حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

"آباء مثاليون"

نموذج للفيلم التليفزيوني المتميز

أمير العمري

كان الاعتقاد السائد في الماضي القريب أن الفيلم التليفزيوني أقل أهمية من الفيلم السينمائي، وأنه لا يتمتع بالقدرة على الحركة في اتجاهات فسيحة أو سبر أغوار مواضيع معقدة، ولا توجد فيه مساحة للإبداع في الشكل بحكم محدودية إطار الصورة.

كان المفهوم القديم السائد يتلخص في أن الصورة السينمائية أكثر عمقا وشمولية من الصورة التليفزيونية التي تعتمد أكثر من اللقطات القريبة (كلوز أب) للوجوه التي تكشف عن تعبيرات الممثلين للمتفرج، أو اللقطات المتوسطة الحجم وهي تلك التي يظهر فيها عادة شخصان يتحدثان أو يسيران إلى جوار بعضهما البعض أو حتى يتصارعان.

وكانت غلبة هذا النوع من أحجام اللقطات (إذا جاز التعبير) مرتبطة بمساحة الصورة كما توفرها شاشة جهاز التليفزيون التي لا تستطيع أن تضاهي مثلا، شاشة السينما، كما يرتبط أيضا بالإمكانيات المحدود للإضاءة عند التصوير بكاميرا الفيديو.

غير أن ما لا شك فيه أولا: أن العرض المتواصل لأفلام صنعت أساسا للعرض السينمائي أثر على الصورة التليفزيونية كما تأثرت السينما بتقنية التصوير للتليفزيوني.

وثانيا: تطورت كثيرا جدا تقنيات التصوير بكاميرا الديجيتال خلال السنوات الأخيرة، مما جعل من الممكن استخدام الألوان بحرية أكثر وبشكل تعبيري، وكذلك إبراز عمق المجال في الصورة بقدر الإمكان، إضافة بالطبع إلى أن مساحة شاشة التليفزيون لم تعد محصورة في الأبعاد القديمة (التي كانت أقرب إلى الشكل المربع) بل أصبحت تمتلك أبعادا جعلت البعض يطلق عليها - عن حق- "السينما المنزلية".

لذلك لم يفاجئنا كثيرا المستوى الفني الممتاز للفيلم البريطاني "آباء مثاليون" الذي أنتجه تليفزيون بي بي سي.

قضية اجتماعية

يتميز هذا الفيلم بتناول قضية اجتماعية شديدة المعاصرة، وهو ما يؤكد أن الوظيفة الأساسية للفيلم التليفزيوني الذي يشاهده عادة الناس من كافة الطبقات وربما الأعمار أيضا، يجب أن يتعامل مع الأحداث الجارية التي تهم هؤلاء الناس، ولكن من خلال الدراما بالطبع، وليس الشكل الإخباري التعليمي.
يتناول فيلم "آباء مثاليون" موضوعا يرتبط بالتدهور الحالي في مستوى المدارس العامة في بريطانيا.

ستيوارت وأليسون والدان يرغبان في توفير مستوى جيد من التعليم لابنتهما الوحيدة "لوسي" ذات السنوات العشر، ويزداد إصرار الأب على نقلها إلى مدرسة جيدة بعد أن تقع مشاجرة بين فتاتين في مدرسة لوسي، تتطور إلى طعن بالسكين ووقوع إصابات وتدخل من جانب الشرطة.

ويبدأ الوالدان البحث عن مدرسة بديلة، لكنهما يكتشفان أن في كل واحدة عيبا قاتلا. مدرسة واحدة فقط هي المدرسة المثالية بمعنى الكلمة، وهي المدرسة التي تتشبث بها لوسي نفسها هي مدرسة "سانت ماري".

لكن هذه مدرسة "كاثوليكية"، بينما ستيوارت وأليسون أقرب إلى الإلحاد، فما العمل؟

تقترح لوسي التظاهر بالكاثوليكية، وتروق الفكرة لستيوارت رغم المعارضة الشديدة من جانب زوجته التي ترفض أصلا فكرة إلحاق ابنتها بمدرسة ذات منحى ديني، ثم تقتنع على مضض لأنه لا يوجد بديل آخر بعد أن تركت أليس مدرستها الأولى ومكثت تتعلم في البيت.

غير أن الأمر ليس سهلا. حقا يشتري الزوجان كتبا ومطبوعات تسهل لهما لوسي، الإلمام بكل ما يتعلق بالتاريخ والتقاليد والطقوس الكاثوليكية، لكن يتعين أيضا اجتياز امتحانات قبول ليس فقط للوسي، بل لوالديها أيضا، بل ويستلزم الأمر الحصول على شهادة من قس كاثوليكي يشهد قيها أنه يعرف الأسرة معرفة وثقة منذ سنوات، وأن الأسرة تتمسك بالكاثوليكية!

بعد صراع مكشوف مع مديرة المدرسة التي تبدو متشككة في سلوك الزوجين، بينما تميل إلى لوسي التي تبدأ بالفعل في الاقتناع بالجوانب الدينية الكاثوليكية، يجتاز الجميع الاختبارات القاسية بنجاح.

أما بالنسبة للشهادة المطلوبة من القس، فيتوصل ستيوارت إلى قس يقدمه له أحد معارفه ويقول إنه سيمنحه الشهادة مقابل الحصول على 4 آلاف جنيه.

التشويق والمضمون

من هنا تبدأ الأحداث تتخذ إيقاعا اسرع، هو إيقاع فيلم التشويق البوليسي، وبذلك ينتقل الفيلم من الاجتماعي إلى البوليسي ولكن دون أن يفقد الخيط الأساسي: رغبة الوالدين في إلحاق ابنتهما بأي ثمن بمدرسة لائقة.

وتحت شعار الغاية الجيدة تبرر الوسيلة القذرة، يقترض ستيوارت ويدفع للقس المبلغ المطلوب، ويحصل على الشهادة ويلحق لوسي بالمدرسة.

لكن الأمر ليس بهذه البساطة، فهناك أولا الأم الكاثوليكية المتشددة التي كانت على ثقة من نجاح ابنتها في الالتحاق بالمدرسة، لكنها تفشل في ذلك.

ويجن جنون الأم التي تعتقد أن ستيوارت وأليسون اختطفا مكان ابنتها دون وجه حق، فهي تتشكك في أن يكونا اصلا على صلة بالدين، ناهيك عن الكاثوليكية.

من ناحية أخر، سرعان ما يعود الشخص الذي قام بالوساطة مع القس، إلى ابتزاز ستيوارت طالبا مزيدا من المال للقس وإلا فضح الأمر.

ومرة أخرى يضطر ستيوارت إلى تدبير المبلغ المطلوب لكنه يكتشف أن القس يدفع المبلغ إلى هذا الشخص (الوسيط) لقاء تستره على شذوذ القس وقيامه في الماضي بالاعتداء على الأطفال.

هذا ما يفهمه ستيوارت، فيجن جنونه، ويتصور أن القس اعتدى على لوسي خلال إحدى جلسات الاعتراف، ويقوم بمواجهته، لكن القس يصر على الإنكار، فيضربه ستيوارت بقسوة.

بعد ذلك، نعرف أن القس مات ونفهم أنه مات متأثرا بحراحه من آثار الاعتداء، ثم يعود الشخص اياه إلى ابتزاز ستيوارت ملوحا بأنه لم يحصل فقط على شهادة موزرة، بل وقتل القس أيضا.

تدريجيا نكتشف أن هذا الشخص كان قد تعرض لاعتداء من جانب القس في طفولته، وأنه قام بابتزاز القس، وابتكر له هذه الطريقة في منح الشهادات مقابل الحصول على المال لنفسه.

ونكتشف أيضا أنه قام بالإجهاز على القس بعد انصراف ستيوارت، بعد أن كان القس على وشك إبلاغ الشرطة عنه.

مديرة المدرسة تتدخل بعد أن تتسرب الحقيقة. والأم الملتاعة بسبب فقدان ابنتها مكانا في المدرسة تواصل ضغوطها على لوسي إلى أن تعترف لها بما تم من تحايلات.

غير أن الفيلم ينتهي دون الإبلاغ عن ستيوارت (الذي قتل دفاعا عن النفس على أي حال)، وبعد أن تتخلى لوسي لمكانها في المدرسة للفتاة الكاثوليكية، وتعود إلى مدرستها القديمة بعد أن تكون قد شهدت تحسنات كثيرة.

أكثر من موضوع

بالطبع الفيلم يناقش أكثر من موضوع: هناك أولا كما أشرنا، موضوع تدني مستوى المدارس العامة في بريطانيا، وثانيا: الكنيسة الكاثوليكية وما يحدث فيها، ثم هناك ثالثا: فكرة الغاية التي تبرر الوسيلة.. هل هي فكرة تستند إلى أي أساس أخلاقي؟

لا شك أن الفيلم يجيب على التساؤل الأخير دون أن يتورط في اتخاذ موقف محدد من الكنيسة الكاثوليكية، فهو يعرض للجانبين: الجانب السلبي (القس وممارساته) والجانب الإيجابي (مديرة المدرسة المتشبثة بالقيم المبادئ والأخلاق).

ولكن هناك انتقاد واضح لموقف الكنيسة من الجنسية المثلية مثلا، وتأكيدا على أن الانتهازية تقود إلى التدني والسقوط في مستنقع الجريمة، وأن النوايا الجيدة (المدفوعة بالحب – كما يقول ستيوارت) لا تبرر الممارسات السيئة.

ولعل أهم ما في هذا العمل، ليس فقط ما يمور به من أفكار وما يطرحه من دعوة إلى التأمل فيها، بل في اساسا في البناء المحكم الذي يعتمد على سيناريو مكتوب بمهارة كبيرة، وعلى الأداء التمثيلي الذي يصل إلى أفضل مستويات التقمص والليونة في التعبير، والانسجام بين مجموعة الممثلين جميعا.

ولعل أسلوب التشويق البوليسي الذي يعتمد على الكشف التدريجي عن عقدة جديدة في نهاية كل فصل من الفصول، والانتقال بطريقة مقنعة تماما من الناحية الدرامية، من مأزق إلى آخر، ساهم كثيرا في تقريب الفكرة المطروحة من أذهان الجمهور.

ورغم جدية الموضوع وقسوته أحيانا، إلا أن الفيلم لم يخلو من مشاهد كثيرة تشع بروح المرح، وتتمتع بخفة الظل.

الجزيرة الوثائقية في

05/01/2012

 

"معركة مرجة" :

حرب أفغانستان الطويلة الخاسرة

محمد موسى 

يتيح الفيلم التسجيلي”معركة مرجة”، والذي عرضته عدة شاشات تلفزيونية أوربية في الشهرين الأخيرين، التعرف على واحد من مجموعة الأفلام التسجيلية التي تقوم قناة "الاج بي او “ الأمريكية. وهي القناة التي تحظى منذ أكثر من عقد من السنوات بشعبية كبيرة في الدول الأوربية، بفضل المسلسلات الدرامية العالية الجودة التي تنتجتها، والتي كسبت، وبفضل جرأتها غير المسبوقة، وابتكاراتها الصورية المدهشة جمهورا أوربيا واسعا. الجمهور المناسب والمتلهف، والذي لم يستسغ تأثيرات المحافظة الأخلاقية والفكرية التي هيمنت على معظم إنتاجات قنوات التلفزيون الأمريكي الرئيسية في العقدين الأخريين.

تفرد قنوات "الاج بي او” في برمجتها التلفزيونية، مساحات ثابتة للفيلم التسجيلي. والذي يأخذ أشكالا متنوعة: من البرامج التسجيلية الطويلة، والتي ترافق فيها الكاميرات شخصيات عادية في حياتها اليومية، إلى أفلام من العالم الثالث ”المجهول نسبيا عند الجمهور الأمريكي”، وأفلام بموضوعات من الولايات المتحدة الأمريكية نفسها. تشترك الأفلام تلك بعناصر أضحت أساسية في ترسيخ الهوية الفنية والفكرية التي تحاول قنوات “الاج بي او” الاحتفاظ بها، بتوفير بديل فكري مختلف عما تعرضه أغلب شاشات القنوات الأمريكية الأخرى، ودفع العملية الفنية بمجملها إلى حدود تكسير المحظورات والثوابت الشائعة.

ينضم فيلم ”معركة مرجة “ إلى مجموعة الأفلام التسجيلية التي تناولت الحرب الطويلة المستمرة في أفغانستان. ورغم الفترات الزمنية التي تفصل بين أفلام حرب أفغانستان التسجيلية التي عرضت في السنوات العشر الأخيرة، إلا أنها تتشابه في مساراتها والحدود التي تقطعها الكاميرا في استكشاف البلد والناس، وعلاقة القوات العسكرية الأجنبية باليومي هناك. هذه التشابهات لا ترجع إلى مصادفات أو تأثيرات يفرضها الموضوع المتناول، إنما يعود بشكل أساسي إلى آلية تنفيذ تلك الأعمال. إذ رافقت معظمها قوات أمريكية وأجنبية أخرى أثناء عملها / حربها هناك، ولفترات زمنية مختلفة. فالمخرجون لا يتحركون- وبسبب اعتبارات أمنية - من دون حماية القوات العسكرية تلك، واللقاءات الخاطفة التي يتم تحقيقها مع أفغان مدنيين، تتم تحت عيون الجنود المسلحين، ليس بسبب رقابة ما، تحاول القوات العسكرية فرضها على المخرجين، ولكن بسبب الاعتبارات الأمنية ذاتها، وصعوبة إبقاء فرق إخراج تلك الأفلام لوحدهم مع أفغان المناطق المضطربة، وهي الضوابط التي لم يخاطر مخرجو تلك الأفلام على مخالفتها.

هذه الاشتراطات الصارمة من خارج العملية الفنية، أدرجت أفلام لمخرجين من دول مختلفة، في خانة واحدة تقريبا، ومنحت تلك الأفلام سمات خاصة ارتبطت بشدة بالظروف التي رافقت إنتاج تلك الأفلام وليس بخطط مسبقة. يكمن إيجاز هذه السمات فيما يلي: اضطرت هذه الأفلام وبسبب الوضع الأمني المتردي في أفغانستان على مرافقة وحدات عسكرية غربية ولفترات زمنية تصل أحيانا لأشهر، وانعدمت حركة الأفلام خارج تلك "الصحبة"، التي منحت بالمقابل المخرجين إمكانية تصوير حياة الجنود في داخل ثكناتهم، لكن دون الولوج في نقاشات طويلة عن موضوعة الحرب وأسئلتها وجدواها. الصور التي تسجلها الأفلام خارج الثكنات والتقاطعات مع الأفغان المدنين والعسكريين لا يمكن تصنيفها بالطبيعة، هي بالمجمل، انعكاس للأثر الذي يتركه الحضور الغربي العسكري المسلح عند الأفغان الذين يمرون في تلك الأفلام. تكون الكاميرا أحيانا، المشهد الأول، الواسع أو الضيق، الذي يراه جنود تلك الوحدات العسكرية في حركتهم، وما يتعلق بذلك بمحدودية أفق تلك الأفلام ونسبية الحقيقية التي تقدمها. أثناء المعارك التي تصورها تلك الأفلام، وعندما تنسحب الكاميرا من المقدمة، وتتستر بالجنود المسلحين، تركز المشاهد وقتها على العلاقات التي تربط بين الجنود، والحميمية غير الواضحة للعيان التي تنشأ بينهم، بفعل الزمن الذي يقضونه في تلك الظروف الشديدة الصعوبة. وأخيرا لا يمكن إهمال الرقابة التي تفرضها السلطات العسكرية على الصورة "النهاية" لتلك الأفلام، والتي يتجنب مخرجوها الخوض فيها، ويكتفون أحيانا بإجابات مبهمة، يتعلق بعضها بأمن الجنود الذي يجب الحفاظ عليه، واعتبارات أخرى ترتبط بالعمل العسكري المستمر هناك.

والحديث عن الرقابة الخارجية، يقود إلى أخرى لا شعورية يفرضها الظرف العام المحيط بعمليات إنتاج هذه الأفلام، فالمصورون والمخرجون يعتمدون على أولئك الجنود لحمايتهم من الموت في تجوالهم خارج القواعد العسكرية أو حتى في داخل تلك القواعد، الأمر الذي يقود إلى علاقة خاصة وتعاطف "مبرر" مع هؤلاء الجنود، والذي يظهر في مشاهد مختلفة من فيلم “ريستريبو ، 2009” مثلا، فكاميرا مخرجي الفيلم تيم هيذرينجتون “قتل في منتصف عام 2011 أثناء تغطيته لثورة ليبيا” و سيباستيان جانغر تمتنع عن تصوير وجه الجندي الأمريكي، الذي يصاب ويلفظ أنفاسه الأخيرة على بعد أمتار فقط من كاميرا المخرجين، في الوقت الذي يقوم الفيلم وبمشاهد أخرى بعرض صور لأطفال قتلتهم غارة جوية أمريكية أثناء بحثها عن مقاتلي حركة الطالبان، أي أن الفيلم لم يمتنع لاعتبارات أخلاقية عن عرض صور جثث بالمطلق، وكما تفعل مؤسسات إعلامية غربية، مثل هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، والتي قامت بتمويه وجوه قتلى مدنين وأعضاء من حركة الطالبان في برنامجها الوثائقي عن أفغانستان، والذي حمل عنوان “حربنا “ وعرض في شهر يونيو من عام 2011. مع التشديد هنا، بأن فيلمريستريبو” وبعرضه صور الأطفال الأفغان المقتولين، كان يكشف أهوال الحرب على مدنيين ، مطوقين  بين قوات متطورة  لا تتورع عن توجيه ضربات قاسية، وأخرى تستغلهم كدروع بشرية لتضرب من خلفهم  القوات الأجنبية.

يرافق فيلم “معركة مرجة” فصيلا عسكريا أمريكي”يدعى برافو” في شهر فبراير من عام 2010، وأثناء حربه حركة طالبان لإعادة السيطرة على مدينة مرجة الحيوية. يمهد الفيلم دقائقه الأولى للحديث عن أهمية المعركة القادمة، فأمريكا برئيسها الجديد”باراك اوباما”، تريد أن تنفذ سياسية جديدة في أفغانستان، تميل أكثر للتركيز على الظفر بقلوب الأفغان، بعد أن  وجدت إن القوة المفرطة لم تعد مجدية، ما لم يرافقها يد أخرى حنونة، تطبب على ظهور الناس في المنطقة، وتمنحهم أملا جديدا.

تبدأ المعركة العسكرية  سريعا في الفيلم، الذي لا يأخذ الكثير من الوقت للتعريف بشخصياته من الجنود الأمريكيين، وكما يفعل الفيلم التسجيلي الدنمركي “أرماديلو، 2010” للمخرج جانوس ميتز، والذي بدأ رحلته مع مجموعة العسكريين التي سيرافقها من البلد الاسكندينافي، ليبقى معهم إلى نهاية خدمتهم في أفغانستان. يخوض فصيل ”برافو” العسكري معارك قليلة في مدينة مرجة، فاغلب مقاتلو طلبان يتركون المدينة مع تقدم القوات الأمريكية، لكن جزء من الفصيل الأمريكي يضطر للبقاء يوم كامل في احد بيوت المدينة، بسبب رغبته في إفراغ الحي من المقاتلين. بعد أن تنتهي المعارك، يرافق الفيلم جهود قوات أمريكية لتحسين ظروف حياة أبناء”مرجة، كتفعيل دور الشرطة المحلية، واستقدام رجال من أهل المدينة للعمل في الوظائف الأمنية، وتشجيع محلات سوق المدينة على فتح أبوابها من جديد.

قطع رأس مجنون القرية

تمكن مخرج فيلم”معركة مرجة” الأمريكي انتونيو ونيك ومعده البريطاني بين أندرسون، من الاقتراب من سكان مدينة مرجة، وبشكل لم يكن متاحا لأفلام مثل “ريستريبو” وأرماديلو”. لكن بدل لقاءات مع أفغان، فضل الفيلم أن يلتقط صورا غير مألوفة، بعضها يقترب من الشاعرية، للحياة هناك: أطفال يتنقلون في أحياء شديدة الفقر. كلاب تعوي أحيانا ، طاردة للغرباء. سيدة عجوز تجلس القرفصاء أمام غرفة، وجدت فيها جثة مقاتل ملتصق بالأرض”دون أن يسعى الفيلم إلى معرفة علاقة العجوز بالمقتول”. يرافق الفيلم أيضا، مجموعة من  الجنود إلى بيت أحد أبناء المدينة الصغيرة، والذي فقد زوجته وطفليه في غارة أمريكية. يسجل المخرج اللقاء الحرج  بين جنود شباب تنقصهم الخبرة، يحملون 2500 دولار أمريكي، كتعويض لأي ضحية مدنية تسقط هناك، والأب الشاب أيضا والمشدوه بحضور العسكريين والكاميرا.

لكن "محمد"، الأفغاني الذي تجاوز العشرين من العمر بجسد توقف عن النمو عند السادسة، هو الذي سيهمين على الفيلم. هو "مجنون القرية"، الذي لا تخلو مدينة أو حي منه. لا يتوقف عن الحركة. يهاجم الجنود الأمريكان بصوته الخشن ويطلب منهم التوقف عن ضرب الحي بالقنابل، وينهال بالشتائم على "الطالبان". يدخن بشراهة. يحدق بالكاميرا بوجهه الذي هرم، والمركب على جسد طفل. محمد هذا، وكما يخبرنا الفيلم بعد نهايته، سيقتل بوحشية مقززة، فمقاتلي حركة الطالبان، والذين يستعيدون نشاطهم بعد انسحاب القوات الأمريكية، سيقومون بقطع رأس "مجنون" القرية، فقط لأنه شارك ضحكات قليلة مع جنود وحدة “برافو الأمريكية.

الحرب الخاسرة

تتشابه أفلام أفغانستان التسجيلية من الأعوام الثلاثة الأخيرة بنهايتها السوداوية . لا منتصر واضح ، أو مهزوم يترك المعركة هناك. تنسحب الوحدة العسكرية من وادي فيلم “ريستريبو” ، بعد أكثر من خمسين قتيلا من العسكريين ، وأشهر من المحاولات لإدارة منطقة جغرافية  ضيقة، لا يقارن تمردها بمناطق أخرى من البلد. فيلم”معركة مرجة” ينتهي أيضا بصورة لا تقل يأسا ، فجهود الفصيل الأمريكي في إعادة الأمن للمدينة ، لا تصمد طويلا . والشرطة الأفغانية ، تفشل في الصمود أمام عزيمة مقاتلي الطالبان. والذين تفشل الأفلام التسجيلية المذكورة بشكل عام  في التقرب من عالمهم ، أو تفسير الغضب والعنف الذي يحملوه . التَوْضِيح الوحيد جاء من بائع في سوق مدينة مرجة ، والذي تحدث بشكل خاطف للكاميرا ، عن الحرب غير المجدية ضد "الطالبان" ، لان التنظيم لم يأتي من  كوكب آخر كما يصف. "هم أبناء هذا البلد ، إخوتنا وأبناء عموتنا" يكمل البائع الجوال ، قبل أن تهرب الكاميرا  الخائفة منه ، لتعود الى صحبة جنود الوحدة العسكرية الأمريكية.

الجزيرة الوثائقية في

05/01/2012

 

ليلي قاسم تختبر نفسها في دور الشريرة

ميدل ايست أونلاين/ القاهرة 

فيلم 'ريكلام' قصة اجتماعية تتحدث عن 4 فتيات تجمعهن الظروف القاسية وتقوم ليلي بدور فتاة تعمل ليلا في الكباريهات.

تشارك الفنانة ليلي قاسم في فيلم "ريكلام" من اخراج علي رجب وسيناريو مصطفى السبكي.

ويقوم بالبطولة فيه كل من غادة عبدالرازق ورانيا يوسف وريهام نبيل ودعاء سيف النصر وإنجى خطاب وليلي قاسم ومحمد درويش وماهر ماهر، ومادلين طبر وإيناس مكي وعلا رامي وضياء الميرغني ورضا حامد ومنير مكرم.

وتدور احداث الفيلم حول 4 فتيات من مختلف الطبقات الاجتماعية هن "شادية" وهي شخصية محورية تجمعها الظروف بعلاقة صداقة مع" ديدي" التي تعمل في أحد الكباريهات بعد أن تتعرض أسرتها للفقر، بالإضافة إلى الفنانة علا رامي التي تستغل ظروفهن وحياتهن الاجتماعية القاسية وتستقطبهن من أجل تسهيل الأعمال المنافية للآداب.

وقالت الممثلة ليلي أن من رشحها لفيلم "ريكلام" الفنانة غادة عبدالرازق والسيناريست مصطفى السبكي الذي قدمها الى المخرج علي رجب.

وقالت عن دورها في الفيلم "أقوم بدور الشريرة في الفيلم ، من خلال شخصية فتاة تتعرض لمجموعة من الضغوط الاجتماعية، وتعمل في مهنة الريكلام في الكباريهات، وما أعجبني في الفيلم هو التحولات الشخصية التي أمر بها والتي سوف يكتشفها الجمهور".

ورأت ليلي أن ظهورها كشخصية شريرة في إعلان ميلودي وفي فيلم "ريكلام" لا يعني التخصص في أدوار الشر.

وأضافت "أنا ضد مبدأ التخصص في العمل فلقد تعلمت أن الممثل الشاطر هو الذي يستطيع أن يجسد كل الشخصيات والأدوار سواء ادوار الشر أو الأدوار الرومانسية أو الدرامية وبالتأكيد سوف أقدم مجموعة من الأدوار المتنوعة في المرحلة القادمة، أما تشابه الشخصية في إعلان ميلودي وفيلم 'ريكلام' فجاء مصادفة" .

وحول رأيها في تقدم أحد المحامين برفع دعوى قضائية علي الفيلم لمنع عرضه، قالت"الفيلم لن يتوقف لأن الفيلم لا يوجد به أي مشاهد إسفاف، وأنا أدعو الجمهور الى مشاهدته حتى يستطيع تقييم العمل".

وأشارت "بالتأكيد أعترض على طريقة التكهن بمحتوى العمل قبل مشاهدته، وفي نفس الوقت لا ننكر أن هذه الفئة موجودة في كل المجتمعات".

وقالت "ان طريقة المعالجة الخاصة بالفيلم تختلف عن ما يتوقعه النقاد أو هذا المحامي، فالمفروض نشاهد لنعرف كيف يعالج الفيلم هذه المهنة وكيف امتهنتها الفتيات، وفي هذا الوقت يرى هل سيتعاطف معهم المشاهد أم سوف يكون ضدهم؟".

وبدأت الفنانة ليلي قاسم التمثيل في المرحلة الجامعية في مسرح الجامعة.

وتم ترشيحها لأكثر من عمل من بينها مسلسل "أهل الرحمة" إخراج محمد عبدالعزيز ومسلسل "يا ورد مين يشتريك" إخراج رباب حسين ومسلسل "الحب بعد المدولة" للمخرج هاني إسماعيل.

وعندما تخرجت في كلية الأعلام سافرت إلي لبنان للعمل في قناة الـ "ام بي سي"، وبعد ذلك عملت في قنوات المحور ومودرن وميلودي.

وفي الفترة التي عملت بها في لبنان حصلت على مجموعة من كورسات التمثيل عند أستاذ المسرح "رفعت الطرباي"، وفي مصر حصلت على كورس عند محمد عبدالهادي.

وكانت نقطة التحول الأساسية في حياتها الفنية بعد إعلان "ميلودي الحقيقة المرة" الجزء الثاني، حيث حثها عدد من المخرجين والأصدقاء على العمل كممثلة.

وكانت بداية هذه الخطوة فيلم "فكك مني" وفيلم "شوية حرية" الذي لم يعرض حتى الآن بسبب أحداث الثورة، وشاركت في مسلسل "شارع عبدالعزيز" في رمضان 2011 وأخيرا من فيلم "ريكلام".

ميدل إيست أنلاين في

05/01/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)