حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

«الأجمل» للوكينو فيسكونتي:

هل هناك حياة بعد النجومية؟

إبراهيم العريس

هل هناك «حياة» بعد الاستعراض، أو بالأحرى بعد النجومية؟ ما هي الإجابة الممكنة في كل مرة يطرح فيها السؤال الشائك: أين صاروا الآن؟ ونتحدث هنا عن أولئك «النجوم» الذين تحدث عنهم، ومن موقعين مختلفين، الأميركي اندي وارهول والفرنسي غي ديبور، فنانا وفيلسوفا النجومية وشريعة الاستعراض. الأول قال مرة ان كل انسان معرّض في حياته الى ان يكون نجماً ولو لربع ساعة. والثاني حدّد مكان هذه النجومية: عالم الاستعراض. في فيلمه الرائع «ماغنوليا» يصوّر لنا المخرج الأميركي توماس بول اندرسون، المصير البائس لمن كان ذات يوم طفلاً وفاز في مسابقة تلفزيونية جعلته لفترة شهيراً، ثم زالت تلك الشهرة، وبقي هو الى الأبد يعاني زوالها. من هنا يأتي السؤال الذي افتتح هذا الكلام: كيف يعيش كل أولئك الذين يفوزون على شاشة التلفزة أو يظهرون خطفاً ليختفوا بعد ذلك فيعانون وحدهم العودة الى ظلمة الحياة العادية، بعد أضواء «الساحر الصغير». ومن هذا السؤال ينبع آخر: لماذا، أصلاً، يريد كثر ان يصبحوا «نجوماً» ولو لربع ساعة؟ في أيامنا هذه تكثر الدراسات والأعمال الفنية والأدبية التي تعالج هذا الموضوع. وكثر يعتقدون الدنو منه أمراً جديداً. لكننا إذا عدنا أكثر من نصف قرن الى الوراء، سنجد المخرج الإيطالي الكبير لوكينو فيسكونتي، الراحل بعد ذلك بربع قرن، يدنو من هذه الحكاية، وفي كل ما يمكنه من قسوة، في فيلم رائد في هذا المجال هو «الأجمل» (بلّيسيما) الذي كان ثالث فيلم يحققه في مسار سينمائي بدأ بحكاية جريمة أميركية الأصل، لينتهي عام 1976 بفيلم مقتبس عن دانونزيو.

> على عكس كثر من المخرجين الذين اتبعوا أسلوب سينما المؤلف (فكانوا كتاب أعمالهم ومخرجيها)، حقق فيسكونتي كل أعماله تقريباً انطلاقاً من نصوص الآخرين وسيناريواتهم. وهو في «الأجمل» لم يشذ عن تلك القاعدة. بل يمكن القول انه لم يختر حتى، يومها، نوعية الموضوع الذي يختلف عن روح سينماه من نواح كثيرة كما سنرى. كل ما في الأمر كما سيقول لاحقاً، انه أراد منذ بدايته أن يعمل مع سيدة السينما الإيطالية في ذلك الحين آنا مانياني. وحين عرض عليه المشروع، انطلاقاً من سيناريو لسيد الكتابة الواقعية الجديدة تشيزار تزافاتيني، وأُعلم ان البطولة ستكون لمانياني، وافق من فوره حتى قبل أن يقرأ السيناريو... لكنه لم يندم أبداً بعد ذلك. وربما يكون غياب الندم ناتجاً من كون فيسكونتي تمكن بسرعة من إحداث تعديلات في السيناريو وفي جوهر الموضوع ككل جعلتهما ينتميان اليه. فهو من ناحية أبدل هوية البطلة التي كانت في السيناريو الأصلي، سيدة تنتمي الى البورجوازية الإيطالية الطفيلية، بغية السخرية منها، ليجعل منها سيدة من عامة الشعب البروليتاري. ومن جهة ثانية، جعل الفيلم كله فضحاً للشرط الإنساني وموت الطموحات أمام قسوة الواقع، حتى وإن أبقى على النهاية «متفائلة»... في الظاهر على الأقل.

> يتحدث «الأجمل» عن رغبة النجومية، إذاً، ولكن من خلال حكاية أمّ ندرك سريعاً ان خيباتها في حياتها وانهيار أحلام طفولتها ومراهقتها على مذبح الواقع امور تكاد تدمّرها، فتحاول أن تحقق ذاتها كلها من خلال طفلتها ذات السنوات الست. ويحدث هذا حين تسمع مادالينا من على موجات الراديو ان مدينة السينما (تشيني تشيتا) في روما تزمع إقامة مسابقة لأجمل طفلة في روما، بحيث ان هذه الطفلة التي ستنتخب على ذلك النحو، ستقدم من خلال شركة ضخمة للإنتاج السينمائي هي شركة «بلّيسيما»، ما يجعلها نجمة في إيطاليا ذلك الحين. مادالينا (آنا مانياني)، ما إن تتخذ القرار بتقديم طفلتها للمسابقة، حتى تبدأ بخوض النضال في سبيل فرض الطفلة وإنجاحها لإيصالها الى تلك النجومية، على رغم ان الطفلة في حد ذاتها لا تستحق مثل ذلك الفوز. فلا هي حلوة حقاً، ولا هي لافتة في ذكائها، ولا تتمتع بخفة ظل حقيقية. كل ما في الأمر ان أمها فقط تراها مميزة في كل شيء، لذا فهي مستعدة لأي شيء من أجل إطلاق نجومية طفلتها. ومن هنا يتخذ الفيلم كله صورة النضال الحاد والمذلّ أحياناً، المخجل أحياناً أخرى، الذي تخوضه الأم في سبيل الفوز. من الواضح ان مسيرة ذلك الجهد تعطي الفيلم، سمة المكان الذي يكشف الوجه الآخر للديكور. فإذا كان الجمهور العريض قد رأى دائماً عالم السينما في بريق صالوناته الفخمة ونجومه الرائعين والنجاح السريع وقصص الحب المزدهرة، فإنه - أي هذا الجمهور - يجد نفسه هنا في الكواليس، يواجه الحقيقة. وهذه المواجهة تتيح بالتالي للفيلم أن يصوّر التناقض الفاضح بين الحقيقة ووهمها، بين عالم الاستعراض والنجومية، وعالم الناس البائسين الحقيقيين. وما يكتشفه الجمهور هنا، تكتشفه مادالينا أيضاً، على رغم انها، أول الأمر، تغض الطرف تماماً عن ذلك كله. فما يهمها، هي هنا، ليس ان تتمرد على واقع وحقيقة لم تكن، لا هي ولا أمثالها من البشر العاديين، يعرفون شيئاً عنها، بل أن تحقق لطفلتها تلك النجومية التي راحت تكتشف بالتدريج انها زائفة كلياً، بل حتى ذلك المخرج الذي يبدو أول الأمر فناناً عطوفاً سرعان ما يتكشف عن وحش لا يهمه ان يهين كل الناس في كل لحظة من أجل فيلمه ومهنته. مهما يكن، فإن ابنة مادالينا هي التي «تفوز» في المسابقة في النهاية. أول الأمر تعتقد مادالينا بأن الفوز كان لأن ابنتها تستحقه بجمالها وظرفها. ثم تربط ذلك لاحقاً بنضالها هي شخصياً من أجل الفوز. وأخيراً، أمام صدمتها، تكتشف مادالينا مذهولة ان ما جعل الفوز من نصيب ابنتها، إنما هو سخف هذه الابنة وتفاهتها. إذ حين اكتشف «المحكمون» كم ان تفاهة هذه الطفلة ستكون مثار إعجاب جمهور يفضل ان يشاهد التفاهة، أكثر من أي شيء آخر، يختارون ابنة مادالينا لتفوز بلقب «الأجمل». وهذه الحقيقة التي يعرفها متفرجو الفيلم منذ البداية، لا تنكشف أمام وعي مادالينا وإدراكها إلا أخيراً حين تعرض اللقطات التي صورت للطفلة أمام مشاهدين يغرقون صاخبين في الضحك عليها. واللافت هنا ان مادالينا لا تتنبه، حتى الى هذه الحقيقة الماثلة أمام عينيها، إلا بعد أن تلاحظ الدموع في عيني طفلتها التي إذ تشاهد تلك اللقطات مع الآخرين، تدرك - قبل أمها - حقيقة ما يحدث. وهكذا، إذ تشاهد مادالينا الدموع المذلة في عيني الابنة، تفتح عينيها مدركة ما أوصلت ابنتها اليه. وهنا تثور مادالينا، في انتفاضة أخيرة، لكرامة ابنتها وكرامتها، وتقرر الانسحاب وسحب اللقطات ومنع أي بث لها. وعبثاً يحاول اصحاب المشروع إذ بذلوا كل تلك النفقات ودهمهم الوقت، ثنيها عن رفضها لكنها تصر وتعود الى البيت مع الطفلة، حين يكون حب الزوج - الوالد، في الانتظار، تعويضاً عن كل ما حدث. واضح ان هذه النهاية تعيد الأمور الى نصابها، ولكن بعد أن كان فيسكونتي قال كل شيء، وفتح عيني بطلته على زيف عالم الأضواء... ومن خلالها فتح أعين الجمهور العريض.

> طبعاً، لن يكون لوكينو فيسكونتي (1906 - 1976) آخر الفنانين - المفكرين الكبار الذين يتصدون في أعمال قاسية كـ «الأجمل» لتلك الخدعة الكبرى التي لطالما انطلت على الجمهور العريض، لكنه كان الأول والأقسى في مجال فضحه لممارسة لا إنسانية، خصوصاً انه تناول الموضوع من خلال العبث بحياة طفلة وكرامتها، أمام عيني أمها التي كانت النجومية والتسلق الاجتماعي قد أعمياها أول الأمر. و «الأجمل» لم يكن، لا الأول ولا الأخير في سلسلة الأفلام الفيسكونتية التي طبعت الفن السابع، كما كان عمل فيسكونتي في الإخراج المسرحي الأوبرالي، بين فرنسا وإيطاليا، من علامات هذا الإخراج. ومن أبرز أفلام هذا الفنان الذي جمع بين أصول ارستقراطية مرهفة ومرفّهة وبين نزعة ماركسية - انسانية، عميقة، الى «الأجمل»، «الفهد» و«موت في البندقية» و«الأرض تهتز» و«روكو وإخوته» و«الملعونون» و«الغريب» بين أعمال أخرى.

alariss@alhayat.com

الحياة اللندنية في

07/02/2012

 

"انفصال نادر وسيمين": القضية مستمرة دون حل!

أمنية عادل حسن 

ينطفى النور ليظهر على شاشة السينما تصوير مستندات تخص زوجين هما سيمين ونادر ليأخذانا داخل فلكهما الخاص حتى نتوه لنصل فى النهاية لحقيقة واحدة.

فى فيلم "انفصال نادر وسيمين" نجد أنفسنا أمام العديد من الأفكار المطروحة من خلال شخصيات العمل القليلة التى تصحبنا فى رحلة لمده تقارب الساعتين من الزمن نستعرض خلالها حياتهما الخاصة بما تحويه من مشكلات منفصلة متصلة لننتهى معهما عند نفس نقطة البداية، فانفصال نادر وسيمين.. محلك سر.

لكن رغم انتهاء الفيلم وخروجنا من صالات العرض نظل نفكر فى العمل حيث برع مخرجه أصغر فرهادى الذى يعد واحدا من أهم رموز السينما المستقلة الإيرانية وهو كذلك مؤلف الفيلم الذى يحوى العديد من الأفكار التي يعبر عنها من خلال تقنية الكولاج، عاكسا تأثره بما درس فى كلية الفنون الجميلة، واضعا الأحداث فى منظور جديد انعكس على إيقاع العمل بشكل عام وموقف المشاهد منه، فبعد اعتقاده انه أمام الحقيقة يكتشف أن هناك خفايا لا يعرفها مما يخلق تشويقا وإثارة للمشاهد.

خلال استعراضه للحدث الرئيسى وهو انفصال نادر عن سيمين ورغبتها فى الحياة بشكل أفضل لها ولابنتها كذلك محاولة نادر حل مشكلة عدم تواجدها بهذا فقد وافق ضمنيا على عدم وجودها وتعامل الاثنان مع هذا، وهو ما سمح بوجود شخصية أخرى هى (رازيه) التي سترعى أباه المسن الذى يرفض لأجله ترك البلاد ومن هنا يبدأ المخرج فى تغير مسار العمل، فهناك فعل سيحدث يبعدنا عن الفعل الأساسى الانفصال ... وهو قضية نادر ورازيه واتهامها له هى و زوجها أنه سبب فى أجهاضها نتيجة دفعه لها.

تستغرق هذه القضية معظم زمن الفيلم إن لم تكن كله ولكن هذا الابعاد مقصود حتى نتأمل دون تعاطف الحل الذى لا نصل له فى النهاية، ولكن هذا الأسلوب يجعلنا نكتشف الكثير، سواء على مستوى الشخصيات أو المحيط من حولهم فالشخصيات. ونبدأها مع نادر(بيمان مؤدى) الذي يضمر شيئا ويظهر شسئا آخر، فمن ناحية هو يحمى ابنته لكنه في الأصل يحمى ذاته، وهو مليء بالخوف مثل سائر شخصيات الفيلم، فـ"رازيه" ( سارة بيات) تخاف من عقاب الله اذا كذبت و"سيمين" (ليلى حاتمي) تخاف من القهر الممارس عليها و استمراره.

تظل فكرة الظاهر والباطن مخيمة على أجواء العمل لا توضح خبايا الشخصيات وحسب وإنما توضح الأجواء المحيطة بها داخل البلد فيقدم أصغر فرهادى تقدا لملامح بلاده بشكل غير مباشر، من خلال رغبة أشخاص مثل سيمين فى مغادره البلاد أملا فى حياة أفضل وخوفا من القمع الممارس داخل أسوار هذا البلد الذى يرفع شعار الدين ويتخفى خلفه، كما يظهر على مدار العمل من خلال كثرة ترديد القسم بالله م جانب الشخصيات كذلك فى مشهد أعتبره هاما هو مكالمة رازيه لأحد الخدمات التى توفرها الدولة للفتاوى لمعرفه عقابها اذا قامت بمساعدة والد نادر المسن على الاستحمام.

ننتقل من الأفكار لنصل للمكان حيث هناك عدة أماكن بعينها تتوجه لها الشخصيات وتحوى الأحداث، من المحكمة إلى المنزل وصولا للشارع والمستشفى لننتهي الى المكان الأول... المحكمة. ةرغم أن أغلب الأحداث تدور فى أماكن مغلقة إلا أننا نشعر بالاختناق داخل المشكلة حتى ونحن فى أماكن مفتوحة عامة. فنحن غارقون داخل المشكلة من جميع النواحى  من خلال زوايا التصوير التى توضح ذلك بشكل مكثف طوال العمل.

ومع ذلك فكل الأماكن بها محاذير ولا يجوز التجول بها هكذا وهذا ما يسري على كل الشخصيات فـ (نادر) يمنع رازيه من دخول غرفة ما وكذلك يمنع نادر من الدخول لدى القاضى إلا بإذن فهناك محاذير فى كل مكان ولكل الناس.

من المحاذير التى يفرضها المكان الى ما يفرضه المخرج على مشاهده من خلال المونتاج الذى أعده بطلا مجاورا لشخصيات العمل. فقد لعب بشعور المشاهد وعقله كذلك رغم شعورنا بمنطقية وتقليدية الحدث إلا أن هذا لا يستمر طويلا لنظل نرتب الأحداث بشكل منطقى وأعتقد أن هذا ضمن فكرة التغريب المستخدمة داخل العمل.

وتدعيما للتغريب لم نستمع لجملة موسيقية واحدة على مدار العمل وحتى قرابة النهاية لحظة التسليم بأن كل الأمور لا تزال عالقة ولا حل لها.

رغم وجود شخصيات بعينها تتصدر العمل إلا ان مفهوم البطولة الفردية غير مطروح فيغلب هنا الأداء الجماعى الذى يتسم بالرقى والاتقان مما يتوج أداء الممثلين بأربع جوائز خاصة بالتمثيل فقط خلال جولات الفيلم فى المهرجانات الدولية.

ورغم المشكلات التى تعرض لها الفيلم حتى داخل إيران نفسها نتيجة تصريحات أدلى بها فرهادى منتقدا الأوضاع الإيرانية مما تسبب من حجب عمله عن النور إلى أن اعتذر عن هذه التصريحات. رغم هذا حينما ظهر الفيلم وجاب العالم لقى استحسان العامة، فقد حصل على أربع جوائز كأفضل فيلم مختار من قبل الجمهور. كذلك يعد هو الفيلم الإيرانى الأول الذى يحصد جائزة الدب الذهبى فى مهرجان برلين فى دورته (61) كما أنه مكان عرضه الأول، بجانب حصوله على 29 جائزة أخرى من مختلف مهرجانات العالم وحاليا تم ضمه لقائمة الأفلام الأفضل على مدار تاريخ السينما.

فالفيلم يعبر بالسينما الإيرانية لتصل لمرحلة جديدة تاركا أبطاله فى مكانهم دون حراك.

عين على السينما في

07/02/2012

 

قبل عام مات عمر أميرلاي.. بعد عام عاش عمر أميرلاي!

بقلم: رضاب فيصل 

المخرج السوري الراحل كان مثقفا رؤيويا تنبأ بالثورة قبل عقد، لكنه رحل قبل أن يشاهد تحقيق حلمه في الواقع.

نسترجع اليوم ذكرى رحيل المخرج عمر أميرالاي الذي توفي في الخامس من شباط/فبراير العام الماضي. بعد أن أمضى أغلب معظم حياته في التقصّي وراء الحدث السوري، واضعاً واقعنا المرير في سياق درامي يجنب الحقيقة إلى حد كبير.

أمضى أميرالاي حياته في تحليل السينما وصناعتها، واحتفت بإنجازاته بلدان كثيرة ماعدا بلده سوريا، فالسينمائي المشاكس والمخالف لقوانين الرقابة لا مكان له هناك، خاصة أن أفلامه توثق لسنين من القمع والفساد في سوريا.

وهذا أجبره على الغياب القسري لفترة طويلة عن بلاده، أنتج خلالها عدة أفلام تسجيلية رصدت وضع المواطن السوري في مجتمع كبّلت يداه السلطة القائمة.

وقال أميرالاي ذات مرة إن السينما التي يصنعها هي رفضٌ واضح لليأس والقهر اللذين يسودان الواقع من حوله، واحتجاجٌ صارخ على سيطرة السلطة على الثقافة وأدواتها الفنية.

ولد أميرالاي عام 1944 في دمشق، ودرس المسرح في جامعة "مسرح الأمم" في باريس عامي 1966-1967، والتحق بالمعهد العالي للدراسات السينمائية فيها، وعاد إلى سوريا عام 1970. لينجز فيلمه الأول "محاولة عن سد الفرات" الذي شجّع من خلاله أكبر مشاريع التطوير السورية.

لكنه عاد ليغير رأيه في 2003 في فيلمه الشهير "طوفان في بلاد البعث"، وفيه يقارب بين فيضان أحد سدود نهر الفرات وغمره لقرى كاملة بأهلها، وبين الوضع السوري المتأزم نتيجة نمط حكم سياسي أخطأ منذ البداية، حيث ركّز على انهيار المؤسسة التعليمية في سوريا، وصوّر جمودها واهتراء أساليبها التربوية.

ولعب دوراً رئيسياً في ربيع دمشق عامي 2000-2001، وكان أحد موقعي "بيان الـ99" الذي صدر عام 2001 ويضم 99 مثقفاً سورياً طالبوا برفع حال الطوارئ وإطلاق الحريات العامة والإفراج عن المعتقلين السياسيين.

وفي عهدته 20 فيلماً وثائقياً، منها فيلم "مصائب قوم" و"عطر الجنة" و"إلى السيدة رئيسة الوزراء بنازير بوتو" وفيلم "الحياة اليومية في قرية سورية" الذي أنجزه بالتعاون مع المسرحي الراحل سعد الله ونوس، و"الرجل ذو النعل الذهبي" المعدّ حول الرئيس رفيق الحريري.

كما وثّق أميرالاي الأيام الأخيرة في حياة الراحل سعد الله ونوس، حيث صوّره داخل المشفى يصارع مرض السرطان الذي أجهز عليه في النهاية، فكان هذا الفيلم البوح الأخير لونوس عن آرائه السياسية التي سرقت شبابه كله، إنه فيلم يبين ارتباط جيل ونوس بالصراع السياسي وبصراع الوجود العربي الإسرائيلي.

واليوم يعتب عشاقه أميرالاي عليه لأنه تركهم في أشدّ حاجتهم إليه، تركهم ولم يشهد تحقيق الحلم الذي عاش لأجله ونادى به، لكنهم لم يتركوه أبدا بل ذهبوا إلى ضريحه وغمروه بالورود وبعلم الاستقلال الذي يعبّر عن انتفاضة الشارع السوري.

وعبروا جميعهم على صفحاتهم الفيسبوكية عن مدى شوقهم إليه، متخذين منه وحياً ثورياً ورافعين اسمه كأحد رموز الثورة السورية مع أنه مات قبل نشوئها بشهر ونصف تقريباً.

وتكتب الشاعرة السورية رشا عمران "قبل عام مات عمر أميرلاي، بعد عام عاش عمر أميرلاي"، لتقول أنه لا يزال دافعاً قوياً باتجاه تكسير القيد والنهوض بمجتمع حر ونظيف. وهو حي في قلب كل سوري شاهد فيلماً من أفلامه وتعلّق به.

وفي رابطة الكتاب السوريين جديدة التأسيس، يكتب ياسين الحاج صالح "لم يكن عمر أميرالاي أسيرا لاختصاصه السينمائي، لا يهتم بما يجري خارجه أو حوله. كان مثقفا تواصليا مبادرا، معنيا بالتنشيط الثقافي، وبتنمية الدور الاجتماعي للثقافة، ولا يكف عن التعاون مع غيره والعمل على أن يكون للثقافة والمثقفين كلمة في الفضاء العام".

ويتابع "بعد قليل من غياب عمر تفجرت الثورة في سوريا. وبقدر ما أنها تشكل اليوم التجربة المكونة لجيل جديد، متحرر من عقدة الهزيمة، يبدو إنها تضع نقطة النهاية لجيل قديم، عاجز عن تغيير نفسه أو ما بنفسه، ومن باب أولى تغيير غيره".

ميدل إيست أنلاين في

07/02/2012

 

رئيس هيئة الرقابة:

صعود التيارات الإسلامية ليس له أي تأثير على دور الرقابة

أحمد الريدي - رضوى الشاذلي  

لجان رقابية للإجازة وقرارات بالحذف أو إعادة المشاهدة، هكذا ينتهى الفصل الأول، ثم يبدأ فصل جديد بلجان مشاهدة جديدة تجيز الفيلم بلا أى ملاحظات عقب انتقادات موسعة تجاه أداء هيئة الرقابة على المصنفات الفنية التى شهدت ارتباكا فى قراراتها.

فيلم «مصور قتيل» أوردت لجنة مشاهدته الأولى بالرقابة عدة ملاحظات لكونه يتعرض للغيبيات وما يعتبره البعض مخالفا للشريعة الإسلامية، قبل أن تشكل لجنة ثانية من الرقابة للمشاهدة وتجيز الفيلم دون أى ملاحظات، وفيلم «واحد صحيح» قرر الرقيب تشكيل لجنة ثانية لمشاهدته بعد عرضه لتلقيه شكاوى بشأن أحد مشاهده، قبل أن يعود ويؤكد أنه لن يحذف منه أى مشاهد.

كل هذا يأتى فى ظل صعود تيارات الإسلام السياسى فى مصر، وهو ما طرح عدة تساؤلات حول أداء هيئة الرقابة، حيث أكد المخرج محمد خان أن الرقابة تابعة لوزارة الثقافة وهو ما يعنى تبعيتها للحكومة، كما أنه دائما ما تكون محاذير الرقابة عائمة، واصفا ما حدث مؤخرا بأنها علامات غير مطمئنة، لكنه أبدى تفاؤله بموقف الفنانين فى جبهة الدفاع عن حرية الإبداع واعتبرها حصن الفنانين، متوقعا صداما حتميا مع الرقابة للدفاع عن الإبداع، أما المخرج على بدرخان فقد أكد أن أداء الرقابة فى الفترة الماضية لم يكن مرتبكا، وذلك لأن من وظيفتها عندما ترد لها شكاوى أن تبحثها، وعن كون ذلك قد يخالف القانون فقد قال بدرخان إن الشركات المنتجة قد تقوم بتغيير نسخة العمل التى شاهدتها الرقابة عندما تطرحها بدور العرض وهو ما يتوجب تدخل الرقابة، مشيرا فى الوقت ذاته إلى رفضه الرقابة على الفن بينما أبدى تمسكه بالرقابة على التجارة بالفن.

أما رئيس هيئة الرقابة الدكتور سيد خطاب فقد نفى أن يكون صعود التيارات الإسلامية له أى تأثير على الرقابة، وأنه يقوم بتنفيذ القانون الذى سيعاقبه إن أخطأ، نافيا أن يكون أداء الرقابة مرتبكا فى الفترة الماضية، المنتج محمد العدل يرى أيضا أن الرقابة منذ عام مضى لم يكن لها أى تدخلات على الأفلام المطروحة للعرض، ولكنه أكد فى الوقت نفسه أن بعض شركات الإنتاج قد تقوم باستخدام ورقة الرقابة من أجل عمل دعاية لأفلامها المطروحة.

التحرير المصرية في

08/02/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)