حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

إنغمار برغمان عرّاف النـفس المعذّبة

بيروت تستعيد المعلّم السويدي

عثمان تزغارت

تحتفي العاصمة اللبنانيّة، طوال عشرة أيّام، بمبدع من كبار القرن العشرين. من «سوناتا الخريف» إلى Persona... على برنامج «متروبوليس» باقة من الروائع التي ترشح قلقاً وسوداويّة في مواجهة العدم

باريس | هذا الأسبوع، سيكون الجمهور البيروتي على موعد مع تظاهرة تستعيد أعمال أحد عمالقة الفن السابع. إنّه إنغمار برغمان (1918 ــــ 2007) الذي تحتفي به «متروبوليس أمبير ــــ صوفيل». أعماله التي فاقت الستين تصدّرت على مدى نصف قرن أشهر المهرجانات: من «البندقية» الذي منحه «الأسد الذهبي» باكراً عن مجمل أعماله (1971)، وصولاً إلى «كان» الذي استحدث خصيصاً له جائزة «سعفات السعفات» (1997)، من دون أن ننسى «برلين» الذي كان أوّل مَن كرّسه في مصاف كبار السينما، حين منحه «الدب الذهبي» عن «الفراولة البرية» (1957) التي كان لها وقع القنبلة في أوروبا الخمسينيات ... لم يكن برغمان «سينمائياً قادماً من المسرح».

طوال حياته، ظلّ يضع رجلاً وراء الكاميرا وأخرى على الخشبة. إلى جانب أفلامه، ترك إنتاجاً مسرحياً فاق الأربعين عملاً. وقد كان لهذا «الانفصام الفني» تأثيرات جذرية في سينما برغمان، ما جعل أفلامه التي اتسمت بمنحى نفسي يسعى إلى تفكيك العلاقات الإنسانية وسبر أغوار الطبع البشري، ورصد ما يحركه من مكبوتات اجتماعية وميتافيزيقية، تستلهم فن المسرح وروح التراجيديا والمنحى المينيمالي والفضاء المغلق.

لم يكن مسعى المعلم السويدي الهادف إلى «مسرحة السينما» هيناً. باكورته «أزمة» (1945) مُنيت بفشل نقدي وجماهيري. لم يأبه، بل واصل المنوال التجريبي ذاته. سرعان ما بدأت سينماه تلفت النقاد ببصماتها الأسلوبية المغايرة ومضامينها الصادمة. ساعد في ذلك النجاح الذي حققه مسرحياً في عمله المقتبس عن «كاليغولا» ألبير كامو. بعضهم وجد في أعمال تلك المرحلة «معادلاً شمالياً» للسينما الاجتماعية التي نشأت في فرنسا الثلاثينيات عبر أعمال جان رونوار ومارسيل كارنيه. هذا الأخير عدّه برغمان من أبرز معلّميه. وقد تُرجمت تلك التأثيرات الفرنسية في فيلميه «نحو الفرح» (1950)، و«أسرار النساء» (1952) اللذين اتسما بنبرة نقدية للدين والقيم المحافظة.

بعد ذلك، استعاد الروح التجريبية التي طبعت بداياته وعمق أبحاثه الأسلوبية التي خوّلته ابتكار صنف غير معهود من الأفلام القائمة على «سينما الغرفة» ذات الإيقاع البطيء التي يحتل فيها الصمت مكانة بارزة.

برز هذا المنحى للمرة الأولى في «صيف مع مونيكا» (1953) ثم تكرس عبر «درس الحب» (1954) و«ابتسامات ليلة صيف» (1955) الذي قُدِّم ضمن المسابقة الرسمية في «كان»، إذ منحه النقاد جائزة «الفكاهة الشاعرية». ثم عاد برغمان إلى الكروازيت ليفتك «جائزة لجنة التحكيم» برائعته «الختم السابع» التي أبهرت نقاد السينما بمنحاها التأملي حول الحياة والموت والقيامة. حتى إنّ بعضاً عدّ برغمان «وجودياً قبل الوجوديين». تتويج برغمان بـ«الدب الذهبي» في برلين عن فيلمه الأشهر «الفراولة البرية» كرّسه نهائياً في مصاف الكبار، وانهمرت عليه العروض من أميركا وفرنسا وإيطاليا. لكنه فضل البقاء في «القلعة الشمالية» التي صنعت فرادة أفلامه المشبعة بالروح النقدية، والفكاهة الباردة للإسكندينافيين.

صار كل عمل للمعلم السويدي يُستقبل كحدث. توالت روائعه من «عتبة الحياة» (أفضل إخراج في «كان» 1958)، و«الوجه» (1958) إلى «عين الشيطان» (1960). ثم جاء «عبر المرآة» (1961) ليعكس كل عبقرية برغمان. أبهر الشريط النقاد بأسلوبه التأملي في مساءلة قضايا ميتافيزيقية شائكة كماهية الحياة ووجود الله (أو عدم وجوده).

كان «عبر المرآة» الجزء الأولى مما سماها برغمان «ثلاثية الغرفة» («ضوء الشتاء» و«الصمت») التي تدور في فضاءات مغلقة وتصوّر شخصيات معزولة وعصابية. قبل 4 سنوات من رحيله، قدّم «ساراباند» ثم اعتزل متأثراً بوفاة زوجته الأخيرة إنغريد فون روزن. عاش معزولاً في بيته في جزيرة «فارو» لغاية رحيله في صيف 2007.

الأخبار اللبنانية في

30/01/2012

 

«صراخ وهمس»: رقصة الموت

 روي ديب  

أربع نساء يجتمعن في غرفة حمراء كرحم أنياس النازفة. أنجز برغمان فيلمه بعد سنوات على وفاة والدته وانفصاله عن ليف أولمن. هنا، يذهب إلى تواطؤ أقصى مع المرأة بوصفها رمزاً للصراع والمعاناة البشرية

لأكثر من عام، كانت صورة واحدة تراود انغمار برغمان: غرفة حيث الجدران والسجاد والفرش كلها حمراء، ونساء يرتدين ثياباً بيضاء من نهاية القرن التاسع عشر. النساء في أفلام برغمان، شخصيات معقدة، لا ينظر إليها بعين ذكورية بل عبر تواطؤ كليّ معها. إنّهن رمز للصراع والمعاناة التي يعيشها الإنسان. من خلالهن، يعبّر برغمان عن نظرته إلى الحياة. في «صراخ وهمس» (1972) يقرّر صاحب «عبر المرآة»، تقديم عمل جديد ومختلف. لم يحدد صورة متكاملة عنه، لكنّه أراد ظلاماً تتدفق منه وجوه، وحركات، وإيماءات، وأضواء، وظلال وأحلام.

لا شيء ملموساً سوى اللحظة. لحظة وهميّة وصورة النساء الأربع في الغرفة الحمراء هي الثابت الوحيد. من هنا تأتي ضرورة فهم تركيبة شخصيات النساء الأربع لقراءة أوضح لـ«صراخ وهمس» كما حددها برغمان قبل تصوير فيلمه لثمانية أسابيع خريفيّة في قصر «تاكسينج ناسبي» في ماريفريد (جنوب غرب استوكهولم).

أنياس (هارييت أندرسون) مالكة البيت حيث ترعرعت وتعيش منذ وفاة أهلها. تركت حياتها تسير من دون معنى أو مأساة. واظبت على هوايتها في الرسم والعزف على البيانو. لم تعرف رجلاً في حياتها. في الـ37 من عمرها، تكتشف إصابتها بسرطان الرحم، فتقرّر إعداد انسحابها بهدوء تماماً كما عاشت. تقضي معظم وقتها في الفراش في غرفة أهلها.

كارين (انغريد ثولين) شقيقتها الكبرى المتزوجة من رجل ثري يكبرها بعشرين سنة. إنها أم لخمسة أولاد، لكنّ الأمومة والحياة الزوجية لم تعنيا لها كثيراً. حياتها مقنّعة بواجهة امرأة تقليدية، لا يتزعزع فيها ولاؤها لزوجها. لكن في العمق، فهي لا تحتمل ممارسة الجنس معه وتخفي كراهية له وغضباً على الحياة. ماريا (ليف أولمن) الشقيقة الصغرى المتزوجة من رجل غنيّ ووسيم، ولديها طفلة. إنها المدللة، واللعوب والسطحية والمحبّة للمتعة. لا تكترث لأحكام الآخرين. وأخيراً هناك الخادمة أنّا الثلاثينية (كاري سيلوان) التي نشأت بينها وبين أنياس صداقة صامتة. ما يجمع تلك الشخصيات الأربع مرض أنياس التي أعلمها طبيبها أنّ أيامها معدودة، فحضرت أختاها إلى سرير احتضارها، لكنّهما تعجزان عن إعطائها الحبّ. وحدها الخادمة تمنحها الدعم والحبّ والسلام في أيامها الأخيرة. مع شخصياته الأربع، يقدّم برغمان قصصاً قصيرة وأفعالاً قليلة، محوّلاً كل لحظة إلى لوحة فنية مع مدير التصوير سفين نيكفيست الذي صوّر معه معظم أفلامه. في أعماله كما في «صراخ وهمس» تحديداً، لا عنصر زائداً في الصورة. يخصّص برغمان مساحة كبيرة لرسم وجوه ممثلاته على الشاشة. إنه فيلم عن النساء، والحياة الزوجية، والزيف، والقلق والموت ضمن قالب خلاب في الصورة والألوان والأداء.

برغمان الذي ألهم مخرجي الموجة الجديدة الفرنسيّة قال عنه جان لوك غودار مرة: «إنّه مخرج اللحظة... القادر على ولوج التركيبة النفسية لشخصياته في اللحظة الدقيقة».

* «صراخ وهمس»: 8:00 مساء 8 شباط

الأخبار اللبنانية في

30/01/2012

 

السينمائي الذي انسلّ إلى غرفنا المظلمة

يزن الأشقر  

تجربة مشاهدة فيلم لبرغمان ليست سهلة. هو يحثك على الاقتراب من شخصياته، بعدسته التي تستكشف الحالة الإنسانية بما تطرحه من قضايا الوجود، والقلق، والعدم، والسوداوية، والتواصل الإنساني الصعب. عشاق السينما في بيروت على موعد مع أحد أهم وجوه الفن السابع. بالتعاون مع السفارة السويدية في سوريا، والمعهد السويدي في لبنان، تقيم جمعية «متروبوليس أمبير صوفيل» تظاهرة «ضوء الشتاء: استعادة لأعمال إنغمار برغمان» التي يتخللها عرض 13 فيلماً لصاحب «ساراباند».

ولد برغمان في كنف عائلة متدينة. والده القس البروتستانتي المتشدّد طبع وعيه الأول. التربية القاسية التي تلقاها محاطاً بالرموز والأيقونات، أفقدته إيمانه. العزلة ساعدته على ابتكار عالمه الخاص، فانكبّ على فن المسرح. في 1953، أنجز «صيف مع مونيكا» (3/2 ـ س: 8:00) الذي حقّق نجاحاً كبيراً. لكن ما ثبّت اسمه عالمياً هو «ابتسامات ليلة صيف» (1955) الذي ترشح لسعفة «كان»، وكل من «الفراولة البرية»(5/2 ـ س: 6:00) و«الختم السابع» (5/2 ـ س:8:00) عام 1957.

في الستينيات، بدأ العمل على «ثلاثية الإيمان» عبر «من خلال زجاج معتم» (1961)، و«ضوء الشتاء» (1962) وأخيراً «الصمت» (1963 ـــ 6/2 ـ س: 8:00) الذي أثار ضجة لمشاهده الجريئة. في البداية، لم يتبنّ برغمان هذه التسمية. في إحدى مقابلاته في الستينيات، ذكر أنّ هذه الثلاثية لم تعنَ بالله أو الإيمان في الدرجة الأولى، بل بالتواصل الإنساني والقدرة على الحب. عام 1966 أخرج أحد أهم أعماله: «برسونا». اتخذ التجريب في الفيلم منحىً أساسياً. وفي عام 1972، أخرج «صراخ وهمس».

عام 1978، صوّر في النرويج «سوناتا الخريف» (10/2 ـــ س: 8:00) الذي تناول علاقة عازفة بيانو معروفة بابنتها التي تواجهها بإهمالها. وعام 1982، أنجز فيلمه الشخصي الذي أراده ختاماً لمسيرته «فاني وألكسندر» (11/2 ــ س: 8:00) المستوحى من طفولته. أما آخر أعماله «ساراباند» (2/2 ــ س: 8:00) عام 2003، فيعد الجزء الثاني من فيلمه «مشاهد من الحياة الزوجية» عام 1973. كتب برغمان معظم أعماله، ما جعله أحد أهم الوجوه في سينما المؤلف، تأثّرت به مجموعة سينمائيين، أولهم روّاد الموجة الجديدة في فرنسا، وودي آلن. ثيماته الوجودية طغت على أفلامه، سلّط عدسته على وجوه شخصياته، مستكشفاً أغوار النفس البشرية المليئة بالخوف والعنف الداخلي، هو الذي قال: «وحدها السينما تنفذ إلى مشاعرنا، إلى الغرف المظلمة في أرواحنا».

«ضوء الشتاء: استعادة لأعمال إنغمار برغمان»: من 2 حتى 12 شباط (فبراير) ــــ «متروبوليس أمبير صوفيل» (الأشرفية ـ بيروت) ــ للاستعلام: 01/661332

الأخبار اللبنانية في

30/01/2012

 

Persona في هذا الفيلم بلغ ذروة فنّه

زياد عبد الله  

لا يمكن العبور إلى Persona من دون الإضاءة على ما كان عليه برغمان في الستينيات: طريح الفراش في المستشفى بعد إصابته بذات الرئة. هناك، ستهبط عليه فكرة «برسونا» كحبل نجاة، فيمضي في تصويره بعد مغادرته المستشفى مباشرة عام 1965. لعلّه الفيلم الأهم، قال عنه إنّه أنقذ حياته، وبلغ فيه أقصى ما يمكن أن يذهب إليه. Persona الذي يعني باللاتينية القناع، ذاك الذي كان الممثلون يضعونه في التراجيديا الإغريقية، يحيلنا إلى منهج كارل غوستاف يونغ التحليلي. إنّه القناع الذي يضعه الانسان في أداء دوره الاجتماعي.

«أصبحت السينما وسيلتي للتعبير» يقول برغمان في سياق حديثه عن «برسونا». نقل ذلك إلى الفيلم سيجعله تطبيقاً بصرياً قبل أي شيء آخر. يروي بالأسود والأبيض وبتركيز على وجوه الشخصيات، قصة ممثلة تقرر فجأة الصمت والتوقف عن نطق حرف واحد حيال هذا العالم المتوحش.

إننا أمام امرأتين: الأولى صامتة، والثانية لا تتوقف عن الكلام يجمعهما بيت على شاطئ ناء في جزيرة فارو السويدية. الأولى ممثلة اسمها اليزابيث فوغلر (ليف أولمن) تتوقّف فجأة عن الكلام خلال تأدية دور إلكترا في المسرحية الشهيرة، والثانية ممرضة تتولى رعايتها اسمها ألما (بيبي أندرسون). تضع هذه الأخيرة كل حياتها أمام إليزابيث، تحكي لها كيف تحبّ رجلاً متزوجاً، وتشعر ببرود تجاه خطيبها، وصولاً إلى نزواتها وعوالمها ومشاعرها. بعد ذلك، تكتشف ألما رسالة تبعثها إليزابيث إلى الطبيب المسؤول عنها تتندّر فيها على ما ترويه لها ألما بشيء من التعالي يدفع ألما إلى الجنون جراء اكتشافها المؤلم. إنّه فيلم المعاناة، والخيانة، والغيرة لكن أيضاً الرغبة والشغف المجنون.

هذا هيكل الشريط الذي تتحرك فيه هواجس ومخاوف لا نهاية لها. صمت إليزابيث متأتٍ من عجزها عن «استيعاب الكوارث الكبرى» التي تشاهدها على التلفزيون «هي لا تلامس فكري. أقرأ هذه الفظاعات بشيء من الشهوة، بورنوغرافيا الرعب». الفيلم مأزوم، يفتتح على مجموعة صور أبوكاليبتية. لعل تأزم علاقة إليزابيث وألما سيكون آخرها، فهو يبدأ من أزمة إليزابيث مباشرة، علاقتها بكل ما حولها، وعجزها عن تحمّل الكذب والزيف والأقنعة.

هناك مشهد غرائبي في الفيلم ندع وصفه للسيناريو الذي كتبه برغمان: «بعد الحديث الطويل، يهبط المساء ثم الليل، عندما تنام ألما، يبدو الأمر فجأة كأنّ أحداً ما يتحرك في الغرفة، كما لو أن الضباب يدخل إليها ليحوّلها إلى حجر. كما لو أن قلقاً كونياً يسقط فوقها، تجرّ نفسها لتذهب وتتقيأ من دون طائل، وتأوي إلى الفراش من جديد، ترى حينئذ أن باب السيدة فوغلر مشقوق. تدخل وتجدها غائبة عن الوعي أو كالميتة. فيستولي عليها الخوف وتمسك بالهاتف لكن ليس هناك حرارة. عندما تعود إلى الميتة، ترمقها هذه الأخيرة بنظرة ماكرة، وفجأة تتبادلان طبعيهما». من المهم السؤال هنا كيف يتبادلان طبعيهما؟ خصوصاً أن برغمان يورد في السيناريو ملاحظة مفادها «لست أعرف بالضبط كيف». لكن لدى تصويره، حاول أن يعرف، وقد فعل، ونحن أيضاً سنحاول اكتشاف ذلك خلال المشاهدة، وقد مرّ على تصويره 47 سنة.

* 8:00 مساء الثلاثاء 7 شباط

الأخبار اللبنانية في

30/01/2012

 

بطلات انغمار: ملهمات وخليلات

سناء الخوري  

بالنسبة إلى إنغمار برغمان، كان ألفرد هيتشكوك طفولياً في نظرته للمرأة. أمّا غودار فكان «مدّعياً، يصنع أفلاماً مضجرة لتنال إعجاب النقاد». في عالم السينما، لم يكن المعلّم السويدي يحبّ السينمائيين. صبّ ولعه على كائناتٍ أخرى. أحبّ الكاميرا بالطبع، فانوسه السحري. لكنّه أحبّ قبل كلّ شيء عصابةً من الممثلات، تواطأ معهنّ على خلق صورٍ خالدة للمرأة على الشاشة. ألفت بيبي أندرسون، وليف أولمن (الصورة)، وهارييت أندرسون، وانغريد ثولين (وأخريات) ما يمكن أن نسمّيه فرقة «ملائكة إنغمار». جميلات السينما السويدية في الستينيات والسبعينيات كنّ ملهماته على الشاشة، وخليلاته في الحياة.

السينمائي الدونجوان الذي تزوّج خمس مرّات، اختبر نوعاً من الغواية الخاصّة مع ممثلاته، وصلت حدّ الغرام والهيام، وأثّرت على مقاربته للمرأة ككائن متفوّق على الرجل أحياناً.

حين أصيب بذات الرئة، ورقد في المستشفى يصارع هلوساته، ألحّ عليه وجها بيبي أندرسون وليف أولمن. فخرج لينجز رائعته «برسونا» بمشاركة الممثلتين. لم تكن ممثلاته الأثيرات مجرّد مؤديات، بل جزءاً من مفردات قاموسه، تماماً كالموت، وشتاء السويد، والأبيض والأسود، وجزيرة فارو، وغياهب النفس البشريّة. ألم ينجز «مشاهد من الحياة الزوجيّة» إثر انفصاله عن ليف أولمن؟ في الستينيات، كان الجمال السويدي البارد والغامض هو الجمال الأمثل. هكذا، كانت هارييت أندرسون في «صيف مع مونيكا» بجسدها الغضّ، ووجهها الطفولي، رمزاً للإثارة الجنسيّة المطلقة كما فهمها برغمان ومجايلوه. ينسحب ذلك على مقاربة صاحب «الفانوس السحري» للرغبة الأنثويّة، كما أدّتها بحزن وامحاء إنغريد ثولين في «الصمت» أمام غونل ليندبلوم (من ملائكة برغمان أيضاً) بدور شقيقتها المتفلّتة من القيود. حكمت الغيرة والتواطؤ، الشهوة والنفور علاقات النساء في أعمال برغمان. هنّ الملهمات، والمحرّضات، والعشيقات وعنصر أساسي من الصورة. كلّ ملائكة برغمان تنافسنَ على حبّه. وكلّ واحدة حازت في نهاية المطاف دوراً جوهرياً في ميراث السينما العالميّة... فقط لأنّها كانت جزءاً من هلوسات رجلٍ ساحر.

من البرنامج

ساراباند (2003) 2/2 < 8:00

هل تذكرون جوان ومريان من «مشاهد من الحياة الزوجيّة» (1973)؟ بعد ثلاثين عاماً، استعاد إنغمار برغمان في شريطه الوصيّة خواتيم تلك العلاقة، مع ملهمته ليف أولمن في دور البطولة من جديد، وإيرلاند جوفنسون في السبعين. آخر أعمال المعلّم السويدي يقدّم خلاصاته حول الموت والحب والشيخوخة...

«صيف مع مونيكا» (1953) 3/2 < 8:00

الجزيرة الأولى في أعمال برغمان الشاب، كانت فضاءً لحبّ هارب من المدينة، إلى عالم من السكون والحريّة الفطريّة. مونيكا وهاري عاملان مراهقان، يفران من ستوكهولم إلى جزيرة أورنو لإمضاء صيف هادئ... ستحمل الشابة، ويعودان إلى العاصمة، وتبدأ دوّامة الخيانة، ودخل الواقع بثقله على العلاقة الخياليّة.

«الصمت» (1963) 9/2 < 8:00

شريط مثير، شهواني، جسدي، تصدّرته رائدتان في السينما البرغمانيّة إنغريد ثولين، وغونل ليندبلوم. إستير وآنا شقيقتان عدوّتان تخوضان رحلةً في قطار، في بلد غريب، تستقران في فندق، مع ابن آنا الصغير. إسيتر مريضة، تعاني آلاماً في الرأس، وآنا تجوب المدينة، بحثاً عن مغامرات جنسيّة صاخبة.

«الناي المسحور» (1975) 22/1 < 8:00

نسخة برغمان من أوبرا موزار الشهيرة، حملت بعض التغييرات في السيناريو والحبكة، لتنسجم مع رؤيا السينمائي السويدي. عوالمه المسحورة المستترة في أفلامه ذات البعد النفسي، تأخذ هنا طابعاً ظاهراً مع شخصيات ملكة الليل، والأمير تامينو، الذي سيبحث عن الأميرة بامينا المخطوفة.

«سوناتا الخريف» (1978) 10/2 < 8:00

تؤدّي إنغريد برغمان دور شارلوت، عازفة بيانو، تزور ابنتها إيفا (ليف أولمن)، بعد انقطاع. تكتشف هناك أنّ ابنتها الصغرى إيلينا (لينا نيمان) المضطربة نفسياً، تقيم مع شقيقتها. علاقة الأم والابنة المضطربة تحكم الشريط، في صراع يبلغ ذروته. صوّر برغمان العمل أثناء أزمة الملاحقات القضائية بسبب تهرّبه من الضرائب.

«فاني وألكسندر» (1982) 11/11 < 8:00

ابن القسّ البروتستانتي، يستعيد في الشريط الحائز أربع جوائز أوسكار، طفولته، وتربيته القاسية، على منطق الخطيئة والثواب والعقاب. البطلان فاني وألكسندر يتأقلمان بصعوبة مع زوج والدتهما الكاهن، بعد وفاة والدهما الذي عشق المسرح. يذكرنا العمل بأنّ المسرح والسينما كانا ممنوعين في منزل برغمان الطفل.

الأخبار اللبنانية في

30/01/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)