشاون، وهي من أجمل السواحل المتوسطية، وفيها كل الديكورات التي يحلم بها مخرج سينمائي. كما أنها من أجمل المدن، فالجناح العتيق منها من أجمل المناطق، ناهيك عن أن تطوان وبسبب تاريخها، جرى تهميشها سياسياً واقتصادياً. وأنا ومنذ بداية مشواري كمخرج في فيلم «أوشتام» أحسست بمسؤوليتي كابن لهذه المدينة في تسويق فضاءاتها لتصير مكاناً ووجهة في تصوير أفلام محلية وعالمية. صحيح أن المغرب عموماً معروف برماله وقلاعه في الجنوب، ولكن ثمة أشياء أخرى فيه صالحة لتصوير أفلام من نوع مختلف عن التاريخي والأكشن.

لم أتأخر

·         هل تعتقد أن رسالتك وصلت متأخرة بهذا الخصوص؟!

- لا أعتقد ذلك. لقد صورت مجموعة من الأفلام في تطوان، وأعتقد أن في السنتين الأخيرتين، يمكن القول إن الرسالة وصلت في الوقت المناسب، فقد صورت مقاطع من أفلام أجنبية فيها، وكذا بعض الزملاء صوروا فيها ثلاثة من أفلامهم الجديدة التي أنتجت أخيراً.

·         لنتحدث عن فيلمك الجديد بدءاً من عنوانه، هل يعني الرجل العاقر باللهجة المغربية الدارجة؟

- «زماني» باللهجة الدارجة القديمة تعني الرجل عندنا، ولكنه هنا اسم مجاز للأزمنة العاقر، وما قمت به هو لعبة تأويل في اللغة لجهة تسويق الفيلم.

·         ألا تعتقد أن تسويق الفيلم بهذا العنوان وبهذه الطريقة يمكن أن يكون له طابع تلفزيوني أكثر منه سينمائياً؟

- بالعكس، يمكنني الاعتقاد أن العنوان عندما يكون رناناً وسلساً يبقى راسخاً سواء كان موجهاً للتلفزيون أو للسينما أو حتى للصحافة، وما أفعله في أفلامي هو أن لا يتعدى الاسم أكثر من كلمتين، وحتى كلمة واحدة حفظاً مني على لعبة التأويل هذه.

·     لاحظنا أن التبدل الذي أصاب منانا «فرح الفاسي» في الفيلم أتى سريعاً.. من فتاة ريفية بسيطة إلى فتاة مدينية متعجلة. ألم يؤثر ذلك في بنية الفيلم، وفي الزمن تحديداً؟

- ما أفعله هنا تحديداً هو اختزال الزمن في ثلاث مراحل مقصودة، لأن الزمان والمكان وظّفا في تطوير الموضوعة التي عملت عليها، فالفيلم مدته ساعة ونصف تقريباً، وحصل خلال هذه المدة فراق الزوج والالتحاق بالمدينة والتأقلم معها ومع المحيط إلى أن سقطت منانا في فخ الجار، وهنا لا بد أن تلاحظ أن هذا السقوط لم يشكل خيانة، من قبل منانا، وإنما هو اغتصاب من قبل الجار المقامر.

·         لماذا يخرج المشاهد بانطباع أن حمل السِّفاح إنما حصل بنتيجة علاقة منانا بالرجل «الدرويش»؟

- أنا تركت خاتمة القصة مفتوحة بغية تأويلها من قبل المشاهد، فأهم شيء بالنسبة له هو أنها حملت، وأنها لم تكن عاقراً، بل وعندما نرجع إلى القرية لنرى ما الذي حل بالزوج سنراه قد تزوج ثانية، وأن زوجته الجديدة تركت المنزل وهجرته، فيما يستمر هو بالادعاء أن العقم ليس فيه. فهو يرفض فكرة أن الرجل لا يمكنه أن ينجب الأولاد، وأن المشكلة ترتبط بالمرأة فقط.

قصة لمكان آخر

·         يقول مؤلف الفيلم إنه كتبه لأمكنة أخرى غير مدينة تطوان، وهذا يعني أن الزمن سيختلف هنا لجهة تطور شخصية منانا؟

- صحيح أن القصة كتبت لتصور في ديكورات مدينة سلا (قريبة من العاصمة الرباط)، ولكنني حولتها هنا لأنني أردت توظيف ديكورات الشمال بغية الوقوف على مناطق ريفية لم تصلها الكاميرا من قبل، فالقرية التي جاءت منها منانا لم يسبق أن شاهدناها في السينما المغربية.

·     ألا تصلح هذه الدراما الاجتماعية مادة دسمة للتلفزيون؟ لماذا تقاربها سينمائياً في وقت تبدو موضوعات السينما المغربية أكثر تنوعاً وغنى؟

- هذا خياري، فأنا منذ بداية مشواري السينمائي أهتم بهذه الموضوعات الاجتماعية، ناهيك عن أنني لا أهتم بالمهرجانات ولا بسينما المؤلف، وأعتقد أن جمهورنا المغربي والعربي بصفة عامة يحتاج إلى مثل هذه النوعية من الأفلام التي تتداخل فيها عناصر التثقيف والفرجة والتوعية. في سينمانا المحلية صار بعض الأفلام يسبب عزوفاً عند المشاهد المغربي عن الذهاب إلى دور السينما، فبعض هذه الأفلام يبحث عن الخلاعة باسم سينما المؤلف.

·         لو أردنا أن نشخص بعض ملامح «الأزمة» في السينما المغربية الجديدة، فمن أين نبدأ؟

- من المؤكد أن هناك أكثر من أزمة، وإذا كانت السينما المغربية تنتج حوالى خمسة عشر فيلماً في السنة، فإن مشاكل التمويل تظل قائمة، حتى وإن كانت الدولة توفر من طريق صندوق دعم السينما، موازنات محترمة، فإنها تظل قائمة. أضف إلى ذلك مشاكل أخرى تتعلق بتسويق الفيلم المغربي الذي يظل حبيس الجدران، ناهيك عن دور العرض، وشباك التذاكر. فالفيلم هنا لا يغطي تكاليف إنتاجه، لأن المشكلة الكبيرة تكمن في القرصنة التي تنخر جسد القطاع السينمائي.

·         كيف تنظر إلى موضوع الإنتاج المشترك مع جهات أوروبية؟

- هي إنتاجات نادرة، وعادة لا تنتج إلا المشاكل من طريق فرض صيغة من صيغ تمويل السيناريو بما يرضي الغرب دائماً. فهذا الغرب عندما يعطي باليد اليمنى يأخذ كل شيء باليد اليسرى.

·         كيف يتم ذلك برأيك؟

- دعني أشرح الفكرة. عندما يصرف لفيلم ما مئة ألف دولار مثلاً، فإنه يفرض تشغيل مختبر أجنبي وفريق أجنبي، ناهيك عن وجود صيادي الفرص بينهم الذين يخرجونك من فيلمك خالي الوفاض، وهذا ما حصل معي في فيلم «وبعد»، في البداية أراد المنتج أن يحضر لي القمر، ولكن بعد الانتهاء من التصوير ظل الفيلم حبيساً في مختبرات باريس مدة عامين، وذهبت الوعود كلها أدراج الرياح.

الحياة اللندنية في

27/04/2012

 

من شرائط الفرجة إلى سينما الثقافة

الدار البيضاء - نور الدين محقق 

مجدداً عاد الحديث قوياً عن السينما المغربية سواء في المجال الإعلامي المكتوب أو في الندوات الثقافية التي تعقد في هذا الملتقى السينمائي أو ذاك. ويتم ذلك في رحاب الملتقيات السينمائية وفي بعض اللقاءات المتعلقة بالمجال الثقافي العام أيضاً. وهي ظاهرة ثقافية صحية، على اعتبار أن السينما هي مرآة المجتمع وهي بشكل أو بآخر المعبّرة عن الصورة التي يمكن أن يراها الآخر عن هذا المجتمع.

هكذا وجدنا أن الفاعلين في هذا المجال الفني، ونقصد بهم تحديداً المنتجين والمخرجين السينمائيين والنقاد السينمائيين والصحافة الفنية المهتمة بمجال السينما بالخصوص لا يتوقفون الآن عن تناول شؤون السينما المحلية وشجونها. فعلى سبيل المثال ها هي الجمعية المغربية لنقاد السينما قد عقدت ندوة حول الدعم السينمائي بتنظيم «الائتلاف المغربي للثقافة والفنون» وذلك خلال معرض الكتاب بالدار البيضاء في دورته الأخيرة. وقد شارك في هذه الندوة الهامة كل من الناقدين المغربيين خليل الدمون وحمادي كيروم. وسيرها الكاتب الحسين الشعبي. وقد خلفت هذه الندوة أصداء في الوسط السينمائي المغربي لأهمية الموضوع الذي تم تناوله فيها.

كذلك فإن تعيين اللجنة الجديدة للدعم السينمائي المغربي لهذه السنة الذي لاقى ترحيباً من لدن هذا الوسط السينمائي ذاته. فهي لجنة أتت متميزة بالتنوع تجمع بين توجهات فنية مختلفة و خبرات متنوعة وتراهن من خلالها وزارة الاتصال على الانتقال بالمجال السينمائي المغربي من إطار الكمّ الذي تحقق في عدد الأفلام السينمائية المغربية التي أصبحت تنتج سنوياً، إلى مراعاة النوعية فيها والحرص على توفر الفنية فيها مضموناً وشكلاً. وهو ما طرح تساؤلات عدة في هذا الصدد بين من يدعو إلى فتح المجال أمام المخرجين السينمائيين لتقديم تجاربهم السينمائية وفق رؤيتهم الفكرية والفنية الخاصة لمجال اشتغالهم في مقاربة الواقع وتقديم صورة حقيقية عنه، ومن يدعو لمراعاة القيم المجتمعية السائدة وتقديم سينما «نظيفة» تركز على المجال الأخلاقي بالخصوص باعتبار أن الغرض من الفن - ومن بينه السينما طبعاً - هو تهذيب الناس لا تقديم الواقع لهم كما هو أو محاولة دغدغة عواطفهم إرضاء لهم أو تقديم ما يثيرهم فحسب على نمط القولة المصرية المعروفة «الجمهور عاوز كده».

وهناك رأي وسط ركز ويركز على ضرورة احترام الفن السينمائي والآليات الفنية المتحكمة فيه مع تقديم المواضيع الاجتماعية بكيفية عميقة تهتم بطرح المشاكل بطريقة فنية غير مبتذلة وفق السيرورة الدرامية التي تحكم بنية القصة الفيلمية من دون افتعال خارجي لجذب الجمهور فقط ومن دون خضوع أيضاً للانغلاق البعيد عن رصد الأمور كما تجري في الواقع. وهو ما جعل أصحاب هذا الرأي يدافعون عن سينما ثقافية بامتياز، تشكلت بالخصوص في أفلام كل جيلالي فرحاتي وفريدة بنليزيد وحكيم بلعباس وفوزي بنسعيدي على سبيل المثال. كما وجدت لها امتداداً في سينما كل من محمد مفتكر وهشام العسري على اختلاف طرائق اشتغالهم السينمائية. ذلك أنهم يعالجون المواضيع التي يتطرقون إليها بجرأة فكرية واشتغال فني ولكن بطريقة محكمة متعالية على السهولة والابتذال.

زخم سجالي وانفتاح مطلوب

من الواضح إن هذا الزخم السينمائي المغربي وهذا الحوار العميق الدائر حوله بين مختلف المهتمين بالمجال السينمائي من منتجين ومخرجين ونقاد وإعلاميين، لا بد له في نهاية الأمر من أن يدفع بالسينما المغربية إلى مزيد من التألق، هي التي عرفت في السنوات الأخيرة على رغم كل ما قد يؤخذ عنها من مآخذ، تقدماً ملموساً ليس فقط على مستوى الكم وإنما أيضاً على مستوى الكيف. لكن ما يجمع عليه كثر من المعنيين هو أن على المخرجين السينمائيين وعلى كتاب السيناريو بالخصوص، أن يلتفتوا إلى المجال الإبداعي المغربي مسرحاً ورواية وقصة ليستفيدوا منه ويقوموا باقتباسه من أجل خلق مزيد من الزخم الثقافي والغنى الفكري والدفع بالسينما المغربية إلى تحقيق أفلام سينمائية تظل راسخة في الذهن وتحقق المتعة الفنية مضموناً وشكلاً. وهو ما قد أصبح يطالب به كثير من نقاد السينما في المغرب بغية تحويل السينما من كونها مجرد أداة للفرجة والترفيه، كما قد يرى بعضهم أو يريد أن يرى، إلى أداة للترفيه والتثقيف في آن.

الحياة اللندنية في

27/04/2012

 

 

طرح أسئلة الرفض في نتاجات الفن السابع

تونس – صالح سويسي 

يشارك عدد من نجوم السينما العربية في الدورة الثانية من «لقاء نابل الدولي للسينما العربية» الذي يلتئم في مدينة نابل جنوب العاصمة التونسية من 4 إلى 12 أيار (مايو) المقبل. ومن بين ضيوف هذا العام أكد مدير المهرجان طاهر العجرودي حضور كلّ من عمرو واكد وخالد أبو النجا وسوسن بدر من مصر فضلاً عن عدد مهم من الفنانين التونسيين من بينهم جليلة بكّار وكمال التواتي وفاطمة بن سعيدان إلى جانب الممثلة الجزائرية الشهيرة باية بوزار (بيونة) والفنانة الفلسطينية هيام عبّاس.

وينقسم المهرجان إلى عدد من الفقرات. فإلى جانب المسابقات الرسمية والتي تخصص للإنتاج الأول لصاحب العمل على أن يكون الشريط قد أنتج خلال السنوات الثلاث الأخيرة من 2010 إلى 2012، خصص المهرجان أيضاً مسابقة خاصة للصورة الفوتوغرافية، وهو أفق مفتوح للمصورين الفوتوغرافيين لكي يقدموا أعمالهم تحت عنوان «تونس من جديد»، وتحاول هذه المسابقة - وفق المنظمين - أن تعكس الحياة الاجتماعية والثقافية في تونس اليوم. ومن أقسام المهرجان أيضاً، قسم «بانوراما ضيفة» ويخصص لعرض أفلام سينما البلد الضيف حيث يتم اختيار بلد ضيف في كل دورة من دورات المهرجان يتم فيه التعريف بتجربته السينمائية، وخلال هذه الدورة ستكون السينما الإيرانية ضيف المهرجان. ثمّ هناك قسم «آفاق» وهو قسم مخصص للتجارب السينمائية لشباب معاهد السينما التونسية ونوادي السينما التابعة للجامعة التونسية للسينمائيين الهواة. وقسم «بانوراما تونسية» وهو بانوراما للأفلام التونسية التي تختار اللقاء فرصة لعرض أفلامها المنتجة بين عامي 2010 و2011. فقسم «بانوراما عربية» وهو قسم مخصص لعرض التجارب السينمائية العربية الجديدة والمستقلة. ويتضمّن برنامج المهرجان ايضاً تقديم عدد مهم من العروض السينمائية في إطار المسابقات الرسمية للتظاهرة حيث من المنتظر مشاركة أفلام روائية طويلة هي فيلم «دمشق مع حبي» من سورية و«فيلم المغني» من العراق وفيلم «شتي ياديني» من لبنان وفيلمان من مصر هما «حاوي» و«بعد الطوفان». ومن فلسطين فيلم «خلف الشمس» وفيلم «شباك العنكبوت». وتشارك المملكة العربية السعودية بفيلم «الشر الخفي». أمّا في مسابقة الأفلام الروائية القصيرة فتشارك مصر بثلاثة أفلام هي: «حواس» و«حكاية مصرية» و«السندرة». ويشارك المغرب بفليمين: «كليك وديكليك» و«طيارة ورق»، فيما تتقدم الجزائر بفيلم يحمل عنوان «الرسالة على الحائط» والسعودية بفيلم «Carrom» وسورية بفيلم «أنفلونزا».

في مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة تتنافس أفلام من أربع دول وهي: «جلد حي» من مصر و«مرسيديس» من لبنان و«وداعا بابل» من العراق و«prisonnier français de l’ANL» من الجزائر، وفي مسابقة الأفلام الوثائقية القصيرة يشارك فيلم «حكاية لا تنتهي» من فلسطين وفيلم «اوتيل كندا» من سورية وفيلم «أنا العصفور» من تونس.

تكريمات وورش عمل

ويكرم لقاء نابل الدولي للسينما العربية في دورته الثانية هذه نخبة من الفنّانين التونسيين والعرب، حيث تضمّ قائمة المكرمين جليلة بكار وفاطمة بن سعيدان وكمال التواتي من تونس وسوسن بدر من مصر وباية بوزار (بيونة) من الجزائر وهيام عباس من فلسطين وعمرو واكد وخالد أبو النجا من مصر. كما يشمل برنامج اللقاء عدداً من الورشات التي يشرف عليها مختصون تونسيّون وعرب، وهي السيناريو بإشراف المخرج المصري أحمد ماهر، وورشة التقاط الصور للفنان علي بن عبدالله من تونس، وورشة المونتاج بإشراف كريم حمودة من تونس، وورشة النشرة اليومية للمهرجان مع نجيب بن منصر، وورشة التصوير الفوتوغرافي التي يشرف عليها التونسي زكريا الشايبي، وورشة تحمل عنوان «البداية إلى عالم أفضل»، بالإضافة إلى ورشة أفلام التحريك المتخصصة بإشراف المصري إسماعيل الناظر. كما يخصص المهرجان حيّزاً مهماً لتدارس موضوع الرفض في السينما العربية من خلال ندوة فكرية تضمّ ثلّة من أهل السينما من المهتمّين والنقاد.

ويقول المنظمون إنّ جمعية أصدقاء المركز الثقافي نيابوليس بنابل وهي تؤسس لهذه العادة السينمائية في البلاد التونسية «تعرف مسبقاً المشاكل الفنية والإنتاجية التي تعترض الإنتاج السينمائي العربي وبخاصة منه المستقل، لذا تعمل منذ مدة طويلة مع مختلف شركائها في تونس وخارجها لكي يكون هذا اللقاء منبراً للمخرجين السينمائيين العرب وصنّاع الأفلام وفرصة لتبادل خبراتهم وتجاربهم ومحطة سنوية لعرض الأفلام التي لا نراها عادة في المهرجانات العربية العريقة التي في الغالب تذهب إلى اختيار الأفلام التجارية ذات التكلفة الكبيرة وتخصص حيزاً صغيراً للتجارب المستقلة...». ويؤكد المنظمون أنّ اللقاء «يسعى من خلال شاشاته إلى ترسيخ قيم العدالة الاجتماعية وحرية التعبير والديموقراطية وحقوق الإنسان عبر الموضوعات التي تطرحها الأفلام المختارة للمشاركة في أقسام اللقاء من دون وضع قيود على الأفكار والآراء».

الحياة اللندنية في

27/04/2012

 

 

الإيراني عباس كياروستامي يحتفي بالبشر وأرواحهم

الرياض - أحمد زين 

لعل اهم ما يتضمنه الكتاب الجديد للروائي والسينمائي البحريني أمين صالح، وعنوانه «عباس كياروستامي... سينما مطرزة بالبراءة» (المؤسسة العربية للدراسات وكتاب مجلة البحرين الثقافية)، هو تقديم جماليات أفلام هذا المخرج الإيراني، الذي يلفت الأنظار أينما عُرضت أعماله، ونظرته إلى موضوعه والأمكنة التي يعشق التصوير فيها، وكذلك رؤاه حول الفيلم السينمائي، والسينما نفسها، كتعبير خلاق، إضافة إلى ولعه بكتابة الشعر والتصوير الفوتوغرافي والمشكلات التي تواجهها أفلامه في إيران. غير ان الكتاب لا يقدم كل ذلك فحسب، إنما يتطرق كذلك إلى الآراء النقدية، التي يمكن اعتبارها «سلبية»، وتطعن في واحدة من أهم التجارب السينمائية في إيران والعالم، في محاولة من أمين صالح أن يوفر ما يشبه مطلات عدة ومتنوعة على تجربة صاحب «طعم الكرز»، الذي حاز الجائزة الكبرى في مهرجان «كان» السينمائي عام 1979.

وعلى رغم قسوة بعض تلك الآراء، التي تصف أفلام المخرج (الذي رفض مغادرة بلده عقب الثورة الإسلامية، معتبراً قرار المكوث في إيران من أهم القرارات التي اتخذها في حياته)، بـ «المملة» وإن كانت أيضاً، من وجهة نظرهم، تستدرج المتلقي لتأملها، فإن عدداً من أفلام كياروستامي، مثل «الريح سوف تحملنا» وسواه، يدفع، فعلاً، المتفرج «العادي»، على رغم أهمية هذه الأفلام، إلى الشعور بالممل، بل والضجر أحياناً.

فالأميركي روجر إيبرت، وهو ناقد مؤثر، وفق الكتاب، يتهم كياروستامي بـ «الشكلانية الجافة والقاحلة» وبـ «تنفير أو إملال» الجمهور، ويقول: «لست قادراً على فهم عظمة عباس كياروستامي. سمعته النقدية لا تضاهى. المخجل أن عدداً من المخرجين الإيرانيين الجيدين يتم إهمالهم في خضم هذا الإفراط في الثناء الموجّه إلى كياروستامي». أما المخرج الفرنسي جان لوك غودار، فبعدما قال إن الفيلم يبدأ مع غريفت وينتهي مع عباس كياروستامي، عاد ليؤكد أن صاحب «أين منزل الصديق؟» يأخذ السينما في الاتجاه الخاطئ.

القارئ داخل السجال

واضح ان هذه الآراء على قسوتها، والتي يسوقها أمين صالح، تضع المتلقي في قلب المشكل الذي تثيره أفلام كياروستامي، هذا المشكل الذي يظهر أن كياروستامي نفسه يعيه، كيف لا؟ وهو يذكر أن هناك الكثير من الأفلام «التي تبدو مضجرة، غير أنها أفلام جديرة بالاحترام. من جهة أخرى، هناك أفلام تسمّرك إلى مقعدك وتثبّتك في مكانك وتغمرك إلى درجة أنك تنسى كل شيء، لكنك تشعر في ما بعد بأنها خدعتك». ويضيف أن الفيلم الجيد «هو ذاك الذي يمتلك طاقة دائمة، وأنت تبدأ في إعادة بنائه مباشرة بعد مغادرتك صالة السينما».

لم يكن كياروستامي اسماً معروفاً وبارزاً في الأوساط السينمائية العالمية طوال عقدين اولين من عمله في السينما، حتى عرض فيلمه «أين منزل الصديق؟» 1987 في مهرجانات أوروبية، وبدأ يلفت حينها أنظار النقاد العالميين إلى موهبته الاستثنائية، إذ اكتشفوا أن هناك «سينما لا تزال جميلة تخاطب العقل، وتتطلب تفكيراً وتأملاً، وقادرة على إثارة الدهشة. أفلام كياروستامي تتحدى أي بنية جمالية تحليلية متوقعة»، كما تقول الناقدة لورا مولفي. اما جان كلود كارييه كاتب السيناريو الفرنسي الشهير فيقول: «سينما كياروستامي مطرزة بالبراءة. إنها مباشرة وبسيطة، وهي لا ترفع أي شعار، فلا محال فيها للاستطرادات ولا لرفّات الجفن».

في المقابل، يقول الممثل الفرنسي ميشيل بيكولي: «حين أشاهد فيلماً لعباس كياروستامي، ليس القرن الأول للسينما هو الذي أرغب في الاحتفاء به، بل كياروستامي الذي يعرف الاحتفاء بالقرن الثاني للسينما. كياروستامي ينجز الأفلام بفضل مخترعي السينما، لكن هؤلاء المخترعين أنفسهم سيكونون معجبين باختراعهم عندما يشاهدون حكاية يرويها كياروستامي».

ويرى المخرج الأميركي مارتن سكورسيزي، أن كياروستامي «يمثل المستوى الأعلى من البراعة الفنية في السينما». أما كياروستامي نفسه فيقول: «حين يسمع مثل هذه التعليقات، وهذا الإعجاب، ربما يكون مناسباً أكثر بعد وفاتي».

سينما تتحدى التوقعات 

يحقق صاحب «صورة طبق الأصل» أفلاماً تتحدى توقعات المتفرج، الذي اعتاد على تقاليد معينة في صنع الأفلام، وفي الوقت نفسه يقدم أفكاراً فلسفية عن الوضع الإنساني على نحو بسيط ظاهرياً ودونما تعقيد. ولد عباس كياروستامي في طهران في 22 حزيران (يونيو) عام 1940، ضمن عائلة تنتمي إلى الطبقة المتوسطة، تضم عدداً كبيراً من الأفراد، «كان البيت يضم الكثير من الأطفال. عشنا حياة متقشفة، لكن في هدوء وسلام. أتذكر الصمت في المنزل». ورث من والده، رسام ومصمم ديكورات المباني والمنازل، الولع بالأشكال الفنية البصرية. وكان طفلاً منطوياً على ذاته يعاني مشكلات تتعلق بصعوبة الاتصال مع الآخرين، ويقال إنه طوال تلقيه التعليم، كما يذكر الكتاب، لم يتحدث قط مع أي من زملاء الدراسة. مع اندلاع الثورة والإطاحة بالشاه وإعلان الجمهورية الإسلامية في شباط (فبراير) 1979، حظرت عرض الأفلام السينمائية، فتوقف الإنتاج السينمائي، وهاجر الكثير من السينمائيين في مختلف المجالات. أما من بقي، وهم قلة من بينهم كياروستامي، فلاذ بالصمت والترقب. وما جعل صاحب «عن قرب» يصر على البقاء آنذاك، أن قاعدته الأساسية الدائمة توجد في إيران، وأن هويته الوطنية هي التي قوّت قدرته وعززتها كصانع أفلام.

يرفض كياروستامي، الذي يستخدم دوماً نظارات ذات عدسات داكنة بسبب حساسية عينيه تجاه الضوء، تصنيفه مخرجاً واقعياً ويقول: «في الحقيقة أنا أرفض كل النظريات أو المذاهب الفنية، بما فيها تعبير إنسانية التي اعتاد البعض أن يلصقها بأفلامي. في الحقيقة أظن أن أفلامي ليست إنسانية على الإطلاق».

تأثر كياروستامي، الذي يموّل أفلامه من عائدات بيعه للصور الفوتوغرافية التي هو مولع بالتقاطها، بأفلام الواقعية الجديدة الإيطالية، وبخاصة بفيلم «الحياة حلوة» لفلليني، الذي أثر فيه كثيراً، وحضّه على فهم رؤية المخرج، وأعطاه فكرة دقيقة عن الوظيفة الحقيقية للسينما. كما تأثر بفيلم سهراب شهيد ساليس «حدث بسيط» وفيلم داريوش مهرجوي «ساعي البريد» وأفلام مسعود كيميافي، بيد أنه وفي شكل خاص تأثر بالشعر الفارسي الكلاسيكي. كتب كياروستامي سيناريوات كل أفلامه، كما تولى عملية المونتاج.

يقول: «أنا دوماً أشبّه المخرجين الذين يبحثون عن القصص في الكتب بأولئك الذين يعيشون إلى جوار نهر مملوء بالأسماك، لكنهم يعتمدون على المعلبات في غذائهم».

وهو يرى أن القصص موجودة حولنا، لكن مجرد إيجادها ليس كافياً، «على صانع الأفلام أن يكون أولاً حساساً بما يكفي لإدراك مدى صدقية القصة وأصالتها، ثم يستخدم أدواته: الكاميرا، الصوت، المونتاج، والأداء، بمهارة وترو، لسرد القصة في شكل جيد. القصة العادية المروية في شكل جيد هي أفضل من القصة العظيمة المعبر عنها على نحو فقير».

تولي سينما كياروستامي عالم الأطفال، اهتماماً كبيراً وأساسياً، فهو يحب أن يعمل معهم، «لأن لهم نظرة حرة شبه صوفية. الحكماء الكبار القدامى هم أطفال اليوم. الأطفال يحبون الحياة من غير شعارات. وفي الصباح لا يشعرون بالحاجة إلى القهوة لاستعادة البشاشة».

سياسة الهروب

نظر عدد من النقاد إلى أفلام كياروستامي بصفتها «هروبية» سياسياً، أو لا تحفل بالسياسة، غير أنه رد على هذا الزعم بتوضيحه أن السياسة في أفلامه تكمن جزئياً في اختياره الموضوع أو الموقع: المناطق الريفية الفقيرة أو المناطق الكردية. ويقول: «إذا السياسي يعني تشيّعاً وتحزّباً، فإن أفلامي ليست سياسية. أنا لا أحث الناس على القيام برد فعل ما، بل أحاول أن أصل إلى حقيقة الحياة اليومية. طالما نحن نحاول ملامسة هذه الحقيقة، فإن الفيلم يكون سياسياً جوهرياً وعميقاً».

ويرى كياروستامي أن أفلامه قادرة دوماً أن تعبّر عن نفسها بطريقتها الخاصة. ويلفت إلى أن سياسة الحكومة الإيرانية «تركز بؤرتها على استخدام السينما وسيلة للدعاية والتلاعب الديني، كما كانت تفعل منذ 30 سنة. حتى التسامح مع السينما المستقلة هو أمر لا يمكن تخيّله. هي شديدة الارتياب بهذه السينما». بيد أنه يقول بخصوص الرقابة: «أحياناً عندما لا تكون لدى المرء أي حدود، عندما لا يجد ما يعوقه ويعترض طريقه، يشعر بأنه لا يستطيع أن يعمل. إذا كان لدي موضوع لا يلقى صعوبة أو معارضة من الرقابة، فإنني أشعر كما لو لم أفكر فيه ملياً إلى حد كاف».

في بعض أفلامه يلاحظ حضور المخرج والكاميرا والفنيين وهم يصورون مشاهد من الفيلم، كأنما يريد أن يذكّر الجمهور بأن ما يشاهده مجرد فيلم. فهو «يعيد النظر في دور الجمهور. يحلو له أن يلهو ويتلاعب بتوقعات الجمهور وطرائق مشاهدته للفيلم، ويستفز مخيلته الإبداعية».

لأن كياروستامي شاعر وله كتاب شعر مطبوع، «السير مع الريح» الذي ترجم إلى عدد من اللغات، ولأن الشعر أيضاً يمثل أهمية قصوى في حياته وفي أعماله، فإنه يحذر من الاستخدام الفج للشعر في السينما، ويشدد على خطورته، «لكن في صياغة الحوارات، بإمكانك أن تستفيد من الانطباعات والأفكار التي تحصل عليها من أعمال شاعر معين، هذا ما فعلته في فيلمي «الريح سوف تحملنا» و «عبر أشجار الزيتون».

في هذا النوع من السينما، كما يقول، الموضوع الأكثر أهمية هم البشر، وأرواحهم، «الإنسان ومعضلاته الداخلية المركبة تشكل المادة الأكثر أهمية، بينما في السينما السائدة الآن، التقنية والمؤثرات الخاصة والقصص المثيرة هي التي تعتبر مهمة أكثر».

لا يعتقد صاحب «ثلاثية كوكر» أن الفيلم ينبغي أن يكون مفهوماً: هل نفهم القطعة الموسيقية؟ هل نفهم اللوحة أو المعنى الدقيق للقصيدة؟ إنه الغموض الذي يجذبنا إلى العمل الفني، وليس فهم الموضوع أو القصة». يشبّه المخرج بمدرب الفريق الرياضي، فهو بوسعه الجلوس والتدخين والمراقبة، «لكنه لا يستطيع أن يفرض إرادته على اللاعبين ما إن تبدأ المباراة».

يستمتع كياروستامي أكثر مع الهواة، فهو يتعلم منهم الكثير. ويقول: «عادة نحن نجلب النجوم ليؤدوا أدوار شخصيات طبيعية، غير أنني أجلب أفراداً عاديين ليمثلوا أنفسهم، وهؤلاء لا يستطيعون تأدية أدوار أخرى غير شخصياتهم الطبيعية».

وفي ما يتعلق بالسينما الهوليوودية يرى أنها تمارس عملية غسل لأدمغة الجمهور، «إلى حد أنها تجردهم من أي خيال، تسلب منهم القدرة على التخيّل وحرية الاختيار والطاقة الفكرية، وذلك من أجل أن تأسرهم وتفتنهم طوال الساعتين». ويذكر أن السينما وكل الفنون يتعين عليها أن تكون قادرة على رج أذهان جمهورها، «من أجل أن ترفض القيم القديمة وتستقبل بمرونة القيم الجديدة».

غالبية شخصيات أفلامه هي من الذكور، لاحظ النقاد ذلك وانتقدوه، فرد عليهم بأنه لا يحب دور النساء كأمهات، أو النساء كعاشقات، أو النساء كضحايا يتعرضن للضرب ويخضعن لمعاناة ومكابدة طويلة الأمد، «هذه الأمور لا تتصل بتجربتي الخاصة. أو النساء كحالات استثنائية. لا أحب أن أعرض استثناءات. أو النساء كبطلات، هذا لا يتطابق مع الوضع الحقيقي. وهناك دور لا أحبه، النساء كأشياء تزيينية، ليس فقط في السينما الإيرانية، لكن في السينما العالمية أيضاً».

الحياة اللندنية في

27/04/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)