حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

رحيل ويتني هيوستن الممثلة والمغنية السوداء الأميركية

علـى الشـاشـة بعيـداً عـن مكـانهـا

نديم جرجورة

من بين أفلامها السينمائية الثلاثة، ظلّ «الحارس الشخصي» (1992) لمايك جاكسن أشهرها وأكثرها شعبية. بدا أشبه بسيرة شخصية، لسرده قصّة فنانة مُهدَّدة بالقتل من قِبل أحد المعجبين. لقدرته على سبر أغوار الحياة الخاصّة بفنانة مشهورة، لا شكّ في أن كثيرين رأوا فيه سبراً لبعض أغوار الجانب المخفيّ من حياتها.

بوفاة ويتني هيوستن، يُمكن استعادة أسئلة جوهرية، لا تزال مفتاحاً إنسانياً لفهم طبيعة الحكايات المنثورة على طرقات المجد والشهرة والأضواء اللامعة. ولعلّ أفضل صورة معبِّرة عن ثنائية المخفيّ والمُعلَن في حياتها، كامنةٌ في «الحارس الشخصيّ»، الذي بلغت إيراداته الدولية أربعمئة وعشرة ملايين وتسعمئة ألف دولار أميركي، في مُقابل ميزانية مساوية لخمسة وعشرين مليون دولار أميركي. لم يكن سهلاً على محبّيها أن يتغاضوا عن فيلم تحوّل سريعاً، خصوصاً بفضل أغنيته «سأظلّ أحبّك دائماً»، إلى نصّ رومانسي مزج معاناة الشهرة بواقع الحياة، ورسم لوحة عن معنى الانكسار والخيبة لمن عاش في قلب الأضواء، هو الذي صنع جزءاً بديعاً منها ولمن عاش عند الخط الواهي والمتداخل والمُعقَّد بين الانفعالات المتناقضة. بدا «الحارس الشخصيّ» مستَنْفَراً بمشاعره وذكرياته التي روى أشياء منها، عندما قرّر حمايتها من جنون مُعجَب. لكن المُعجَب بها لم يستطع بلوغ لحظة الاندماج المُطلق بها بقتلها، لأن «الحارس الشخصيّ» أتقن مهنته، وحال دون إكتمال العشق من طرف واحد. ربما لأنه اختبر عشقاً بمن كُلِّف بحمايتها من عشّاق قادمين إليها من كل حدب وصوب.

«سأظلّ أحبك دائماً»: إنها الأغنية التي عرفت رواجاً كبيراً في العالم (احتلّ الشريط الغنائي الخاصّ بالفيلم المرتبة الثانية في لائحة الأكثر مبيعاً في العالم، إذ بيع منه أكثر من تسعة وثلاثين مليون نسخة، مباشرة بعد «حمى ليلة سبت» المؤلَّف من أغان لفرقة «بي جيس»، الذي بيع منه أربعون مليون نسخة)، كذاك الرواج الشعبي الذي عرفه فيلمها السينمائي الأول. من يستعد أفلامها الثلاثة، يجد صعوبة في فضّ الالتحام بين المغنيّة والممثلة في ذاتها. ففي مقابل نقاء الصوت، وجمال الأداء الغنائي، وقوّة اختراق المألوف في صنع غير المألوف، بدا التمثيل منسحباً أمام براعة الغناء، أو إزاء طغيان الصوت على ما عداه من حواس وانفعالات. غير أن فيلمها الثاني «بانتظار التنهدة» (1995) لفوريست ويتايكر، المقتبس عن رواية بالعنوان نفسه كتبها تيرّي ماكميلان وأصدرها في العام 1992، بدا فعلاً تمثيلياً جعل ويتني هيوستن تُقدِم على ممارسة أداء تمثيلي تحرّر قليلاً من سطوة الغناء. أي أن تأديتها دور سافاناه جاكسون، المنتجة التلفزيونية التي ظنّت لوهلة أن عشيقها كينيث داوكنز (دنيس هايسبرت) سيتخلّى عن زوجته من أجلها، دفعها إلى الانخراط في لعبة العشق المبتور، أو الحبّ الموؤود. بهذا، استكملت هيوستن سيرة المرأة المحطَّمة، بسبب عشق منبوذ أو مطرود، كما بسبب قوّة النجومية الخانقة. بهذا، أكملت هيوستن قصّتها كامرأة قلقة وخانعة لوهم التحرّر من سطوة الحصار والشقاء الذاتي، تماماً كراشيل مارّون، التي بلغت مرتبة نجومية عالية هدّدت كيانها الإنساني والإبداعي، ما دفعها إلى الاستعانة بحارس شخصي يُدعى فرانك فارمر (كيفن كوستنر)، المنتمي إلى نخبة الحرّاس الشخصيين.

لم يُدرك فيلمها الثاني النجاح الذي عرفه «الحارس الشخصي»، إذ حقّق إيرادات دولية بلغت81 مليونا و452 الفا و156 دولاراً أميركياً، في مقابل خمسة عشر مليون دولار أميركي كإنتاج. النجاح الجماهيري المتواضع للفيلم (قياساً بالنجاح الخاصّ بـ«الحارس الشخصي»)، رافقه نجاح جماهيري متواضع أيضاً (قياساً بنجاح الشريط الغنائي الخاصّ بالفيلم الأول أيضاً) طال الشريط الغنائي الذي ألّفه كينيث إدموندز، المعروف باسم «بايبي فايس»، مُضمِّناً إياه ثلاث أغنيات جديدة، والذي بيع منه عشرة ملايين نسخة. إنها لعبة أرقام معروفة في الوسط الصناعي الخاص بالأفلام والأغنيات معاً. إنها لعبة أرقام تكشف، أحياناً، حجم الشعبية التي يتمتّع بها الفنان. لكن، هل صحيح أن فشلاً تجارياً يؤثّر سلباً على جماهيرية الفنان؟ فيلمها الثالث بدا نموذجاً عن العلاقة القائمة بينها وبين جماهيرها. ذلك أن «زوجة المبشَّر» (1996) لبيني مارشال لم يستطع اللحاق بالنجاحين الجماهيريين للفيلمين الأولين، لأسباب عدّة، منها انغماس هيوستن في عالم لم يكن مكانها الأساسي، وإن منحها الدوران الأولان إضافة نوعية وجماهيرية على المستوى الغنائي. أو ربما لأن الإطلالة السينمائية الأولى كفيلةٌ بجذب عدد كبير من المعجبين، ما يُمكن أن يؤدّي إلى نجاح جماهيري قادر على استقطاب نجاح آخر للخطوة التمثيلية الثانية. لكن، لا يُمكن للعبة كهذه أن تستمرّ طويلاً، إذ لم يُفعِّل الفنان أدواته التمثيلية.

أميل إلى الاعتقاد أن ويتني هيوستن أدركت أن اشتغالها التمثيلي أشبه بنزوة جميلة، آن لها أن تنتهي. انها انتبهت إلى أن لعبة الأرقام قاتلة، وإلى أن استعادة حيويتها الغنائية أفضل من استمرارها في حيّز بدا، لوهلة، مجرّد استراحة لمن احتلّ مكانة بارزة في عالم الغناء والموسيقى. ذلك أن الإيرادات الأميركية لـ«زوجة المبُشِّر» (نسخة جديدة عن «زوجة الأسقف»، الذي أنجزه هنري كوستر في العام 1947، ومثّل فيه كاري غرانت ولوريتا يونغ وديفيد نيفن) بلغت 48 مليونا و102 الف و795 دولاراً أميركياً، في مقابل ميزانية إنتاجية بلغت نحو أربعين مليون دولار أميركي.

المغنية المُعرَّضة لاغتيال مُعجَب في «الحارس الشخصي»، والمنتجة التلفزيونية المُعرَّضة لخيبة العشق في «بانتظار التنهدة»، باتت زوجة مبشِّر منصرف عنها من أجل بناء كاتدرائية. خيبة الحبّ الزوجيّ والحياة العائلية الملتزمة نهجاً تربوياً وسلوكاً اجتماعياً محدَّداً، لا تختلف عن خيبة العشق والمهانة التي واجهتها المغنية والمنتجة التلفزيونية. ولعلّ الفشل التجاري لـ«زوجة المُبشِّر» مردّه انعدام التوازن بين واقع الحياة اليومية وتصوير الوهم المتمثّل بوقوع الملاك دادلي (دانزل واشنطن) في غرام جوليا (هيوستن) زوجة المُبَشّر هنري بيغس (كورتني بي. فانس). أي أن الصراع بين الأرضيّ والروحي، الذي أريد لتصويره أن يكون رومانسياً، بدا ركيكاً في مقاربة الذات والروح، ومعاني الحبّ والتضحية والوفاء.

بعيداً عن لغة الأرقام وقسوة النقد، بدا رحيل ويتني هيوستن خطوة إضافية للموت، في عالم منذور للخيبات والانهيارات والتمزّق. ألم تكن حياة ويتني هيوستن، إلى جانب شهرتها وشعبيتها، نموذجاً عن التداخل المُعقَّد بين النجومية والخيبة، وبين قسوة العيون المشرئبة تجاهها وانهيار الذات داخل البؤس الشخصيّ، وبين انفضاض الناس عنها أحياناً وتمزّق الروح؟ لعلّ الملصق المعروف لـ«الحارس الشخصيّ» اختزل الحكاية كلّها: المغنية مضمومة بين يديّ الحارس الحامل جسدها أيضاً، بوجه مخفيّ، وجسد متكوِّر على ذاته، في لحظة أمان وحيدة صنعها حارسٌ ذاهبٌ بها إلى حرية موقتة.

السفير اللبنانية في

13/02/2012

 

جاء على أعمال عرضت منذ 16 عاماً

المبدعون يرفضون الحكم بحبس عادل إمام

القاهرة - شيماء محمد:  

جاء الحكم ضد الفنان عادل إمام بالحبس ثلاثة أشهر وغرامة 1000 جنيه مصري، والصادر من محكمة الهرم بتهمة الإساءة للإسلام وازدراء الأديان في أعماله الفنية، يمثل صدمة كبيرة للوسط الفني والمبدعين المصريين، خاصة أن الحكم جاء بناء على البلاغ الذي تقدم به المحامي عسران منصور واتهم فيه عادل إمام بازدراء الدين الإسلامي والاستهزاء بالجلباب والحجاب والنقاب في أعماله الفنية، والتي مر على عرض بعضها 16 عاما، حيث فتح بابا سلسلة لمحاسبة أعمال الفنانين، والتي أجيزت رقابيا وعرضت على المشاهد ولم يشعر عادل إمام بأنه قدم ما يمثل إساءة لدينه بل تعامل معها على أنها أفلام كوميدية خفيفة .

عادل إمام أكد أنه لم يتسلم أي إخطار عن القضية وأنه فوجئ بالحكم الصادر ضده، حيث أعلن عدد من الحقوقيين والمبدعين العرب تضامنهم معه .

عبدالجليل الشرنوبي المنسق العام لجبهة الإبداع المصري أكد أن هناك معركة كبيرة بدأت في الظهور، وعلى كل المبدعين والفنانين التلاحم حتى لا تنتزع منهم حقوقهم في حرية الإبداع، وأضاف عبدالجليل إنهم متضامنون مع الفنان عادل إمام دفاعاً عن حرية الإبداع، والتي تحاول العديد من القوى الظلامية فرض سيطرتها من خلال عدد من الاتهامات ومنها ازدراء الأديان أو أخلاقيات المجتمع، وأن مثل هذا الحكم يمثل رسالة واضحة لفناني مصر ومبدعيها بأن هناك العديد من القيود التي ستفرض على أعمالهم .

الناقد نادر عدلي أوضح أن مثل تلك القضايا اعتاد عليها عادل إمام، وسبق أن رفعت أكثر من قضية ضده ومنها إحدى القضايا التي حكم فيها مرتضي منصور وقت أن كان قاضيا بعقوبة مماثلة للعقوبة الحالية ضد عادل إمام، كما أن هناك عددا من القضايا الطريفة ومنها القضية التي رفعت ضد الفنان محمود ياسين بسبب فيلم “انتبهوا أيها السادة”، من قبل الزبالين، إضافة إلى قضية مشابهة رفعت ضد عادل إمام بسبب استخدامه لاسم قرية حقيقية، لذا فإن تلك القضايا ليست جديدة، ولكنها كانت قد توقفت منذ ما يقرب من ال 10 سنوات، إلا أن هذا الحكم، والذي صدر في إطار متغير سياسي كبير يحدث في مصر وهو صعود التيارات الإسلامية بأغلبية إلى مجلس الشعب، وكونهم سلطة تشريعية، أدى إلى حالة من الاحتقان بين التيارات الحاكمة والوسط السينمائي، خصوصا أنه يسبق هذا الحكم صدور مجموعة من الفتاوى والتصريحات ضد الفن، ما أدى إلى ظهور وتكوّن جبهة الإبداع المصري، والتي تمثل كل الهيئات الإبداعية في مصر، مما يزيد التوتر ومخاوف المبدعين على حريتهم، خاصة أن عادل إمام النجم الأهم في تاريخ السينما، فكان من الطبيعي أن تصل المخاوف إلى قمتها بسبب هذا الحكم وتلك القضية .

رئيس الرقابة على المصنفات د . سيد خطاب أوضح أنه لا يعلم ما هي حيثيات الحكم، وأنه لا تعليق على أحكام القضاء وإن رأى أن الأعمال التي استند إليها القاضي في حكمه مثل مسرحية “الزعيم” تعتبر من أهم المسرحيات التي أوضحت مساوئ الديكتاتورية وكم مفاسد النظام العسكري، أما فيلم “مرجان” فتحدث عن فساد الطبقة الرأسمالية المصرية، مضيفا أن العمل لا ينسب إلى الممثل بل إلى كاتبه ومخرجه، لأن الممثل مجرد أداة فقط، ومن هنا أرى أن هذا الحكم ليس إلا ضجة إعلامية “بروباجندا” إعلامية فقط لجذب الانتباه، خاصة أن بعض المحامين يبحثون عن الشهرة في مثل هذه القضايا، وإن كان التوقيت في مصلحة عادل إمام وفنانين آخرين ليخرجوا عن عزلتهم ويتحدثوا عن آرائهم في حرية الإبداع، والذي يعد مبدأ مهما من مبادئ الثورة المصرية .

وأكد د . سيد خطاب أن الرقابة على المصنفات الفنية كجهة جزء من الجبهة المصرية للإبداع، والتي تهدف إلى حرية المبدع المصري، لأن الحرية ليست منحة أو هبة .

وتمنى خطاب أن تتوقف مثل تلك القضايا وإن كان يؤمن بحق المواطن في اللجوء إلى القضاء إذا أحس بأي إساءة ولكن أن يتم ذلك بقواعد تتفق مع العصر الذي نحيا فيه .

أشرف عبد الغفور نقيب الممثلين أكد أن القضية كانت مفاجئة للجميع والدليل على ذلك صدور حكم غيابي، لأن الذي حدث هو تلاعب المحامي رافع القضية بالأوراق، وقد طلبت أوراق القضية واطلعت على حيثيات الحكم ووجدتها شديدة التفاهة، وأتوقع في الموعد المحدد لاستئناف الحكم يوم 3  إبريل/نيسان المقبل صدور قرار ببراءة الفنان عادل إمام، خاصة أن القضية شديدة التفاهة، إلا أن بعض المحامين اعتاد رفع مثل تلك القضايا لتلميع اسمه فقط، ونحن قررنا كنقابة أن نجند محاميا للدفاع عن عادل، وأن تقوم بعد براءته برفع قضايا ضد أولئك المحامين الذين يستغلون اسم أي فنان للحصول على الشهرة وتحقيق مكاسب .

مسعد فودة نقيب السينمائيين أكد رفضه لمثل هذا الحكم، والذي يعد سابقة خطرة لأن فيه محاسبة على الماضي، فما بالنا بالحاضر، وأكد أنهم سيقومون بكل جهدهم لرفض هذا القرار والدفاع عن حرية الفكر والإبداع .

الخليج الإماراتية في

13/02/2012

 

كليرمو-فيرا للأفلام القصيرة: مهرجان العلم والفن

لاح سرميني - كليرموـ فيرا (فرنسا)  

نضحت الدورة الـ 34 للمهرجان الدولي للأفلام القصيرة في كليرمو ـ فيرا (فرنسا) بالكثير من الأحداث، والمُفاجآت السينمائية، ومنها على سبيل المثال، الاحتفال بمرور خمسين عاماً على تأسيس "المعهد الوطني العالي لفنون العروض المشهدية، وتقنيات البث" (Insas)، وهي مدرسة حكومية للتعليم العالي الفني في بلجيكا الناطقة بالفرنسية، وقد تخيّرت بأن تجمع مناهجها الدراسية عموم الاختصاصات المُتعلقة بالسينما، إدراكاً للصلة الوثيقة بينها، وطوال خمسين عاماً من عمرها شيّدت سمعةً في المجالات السمعية/البصرية، والمسرح، أكان ذلك في بلجيكا، أو خارجها.

تأسّس المعهد في عام 1962 انطلاقاً من الفكرة القائلة بأننا لا نحتاج فقط إلى تدريب المهنييّن في جميع المهن، ولكن، أيضاً يرتكز تعلم اختصاصات العروض على مبدأ التكاملية فيما بينها، حيث لا يمكن تصوّر الإخراج بدون تواجدٍ موازٍ لتكوين الممثلين، وبالضرورة يندرج تدريس المونتاج، والصوت مع مشروع عام في الإخراج، وهكذا، أنشأ هذا المنهج المُتفرّد في تدريس الفنون المشهدية في بلجيكا سبل بحثٍ، وممارسات جديدة تماماً.

تهدف المدرسة لمنح طلبتها تكويناً احترافياً عالي المستوى، وتكوين فنانين، وحرفييّن في السينما، التلفزيون، والمسرح، وأيضاً شحذ روح الإنسانية، والتسامح في نفوس طلبتها، وتكوين محترفين شباب قادرين على ممارسة مهنتهم بذكاء نظرة نقدية تبدو لنا أكثر من أيّ وقتٍ مضى تحدياً جوهرياً تدّعي بأنها تكشف عنه.

يتولى التدريس مجموعة من السينمائيين الناشطين في المجالات الإبداعية، ويهتمون بنقل المعلومات لضمان تحديث مستمرٍ للمعارف التقنية، والتفكير النقديّ حول التطورات التقنية، والفكرية.

يبدأ الطلبة سنتهم الأولى بعد اجتياز امتحانات قبولٍ دقيقة ترتكز على اختباراتٍ يتقدم لها سنوياً حوالي 500 مرشح .

ويعتبر الانفتاح على العالم واحدة من مميزاتها، هناك حوالي عشرين جنسية مختلفة من بين الطلبة، ومما لاشك فيه، يمنح هذا الخليط من الثقافات، والحساسيات تجمعاً خرج منه مجموعة من الشخصيات السينمائية المُعتبرة، ومنهم : جاكو فان دورمايل، ميشيل خليفي، برهان علوية، شانتال أكيرمان، برونو نويتين، فيليب جيلوك، كريستيان هيك، شارل بيرلانغ، ريمي بيلفو،....

وبمناسبة الاحتفال بخمسين عاماً على تأسيس هذه المدرسة، سوف تمتدّ عموم النشاطات، والتظاهرات خلال العامين 2012/2013، وتُسلط الأضواء على الجودة، التنوّع، والاحترافية، وأيضاً عمق المنهج الدراسي، وذلك عن طريق قنواتٍ موجودة سابقاً (الحضور في المهرجانات السينمائية، برمجة أفلام في المراكز الثقافية)، برامج تلفزيونية، أحداثاً خاصة (معارض، إبداع أعمال،...)، وإصداراتٍ تربوية، وخلال الدورة الـ 34 لمهرجان كليرمو ـ فيرا(فرنسا) قدم المعهد عرضين بمجموع 10 أفلام قصيرة.

ذبابٌ، وحشراتٌ أخرى

هناك عالمٌ غير مرئيّ (تقريباً) يتشارك في العيش معنا، يسكنه مليونا نوع من الحشرات، بمعنى ثلثيّ الأنواع الحيوانية المعروفة بالنسبة لنا فوق الأرض، فقط واحدٌ منها ينجح بجعلنا نصرخ بقدرٍ من الفزع، وكأننا التقينا وجهاُ لوجهٍ مع شبح في منحنى أحد الممرات المُعتمة.

إنه عالم الحشرات.

من لم يرتبك من طيران عشوائيّ، وأزيز خنفساء، وهي تتجه مباشرة نحونا ؟

ومن لم تزدد خفقات قلبه عندما يجد صرصاراً في طبق طعامه ؟.

ومع ذلك، هذه الحشرات ليست كبيرة، الأكبر منها المعروفة بالنسبة لنا حتى يومنا هذا كانت تعيش قبل 300 مليون سنة بالقرب من كليرمو ـ فيرا(فرنسا)، وبلغ حجمها 75 سنتمتراً.

اليوم، تمتلك الحشرات حجماً صغيراً، ولكن، هذا لا يعني بأنها أقلّ إثارةً للقلق، وعندما تُوضع الكاميرا في مستواها، ندخل حرفياً في عالمٍ من الخيال، فظاً، عنيفاً، مقلقاً، ومرعباً.

المبيدات الحشرية هي القدر اليومي الذي يعيشه هذا العالم.

الحياة، والموت تيمتان جوهريتان في حياتنا نحن البشر المساكين، ومن أجلنا، عشاق السينما، فإننا ندرك جيداً بأن الحياة، كما الأفلام، يمكن أن تكون قصيرة، وبالنسبة لها، الحشرات المسكينة، الحياة أقصر بكثير، الذبابة على سبيل المثال، تموت من الشيخوخة في 17 يوم بالمتوسط.

الأكثر إثارةً في كلّ هذا، بأننا لا نسمع أيّ صرخة رعبٍ، أو حشرجة نزاعٍ تُرافق مرورها من الحياة إلى الفناء.

صمت الحشرات قبل الحملان،....قاتل.

هذه الحياة التي تتفتح، وتذبل مثل الورود، هو العذاب الذي يعيشه عالم الحشرات "إيغلمان" في فيلم " The Eagleman Stag" لمخرجه "ميكائيل بليز"، بعد عودته من إحدى رحلاته الاستكشافية، يُظهر لنا الحشرات، وفراشاتٍ أخرى اصطادها، ويردد :

ـ "fly, fly, fly, fly..." (طيري، طيري، طيري،..).

وبعد لحظاتٍ، وفي تحوّلٍ لفظيّ، يبدو لنا، وكأنه يُكرر:

ـ "life, life, life, life..."(حياة، حياة، حياة، ..).

سياقٌ صوتيٌّ مُتناظر، وكأنّ الحياة يمكن أن تجمع الجانبين.

وفي هذه المناسبة، دعونا نتذكر اثنين من السينمائيين كانا مهووسين بالحشرات، لاديسلاس ستاريفتش، ولوي بونويل.

بيان أوبرهاوزن

في 28 فبراير من عام 1962،  وخلال الدورة الثامنة لمهرجان الفيلم القصير في أوبرهاوزن، اجتمع 26 سينمائياً ألمانياً شاباً لتوقيع وثيقة دخلت تاريخ السينما تحت عنوان "بيان أوبرهاوزن"، وفيه صرحوا:

"...في ألمانيا، كما الحال مُسبقاً في بلدانٍ أخرى، أصبح الفيلم القصير مدرسة، وحقل تجارب للفيلم الطويل، نعلن طموحنا بإنشاء سينما ألمانية جديدة، ...سينما القدامى ماتت، نحن نعتقد بسينما جديدة".

وأصبح ذاك البيان بمثابة الفعل التأسيسيّ للموجة الألمانية الجديدة التي تجسّدت خلال حقبتيّن عن طريق جيلٍ من السينمائيين الشباب، ومعركتهم لصالح سينما المؤلف الملتزمة طبعت بعمقٍ، ولفترةٍ طويلة السينما الألمانية.

بمناسبة خمسين عاماً على ذاك الحدث، سوف يُنظم مهرجان أوبرهاوزن في شهر أبريل تظاهرة إستعادية، وقد حظي جمهور مهرجان كليرمو ـ فيرا(فرنسا) على فرصة اكتشاف بعض جوانبها من خلال برنامج كارت بلانش .

من بين المُوقعين على البيان واحدٌ من الشخصيات الذي على الأرجح أكثر من الآخرين، ترك بصماته في الحياة الثقافية الألمانية خلال الخمسين عاماً الماضية، بدأ "الكسندر كلوغ" مشواره السينمائي في عام 1961 بعد أن كان مساعداً لـ"فريتز لانغ"، وحتى عام 1986 أخرج عدداً من الأفلام التسجيلية، والقصيرة، وعشرة أفلام طويلة، وبالتوازي، كان يُكمل مسيرة مهمة ككاتب، وينشر عدداً من الروايات، والتجارب، والكتابات النظرية، ومن أجلها حصل على عددٍ من الجوائز الأدبية، ومنذ عام 1988 ينتج تحقيقاتٍ، ومجلاتٍ تلفزيونية ثقافية لصالح القنوات التلفزيونية الخاصة، وفيها يمزج بين التحليل النقديّ، والبحث الشكليّ.

وقد كرم مهرجان كليرمو ـ فيرا(فرنسا) "ألكسندر كلوغ" مع برنامج يتكوّن من ثلاث مقتطفاتٍ فيلميّة تمّ إنتاجها عن طريق "بينالي فينيسيا" بمناسبة معرض "ناسيونال غاليري" للفنان "توماس ديماند" في روتردام.

وفي نفس الوقت، نظمّت "جامعة بليز باسكال/بيت العلوم الإنسانية" مؤتمراً حول الأعمال الفيلمية، والأدبية لـ"ألكسندر كلوغ" بمُشاركة عدد من المُختصين، والباحثين.

هامش :

هذه القراءة هي ترجمة حرفية عن الملف الصحفي للدورة الـ 34 للمهرجان الدولي للأفلام القصيرة في كليرمو ـ فيرا(فرنسا)، والذي يستقبل في مسابقاته أفلاماً قصيرة من كلّ الأنواع (روائية، تسجيلية، تجريبية، وتحريكية).

الجزيرة الوثائقية في

13/02/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)