حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

يسرا: لن أتاجر بالثورة وتوقعت صعود التيارات الدينية

كتب: القاهرة - غنوة دريان

«شربات لوز» جديد النجمة يسرا الذي تخوض به سباق شهر رمضان الدرامي لهذه السنة، بعد تأجيله في العام الماضي. كذلك تشارك في فيلم «جيم أوفر» من إنتاج محمد السبكي، وتحضّر لفيلم «مطبق من امبارح» الذي تتعاون فيه مع الفنان محمد رجب للمرة الثانية، بعد مسلسل «لقاء على الهوا» منذ تسعة أعوام.

حول جديدها ورأيها في الأحداث على الساحة العربية كانت الدردشة التالية معها.

·         حديثنا عن «شربات لوز».

المسلسل من تأليف السيناريست تامر حبيب وإخراج خالد مرعي، أجسّد فيه شخصية امرأة في الخمسين من عمرها مطلقة ولم ترزق بأولاد فتتعلق بشقيقيها وتعتبرهما كل حياتها، ويسيطر عليها الطمع والانتهازية، وتتبع في حياتها مبدأ {الغاية تبرر الوسيلة}، ولا تسمح لأحد بأن يهينها أو يقلل من شأنها.

·         تردد أخيراً أن تصوير المسلسل توقف بسبب الأوضاع التى تمر بها مصر وخوفاً من الخسارة الإنتاجية، ما صحة ذلك؟

غير صحيح إطلاقاً، بدأنا التصوير منذ فترة قصيرة وتوقفنا لتغيير الديكور وما إن ينتهي العمل به سنعاود التصوير. أما في ما يتعلّق بالخسارة الإنتاجية، فهذا الأمر لا يعنيني أنا كممثلة.

·         هل خلافاتك مع شركة «العدل غروب» وراء عدم تعاونك معها في مسلسل «شربات لوز»؟

لا خلافات بيني وبين «العدل غروب»، فقد تعاملت معها في معظم أعمالي وأحترم القيّمين عليها وعلاقتي بهم جيّدة.

·         ألم تفكري في تقديم عمل يتناول ثورة 25 يناير؟

تقديم أي عمل عن الثورة المصرية راهناً هو متاجرة بها، والدليل على كلامي أن الأعمال التي تناولتها فشلت ولم تنل إعجاب الجمهور. ثم كيف نقدم عملا فنياً والأحداث ما زالت تتفاعل على الأرض وثمة أمور كثيرة غامضة؟ أرفض أن أركب الموجة على غرار كثيرين كي لا أندم.

·         حدثينا عن فيلمك الجديد «جيم أوفر» مع محمد السبكي.

أجسد شخصيّة كوميدية تعتمد على الأفيهات، وهذه التجربة جديدة وستضيف إلى مسيرتي الفنية وتوفر لي نوعاً من تحدي الذات وإشباع رغبتي في خوض الأنواع الدرامية كافة من الرومنسية والتراجيدية والكوميدية…

الفيلم من إخراج أحمد البدري وإنتاج محمد السبكي، يشارك في البطولة: مي عز الدين، أحمد السعدني، عزت أبو عوف ومجموعة من الوجوه الشابة.

·         هل أنت قلقة من خوض هذه التجربة الجديدة؟

بالطبع، لأن الشخصية جديدة، وأنا بطبيعتي ينتابني القلق عند تقديم أي عمل جديد، لكنني لا أظهره كي لا يؤثر على عملي بأي شكل من الأشكال.

·         ماذا عن فيلمك الجديد «مطبق من امبارح»؟

أعقد جلسات عمل مكثفة مع الفنان محمد رجب لوضع اللمسات النهائية على السيناريو، وثمة أمور لم نحسمها كفريق عمل بعد. يتوقّع أن نبدأ  التصوير أوائل مارس.

الفيلم اجتماعي رومنسي لا يخلو من الحركة والتشويق، يتناول الفتنة الطائفية في الأحياء الشعبية في مصر وتأثيرها فيها، وهو من تأليف محمد سمير فرج، وإنتاج محمد السبكي.

·         ما رأيك في تصدّر التيارات الدينية المشهد السياسي؟

توقعت صعود التيارات الدينية وتصدرها المشهد السياسي لأن لديها دراية كافية في التعامل مع الشارع المصري، وتتمتع بذكاء اجتماعي ساعدها في هذا الصعود، لكن أطلب من التيارات أو الأحزاب الحاضرة على الساحة أن تكفل حرية الإبداع من دون المساس بها أو تقييدها.

·         وفي أحداث بورسعيد الدامية؟

بشعة وضد الإنسانية، استنكرتها وحزنت على الشباب الذين وقعوا  ضحيّتها، ذنبهم الوحيد أنهم كانوا يشجعون الفريق الذي ينتمون إليه.

هذه الأحداث مدبرة وخير دليل على وجود فتنة هدفها نشر الفوضى في المجتمع وتغيير مسار الثورة العظيمة التي شهد العالم بسلميتها.

·         هل ندمت لأنك التقيت ومجموعة من الفنانين الرئيس المخلوع حسني مبارك؟

أبداً، لقائي الرئيس المخلوع حسني مبارك ليس وصمة عار في تاريخي، فأنا شخصية عامة، بحكم مهنتي، ومن الممكن أن أقابل أي شخص مهمن كان.

·         بعيداً عن الفن كيف هي علاقتك بوالدتك؟

والدتي أجمل ما في حياتي، فهي تهوّن عليّ أي أمر مهما كان صعباً. تعاني تعباً هذه الأيام، وعلى رغم التصوير المكثف إلا أنني أحاول قدر الإمكان أن أكون معها، وأنا على اتصال بها طوال الوقت.

الجريدة الكويتية في

22/02/2012

 

فيلمان لعمر أميرالاي في بيروت احتفالاً بمرور سنة على غيابه

سد الفرات بين حلم البداية وخيبة النهايات

نديم جرجورة 

بهدوء يُشبه حضوره، أو بالأحرى شكل حضوره المُحبَّب واللطيف، يُحتَفل بذكرى مرور عام واحد فقط على رحيله، في بيروت. أي في أحد الأمكنة الأساسية في حياته ومهنته. أحد الأمكنة التي ساهمت في تشكيل وعيه، والتي صنعت جزءاً من ذاكرته الفردية. لكن الهدوء الذي وَسَم شخصيته ظاهرياً، شكّل غطاء لغليان إبداعي اعتمل في ذاته على مدى سنين طويلة، أمضاها في مواجهة ظلم حاصل في بلده، أو في مقاربة أحوال أناس وبلدان ومجتمعات قريبة وبعيدة رأى فيها فعلاً سينمائياً، أو في صناعة نمط تجديدي لسينما أرادها مرآة واقع، وصُوَراً متنوّعة لأشكال الحياة اليومية، هنا وهناك. بين الهدوء والغليان، بدا السينمائيّ الراحل منسجماً وقناعته بأن الفيلم الوثائقي أقدر الأشكال البصرية على «مقاربة الناس، وتفسير الواقع». أقدر على «معالجة (شؤون) الحياة مباشرة»، بل على «معالجة حكاياتها وأبطالها اليوميين»، لأن هذا النوع السينمائي يمنح المخرج أدوات تعبير «أغنى وأوسع» من أدوات أخرى، يُصبح معها «أقدر على التخيّل، وعلى الخلق من لا شيء».

بهدوء مال إلى استعادة محطّتين أساسيتين من حياته السينمائية، يُحتفل بذكرى مرور عام واحد فقط على رحيل المخرج السينمائي السوري عمر أميرالاي. في الخامس من شباط 2011، توفّي أحد السينمائيين السوريين الأكثر تشدّداً في جعل الفيلم الوثائقي شهادة حيّة، نابضة بأوجاع أناس، وتمزّقات مجتمعات، وتناقضات أفراد أيضاً. في جعل الفيلم الوثائقي عيناً ترى ما لا تراه العين البشرية، لتمتّعها بنبرة تحمل من الاستفزاز مقدار ما تحمله من إبداع الصورة المستلّة من واقع، أو من راهن، أو من حالة. بعد سبعة عشر يوماً على الذكرى السنوية الأولى لرحيله، اختار «مركز بيروت للفن» فيلمين اثنين للاحتفاء بالذكرى هذه، أنجز أميرالاي أوّلهما في بداية اشتغاله الوثائقي في العام 1970، وحقّق ثانيهما في لحظة استعادة حادّة وحيوية للاختبار الإنساني والفكري والثقافي الأول، مشرّحاً إياه على ضوء التجربة الشخصية الممتدّة على ثلاثة وثلاثين عاماً. حمل الفيلم الأول عنوان «تجربة فيلمية عن سدّ الفرات». كان فيلمه الأول. كان تعبيراً عن حماسة شابّ في السادسة والعشرين من عمره، رأى في سدّ الفرات مشروعاً وطنياً وإنسانياً، وترجمة لرغبة في التغيير أبداها رئيس البلد حينها حافظ الأسد في مطلع إمساكه بالسلطة. لكن اختبار ثلاثة وثلاثين عاماً، عاشها عمر أميرالاي على خطّ الزلازل المتنوّعة، وفي مواجهة تغييرات ضربت البلد والمجتمع، وأصابت الناس بشتّى أنواع القهر والخيبات والانكسارات، هذا الاختبار جعل المخرج يُطلّ، في العام 2003، بفيلم بات الأخير له: «الطوفان». إنه بمثابة إلقاء نظرة جديدة، اكتسبت وعياً ونُضجاً سينمائيين وثقافيين وإنسانيين كبيرين، على المشروع نفسه (سدّ الفرات) الذي كان وعداً بفجر التغيير، فإذا به يُصبح رمزاً لطوفان سبَّب اختلالاً في أسس البناء الحاكم، نابعاً (الاختلال) من داخل البناء نفسه.

أهي صدفة بحتة أم خبث جميل للقدر، أن يبدأ عمر أميرالاي رحلته السينمائية بفيلم عن «سدّ الفرات»، وأن يُنهيها بفيلم عن «سدّ الفرات» أيضاً؟ أن يكون الفيلم الأول إعلاناً عن ولادة مخرج ملتزم صناعة متجدّدة للفيلم الوثائقي، من خلال الإمعان بحيوية بلده ومجتمعه أولاً، وأن يكون الفيلم الأخير إعلاناً عن مأزق الخيبة، وقسوة الانكسارات، باستعادة الموضوع نفسه، وقراءته بشكل مختلف (هل أقول متناقض) تماماً عن القراءة الأولى له؟ هل يُمكن اعتبار هذا الأمر نتاج تراكم مُكثَّف لمسار شاب منتم إلى جيل عانى هزائم وانكسارات، فإذا ببعض أفراده يُتقن فنّ المواجهة (الشرسة أحياناً)، باختيار الصورة السينمائية أداة تعبير وتفكيك وتشريح وتأريخ وسجال وصدام؟

الأسئلة كثيرة. موت عمر أميرالاي عن سبعة وستين عاماً، عشية بداية الطوفان الشعبي داخل بلده وفي قلب مجتمعه، بدا إمعاناً في إبقائها ملتبسة ومعلّقة أمام الانقلاب الحاصل في بلده ومجتمعه. غير أن للاحتفال بالذكرى السنوية الأولى لرحيله، بعرض «تجربة فيلمية عن سدّ الفرات» و«الطوفان»، نكهة أخرى، متأتية من براعة الراحل في جعل عدسة الكاميرا امتداداً لقلقه وهواجسه، وانعكاساً لجماليات تنقيبه في أعماق الحكايات والناس والتبدّلات.

السفير اللبنانية في

22/02/2012

 

الأزمة تُخيم على "الفيلم القصير" بكليرمو ـ فيرا

صلاح سرميني  

لا يتجاهلُ أيّ واحدٍ من فريق عمل المهرجان الدوليّ للأفلام القصيرة في كليرمو ـ فيرا(فرنسا) الصعوبات المالية التي يُعاني منها، والتي تزداد حدّتها سنةً بعد أخرى، حيث بدأت برقابةٍ ضرائبيّة روتينية صارمة على ما يُسمّى بالضريبة المُضافة، رافقها، صدفةً، إثارة مفتشي صندوق الضمانات العائلية موضوع الاستعانة بمتطوعين يعتبرونهم يؤدون عملاً مجانياً، ويتوّجب تسوية أوضاعهم، وتشغيلهم بعقودٍ مؤقتة، وأكثر من ذلك، تسديد مبالغ ضخمة عن السنوات الماضية، مصحوبةً بغرامات تأخير، وهو وضعٌ غير مريح تعرفه كلّ المؤسّسات الصغرى، والكبرى في فرنسا (وأوروبا بشكلٍ عام)، وتتجنب الدخول في متاهاته.

الأكثر قلقاً من تلك المُلاحقات الإدارية المُفاجئة، والتي انتهت بسلام، التقلصّ التدريجيّ للدعم الذي كان المهرجان يحصل عليه من جهاتٍ وطنية، مناطقية، ومحلية متعددة، واضطره تحت هذه الضغوطات إلى ترشيد نفقاته، وشدّ الأحزمة، وامتصاص الصدمات بالطريقة الكلاسيكية الأسهل في مثل هذه الحالات، أيّ اللجوء إلى آلياتٍ لا يلحظ منها الضيوف إلاّ الجوانب المُتعلقة بهم، وأهمّها، تحميلهم نفقات حضورهم، وخاصةً ممثلي المهرجانات، والمُؤسّسات السينمائية، انطلاقاً من فكرةٍ منطقية، وصحيحة لا تحسب حسابها المهرجانات السينمائية العربية، وهي التساؤل عن مبررات دعوة مدير مهرجان، مبرمج، منسق، أو أيّ وظيفة مهنية أخرى إذا كان هؤلاء يأتون من أجل التحضير لمهرجاناتهم، أو الترويج لمُؤسّساتهم .

من جهةٍ أخرى، ومنذ بدايات الأزمات المالية، بدأ الإعلاميّ، الصحفيّ، أو الناقد السينمائيّ ـ الذي كان يتلقى الدعوة تلقائياً ـ  يعاني في الحصول على بعض الأيام من إقامته، حيث توقف المهرجان عن دعوة البعض تماماً بعد أن لاحظ المُلحق الصحفيّ بأنّ فلاناً، أو فلانة يستغلون الثقة التي منحها لهم، ولا يؤدون العمل المطلوب منهم، وهو، ببساطة، الكتابة عن المهرجان، والأفلام، والسينما بشكلّ عام، ومنذ هذا الاكتشاف المُتأخر، بدأت الإدارة بفتح ملفات الضيوف السابقين الذين أدمنوا الحضور لسببٍ، أو لآخر، وإثارة التساؤلات حول جدوى دعوتهم .

في الحقيقة، الأزمات الاقتصادية ليست السبب الوحيد في اعتماد هذه الخطوات الانتقائية، ولكن، تلك المجموعة من الصحفييّن العرب الذين تساهلوا في واجبهم المهنيّ، وتكاسلوا، فأصبح المهرجان، بالنسبة لهم، فرصةً لتحقيق مشاريع شخصية لا علاقة لها بالأفلام القصيرة، أو بالهمّ الاحترافي، ومنها الحصول على التأشيرة الأوروبية، وقضاء بعض الليالي في كليرمو ـ فيرا، والعودة إلى باريس في زيارةٍ عائلية، وسياحية، أو محطةً سينمائيةً مجانية قبل التوجه نحو مهرجان برلين الذي ينعقد عادةً بعد أيامٍ قليلة من كليرمو ـ فيرا، أو رحلةً سنوية يتصادف فترتها في الأيام الأخيرة لموسم التخفيضات الشتوية، والتسوّق على حساب المهرجان بالمبلغ المُخصص لوجبات الطعام(حوالي 225 يورو).

وهكذا، بدون سردٍ تفصيليّ للغايات التي يتوجه هؤلاء من أجلها إلى كليرموـ فيرا، تحوّل هذا التساهل السابق مع الصحافة العربية إلى عبءٍ ثقيلٍ بدأ يفرض الرغبة بإصلاح ما يُمكن إصلاحه (من شعار المهرجان : أنقذ ما يمكن إنقاذه...) .

بالتأكيد، البعض لن يُبالي بخسارة دعوة، لأنه سوف يستخدم نفس الأساليب للقفز إلى مهرجانٍ آخر، أو رُبما يمارس أحدهم موهبته بنشر حواراتٍ مفبركة مع شخصياتٍ سينمائية، ونقدية وهمية، أو حقيقية لم تتواجد في المهرجان أصلاً، أو كانت حاضرة في دورتيّه السابقتيّن (2010 و2011)، ويُحرر أخباراً كاذبة مثل الإشارة إلى مشاركة بلده في "سوق الفيلم القصير" بمئات الأفلام (256 فيلماً)، بينما لا يتخطى عدد تلك المُسجلة أكثر من 34 فيلماً فقط (وهناك فرقٌ كبير بين تسجيل فيلم، ومشاركته في إحدى المسابقات، أو البرامج الخاصة)، ومن يقرأ تلك التغطية الصحفية، يتخيّل بأنّ كاتبها يتحدث عن مهرجانٍ عربيّ ينعقد في مدينةٍ فرنسية إلى حدّ التفاخر بأنّ جاليته "تغزو" قاعات السينما، بينما، من المُؤسف التأكيد، بأنّ الوجوه العربية من سكان المدينة غائبة تماماً عن فعاليات المهرجان، ماعدا قلة من المحترفين القادمين من بلادهم اقتناعاً بأهميته الفائقة.

وفي الوقت الذي نجد العالم كله في "سوق الفيلم القصير"، لا يُثير هذا المهرجان الأهمّ في العالم شهية أحد من المؤسّسات العربية، وهنا نتذكر المُشاركة المغربية في عام 2010 بمناسبة تظاهرة إستعادية هامة حول الأفلام القصيرة.

ولا نحتاج إلى وقتٍ طويل في الجلوس مع "آن بارنت" ـ المسئولة عن "سوق الفيلم القصير" ـ للحصول منها على معلوماتٍ أكثر من تلك المُتوفرة في موقع المهرجان، وملفه الصحفيّ، وحتى في المقدمة التي كتبها رئيس المهرجان "جان كلود سوريل" في الدليل الرسميّ تحت عنوان (100.000 يورو أقلّ لإنجاز المهرجان).

تتضح المرارة في هذه الكتابات وهي تكشف بشفافيةٍ عن صعوباتٍ تعترض مسيرة السوق، والتي بدأت مع دورة عام 2011، وإدراك تأثيرات الأزمة الاقتصادية خلال البحث عن شركاء لدورة عام 2012.

يشير أحد النصوص إلى توّسع البحث عن الميزانية في كلّ أنحاء العالم، وكانت القرارات بطيئة للغاية للحصول على تمويل، أدت إلى تأكيداتٍ متأخرة، ويُذكرنا بالصدمة البريطانية التي حدثت في عام 2011 مع إلغاء "هيئة الفيلم البريطانية"، وإعادة تنظيم المهمات التي كانت، حتى ذلك الوقت، ملقاة على عاتقها، وتوزيعها على مؤسّساتٍ سينمائية أخرى، وقبل انعقاد الدورة الـ 34 للمهرجان، كان من المُبكر جداً التفكير بعودتها إلى السوق مع وعودٍ بالمُشاركة في عام 2013، ومع ذلك، كانت إحدى المؤسّسات حاضرة لترويج كتالوغ الأفلام البريطانية بالتعاون مع موزع إسبانيّ  .

بدورها، حاولت إسبانيا الحفاظ  على مشاركتها في السوق مهما كلفها الثمن، هي التي قررت منذ الدورة الماضية هجرة المنصة الإسبانية المُشتركة من أجل تمثيل إقليميّ، وتكاتفت جنباً إلى جنبٍ خمسة أقاليم، بينما استقبلت دورة عام 2012 الباسك، كاتلانيا، ومدريد.

هذه السنة، تعرّض السوق لمفاجأةٍ مزعجة جاءت من طرف "شركة تطوير المؤسّسات الثقافية في كيبيك" والتي كانت تدعم الأفلام القصيرة، وتُمثلها في كليرمو ـ فيرا، وذلك بسبب تغيير إدارتها، وتوجهاتها، ويعترف فريق المهرجان بفضل المُستشار، والمُبرمج السينمائي "داني لينون"، حيث استطاع خلال أسبوع تجميع عدد من المنتجين، والموزعين قرروا بأن لا يتخلوا عن الموعد، وكانت النتيجة منصة مشتركة مع بلجيكا الناطقة بالفرنسية، برنامجاً ترويجياً في إحدى الصالات السينمائية، وآخر في مكتبة السوق.

باختصار، وعلى الرغم من الهزات، والأزمة الساخنة، انتظم السوق بفضل شركائه الدائمين، وآخرين جدد من المشهد الفرنسي، والدولي.

لا ينسى المهرجان تحية اليونان التي حافظت على منصتها في السوق على الرغم من الأوضاع التي تعيشها، كما دعمت أمريكا اللاتينية تواجدها بانضمام كولومبيا متمثلةً بمنظمة تهتمّ بترويج السينما الكولومبية في داخل كولومبيا، وخارجها، وهكذا التحقت بجاراتها المكسيك، التشيلي، البرازيل، وأيضاً كرواتيا، وشركة "كوداك" التي انضمّت إلى فضاء المُشاركين للمرة الأولى في عام 2011، وتورطت من جديد في ديناميّة الإنتاج الدولي القصير، وحافظت على مشاركتها.

بالنسبة لنا، من الطبيعيّ الابتهاج بانضمام تونس إلى المُشاركين الجدد متمثلةً بـ"الغرفة الوطنية لمنتجي الأفلام"، وإشراف المنتج التونسي "لطفي العيوني"، وكان علينا في زياراتنا اليومية المتكررة التصالح مع جغرافيا سينمائية تخيّرتها إدارة السوق، حيث تلاصقت المنصة التونسية مع الإيرانية مباشرةً، وتواجهت مع الإسرائيلية، ومع ذلك، كانت الأجواء هادئة، يشوبها القليل من الإحراج .

بينما، فاحت رائحة الجزر الفرنسية البعيدة من منصة "الغوادلوب" التي تشارك لأول مرة عن طريق جمعية تهدف إلى تطوير السينما فيها، تأسّست عن طريق مدراء الصالات البلدية، وجمعية أخرى تهتمّ بعروض متجولة في الهواء الطلق، وذلك للردّ على احتياجات جغرافيا واسعة : تنويع العرض السينمائي في "غوادلوب" مع دعم شبكة المنتجين، والموزعين المُستقلين، الترويج لمخرجين جدد بمناسبة المهرجانات، وتنشيط الإنتاج، المحلي، والكاريبي.

في عام 2010 أنجزت الجمعية جرداً أولياً للميراث السمعي/البصري، وفي إطار "عام ما وراء البحار" 2011 أصدرت أول اسطوانة رقمية تتضمّن أفلاماً محلية قصيرة.

كانت "آن بارنت" ـ المسئولة عن "سوق الفيلم القصير" ـ متفائلةً، وهي تختتم جلستنا المهنية (ولم يكن الهدف منها حواراً صحفياً)، مشيرةً بأنه على الرغم من الأزمة المالية التي تعصف الثقافة، والأفلام القصيرة بشكلٍ خاص، كانت دورة عام 2012 مليئة بالوعود.

من يدري، رُبما تأتي هذه الآمال من منطقةٍ جغرافية عربية تتكاثر فيها المهرجانات السينمائية، وتتناسخ إلى حدٍ مثير للقلق.

هوامش :

ـ استقبل المهرجان في دورة عام 2011

148900 متفرج.

3000 محترف من كلّ أنحاء العالم.

ـ جمع "سوق الفيلم القصير" في دورة عام 2011 مشاركةً من 31 بلداً، 195 مؤسّسة سينمائية (منها 120 عارضاً)

وأيضا :َ

381 منتجاً.

472 من ممثلي المهرجانات الفرنسية، والدولية.

الجزيرة الوثائقية في

22/02/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)