حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

صهر الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران ينجز فيلما وثائقيا عن أسرة قروية فقيرة في مواجهة آلية تتجاوزها

المخرج المغربي محمد أولاد محند لـ «الشرق الأوسط»: هذه قصتي مع «هرقل ضد هرمس»

الرباط: حاتم البطيوي

يصارع محمد أولاد محند، المخرج والمنتج السينمائي المغربي، وزوج ابنة الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران، مازارين بينجو، الزمن من أجل أن ينهي إنجاز فليمه الوثائقي «هرقل ضد هرمس»، الذي تأخر بثه وعرضه بسبب ضغوطات، يمارسها باتريك غيران هرمس، سليل أحد أغنى العائلات الفرنسية، المالكة لإحدى أشهر دور الأزياء في العالم.

ويروي الفيلم، ومدته 90 دقيقة، قصة الفلاح المغربي محمد المكتيري، 32 سنة، الملقب «هرقل» جراء قوته البدنية، الذي يعيش رفقة عائلته على أرض صغيرة بالقرب من مدينة أصيلة (شمال)، حيث يمارس الزراعة والصيد البحري مع والده وإخوته الثمانية. ورغم أن منظر الأرض يوحي بأن ثمة مذاقا للسكينة والسعادة يخيم على الأجواء، فإن عائلة المكتيري تعيش مشاكل جمة مع جارها الفرنسي الوحيد.

وكان هرمس قد اشترى أراضي كثيرة في المنطقة من أجل إقامة مشروع سياحي ضخم، لكن حلمه لم يتحقق بسبب «هرقل» الذي رفض بيعه القطعة الأرضية الصغيرة، ومن هنا بدأت الصعوبات. لكن ما علاقة المخرج أولاد محند بلعبة «شد الحبل» اللامتكافئة بين هرقل وهرمس. «الشرق الأوسط» التقته أخيرا في الرباط، وروى لها في الحوار التالي قصته معهما وأسباب إنجاز الفيلم الوثائقي.

·         أنت بصدد وضع اللمسات الأخيرة على فيلمك الوثائقي «هرقل ضد هرمس»، الذي يتناول حكاية المقاومة العنيدة التي يبديها قروي مغربي ملقب «هرقل»، ورفضه بيع قطعة أرضية في ملك عائلته لجاره «هرمس» أحد ورثة أشهر وأرقى دور الأزياء العالمية. فما قصة هذا الصراع اللامتكافئ؟

- ما يهمني بالدرجة الأولى، وبعيدا كل البعد عن قصة «داود ضد جالوت»، هو حكاية هذه الأسرة القروية التي ترفض بيع قطعتها الأرضية رغم الضغوطات التي يقولون: إنهم تعرضوا لها، والتي أدت إلى الاعتقال، حيث اعتقلت الأم وقضت عقوبة سجنية في عز أيام عيد الأضحى كما سجن ابنها لمدة 6 أشهر.

كانت رغبتي حثيثة من خلال يوميات هذه الأسرة القروية فهم آليات هذه المقاومة شبه الانتحارية، وهي يوميات أو بالأحرى صورة يومية مقربة لأسرة قروية أغلب أفرادها أميون ولا مورد ماليا لها في مواجهة آلية تتجاوزها. وفي أوج متابعتنا إكراهات مقاومتها، يظهر لنا الفيلم أن رفضها بيع القطعة الأرضية ليس بالأمر الساذج أو العنيد، كما أنه لا تشوبه توجهات سياسية أو آيديولوجية. فالأسرة تعيش على أرضها في هدوء وسعادة، وفي تناغم عميق مع الطبيعة، ومهما كان المبلغ المقترح عليها مقابل بيع الأرض ضخما، فإن الأم ترفضه لأنها لا تريد أن يشتت المال شمل عيالها، ويهدم التوازن الذي تعرفه العائلة، كل هذا يدخل في إطار الوعي بمطبات المدينة التي قد تودي بمستقبل أبنائها. ولعل الاقتراح المالي الذي قدم لهذه الأسرة كان في مقدروه أن يسمح لها بامتلاك عمارة في «أصيلة» تكفل لهم دخلا قارا.

«هرقل ضد هرمس» هو إذن ليس فيلما سياسيا يخلط بين الاستثمارات الخارجية وبعض مظاهر الاستعمار الاقتصادي الجديد. بالعكس، أنا أعتقد أن قدوم رؤوس أموال أجنبية، خاصة في المجال السياحي، يعتبر فرصة مهمة لبلادنا، في خلق مناصب شغل ودينامية اقتصادية جديرة بالاحترام، غير أن أساليب الاستثمار من هذا النوع عليها أن تكون شفافة وتحترم الساكنة المحلية وليس ضدها. هذا هو موضوع الفيلم.

·         كيف جاءتكم فكرة إنجاز هذا الفيلم؟

- لي ارتباط روحي بشاطئ «سيدي مغيث» الذي أتردد عليه كل صيف. هو بالنسبة لي رمز للتسامح والتناغم. هناك من يرجع هذا التناغم لشخصية الولي الصالح «سيدي مغيث»، الذي يوجد ضريحه ملاصقا لمنزل السيد باتريك غيران هرمس، الذي يهيمن على الشاطئ كله. حيث يتعايش المغاربة في تناغم تام وهم يؤدون صلواتهم بين فترة سباحة وأخرى، والسياح الأوروبيون، وخاصة الإسبان، يفضلون قضاء عطل نهاية الأسبوع به. إن لشاطئ سيدي مغيث سحرا خاصا وفرادة تجعله يختلف عن باقي الشواطئ.

منذ 3 سنوات وبينما أنا أتخذ مكاني رفقة أسرتي بالمقهى القصبي على شاطئ سيدي مغيث، الذي يملكه «هرقل»، كما هي عادتي كل سنة، كلما زرت أصيلة، استرعى انتباهي غياب صديقي محمد المكتيري، الملقب «هرقل»، وعلمت فيما بعد أن «هرقل» حكم عليه بالسجن مدة 6 أشهر نافذة جراء مصارعة جسدية بينه وبين حراس هرمس الذين هجموا على أرضه. آنذاك بدأت أتحرى الحقيقة، وهكذا كانت ولادة الفيلم.

·         لأي نوع من الجمهور هو موجه هذا الفيلم؟

- في البداية كان الفيلم موضوع إنتاج مشترك مع القناة الفرنسية - الألمانية «آر تي» في أفق بثه في إطار برنامجها «كران فورما»، غير أن الطموح تطور شيئا فشيئا ليعرف الفيلم انضمام الكثير من الشركاء: المنظمة الدولية للفرانكفونية، برنامج ميدميديا للاتحاد الأوروبي، مركز السينما والصورة المتحركة بفرنسا، صندوق دعم الإنتاج لوكالة الإعلام بدبي (إنجاز)، القناة المغربية التلفزيونية الثانية (دوزيم) هي أيضا مشاركة في الإنتاج، وستعمل على بثه بشكل حصري. كما يحظى الفيلم باهتمام دولي واسع، ويجمع حوله ممولين ومنتجين لم يحدث حتى اليوم أن تقاسموا إنتاج فيلم معا، كقناة «الجزيرة» وتجمع القنوات العمومية الأميركية (إي تي في إس)، هذا بغض النظر عن كثرة القنوات التي عبرت عن اهتمامها باقتناء الفيلم (كندا، هولندا، سويسرا، سلوفينيا)، كما سيتم عرض الفيلم في القاعات السينمائية.

·         كيف مرت ظروف التصوير؟

- استغرقت مرحلة التصوير مدة طويلة. وقد واجهنا خلالها الكثير من الضغوطات والإكراهات، إلى غير ذلك من ممارسات الترهيب والتهديد.

·         ما نوع الضغوطات التي تعرضتم لها؟

- هي ضغوطات من كل الأشكال والأنواع. قد أقتصر هنا على مثال واحد. يوم كنا نستعد لتصوير مشهد في ضريح سيدي مغيث بعد أن حصلنا على كل الرخص المطلوبة، ونحن بصحبة الإمام الذي انتدبته وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية لهذا الشأن، تفاجأت بأحد أعوان السيد هرمس وقد تسلح بحجر صخم واندفع لمهاجمتي مانعا إيانا من التصوير. استنجدنا برجال الدرك من خلال مركز الجيش الملكي الموجود في الشاطئ، لكن دون جدوى. إن هذا العون نفسه تم اعتقاله يومين بعد هذا التهجم العدواني للاشتباه في تورطه في عملية تهريب دولية للمخدرات جرت في نفس الشاطئ. كما صدر في حقه حكم جراء مهاجمتنا ومحاولة منعنا من التصوير. وبعد أيام، وبينما نحن بصدد التصوير على الشاطئ، باغتني أولاف هرمس نجل باتريك هرمس بالسباب محاولا هو الآخر منعنا من التصوير مصحوبا بأحد حراس المسكن، ناعتا إياي بأبشع النعوت. وقد وضعنا شكوى ضده في يوليو (تموز) الماضي. غير أنه وبعد مرور 7 أشهر ما زالت النيابة العامة بأصيلة لم تتخذ أي إجراء بخصوص شكوانا. والداعي للاستغراب هو أن السيد باتريك هرمس وضع شكوى ضدي وضد المنتج الفرنسي للفيلم بدعوى «انتهاك الحياة الخاصة». وسارعت الشرطة إلى استدعائنا 3 أيام بعد تسجيل شكوى السيد هرمس. وأؤكد أننا (أنا والمنتج) كنا موجودين في باريس، واضطررنا للسفر إلى المغرب للاستجابة لاستدعاء الشرطة في الوقت المحدد. كل هذا من أجل شكوى مفتعلة ولا أساس لها من الصحة. وحتى أضعك في الصورة أكثر، تصور معي أن صحافيا يقعد على كرسي في مقهى وهو منهمك في كتابة مقال، وتأتي أنت وتهاجمه تحت ذريعة ما، مع العلم أن مقاله ما زال في طور الكتابة ولم ينشر بعد. إن شكوى السيد هرمس تعد سابقة في تاريخ القضايا لأنها عارية من الصحة ولا تستند لمرجعية قانونية ما دام أن ما يتهمنا به لا يمكن إثباته إلا بعد بث الفيلم وليس إبان تصويره. لقد رفعت إلى علم السيد وزير العدل والحريات المغربي، وكذا السيد وكيل الملك (النيابة العامة) بأصيلة بعواقب هذا التأخير وتأثيره السلبي على الكثير من شركائنا في إنتاج هذا الفيلم. وإنني لمقتنع بفعالية ونزاهة العدالة المغربية في معالجة هذا الملف الشائك بإنصاف وفعالية.

بالإضافة إلى ذلك، هناك المحاولات التي يقوم بها السيد هرمس لدى كل من قناة «آر تي»، والمركز السينمائي المغربي، ووزارة الاتصال (الإعلام) في المغرب لحثهم على أن يسحبوا منا رخصة التصوير التي نتوفر عليها. والداعي للاستغراب أيضا أن محاولات هذا السيد تأتي في الوقت الذي يمضي فيه المغرب قدما لإعطاء حرية أوسع لوسائل الإعلام والإبداع بمقتضى نص الدستور الجديد. وبعد أن استمع السيد مدير المركز السينمائي المغربي صحبة منتجي الفرنسي بناء على شكوى السيد هرمس قرر في النهاية منحنا رخصة تصوير جديدة.

لقد أخرجت وأنتجت أكثر من 40 فيلما في مختلف أنحاء العالم (أكثر من مرة في إيران، في الولايات المتحدة، في البرازيل، في كندا، في فرنسا)، ولكنني لم أتعرض قط لمثل هذه الضغوطات إبان ممارسة عملي، إلا مع هذا الفيلم الذي أصوره في بلدي، وفي مدينتي، وعلى شاطئ أعرفه حق المعرفة منذ طفولتي.

·         ما دام فيلمك لا يحكي إلا عن أسرة قروية، فلماذا يثير كل هذا الخوف؟

- لست أدري. لا شك أن المتهيبين من هذا الفيلم لديهم إحساس بذنب اقترفوه، كما يقال. وحتى نكون جديين فإن «هرقل ضد هرمس» ليس فيلما متحاملا على أي كان، ولا يرصد لصراع سوء الجوار. في الحقيقة هذا النوع من الصراع موجود في كل بقاع العالم. وقد ارتأيت معالجة هذه المشكلة للحديث عن قضايا أعمق: صمود أسرة قروية رائعة، أمية، ومن دون موارد، مستعدة لكي تضحي بكل شيء في سبيل أرضها.

يجب أن أشير أيضا إلى أن الفيلم حتى وإن كان يحكي الحياة اليومية لهذه الأسرة المغلوبة على أمرها، فإن تحريات مسؤولة تم القيام بها بعمق وحياد أشركنا فيها سكان القرية المعنية والقرى المجارة لها، سلطت الضوء على الكثير من الحالات والتي سأذكر لك بعضا منها مثل قيام السيد هرمس بالعمل على تمرير خط كهربائي عالي الضغط يغطي مسافة كيلومترات، ويصل إلى منزله على الشاطئ، وهو ضغط يمكن أن يزود بالكهرباء مدينة صغيرة. بعض الصواري العملاقة بضغطها الكهربائي العالي تمت إقامتها على أراضي سكان القرية دون استشارتهم، معرضين هذه الأراضي لخسارة في قيمتها. هناك أيضا مثال آخر يتعلق بمياه نبع «سبع عيون» الذي يزود القرية بكاملها بالماء الصالح للشرب، وهو ملك عمومي تم احتكاره لاستعمالات خاصة بسكن السيد هرمس، حارما بذلك جزءا هاما من سكان القرية من الماء الصالح للشرب. ومن بين الأمثلة التي يمكن أن أذكرها كذلك، هو أنه في فصل الصيف يوضع مكبر صوت فوق سطيحة ضريح الولي «سيدي مغيث» لإسماع الأذان عاليا بين مصطافي الشاطئ. ذات يوم وبحضور الكاميرا قطع التيار الكهربائي عن الضريح انطلاقا من سكن السيد هرمس لإسكات صوت المؤذن.

الشرق الأوسط في

02/03/2012

 

«الخروج».. مسموح به في «دبي» ممنوع في «الأقصر»

الرقابة المصرية تراجعت عن التصريح بالفيلم خوفا من غضب الكنيسة

الأقصر (مصر): طارق الشناوي 

«من لَسَعَتْه الشُربة ينفخ في الزبادي».. مثل مصري شهير من الممكن أن تكون قد رأته الرقابة عندما رفضت التصريح بعرض فيلم «الخروج» عرضا محدودا في مهرجان الأقصر السينمائي الذي انتهت فعاليات دورته الأولى قبل ثلاثة أيام.. نوع من «النفخ في الزبادي».

في أكثر من قرية مصرية شاهدنا في الآونة الأخيرة ثورة من الغضب بسبب اكتشاف علاقة عاطفية تجمع بين مسلمة ومسيحي أو مسلم ومسيحية، وفي العادة تنشب المعارك ويسفر الأمر عن ضحايا من الجانبين، ومن الواضح أن هذا السيناريو مر على خيال الرقيب وتخوف من أن يؤدي عرض الفيلم المصري «الخروج» حتى ولو عرضا محدودا للنقاد والصحافيين ولجنة التحكيم، إلى ثورة مماثلة ليس في المهرجان؛ ولكن في مدينة الأقصر بصعيد مصر التي تشهد روح التسامح الديني الذي يغلف العلاقات بين المسلمين والأقباط هناك. ورغم ذلك، فإنه كان من الواضح أن تخوف الرقيب لم يكن له منطق ولا محل من الإعراب الفني، لأن العرض المحدود بعيدا عن الجمهور دائما ما تلجأ إليه الرقابة؛ خاصة عندما يتعلق الأمر بالعرض في مهرجان سينمائي.

امتنع الرقيب المصري سيد خطاب عن منح الفيلم الروائي «الخروج» تصريحا بالعرض المحدود على الرغم من أن الفيلم قد سبق عرضه قبل أكثر من عام في مهرجان دبي قبل الأخير في ديسمبر (كانون الأول) عام 2010، ورغم ذلك، فإنه صار ممنوعا من العرض في مصر سواء للجمهور أو المهرجانات.

أصدر النقاد والصحافيون الذين شاركوا في مهرجان الأقصر بيانا يشجب موقف الرقابة التي لجأت إلى قرار المنع والمصادرة، كما أن جبهة الدفاع عن الحرية التي تكونت مؤخرا في مصر أصدرت بدورها بيانا ترفض فيه موقف الرقابة.

فيلم «الخروج» هو أول إخراج لهشام العيسوي الذي شارك أيضا في كتابة السيناريو.. تناولت الأحداث عائلة مصرية تدين بالمسيحية.. إلى هنا، والأمر يبدو عاديا. وحرص المخرج على أن يقتحم الخط الأحمر في التعامل مع الشخصية القبطية وتغلغل أكثر في تفاصيل هذه العائلة لنرى الابنة الكبرى، التي لعبت دورها صفاء جلال، وقد صارت فتاة ليل تبيع شرفها من أجل أن تضمن حياة كريمة لابنها. الشقيقة الصغرى، الوجه الجديد ميرهان، على علاقة غير شرعية بشاب مسلم لعب دوره الوجه الجديد محمد رمضان، وتريد الزواج منه وتهدده بأنها حامل. زوج الأم أحمد بدير يلعب القمار ويستحوذ على أموال العائلة عنوة. بالطبع لو أن هذه العائلة مسلمة فسوف يتقبلها المجتمع المصري بمسلميه وأقباطه من دون حساسية؛ ولكن طبقا لكل التجارب السابقة في التعامل مع الشخصيات القبطية التي تحمل أي قدر من الإدانة الأخلاقية في الدراما، سواء المسلسلات أو الأفلام، فإن الغضب؛ بل والمظاهرات داخل الكنيسة وربما أيضا خارجها، هو المصير الذي ينتظر مثل هذه الأعمال الفنية، لأن البعض يقطع الخط الفاصل بين الشخصية الدرامية والدين الذي تعتنقه الشخصية فتصبح سلبيات الشخصية بمثابة طعنا في الديانة. والحقيقة أن غياب الشخصيات القبطية عن الأعمال الدرامية أدى إلى قدر لا ينكر من الحساسية! تعودنا في الدراما أن نضع أوراق «السوليفان» على الشخصية المسيحية وكأننا نرفع راية مكتوبا عليها «ممنوع اللمس أو الاقتراب». الإحساس العام الذي يسيطر غالبا على صناع العمل الفني، أن المتفرج لا يريد أن يرى شخصية من لحم ودم وأنه فقط يقرأ عنوانها؛ لكنه لا يتعمق في تفاصيلها. كان يبدو وكأن هناك اتفاقا ضمنيا على ذلك بين صناع العمل الفني والجمهور.. الجميع ارتاح إلى استبعاد الشخصية القبطية! المعالجات الفنية التي اقتربت من العائلة المصرية القبطية وجهت لها انتقادات مباشرة من الكنيسة الأرثوذكسية في مصر على الرغم من أن الهدف الفكري لتلك الأعمال لم يكن هو الحديث عن الديانة بقدر ما هو تناول عائلة مصرية مسلمة أو مسيحية.

على سبيل التذكرة فقط، فإن السنوات الأخيرة شهدت أكثر من غضبة عارمة بسبب أعمال فنية تعاملت بحساسية وهدوء مع العائلة القبطية في مصر، ورغم ذلك، فإنه قد وجهت لها انتقادات حادة منها مثلا مسلسل «أوان الورد» الذي لعبت بطولته سميحة أيوب ويسرا.. سر الغضب هو أن «سميحة» لعبت دور امرأة قبطية تزوجت مسلما، ولم يقلص مساحات الغضب أن مخرج المسلسل سمير سيف مسيحي متدين.. لقد كان في المسلسل فريق متعادل من المسلمين والأقباط.. الكاتب وحيد حامد مسلم والمخرج مسيحي، وكانا حريصين على أن يشاركا كفنيين خلف الكاميرا حتى يضمنا ألا يثيرا حفيظة أحد.. نصف العدد مسلمون والنصف الثاني أقباط، ورغم ذلك، فإنه قد ازدادت الاحتجاجات بين عدد من الأقباط واضطر البابا شنودة بابا الإسكندرية إلى إقامة سحور قبل نهاية رمضان في الكاتدرائية لإنهاء هذا الاحتقان الذي اشتعل في رمضان 2001 وقت عرض المسلسل.. مسلسل «بنت من شبرا» الذي عرض بعدها بنحو ثلاث سنوات ببطولة ليلى علوي، أثار الغضب لأن البطلة أشهرت إسلامها، حتى إن التلفزيون المصري الرسمي بعد أن أعلن عن عرضه في رمضان تراجع قبل 24 ساعة فقط من بداية البث، ولم يعرض المسلسل بعدها؛ إلا في قناة خاصة، وكأن الدولة تريد أن تقول للأقباط إنها ليست مسؤولة عن العرض. مسلسل «مين اللي ما يحبش فاطمة» بطولة شيرين سيف النصر واجه أيضا مساحات من الاحتجاج.. المسلسل قصة الراحل أنيس منصور، وذلك لأن البطلة أيضا أشهرت إسلامها في نهاية الأحداث. مسلسل «يا رجال العالم اتحدوا» كتبه عاطف بشاي، ورغم ذلك، فإنه لم الأمر يخلُ من غضب، لأن حسن حسني كان يؤدي في المسلسل شخصية رجل مسيحي يريد الطلاق من زوجته، ولهذا يفكر في تغيير الطائفة، وليس الديانة، حتى يتمكن من الحصول على الطلاق.. اعتبر هذا السلوك من بعض الأقباط يتنافى مع الدين! أما الفيلم الذي حظي بأكبر مساحة من الغضب فهو «بحب السيما» عام 2004 إخراج أسامة فوزي وتأليف هاني فوزي وبطولة ليلى علوي ومحمود حميدة.. كان أول فيلم يتناول عائلة مسيحية؛ الزوج والزوجة والابن.. لم يتحمل قطاع عريض من الأقباط ذلك، خاصة أن الفيلم اتهم من قبل بعض المغالين بين «الأرثوذكس» بأنه يروج للمذهب «البروتستانتي». شكلت الدولة وقتها لجنة للتصريح بالفيلم، وحرص آنذاك الرقيب مدكور ثابت على أن يشارك في عضويتها أكبر عدد من الأقباط من نقاد وكتاب، ورفضت اللجنة التصريح بالفيلم؛ بل طالب بعض أعضائها بالاستعانة برجال الكنيسة من الطوائف الثلاث الأرثوذكس والكاثوليك والبروتستانت لأخذ الموافقة.

أمام ذلك الرفض تم تشكيل لجنة أخرى أيضا ضمت أغلبية عددية من الأقباط روعي في تشكيلها أن يكونوا أكثر مرونة في تقبل وجود عائلة مسيحية في الدراما، وبالفعل وافقت اللجنة على الفيلم من دون محذوفات وعرض الفيلم، ورغم ذلك، فإن الإقبال جاء ضعيفا على المستوى الجماهيري؛ ربما لأن الجمهور لم يتعود أن يرى مجتمعا قبطيا على الشاشة الكبيرة بكل التفاصيل الاجتماعية والدينية.

الحقيقة هي أن المشاهد المصري وأيضا العربي تعود على رؤية الشخصيات المصرية في الأغلب مسلمة، وإذا قدمت شخصية قبطية، فإنها تحظى بكل المعالم الإيجابية.. مثلا «مرقص أفندي» في «أم العروسة»، الذي عرض قبل نحو 47 عاما، هذا الدور الذي أداه منسي فهمي، كان عليه أن يتستر على عماد حمدي وينقذه من الفضيحة، حتى لا يعرف أحد أنه اختلس من الخزينة للإنفاق على فرح ابنته.. أما في فيلم «حسن ومرقص» 2008 حيث أدى عادل إمام دور «مرقص»، ولعب شخصية أستاذ علم اللاهوت، فقد حرص عادل إمام على أن يلتقي البابا شنودة ويطلعه على السيناريو قبل الشروع في تصوير الفيلم، وبالفعل تم إجراء بعض التعديلات الدرامية ليصبح البطل أستاذا في علم اللاهوت بدلا من كونه في السيناريو الأصلي «قسيسا». وبالطبع، فإن موافقة البابا لعبت دورا في تقبل عدد كبير من الأقباط لشخصية «مرقص»، كما أن السيناريو الذي كتبه يوسف معاطي قدم إطارا هندسيا صارما ليضمن الحياد الدرامي التام بين المسلمين والأقباط في كل المواقف، وتلك «السيميترية»، أي التماثل الشديد في الأحداث من أجل أن لا يشعر المتفرج بأي انحياز، خصمت الكثير من قيمة الفيلم.. أصبحنا بصدد معادلة حسابية وليس عملا فنيا.. تكرر الأمر مؤخرا في فيلم «واحد صحيح» في الدور الذي أدته كندة علوش؛ حيث إن والدها في الأحداث أشهر إسلامه ليتزوج من مسلمة أحبها، بينما هي رفضت أن تتزوج من المسلم هاني سلامة الذي أحبته؛ ولكنها قررت أن تلجأ للكنيسة لتصبح راهبة، وهكذا وجد الفيلم طريقه للعرض بعيدا عن الغضب، لأن المخرج حرص على أن يراعي التوازن في الشخصيات المسيحية التي ترفض في النهاية الزواج من مسلم لأن هذا ضد تعاليم الديانة المسيحية! هذه المرة مع فيلم «الخروج» لا توجد هذه المعادلة على الرغم من أن المخرج، ربما بعد نصيحة من أحد العاملين بالفيلم، قدم علاقة هامشية عاطفية موازية بين قبطي ومسلمة، ليصبح هناك خطا موازيا للخط الدرامي الرئيسي الذي يجمع بين مسيحية ومسلم.. مأزق هذه الأفلام هو أن المتفرج لم يألف رؤية شخصيات قبطية تمارس أي قدر من الانحراف طوال تاريخ الدراما في مصر، ولهذا تنتقل الحساسية التي نراها في الشارع إلى دار العرض، وبدلا من أن يشاهد الجمهور شريطا سينمائيا به عائلة مصرية بعيدا عن ديانتها، سوف يراها عائلة قبطية؛ بل ويعتبرها البعض في هذه الحالة تحمل إدانة شخصية وليست درامية، الغريب أننا نكتشف أن عددا بين المثقفين الأقباط يرفض أن يرى شخصية قبطية منحرفة.

إلا أن الحل لا يمكن أن يصبح هو المصادرة؛ ولكن أن يألف الجمهور مشاهدة العمل الفني ولا يرى شخصيات تعبر عن أديان بقدر ما يراها تحمل هموم وأحلام وإحباطات عائلة مصرية.

يجب أن نعترف بأن ما نراه في الدراما من حساسية تتحمل وزره الحياة الفنية والثقافية المصرية، لأنه كلما طال الابتعاد والغياب، زادت الحساسية، ولكن على صناع الأعمال الفنية أن يواصلوا الطريق ويمنحوا الشخصيات القبطية حضورها الدرامي.

لدي ملاحظات متعددة على فيلم «الخروج»؛ ولكني أدافع عن حق المخرج في أن يرى فيلمه النور ويعرض على الناس، وأن تراجع الرقابة المصرية موقفها في مصادرة الفيلم الممنوع عرضه حتى في المهرجانات، وهي سابقة خطيرة لم تحدث من قبل توحي مع الأسف بأن المصادرة سوف تصبح سيفا باترا في يد النظام.

سبق للرقابة في مصر أن صرحت بعرض الفيلم اللبناني «هلأ لوين» للمخرجة نادين لبكي قبل شهرين فقط، على الرغم من أننا نرى في الفيلم شخصيات قبطية تتحول للإسلام وشخصيات مسلمة ترتدي الصليب، لأن الفيلم اللبناني أراد توصيل رسالة؛ وهي التصدي للطائفية، وهو ما حاول أيضا فيلم «الخروج» أن يعبر عنه.. ولكنه في ما يبدو «النفخ في الزبادي»!

الشرق الأوسط في

02/03/2012

 

مهرجان السينما الأفريقية.. خطوة علي الطريق

سيساكو.. أول سينمائي يعمل مستشارا للرئيس الموريتاني

انتصـار درديـر 

ان تقيم مهرجانا سينمائيا في محافظة لا يوجد بها دار عرض واحدة فهذه مغامرة.. وان تقيم المهرجان في هذا التوقيت فهي مغامرة اكبر.. لكن مهرجان الاقصر للسينما الافريقية تحدي الظروف واستطاع رغم بعض الاخطاء ان يقطع خطوة علي طريق التواصل مع جذورنا الممتدة في القارة السمراء.

اقامة المهرجان في حد ذاته خطوة مهمة سياسيا وسياحيا وثقافيا .. فهو يؤكد علي اهتمام جديد بالقارة السمراء.. ويوجه دعوة غير مباشرة للسياحة العالمية لتعود إلي الاقصر ويعيد التواصل مع السينمائيين الأفارقة

شارك المخرج الموريتاني عبدالرحمن سيساكو في عضوية لجنة تحكيم مسابقة الافلام الطويلة بمهرجان الاقصر.. ويعد سيساكو من اهم المخرجين الافارقة الذين حققوا نجاحا عالميا.. فقد عرض فيلمه »في انتظار السعادة« في مهرجان كان ٢٠٠٢ كما شارك كعضو لجنة تحكيم في نفس المهرجان ٧٠٠٢ وفي حفل ختام مهرجان الاقصر اكد سيساكو ان المهرجان خطوة مهمة لكل الافارقة وانه لا يمكن ان تكون مصر دون افريقيا.

وقد اختاره قبل شهور الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز كمستشار سياسي له.. وعن ذلك اكد لي المخرج الكبير انه عندما يقوم اول رجل في الدولة باستدعاء مثقف فهذا شيء ايجابي.. فالسياسي منتقد دوما من المثقف.. واضاف انه من اشد المدافعين عن ضرورة اهتمام السياسة بالثقافة وقال لقد استدعتني هذه المهمة واشعر انني احسن الاصغاء للاخرين ودوري ان اجمع الناس حتي نفكر سويا فيما يمكن ان نفعله.

وعن مشروعه السينمائي الجديد اكد ان السياسة لن تأخذه من السينما وانه يعكف علي كتابة سيناريو واصفا الكتابة بانها المرحلة الأصعب في الفيلم.

الثورة مستمرة

حصل فيلم »مولود في ٥٢يناير« للمخرج احمد رشوان علي جائزة احسن اسهام فني في مسابقة الافلام الطويلة.. ويرصد الفيلم اربعة أشهر من عمر الثورة المصرية منذ انطلاقها في ٥٢ يناير وحتي ٧٢ مايو الذي خرجت فيه مظاهرات تطالب باقامة دولة مدنية بينما رفضت التيارات الدينية المشاركة فيها. وقد اهدي رشوان الجائزة لكل الثوار ولكل شهداء الثورة الذين كانوا وقودا لنجاحها مشيرا إلي ان الثورة مستمرة حتي تحقق اهدافها التي قامت من اجلها.

حكايات  تونسية .. اذا الشعب يوما أراد الحياة

استقبال رائع حظي  به الفنانون التونسيون المشاركون بالمهرجان وطغت السياسة علي الفن وكان السؤال الاكثر إلحاحا هو هل يخشي التونسيون صعود التيار الديني في بلادهم؟

فقد.. فرض هذا السؤال نفسه في ندوة فيلم »حكايات تونسية« الذي شارك في مسابقة الافلام الطويلة.. وحضر الندوة طاقم الفيلم بالكامل المخرجة ندي المازني والمنتج سليم حفيظ والفنانون توفيق العابد وحمدي حدة ونجيب بالحسن ومرام بن عزيزة وماهر اوار وادارها الزميل احمد فايق. واختلفت ردود افعال اسرة الفيلم حول مدي قلقهم من تحكم التيارات الدينية في الفن.

الفنان نجيب بالحسن قال: اذا الشعب يوما اراد الحياة فلابد ان يستجيب القدر مستشهدا بأبيات ابوالقاسم الشابي ومؤكدا »لا اشعر باي قلق واثق من دفاع الفنانين والشعب عن حرياتهم«.

بينما قال الفنان توفيق العابد.. هناك تخوفات كبيرة لدي كل العاملين في الحقل الفني لكنني اثق ان الثورات العربية تنتصر للحريات التي قامت من اجلها.

الفنانة مرام بن عزيزة: لا اعتقد ان هناك مشاكل متوقعة وحقوقنا سنحافظ عليها.

المنتج سليم حفيظ: انا متفائل ومهما طال الليل لابد من عودة النهار.

لغـــز عـــمرو واگـــــد!

غاب الفنان عمرو واكد عن حضور المهرجان رغم اختياره عضوا بلجنة تحكيم مسابقة الافلام القصيرة ورغم موافقته علي هذا الاختيار وارسال تذكرة السفر له.. إلا انه فاجأ ادارة المهرجان بسفره إلي باريس في نفس التوقيت مؤكدا انه لم يتلق اي مكاتبات منهم أو تذكرة الطائرة علي الايميل الخاص به.. مما اضطر ادارة المهرجان لتقليص عدد اعضاء اللجنة إلي ثلاثة فقط!!

أخبار اليوم المصرية في

02/03/2012

 

اقتربنا قليلا من القارة السمراء

بقلم:- سيد فؤاد 

استطيع اليوم ان اقول اننا اقتربنا قليلا من افريقيا واقتربت السينما الافريقية من مصر وهذا هدف كبير من اهداف المهرجان.. هكذا اكد سيد فؤاد رئيس مهرجان الاقصر في حفل ختام المهرجان.. لكن هل استطاع المهرجان فعلا ان يحقق بعضا من اهدافه؟ هل نجح في التواصل مع جمهور الاقصر؟ ومع سينما القارة السمراء؟

يقول سيد فؤاد: استطيع ان اقول ان المهرجان حقق ٠٦٪ من اهدافه.. وسوف نعمل علي ان تزيد هذه النسبة في الدورة المقبلة ونأمل ان يحقق المهرجان اهدافه علي مدي الخمس سنوات القادمة وما حققناه مجرد خطوة علي طريق التواصل مع السينمائيين الافارقة الذين تجاهلناهم طويلا كرد فعل للتجاهل السياسي لافريقيا علي مدي سنوات.

واشاد  رئيس المهرجان بدعم جهات عديدة له من محافظ الاقصر لوزير الثقافة لهيئة تنشيط السياحة.. ورغم ذلك فان ميزانية المهرجان اقل من طموحات القائمين عليه مشيرا إلي انه اقل من ثلاثة ملايين جنيه منها ٠٠٤ الف جنيه للجوائز فقط إلي جانب دعم انتاج خمسة افلام قصيرة نتاج الورشة التي اقمناها وشارك فيها شباب السينمائيين من ٢٣ دولة افريقية.

وقال ان المهرجان اعطي مؤشرا ايجابيا لاستقرار الاوضاع في مصر بحضور ٥٠١ ضيوف اجانب لم يعتذر منهم احد عن الحضور إلا لسبب مرضي كما حدث مع المخرج ادريسا وادراوجو عضو لجنة التحكيم الذي اعتذر لاسباب صحية والمخرج الكاميروني جون بيير بيكولو الذي تعرض ابنه لحادث. كما التزمنا بعرض كل الافلام واقامة الندوات طبقا لمواعيدها المعلنة مسبقا.

وحول عدم وجود ترجمة عربية علي الافلام الامر الذي ساهم في اغياب جمهور الاقصر قال سيد فؤاد وجدنا ان ترجمة ١٤ فيلما تحتاج نصف مليون جنيه وكان هذا خارج عن قدرة المهرجان لكننا نعد في العام المقبل بتحقيق ذلك.. مشيرا إلي ان المهرجان  اقيم رغم كل دعوات تأجيله التي قوبل بها من اطراف عديدة رأت عدم اقامته وقال ان جمهور الاقصر حضر عروض الافلام المصرية في قصر الثقافة وان المهرجان واجه صعوبة بسبب عدم وجود دور عرض سينمائي مجهزة في الاقصر.. وانهي  رئيس المهرجان حديثة بانهم يقيمون مهرجانا سينمائيا لاول مرة وفي سينما ظلت مجهولة بالنسبة لمصر وهي السينما الافريقية وقال علي الاخرين ان يصبروا علينا قليلا وسوف نتجنب اخطاءنا ونتعلم منها.

أخبار اليوم المصرية في

02/03/2012

 

حكايات أبوسمرة!

فاطمة شاكر الشهيرة بشادية

سمير صبرى 

استمتعت أنا والكثيرين باحتفال محطة أغانFM بعيد ميلاد الفنانة الكبيرة شادية »٨2 فبراير عام 1931« واستمعنا في ذلك اليوم لمجموعة رائعة من الأغاني تمثل مشوارها الغنائي الطويل في مراحله المتعددة مع كبار ملحني العصر.. محمد عبدالوهاب.. محمود الشريف.. محمد فوزي.. منير مراد.. بليغ حمدي.. السنباطي.. كمال الطويل.. الموجي.. سيد مكاوي.. عمار الشريعي.. ومر في خيالي شريط سريع لتطور هذه الفنانة الرائعة في مشوارها السينمائي الكبير منذ أن اكتشفها المخرج حسين حلمي المهندس عندما شاهدها في الاستديو وهي تزور شقيقتها الفنانة عفاف شاكر والتي كانت متزوجة في ذلك الوقت من النجم الصاعد كمال الشناوي!!

وقد انبهر المخرج حسين حلمي المهندس بالفتاة الصغيرة فاطمة شاكر عندما استمع إليها وهي تغني بعض أغنيات ليلي مراد فقرر إعطاءها أغنية باللغة العربية الفصحي تغنيها في أحد مواقف فيلم »أزهار وأشواك« بطولة مديحة يسري ويحيي شاهين. وقد روي لي الأستاذ حسين حلمي المهندس أنه اختار للصغيرة فاطمة شاكر اسم شادية وهو اسم مديحة يسري في ذلك الفيلم. ثم سجلت شادية أغنية بصوتها فقط في فيلم »المتشردة« وهو الفيلم الوحيد الذي أنتجته وقامت ببطولته حكمت فهمي.

وكانت ضربة الحظ الكبري لشادية عندما تبناها الفنان حلمي رفلة وقدمها في أول فيلم يخرجه »العقل في إجازة« من إنتاج وبطولة الفنان الكبير محمد فوزي الذي أعجب جداً بشخصية وشقاوة صوت شادية وأشركها معه في عدة أفلام من إنتاجه.. »الروح والجسد«، »صاحبة الملاليم«، »بنات حواء«، »الزوجة السابعة«.. وتوالت الأفلام إلي أن قدمها فتي الشاشة الأول في ذلك الوقت أنور وجدي بطلة مطلقة أمام اسماعيل يس وشكوكو في »ليلة العيد« ثم »ليلة الحنة« وفي أوائل عام ٠٥٩١ أصبحت شادية القاسم المشترك وبطلة لعدة أفلام خفيفة مرحة منها حوالي ٥٢ فيلماً مع كمال الشناوي واسماعيل يس!!

وقد مثلت شادية مع معظم نجوم ومخرجي السينما الكبار وهي الفنانة الوحيدة التي حصلت علي بطولة ثلاثة أفلام مع عبدالحليم حافظ وفيلمين مع فريد الأطرش »ودعت حبك ـ انت حبيبي« ومن إخراج يوسف شاهين هي أكثر فنانة قامت ببطولة عدة أفلام مأخوذة عن قصص الروائي العالمي نجيب محفوظ »زقاق المدق.. الطريق.. اللص والكلاب.. ميرامار« وكان أول عمل يجمعني بالفنانة الكبيرة هو فيلم »نصف ساعة جواز« من إنتاج الأستاذ رمسيس نجيب ومن إخراج فطين عبدالوهاب عن المسرحية »زهرة الصبار« وعن اسرار هذا العمل الناجح اقول ان  شادية كانت تقوم فيه بدور ممرضة عند طبيب الأسنان الفنان الكبير رشدي أباظة وبعد عدة مواقف أرادت أن تثير غيرته بأن تأخذني معها إلي ملهي أوبرج الأهرام ـ أفخر ملاهي الشرق الأوسط في ذلك الوقت ـ حيث ترقص معي علي أنغام لحنها بليغ حمدي والتي تقول كلماتها »سكر حلوة الدنيا سكر«!.

وطلب مني المخرج أن أذهب إلي استديو مصر لأستمع لشادية وهي تسجل الأغنية مع مهندس الصوت العبقري »نصري عبدالنور« حتي أتعرف علي اللحن ولأتمرن علي الرقصة التي ستشاركني فيها الفنانة شادية!!

وجلست في ركن من أركان الاستديو مستمتعاً بلحن بليغ حمدي الخفيف الرقيق وأخذت أغني بكلمات ارتجلتها باللغة الانجليزية والتي تتناسب مع اللحن وفجأة وجدت شادية بجانبي وتسألني »إيه الكلام الحلو ده مين اللي عمله؟« قلت: أنا! ونادت شادية علي الأستاذ بليغ حمدي وقالت له إيه رأيك لو سمير غني بالانجليزي الكلام اللي بيقولو ده وأنا أغني الكلام اللي ألفه محمد حمزة.. مش تبقي حاجة جديدة؟ ورحب بليغ حمدي بالفكرة وفعلاً سجلت الأغنية »صوت مصر« شادية صاحبة الأدوار السينمائية الرائعة في أكثر من ٠٥١ فيلماً وصاحبة الأغنيات الرائعة لكبار المؤلفين والملحنين! ونجح الفيلم نجاحاً كبيراً واستمرت صداقتي بالفنانة الكبيرة وشقيقها المرحوم طاهر شاكر وعندما قمت بتنظيم مهرجان للأغنية في مدينة الاسماعيلية اخترت شادية لتكون هي نجمة الحفل الذي غنت فيه معظم أغانيها الرائعة!

وبعدها بعدة سنوات وبعد قيامها ببطولة المسرحية الرائعة »ريا وسكينة« ولظروف خاصة بها ـ منها وفاة شقيقها طاهر ـ قررت شادية الاعتزال.. في ذلك الوقت كنت قد كونت فرقتي الاستعراضية التي كانت تقدم عروضها في أحد الفنادق الكبيرة وأثناء تقديمي لفقرتي فوجئت أن بين الموجودين في القاعة الفنانة العظيمة شادية فتذكرت الأغنية التي شاركتها الغناء في الفيلم »سكر حلوة الدنيا سكر« وبدأت في غنائها ثم نزلت إليها بين الحاضرين والميكروفون في يدي وصفق الحاضرون كثيراً.. وغنت شادية معي وهي في منتهي الانسجام والسلطنة وأنا أكاد لا أصدق أن المشهد السينمائي الجميل في الفيلم يعاد مرة أخري.. إنني أغني مع تلك الجوهرة النادرة من زمن الفن الجميل.

وأنا لا أنسي أبداً ما قاله لي نادر ابن الفنان العظيم عماد حمدي من زوجته الأولي المطربة فتحية شريف حينما سألته عن علاقته بشادية بعد زواجها من الأستاذ عماد عام ٣٥٩١ أثناء عملهما معاً في فيلم »أقوي من الحب«!!

قال لي نادر عماد حمدي: »ماما شادية.. دي سكر لم تكن زوجة أبي.. بل كانت أمي فعلاً.. إن ماما شادية هي الوحيدة التي وقفت بجوار والدي في سنوات الاكتئاب التي مر بها قبل رحيله.. إن ماما شادية لا تتأخر عن أي طلبات أطلبها منها.. إنها ماما فعلاً.. وأنا أناديها بماما وهذا النداء يسعدها جداً فقد تمنت دائماً أن تكون أم.. واعتبرتني أنا والمرحوم أخوها شاكر.. اعتبرتنا أولادها!! ماما شادية.. ربنا يخليها!!«

وأنا أقول للفنانة الكبيرة: ربنا يديكي الصحة يا شادية ويزود إيمانك كمان وكمان.. وشكراً علي هذا الرصيد الرائع الكبير من الفن الراقي الذي تركتيه لنا سواء في السينما أو في الغناء!

S.SABRY@SAMIR-SABRY.COM

أخبار اليوم المصرية في

02/03/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)