حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

ثمانية أفلام سورية في «مهرجان الفيلم الوثائقي»

وقائـع الحيـاة فـي بلـد اسـمه سـوريا

نديم جرجورة

لأن الأحداث المأسوية الجارية في سوريا حالياً لا تسمح بتنظيم دورة جديدة لمهرجان الفيلم الوثائقي «دوكس بوكس»، قرّرت إدارة هذا الأخير توزيع عروض الأفلام على دول عدّة. لأن الأسبوعين الأولين من شهر آذار شهدا، منذ تأسيس المهرجان في العام 2008، دوراته السنوية، ارتأى منظّموه اختيار الخامس عشر من آذار 2012 موعداً لعرض الأفلام الثمانية المختارة لهذه المناسبة، تزامناً مع الاحتفال بالذكرى السنوية الأولى لبدء الحراك الشعبي السلميّ السوري، الذي سبق مرحلة الغرق المريع في بحر من الدم والعنف والخراب. لأن الفيلم الوثائقي يمنح المخرج السينمائي أدوات تعبير «أغنى وأوسع» من أدوات أخرى، يُصبح المخرج نفسه معها «أقدر على التخيّل»، كما قال الراحل عمر أميرالاي ذات مرّة، بدا «دوكس بوكس» منذ انطلاقه مساحة ثقافية في قلب العاصمة السورية، تجمع نتاجات وثائقية سينمائية متفرّقة، للمُشاهدة والمناقشة. لأن الحراك السوريّ الراهن لم يُفرز، لغاية الآن، ما يُمكن اعتباره نتاجاً سينمائياً لائقاً بقوّة شعب في مواجهة آلة قتل وحشيّ، اختار منظّمو «دوكس بوكس» ثمانية أفلام وثائقية سورية مُنتَجة في أعوام سابقة، كشفت جذوراً ما لوقائع العيش في القهر والتسلّط، لعرضها في احتفال يُقام في يوم واحد في أكثر من بلد. ثمانية أفلام تُعرض اليوم الخميس في دول عدّة، بالتعاون مع شركاء «دوكس بوكس» في ألمانيا والدانمارك والسويد والمملكة المتحدّة والمغرب وتونس والقاهرة والإسكندرية والبرازيل وتركيا واليونان وغيرها. ثمانية أفلام أكّدت أهمية الصورة الوثائقية في الكشف والتحليل، وفي مواكبة الواقع بتفاصيله ومتاهاته و«نبوءاته» التي يُمكن للسينمائيّ، النبيه والواعي والملتزم قضايا الفرد والجماعة في بيئته، أن يلمسها في ذهابه بعيداً داخل الواقع وحكاياته، وداخل الذاكرة وامتداداتها التاريخية والاجتماعية والجغرافية.

ثمانية أفلام وثائقية، أقدمها «الحياة اليومية في قرية سورية» (1974) لأميرالاي (السابعة مساء اليوم في «متروبوليس»)، وأحدثها «ست قصص عادية» (2007) لميّار الرومي، بالإضافة إلى «الطوفان» (2003) لأميرالاي أيضاً و«خطوة خطوة» (1978) لأسامة محمد، و«قبل التلاشي» (2005) لجود كوراني، و«حجر أسود» (2006) لنضال الدبس، و«زبد» (2006) لريم علي و«صمت» (2006) لرامــي فرح. الملاحظة الأولى كامنةٌ في أن الأفلام المختارة متوغّــلة في ثنــايا المجتمع السوري، وباحثةٌ في تفاصيله اليوميــة، وكاشــفةٌ متاهاته ومآزقه وارتباكاته، من خلال ناسه وقصصــهم. الملاحظة الثانية كامنةٌ في أن هذه الأفلام متحرّرة، إلى حدّ بعيد، من خطابيتــها المباشرة، لاهتمام مخرجيها بأحوال البلد والمجتمع، وبأشــكال التعبير البصري ومضامينه الدرامية الجمالــية. الملاحظة الثالثة كامنةٌ في أن الأفلام المختارة عائدةٌ لمخرجين منتمين إلى أكثر من جيل سينمائي واحد، بدءاً من أميرالاي ومحمد، اللذين أسّسا، أو ساهما في تأسيس نمط سينمائي مغاير للمألوف الدرامي، بجعلهما أدوات التعبير السينمائي جوهر الإبداع، وبطرحهما السينمائيّ القائل بأولوية الصورة المنبثقة من الواقع والمعيش.

لا تتناقض أساليب الإخراج المُعتَمدة في إنجاز الأفلام الأخرى، عمّا صنعه أميرالاي ومحمد. فالجيل اللاحق بهما أكّد أولوية الانخراط في البحث السينمائي عمّا يُمكن للكاميرا الوثائقية أن تصنعه من الواقع، وعمّا يُمكن للواقع أن يمنحه للكاميرا السينمائية من مفردات الاشتغال الاحترافيّ في معاينة «وقائع الحياة في بلد اسمه سورية». بهذا المعنى، يُمكن القول إن الأفلام المختارة كلــّها غاصت في تفاصيل الحياة اليومية، وفي فضــاءات مفتوحة لأفراد عانوا الأمرّين جرّاء بــؤس هذه الحياة اليومية ومتاهاتها القاتلة. أفلام شكــّلت نماذج لأساليب إخراجية، جعلــت الوثائقيّ مرآة بيئة وجماعات. أفلام قــرأت أحــوال البلد وناسه، من خلال صُوَر وثائقــية باتت، بفضل مخرجيها، مرايا شفّافـة لواقع حادّ.

كلاكيت

لبناني مئة بالمئة

نديم جرجورة

يتعامل موزّعون سينمائيون لبنانيون مع نتاجات محلية عديدة بخفّة، غالباً. ينفرون من السينمائيّ البحت، لأنه نقيض الإيرادات العالية. يتساهلون مع التبسيطي والمسطّح، لأنه يُلائم أذواق متفرّجين محليين، ينشدون الاستسهال لاعتيادهم على الاستسهال والخفّة. ينفضّون عن أفلام مرتكزة على قيم جمالية ودرامية واضحة، لأنها مصدر خسائر مادية لهم. يُتيحون للساذج فرصة «جذب» أعداد كبيرة من أناس لا يزالون يعتبرون الفن تسلية لا أكثر. التسلية حاضرة في صناعة السينما. جزء منها. إنها نوع سينمائي بالأحرى. لكن التسلية البصرية في لبنان منحدرة إلى أبشع أنواع الدرك. التسلية مفيدة أحياناً. السينما خبيرة في صناعة أفلام للتسلية. لكن ما يُقدّمه بعض مدّعي الاشتغال السينمائي في هذا البلد تجاوز كل توقّع، سواء اعتمد السذاجة جوهر العمل، أو استعان بالسفاهة لإنجاز «أشياء» لا علاقة لها بالسينما أو الفن.

موزّعون سينمائيون لبنانيون عديدون يجدون في هذا النوع من «التسلية المملّة» ربحاً. هناك أرقام أكّدت هذا. التأكيد لم يكن مفاجئاً. البلد الواقع في خراب متنوّع، لن يتردّد عن الذهاب بخرابه إلى أقصى الممكن. أو إلى أقصى المستحيل. لبنانيون كثيرون «يقعون على الأرض» من شدّة الضحك أمام استعراضات تلفزيونية أو مسرحية مهينة للوعي الإنساني. يختارون أيضاً أفلاماً رُوِّج لها بأنها سينمائية. بأنها «لبنانية مئة بالمئة». العنفوان اللبناني منصبٌ على المسطّح فقط. يريد لبنانيون كثيرون ما يثير غرائز مكبوتة. ما يعتبرونه «فشّة خلق» لما لا يستطيعون فعله. أو لما يفعلونه في الخفاء. أعمال «فنية» حاكت هذا الجانب فيهم، فاكتمل نصاب الخديعة والادّعاء بين الطرفين.

موزّعون سينمائيون لبنانيون عديدون يبحثون عن «المُربح» لا «المفيد». الربح نواة عملهم. هذا حقّ لهم. لكن التعالي على الفيلم اللبناني «السينمائي»، أو النفور منه، أو التعامل معه باستهزاء وسخرية، أمورٌ لا تليق بمن اختار مهنة توزيع الأفلام. ليس الموزّعون وحيدين. مجموعات عدّة تلتقي هنا وهناك، تجمع مالاً من هنا وهناك، تختار أناساً للعمل في مجالات فنية مختلفة، تُنتج «أفلاماً» أو «أشباه أفلام»، وتروّج لها على أنها «صناعة سينمائية حقيقية»، بإضافة الصفة المطلوبة للترويج: «لبنانية مئة بالمئة». كأن الأفلام الأخرى، المُنتجة بشراكات مُرهِقَة مع مؤسّسات غربية أو عربية، لا يليق بها الوصف المذكور: «لبناني». فلكي تكون لبنانياً، عليك أن تحصل على نسبة «مئة بالمئة». لكن هذه النسبة لا تصنع إبداعاً. لا تؤدّي إلى ابتكار الجديد والمهمّ. التجارب السابقة أفادت أن كل تمسّك بنسبة كهذه أفرز أعمالاً بالية. هناك استثناءات قليلة طبعاً. هناك اختبارات فردية ذات طموح حقيــقي. لكن الغالبية عكست بؤس العنفوان اللبناني المزري.

لهؤلاء الموزّعين اللبنانيين حقّ الاعتراف بأن الربح أساسيّ في عملهم. هذا انعكاس لمعنى اشتغالهم أصلاً. للمتفرّجين اللبنانيين هؤلاء حقّ التباهي بأن التسلية أهمّ وأفضل. هذا تأكيد على الانحدار القاتل للحياة اللبنانية.

السفير اللبنانية في

15/03/2012

 

أهلاً بكم في أفلام «البروباغندا»

«5 أيام من الحرب».. أنـجح أنواع الفشل

زياد عبدالله 

يقدم إلينا فيلم Days of War 5 «5 أيام من الحرب»، المعروض حالياً في صالات العرض المحلية، جرعة مدهشة من الرداءة لها أن تكون موزعة بالتساوي على الـ113 دقيقة زمن الفيلم، بما يدفع الى مواصلة مشاهدته وفق حقيقة مدهشة أيضاً ألا وهي اكتشاف مدى الرداءة التي قد يصلها هكذا فيلم، مع التأكيد في الوقت نفسه أنه لم يتخلَ أبداً وبمنتهى الأمانة عن قدرته على الانتقال من رداءة إلى أخرى.

يبدأ الفيلم الذي يفترض أنه يتناول حدثا تاريخياً، أي الحرب الجورجية الروسية ،2008 يبدأ بعبارة مقتبسة تفيد بأن «ضحية الحرب الأولى هي الحقيقة»، وحين تمضي أحداث الفيلم فإن العبارة تصير: إن واحدة من ضحايا الفيلم هي الحقيقة، ونحن لا نشاهد إلا مجموعة من الوصفات الجاهزة التي تفضي في النهاية إلى «بروباغندا» جورجية موجهة ضد الروس غير مبنية على حقيقة واحدة، بل هي قائمة على تبرئة طرف واتهام طرف آخر، وتحويل الفيلم إلى تصوير مجاني للوحشية الروسية ومعها جحافل الميليشيات الأوسيتية، بما يضعنا أمام فيلم «أكشن» تجاري مصنوع كيفما اتفق، لا يتوقف فيه إطلاق النار، إلا ليبدأ من جديد، مع الاستعانة بالطائرات والدبابات، بما يحول الصحافي إلى رامبو الحقيقة الساطعة.

سيبدو كل ما تقدم أكثر وضوحاً مع معرفة أن الفيلم من انتاج «جورجيا انترناشونال فيلم»، ومن إخراج ريني هارلين مخرج الجزء الثاني من «داي هارد» الذي يبحث في هوليوود عن فيلم ليخرجه ولا يجد بعد انتقاله من فيلم سيئ إلى آخر أسوأ، والنتيجة خلطة أكشن هوليوودية من الدرجة العاشرة لها أن تجد مكاناً لها على شاشات دور العرض حول العالم طالما أن المخرج هوليوودي.

كل حرب هي حرب قذرة في النهاية ومفتوحة على مصراعيها لشتى أنواع البشاعات، وليس الاهتمام هنا بتبييض صفحة الروس أو الميليشيات، لكن ما يغري في الكتابة عن هذا الفيلم هو تساؤل بسيط يتمثل بهل مازالت «البروباغندا» صالحة في وقتنا هذا؟ والإجابة بالإيجاب لا تنفي الاستغراب بأن هناك من يصنع هكذا فيلم وباعتقاده أن المشاهد مازالت تنطلي عليه الأشياء، بينما كل المعلومات بمتناوله على الانترنت، وهي تنطلي عليه تحت سطوة الصورة والرواية التي تتأسس وفق منطقها، والتي تقدم ما تقدم وفق منطق صانعها مختزلاً كل شيء بأقل من ساعتين.

أتابع مع إغراء البحث، وهناك أعداد لا تحصى من الأفلام التي تندرج تحت عنوان «البروباغندا»، وفي فيلم «5 أيام من الحرب» فإن اختيار الأيام الخمسة تلك تمحو حقائق مفصلية في مسيرة هذا الصراع، وعليه رحت أقرأ عنها هنا وهناك للتأكد من ادعاء الفيلم بأن ما نشاهده مبني على أحداث حقيقية، خصوصا أنه يترك المجال في النهاية لأسر وأشخاص جورجيين حقيقيين ليؤكد بهم صحة ادعائه، لتكون الحقيقة بالفعل ضحية الحروب، خصوصا إن كانت مجتزأة، ولمن هو مهتم بهذا الصراع فليس أسهل من أن يعرف عنه من «ويكيبيديا»، والعودة إلى أن الصراع بدأ عام 1991 بين الجورجيين والأوسيتيين، وهو صراع عرقي أفضى بعد انهيار الاتحاد السوفييتي إلى انفصال شمال أوسيتيا عن جورجيا، وبدعم روسي للأوسيتيين، أما تفاصيل الصراع فأتركها لمن يود الاطلاع عليها، الأمر الذي ما من شيء أسهل منه في أيامنا هذه، وكيف تبادلا عملية القتل، وتبادلهما الاتهامات بخصوص من بدأ الهجوم، مع ترجيج قيام الجورجيين بمهاجمة القوات الروسية التي تعتبر قوات حفظ سلام، بعد استفزازات الروس والميليشيات الأوسيتية لهم، وإقدام الروس بعد ذلك على قصف العاصمة تبليسي.

نقل ما تقدم إلى الفيلم سيقودنا إلى اعتبار الرداءة صنو الكذب، وتبني رواية عجيبة أن الروس فجأة ومن غائب علمه هاجموا جورجيا وبدأوا قصف العاصمة، والهدف الوحيد الذي يركزون عليه هو المدنيون ولا أحد غيرهم، بينما رئيس جورجيا الملائكي الذي نقع عليه على حافة البكاء على الدوام يولول ويناجي وما من مجيب، وكل ذنبه أنه يسعى إلى الاتجاه غرباً والانضمام إلى أوروبا الغربية، كما سيرينا الفيلم، بينما آندي غارسيا يجسد شخصيته في واحد من أردأ أدواره التي يتحالف معها الانجليزية التي عليه أن يرطن بها بلهجة جورجية، ولا ننسى أننا نتابع كل ذلك من خلال مراسل أميركي، هو أندريه (رابرت فريند) الذي تعرفنا اليه، ومن اللقطة الأولى من الفيلم، وهو يفقد حبيبته في العراق.

أحداث الفيلم وانتقال أندريه مع مصوره سبستيان (ريتشارد كويل) إلى جورجيا سيضعه في غمار حرب جديدة يسعى من خلالها إلى إيصال الحقيقة، وهذه الحرب ستهبط بينما يخبره أحدهم بأن حشوداً من القوات الروسية موجودة على الحدود، وما أن يكمل هذه العبارة حتى يبدأ القصف بالطائرات، وليمضي اندريه إلى عرس يتحول إلى مجزرة هناك، وليستكمل المخرج بعض العناصر التي لابد من حضورها في هكذا فيلم فإنه سيرتمي على تاتيا (ايمنويلي شيكي)، وبعدها سندخل في نفق لا ينتهي من القصف والعنف الوحشي، ومن ثم اعتقال اندريه وسبستيان وتاتيا ومن معهم من أفراد عائلة الأخيرة، ومن ثم هربهم، وما إلى هنالك مما يحمله الفيلم من تصوير للفظائع التي ارتكبتها الميليشيات، إلى أن تصل الحقيقة التي يصورها سبستيان، ولنكون في النهاية قد شاهدنا فيلماً سيئاً على كل المستويات وله أن ينال بشرف توصيفه بالاستعانة بزياد الرحباني بـ«أنجح أنواع الفشل»، فاشل لدرجة أنه يعرض في الصالات ويظهر على الشاشة الكبيرة.

الإمارات اليوم في

15/03/2012

 

«مجزرة» بولانسكي لا أحد ينجو من هويّته

زياد عبدالله 

يفتتح فيلم رومان بولانسكي Carnage «مجزرة» بلقطة طويلة مترافقة مع «الجنريك»، ومن ثم يبدأ ترقب تلك المجزرة التي لن تقع بالمعنى الحرفي للكلمة، لكن يمكن الحديث عنها مجازاً.

ما نشاهده في تلك اللقطة الافتتاحية سيكون الحدث الوحيد في فيلم بولانسكي، هناك مجموعة من الفتية في حديقة مدرسة أو ساحتها نراهم من بعيد، ثمة خلاف دائر بينهم، ولنشاهد أحدهم يضرب الآخر بعصا على وجهه، قطع، لننتقل إلى كل ما سنشاهده على مدى 80 دقيقة، ألا وهو اجتماع أهل كلا الولدين لحل النزاع الذي أدى إلى إصابة ابن مايكل وبينلوبي بتورم في وجهه، وفقدانه اثنتين من أسنانه.

موقع التصوير الداخلي لن يتجاوز شقة واسعة في منهاتن قد تجري التنقلات فيها بين الصالون والمطبخ والحمام أو مدخل البيت على مقربة من المصعد، وقد اجتمع أهل كلا الولدين للتباحث بالكيفية التي يحلون فيها تلك المشكلة التي ستقود إلى مشكلات الأهل الوجودية والشخصية والاجتماعية، بما يجعل من أنماط العيش ومقاربات الحياة المتباينة بين الشخصيات الأربع صراعاً درامياً تصاعدياً ينتقل من ذروة إلى أخرى، ولينتهي الفيلم بلقطة لحيوان «الهامستر»، ومن ثم لقطة خارجية تعود بنا الى ساحة المدرسة سابقة الذكر.

يؤكد بولانسكي في جديده أن الدراما ــ كما هو متعارف عليه ــ موجودة في ردود أفعالنا تجاه العالم وليس في العالم ذاته، لكن ردود الفعل في «مجزرة» ستكون ممسرحة ومتكئة على الحوار أولاً وأخيراً، كون الفيلم مأخوذا عن مسرحية بعنوان «إله المجزرة» لياسمين رضا التي شاركت بولانسكي كتابة السيناريو، وليبقى الرهان على أداء الممثلين وتمايز كل شخصية على حدة واتساقها مع آرائها، الرهان الذي لن يكون إلا ناجحاً تماماً لإبقائنا مشدودين إلى الشاشة حتى النهاية.يمكن الحديث بداية عن جبهتين في الفيلم، أي أن تكون بينلوبي (جودي فوستر) ومايكل (جون رايلي) في جبهة، كونهما أصحاب البيت ووالدي الابن الذي تعرض للضرب على يد ابن نانسي (كيت وينسلت) وآلن ( كريستوفر والتز)، لكن سرعان ما يتحول ما يبدو في البداية اتفاقا حضارياً بين الطرفين، إلى منازعة، وبالتالي جبهتين تمنعهما أمور كثير للاعتراف بأنهما في حالة صراع حادة، ولعل عامل التوتر الرئيس سيكون آلن الذي لا يتوقف عن التحدث على هاتفه، ويبدو غير مبالٍ بكل ما يحصل، لكن سرعان ما ستتضح صورة كل شخصية على حدة، فبينلوبي عصابية تبالغ في كل شيء وتحمل هموم البشرية على كاهلها، وتجد في إفريقيا ملاذاً روحيا لها «لعقد ذنبها»، كما سيقول لها آلن، بينما ستكون نانسي امرأة خرقاء وعلى شيء من تقبل كل شيء، بينما يكون مايكل رجلاً طيباً خاليا من العقد والغرور، وما إلى هنالك من خصال يمكن لآلن أن يحملها.

ستتوالى التغيرات الدرامية أثناء الحوار الذي يتشعب ويتصل وينفصل، يتصاعد ويهدأ، يكون تهكمياً وساخراً أحياناً، وحزيناً ومأزوماً في أحيان أخرى، والتغيرات تحدث وفق فواصل متعلقة بتقديم بينلوبي القهوة التي تمنع آلن من أن يغادر هو وزوجته، أو انتقالهم إلى شرب الكحول، كما في النهاية، أو عبر الاتصالات الكثيرة التي يتلقاها آلن واتصالات والدة مايكل به. بالعودة إلى الحديث عن الجبهات فإنها ستتغير مرات عدة، كأن يصبح الرجال في خندق واحد ضد النساء «النساء يفكرن كثيراً»، كما يقول آلن، ستتمرد نانسي على آلن وترمي بهاتفه، بعد أن تكون قد تقيأت على كتب بينلوبي، وهكذا تتنوع الصراعات والتغيرات الدرامية بحنكة معلم كبولانسكي، كما يقول لنا في النهاية: كم محزنين ومضحكين نحن البشر.

الإمارات اليوم في

15/03/2012

 

 

نجاح جديد للفيلم الفلسطيني "خمس كاميرات محطمة

الياس توما من براغ 

حقق المصور و المخرج الوثائقي الفلسطيني عماد برناط نجاحا جديدا في فيلمه " خمس كاميرات محطمة " الذي أنجزه مع الناشط السلمي الإسرائيلي جاي دافيدي وذلك من خلال حصوله على جائزة أحسن إخراج في الدورة الرابعة عشرة للمهرجان السينمائي الدولي للأفلام الوثائقية التي تتخصص بموضوع حقوق الإنسان ويحمل تسمية " عالم واحد " .

ويتحدث الفيلم عن قصة حقيقية للمصور والمخرج برناط والمعاناة التي يواجهها أثناء توثيقه بكاميراته الخمس لممارسات جيش الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين الإسرائيليين في قريته بلعين القريبة من رام الله وفي مناطق فلسطينية أخرى وعن مصاعب حياة الفلسطينيين في ظل فقدان العدالة والأمل.

ويشترك الفيلم الوثائقي السويسري " طيران خاص " مع الفيلم الفلسطيني في رصد المعاناة غير انه لا يتحدث عن الفلسطينيين و مأساتهم وإنما عن وضع اللاجئين في معسكر لجوء في سويسرا ينتظرون إما ترحيلهم إلى دولهم أو منحهم حق اللجوء.

وقد حصل هذا الفيلم على الجائزة الرئيسية للمهرجان باعتبار أن المخرج عالج بشكل حساس وإنساني مشاعر وأحاسيس اللاجئين و" حول الواقع إلى عمل فني " حسب ما ورد في تبرير لجنة التحكيم.

كما منحت لجنة التحكيم جائزتها للمخرج السويدي فريديك غيرتين عن فيلمه " موز له تتمه " الذي يتحدث عن الصراع مع الاحتكارات العالمية كما يؤكد الفيلم" انه حتى " في أكثر الدول ديموقراطية في العالم أي الولايات المتحدة فان حق التعبير ليس أمرا طبيعيا".

وقد أكدت لجنة التحكيم بان الفيلم يثمن الجهود لتي يبذلها أنصار حقوق الإنسان ضد سيطرة الاحتكارات ومحاولتها للحد من حرية التعبير فيما منحت لجنة التحكيم جائزة خاصة لفيلم من قتل ناتاشا ؟ الذي يرصد حياة ناتاشا استييميروف التي قتلت في 15 تموز يوليو من عام 2009 واعتبرت الأخيرة من الجيل الذي دافع عن حقوق الإنسان ومن الصحفيات اللواتي وثقن استغلال السلطة والجرائم التي وقعت في الشيشان.

يذكر انه عرض خلال أيام المهرجان العشرة 106 أفلام من 44 دولة شاهدها في العاصمة براغ لوحدها أكثر من 25 ألف مشاهد من بينها أفلام مصرية وسورية وتونسية وقد انتقلت هذه الأفلام بدءا من يوم الجمعة للعرض في 40 مدينة تشيكية أخرى.

إيلاف في

15/03/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)