حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

الشركة المنتجة ترضخ أمام مخاوف عنصرية

"مراقبة الجيرة" ينسحب طوعاً من الصالات

محمد رضا

 

جورج زيمرمان كان يحمل بندقيّته عندما لاحظ فتى أسود (لاحقاً ما أعلن اسمه) يتصرّف على نحو “مثير للشبهة” . زيمرمان قرر أن يلاحق الصبي كونه، أي زيمرمان، مكلّف من أهل الحي في مدينة سانفورد في فلوريدا، بالمراقبة . الوضع الاقتصادي، على ما هو مؤكّد، دفع البوليس لتقليص وجوده في بعض المناطق، خصوصاً تلك التي عليه أن يتواجد فيها أكثر من سواها، ما يثمر عن قيام أهل الحي بمراقبة الحي . وجورج كان، بدافع الغيرة على أهل حيّه، أو لأنه أبيض والصبي أسود، أو لأي سبب آخر، انطلق وراء الصبي ثم أطلق عليه النار . حين ألقى البوليس القبض عليه قال جورج زيمرمان أنه كان يدافع عن نفسه لأن ترايفون مارتن، الفتى الأسود، هاجمه . إذا كانت هذه قصّته فإنها مليئة بالثقوب لكن بوليس المدينة تركه حراً ما أثار حفيظة الأفرو أمريكيين الذين اعتبروا أن زيمرمان قاتل وكان عليه أن يواجه المحكمة تبعاً لذلك .

في الوقت الذي دعا فيه الرئيس الأمريكي الثائرين إلى إجراء “بحث روحي”، كانت هناك قصّة سينمائية تقع في طرف ثالث .

شركة “فوكس” السينمائية، في ثالث يوم من أيام الأزمة، سارعت بسحب ملصقات ومقدّمات فيلم بعنوان “مراقبة الجيرة” Neighbourhood Watch خشية أن يؤدي ذلك إلى تعزيز الشعور بالعداء لكل ما ينتمي إلى مثل هذا العنوان والوضع الذي يقترحه . هذا على الرغم من أن الفيلم يختلف في مضمونه عن مضمون الحادثة ذاتها .

في الفيلم الجديد يقرر أربعة رجال متزوجين، يؤدّيهم كل من فنسنت فون، وبن ستيلر، وجونا هيل ورتشارد أيووادي، أن أفضل طريقة للهرب من زوجاتهم ليلاً هو الانخراط في مهمّة مراقبة الحي السكني الذي يعيشون فيه . لكن ما يكتشفونه خلال ذلك أن الخطر المحتمل ليس آتياً من عصابات مسلحة، بل من الفضاء، ذلك أنه- وبفعل الصدفة، يدرك الرجال أن الحي مُداهم من قِبل مخلوقات فضائية ما يستوجب الدفاع عنه فعلاً .

شركة “فوكس” سارعت إلى الإشارة إلى أن الموضوع يختلف جذرياً عن القضيّة الاجتماعية التي حدثت في سانفورد، بفلوريدا، لكنها تشعر مع السكان الذين قد يعتبرون أن عرض هذا الفيلم في مثل هذه الظروف يتضمّن قدراً من اللا مسؤولية .

طبعاً الواقع أيضاً هو أنه إذا ما قرر الجمهور أن الفيلم سيذكّرهم بالمشكلة العنصرية القائمة تبعاً لذلك الحادث، فإنهم سيعرضون عن الفيلم ما سيعني خسارة تجارية أكيدة . الفيلم مقرر عرضه في يوليو/ تموز المقبل، والغالب أن “فوكس” لن تسحبه من ذلك التاريخ (إلا إذا تفاعلت الأزمة) بل ستخفف من درجة الإعلان عنه في الأيام القليلة المقبلة .

هذا النوع من  الرقابة الذاتية عرفته السينما من قبل حين أقدم الممثل (الراحل) فرانك سيناترا على اقتراح سحب فيلم “المرشّح المنشوري” (1962) من العرض مباشرة بعد اغتيال جون ف . كندي كونه يتحدّث عن محاولة اغتيال رئيس الجمهورية الأمريكي قنصاً .

وفي العام الماضي تقرر عدم عرض فيلم كلينت ايستوود “من الآن”، الذي يصوّر إعصاراً هائلاً يقع في جنوب شرق آسياً، وذلك تضامناً مع ضحايا الزلزال الكبير الذي ضرب اليابان حينها .

"ألعاب الجوع" ينقل جنيفر لورنس إلى عالم النجومية

الإقبال الكبير الذي يشهده حالياً فيلم “ألعاب الجوع” منجزاً نحو 155 مليون دولار في نصف أسبوع، لا يعود إلى ممثلته الأولى جنيفر لورنس، بل إلى ما تمنحه من حضور . المعنى هنا هو أن جنيفر لورنس لم تكن تستطيع الادعاء قبل هذا الفيلم أنها نجمة أو حتى ممثلة ذائعة الصيت . لذلك فإن وجودها على شاشة هذا الفيلم لم يكن بسبب ذلك الجانب من شخصيتها ومهنتها، بل بسبب ما تمثّله من حضور .

أثبتت لورنس نفسها ممثلة جيّدة وذلك منذ أن شوهدت سنة 2010 تقوم ببطولة “عظمة شتوية” الذي وضعها ضمن المنافسات على أوسكار أفضل ممثلة . يومها نالت ساندرا بولوك ذلك الأوسكار لكن لورنس، البالغة من العمر تسع عشرة سنة آنذاك، برهنت على وجودها في دور هو مدعاة للتفكير أكثر بكثير من ذاك الذي فازت بولوك عنه .

دور جنيفر لورنس في “عظمة شتاء” الذي أخرجته دبرا غرانيك كان من النوع الجدير بالتقدير . إنها أمّ شابّة تعيش في بعض الخرابات الواقعة في بلدة فقيرة وتحاول البحث عن أبيها المختفي، وذلك شرط للبقاء في الكوخ الصغير وإلا ذهبت ملكيّته إلى المصرف . الفيلم في توجّهه التشويقي لا يتخلى عن همّه الاجتماعي أيضاً متناولاً حكاية الملايين ممن يعيشون الآن في فقر مدقع . وجنيفر، التي لم تكن ظهرت من قبل إلا في ثلاثة أفلام صغيرة، حملت الفيلم على كتفيها وقدّمت أداء جديراً بإعجاب النقاد آنذاك واليوم .

أحد أفلامها السابقة كان “السهل المحترق” وكان أيضاً نوعاً من التشويق الجنائي، أدت فيه دور فتاة صغيرة معزولة عن الاحتكاك بالآخرين بعدما فقدت رعاية أمّها، التي عادت إليها لكي ترمم العلاقة بينهما.

وهي لاحقاً أدت، بعد “عظمة شتوية” دوراً رومانسياً خفيفاً في فيلم بعنوان “مثل مجنونة”، ثم هي ابنة جودي فوستر في “السنجاب”، وذلك قبل الوصول إلى فيلمها الحالي حيث تضطلع ببطولته كاملاً . هنا تؤدي دور فتاة في مقاطعة في زمن مستقبلي يتم اختيارها لدخول مسابقة تفرض على المتنافسين قتل بعضهم بعضاً حتى لا يبقى إلا شخص حي واحد فقط . كاتنيس في هذا الفيلم المستقبلي عليها أن تكون ماهرة ببعض فنون القتال، وهي بالفعل لديها مهارة كبيرة في استخدام القوس والسهام وستجد نفسها محط هجوم شرس من المتبارين الآخرين .

كما الحال في فيلمها الأسبق، “عظمة شتوية”، تعكس الممثلة شخصية فتاة من الريف تعيش الفقر ذاته في الفيلم السابق . بذلك، فإن “ألعاب الجوع” هو نظرة ناقدة لحياة تم تقسيمها طبقياً بحيث تخدم الفريق الذي يعيش في المدن البازخة بينما تضن على سواهم من ساكني الريف ومدن المناجم الصغيرة . هذا التعليق الاجتماعي يطل كلّما سنحت الفرصة من دون أن يترك التأثير المفترض به . لكن حضور جنيفر لورنس يُسجّل لها من دون ريب .

أوراق ومشاهد

بطل برناردو برتولوتشي يماثله ضياعاً

قرب نهاية “الملتزم”، فيلم برناردو برتولوتشي الثالث (1970) نجد أن مشكلة بطله كما أداه بجدارة مطلقة الفرنسي جان- لوي تريتنيان، تتمثّل في أنه لم يستطع الالتزام بما قرر الانتماء إليه .

تريتنيان في الفيلم هو بروفسور اسمه مرشيللو يعيش أجواء الفاشية الإيطالية في العام 1938 وهو سعيد بالتزامه بالفكر اليميني ويعلن ذلك للبوليس السرّي ما يستدعي قيام أحد السياسيين بالطلب من مرشيللو الاتصال بمثقّف وفيلسوف يساري النزعة (إنزو تاراشيو) لمعرفة تحركاته تمهيداً لاغتياله . الفيلم ينتقل بين الماضي والحاضر . الماضي بالنسبة إلى مرشيللو هو نزاعاته مع ذكرياته المُثلية، ونشأته المهزوزة . أما الحاضر فهو في بروده العاطفي حيال زوجته غويليا (ستيفانيا ساندريللي) ولهاثه وراء آنا (دومونيك ساندا)، وهي زوجة الفيلسوف الذي جاء للتجسس عليه . هذا يجعله حائراً في اتجاهاته، فهو لم يعد واثقاً مما يريد أن يفعله ولو أن ما سيفعله ليس بطولياً على الإطلاق .

“الملتزم” إذاً، حكاية رجل غير واثق من خطواته اعتقد أنه يستطيع أن يكون صالحاً، ليكتشف أنه غير قادر على تحقيق ذلك حتى ضمن مفهومه هو للوطنية . من ناحيته كان برتولوتشي طموحاً لتوظيف موضوعه المقتبس عن رواية ألبرتو مورافيا لخدمة انتشاره . وهذا الفيلم بالفعل كان أوّل خطواته على طريق الشهرة لينتقل بعده إلى تحقيق بضعة أعمال وضعته على سدّة الطريق بما فيها “استراتيجية العنكبوت” و”آخر تانغو في باريس” .

“الملتزم” إذ يروي حكاية رجل لا يعرف الالتزام بل يبقى حائراً وسط العواطف والتيارات، يبدو كما كان تذكرة مسبقة لقراءة ما انتهى إليه برتولوتشي، الذي ربما كان يستطيع أن يقرر أنه كان شيوعياً ملتزماً حينها، لكن التزامه ذاك ذهب أدراج الرياح حينما أخذ يقدم على أفلام تسعى لتوظيف مكانته النقدية للوصول إلى نجاحات تجارية، فإلى جانب “آخر تانغو في باريس” حقق “القمر” ثم “الامبراطور الأخير” الذي كان، بدوره معادياً للشيوعية . مع “السماء الساترة” سنة 1990 أصبح معادياً لشخصية العربي، وفي العام 1993 وجدناه يمجّد في بوذا عبر “بوذا الصغير” أحد أسوأ أعماله قاطبة .

م .ر

merci4404@earthlink.net

http://shadowsandphantoms.blogspot.com

الخليج الإماراتية في

01/04/2012

 

الجاسوس الخفي وجون واين المتعب

محمد رُضا 

العديد من الإنزالات الجديدة في سوق الأسطوانات هذا الأسبوع من فيلم الإيطالي لوكينو فسكونتي "الأرض المهزوزة" (1948)? إلى فيلم? الفرنسي رومان بولانسكي «مجزرة» وصولاً إلى الفيلم التسجيلي «غرفة الحرب»، وهو فيلم جيّد منسي في غمرة الأحداث والأفلام يدور حول الحملة الانتخابية للرئيس الأميركي الأسبق بل كلينتون أخرجه كريس هيجيدوس.?

سأختار البدء بفيلم المخرج السويدي توماس ألفردسون «سبّـاك خياط فندق جاسوس» الذي انتهت دورته السينمائية حديثاً ودلف إلى العروض المنزلية وهو من بطولة عدد جيّد من أفضل المواهب الأوروبية يتقدّمهم غاري أولدمان في دور الجاسوس المتعَب وغير السعيد الذي يسند إليه "كونترول" (العجوز ذو الصوت الذهبي جون هيرت) مهمّـة البحث عن عميل للمخابرات الروسية مزروع بين كبار مسؤولي المخابرات البريطانية، وبالتحديد أربعة لديهم أسماء: سبّـاك وخيّـاط وجندي وجاسوس.

الفيلم بطبيعة الحال، كونه اقتباساً عن رواية الكاتب جون لي كاريه (وضعها سنة 1974) أكثر أمانة لعالم الجاسوسية من كل ما تم إنتاجه من أفلام جيمس بوند، سواء تلك التي اقتبست عن مبتكره إيان فليمنغ او تلك التي تم تأليفها من بعد أن تم تحويل كل حكاياته إلى أفلام. حسب جاسوسيات جيمس بوند العالم هو مغامرة إثارية كبيرة مليئة بالمستحيلات وبعض الوقائع الممكنة. أما هنا فنحن هامدون (والفيلم هامد أكثر قليلاً مما يجب) في عالم يمشي بتؤدة محمّـلاً بإحباطات المهنة أكثر (بكثير) من بطولاتها. تحدّث عنه الزملاء في الغرب بكثير من الإعجاب، لكني لم أستطع أن أنفعل جيّداً حيال معطياته من الخيوط المتشابكة. لابد أن شيئاً ما أفلت مني في البداية ما جعلني لا أخوض الأحداث بأي اهتمام يذكر باستثناء الاهتمام بالتشكيل الفني المبهر للمخرج. هناك قوّة في تلك الصورة الباردة ذات اللون الرمادي والبني ومشتقاتهما. كما في تمثيل أولدمان المعبّر عن شخص يعيش تحت رادار السعادة وبعيداً عن الشعور بأنه إنما يؤدي خدمة وطنية جليلة لمؤسسة بلده عبر البحث عن الجاسوس المزدوج مثله في التعامل بحذر مع ما قد تتيحه القصّـة ذاتها من إثارات، فيلم المخرج الأميركي ديفيد فينشر «الفتاة ذات الوشم التنين». كثيرون يعرفون أن هذا الفيلم الذي خرج، كسابقه، في العام الماضي، مقتبس عن فيلم بنفس العنوان أنجزه الدنماركي  نيلز أردن أوبلف سنة 2009. لم يكن منتظراً من هوليوود أن تنقض على فيلم أوبلف (الذي أطلق شهرة الممثلة نومي راباس الحالية) بهذه السرعة لتصنع فيلماً موازياً خصوصاً وأن من شاهد الفيلم السابق لا يزال يتذكّر جيّداً أحداثه. مثل «سبّـاك خيّـاط ….» نسختا أوبلف وفينشر مقتبستان عن عمل روائي منشور وضعه السويدي الراحل ستيغ لارسون الذي أنجز (قبل رحيله سنة 2004) بضعة روايات من السلسلة ذاتها تم تحويل ثلاثة منها إلى أفلام (الآخران هما ("الفتاة التي لعبت بالنار" و"الفتاة التي رفست عش الدبّور").

لكن نسخة فينشر، للإنصاف، تختلف عن نسخة أوبلف. على عكس المتوقّع، نسخة أوبلف هي التي تجد في المادة معالجة هوليوودية، بينما ينفّذ فينشر معالجة "فينشرية"، إذا صحّ التعبير. مثل فيلميه "زودياك" و"الشبكة الإجتماعية" يبني نهايته من على بعد بدايته. يسعى لسرد الحكاية كما لو كان يكتبها، بكثير من الإحاطة بالمكوّنات الدرامية والشخصية، ثم يحشد التشويق الفعلي لآخر ربع ساعة. هنا الصحافي (دانيال كريغ) متّـهم، من قِـبل المحكمة، بالإساءة إلى أحد كبار الرأسماليين السويديين. تهمة لا يستطيع ردّها من دون وثائق والوثائق موجودة عند عجوز أسمه هنريك (كريستوفر بلامر) وفي المقابل سيطلب منه البحث عن إمرأة مختفية من أربعين سنة. ستعاون الصحافي فتاة (روني مارا) معادية للرجال بسبب ما مورس عليها كأنثى من اعتداءات

جيّد البناء لكنه لا يزال يبدو كما لو كان تكراراً لما سبق، إذا ما شاهد أحدنا الفيلم السابق. أما إذا لم يفعل فهو يحمل جديداً، لكنه لا يحمله بتلك الإثارة الواضحة التي اعتاد معظمنا عليها.

واقعية من فيسكونتي

«الأرض المهزوزة» فيلم حققه الإيطالي لوكينو فيسكونتي سنة 1948 وفاز بجائزة خاصّـة من مهرجان ?نيسيا آنذاك. وأكثر ما يواجهنا الفيلم به إذ نراه اليوم هو تأثيره في حقبة السينما الواقعية الجديدة. تلك التي أنجبت كذلك روبرتو روسيلليني وفيتوريو دي سيكا. فيسكونتي كان مختلفاً كنشأة في الأساس، فهو جاء من عائلة أرستقراطية تماماً (هو كونت منطقة لوناتو بوتزولو) من أعمال مقاطعة ميلانو، واعتنق الماركسية ومثّل النقيضين في السينما فأسلوبه محمّـل بالثقافة الفنية (مسرح وسينما وموسيقا ورسم) ونظرته ماركسية. لكن «الأرض تهتز»، الذي كان ثاني أعماله ورد في الفترة التي سبقت أعماله الأشهر ومنها «موت في فنيسيا» و«الملعونون» و«الفهد»، بالتالي فإن احتفائه بالثقافة الأرستقراطية المذكورة ليس وارداً هنا. ما هو وارد تلك الدرجة العالية من الواقعية التي ضمّـنها هذا الفيلم. فالحكاية تدور حول صيّادي السمك في بلدة صقلية صغيرة (أسمها أسي تريزا) والأسلوب أشبه برصد تسجيلي لا تأليف فيه (على الرغم من أن المخرج استوحى المادّة من رواية جيوفاني فرغا وهذه نُشرت سنة 1881) والممثلون المستعان بهم هم من غير المحترفين وبعضهم لم يقف أمام الكاميرا من قبل او من بعد

إنه حكاية الصياد أنطونيو فالاسترو العائد من الحرب العالمية الثانية الذي يجد أن أهل قريته واقعون في شباك مجموعة الوسطاء الذين يشترون الأسماك بأبخس الأسعار ويبيعونها للتجار وأصحاب المحلاّت بأسعار مرتفعة محققين أرباحاً هي أضعاف تلك التي يحققها الصيادون أنفسهم. يدعو أنطونيو الصيادين للوحدة دفاعاً عن مصالحهم. هذا يبدو أقرب من أفلام الخمسينات التي دارت على أرصفة بورسعيد او الإسكندرية ليس فقط بين الصيّادين وأصحاب المراكب بل أحياناً بين عمّال المرافئ وأصحاب العمل مع صورة فريد شوقي او رشدي أباظة في البال وهو يخاطب البحارة داعياً لهم التصدّي للمستغلّين.

لكن في فيلم فيسكونتي النصر ليس حليفاً مضموناً، وبذلك- وعلى الرغم من دكانة هذا الواقع- هو أكثر واقعية وأمضى رسالة. فرغبة أنطونيو في تحقيق إنجاز نوعي لحياته وحياة الصيّادين تندثر تحت أعباء الوضع الاقتصادي في زمن ما بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة

فيسكونتي يقترب من الحياة قدر المستطاع ويعاملها بكاميرا تشارك الحياة والإيقاع بحركتها وبأضوائها فإذا بالفيلم معبّر فني عن حياة القاع من دون تزييف. لاحقاً، ما انتقل المخرج إلى أسلوب مختلف، لكنه لم يفقد قدرته على الإدهاش وإنجاز القيمة من وراء الفيلم بصرف النظر عن أسلوب معالجته.

تلك الحقبة من التاريخ

في العام ذاته كان المخرج الأميركي جون فورد ينجز «فورت أباش» الجزء الأول من ثلاثية حول الجيش الأزرق والهنود الحمر. وفيه خمسة من الممثلين الذين دائماً ما ظهروا في أعماله: جون واين، فكتور ماكلاغلن، جورج أوبرايان، وورد بوند وغاي كيبي (او هل هو كبّي من أصل لبناني؟). إليهم هنري فوندا الذي أدّى بطولة «عنب الغضب» لفورد والمكسيكي بدرو أرمنداريز الذي عمد إلى الإخراج ثم ظهر في بضعة أفلام وسترن لسام  بكنباه.

يؤخذ على «فورت أباش» أنه مجيّر لإظهار البطولة الأميركية وكيف أن النصر للعنصر الأبيض فوق المواطنين الأصليين. هذا وارد، لكنه أيضاً الظاهر فقط. جون واين في هذا الفيلم ينظر بحزن إلى ما يتعرّض الأباتشي إليه من قتل وترحيل. عينا واين اللتان طالما عكستا ما يعتمل في داخله، تنقلان إلينا شاشة من التعابير الداخلية الصادقة. صحيح أنه يؤدي دوراً وطنياً (في عرفه وعرف المؤسستين العسكرية والسياسية) لكنه يدرك (هنا) أنه يودّيه على حساب شعب من حقّـه أن يرفض احتلالاً.

إذ يفتح الفيلم شهية الربط بين الماضي والحاضر وتشابههما (وبل بين "فورت أباشي" و"أفاتار" أيضاً) علينا أن لا ننسى أن الفيلم، بصرف النظر عن ميوله السياسية هو أحد الأعمال الكلاسيكية المهمّـة في السينما الأميركية. هذا بسبب منواله من الحديث عن تلك الحقبة من التاريخ كما بسبب هيمنة المخرج جون فورد على مقدّرات العمل مانحاً إياه الجوانب الاجتماعية التي عادة ما لا تثر اهتمام مخرجي أفلام وسترن آخرين. هذا المحيط هو الحياة على الجبهة بالنسبة لمجموعة من الشخصيات ذات الأصل الايرلندي (كما واين وفورد) المشترك. هنا تتجلّى دائماً رغبة المخرج في الاحتفاء بالثقافة الشعبية الايرلندية: رقص وشرب وقتال يدوي. يُـثير ذلك بعض النكهة الرومانسية والكوميدية الخفيفة التي تبدو مثل جناح أصغر لهذا الفيلم ليس بقوّة جناحه العسكري او الدرامي بصفة عامّة.

المواجهة ليست فقط بين جون واين المسؤول عن فرقته العسكرية وبين هنري فوندا الطبيب الآتي من خلفية عسكرية بدوره إذ أعتبر بطلاً قومياً بسبب دوره خلال الحرب الأهلية. الآن من باب التخلّص من التزامه وشخصيّته يتم إرساله إلى هذا القحط الأريزوني للانضمام إلى جيش ينطلق من قلعة «فورت أباش» لطرد الهنود الحمر الثائرين لكنه يجد نفسه في حرب ضروس يتكبّد فيها خسائر جسيمة

لكن إذا ما كان الفيلم قائماً على المواقع الحربية تلك، فإن المواجهة بين شخصيّتي واين وهنري فوندا إذ يتّـضح تناقضهما، تكبر وتشكّل خطّـاً بارزاً في الأحداث برمّتها. شاهد هذا الفيلم إذا ما كنت تكوين صورة إجمالية عن الفترة العسكرية او عن سينما جون فورد او كجزء من ثلاثية فورد العسكرية التي قاد بطولتها جون فورد والتي تضم الفيلمين اللاحقينShe Wore a Yellow Ribbon  و Rio Grande

تقييم الأفلام الواردة هنا بلمحة

 Tomas Alfredson ***?Tinker Tailor Soldier Spy ?(?2011?)? ?| 

The Girl With Dragon Tattoo  (2009) | Niels Ardin Oplev **

The Girl with Dragon Tattoo  (2011) | David Fincher ***

La Terra Trema (1948) | Luchino Visconti  ****

Fort Apache  ?(?1948?)? | John Ford ?****?

الجزيرة الوثائقية في

01/04/2012

 

نقص الدعاية وغياب النجوم والاعطال الفنية هي ابرز السلبيات وينبغي تفاديها في الدورات المقبلة

هل تتعلم ادارة مهرجان سينما الاطفال من السلبيات ؟

القاهرة – محمد حسن 

اسدل الستار على نهاية الدورة الحادية والعشرين لمهرجان القاهرة الدولي لسينما الاطفال , حيث يقام في السادسة مساء حفل الختام بدار الاوبرا المصرية , وذلك بعد اسبوع من الفعاليات شهد عرض 121 فيلما بين وثائقي وروائي وتحريك , وهي افلام تمثل 62 دولة مختلفة ابرزها الولايات المتحدة والصين واليونان (وهي ضيف شرف دورة هذا العام) وكوريا الجنوبية والدنمارك وهولندا والاردن والهند والمانيا وسويسرا وغيرها , كما شهدت دورة هذا العام عقد 17 ندوة عامة ناقشت موضوعات مختلفة جميعها ذات صلة بسينما الاطفال وادب الطفل من بينها ندوة عن التأثير الاخلاقي للرسوم المتحركة على الاطفال وندوة اخرى عن معوقات الانتاج في سينما الاطفال , واخرى عن القيم التربوية في افلام الرسوم المتحركة وندوة عن سينما الاطفال في فلسطين .

وعلى الرغم من المستوى الجيد للأفلام التي تم اختيارها للمشاركة بالمهرجان داخل المسابقة وخارجها , وكذلك المستوى الرفيع لمحاور تلك الندوات , الا ان دورة هذا العام شابها العديد من السلبيات لعل من ابرزها ضعف الاقبال الجماهيري ربما بسبب النقص الحاد في مستوى الدعاية – وهو سلبية ايضا تتحمل وزرها ادارة المهرجان , بالإضافة للعيوب الفنية التي ادت لتعطيل عدد كبير من العروض , وغياب النجوم .

البعض يعزي هذه السلبيات الى ان هذه هي اول دورة ينظمها المركز القومي لثقافة الطفل , وليس لديه الخبرة الكافية للاهتمام ببعض التفاصيل الدقيقة والهامة , وللسبب نفسه التمس النقاد العذر لهم فلم ينتقدون ادارة المهرجان بشكل لاذع وتركوهم يعملون كنوع من التشجيع لهم , خاصة ان المهرجان يقام في ظروف استثنائية خاصة جدا تمر بها البلاد , ولكن رغم كل هذا .. لابد ان يكون للنقد دورا ايجابيا وبناء من اجل تصحيح المسار خلال الدورات المقبلة , وبالتالي يهمنا الان سرد عدد من السلبيات ومناقشتها :

اولا النقص الحاد في مستوى الدعاية ليس له ما يبرره مطلقا , خاصة ان رئيسة المهرجان صرحت بالصحف ان ميزانية المهرجان هذا العام مليون جنيه , بعد تقليصها للنصف حيث كانت العام الماضي 2 مليون جنيه , لكن المليون ليس بقليل , وكان على ادارة المهرجان الاهتمام اكثر بالدعاية حتى يصل المهرجان للاطفال وهم الجمهور المستهدف , وان لم يصل لهم فلا جدوى من اقامة المهرجان من الاساس , وتصبح هذه الاموال بمثابة اهدارا للمال العام .

ثانيا الاعطال الفنية التي تسببت في توقف بعض العروض وتأجيل بعضها لحين الانتهاء من اصلاح تلك الاعطال .. تعتبر مشكلة مزمنة ولا يحتملها الاطفال , ففي مهرجانات الكبار نستطيع الانتظار لحين اصلاح الاعطال , بينما الاطفال لا يحتملون الانتظار نظرا لظروف الحركة بالنسبة لهم فهناك مشرفين تربويين وسيارات تنتظرهم بالعدد لا رجاعهم الى بيوتهم , وبالتالي فلا مجال للأعطال الفنية في مهرجانات الاطفال على وجه التحديد , لكن ما حدث هو تبادل الاتهامات حول تلك الاعطال بين ادارة المهرجان وادارة الاوبرا باعتبارها مكان العروض , فإدارة المهرجان تقول ان اجهزة العرض بها اعطال وان هذه مسئولية ادارة الاوبرا , بينما تؤكد ادارة الاوبرا ان اجهزتها سليمة وان نسخ الافلام معيبة , وهذه مسئولية ادارة المهرجان التي تسلمتها من صناعها دون تجريب , وبين الادارتين تضيع المسئولية وتبقى المشكلة دون حل

ثالثا مشكلة غياب النجوم يجب ان يتم وضع حل لها فقبل حفل الافتتاح اعلنت ادارة المهرجان عن تكريم 7 شخصيات خلال حفل الافتتاح بينهم 3 نجوم مصريين هم كريم عبد العزيز وهاني رمزي وحنان ترك , بينما لم يحضر منهم سوى واحد فقط هو هاني رمزي وغاب كريم عبد العزيز لظروف تصويره احد الاعمال التليفزيونية خارج مصر وارسل بدلا منه الممثل وائل علاء لاستلام التكريم , كما غابت حنان ترك وارسلت ابنها يوسف لاستلام التكريم , وهنا يلقى اللوم على ادارة المهرجان التي لم تحسن الاختيار , وكان على الفنان الذي سيتغيب ان يقدم اعتذارا صوتيا يبث خلال الحفل تقديرا للجمهور الذي ينتظره , او ان تستبدله ادارة المهرجان بفنان اخر تسمح ظروفه بالحضور , وهذه الامور – رغم بساطتها – فانها تعني الكثير بالنسبة لتقييم المهرجان وتقييم اداء ادارته .

كان في الامكان ايضا اقامة عروض في المدارس للتخفيف على الاطفال , خاصة ان الدعاية قليلة للغاية وبالتالي يجب على المهرجان ان يذهب اليهم لا ينتظر مجيئهم دون دعاية كافية كما حدث , وهذه الفكرة سبق تنفيذها خلال دورة سابقة كانت سهير عبد القادر مسئولة عن ادارة المهرجان في ذلك الوقت , وبالتالي لا توجد أي عوائق قانونية , فلائحة المهرجان تسمح بعرض أي فيلم بالمهرجان عرضين تجاريين , كما ان كل فيلم له نسختين الاولى 35 ملم تعرض في دور العرض لتوافر اجهزة العرض بها , والثانية dvd يمكن عرضها في أي مكان خارجي بما فيها المدارس وبالتالي لا توجد عوائق تقنية لتنفيذ تلك الفكرة .

على أي حال .. ينبغي ان نشيد بأفكار الندوات ومستوى الافلام , وكلاهما يحسب لإدارة المهرجان التي تديره للمرة الاولى , كما ينبغي ايضا التعلم من سلبيات الدورة الحالية لتفاديها خلال الدورات السابقة , فالثقافة السينمائية مهمة جدا لتشكيل وعي ووجدان الاطفال , كما ان ايصالها لهم تعد مهمة جليلة وامانة نتحملها جميعا .

الجزيرة الوثائقية في

01/04/2012

 

كيف تستمد السينما قوتها من أزماتها ؟؟؟

د. أنور المبروكي 

إذا كان تاريخ العلم هو تاريخ اخطائه في لغة بشلار و تاريخ الفلسفة هو بحث في فنون المأساة نيتشاوياً كما الأدب عند محمود المسعدي فإن السينما أزمات أو لا تكون ، نعم هكذا يؤكد سرداب الشأن اليومي التعيس ، صاحب كل مدخرات وفوائض الصورة المتحركة في حسابات بنوك أسرى المشهد المقتبس من الواقع والواقع المحلوم به .

أن تكون قيصراً سينمائياً لا بد أن تمر بولادة قيصرية قسرية عسيرة ترغم فيها أحياناً على تجاوز كل التواريخ المحددة للكلام كما الصمت . لا بد أن تولد الأفكار في السينما من معنى التعاسة والتهميش، نعم بجمع السوالب. جبرياً نتيجتها الإيجاب. هكذا إذاً تزدهر السينما زمن الأزمات، تتجاوز تواريخ الرخاء لتولد من موت الكذب.

إذا كانت قيمة الأشياء في منطق السوق تقاس غالباً بقيمة ندرتها كما تقاس قيمة الشخص - كما يقال - بكثرة أعدائه، فإن فوائض ربح الفن السينمائي قائمة حتماً على زيادة عدد المضاربين في بورصة خلق أزماتها، والمقصود هنا بالأزمة ليس الركود الفني السينمائي بل صعود التأزم في العلاقة بين الفن والعامة . فكل تصعيد في منطق الرفض والقبول جماهيرياً هو تمديد وتثمين بالإشهار لقيمة ذلك الشيء المرفوض ... فالإشهار بالتشهير بالسينما أو التشهير بالإشهار سينمائياً كله فوائد . فوائد ربح بالخسارات كما يقول المفكر سليم دولة .

طبعاً نطرح هذا السؤال اليوم لا بطريقة فجئية أو فجائية بل لأن السؤال أيضاً جاء عجولا نظراً لما يسود من تبادل تهم وإتهامات بإهتمام وإهتمامات بين من ينطق بالصورة على الجدار وما يقوله غالبية أصحاب الديار . بمنطق إرادة الفن هو تجاهل ونكران الذات لذاتها وبمنطق إرادة الشعب هو إصطناع لصورة لا تليق.

لكن صوت الحقيقة يقول أن الصراع قيمي إلى حد الثمالة يكون فيه الرفض أو القبول شكل من أشكال النرجسية في إنتاج نوع من أنواع الإستبداد بالرأي على الرأي مخالفاً كان أو متحالفاً .

ما يجب الإشارة إليه هو أن هذه الأزمة بين المنتج والمستهلك بين السينمائي والمتفرج هي في الحقيقة " دواء بالتي كانت هي الداء" كما يقول الشاعر ، أي أنها إيذان بولادة منطق التأمل في الأشياء من جديد .

إن معنى الربح بالمعاناة في الفن السينمائي هو أن يقبل الفنان كل الأراء كإعانات ، كل الشتائم كإمتيازات، كل الأزمات كمنهج لإعادة طرح التساؤلات...لأن منطق أنا على حق وأنا فوق الحق وللحق قد يحرم صاحبة من كل حقوق التمتع بالشتم البناء ، بل قد يحرمه من صناعة عقلية سينمائية جديدة تؤمن بالديمقراطية كتنازل لا كملك خاص لأن أصل الإبداع ديمقراطية نعم حق وواجب. لا بد أن تكون إستراتجيات التعامل بين السينمائي والجمهور أكثر تريثاً ولا بد على الفنان بإعتباره المنتج للمادة الفنية أن يكون أكثر عقلانية لتفهم إقتراحات المتفرج المستهلك. يجب أن لا يؤدي منطق الإستهلاك إلى الهلاك في علاقة السينمائي بجمهوره، فيصبح الرأس والمال أعداءً لرأس المال ، فلا سينما بدون جمهور ولا جمهور سينمائي بدون سينما ، ونحن نوكل دعوة التأمل إلى السينمائي لا لأنه ضحية أو جلاد بل لأنه المسؤول الحقيقي عن كيفية تصبير صابة ردود الأفعال بعد كل فيلم ، فصمت الفنان عن المآسي وتجاوز المعاصي ( بالمعنى الفني لا الديني ) هو أصل الإبداع لأن النجاح في السينما أخطر من الفشل. فالفشل دافع على مزيد التسلق لتحقيق النجاح ، أما النجاح فهو إعلان عن مزيد تحمل المسؤولية الملغومة بالإعجاب لتحطيم أرقام قياسية مقارنة بالأفلام الأولى .

كثيرون أولائك الذين يسقطون في خندق النجاحات السينمائية الأولية فينتجون أفلام ما بعدية لا تمت للإبداع بصلة ، هؤلاء خصص لهم السينمائي الفرنسي كلود شابرول جزءًا في كتاباته ننصح بقراءتها
نحلل فنقول إذاً أن معنى الأزمة في العلاقة بين السينمائي والجمهور هي دليل على أهمية الموضوع المطروح بين الطرفين وهي في حد ذاتها إشهار بطريقة اخرى. فأزمة الفيلم الوثائقي التونسي مثلاً طيلة فترة طويلة اعطى ثماره اليوم بإستدراك جديد فاق ال 20 فيلما وهو في الزيادة بزيادة الإهتمام محلياً وعالمياً ، فإستغلال الفيلم الوثائقي التونسي لأزماته لم يكن بالتجاوز ولا برفض الرأي المخالف ولا بالمجازفة بتهميش الجمهور بل بالعمل على جعله جمهوراً بأتم معنى الكلمة يتقن فنون المشاهدة لأن السينمائي هو الذي يصنع الجمهور وهو الذي يتحكم فيه، فهو خالق الإبداع في الفيلم ولدى المتفرج لأن الحديث عن الإبداع هو حديث عن الجمهور أيضاً ، فإبداع السينمائي يستمد روحه من إبداع الجمهور أيضاً، فإن أبدع الجمهور أبدع السينمائي والعكس. فالجمهور مصدر للأزمات السينمائية وصانعها فهو إذاً صانع السينمائي وصانع ابداعه أيضاً ، فكيف يمكن أن يغتاض السينمائي من جمهوره ؟

واضح إذاً أن النجاح الحقيقي للسينما يبنى في البداية على الفشل في إقناع الجمهور ، فحتى إقتصاديات السوق اليوم تستوجب شهادة ما قبلية في الإفلاس قبل بداية كل مشروع . هذه الفكرة في الحقيقة سببت الكثير من النجاحات نظراً لتغلغل مفهوم الحذر فيها ثم الإيمان بالربح و الخسارة بنفس الدرجة و على نفس المستوى ، فأن تنتج سينمائياً هو أن تكون أكثر حذراً أما أن تفشل فهو أن تكون أكثر صلابة وتحدياً فالنجاح في الفيلم يزيد شبح التفكير في ما بعد النجاح أما الفشل فهو دائماً دافع إلى إعطاء المزيد من البذل والعطاء. طبعاً هنا لا نمجد الفشل في السينما ولا نشجع عليه بل نحن نقوم بتحليل الوضعية من منطق علائقي relationnel بين السينمائي والجمهور لمزيد فهم الجدل الحاصل مثلاً بين السينما التونسية وجمهورها.

إذا كان المثل الأمريكي يقول " إحذر ما تتمناه " فإن مجموع قواعد الحقائق السينمائية على الأرض تقول إحذر ما لا تتمناه، لأن النجاح السينمائي دون أزمات مثل اللغة عند هيدغير: " أخطر النعم " . إن أصل الفنون مآسي وتراجيديات قبل أن يكون أفراح ومسارات. نعم " فائز بذاته من لا يطلب الأشياء مهما عزت ". هكذا يقول حكيم تونس صاحب الكليمنسيات الجميلة.  

موقع "أدب فن" في

01/04/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)