حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

«يوميات» للمخرجة مي عودة

غزة التي تعيش بأعجوبة

بشار إبراهيم

عندما اختار مهرجان أبوظبي السينمائي فيلم «يوميات» للمخرجة الفلسطينية مي عودة، ليكون ضمن المسابقة الرسمية للأفلام الوثائقية، على رغم أن هذه المسابقة اقتصرت عربياً على أربعة أفلام وثائقية، فقط، (من أصل 12 فيلماً مشاركاً)، فقد كان ذلك بمثابة إشارة إلى أن ثمة أمراً ما في هذا الفيلم استرعى انتباه المبرمجين، وجعلهم يحرصون على منحه فرصة المشاركة الرسمية، على ضيق الفرص وكثرة الخيارات البديلة.

فيلم «يوميات» للمخرجة الفلسطينية مي عودة، هو فيلم وثائقي متوسط الطول (مدته 53 دقيقة)، إنتاج عام 2010، وهو أقرب ما يكون إلى مشروع جامعي، إذ أن بطاقة الفيلم تشير إلى أنه إنتاج مشترك فيما بين فلسطين والنرويج، وإذا كانت المخرجة هي الجهة الفلسطينية، فإن المعهد الذي تدرس فيه المخرجة مي عودة، هو الطرف النرويجي.

تنتقل المخرجة مي عودة من الضفة الغربية إلى قطاع غزة لتحقيق فيلمها هذا. ثمة نوايا تتوضّح منذ البداية تتمثّل في أنها تزمع اللقاء بصديقات لها، والتجوّل برفقتهن في أنحاء قطاع غزة، لاستكشاف واقع الحال الذي يعيشه القطاع، وربما تناول ما لم يُقَل بعد بصدد هذا المكان الفلسطيني الذي بات أشهر من أن يُعرَّف.

فيلم «يوميات» مي عودة»، هو فيلم طريق إذاً. رحلة من الضفة الغربية إلى قطاع غزة. رحلة داخل قطاع غزة، وتجوال بين مدنه وبلداته وقراه ومخيماته. ورحلة بين الشخصيات التي سيقوم الفيلم عليها. إنه فيلم طريق على أكثر من مستوى، ففي المستوى الأول يرحل في «المكان»، وفي المستوى الثاني يرحل في «الإنسان»، وما بينهما هو رحلة وتجربة شخصية للمخرجة، ليس لتجرّب وتتعرّف فقط، بل أيضاً للحصول على هذا الفيلم، والعودة به إلى مدرستها في النرويج، قبل أن يجد سبيله للمشاركة في مهرجان أبوظبي السينمائي.

سيبدو من الطبيعي، والمألوف، هنا وكذلك في غالبية الأفلام التي صيغت عن غزة، خلال العقد الأخير من السنوات، أن تتمّ الرحلة في المكان؛ غزة. لا فرق إن كان من الشمال إلى الجنوب، أو من الجنوب إلى الشمال، ولكنها حتماً ستكون الرحلة التي ستمرّ على مدينة غزة، وعلى مدن حدودية، ومخيمات لاجئين، وتقف عند معابر، وتمرّ في أنفاق. كل هذا سيكون في فيلم «يوميات»، ولن يكون هناك الجديد مما هو غير معروف أو متداول. ولكن الرحلة في الشخصيات، هو الجديد، والمتميز. ولا أدري مدى الصدفة، أو العناية والترتيب في أن ينتقل الفيلم من صديقة حقيقية؛ «صفاء جودة»، تعرفها المخرجة شخصياً منذ أيام الدراسة، إلى صديقة افتراضية؛ «أسماء شاكر»، كانت تتعامل وتتعاون معها عبر الانترنيت، دون أن تلتقيها شخصياً من قبل، إلى صديقة جديدة تماماً؛ «أسماء الغول»، تتعرّف إليها المخرجة للمرة الأولى، وتنعقد بينهما صداقة!..

مع المخرجة، وصديقاتها الثلاث، سيغدو الصوت النسوي هو الحاضر الأساس. لن يتقصَّد الفيلم ذلك، ولكنه الاختيار الذي قاد إلى هذه الحالة، على الرغم من أن كلّ ما في قطاع غزة يفيض ذكورية!.. صحيح أنه سيكون ثمة ظهورات لشباب، هنا وهناك، ولكن لن يكون لهم الحضور الموازي للفتيات اللواتي يظهرن وكأنهن يتوزّعن دروب الحياة، والنشاط، والفاعلية، في قطاع غزة!..

تتقاسم الصديقات الثلاث مساحة الفيلم. بل يبدو كأن ثمة حرص على أن تأخذ كل منهن نصيبها الوافر. فالصديقة الحقيقية؛ «صفاء جوده»، والتي تخرَّجت مع المخرجة من الجامعة نفسها، في العام 2003، تحتل قرابة 15 دقيقة في بداية الفيلم، أ] بما يقارب ثلث مدة الفيلم كاملة (53 دقيقة)، ثم تترك للصديقتين ما تبقى تتوزّعانه بالقسط بينهما، مع استطرادات ذات علاقة بهذه أو تلك، أو تمهيد واختتام. هذا التناسب فيما بين ظهورات الصديقات الثلاث يحيل إلى أن المخرجة أرادت أن تجعل من كل واحدة منهن نافذةً تطلّ عبرها على جانب من غزة.

ثلاث نوافد إذاً. كان من المفترض للمخرجة أن تطلّ عبرها على مشاهد مختلفة من واقع قطاع غزة. ربما لم يتحقق ذلك تماماً لأن الصديقات الثلاث يعملن في المجال الإعلامي ذاته. أو ربما لأنهن ينتمين إلى اتجاه فكري وسياسي متقارب فيما بينهن. لا نفور، ولا اختلاف حاد، ولا تصادم. لا رأي آخر. لا فرق هنا بين فتاة محجبة، وأخرى ارتدته وخلعته أكثر من مرة. هذا ما سيجعل الفيلم نقدياً باتجاه واحد، ويجعل كلام الصديقات الثلاث يأتي في الإطار ذاته، دون أيّ تنويعات تتوازى مع غنى وتنوّع المجتمع الغزّي.

كل ما في الفيلم يسير على سكته المعهودة؛ والصور المكررة: غزة سجن. محاصرة. نقص المواد. شؤون الحياة. تدمير البيوت. المهجرين عام 1948، عادوا بلا بيوت مرة أخرى عام 2010. المزارعون لا يستطيعون تصدير لا الفراولة، ولا الورد، ولا الخضار.. غزة تعيش كأعجوبة!.. مأساة على قائمة الانتظار.. ما يهمّ الآن هو المساعدات الإغاثية الطارئة، وتراجع التصعيد، وتحرير غزة، ورفع الحصار.. أما بقية الأمور فتحتمل التأجيل. هذه العناوين التي تتناولها قراءات من دفتر يوميات صفاء.

ومن غزة إلى رفح، يظهر موضوع «الأنفاق»، الموجودة ما بين رفح الفلسطينية والمصرية. ولابد من الحديث عن الأثر الاقتصادي والاجتماعي للأنفاق، لينتهي من يتحدث إلى أنها لم تحلّ الموضوع الاقتصادي في غزة، ولم تفكّ الحصار، بمقدار ما خلقت تموضعات اقتصادية اجتماعية في المجتمع الغزّي. الفيلم، أو من يتحدث فيه، يرى أن الجميع مستفيد من مسألة «الأنفاق»: إسرائيل بالحصار، مصر اقتصادياً، حماس بضرائب الأنفاق، والشعب بـ«تسليك الحال».

وفي غمرة هذا، يبرز الغمز من الواقع والسلوكيات الاجتماعية الصارمة. الحديث عن ألف دبوس من أجل ضبط الحجاب. وعدم التفكير بمسألة التحقق الذاتي، أو تغيير الواقع الاجتماعي. التكيّف مع واقع الحال الموجود على صعيد الأفكار، والعادات، والتقاليد، والضوابط.. المسموح والممنوع.. وما تراه «حماس»!.. ما تقبله، وما ترفضه، إلى درجة أن «رمز البلد بدو ترخيص»، كما تقول إحدى الشخصيات.

يمنح الفيلم مساحات منه للحديث عن القيود الاجتماعية التي تحكم غزة. خاصة منع الاختلاط. منع التدخين. منع النارجيلة. ولابد من الحديث المطوّل حول الحجاب، باعتباره فرضاً اجتماعياً.. وحول الأفكار التي تزاوج بين الفضيلة والزيّ، وما تسميه أسماء الغول «ظلم الناس باسم الدين»، وتوجيه سهام النقد ضد حكومة حماس أولاً، دون نسيان حكومة رام الله، بل وكل حكم شمولي على حد تعبيرها!..

تعترف المخرجة أنها، في البداية، لم تكن تريد الحديث عن الوضع الداخلي في غزة، ولكن يبدو أنها لم تستطع الوفاء لنفسها بالتزامها. سترى منظر صرح الجندي المجهول، الذي تمّ تحطيمه لأن التماثيل حرام!.. وستدرك أن الاحتلال أدى إلى جعل الناس أكثر تطرفاً. وما بين هذا وذاك، ترى أن نكوصاً فكرياً وثقافياً يجد له محلاً. يكفي حكاية الصديقة أسماء شاكر مع كتاب عن حياة غيفارا، وموقف أهلها غير المحبذ لاقتناء وقراءة هكذا كتاب، حتى ندرك مدى هذا النكوص، في مكان كان له أن يعتزّ بتجربة «غيفارا غزة»، قبل نحو أربعين عاماً!.. ولينتهي الحوار إلى أن ثمة خوف من التفكير، لأنه يؤدي إلى القدرة على القرار، هذه القدرة التي تخيف كل سلطة!..

لاشك بأن الفيلم أراد ممارسة دور تنويري. لقد تجاوز مهمة الرصد والاستطلاع التقليدية والمألوفة في كثير من الأفلام التي حقّقها مخرجون فلسطينيون وعرب وأجانب، على السواء، وذهب نحو ممارسة أشياء من النقد تجاه ما هو مسكوت عنه في الواقع الغزّي، وما يمكن أن يتهدد سلامة التكوين الاجتماعي، بل والفكري الثقافي في مكان كان من قدره أن يكون واجهة أساسية في الصراع ضد الاحتلال، وأن يقع بين فكي أكثر من كماشة!..

وأن يكون الفيلم طافحاً بذاتية المخرجة، من حيث اعتماد طريقة الإفصاح عن الغاية والهدف من الرحلة، وأن يأتي التعليق بصوت المخرجة نفسها، وبصيغة المتكلم، مع إفساح المجال في مقاطع من الفيلم للتعبير عن مشاعرها وهواجسها، خلال الرحلة، فهو مما يجعل ما أتى به الفيلم من مواقف نقدية، بمثابة الموقف الشخصي للمخرجة، كما شخصياته جميعاً، دون أن تترك فسحة لصوت آخر، يدحض أو يفنّد أو يرى من زواية أخرى.

يتمتع الفيلم باشتغال بصري مناسب، تجوال وحركة، وكاميرا حيوية، والأهم من ذلك العفوية التي تتمتع بها الصديقات الثلاث أمام الكاميرا، والكشف عن طراز خاص من الفتيات الفلسطينيات اللواتي يمكن أن يكنّ نماذج مستقبلية رائعة لشعب يعف كيف يخترع معجزاته، ويحيا بين أنياب الموت.

الموت في غزة ليس مفاجئاً.. الحياة هي المفاجئة.

الجزيرة الوثائقية في

29/01/2012

 

وثائقي جديد: قاتل مأجور وفقراء امريكون منسيون

محمد موسى من أمستردام 

في غرفة فندق تقع على جانب طريق سريع للسيارات، في منطقة أبقاها الفيلم مجهولة، لكنها تقع على الحدود الطويلة بين الولايات المتحدة الامريكية والمكسيك، سنلتقي الرجل الذي يغطي وجه بقناع. نستمع لحكايته منذ بدايتها قبل عشرين عاما وحتى الزمن الحالي. ستهمين الحكاية تلك على معظم وقت الفيلم التسجيلي ( قاتل مأجور، غرفة 164) للمخرج جيانفرانكو روسي، والذي يعرض في صالات منتخبة في عدد من الدول الاوربية. بالكاد تخرج الكاميرا من تلك الغرفة الى المدينة القريبة . ولن يبحث  الفيلم عن شهادات اخرى، فالمخرج ، كحال القاتل المحترف ، لا يجرؤ على الافصاح عن مشروعه خارج "أمان" غرفة الفندق، ولن يقوم باي بحوث في مدن مكسيكية، يعد بعضها من الاكثر خطورة في العالم، اذ يتساقط في شوارعها قتلى، لا يقلون كثيرا عن الذين يسقطون في جبهات حروب صغيرة.

هذه ليست المرة الاولى التي يسرد فيها القاتل المأجور المجهول قصته للاعلام، فصحيفة امريكية سبقت الفيلم، وقدمت قصة الرجل في تحقيق صحفي شهير في عام 2009. لكن القصة التي رواها وقتها لصحفي امريكي، لن تكون بقوة ، حديثه المباشر للكاميرا ، وعندما يسرد بنفسه تفاصيل عمله السابق. بكل وحشيتها وانحطاطها، وما ترسمه من صورة سوداوية عن حال المكسيك ودول اخرى مجاورة، بل ان الولايات المتحدة الامريكية، وحسب رواية القاتل الماجور في الفيلم، تهمين عليها مافيا لا تقل قسوة وقوة عن جارتها المكسيك، لكنها اكثر ذكاءا، من مثيلاتها في دول اخرى، وتكتفي بادارة العالم السفلي للبلد، في حين لا تخجل مافيا المكسيك، من ان تطل برأسها بين فينة واخرى، لتتحدى بصلافة النظم القانونية القائمة، مستندة على تاريخ وهيمنة متغلغلين بالكامل في كل طبقات المجتمع هناك.

لم يكن اختيار غرفة رقم (164) في الفندق عشوائيا، فالغرفة ذاتها، شهدت تعذيب وقتل قام بها القاتل المأجور نفسه . والحمام الذي خرج منه وهو يلبس ذلك القناع الغريب الشكل، كان شاهدا على نهاية حياة أبرياء و مجرمين، اختطفتهم المافيا، بسبب خلافات او لانهم رفضوا ان يدفعوا اموالا لها. لكن ذلك كله كان في الماضي، فالقاتل السابق لم يعد يتحمل تلك الحياة، وقرر التوقف وترك المافيا، لتطارده الاخيرة لليوم، وتخصص مبلغ ربع مليون دولار لمن يقوم بقتله.

لا تختلف قصة "تجنيد" الشخصية الاساسية في الفيلم، عن قصص مماثلة في اماكن عديدة من العالم: مراهق يبحث عن المتع والنفوذ يسقط تحت نفوذ عصابة تقوم بمنحه ما يريد. لكن ما يحدث بعد ذلك هو الذي يجعل قصة المكسيك تثير كثيرا من القلق. فالمافيا تسهل دخول الشاب الصغير الى اكاديمية الشرطة، والتي سرعان ما يكتشف فيها بان حوالي ثلث الطلاب هم اعضاء جدد في عصابات مختلفة. وان نفوذ المافيا في البوليس المكسيكي يفوق اي دولة اخرى في العالم. فعمليات الاختطاف التي تقوم بها المافيا في مدن عديدة من المكسيك تتم بالتنسيق مع المافيا بل ان البوليس(ودائما حسب رواية القاتل المأجور السابق)،   يستعين بالمافيا احيانا، فهي تطلب من المافيا ان توقف عصابة صغيرة من لصوص السيارات، اثاروا غضب السكان و الاعلام في مدينة مكسيكية في جنوب البلاد. فتقوم المافيا بالقبض على اغلبهم، وتقوم بقطع رؤوسهم كتحذير للجميع، وتذكير بقوتها وقسوتها.

يبقي القاتل السابق القناع على وجهه طوال فترة التصوير، لا يمكن النظر الى عينيه او ملامح وجه. لا يمكن التأكد بالطبع بان الدموع التي ذرفها هي دموع رجل نادم، والسلام الذي  تسلل الى قلبه ( كما وصفه) بعد تركه المافيا، وصل الى محياه. وللتعامل مع هذا الظرف غير الشائع كثيرا في تسجيل شهادات ناس أحياء، يقترح المخرج على القاتل المأجور برسم على اوراق يحملها، رسوما توضيحة للحوادث التي صادفته في عمله مع المافيا، كيف تقوم  مجموعته مثلا ، بخطف شخص يقود سيارته الخاصة، او كيف يتم تهريب المخدرات الى الولايات المتحدة الامريكية ، وكيف يتم خنق شخص حتى الموت في غرف فنادق على الطريق.

لا يخفى إن آنية موضوعة فيلم (قاتل مأجور، غرفة 164) التسجيلي هي التي سهلت فرصة عرضه في الصالات السينمائية الاوربية، فالاعلام الاوربي يمنح أخبار العنف الدائر في المكسيك مساحات دائمة، خاصة مع تحول هذا العنف احيانا الى طقوس غريبة في تطرفها، كقطع الرؤوس المتواصل، او العنف الذي يؤدي بحياة العشرات واحيانا المئات في ساعات قليلة. حكاية قاتل الفيلم السابق لا تجيب على كل الاسئلة، ولا تقترب كثيرا من الظروف الاجتماعية التي تمنح هذه الظاهرة الديمومة والقوة التي تملكها، كما لم تقترب من دور المرأة كلاعبة او ضحية، وبالخصوص الاخيرة، حيث تكشف اعداد القتلى، بان النساء لم يسلمن ابدا من عقاب المافيات، لانهن من يقف في الغالب بوجه تلك العصابات، رغبة منهن  في ابعادهن عن ابنائهن او ازواجهن.

وجه أمريكا ألآخر

تثير الاعمال الفنية التي تقدم وجها غير شائعا لامريكا والامريكيين، اهتمام كثر حول العالم، ربما نكاية بالصورة الهوليودية المهيمنة منذ قرن كامل، والتي تأبى ان تتخلى عن الصورة المبهرجة والمليئة بالعنصرية في تعميماتها عن الناس والحياة هناك.فيلم (ساحل بومباي) التسجيلي والذي يعرض حاليا في صالات سينمائية بريطانية هو احد الافلام الذي يسير ضد تلك الصور التقليدية ، بتركيزه على عشوائيات الحياة الامريكية، واهتمامه بشخصيات تقف على هامش الحياة الامريكية .

يتابع الفيلم 3 شخصيات تعيش على  أفقر سواحل ولاية كاليفونيا الامريكية . حياة الشخصيات الثلاث تلك على ذلك الساحل ، تختلف كثيرا عن حيوات  سواحل كاليفونيا الذهبية ، والتي ظهرت مرارا في عشرات الافلام والمسلسلات التلفزيونية الامريكية. فاحدى الشخصيات الثلات في الفيلم ، هو شاب  يلتجأ الى الساحل الفقير هربا من عنف مدينته الامريكية ، والذي وصل الى  ابن عم له، قتل برصاص العصابات هناك. والآخر فتى يعاني الكأبة في مقتبل حياته في مكان محاط  بالفقر والقمامة ، والشخصية الثالثة ، هي لبوهيمي عجوز هجر العالم ، ليلتجأ الى كوخ صغير هناك.

تتابع كاميرا المخرج الاسرائيلي المولد   ألما هأريل بحساسية موجعة احيانا  تلك الشخصيات لفترة طويلة من الزمن. تكتفي الكاميرا احيانا بمراقبة بعيدة لتلك الشخصيات ، تراقب حركتهم اليومية ، كما تولي تلك الكاميرا عناية كبيرة  لمحيطهم، وللشاطيء الاصطناعي الذي بناه امريكون قبل عقود ، قبل ان يهجره الناس ، ويتبدل من مكان "للحلم الامريكي" ، الى بوترريت جديد مؤثر لمهمشي الولايات المتحدة الامريكية.

الجزيرة الوثائقية في

29/01/2012

 

مهرجان القاهرة السينمائى الدولى «على كف عفريت»

كتب   محسن حسنى 

أصبحت الدورة الجديدة لمهرجان القاهرة السينمائى الدولى، التى ستقام نهاية العام الجارى، على «كف عفريت»، وتواجه شبح الإلغاء بسبب الخلاف على تنظيمه بين المؤسسة التى أنشئت مؤخراً، وتحمل اسمه، وجمعية كتاب ونقاد السينما.

فجمعية كتاب ونقاد السينما تدعى أحقيتها بتنظيم المهرجان، خاصة أنها كانت وراء إطلاقه فى السبعينيات وظلت تديره لمدة ٥ سنوات، حتى تولت إدارته وزارة الثقافة مقابل دعمه مالياً، لكن بعد ثورة ٢٥ يناير وفى إطار هيكلة المهرجانات المصرية قرر المركز القومى للسينما إسناد تنظيم المهرجان لجمعية تحمل اسمه يرأسها الناقد يوسف شريف رزق الله، وهو ما أثار غضب ممدوح الليثى، رئيس جمعية كتاب ونقاد السينما، معتبراً ذلك تعدياً على حقوق الجمعية.

وقال ممدوح الليثى: رفعنا قضية أمام محكمة القضاء الإدارى لاسترداد مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، وسنكسبها لأن جمعيتنا هى صاحبة حق الملكية الفكرية لهذا المهرجان ونظمته من سنة ١٩٧٦ حتى سنة ١٩٨١، لكن وزارة الثقافة أخذته وظلت تديره حتى عام ٢٠١٠.

وأضاف: «بعد تخلى وزارة الثقافة عن تنظيم المهرجان كان يجب أن تعيده للجمعية التى أنشأته وهى جمعية كتاب ونقاد السينما، لكن للأسف أسندوا تنظيمه لجمعية لاتزال تحت التأسيس، ولم يتم إشهارها حتى الآن، هى مؤسسة مهرجان القاهرة السينمائى التى يترأسها يوسف شريف رزق الله، ومع احترامنا له إلا أنه كان ضمن فريق عمل سهير عبدالقادر، التى كانت تدير المهرجان من خلال وزارة الثقافة، ولا أعرف كيف يدير أهم مهرجان فى مصر تلك المؤسسة المزعومة التى لم يتم إشهارها».

وعن انفصال جمعية كتاب ونقاد السينما عن المهرجان منذ البداية قال «الليثى»: حدث خلاف بين كمال الملاخ، رئيس جمعية كتاب ونقاد السينما الأسبق، ووزارة الثقافة، ووقتها تدخل سعد الدين وهبة، وكان يشغل منصب وكيل أول وزارة الثقافة، وعرض أن تقوم الوزارة برعاية المهرجان مقابل أن تنظمه بعيداً عن الجمعية، ثم ظل المهرجان يقام تحت مظلة وزارة الثقافة حتى ٢٠١٠، ومن الطبيعى جداً أن يعود لجمعيتنا بعد أن قررت الوزارة رفع يدها عنه، ولذلك فنحن واثقون أن حكم القضاء الإدارى بمجلس الدولة يوم ٨ فبراير المقبل سيكون لصالحنا لأننا أصحاب الحق.

من جانبه رفض يوسف شريف رزق الله التعليق على الموضوع، مؤكداً أن مؤسسة مهرجان القاهرة ستعقد مؤتمراً صحفياً خلال أيام للإعلان عن جميع تفاصيل التحضير للدورة المقبلة، كما رفض الحديث عن الخلاف بين مؤسسته وجمعية كتاب ونقاد السينما

المصري اليوم في

29/01/2012

 

غناء هندي تحت المطر

ترجمة: أحمد فاضل

مع ثقوب كبيرة وصغيرة توزعت على حذائه، وسروال قصير جدا وقبعة، جاء يتخطى على الطريق وهو يغني بلغته الهندية:

حذائي من اليابان

وسروالي إنكليزي

وقبعتي من روسيا الحمراء

ولكن

لايزال قلبي هندوسي..

ومع كلمات أغنيته الأخيرة كان "راج كابور" يشير بيده الى موضع قلبه في بيان صريح يؤكد وطنيته في عالم آخذ في العولمة، إنها واحدة من الأغاني الأكثر شهرة في السينما الهندية، وليس من المستغرب أنها أصبحت أغنية لآلاف المشردين الهنود وتخطت حدودها الى بلدان بعيدة أيضا.

راج كابور ( 1924 - 1988 ) ضرب على الوتر الحساس لجماهير الهند عندما ظهر عام 1955 في فيلم " شري 420 " الذي حقق نجاحا كبيرا في منطقة الشرق الأوسط والإتحاد السوفيتي آنذاك ، ولايزال بعض الروس يتغنون بإغانيه وعروضه الاستعراضية التي خيمت على المشهد السينمائي الهندي طويلا ، وعندما نقدمه لأولئك الذين لم يكبروا مع السينما الهندية ، فإننا نؤرخ لعنصر فاعل كان رائدا في تقديم هذه الباقة السينمائية المميزة التي احتوت على أغاني لعب الشعراء فيها دورا كبيرا سيطروا بكلماتهم على عقول وقلوب الشباب ، شاركته هذا النجاح الممثلة البارزة نرجس ليصنعا سوية ثنائيا رومانسيا رائعا لايخلو من عنصر الفكاهة أحيانا حينما ينزلق كابور الذي يؤدي دور الفقير العاشق بقشر موز مرمي في الشارع فتبدأ محبوبته نرجس بالضحك ، إلا أنها سرعان ما تنزلق هي أيضا ليبدأ كل منهما بالضحك وهما مطروحان على الأرض ، كابور عاش حلم أن يخرج وينتج بنفسه أفلامه فتحقق له ذلك الحلم مع تأسيسه الاستوديو الخاص به ، فقدم أفلاما ممتعة عكس فيها صدى لأفكاره الإجتماعية والإشتراكية تزامنت مع دخول بلاده مرحلة جديدة وهي تعيش استقلالها حديثا ، فعاشت السينما الهندية عصرها الذهبي وذلك بتقديمه ثمانية أفلام جمعت بين التعبيرية والميلودراما ، ففي فيلم " نار " الذي أخرجه وأنتجه عام 1948 بالأبيض والأسود يحكي قصة شاب ينتمي الى الطبقة الثرية يكسر قواعدها التقليدية بانتمائه الى المسرح لممارسة مهنته المحببة كممثل على خشبتها ، كابور وفي جميع ما قدمه من أفلام كان ينظر الى مشاكل الشباب نظرة خاصة فقدم قصصا تبحث عن حقيقة ما يعيشونه وما يفتقدون من حب وهي عملية ليست سهلة كما كان يقول بسبب الأفكار القديمة المهيمنة على المجتمعات الهندية آنذاك كما عالج ذلك في فيلمه " بارسات " عام 1949 والذي يحكي عن شابين يقعان في الحب مع فتيات خجولات يتحدرن من مجتمع لايفهم لغة الحب ، فيقعان في مشاكل تنتهي بتفهم عائلاتهم لها وقد استخدم كابور لأول مرة تقنيات جديدة للضوء انعكس على شكل هالات خلفية صاحبت الأغاني التي أبدعها الموسيقار الهندي شانكار مع أن الفيلم كان بالأبيض والأسود حينذاك .

إقترن إسم الممثلة نرجس بكابور في عدة أفلام ناجحة له غير أن الشيئ الذي كان يميز هذه الأفلام عن غيرها مما كانت تنتجه السينما الأمريكية وسواها كالفرنسية والإيطالية ، أنها كانت تخلو من التقبيل وهذه هي سمة الأفلام الهندية حتى وقت قريب حيث تم فرض الحظر على هذا النوع من العاطفة المشبوبة بالأحاسيس الملتهبة منذ وقت طويل إلا أن كابور كسر هذه القاعدة فقد وجد وسائل أخرى لإعطاء المشاهد شحنة مثيرة من العواطف كما في فيلمه " المتشرد " الذي أخرجه عام 1950 حيث تقمص فيه كابور ولأول مرة شخصية راجو الشاب المتشرد الذي يقع في حب شابة غنية هي نرجس وقد حفل الفيلم بأغاني عاطفية سيطرت على أحاسيس وعقول الشباب تم تصويرها في أحياء بومباي الفقيرة مازجا فيه بنفس الوقت موضوعات أسطورية كملحمة رامايانا الهندية الشهيرة لرجل طيب يأتي من الحضيض ليكسر حلقة مجهولة المعالم متكونة من فقر وجريمة يتضح في النهاية أنه والده الذي لا يعرفه .

راج كابور حقق في أفلامه هذه حلم الفقراء والمشردين في العثور على فرص جديدة للحياة من خلال قصصها المفعمة بالرومانسية والرمزية ، ومع أن أغانيه اتي قدمها لاتتعدى الأربع دقائق من عمرها إلا أنها تقطر سحرا خاصة تلك التي يصورها تحت المطر متنقلا بين شوارع ومدن حديثة الى أخرى فقيرة ، غير أن الذي يسترعي الإنتباه في كل ما تناولته هذه الأفلام من أحداث هو حزمة القوانين القديمة البالية التي تحكم مصائر ومستقبل الناس مثل قانون الإسكان والإستملاك ، فراح ينقدها مع علمه أن قانون العقوبات الهندي لايسمح بذلك لكنه وبحذاقة المخرج الشاطر يجعلها قضية عامة يرتفع بها الى مصاف القوانين المتحضرة في بلدان متقدمة من أجل أن يحضى كل فرد في المجتمع الهندي ببيت يليق به كإنسان .

حقق راج كابور وعبر مسيرته الفنية مجدا وشهرة وسلسلة من الأفلام اعتبرها النقاد عصرا ذهبيا للسينما الهندية، ومع أ ن هذه السينما تحتفل في هذه الأيام بذكرى مرور 24 عاما على رحيله إلا أنها لازالت تعتبره مؤسسا لعائلة فنية تتألف الآن من أبناء وأحفاد وأبناء عم يعملون جميعهم في السينما منهم نجوم بوليوود كارينا ورانبير وكاباديا وريشي كابور .

موقع "أدب فن" في

29/01/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)