حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

سعيد بمشاركته في فيلم قريباً

أندريه سكاف: السينما السورية مشكلاتها كثيرة

دمشق - مظفر إسماعيل

فنان قدير اعتاد التألق، له مسيرة حافلة من خلال مجموعة كبيرة من الأعمال المنوعة التي غلب عليها طابع الكوميديا، ألفه الجمهور في العمل السوري الشهير “بقعة ضوء”، لكنه يطل في هذا الموسم في عدة مشاركات متنوعة أبرزها مسلسل “المصابيح الزرق” إضافة إلى فيلم سينمائي . .

الفنان المتميز اندريه سكاف كان لنا معه هذا الحوار الهادئ:

·         ما الأعمال التي تقوم بالتحضير لها للموسم المقبل؟

- أشارك في مسلسل “المصابيح الزرق” وهو عمل من إخراج المخرج “فهد ميري” إضافة إلى المشاركة في فيلم سينمائي اسمه “صديقي الأخير” والذي يخرجه المخرج “جود سعيد”، كما أشارك مع الفنان محمد حداقي في سلسلة لوحات اسمها “هات من الآخر” من إخراج المخرج “أسامة الحمد” وجميع الأعمال ستعرض في شهر رمضان الكريم . .

·         هل لك أن تحدثنا عن دورك في مسلسل “المصابيح الزرق”؟

- ألعب في مسلسل “المصابيح الزرق” دور “كندرجي” اسمه “عازار”، وهو إنسان بسيط جدا وفقير إلى درجة كبيرة، لا يملك سوى الغرفة الصغيرة التي ينام فيها والتي لا تضم إلا سريراً فقط، وعدة العمل التي يصلح بواسطتها الأحذية وهي باب الرزق الوحيد الذي يؤمّن من خلاله قوت يومه، تربطه علاقة صداقة مع شخص يقضي معه وقتاً طويلاً في مكان العمل واسمه “أبو رزوق”، تجمعهم أحاديث كوميدية جميلة جدا هادئة تارة وعنيفة تنتهي بالمشكلات تارة أخرى، الشخصية باختصار شخصية طيبة لها عوالم كثيرة وتتعرض إلى الكثير من المواقف المثيرة خاصة وأنها تعيش الحرب العالمية الثانية التي تنعكس بالموت على أحد الشخصيتين “أبو رزوق” إضافة إلى امرأة من الخان نفسه الذي يعمل فيه “عازار”، أتمنى أن أنال إعجاب ورضا جمهوري الحبيب في العمل . .

·         بالنسبة لمشاركتك في الفيلم السينمائي هل من إيضاح عن شخصيتك في العمل؟

- الفيلم اسمه “صديقي الأخير” للمخرج “جود سعيد” ألعب فيه دور أستاذ مدرسة يدرّس مادة اللغة العربية والتي يتحدث بها في حياته العملية، نتيجة استمراره في الإدمان على الكحول يصبح فقيرا للغاية ويبيع كل ما يملك حتى البيت الذي يعيش فيه، للشخصية عدة اتجاهات ولها الكثير من الخفايا التي تنتج عن مشاكل غامضة تعيشها ضمن العمل .

·         ما الغاية التي تنشدونها من “هات من الآخر” خاصة وهي التي تعتبر نوعا غريبا من ناحية الأفكار كما نعلم؟

- صحيح، ان العمل يعتبر متميزاً عن الأعمال التي كانت تنتج من هذا القبيل في الماضي، حيث تقوم الفكرة بمجملها على عدة سلسلات تقوم على الحوار بين شخصيتين إحداهما مؤيدة للدولة والثانية معارضة لها، والغاية من العمل إبراز الجوانب الإيجابية التي تحملها كل شخصية، إضافة إلى طرح الأفكار المثمرة التي يحملها كل من الاتجاهين، وطبعاً تحقيق غايتنا في إثبات أن الحرية موجودة وأن الإصلاح بدأ ولا سيما الإصلاح الإعلامي كخطوة رئيسية على طريق الإصلاح الكلي، أعتقد أن الناس بحاجة دائمة لمثل هذه النوعية من الأعمال ونحن نبذل جهدنا في سبيل إنجاح العمل .

·         قلت عبارة “إصلاح إعلامي”، هل تعتقد أن الإعلام في سوريا سيصلح في الفترة القريبة؟

- في الحقيقة نحن من خلال عدة أعمال وليس من خلال سلسلة لوحات “هات من الآخر” فقط نسعى إلى إظهار هذه الحقيقة جلية، حقيقة أن الحرية في التعبير عبر وسائل الإعلام قد بدأت تأخذ مكانها الطبيعي في المجتمع، كما أننا نطرح العمل بطريقة متميزة ناقدة للدولة لم تكن موجودة في الماضي، أفكارنا جديدة وجريئة تشير بشكل أو بآخر إلى حرية إعلامية لا يمكن أن تكون من دون وجود إصلاح، كما أن الحرية الإعلامية لا بد وأن تقود في النهاية إلى حياة صالحة تماما، وبالتالي ستكون الحرية الإعلامية ملموسة تماما من خلال بعض الأعمال في الموسم المقبل .

·         بالعودة إلى الفن وكما أخبرتنا لديك مشاركة سينمائية في الموسم المقبل، ماذا تعني السينما بالنسبة إليك؟

- صحيح لدي مشاركة كما أخبرتك مسبقا وهي تجربة رائعة للغاية لأن السينما بشكل عام تعني لي الكثير، فالسينما فن راق جدا كما تعتبر وجها من أبرز أوجه الحضارة التي تمتلكها أية دولة، لكن في الحقيقة وكما هو معروف للجميع فالسينما في بلدنا تعاني الكثير من المشكلات التي تحتاج إلى تضافر الجهود لحلها، قدمت سوريا تاريخا جميلا فيما يتعلق بالسينما، وأعتقد أن من واجبنا جميعا التعاون لإعادة التألق إلى السينما السورية لتلحق بالدراما في مسألة التألق . .

·         كعادتك في كل موسم تشارك في الأعمال الكوميدية، ما الخصوصية التي تتركها المشاركات الكوميدية في قلب آندريه سكاف؟

- الكوميدية لها خصوصية متميزة لدي، فأنا بدأت مسيرتي الفنية في الأعمال الكوميدية وحققت كما رأى جميع المتابعين التألق في مجال الأعمال الكوميدية، لذلك أعتقد أن الكوميديا أسهمت بشكل أو بآخر في اقتراب الناس مني وفي نيلي درجات عالية من النجاح، للكوميديا خصوصية بشكل عام من حيث إنها تعتمد أسلوبا ممتعا في نقل الأفكار، حيث يستمتع المشاهد بما يقدمه نجوم العمل من أفكار تترك أثرا كبيرا يفوق الأثر الذي تتركه الأنواع الأخرى . كما أن فن التمثيل الكوميدي يحتاج إلى بذل جهد مضاعف يفوق الجهد المبذول في أي عمل آخر، تحتاج الكوميديا إلى براعة استثنائية قد لا يمتلكها أي ممثل، أنا أحب الأعمال الكوميدية وستبقى أعمالها هي المفضلة عندي . .

·     ماذا تتوقع للموسم الدرامي المقبل من ناحية المتابعة الجماهيرية من جهة، ومن ناحية جودة الأعمال التي ستعرض من جهة أخرى؟

- في الحقيقة يصعب التكهن فيما سيكون عليه الأمر بالنسبة للموسم الدرامي المقبل، فالأوضاع في البلاد ليست على ما يرام والجو العام لا يسمح بأن يأخذ القائمون على الدراما راحتهم في إنجاز وإنجاح أعمالهم، لكن أعتقد من وجهة نظري أن تتخطى الدراما السورية المحنة وأن تتألق في هذا الموسم كما حدث في الموسم الدرامي الماضي، كما أتمنى أن يعود الأمن والأمان إلى بلادنا الحبيبة حتى تعود الحياة إلى ما كانت عليه في الماضي .

المصرية في

08/03/2012

 

(منتصف شهر مارس).. دهاليز السياسة وفنونها الماكرة

ليث عبد الكريم الربيعي 

دائما ما كانت دهاليز السياسة تغري السينمائيين في كل مكان لتكون فحوى  لأفلامهم في مسعى منها لتكشف عن كثب ما يدور في كواليسها الخفية من صراعات  ومؤامرات ودسائس ومكائد، تظهر فيه الوجه القبيح للسياسة وما يعتريها من  خداع ومكر.

هذه المرة يطّل علينا الممثل النجم (جورج كلوني) في فيلم من إخراجه وكتابته بلاشتراك مع (غرانت هيسلوف) وإنتاجه، فضلا عن أدائه دورا ثانويا فيه يقترب كثيرا من هذه الأجواء في ظل الحملات الدعائية المحمومة لمرشحي الرئاسة الأمريكية.

(منتصف شهر مارس) المقتبس عن مسرحية عرضت في برودواي عام 2005 بعنوان (شمال فاراغوت) يفتتح مشاهده ويختتمها بـ (ستيفن مايرز)، معاون مدير الحملة الدعائية للحاكم المرشح (مايك موريس) الذي يكتشف بعد معاشرته الموظفة (مولي ستيارنس) أن المرشح سبق وان عاشرها وها هي الآن حامل منه، وجرى ذلك بعدما ابتزها لقاء مبلغ من المال، فيضطر (ستيفن) للتكتم على الأمر وإقناعها بالإجهاض ومغادرة العمل والمدينة.

أثناء ذلك يكتشف مدير الحملة الدعائية (بول زارا) أن (ستيفن) ليس لديه ولاء للمرشح (مايك موريس)، وقد يفكر بالالتحاق بفريق المرشح المناوئ (بولمان) خصوصا بعد اكتشافه انه عرض عليه الأمر من قبل مدير الحملة الدعائية للمرشح (توم دافي)، لذا يقرر طرده خارج فريق العمل، هنا تزداد الأمور سوءاً على (ستيفن) خصوصا عندما يصله خبر انتحار (مولي)، فيقرر الانتقام من (بول)، ويبدأ بابتزاز المرشح (موريس)، ويجبره على تعيينه كمدير للحملة الدعائية وطرد (بول) من عملهن ويرتب (ستيفن) الأمر مع المرشح الآخر (تومسن) ليتنازل عن نقاطه إلى (موريس).

الفيلم من الناحية الدرامية جيد خصوصا وان السيناريو محبوك بشكل رائع وسلس ودائما ما تكون الحلول الدرامية سهلة وتقدم شيئا جديدا لمسار القصة، فضلا عن التصاعد في الإيقاع مع تقدم زمن الفيلم، وما تثيره الموسيقى من توتر درامي يتنامى في المشاهد المهمة كلقاء (ستيفن) بـ (موريس)، ولقاء (ستيفن) بـ (بول) بعد تنحيه عن منصبه، أيضا بقاء ظلال موت (مولي) ترخي سدولها على النصف الثاني من الفيلم ما يزيد من سوداوية الأحداث وتعاستها، حتى أن المخرج يصر على ذلك بجعل فتاة جديدة تأخذ دور القديمة للدلالة على استمرار الفساد وديمومته في أجواء السياسة الأمريكية.

المدى العراقية في

08/03/2012

 

أحلام وهمسات..

خرافة غريبة تدور أحداثها في برتغال القرن التاسع عشر

ترجمة: عباس المفرجي 

هذا الفيلم هو آخر عمل مكتمل للمخرج الشيلي المتميّز والخصب راوول رويز ،  الذي توفي في آب العام الماضي عن عمر السبعين . كان المقصود ، في الأصل ،  أن يكون الفيلم مسلسلة تلفزيونية قصيرة ، فتمّت صياغته على هيئة حلم طويل  في جزأين ، مدته أكثر من أربع ساعات ونصف . " غوامض لشبونة"، فيلم غريب على نحو قوي وآسر ، ميلودراما معقدة عن السرّية ، القدر والذاكرة ، التي يظهر فيها كل أبطالها في حالة من التنويم المغناطيسي وعلى حافة الدخول في عالم ماغريتي [ نسبة إلى الرسام ماغريت ] بديل . كلمة "غوامض" هي بالضبط ملائمة .

نقل كاتب سيناريو رويز ، كارلوس سابوغا ، الفيلم عن رواية " ميستريوس لسباو " ( 1854 ) ، لمؤلفها البرتغالي كاميلو كاستللو برانكو ، التي تدور أحداثها في منعطف القرن التاسع عشر . قصة برانكو حكاية مغلفة بالمصادفات ، النسب الارستقراطي المخفي ، التراث المدهش ، الهوى ، الهوس الجنسي وقتال المبارزات . إنها أقرب إلى شيء من هيغو أو ديكنز ؛ واحدة من الشخصيات المذهلة يقارن وضعه أيضا برواية لآن رادكليف . مع ذلك ، الأسلوب المميز في صنع فيلم رويز مختلف تماما عن الطريقة الرشيقة ، التقليدية لدراما العصور القديمة الانكلو- هوليوودية. إنه شكل يكون الوجود فيه معطل على نحو عديم الوزن تقريبا في الذاكرة ــ لا يمكنني التفكير بصانع فيلم وجد أسلوبا يقارب ، على نحو مثير جدا ، صيغة الفعل الماضي من (( قال )) ، (( ذهبت )) الى آخره ــ و " غوامض لشبونة "يستحق المقارنة مع عمل رويز البارع ، في عام 1999، المقتبس عن بروست، " الزمن المستعاد".

تعيش الشخصيات حياتها في عالم يتمايل، على نحو غير متلاحم، بين الحلم واليقظة، أو مثل شخصيات من مسرح دمى بُعِثت فيها الحياة بمعجزة، مع تكلّف هو في الغالب غريب وعجيب، لكنه ظاهر في محتوى مميّز، حيث يتحوّل المضحك والساخر، بطريقة ما ، إلى شيء آخر : شيء يعبّر عن الشقاء والبؤس المطلق لحيوات الشخصيات، عن الاهتياج والتلوّي في الإشراك الوجودية التي نصبها لها أسلافها.

في محور القصة بدرو دي سيلفا ، شاب يتيم في لشبونة ، يؤدي دوره صبيا، خواو لويس ارّايس ، ودوره كشاب ، افونسو بيمنتال . يتربى هذا الفتى في كَنَف مدير الميتم ، وهو كاهن داهية ، ذو قسوة ملغزة وحكمة كتومة ، أدى دوره بشكل مدهش ادريانو لوز . يكشف الأب دينيس لبدرو ، شيئا فشيئا ، قصة أصوله غير الاعتيادية . ويتاح للفتى التعرّف على أمه آنجيلا ( ماريا خواو باستوس ) ، وقصة زواجها التعس من الرجل الهائج وغير المخلص ، كونت سانتا باربارا (البانو خيرونيمو) ، وقصة التاجر العنيف سيئ السمعة البرتو ماغالايس (ريكاردو بيريرا)، الذي يدافع عن شرفها . في النصف الأول من الفيلم ، يبوح الأب دينيس أكثر عن سيرة حياته التي تصدّرت دخوله سلك الكهنوت : سيد في الخداع ، فاجر ، جندي ، رجل يرتاد الأوساط الاجتماعية الراقية ، ومثل بدرو ، طفل مهجور .

حتى وصف العمل بـ (( الشبيه بالحلم )) هو غير ملائم تماما : يبقي رويز على التوكيدات الطبيعية للجو العام ، على التوجيه المعتاد في ما يتعلق بالكيفية التي ينبغي بها أن نحس بكل شيء يتحرك عبْر الشاشة. هو ومصوره اندريه زانكووسكي يستنبطان ، على نحو مدهش ، أوضاعا غير مألوفة للكاميرا ، وتكنيكهما الفائق الأكثر وضوحا للعيان تجلى ببساطة في النزوع إلى استخدام الكثير من لقطات الكلوز- آب . هناك بعض الشخصيات التي تشاهَد في لقطات بعيدة ، تقريبا كل الوقت : نحن لا نعرف بالضبط ماذا يشبهون.

في واحدة من اللحظات المتميّزة في بداية الفيلم ، يصغي بدرو إلى حديث طفل يسير بجانبه ــ ترافقهما الكاميرا ، من اليمين إلى اليسار ــ ثم يومئ الصبي بصوت خال من التعبير الى رجل يعرّفه بأنه أباه ، الذي كان في تلك اللحظة يعلق على المشنقة في ساحة عامة ، أمام جمهرة لا مبالية من الناس . هل ينبغي أن نحسّ بالانشداه؟ بالرعب ؟ بالشفقة ؟ أو هل هذا هو ببساطة جزء آخر من اللغز المتشابك ، المبهم والناقص ، الذي يعبّر عن حياة الشاب المسكين بدرو ؟

ثمة العديد من اللمسات الغريبة في الفيلم . يُلمَح عراك صاخب في الشارع بشكل غير كامل ، من خلف عربة الأب دينيس ، حيث يظهر القس نفسه بصورة جانبية، محدقا على نحو يقظ إلى الأمام مباشرة . لدى رويز الكثير من "حزمة " مشاهد ، فيها النبلاء ذوي الشعور المستعارة ومساحيق الوجه يثرثرون وينهمكون في النميمة ويكيدون : إنها مصدر لدراما عهد ، لكن أشياء غريبة تحدث هنا . في واحدة من اللقطات المتتابعة ، سيدة تشهق فيغمى عليها ساقطة على الأرض، حدث يحث على صمت مضطرب بين أي جمع آخر من الناس ، لكن هنا ، الناس المحيطون بها يضحكون بانسجام غريب وفجائية وكأنما على مزحة ما . في مشهد آخر ، تنسلّ الشخصيات ، المصوَّرة من لقطة عالية مائلة ، بنعومة واضحة وعلى نحو مضحك ، كما لو أنهم يسيرون على مزلجة ، أو يشبهون حقا شخصيات مقتطعة من مسرح دمى بدرو .

يمكن أن يكون لرويز شيئا من العلاقة الهجائية مع أدواته ، بحيث إنه أخذ تعقيدها المناف للعقل وبنى منها لحظات تأمل في عشوائية القدر والعجز عن معرفة الماضي . أو ربما أنه فقط وجد فيها قاعدة مثالية لعرض بهيّ ، ساحر ، وبدفء إنساني كبير . في كلا الحالين ، تقدم سينما رويز ، لأولئك ذوي الأذهان المتفتحة، متعة فائقة وفريدة .

المدى العراقية في

08/03/2012

 

من مداخلات طاولة المدى المستديرة (1)..

أفلام الطلبة في عصر الديمقراطية والحرية... 

رغم التعثر الواضح في مسيرة المنجز السينمائي العراقي في العقدين الأخيرين  متمثلاً في نُدرة الإنتاج وإغلاق اغلب صالات العرض السينمائي أبوابها إمام  الجمهور وتحولها إلى مخازن ومحال تجارية في ظل غياب دعم الدولة المادي  لصناعة السينما وكذلك القطاع الخاص، تقفز إلى الواجهة بين الفينة والأخرى   بعض المحاولات الشخصية ، الفردية ، الخجولة ، الشجاعة والجريئة في آنٍ واحد بإنتاج افلامٍ من قبلِ عراقيين يعيشون في الداخل أو (الخارج) طموحهم الأكبر هو مُحاولة إعادة دوران عجلة السينما العراقية من جديد، عبر إنتاج أفلام قصيرة أو طويلة، او تنظيم بعض المهرجانات لعروض الأفلام  بين الفينة والأخرى بعد الحصول على دعم بعض المنظمات الإنسانية الأجنبية او العراقية أحيانا او الداعمة للثقافة بشكل عام من اجل تمويل إنتاج الأفلام او إقامة المهرجانات

في حين نلاحظ في المقابل خلال السنوات الأخيرة نهضة سينمائية كبيرة جداً تشهدها دول الخليج العربي بدعم مباشر من حكوماتها ومن القطاع الخاص عبر تنظيمها لمهرجانات سنوية وبشكلٍ خاص في دولة الإمارات العربية وفي إمارتي دبي وأبو ظبي تحديداً والتي انعكست على الخليجيين والإماراتيين أنفسهم الذين بدأوا في إنتاج أفلامهم الخاصة والمشاركة في هذه المهرجانات سعياً للمنافسة على جوائزها.

وفي المقابل نلاحظ أجواء التعثر الواضح المؤسف والمؤلم في المشهد الثقافي والسينمائي العراقي في (عصر الديمقراطية وحُرية التعبير) التي يعيشها بلدنا منذ سنوات...فهناك بصيصٌ من الضوء في إمكانية استرجاع جُزء من (وهج السينما العراقية - إذا جاز لنا التعبير)، من خلال الاحتفالية السنوية وأكرر السنوية التي ينظمها قسم الفنون السينمائية والتلفزيونية في كلية الفنون الجميلة في جامعة بغداد كل عام بإقامة مهرجانه لأفلام الطلبة والتي تُمثل مشاريع تخرجهم، ليُعلن مواصلته الإصرار على التحدي لكل المعوقات المادية والتقنية والفنية وحتى اللوجستية التي تواجه إقامة هذا المهرجان في كل عام.

وللاحتفاء بتخرج دورة هذا العام نكهة مغايرة عن الأعوام السابقة، اذ يُفترض أن يتم عرض بحدود (100) فيلم قصير جديد دُفعةً واحدة ، نعم بحدود 100 فيلم روائي أو وثائقي ولا تستغربوا فهذا الرقم يمثل عدد طلبة المرحلة الرابعة للدراستين الصباحية والمسائية للسينما وللتلفزيون لهذا العام ، وهو رقمٌ كبير (ومُرعب في ذات الوقت) لهُ دلالتهُ في لغة الأرقام ، فهي أفلامٌ يصنعها طلبة مُطبقون ، تُنتج بإمكانات مادية بسيطة جداً، وبظروفِ عملٍ شبه مستحيلة ، حيث يصرف الطالب على إنتاج فيلمه من جيبه الخاص فيما يوفر له القسم العلمي بعض الأجهزة مثل الكاميرا وملحقاتها وأجهزة الإضاءة والكيبلات، ويتعرض بعض الطلبة – المخرجون ، لشتى أنواع الصعوبات لانعدام بلاتوهات التصوير وقطع الطرُق ، فضلاً عن العراقيل من قبل (بعض) الجهات المسؤولة عن توفير الأمن في شوارع  بغداد، والتي يصل بعضها إلى محاولة مصادرة أجهزتهم او تعرضهم الى (الاهانة والشتيمة واحياناً الحبس) ، ويواجه طلبتنا تلك المصاعب السنوية بالصبرِ والتحدي لهذا الواقع المرير، والإصرار على إنجاز أفلامهم ، من اجل أن يشاهدوا هذا الوليد الذي يُمثلُ ثمرة جهدهم وتعبهم ودراستهم لأربع سنوات في القسم، وهي تتجسد بالصورة والصوت في صالة العرض، وليستمعوا الى تصفيق الحاضرين وثناء المدعوين أولاً، ولكي يضعوا بصمتهم الخاصة ضمن خريطة أفلام المهرجان للمنافسة على جوائزهِ ثانياً ، وليتشرفوا بتدوينِ أسمائهم في سجلات المتخرجين من هذه الدورة السابعة والعشرون ثالثاً، وليدخلوا سجل من يحاولون استمرار دوران عجلة صناعة السينما العراقية رابعاً!

تحية نوجهها لطلبتنا الأعزاء على ما يبذلونه من جهودٍ استثنائية في سبيل تحقيق هذا الانجاز، وتحية مماثلة لأساتذتهم المُشرفين على أعمالهم ، وللقسم العلمي بإدارته وأساتذته على جهودهم الكبيرة التي يبذلونها لتحقيق ذلك. وفي ذات الوقت ندعو السادة المسؤولين في الدولة ومؤسساتها والقائمين على شؤون العباد في عراقنا العزيز الى أن يوجهوا جُزءاً من اهتمامهم (المادي والمعنوي) لرعاية ودعم هذه الخامات الشابة – الواعدة، ولهذا المهرجان الطلابي السنوي المستمر بنجاح ، وللحقل السينمائي وصُناع الأفلام العراقيين بشكلِ عام ، لما يؤديه المُنجز السينمائي من دور كبير في التثقيف والتنوير والتعليم والتأثير في المُتلقي على الصعيدين المحلي والدولي، ويكفي أن أقول لكم حقيقة ربما تكون غائبة عن البعض ... إن اغلب العاملين حالياً في القنوات الفضائية العراقية الرسمية والحزبية والخاصة والعامة، فضلاً عن عدد من أهم القنوات الفضائيات العربية ومنها (الجزيرة والعربية) من مخرجين ومصورين ومُراسلين ومونتيرين وتقنيين وفنيين ومنتجين ومقدمي برامج هم من خريجي هذا القسم!

* أكاديمي وإعلامي

المدى العراقية في

08/03/2012

 

فيلم (حليب الأسى) عن العنف وتفاصيل الحياة اليومية

نجاح الجبيلي  

إن إرث العنف الجنسي متأصل عبر الأجيال في فيلم حاد مصنوع بعناية هو "حليب  الأسى" للمخرجة البيروفية كلوديا يوسا (ابنة أخ الروائي ماريو فارغاس  يوسا)  الذي فاز بجائزة الدب الذهبي في مهرجان برلين السينمائي عام 2009 إن  الخوف المرافق ينقل عبر حليب الأم- حرفياً بوساطة العرف الشعبي الذي يصبح  الصورة المجازية المركزية للفيلم

يفتتح الفيلم بمشهد رائع فيه لقطة كبيرة لامرأة كبيرة السن تحتضر وهي تغني حكايتها المليئة بالبلية وتنشد بإيقاع صاف ولطيف تماماً الشرور التي عانت منها مثل الاغتصاب وإجبارها على أكل قضيب زوجها الميت خلال حملات جماعة الدرب المضي في الثمانينات ثم ينتقل الفيلم إلى ابنتها "فاوستا" (تؤدي الدور "ماغالي سولير) شابة خائفة تمشي في الطرقات بفزع والتي تأخذ مشاكل أمها بمبالغة كبيرة إذ أنها تزرع بطاطا في فرجها كنوع من الحماية ضد الاغتصاب على الرغم من أنها تعيش في زمن آمن نسبياً.    

بعد أن تموت أمها تتخذ مهنة لها في العمل لدى امرأة ثرية في ليما كي تدفع ثمن جنازة أمها ومن خلال جهودها في إقامة صداقة حذرة مع البستاني في حديقة المرأة وتطوير صوتها الغنائي –وهو الذي ورثته من أمها الميتة- تبدأ بخطوات كي ترسخ توجهاً أكثر عملية.

إن يوسا تعامل المادة الحسية الفعالة التي تشبه ربما موضوع الفيلم بتحفظ مناسب وتوظف الوسط واللقطات الطويلة كي تحتفظ بالفعل عند مسافة مشاهدة هادئة – وهي الاستراتيجية التي تتوافق تماماً مع تحفظ شخصيتها الرئيسة- وتترك كل التفاصيل المثيرة خارج الشاشة بشكل واضح. وبدلاً من ذلك تملأ صانعة الفيلم الفراغات بمشاهد تصف العادات والحياة اليومية للناس المحليين الذي يعيشون في القرية الجبلية.  

بما أن خالة فاوستا تعمل كمديرة أعراس وبما أن عمها يحضر لزواجها إلا أن يوسا توظف تكرارات عديدة لهذا الاحتفال كي تسجل روح الجماعة في حياة القرية وتصور الطقوس الفريدة ( العروس تقشر البطاطا كفعل عن جلب الحظ) والأفراح (الرقص في الزفاف) التي تلتصق بالمواطنين إضافة إلى بقايا مظلمة من الاعتداء الجنسي ( وبالأخص الشاب الذي يصر على التودد  لفاوستا قبل بدء طقوس الزفاف) والذي يذكرنا بأن المواقف التي سمحت لعنف العصابات في الثمانينات يبقى كامناً في سكان البلد.  

عبر كل المشاهد تبقى فاوستا متحفظة بشكل واضح وتحال إلى الهوامش بوساطة حسها بالوحشة لكن ما أن تغادر القرية لعملها في ليما تبدأ بإثارة مخاوف الماضي وتمشي في الطرقات وحدها في لحظة حاسمة والتي تجعل من السرد يبلغ أزمته. بتثبيت كاميرتها الثابتة في غالب الأحيان ( التي تساعد على حبس شخصياتها داخل مواقفها الثابتة) فإن يوسا تحتفي بتقدم شخصياتها بلقطة متحركة أخيرة ملتقطة من خلف شاحنة متحركة بينما هي تمر عبر طريق جبلي سريع، إن اهتياج الحركة الأمامية يوحي في الأخير بانفراج مفاجئ في مأزق فاوستا التي ورثته عبر الأجيال.

المدى العراقية في

08/03/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)