حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

شارون ستون:

ماريو قصار أرغمني على اللقطات الجريئة

باريس - نبيل مسعد

كان يكفيها أن تلعب قبل 20 سنة بطولة فيلم «غريزة أساسية» الفاضح لتحلق في سماء النجومية. نجمة غامضة شارون ستون ومغرية جداً لم تفقدها السنوات شيئاً من غموضها وإغرائها.

تعود بداية ستون إلى منتصف ثمانينات القرن الماضي عندما اكتشفها المخرج وودي ألن ومنحها أصغر دور في فيلمه «ذكريات ستار داست» اقتصر على جلوسها وراء النافذة في قطار لاصقة رأسها بالزجاج ومثيرة بذلك خيال الرجال. لم تكن هذه اللقطة كافية لإطلاق ستون، ولتحقيق هدفها اضطرت بعد 12 سنة من الأفلام السطحية إلى التمادي في الإثارة أمام الكاميرا كما أمام مايكل دوغلاس شريكها في «غريزة أساسية».

جاءت ستون إلى باريس لتقدم فيلمها الجديد «لارغو وينش2» من إخراج الفرنسي جيروم سال والنازل إلى الأسواق على شكل «دي في دي» و «بلو راي» بعد رواجه على الشاشة الفضية، وتؤدي فيه دور عميلة للأمم المتحدة.

التقت «الحياة» النجمة الخمسينية التي لم تفقد ذرة من جاذبيتها في غرفة واسعة مطلة على ساحة فاندوم الباريسية الفاخرة في فندق «ريتز» الأنيق قبل أن يغلق أبوابه لفترة طويلة اعتباراً من عام 2012 من أجل ترميمه.

وصلت ستون إلى الموعد متأخرة ربع ساعة ومعتذرة بشدة وبابتسامة أضاءت وجهها الجميل الذي يزينه شعرها الأشقر القصير علماً إن الشعر الطويل كان في السابق يحجب شيئاً من جاذبيتها في آن. فلا عجب أن تكون قد اكتسبت لقب «نجمة إغراء» وأن يفكر أهل المهنة في هوليوود في منحها الأدوار المتأرجحة بين الفضيلة والرذيلة، ذلك إن من يجد نفسه أمامها لا يعرف إذا كان يواجه فنانة أصيلة أو امرأة أعمال باردة تحسب كل صغيرة وكبيرة وتتصرف بالطريقة الفضلى لزيادة رصيدها من الشهرة والمال المحسوب بملايين الدولارات.

·     كيف تعيشين شهرتك المبنية منذ 20 سنة ومهما تقدمت في العمر، على الإثارة بسبب اللقطات الجريئة التي وافقت على تمثيلها في فيلم «غريزة أساسية» والتي جلبت لك جمهوراً يتكون أساساً من الرجال؟

- إنني سعيدة جداً بالشعبية التي نالها الفيلم حتى إذا كانت الشخصية التي مثلتها فيه جردتني بعض الشيء من الرومانسية ومن الثياب. وعلى العموم لست ضد الأعمال الفنية التي تعطي صورة مختلفة عن المرأة بالنسبة لما تعتاد هوليوود تقديمه، فالمهم في الحكاية هو العثور على فرصة لإثبات الشخصية ولفت الانتباه في شكل عام. وأنا أعتبر نفسي محظوظة لأنني انتهزت فرصة رواج «غريزة أساسية» وفرضت اسمي على مخرجين اقتنعوا في النهاية بصلاحيتي لأداء الكوميديا والدراما والعاطفة وكل الألوان الممكنة بعدما كانوا يرفضون استقبالي في مكاتبهم. والآن أنا بطلة فيلم من نوع المغامرات والحركة هو «لارغو وينش 2» وهذا الشيء أعتبره تكليلاً لنجاحي كممثلة أصيلة. وبالنسبة لكون جمهوري الأساسي هو من الرجال فلا يزعجني الأمر أبداً وإن كنت متأكدة من أن النساء يشاهدن أفلامي ولو بهدف تقليدي أو تحطيمي عن طريق فحص جسدي بالمنظار المكبر والعثور فيه على عيوب. وأنا أقول لهن بصوت عال «نعم لدي بعض العيوب مثل العالم كله لكنني أحولها إلى مزايا تزيد من جاذبيتي في نظر الرجال، لا أكثر ولا أقل».

من الباب الخلفي

·         هل لهذا السبب أيضاً وافقت على اللقطات الجريئة في الفيلم نفسه ثم في أعمال أخرى؟

- صحيح إنني كثيراً ما ظهرت في مشاهد سينمائية خفيفة، لكنني لم أسقط في فخ الرخص أبداً بل بقيت في خدمة النص المكتوب ولا شيء سواه لأنني كنت مقتنعة بفكرة المخرج في شأن تخلص شخصيتي من ثيابها في موقف محدد. وأعترف بأن المسألة لم تكن سهلة وبأنني شعرت في أكثر من مرة برغبة ماسة في الفرار من الأستوديو عن طريق الباب الخلفي قبل دقائق من دخولي إلى البلاتوه، وكدت أن أفعل ذلك مما جعل منتج فيلم «غريزة أساسية» وهو اللبناني ماريو قصار يكلف رجلاً للوقوف في الكواليس ودفعي بقوة أمام الكاميرا في اللحظة المناسبة. صدق أو لا تصدق فأنا امرأة خجولة جداً.

·         أنت فارعة الطول وذات أنوثة طاغية، فهل لعب مظهرك الدور الأساس في حصولك على بطولة «غريزة أساسية»؟

- نعم ولا، لأنني خارج الدور لا أشبه هذه المرأة، والذي حدث هو تقمصي شخصيتها في أدق التفاصيل ودرس حركاتها وطريقتها في الكلام وتعبيراتها القاسية، وكل ذلك خلال الاختبار الذي سبق حصولي على الدور. واستخدمت مظهري وأنوثتي لإضافة بعض الصدق إلى المشاهد المثيرة، لكنني أظل ممثلة تؤدي دور مجرمة تلعب بجاذبيتها وبالرجال ولا شيء سوى ذلك.

·         ماذا تفعلين بملايين الدولارات التي تربحينها الآن؟

- أعيش حياة الترف من ناحية وأقتني ما يعجبني وأصرف كثيراً على أولادي، ثم من ناحية ثانية أساهم في نشاطات الجمعية الخيرية التي أسستها أختي كيلي تحت شعار «بلانيت هوب» (كوكب الأمل) لرعاية الأطفال المحرومين والأشخاص المسنين الوحيدين في الحياة، إضافة إلى مساندتي جمعية مكافحة مرض الإيدز الدولية التي أسستها الفنانة الكبيرة الراحلة إليزابيث تايلور.

·         عملت إلى جوار النجم العملاق داستين هوفمان، فما ذكرياتك عن هذه التجربة؟

- إنني خبيرة في العمل إلى جانب العمالقة، فقد شاركت مايكل دوغلاس وريتشارد غير وروبرت دي نيرو وداني دي فيتو وسيلفستر ستالون وأرنولد شوارزينيغر وليوناردو دي كابريو بطولات سينمائية تضمنت لقطات ساخنة، وسبق لي المقارنة بينهم من ناحية الخشونة والرجولة، وأتذكر إنني منحت السعفة الذهبية في هذا الميدان لروبرت دي نيرو في إطار ندوة صحافية أقيمت في مهرجان برلين السينمائي.

وللرد على سؤالك الذي يتعلق بداستين هوفمان كفنان كبير، أقول إنني أحتفظ بأحلى الذكريات عن عملي معه في فيلم «دائرة» الذي دارت كل أحداثه تحت الماء. وكي أفسر كلامي سأضيف إنني لست رياضية جداً أو خبيرة في الغطس تحت الماء وبالتالي كنت في حاجة لمساعدة معنوية قدمها لي هوفمان في شكل أعجز عن وصفه، فهو ركز جهوده على دوره من ناحية ثم على تشجيعي من جانب آخر وهذا ما لن أنساه مدى الحياة. وهوفمان أكثر من مجرد فنان عظيم، فهو رجل وإنسان يستحق التقدير والاحترام.

على حق

·         ما الذي جعلك تشاركين في فيلم «لارغو وينش 2» بما أنه إنتاج فرنسي بلجيكي مشترك لا يخص هوليوود بالمرة؟

- تلقيت عرضاً لتولي بطولة هذا الفيلم فقرأت السيناريو الخاص به مثلما أفعل بالنسبة لأي سيناريو يصلني وبصرف النظر عن جنسيته، وبما أنه أعجبني كثيراً ووجدته لا يقل جودة عن أي نص أميركي أتلقاه وافقت بعدما طلبت لقاء المخرج لتنفيذه سينمائياً وهو جيروم سال. لقد اختبرته وطلبت رؤية أعماله السابقة وأعترف بأنه عرف كيف يقنعني ويقدم لي الدليل على موهبته في الإخراج. وعندما رأيت النتيجة النهائية للفيلم فوق الشاشة عرفت أنني كنت على حق عندما منحته ثقتي.

·     من الواضح أن هوليوود تميل إلى الاهتمام أساساً بالممثلات الشابات جداً، فهل تشعرين شخصياً بأن الأدوار المطروحة عليك تقل مع مرور الأعوام؟

- لا، إنها لا تقل لكنها على عكس ذلك لا تزال تتضمن لقطات خفيفة أتردد في تمثيلها لمجرد أنني أم ولا أرغب في أن يشاهدني أولادي في مواقف سينمائية إباحية أو أن يسمعوا عبارات جارحة تجاهي في المدرسة.

·         أنت خارج ذلك كلياً في «لارغو وينش»؟

- نعم فالسينما الأوروبية لا تنظر إلي بالعين نفسها، وأقدر هذا الشيء إلى أبعد حد.

·         هل تجمعين بسهولة بين عملك السينمائي وتربية أطفالك؟

- نعم وعلى العموم فالأولوية لهم في كل الحالات. وأنا أرفض المشاركة في أي فيلم قد يبعدني عنهم طويلاً. إنني أم مسؤولة أولاً ثم فنانة مسؤولة في ما بعد.

·         هل صحيح أنك عملت لدى ماكدونالدز؟

- نعم في شبابي، فقد كنت أبيع الهامبرغر لأكسب بعض المال حتى أنهي تعليمي.

الحياة اللندنية في

06/01/2012

 

«نصف ثورة» و «لا خوف بعد اليوم» نبض الشارع وكولاج سقوط الديكتاتور

زياد عبدالله 

حين توصف ثورة بأنها «نصف ثورة» ويندرج تحت هذا التوصيف عنوان فيلم المخرجين عمر شرقاوي وكريم الحكيم، فهناك ما يستدعي تتبع النصف الآخر. بينما يندرج فيلم التونسي مراد بن الشيخ تحت عبارة صريحة ومباشرة «لا خوف بعد اليوم»، متخذاً من الديكتاتور سبباً وحيداً لهذا الخوف الذي سقط واندثر مع سقوطه.

فيلمان وثائقيان جديدان يجولان بين المهرجانات، يوثقان للربيع العربي في مصر وتونس. والقول إن هناك المزيد بانتظارنا يأتي من حقيقة أن المادة المصورة لهاتين الثورتين لا يمكن حصرها، فالكاميرا مترافقة مع الفعل، حيث المتظاهر يتظاهر ويصوّر، لا بل إن القتل يأتينا في بث حي ومباشر، والمادة الفيلمية تحولت إلى «منشور سياسي» تكفي «لايك» واحدة على مواقع التفاعل الاجتماعي لأن تنقله إلى مئات المشاهدين، وبما يتخطى ما حلم به غودار حين قال: «يجب صنع الأفلام جماعة وحول فكرة سياسية، على غرار الفروض المدرسية التي يتشارك الطلاب في حلّها... يجب صنع الأفلام بالتشارك مع الذين يشاهدونها

وهكذا، فإن على الأفلام الوثائقية، وتحديداً التي تناولت وتتناول الربيع العربي، أن تبحث عن اشكال جديدة تتخطى تجميع مادة أرشيفية خاصة أو غير خاصة، لا تضيف شيئاً للمشاهد، طالما أن الحدث طازج وحيوي وماثل بيننا وقد تمت متابعته بحذافيره وهناك معطيات جديدة على الأرض، هذا ما لم نمض خلف الحقيقة التي تصرخ بنا بأن الثورة، أي ثورة، في حاجة إلى فن ثوري وأدوات تعبيرية تتسق والتغيير، هذا إن كانت التطلعات تقدمية.

الخروج من الريبورتاج

فيلم «نصف ثورة» وفي سياق متصل مع ما تقدَّم، هو أولى المحاولات للخروج من بنية «الريبورتاج» التي تأسست عليها أفلام تناولت الثورة المصرية، لا بل إن فيلم عمر شرقاوي وكريم الحكيم يدفعنا وقبل مشاهدته إلى سؤال أولي: هل كانت ثورة أم نصف ثورة؟ وليكون هذا السؤال مشروعاً وحاضراً بقوة مع ما نعيشه يومياً مع مآلات ثورات الربيع العربي، وفتح الباب على مصراعيه أمام صراعات جديدة مع كل خطوة أتت بعد إسقاط رأس النظام.

فيلم شرقاوي والحكيم يقدم وثيقة خاصة عن الثورة المصرية، و كونه يقدم لنا نصف الثورة يضعه أيضاً في سياق مقولة في هذا الخصوص، لكن مع المضي مع هذا الفيلم فإننا سنضع كل ما تقدم جانباً، ونمضي مع إيقاع الفيلم الذي سيكون في ملمح من ملامحه مصاغاً على شيء من الدرامية والتي ستنقل إلى المشاهد مشاعر شهود الأحداث التي شهدتها القاهرة مع 25 يناير، إيقاع عال جداً كما هو فيلم الشرقاوي السابق «أبي من حيفا»، كما أن الكاميرا ستكون كاميرات في فيلم شرقاوي والحكيم، فما نشاهده سيكون في أحيان كثيرة مأخوذاً من زوايا متعددة، ومسار اللقطات سيكون تصاعدياً بالتناغم مع تصاعد الأحداث، وتقطيع المشاهد واللقطات مصاغاً بحيث لا يتيح للمشاهد التقاط أنفاسه.

يخضع فيلم «نصف ثورة» لبداية ووسط ونهاية، ويبدأ بالتعريف أولاً بشخصيات الفيلم، ومن هذه الشخصيات عمر شرقاوي نفسه «فلسطيني ولد في الدانمارك يعيش في مصر منذ أربع سنوات» وكريم الحكيم «مصري أميركي يعيش في مصر منذ عشر سنوات» وصولاً إلى سماهر وفيليب وإسلام ورشا، الذين نتعرف عليهم مع بداية الفيلم، ولنمضي معهم أيضاً في كل ما يعايشونه من أحداث حولهم، إضافة لوجودهم مع المتظاهرين في الشوارع، وهنا تمضي الكاميرات التي بين يدي عمر وكريم وآخرين ترصد لنا الكثير من اللقطات الخاصة التي تضيف الكثير، ملتقطة لحظات فريدة، بما فيها تعرض عمر وكريم للضرب على أيدي رجال أمن الدولة، الأمر الذي سنكون شهوداً عليه حين عبور عمر من زقاق والكيفية التي تقطع فيها الصورة.

هناك لقطة أخرى في الفيلم تؤخذ من شباك البيت لكن سرعان ما يجري إطلاق النار باتجاهها، وفي هذه اللحظة ستكون كاميرا من المبنى المقابل قد التقطت ذلك لترينا الزجاج مكسوراً.

فيلم «نصف ثورة» وثيقة خاصة تمزج الشخصي بالعام، وتلتقط نبض الشارع ومشاعر المتظاهرين والثوار، لكنه وفي الوقت نفسه يجعل ممن هم خلف الكاميرا أمامها، والعكس صحيح، فالفعل السينمائي في الفيلم ليس إلا فعلاً نضالياً أيضاً، والكاميرا لن تكون حيادية حيال ما تلتقطه، بل هي موجودة بيد من قرروا المشاركة في الثورة. وهكذا، فإننا نعيش مع طاقم عمل الفيلم مشاعرهم، فرحهم وحماسهم، إحباطهم ويأسهم، ولتكون البداية انخراطاً كاملاً في أحداث الثورة وتعقباً للمتظاهرين أينما وجدوا والكاميرا تتولى قول الكثير مما نشاهد ونسمع، إلى أن نصل الوسط وقد تشابكت خيوط درامية إضافية مع نزول البلطجية والمؤيدين لنظام مبارك، ومن ثم تصاعد الإحساس بالخطر الذي يحيط بهم، مع استشراء العداء لغير المصريين، إلى أن تكون النهاية مع قرار كريم السفر وعائلته وكذلك عمر قبل نهاية الثورة وذلك في 3 فبراير، ولهذا عنون الفيلم بـ «نصف الثورة»، لكن مهلاً، ليس هذا فقط هو السبب، بل ما يظهر على الشاشة في النهاية يؤكد في الوقت نفسه أن ما انجز هو جزء مما يجب إنجازه لإسقاط كامل النظام، وللتعليق على هذه الخاتمة ليس لنا إلا الاستعانة بالشعار المرفوع في ميدان التحرير «الثورة مستمرة».

من الكولاج وإليه

بالانتقال إلى فيلم مراد بن الشيخ «لا خوف بعد اليوم»، فإن زاوية مقاربة الفيلم للثورة التونسية ستكون يسارية خالصة، إنه فيلم يبدأ من الكولاج وينتهي به، وهناك من يعمل على قصاصات من الصحف ويقوم بإلصاقها على لوح، صور لزين العابدين بن علي، صور متظاهرين وعبارات شكلت ومازالت شرارة الثورات العربية، والفيلم يمضي في تقديم وثيقة لهذه الثورة الأم.

ربما نكون قد التهمنا بعيوننا الأحداث التي شهدتها تونس، ويمكن أن نتذكر جيداً كيف «علّم» شباب تونس العالم العربي «ثقافة النزول إلى الشارع» كما سيصرخ أحدهم في الفيلم، أو لنا أن نستعيد مباشرة مشهد نزع كلمة «التجمع» من مبنى «التجمع الدستوري الديموقراطي» لكن لن نعرف أن شابة هناك كانت تصور ذلك ستلتقي أمها، وليكون في ذلك مثال على الخط التوثيقي الأول للفيلم، وليكون الثاني قادماً من خلال شهادات شخصيات تونسية استثنائية بحق، والتي ستتناوب على سرد حيواتها وما عانته في ظل نظام بن علي، إضافة لتوثيق نضالاتها ما قبل وما بعد الثورة.

من بين من سنتعرف عليهم امرأة استثنائية هي راضية نصراوي المحامية والمدافعة عن حقوق الإنسان، والتي لا حاجة لنا هنا لإضاءة ما قدمته هذه المرأة من نضالات بقدر ما سيستوقفنا على سبيل المثال حديثها عن أن من ترافعت عنهم من المعتقلين الإسلاميين يتساءلون عما «إذا كانت ستدخل الجنة أم النار» هي اليسارية المعروفة، وإلى جانبها زوجها المعتقل في أيام بن علي وهو يخرج من سجن ليدخل آخر، إضافة لتعقب شهادات المدونة لينا بن مهني والحرص - الذي يدفع للتندر - على حقوق المرأة التونسية بعد الثورة بينما النساء التونسيات هن من كن الأكثر حضوراً وفاعلية.

فيلم «لا خوف بعد اليوم» يجد في هذه العبارة العتبة التي انتصر فيها الشعب التونسي لقيمه الوطنية والإنسانية، إنه فيلم يستكمل الكولاج الذي بدأ به ذلك الشخص الذي لا يظهر منه إلى صوته وهو يقول «إنها ثورات شهادات وليست ثورة خبز أو ثورة ياسمين»، ولينتهي الفيلم بإهداء يقول «إلى كل الذين ناضلوا طويلاً ولم يشهدوا هذا اليوم»، عبارة تعيدنا مجدداً إلى المحامية راضية وهي تتذكر باكية أصدقاءها الذين ماتوا ولم يشهدوا سقوط الديكتاتور.

الحياة اللندنية في

06/01/2012

 

نضال الشعوب في مهرجان حقوق الإنسان

القاهرة - نهى عابدين 

«نحن بحاجة هذه الأيام إلى كل كلمة تعبّر عن حقوق الإنسان التي نبحث عنها ونحارب من أجلها ليعيش كل فرد على وجه الأرض بكرامة»، في ظل هذا المضمون انطلقت قبل أيام، الدورة الرابعة لمهرجان القاهرة لأفلام حقوق الإنسان تحت رعاية منظمة المؤتمر الإسلامي الأميركي.

قدم المهرجان هذا العام 19 فيلماً من مصر والعالم العربي والولايات المتحدة الأميركية وأوروبا ولا سيما من فرنسا وسويسرا، وحرصت إدارة المهرجان على عرض الأفلام للجمهور في ساقية عبدالمنعم الصاوي من دون مقابل مادي، وذلك بغية نشر فكرة وثقافة حقوق الإنسان بين المواطنين ومحاولة «الاقتراب منهم في شكل أكبر لتوعيتهم بحقوقهم في إطار ممتع وشيق»، إضافة إلى إتاحة الفرصة للتعرف إلى المواهب الشابة من صنّاع تلك الأفلام.

ثورات الربيع العربي كانت المحور الرئيس لغالبية الأفلام المشاركة في هذه الدورة، إذ تنوعت ما بين تقديم العمل الثوري السلمي وحركات التغيير الشعبي في العالم، لا سيما في المنطقة العربية ومصر وما شهدته من ثورات سلمية أطاحت أنظمة فاسدة. وهو ما ظهر برؤى متعددة في مجموعة من الأفلام. كما أن المهرجان قام بتكريم الدكتور مصطفى النجار عضو مجلس الشعب المصري الجديد وأحد قادة احتجاجات كانون الثاني (يناير) والداعين لها إلى جانب كونه مدافعاً عن حقوق الأقليات في مصر ونشرت له سابقاً مجموعة قصصية تناولت حقوق المرأة.

حصدت الثورة المصرية نصيب الأسد من الأفلام المشاركة بالمهرجان، إذ قدم عدد من شباب السينمائيين المصريين والأجانب أيضاً رؤيتهم الخاصة لتوثيق الثورة، فعرض فيلم «رؤى حول الثورة المصرية» للمخرج الفرنسي سباستيان سوجوس الذي تناول وجهات نظر وآراء الناشطين والمدونين والفنانين والمواطنين البسطاء في الثورة... كيف غيرت في حياتهم والتعرف إلى آمالهم ومخاوفهم حول مصر الجديدة.

وعرض أيضاً فيلم «أسمى ميدان التحرير» للمخرج المصري علي الجهيني ومدته 60 دقيقة يتعرض خلاله لثلاث فترات سياسية بدءاً من الخمسينات ووصولاً إلى مقتل الشاب خالد سعيد مفجّر الثورة المصرية. وتضمن الفيلم مشاهد من صور التعذيب والعنف الموجّه ضد الفقراء إلى جانب عرض إحصاءات عن معدلات الفقر والعشوائيات في مصر.

واستعرض الفيلم الفرنسي «اموجا: قرية محرّمة على الرجال» للمخرج جان كروزياك قصة فريدة عن قرية تسمى اموجا أنشأتها نساء كثيرات تعرضن للاغتصاب على يد الجنود البريطانيين في شمال كينيا فهجرهن أزواجهن ليلجأن إلى خلق حياة أفضل لهن عبر هذه القرية مانعات دخول الرجال إليها.

أما المخرجة البريطانية كيم لونجينوتو فألقت الضوء على المرأة الهندية من خلال فيلمها «الساري الوردي» الذي يروي قصة المناضلة الهندية سامبات بال التي قادت حركة للدفاع عن النساء المعرضّات للخطر وحاربت من أجل رفع الظلم عن النساء، حيث رفعت شعار «إذا كنتِ خجولة... فسوف تموتِين».

نذكر هنا ان الدورة الأولى من مهرجان القاهرة لأفلام حقوق الإنسان في عام 2008، تزامنت مع الذكرى الستين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان ليعد بذلك أول مهرجان من نوعه في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يهتم بعرض الأفلام المتعلقة بحقوق الإنسان من مختلف أنحاء العالم.

الحياة اللندنية في

06/01/2012

 

«زمن الجياد الثملة»!

ابراهيم حاج عبدي 

في فيلمه «زمن الجياد الثملة» يتناول المخرج السينمائي الكردي بهمن قُبادي معاناة صبية صغار يعملون في التهريب نتيجة الوضع الاقتصادي البائس في إحدى القرى الحدودية بين العراق وإيران حيث يمتزج بياض الثلج مع أرواحهم البيضاء في ذلك العراء القاتل. لم يعرف هؤلاء الصغار من مفردات الطفولة المرحة سوى الألم، والتحايل على ظروف مناخية قاسية لا يقوى على تحمّلها حتى الجياد التي تُسقى خمراً كي تبقى حية، وتتمكن من اجتياز وعورة التضاريس وعواصفها الثلجية المميتة.

خيال قُبادي السينمائي لم يلهمه كي ينجز مشهداً يظهر قنابل تهطل مع ندف الثلج، فكان الواقع، هذه المرة، أكثر تمادياً في الذهاب بالمحنة الى أقصاها. نحو خمسة وثلاثين فتى كردياً قضوا، قبل أيام، بنيران قنابل هطلت بغزارة تزامناً مع رعود طائرات الجيش التركي وهي تلاحقهم على أطراف قرية منسية غافية على الحدود التركية - العراقية في منطقة شرناخ.

الفضائيات ركزت على الخبر، وخصوصاً الكردية منها مثل «روج. تي. في» و «روناهي»، وبحثت في جوانبه السياسية والعسكرية المختلفة، وراحت تعرض مشاهد تظهر جثثاً مغطاة ببطانيات، وممددة على هضبة تكسوها الثلوج فيما تجمع أشخاص حولها منتحبين، بينما اختزلت الصرخة الباكية للأم الثكلى تراجيدية الحدث: السلطات التركية الرسمية تعترف بخطأ عسكري قد وقع، وتقدم اعتذاراً لذوي القتلى، فالمستهدف كان عناصر من حزب العمال الكردستاني، لكن حين انبلج الفجر اتضح ان الضحايا مجرد «مدنيين أبرياء» يعملون في تهريب بعض السلع التي تحتاجها بلدتهم، «نهضوا هادئين في الفجر، الشبيه بمساء متعب، وغابوا في الجرح الأبيض، تحت الضلع الثاني من أضلاع الثلج العارية»، وفق تعابير للروائي سليم بركات.

لن يكون مجدياً، الآن، تكرار تلك التحليلات والتقارير السياسية التي دانت الحدث، وتعاطفت مع أسر القتلى، فالصور كانت أكثر بلاغة وتعبيراً من كل ما قيل. ولوهلة التبس الأمر في ذهن المشاهد، إذ اعتقد ان الضحايا هم قرابين «الربيع العربي» المزدهر منذ أكثر من سنة، ولم يختلف الأمر كثيراً عندما تبين أن الصورة، هذه المرة، آتية من شتاء الأناضول في جنوب شرقي تركيا حيث تعيش غالبية كردية تبحث، بدورها، عن حرية مفقودة.

لن نخوض في السياسة كثيراً، لكن لا بد من تسجيل نقطة في مصلحة التلفزة التي كشفت، من حيث لا تقصد، عن ازدواجية في المعايير لدى الساسة الاتراك، ففي حين يتباكى هؤلاء على أطفال غزة، ويؤيدون انتفاضة السوريين، لكنهم، في الوقت ذاته، ينكرون حقوق الأكراد، ويمارسون القمع ضدهم، بل ويعترضون على قانون فرنسي، صدر أخيراً، يجرّم إنكار إبادة الأرمن على يد الأتراك في مطالع القرن العشرين... إنها فضيلة التلفزة في فضح ألاعيب السياسة مهما تغلفت بالبراءة والمبادئ السامية والنزاهة!

الحياة اللندنية في

06/01/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)