حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

المخرج هادي ماهود:

إسقاطات على واقع العراق ومعاناته

يوسف أبو الفوز

لم يتوقف الفنان السينمائي هادي ماهود يوما عن النشاط الفني، منذ التحاقه بمعهد الفنون الجميلة وأكاديمية الفنون الجميلة وتخرجه فيهما، وبعد أن هاجر في عام 1995 الى استراليا، كان من أوائل العائدين بعد سقوط النظام الديكتاتوري المقبور، حيث واصل وفي ظل مختلف الظروف نشاطاته السينمائية، ليتحفنا باستمرار بإخراج أشرطة فيلمية، وثائقية وروائية، طويلة وقصيرة، الى جانب المساهمة في العمل التلفزيوني في العديد من البرامج لمختلف المحطات التلفزيونية وحصلت أفلامه على ثناء النقاد والمشاهدين ونال العديد منها الجوائز في مهرجانات سينمائية عراقية وعربية وعالمية.

مشروع فيلمه الروائي الطويل "في أقاصي الجنوب" تعثر إنتاجه بسبب رئيس ألا وهو تعذر توفر التمويل المناسب، فلم ييأس، فقد لجأ مؤخرا الى إنتاج فيلم قصير، كتب قصته والسيناريو بنفسه، وتولى إخراجه مع كادر فني مترع بالحيوية والشباب برعاية (بغداد عاصمة الثقافة العربية). للحديث عن فيلمه الأخير "العربانة"، الذي انتهى من تصويره أخيرا، ويشكل الفيلم الخامس في سلسلة الأفلام الروائية التي يخرجها، كان لنا معه هذه اللقاء عبر الهاتف:

·         هل يمكن أن نعرف أين وصلت مراحل الفيلم بعد انتهاء التصوير؟ وكم تقدر الفترة اللازمة لإنهاء ذلك، وهل هناك وقت محدد، مهرجان أو عرض خاص، لعرض الفيلم للمشاهدين؟

- أتحدث معكم الآن من بغداد من غرفة خاصة لمونتاج الفيلم، ونحن جادون في انجاز الأعمال الفنية  المصاحبة للمونتاج بأسرع ما يمكن، ولدينا فكرة لعرض أول في المسرح الوطني في بغداد، ثم عرض خاص في مدينة السماوة التي شهدت ورعت تصوير الفيلم، ربما يكون ذلك منتصف شباط او نهايته.

·         ماذا تريد أن تقول لنا في العربانة؟

- العربانة فيلم قصير سيكون من عشرين أو خمس وعشرين دقيقة، يريد أن يقدم رسالة عبر إسقاطات على واقع العراق ومعاناته، فالعربانة هنا اكبر من كونها عربانة عادية، خصوصا أننا لا نسمع من قائدها سوى الهمهمات إضافة إلى كونه يعاني حالة جنون، فهو السائر بالعربانة باتجاه الكارثة! وهي تحمل جنديا خارجا من معركة، وتمر بعدة مواقف ومحطات تحمل إسقاطاتها وإيماءاتها، ولابد من القول أن الفيلم يحمل أيضا البشارة والأمل والثقة بالمستقبل والأجيال القادمة.

·         عرفنا أن كادر الفيلم المثابر كان بعضه من خارج الوسط الفني، هناك مثلا شاعر، ماذا تريد أن تقول عبر هذا الأمر؟

- غالبية ممثلينا في السينما والتلفزيون جاءوا من المسرح حاملين معهم عدة العمل المسرحي، غير قادرين على تجاوزها، مما يشكلون أحيانا عبئا على العمل الفني، بينما التعامل مع ممثل خامة، مثلا الشاعر نجم عذوف، منحني الفرصة لان يخرج الممثل عن قالب ونمطية اعتدناها من بعض فنانينا في الأعمال التلفزيونية والسينمائية، فنجم عذوف هنا يقدم وبنجاح حالات لا يكرر فيها نفسه، إضافة الى وجود فنان محترف مثل جمال أمين، الذي ادى دور قائد العربة والآخرين، وقد أجادوا بشكل أثار إعجابي كمخرج، وستتعرفون على أدائهم البارع عند عرض الفيلم!

·         ماذا عن مشروع فيلم "في أقاصي الجنوب"؟

-لا يزال مشروعا ينتظر رحمة الجهات المعنية، فبالرغم من وجود قرارات رسمية بصرف مساعدة مالية لي وبقرار يحمل رقما في مكاتب المجلس البلدي في محافظة المثنى، إلا أني لا اعرف مصير المبلغ المرصود وأسباب عدم صرفه، وقد كتبت عن ذلك مرارا، ولا حياة لمن ينادي، وبالرغم من اتصالاتي المستمرة مع جهات رسمية إلا أن ثمة آذان من طين دائما خصوصا حين يسمعون كلمة سينما!

·         وهل واجهتك عقبات لإنجاز تصوير العربانة؟

- العقبات موجودة في مجمل عمل قطاع السينما المهمل تماما من قبل الدولة، حيث لا يوجد للأسف وعي كاف بأهمية هذا القطاع، والدولة العراقية، تصرف الأموال الطائلة على قطاعات غير منتجة ومجدية، أما قضية الثقافة، ومنها قطاع السينما، فلا احد يبال بذلك. تصويري فيلم العربانة، وهو قصير، واجه الكثير من العقبات الإنتاجية، فما بالك لو كان فيلما طويلا؟ لم يكن ممكنا انجازه لولا  تعاون أناس مخلصين استجابوا لنداءاتي  وطلباتي المتكررة للمساعدة مثل الأستاذ محافظ المثنى إبراهيم الميالي، والمسؤولين في شرطة المحافظة، إذ أن مساعدتهم اللوجستية لتصوير الفيلم ساهمت كثيرا في تقليل تكلفة الإنتاج وسرعة انجاز مراحل التصوير. وللأسف إن مسؤولين كبارا في وزارتي الثقافة والدفاع معنيون بالمساعدة، وهو كما اعرف جزء من واجبهم الذي يمنحهم الشعب لأجله رواتب مجزية، كانوا يتهربون بشكل مباشر حتى من الرد على هواتفي ونداءاتي ووعودهم بالمساعدة.

المدى العراقية في

19/01/2012

 

فيلم رجل النوطة الواحدة ..

التحرر من عمل لا تشعر فيه بالابداع

كاظم مرشد السلوم 

يتحدث  فيلم رجل النوطة الواحدة  - وهو واحد من الافلام الجميلة التي عرضت في مهرجان العراق الدولي للفيلم القصير، للمخرج التركي"  داغان سلاير  " مدة الفيلم 13.42 دقيقة - عن عازف للآلة الصنج ضمن فرقة سمفونية، يعتقد انه مهم جدا في الفرقة ولكن هذا مالا يتلمسه الاخرون، لكن هناك أمرأة ما تعرف اهمية الدور الذي يلعبه عازف الصنج رغم انه لايضرب هذا الصنج طيلة مدة عزف الفرقة سوى مرة او مرتين، الرجل يشعر ببساطة دوره ويعمد المخرج داغان سلاير الى البدء بمشاهد استهلالية تظهر حرص العازف على آلته وتنظيفها لكن أحد الحضور يضع عليها قدحه الفارغ، معتقدا أنها " صينية " النادل، كدلالة على عدم اهتمام الجمهور او انتباهم الى اهمية الدور الذي تلعبه هذه الالة وعازفها ضمن العمل السمفوني، ومع بدء اعضاء الفرقة السمفونية بالتهيؤ للعزف وترتيب دفتر النوطات تظهر صفحتهم الأولى مليئة بالنوطات لكن صفحته لا يوجد فيها إلا الخطوط الفارغة من اي نوطة، اللقطات القريبة لوجه العازف تظهر مدى حرجه من ضآلة دوره واضطراره  الانتظار الى النهاية ليضرب ضربة واحدة على آلة الصنج حيث تشير الصفحة الاخيرة من دفتر النوطات الى اشارة في آخر سطر منها الى وجود نوطة واحدة تدل على دوره في هذه المعزوفة السمفونية.

مايزيد من حراجة موقفه هو وجود المرأة المعجبة به، والتي تصفق له بشدة مع انتهاء العزف. والتي تحرص على الحضور باستمرار الى حفلات الفرقة والجلوس في ذات المقعد دائما.

الفيلم القصير عادة ما يحاول صانعوه تكثيف النص الصوري بما يؤمن ايصال المتن الحكائي الى المتلقي، وبالتالي يشهد هذا النوع من الافلام تكثيفا كبيرا ربما هو الذي يشكل ميزة الفيلم وشكله، فلا وجود فيه للترهلات او المشاهد الزائدة المحشورة لاطالة وقت الفيلم كما في الافلام الروائية الطويلة، وبالتالي يكون اشبه بالقصة القصيرة او بالقصيدة القصير او قصيدة الومضة، ولكن هل كل المخرجين او كل الافلام القصيرة تتوفر على ذلك، لا اعتقد لان الكثير من مخرجي هذه الافلام لم يستطع ان يصل بفيلمه الى هذه المواصفات وياتي الفيلم عاديا وهذا ماكانت عليه بعض افلام المهرجان او الكثير من الافلام القصيرة التي تنتج في اماكن مختلفة من العالم.

في كل مرة تعزف فرقته ينشغل عازف الصنج بالمرأة المعجبة فينتبه لذلك مايسترو الفرقة السمفونية، من خلال انتباهه الى حركات العازف وخصوصا حركة رأسه الى اليمين واليسار كونه اي المايسترو يحجب الرؤيا بين الاثنين، العازف ينحت مصغر لشكل النوطة الموسيقة من النحاس ليهديه للمرأة المعجبة ويحضر قبل الجميع فيضعها لها على المقعد الذي اعتادت ان تجلس فيه في السطر الاول من القاعة. لكن امرأة تسبقها في الوصول فتجلس على مقعدها وتسقط المنحوتة ارضا دون الانتباه إليها.

المايسترو يكتب ورقة الى المرأة يطلب منها عدم الحضور مستقبلا كونها تشتت ذهنه ولا يكتب انها تشتت عازف الصنج فتهم ان الرسالة من العازف، حين تستلم الرسالة تخرج راكضة في الشارع مثيرة دهشة العازف الذي لا يتمالك نفسه فيخرج مسرعا للحاق بها، وفي جو عاصف وممطر في اشارة الى التغيير الكبير الذي من الممكن ان يحصل في حياة العازف تركب المرأة سيارة اجرة تاركة الورقة تسقط من يدها ليجرفها تيار الماء الى تحت قدمي العازف الذي يعرف من خلالها حقيقية ماجرى، فيعود الى القاعة ليضرب الصنج عدة مرات مثير ضجة وعرقلة للعزف ودهشة للجمهور.

المخرج يقطع مباشرة الى شقة العازف الذي يتأمل آلته ومألت إليه اموره مفكرا بالمرأة التي غادرت وبالوظيفة التي فقدها، وهنا يوظف المخرج لقطة في غاية الجمال والروعة وهو دخول اشعة الشمس الى غرفته لينهض وينظر من النافذة ليجد المرأة تقف تحت احد الاشجار تنظر الى نافذته مبتسمة.

وليعرف هو ان قرار التحرر من عمله هذا قد تاخر كثيرا وكان يفترض ان يتخذه منذ مدة طويلة.

المدى العراقية في

19/01/2012

 

(الحنين إلى النور) رحلة بحث ما بين السماء والأرض

لاتيكا بادغونكار

ترجمة: نجاح الجبيلي 

(الحنين إلى النور) هو فيلم وثائقي للمخرج التشيلي باتريشيو غوثمان إنتاج  عام 2010 ومدته تسعون دقيقة، تدور أحداثه في الصحراء التشيلية الموحشة التي  تضم مراصد فلكية، والتي دفن في أرضها العديد من الناس الأبرياء ضحايا  الحاكم الدكتاتوري بينوشت الذي حكم تشيلي بعد سقوط حكومة الليندي عام 1973.

 

وفي هذه المقالة تلقي الناقدة الهندية لاتيكا بادغونكا الضوء على هذا الفيلم الرائع:   

هناك نوعان من رحلات البحث يحدثان بشكل متزامن في فيلم "الحنين للنور"، وهو فيلم وثائقي ذكي للمخرج التشيلي "باترشيو غوثمان" إحداها تأخذنا إلى النجوم، والأخرى إلى الأرض التي تحت قدميك. على علو 3000 متر تعد صحراء "أتاكاما" التشيلية الشبيهة بالقمر احد أوحش الأماكن على الأرض، فجوّّّها الخام يسمح لك بأن تحدق عميقاً إلى السماء وحدود الكون.

يقول المخرج:" يكون النور من القوة إذ أنك تستطيع أن ترى ظل "مجرة اللبانة" وهنا جرى بناء مختبر للفلكيين كي يتفحصوا السماء ويفهموا بداية الخلق.

 لكن عند أسفل المختبر كانت النساء يبحثن لمدة 28 سنة عن بقايا أفراد عوائلهن. فهنّّّ ينخلن الرمل كي يعثرن على آثار لأولئك الذين اختفوا أو قتلوا أثناء فترة حكم بينوشيت (1973-1992) ثم جرى التخلص منهم ودفنهم في معسكرات الاعتقال في تشاكابوكو في منطقة مجدبة كانت في يوم من الأيام طريقاً للتجارة.

كان محتوى هذه الصحراء من الملح كبيراً يكفي لحفظ الجثث وفي الحقيقة جرى اكتشاف مومياءات عمرها 8000 سنة هنا. ويسميها غوثمان "منطقة الذاكرة". لا حشرات أو حيوانات تعيش هنا ومع ذلك فإن هذا الطريق الذي كان جارياً مرة مليء بالتاريخ.

إن كلا البحثين – الفلكي والأركيولوجي، السماوي والأرضي، الشعري والدموي- يجريان من خلال صور الجمال والقوة اللذين لا يقارنان. والنتيجة تصبح فوراً سحرية وعاطفية. وبالتبادل مع اللقطات المثيرة للسماوات – أنك ترى ذرات الفضاء تسقط عليك- والأحاديث مع العلماء الذين يتكلمون ببالغ الحكمة هو المسار الثاني للفيلم: مقابلات مع النساء اللاتي يرجعن باستمرار إلى الصحراء كسيرات القلب وفارغات الأيدي ومع ذلك فهن صامدات. إحدى النساء توري قدم أخيها الميت التي مازالت في الحذاء قائلة:" أريد أن أضرب قدمه؛ لقد أصابها البلى لكننا كنا قد لممنا الشمل".

خلال التصوير عثر كادر الفيلم على جثة لسجينة فقدت منذ وقت طويل. بمعنى أن كلتا المجموعتين من الناس تبحثان في ماض عنيد ظاهر، متتبعين نوعين مختلفين من الجثث. فهو بالنسبة للنساء- البقايا البشرية ومن خلالها ماضي بلادها السياسي وذاكرتها الحاضرة؛ وبالنسبة للفلكيين – الأجساد السماوية وأصول الكون. يقول أحد الفلكيين:" الماضي هو أداة الفلكي الرئيسية مثلما هو أداة الأركيولوجي". "إننا نتلاعب في الماضي". لكن كلا البحثين يمتزجان حين نرى البصمات الرقمية للنجوم ومساراتها الكالسيومية. يربط الفلكي تلك بخطوط الكالسيوم في العظام البشرية. وكلاهما يتحدثان عن الكون بأكمله معاً.

إن فيلم "الحنين إلى النور" أكثر من فيلم ذي حساسية كبيرة وقوة بصرية، إذ كل من النجوم والصحراء يجري التقاطهما باللطف نفسه. لكنه تحري في اشتغالات الذاكرة. وبينما النساء يبحثن في الرمال كي يعثرن على البقايا البشرية المدفونة لمدة ثلاثين سنة، فإنهن لا يعرفن إلا القليل عن الماضي البعيد للقرن التاسع عشر المتعلق بسر الهنود الحمر المهمشين. يقول الفيلم إن الماضي المدفون لا يقدم عوناً لأحد.

المدى العراقية في

19/01/2012

 

شـرايــط.."مريم كشاورز".. الوقوف وراء النص

كاظم مرشد السلوم 

ربما تكون السمة المميزة لفيلم "شرايط" للمخرجة الإيرانية المقيمة في  الولايات المتحدة "مريم كشاورز ، هي الجرأة في طرح موضوع ربما لم تتعرض له  الكثير من الأفلام ، ليست الإيرانية فقط بل حتى أفلام دول لها باع طويل في  السينما، فهي تحاول أن تتعرض للمقدس الإسلامي بجرأة ربما لم ألحظها أنا على اقل تقدير في باقي الأفلام الإيرانية التي كثيرا ما انتقدت التابو الإسلامي والتشدد الذي تمارسه السلطة الدينية في إيران، ولكنها لم تطرح مثل هذا الطرح الذي طرحته "مريم كشاورز"، حيث يحكي الفيلم قصة فتاتين صديقتين من طبقة ارستقراطية، مازالت متمسكة بتقاليدها الاستقراطية رغم التغيير الكبير الحاصل في إيران بعد مجيء آية الله الخميني إلى السلطة في شباط 1979،
أولى علامات التمرد تبدأ بالمشهد الاستهلالي للفيلم ، حيث باحة مدرسة ثانوية ينادي فيها على أسماء الطالبات ، وطلب المديرة من الطالبة "شيرين" قامت بدورها الممثلة الفرنسية الجنسية والإيرانية الأصل "سارة كاظمي" أن تبقى لكي تتكلم مع المديرة فتبقى معها صديقتها الطالبة "عاطفة"، تلعب دورها الممثلة  "نيكول بوشهري" ، حيث يتضح اعتماد شيرين على عاطفة في دفع مستحقات المدرسة المتأخرة ، ثم تسخران من المديرة وتقلدان صوتها، لينتقل الفيلم بلقطات عدة لإيصال فكرة طموح الفتاتين بالحصول على كامل حريتهما، والحرية هنا ليست حرية البيت، بل حرية المجتمع فعائلتهما الاستقراطية لا تمانع ولا تعترض على كل ما تقومان به ، حيث تذهبان الى منازل للجنس والدعارة وتعاطي الحشيش وهما مازالتا طالبتي إعدادية.

الأخ الأكبر لعاطفة متدين عكس بقية أفراد العائلة خصوصا وهو العائد توا من الباسيج ، رغم تعليمه الاستقراطي الواضح فهو عازف ومحب للموسيقى بشكل كبير ، وهو لا يعترض على تصرفات أخته رغم عدم رضاه الداخلي فتبدو سلطة الأب هي المهيمنة عليه ، فيقوم بمراقبة أفراد أسرته من خلال نصب كاميرات مراقبة في كافة أرجاء المنزل ويستمتع بذلك في إشارة الى الوضع النفسي الذي يعانيه.

عاطفة تحلم بمغادرة طهران إلى دبي حيث الحرية الواسعة ، واعتقد أن اختيار دبي له دلالة واضحة على التباين بين مجتمعين إسلاميين .

عاطفة وبسبب شبقها الكبير والواضح تتحول إلى شاذة تعشق صديقتها شيرين، وفي مشهد فيه تعرض واضح للمقدس تبدأ عاطفة بملامسة صديقتها شيرين وتبدأ بمضاجعتها مع تكبير المؤذن لصلاة الفجر، واعتقد أن هذا المشهد قد أثار الكثير من ردود الأفعال باتجاه الفيلم ، فالكثير من الأفلام الإيرانية تعرضت للنظام وللإسلاميين المتشددين دون الإساءة الواضحة للمقدس ، فالأذان هو إسلامي عام وليس إيرانيا فقط ، ولو أخذنا فيلم مثل "السلحية" للمخرج كمال تبريزي "فانه يتعرض لشخص رجل الدين الفاسد بشكل كبير وكذلك للمؤسسة الدينية، معتبرا أن الممارسة الفردية هي الخلل وليس الإسلام ، وحصل الفيلم على العديد من الجوائز في داخل إيران وخارجها ، وكذلك فيلم أطفال الجنة للمخرج "مجيد مجيدي"، حيث يدين الفيلم الطقوس الدينية في إيران ، فرغم حاجة أولاده لشراء حذاء بدل الذي فقدوه ، يظهر الفيلم الأب وهو يذهب يوميا إلى مجالس العزاء الدينية والتبرع لها ولكن السلطة لم تستطع منع الفيلم لأنه يقدم طرحا عن خلل واضح في تفكير الرجال المتدينين، وحصل الفيلم كذلك على العديد من الجوائز ، ورشح لجائزة الأوسكار عن أفضل فيلم أجنبي في حينها.

الفيلم يحاول طرح قضية هاتين الفتاتين بشكل مرتبك، فهو لم يقدمهما كفتاتين مضطهدتين لكي نتعاطف معهما، بل قدمهما كفتاتين شاذتين تحاولان التمرد على كل شيء، العائلة، السلطة والدين.

الأخ الكبير "مهران" يقع في حب صديقة أخته شيرين، رغم معرفته بإقامتها علاقة جنسية مع شقيقته ، خصوصا بعد إلقاء القبض على الاثنتين وهما في حالة سكر شديد وتقودان سيارتهما وتصرخان طالبتين أن تتم مضاجعتهما من احد ما، بعد أن حاولتا مع بعض أصدقائهما دبلجة فيلم "ميلك" لشين بن" إلى اللغة الإيرانية إيغالاً في تحدي السلطة والمجتمع المحافظ الذي يعشن فيه، فيلقى القبض عليهن واقتيادهن إلى مبنى للمخابرات، حيث يعمل الأخ مهران، تحاول المخرجة مريم كشاورز أن تعرض طرق التحقيق التي فيها انتهاك كبير لحقوق الإنسان، "مشهد فحص عذرية، عاطفة"، والضغط الكبير الذي تعانيه "شيرن" من قبل المحقق ، لكن تدخل والد عاطفة ينهي الموضوع ويتمكن من إخراجهما من السجن بعد أن يعرف أن ابنته قد فقدت عذريتها، ولكنه لا يبدي أي اعتراض أو غضب على ذلك ، كذلك الابن مهران يطلب من شيرن الزواج رغم معرفته بتفاصيل التحقيق ، وربما أرادت "مريم كشاورز" أن تقول إن نظرة هذه الطبقة الاستقراطية الإيرانية إلى مثل هكذا أمور لا تختلف كثيرا عن نظرة المجتمع الأوربي لها .

وتؤكد على ذلك بمعرفة الأخ مضاجعة أخته لزوجته من خلال كاميرا المراقبة التي يضعها، وتحدي أخته له بالوقوف أمام كاميرا المراقبة. وتمسكه رغم ذلك بزوجته ، رغم تأثيره على الأب وإقناعه بالصلاة معه.

الفيلم ينتهي بسفر عاطفة إلى دبي مدينة الأحلام بالنسبة لها بعد أن ترشي رجل الجوازات لكي يتقاضى عن موافقة والدها على سفرها كونها قاصر.

من الناحية الفنية واستخدام عناصر اللغة السينمائية، وقفت المخرجة مريم كشاورز خلف النص الذي كتبته مريام يشافارز ، معتمدة على مشاهد الإثارة في الفيلم معتبرة أن هذه المشاهد ذات الدلالة المباشرة ربما تغني عن استخدام مشاهد ذات دلالات ورموز توصل ما يريد الفيلم أن يقوله . ولم تقف أمامه إلا في مشاهد بسيطة مثل مشهد استرخاء الفتاتين وفي الخلف شوارع طهران مملوءة بالسيارات وكذلك صورتيهما وهما تطلان برأسيهما من على الجسر . وربما تكون قد راهنت على الدهشة التي قد تصيب المتلقي من خلال الطرح الجريء لموضوعة الفيلم .

الممثلتان الرئيسيتان في الفيلم "سارة كاظمي" و"نيكول بوشهري" أدين دورهما بشكل متقن وجميل ، واعتقد أن ذلك متأت من امتلاكهما للحرية الواسعة كونهما تعيشان خارج إيران ، رغم أن "سارة كاظمي"، كان هذا دورها الأول في السينما الإيرانية.

(التايتل) النهائي للفيلم حمل أسماء عدة شركات إنتاج فنية نجدها حاضرة في العديد من أفلام سينما هوليوود ، الأمر الذي يفسر الجهات الكبيرة التي تقف خلف إنتاج الفيلم . عكس العديد من الأفلام الإيرانية الناجحة التي تميزت ببساطة الإنتاج وحازت العديد من الجوائز العالمية. الفيلم برأيي أراد أن يقول للمشاهد الغربي إن هذه هي حقيقية إيران ، ولم يرد أن يقول ذلك للمشاهد الإيراني المطلع على كل حيثيات الأمور في بلده ، والذي ربما لا يقتنع بما طرحه الفيلم حتى لو كان متقاطعا مع النظام هناك .

المدى العراقية في

26/01/2012

 

بسبب الأزمات في العالم وإشراك الفنان وإبداء رأيه فيها وتصنيفه ضمن قوائم

هل مازالت الصِّحافة الفنِّيَّة الروح النابضة للفنان السوري؟

عامر عبد السلام من دمشق  

مع إنتشار الحركات الثَّوريَّة في العديد من بلدان العالم العربي، وبما أنَّ الفنان يعتبر قدوةً للمجتمع، فإنَّه كان حاضرًا أو لربما أُجبر على الحضور وإبداء رأيه في هذه الأحداث، فكيف يصف الفنانون العلاقة مع الصِّحافة خصوصًا عندما كانوا يُسألون عن آرائهم السِّياسيَّة؟

دمشق: من دون شك لم يكن عام 2011 المنصرم من أحسن الأعوام المهنية بالنسبة للصحافة الفنية في محيط الأحداث في العالم العربي، وكان هناك ثمة سؤال أخلاقي طرأ وتم تداوله بين الصحافيين عن كيفية كتابة خبر فني في الوقت الذي يسقط فيه العشرات بل المئات في الشارع العربي.

وبما أن الصحافة والإعلام هي الروح النابضة للفنان، ولها دور فعَّال في الاهتمام بحركتهم، إلا أن الأحداث العربية لم تؤثر فقط على الصحافة الفنية في شقها الخبري وحسب، وإنما أثر على كثير من المصادر الخبرية وخصوصًا التواصل مع نجوم الفن، إذ إن الكثير منهم أحجموا عن الظهور الإعلامي، وبعض هؤلاء طلب من وسائل الإعلام أو المواقع الالكترونية الفنية أن لا تكتب أخباراً عنهم، احتراماً لمشاعر الناس.

ونظراً لتباين مواقف الشخصيات الفنية خلال فترة اندلاع الثورات بين مؤيد ومعارض، ومن التزم الصمت، طرحت "إيلاف" سؤالها على بعض الفنانين السوريين عما إذا شكلت الصحافة الفنية ما يسمى بـ"الإزعاج" لبعض الفنانين بإقحام أرائهم السياسية أثناء الحوار معهم بالشأن الفني؟ أم أن الفنان ومن وجهة نظر أنه "شخصية عامة"، فمن واجبه أن يقول رأيه بالحدث العام كونه يشكل قدوة للكثيرين، بغض النظر ما اذا كان هذا الرأي سيندرج تحت ما يسمى بـ "قوائم العار" أو "قوائم الشرف".

تحدثت الفنانة السورية، لورا أبو أسعد، لـ"إيلاف" ورأت أن الإشكالية الموجودة هو أن الفنان السوري غير معتاد على التحدث وإبداء أرائه السياسية كما في مصر وتونس أو حتى لبنان، وهناك بعض الدول التي شهدت التعددية والديمقراطية من خلال قوانين حرية الإعلام، لذا شكل تعبير الفنان عن رأيه حدثاً كبيراً وأصبح يكلفه الكثير، على الرغم من أن الفنان مثل باقي الناس يجب عليه قول رأيه أن رغب بذلك، استناداً إلى حريته الشخصية، لكن الأهم أن لا يتعرض للحساب والمحاكمة نتيجة قول رأي معين مهما كان هذا الرأي، وأشارت إلى ضرورة التخلص من سؤال "مع أم ضد" لأنه يؤدي إلى انقسام، وكل الناس مع بلدها بالنهاية وكل ما يريده الفنان هو إبداء بعض الملاحظات التي تصب في صالح البلد.

ولفتت لورا إلى أهمية أن يركز الفنان على الجانب الإنساني، وكان مطلوبًا منه في هذه المرحلة أن يهتم بالقضايا الإنسانية، وإيصال المساعدات للناس لنقل صورة ما عن الفنان السوري، إلا أن الحدث السوري فاجأ الجميع وقُدِم كالصفعة، فلم يعرف كل الناس كيفية التصرف لا على مستوى الأفراد ولا الجماعات والنقابات، واعتبرت أن من حق الفنان إبداء رأيه خصوصًا إذا دعا لنبذ العنف والطائفية.

من جهته، انتقد الفنان السوري، غسان مسعود، الإعلام في هذه المرحلة واعتبره مع بالغ الأسف، كيف ما ينظر إليه، ملغوماً بشكل أو بآخر، مشيراً إلى أن الإعلام ربما حُمِّل الفنان أكثر مما يحمل أو أكثر مما هو مهيأ له بالمعنى السياسي.

واعتبر المخرج السوري، جود سعيد، أن الصحافة كانت قاسية بعض الشيء مع الكثيرين سواء المرئية منها أو المكتوبة، معتبراً بأن الفنان مواطن قبل أي شي، وبالتالي فهو معني بالحدث في بلاده، وله الحق كباقي الناس في أن يبدي رأيه حتى لو خالف الكثيرين، أو أن يلتزم الصمت، مشيراً إلى أن دور الفنان الرئيسي هو أن يبقى شاهداً على الحدث، يقولها من واقع مهنته ويستطيع أن يعتزل الرأي لمجرد أنه يرفض كل ما يحدث، مشيراً إلى أن جزء من مهمة الصحافي هو أن يأخذ برأي المشاهير من الناس.

واختلف المخرج، أسامة محمد، معه وقال لـ"إيلاف": "الفنان إنسان على الأغلب، وعندما يصبح القتل والاعتقال والتعذيب والعبودية سؤالاً يومياً فإن الزمن هذا يكشف عن الضحالة الانسانية في الفنان الأخرس، هذا إذا استثنينا سطوة الخوف وعضلاته النفسية، أو لا سمح الله العمى الرؤيوي والمالاة بالجملة، أي موالاة كل ما ينطق به القاتل، موالاة فكرة الاستقرار، وموالاة القتل من أجل الاستقرار في نفس الوقت.

وأشار محمد بأن اللحظة أيضاً تطرح أسئلة كثيرة على جدوى الأدوات وضرورة تجديدها عندنا نحن الذين وقفنا بشكل أو بآخر مع حق السوريين بالتظاهر والحرية والرأي والحياة وتجديد الحياة نحو إنسانيتها وعدالتها وإبداعها.

واعتبر محمد أن الصحافيون بمثابة الأوكسجين الأساس في هذا وذاك، وهم أيضاً معنيون بتجديد أدواتهم وأفكارهم سواء بالتواصل أو بفتح فضاءات جديدة للفنانين ليفصحوا عن حقيقتهم.

وتسائل المخرج أسامة عبر "إيلاف" أين أنت؟ أيها المتخاذل؟ تكلم.. هل تعتقد أن عملك ينتهي هنا؟ لما التكاسل عن إبداع أسئلة وملفات تتيح للآخر التعبير وتترك له مكانًا لمخيلته وأفكاره وإضافاته في حركة الحرية.

وأشاد محمد بدور بعض الصحافيين في إبداع تيمات تتسع للجميع وتفتح الصفحة أمام الفنان بدلاً من لومه وإصدار أوامر له، كسلسلة المقابلات التي أجراها راشد عيسى لاحقاً مع عدد من الفنانين والمثقفين، مثال على التعاون الذي يتمناه الفنان ويبحث عن جدوى إنسانيته، معتبراً أن من حق الصحفي أن يسأل ما يريد، وان يسأل نفسه قبل فنحن بحاجة له.

وأكد الفنان، جرجس جبارة، أن الفنان لا ينفصل من كونه مواطنًا، مشيراً إلى أنه يملك رأياً خاصاً وليس بالضرورة أن يكون سليماً، مشيراً إلى أن الصحافي من حقه أن يسأل ما يريد من الفنان وأن يترك للفنان حرية الإختيار في أن يجيب أو لا، لأن دور الصحافة هو السؤال والبحث عن الإجابات، معتبراً بأن الصحافة تكون مزعجة فقط عندما تجبر الفنان على إجابة ما.

واعتبر جبارة بأن كون الفنان شخصية عامة هذا لا يعني أن يكون رأيه سليماً مئة بالمئة، وهناك الكثير من الفنانين لا يفهمون بالسياسة وليس لهم أي علاقة بالموضوع، وأنه يتكلم من وجهة نظر أنه يحب هذا الوطن والشعب، وحريص على أن لا يمس بأذى حتى من أقرب الناس إليه.

واعتبر جبارة بأن الفنان السوري شخصية عامة ومحبوبة ومؤثرة بالناس، وله الحق بالتعبير عن الأزمة السياسية أو الاقتصادية، معتبراً بأنه من المعيب أن يبقى رأيه أسير الأدراج وأن لا يبوح به خصوصًا وأن رأيه يدعو لسلامة الوطن والشعب.

وأشار جبارة إلى أن الفنان لا يتحدث بطريقة سياسية وأنه شخصياً لا يهتم للأحزاب وأنه غير منتمي لأي منها، وأنه بعيد كلياً عن لعبة الأحزاب، واعتبر أن من حق الفنان أن يطرح وجهة نظر الحزب الذي ينتمي إليه لو كان متحزباً.

واعتبر الفنان السوري، اندريه سكاف، بأن قلة من الفنانين تحب التعاطي بالسياسية، وهي اختصاص، معتبراً بأن الفنان من واجبه تسليط الضوء على الأمراض الاجتماعية ونقد تركيبة الدولة بشكل فني من خلال الأعمال، لافتاً إلى أن المحلل السياسي هو الأحق والأجدر بالتحليل، مشيراً إلى أن دافع الفنان الرئيسي في التحليل السياسي هو حب الوطن والشعب.

وأشار أندريه بأن المشكلة التي تواجه الفنان في المرحلة الحالية هو وجود المسلحين، مما تجعل من الفنان أن لا يعبر عن رأيه بوضوح، فأصبح يتحايل على الصحافيين بحيث لا يعبر عن رأيه الحقيقي ويتكلم بشكل محير، لافتاً إلى أن الفنان يتعرض للنقد والتصنيف ضمن خانات العار من الطرفين، على الرغم من أن حب البلد بقلبه موجود منذ الصغر.

وأضاف سكاف بأهمية أن يتعاون الفنان مع المهندس، ومع الطبيب، ومع باقي مكونات المجتمع، وأن ترتفع الإحساس بالمواطنة والوطنية عند الجميع كي يتم تفادي الأزمة الحالية.

وقال المخرج، زهير قنوع، أن بعض الفنانين يحبون أن يشاركوا أرائهم السياسية، والبعض الأخر لا يحب، وأن الفنان لا يتجزأ عن المجتمع، أما واجبه الأساسي يبقى عمله وليس رأيه السياسي، منوهاً إلى أن الفنان الذي يفهم بالسياسة عليه أن لا يتردد في إبداء رأيه أما الذي لا يتعاطاها فمن واجبه الصمت، مشيراً إلى أن السياسة هي فقط من اختصاص السياسيين، مضيفاً بأنه شخصياً لم يواجه أي إزعاج من قبل الصحافة.

واستغربت الفنانة السورية نسرين طافش بعض التصريحات السياسية التي تصدر على لسانها، وقالت بأنها لم تقدم أي تصريح سياسي مسبقاً ولن يحدث ذلك، فالسياسة شأن السياسيين وهي لا تجيد التكلم فيها، وأنها تتكلم بالمواضيع الإنسانية وعن المحبة والتسامح، وعن الفن ورسالته النبيلة فقط.

وفي الختام نعتبر إن كتابة خبر أو مقال فني حول قضايا الجمال وإشاعة الإبداع، هو بلا ريب، أفضلُ بما لا يقاس من التورط في دوامة زيف "الدعاية السياسية للإعلام" وأن التحليق بالقراء في فضاءات الفنون الإنسانية، حيث المحبة تلم الجميع، خيرٌ من أخبار العنف والقتل والكراهية.

إيلاف في

23/01/2012

 

وجهة نظر -

المهرجانات ودورها في نهوض الفن السابع

بغداد - عبد العليم البناء 

«لأنه وفي النهاية السينما تصنع، دوماً، في مكان آخر غير المهرجانات وبعيداً جداً من بهرجتها»! بهذه العبارة الجميلة والصادمة اختتم الناقد السينمائي العراقي المغترب الصديق قيس قاسم مقاله الذي نشره في ملحق سينما لجريدة «الحياة» والذي جاء تحت عنوان «المهرجانات الدولية لن تُسمن السينما العراقية» وكأنه بذلك ينفي أهمية إقامة مهرجانات سينمائية دولية في بغداد التي تأخرت كثيراً عن ولوج هذا المجال الإبداعي منذ عقود عدة لظروف معروفة لكل المعنيين في الشأن السينمائي.

ولعل زميلنا قاسم يغفل حقيقة عشناها حية طوال العقود المنصرمة وامتدت إلى يومنا، تمثلت بحجم الإهمال والتهميش والأدلجة التي عانت منها السينما العراقية وصنّاعها ناهيك عن حجم الخراب والدمار الذي لحق ببناها التحتية قبل وبعد التغيير في عام 2003الأمر الذي انتقل تسلسلها من بين دول المنطقة إلى المراتب النهائية بعد أن كانت من أوائل السينمات العريقة.

وأكاد أقول هنا إن الحراك السينمائي الذي شهده العراق بعد التغيير والذي حمل رايته ثلة من الشباب العاشقين للفن السابع وفي مقدمهم عدي رشيد ومحمد الدراجي، هو الذي جعلنا نعلن في اكثر من مناسبة أن الأمل معقود على هؤلاء الشباب في عودة الحياة للسينما العراقية وإعادة دوران عجلتها على أسس صحيحة وسليمة. وهذا ما حصل فعلاً إذ إن هؤلاء الشباب استطاعوا أن يحققوا الانطلاقة الجديدة للسينما العراقية بحرص وتفان ومسؤولية دون أن توهن عزيمتهم وإصرارهم صعوبات وعراقيل لا تعد ولا تحصى في بلد حاولت قوى الظلام والإرهاب أن تعيده إلى العصور المظلمة.

لقد تعددت المحاولات من اجل إثارة انتباه الدولة والحكومة والبرلمان للاهتمام بالسينما ودعمها باعتبارها صناعة وطنية لابد من حضورها سلاحاً ثقافياً وتنويرياً فعالاً في المعركة ضد الإرهاب وقوى الظلام، وأيضاً في معركة بناء العراق الجديد في وقت لم تحظ فيه دائرة السينـــما والمسرح بأي دعم مادي ملموس لأخذ زمام المبادرة في إنعاش السينما وتوفير كل مستلزمات الصناعة السينمائية الحديثة شكلاً ومضموناً.

ومن هنا فإن جملة من المهرجانات السينمائية التي شهدها العراق على مدى السنوات الثماني الماضية لاسيما الدولية منها وعلى الرغم من تواضع البعض منها، أسهمت في الحراك الثقافي والفني في الداخل العراقي لاسيما على صعيد السينما من خلال إثارة انتباه الجميع لاسيما في وزارة الثقافة لإيجاد الخطط الكفيلة لانتشال السينما العراقية من واقعها الحالي والاهتمام الجدي بها.

فقد أفضى ذلك إلى قرار الوزارة بإنتاج مجموعة من الأفلام الروائية الطويلة والقصيرة فضلاً عن الوثائقية ليصب في مصلحة السينما العراقية من خلال استثمار مشروع بغداد عاصمة للثقافة العربية عام 2013 والذي سيشمل - كما هو معروف - استيراد أجهزة تصوير حديثة متكاملة وضمنها آلات المونتاج التي دونها لا يمكن أن تتكامل عمليات النتاج السينمائي المطلوبة لاسيما أن أسماء مهمة في مستوى ومكانة مخرج مخضرم كبير مثل محمد شكري جميل شيخ المخرجين السينمائيين العراقيين، ستتاح لها الفرصة لإنتاج وإخراج بعض من الأفلام الجديدة ناهيك عن مشاركة عدد من المخرجين الشباب والجدد الذين حتماً ستتكامل بهم صورة الواقع السينمائي العراقي الجديد الذي نأمل بألاّ يتوقف عند هذه الحدود لينتقل الفن السابع إلى هدف استراتيجي لا مرحلي.

الحياة اللندنية في

13/01/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)