حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

نيللي كريم:

أنا ممثلة جريئة ولا أخشى المواضيع الصعبة

كتب: القاهرة- غنوة دريان

حققت الفنانة نيللي كريم حضوراً قوياً سواء على الشاشة الصغيرة عبر مسلسل «الحارة» (عرض على شاشة رمضان 2010) أو على الشاشة الفضية من خلال ثلاثة أفلام: «الرجل الغامض بسلامته»، «وقوف متكرر»، «الزهايمر» مع عادل إمام الذي عرض في موسم عيد الأضحى الماضي.

عن جديدها ومجمل مسيرتها الفنية كان الحوار التالي معها.

·         ما أبرز المحطات التي ميزت مسيرتك الفنية لغاية اليوم؟

فوزي بجائزة أحسن ممثلة منذ سنوات عن دوري في فيلم «أنت عمري» مع المخرج خالد يوسف، واختياري للمشاركة في لجنة تحكيم أفلام الديجيتال ضمن فعاليات «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي» في دورته الـ 34 التي جرت قبل اندلاع ثورة 25 يناير.

·         كيف تقيّمين تجربتك في لجنة تحكيم المهرجان؟

أنا سعيدة وفخورة بخاصة أن الاختيار جاء من «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي» الذي يتمتع بسمعة عالمية وصدقية في عالم المهرجانات.

·         ماذا عن مدرسة تعليم الباليه التي أسستها؟

حاولت أن أسير فيها على خطى مدارس الباليه العالمية فلم أفلح، أغلقتها لفترة ثم عاد زوجي ووضع هيكلية جديدة لها وهو يديرها راهناً.

·         هل تزورينها باستمرار؟

تشغلني طبيعة عملي عن زيارتها، لكن أتابع نشاطاتها من وقت إلى آخر. على فكرة الباليه «ما يجبش فلوس خالص»، لأن مكسبه بسيط للغاية، وعندما فكرت في تأسيس المدرسة كان ذلك بغرض تعليم هذا الفن وليس للربح، للعلم لا أدرّب ابنتي فيها بل تذهب إلى مدرسة الباليه في نادي الجزيرة.

·         هل تعتقدين أن حلمك بتقديم استعراض عن سامية جمال قد يتحقق؟

بالطبع، فقد تحمس المخرج محمد خان للعمل، وأنا في انتظار أكثر من عرض في هذا المجال.

·         كيف تقيّمين تجربتك في فيلميك الأخيرين؟

«الرجل الغامض بسلامته» كوميدي لذيذ، أما «وقوف متكرر» فيتميّز بالجرأة لكن حواره متقن وبعيد عن الابتذال.

·         ماذا تعلمت من عادل إمام لدى مشاركتك إياه في فيلم «الزهايمر»؟

يعيش عادل إمام الشخصية بصدق، عندما يقدم الكوميديا تصدقه وعندما يقدم التراجيديا تصدقه أيضاً، لذا يصل إحساسه إلى الجمهور سريعاً وهذا سر نجاحه.

·         ما الذي أثر فيك في فيلم «الزهايمر»؟

اللمحات الإنسانية، بكيت مرتين فيه: الأولى في المشهد الذي صارحت فيه رجل الأعمال محمود شعيب (عادل إمام) بحقيقة المؤامرة التي دبرها أبناؤه لإيهامه بأنه مصاب بالزهايمر، الثانية في مشهد النهاية عندما يقول شعيب لأولاده: «نفسي يكون عندي زهايمر بجد علشان إنسى اللي عملتوه فيّ»…

·         ما الذي يميزه عن غيره من الافلام التي عرضت في عيد الاضحى؟

يجمع بين جيلين مختلفين: جيل الكبار على رأسهم: عادل إمام، سعيد صالح، لطفي لبيب، أحمد راتب، ثم جيل الشباب من بينهم: أحمد رزق، رانيا يوسف، فتحي عبد الوهاب وإيمان السيد.

·         كيف تأقلمتِ مع جو الفيلم لا سيما أنك كنت آخر المنضمين إليه؟

عقدت جلسات عمل مع أسرة الفيلم، وقد تطلبت طبيعة القصة تحضيراً جماعياً من المشاركين فيه، بعد ذلك بدأنا التصوير.

·         كيف حضّرت لدور الممرضة الذي أديته؟

قرأت السيناريو أكثر من مرة ورسمت ملامح هذه الشخصية الغنية بنواحٍ إنسانية لا تتوقف عند مهمة التمريض.

·         ثمة انتقادات وجهت إلى مسلسل «الحارة» بأنه شبيه بفيلم «الفرح» ما ردّك؟

غير صحيح، حقق المسلسل نجاحاً لأنه تميّز بصيغة مختلفة عن صيغة الفيلم.

·         هل تعتقدين أنه نال نصيبه من النجاح وسط كمّ المسلسلات الرمضانية؟

حقق ردود فعل طيبة للغاية، ثم ازدحام المسلسلات على شاشة رمضان ليس أمراً سلبياً على الإطلاق، فلكل عمل موضوعه الخاص والمختلف، وهذا في صالح المشاهد الذي يجد أصنافاً درامية متنوعة يختار بينها.

·         ما المعايير التي تستندين اليها في اختيار أدوارك؟

الموضوع والهدف الذي يسعى إليه المسلسل، بالإضافة إلى دوري والرسالة التي أقدمها من خلاله، ففي «الحارة» أديت دوراً جديداً يتمحور حول فتاة بسيطة تعيش في حارة شعبية وتساعد والدها في الاتجار بالمخدرات، وهذه الحارة بالذات هي البطل الحقيقي، أي المكان، وفق طبيعة العمل الذي يتميّز ببطولة جماعية.

·         هل صحيح أن المخرج عرض عليك عدم وضع ماكياج؟

لا يفرض المخرج شيئاً. في مسألة الماكياج اتفقت مع فريق العمل والتزمت الزميلات بهذا الاتفاق حفاظاً على الصدقية وواقعية الصورة، لا أتخيل أن تظهر فتاة شعبية يفترض أنها فقيرة بماكياج كامل على الشاشة.

·         هل نجحتم في نقل رسالة المسلسل إلى المشاهدين؟

أعتقد ذلك لأن الحارة في قلب مصر، وما يحدث في الوطن ينعكس عليها سلباً أو إيجاباً، لا بد من أن يتحوّل المسلسل مع مرور الوقت إلى وثيقة تاريخية مهمة.

·         هل ما زالت «الحارة» المصرية كما كانت في الماضي؟

في الواقع، حارة نجيب محفوظ لم يعد لها وجود، صحيح أن الشهامة والرجولة موجودتان في الحارة، لكن منظومة القيم التي كانت تميزها لم تعد كما في الماضي.

·         يتحدث فيلم «وقوف متكرر» عن التحرش الجنسي، ألم تخشي من خوض هذه التجربة؟

أنا ممثلة جريئة ولا أخشى المواضيع الصعبة طالما أنها مكتوبة بشكل جيد، أعجبني سيناريو محمد دياب وهو شاب مثقف وكاتب يتمتع بأفق واسع.

·         ألم يزعجك أن غادة عادل اعتذرت عن الدور؟

اعتذرت غادة لظروف تخصها وليس لعيب في الدور، ثم سبق لي أن اعتذرت عن أدوار وأدتها زميلات بشكل جيد، لا أضع مثل هذه الأمور في حساباتي.

·         ماذا تضعين في حسابك إذاً؟

السيناريو، الشخصية، فريق العمل وكل ما من شأنه أن يقدمني إلى الجمهور بشكل يرضيني.

·         عرضت أعمالك في فترة متقاربة ألم يسبب ذلك حرقاً لك؟

لم يكن مخططاً أن تعرض أعمالي بشكل متقارب، لكن ظروف الإنتاج والتوزيع بدّلت الخريطة في اللحظات الأخيرة، إذ تأجل فيلم «الرجل الغامض بسلامتو» من موسم سابق، عموماً يحسم تنوع الشخصيات الأمر لصالحي.

·         هل حماستك لتقديم شخصية فتاة شعبية محاولة للهروب من حصارك في دور فتاة ارستقراطية رومنسية؟

لا أقبل دوراً لأهرب من آخر، وأعتمد في اختياري على الموضوع الجيد والدور المختلف والمتميز الذي يضيف إلى رصيدي، لا علاقة للأمر بالملامح ولكن بجودة الدور وقدرتي على تفهم الشخصية وتقديمها بإتقان، يتمتع كل ممثل بروح المغامرة ورغبة في كسر السائد والمتداول والانطلاق نحو أدوار تتيح له اظهار جوانب من موهبته، وهو ما أحرص عليه دائماً وأتمنى أن أكون قد نجحت.

الجريدة الكويتية في

30/12/2011

 

رئيس الرقابة على المصنفات الفنيَّة في مصر سيد خطاب:

لن نرضخ لمحاولات تقييد المبدعين

كتب: القاهرة – فايزة هنداوي  

أصيب الوسط الفني المصري بحالة من القلق بعد سيطرة التيارات الإسلامية على المرحلتين الأولى والثانية من الانتخابات البرلمانية، الأمر الذي طرح أسئلة كثيرة حول مستقبل الفن في مصر، ومدى تأثره بالفكر المتشدد.

حول شكل الرقابة في المرحلة المقبلة، كان اللقاء مع رئيس جهاز الرقابة على المصنفات الفنية د. سيد خطاب.

·         هل ساورك القلق الذي سيطر على كثير من المتابعين بعد فوز التيارات الإسلامية في الانتخابات البرلمانية المصرية؟

بالتأكيد ساورني قلق كبير، لأن الفن سيتأثر بسيطرة هذه التيارات التي نعلم جميعاً موقفها منه، لكنني أعلم أن تغيير شكل الفن في مصر لن يكون ضمن أولويات هذه التيارات في المرحلة المقبلة، فأمامها تحديات اقتصادية وسياسية كثيرة، ثم يأتي الفن في المراحل التالية.

أعتقد أن ما سنواجهه ليس مجرد تغيير في طبيعة المؤسسة التشريعية وشكلها، إذ ستزيد الرقابة المجتمعية التي كانت تظهر على فترات في الماضي، ما يؤثر برأيي على الرقباء. لكن إذا سارت الدولة في الشكل الديمقراطي الذي وعدنا به المجلس العسكري، فبالتأكيد سينعكس ذلك على البناء التشريعي، وهي معركة طويلة في صياغة شكل الدولة، ونتمنى أن يكون المجتمع متحركاً وحذراً في المرحلة المقبلة.

·         هذا يعني أن الفن في مصر في خطر، كيف يمكن تفاديه؟

هذه المعركة خاضتها مصر، وبشكل أكثر عنفاً مما يتصور الجيل الجديد، في السبعينيات والثمانينيات، حيث وصلت الأمور إلى إراقة الدماء وقُتل مبدعون ومفكرون، فضلاً عن اغتيالهم الأخلاقي والتشكيك في سيرهم الذاتية. بل وصلت الأمور إلى حد التكفير، وعلى رغم أننا نمر بمرحلة شبيهة اليوم إلا أنني لست خائفاً، فهذا المجتمع هو مرآتنا التي تكشف لنا آراء الناس، وعلينا الالتزام بالقانون، لأنه المخرج الوحيد من هذا المأزق. كذلك علينا أن نترك التخويف والتخوين، لذا دعوت عدداً من الحقوقيين والقانونيين ومسؤولي المنظمات المعنية بالمصنفات الفنية كالنقابات الفنية الثلاث وغرفة صناعة السينما وجمعية منتجي الكاسيت وجمعية المؤلفين والملحنين، لعقد اجتماع مشترك لصياغة قانون لإنشاء مؤسسة رقابية مختلفة وإلغاء القوانين القديمة التي كانت تنظم عمل جهاز الرقابة على المصنفات الفنية، لأن حرية الإبداع يجب أن يكفلها القانون وصياغته تتحقق بمشاركة المبدعين أنفسهم.

·         ما هي ملامح المؤسسة الجديدة؟

ذات كيان قانوني مستقل بعيد عن وزارة الثقافة، لذا لا بد من سن قوانين تضمن لها ذلك لعرضها على مجلس الشعب، وهي مؤسسة تقوم بدورين: الأول نسميه «الرقابة البعدية» أي بعد طرح المصنف الفني للجمهور، وهذا الدور عبارة عن تصنيف كل مصنف فني تصنيفاً عمرياً فحسب: «عرض عام لكل الجمهور»، «للكبار فقط»، و{من تجاوز عمره 18 عاماً»…

·         ماذا عن حماية الملكية الفكرية؟

هذا دور مهم لهذه المؤسسة، وهو حماية حقوق الملكية الفكرية واستثمارها بما يخدم المبدع والمجتمع. يكفي هنا أن أقول إن دولة مثل الدنمارك حصّلت خلال عام فقط على حوالى 1.5 مليار دولار إيرادات عن حقوق ملكيتها الفكرية لأعمالها في الخارج. هذه الطريقة ستشكل مصدراً مهماً للدخل القومي في مصر.

·         ماذا سيكون موقفك لو صرحت بعرض فيلم واعترضت عليه التيارات الدينية فى البرلمان؟

الاعتراض أمر طبيعي لطالما حدث سابقاً، وكان أي شخص يعترض ويناقش المسؤول الحكومي ويحاسبه، لأن النواب لديهم سلطة الرقابة على الأجهزة التنفيذية، لكن هذه السلطة لا يصح تطبيقها على قانون الرقابة، لأنه قديم ويحمل رقم 430 لسنة 1955.

إذا كانت لأي شخص من التيارات رغبة في تعديل هذا القانون، فأعتقد أنه يحتاج إلى تعديل تشريعي، ولن يحدث ذلك بسهولة ما لم يرض المبدعون. هكذا، سنواجه من يقتل الإبداع بالقانون، وثمة جلسات عمل تعقد للمسؤولين وتُعرض خلالها وجهات النظر، لأن الإبداع ليس خاضعاً لتقديرات ذاتية، وطالما يلتزم المبدع بتنفيذ القانون لا توجد مشكلة.

·         بعد الثورة طالب البعض بإلغاء الرقابة، هل ما زالت هذه المطالب قائمة؟

أثير هذا المطلب فعلاً، لكن بشكل خافت. كنت أؤيد فكرة الوصول إلى الحرية الملتزمة في مرحلة قراءة السيناريو، لكن في المرحلة الحالية أعتقد أنه من الصعب تغيير أي شيء، فنحن نحتاج إلى الهدوء قليلاً حتى يظهر شكل البرلمان وتنتهي الانتخابات الرئاسية، ثم نفكر في تعديلات قد تطاول قانون الراقبة.

·         ما هي التعديلات المقترحة على قانون الرقابة؟

أهم هذه التعديلات هو إلغاء الرقابة على العمل قبل طرحه للجمهور، لأنه أمر غير حضاري ويزعج أي مبدع.

·         ما دور الرقابة في انتشار ظاهرة سرقة الأفلام والأغاني الحديثة وبثها على مواقع الإنترنت؟

الإنترنت له رقابة خاصة والمواقع التي تبث من مصر تتحكم فيها ثلاث شركات، لكن المشكلة في المواقع التي تبث من الخارج، لذلك نحاول التعاون مع جمعية المنتجين والموزعين للمطالبة بمعاقبة المواقع التي تبث أغاني وأفلاماً مسروقة، لأنها تهدر المال العام وتدمر حق المبدع. للأسف، حملة إدارة التفتيش التابعة للرقابة على المصنفات ضبطت أخيراً أقراصاً غالبيتها لأفلام حديثة تباع في الشوارع، وأعتقد أن هذه ظاهرة عالمية لذلك نحتاج إلى مزيد من الضوابط للحد من انتشارها.

الجريدة الكويتية في

30/12/2011

 

عام الشباب في الوطن والسينما

محمد بدر الدين 

ربما لا يعبّر عام عن قيمة الشباب مثلما فعل 2011، سواء في ما يتعلّق بشؤون الوطن أم السينما أم الفنون، فهو في الشأن الوطني عام الربيع العربي الذي فجره الشباب وكانوا في طليعة ثوراته ووقع من بينهم شهداء وجرحى قبل سواهم، وما زال العطاء والفداء مستمرين، فثمة دم وألم وأمل في كل يوم أيضاً.

إنه عام الشباب بامتياز وليس عام الربيع العربي فحسب، وحتى «الربيع» ذاته هو الشباب بين الفصول.

وإذا قصرنا حديثنا، بحكم طبيعة هذه الزاوية، على السينما وفي النظر إلى مجمل العام السينمائي المصري وحصاده، لوجدنا أن أهم الأفلام بل أحسنها لسينمائيين شباب.

بدأ العام السينمائي بـ «ميكروفون»، الفيلم الثاني لمؤلفه ومخرجه أحمد عبد الله السيد، بطولة خالد أبو النجا الذي شارك في إنتاجه، ويسرا اللوزي… جميعهم من الفنانين الشباب. يتناول صيحة الجيل الجديد لأجل الحقّ في التعبير من دون وصاية أو قمع السلطات التي شاخت فوق مقاعدها، من خلال قضية فرقة غنائية شابة في مدينة الإسكندرية.

مروراً بـ «حاوي»، الفيلم الثاني لمؤلفه ومخرجه الشاب إبراهيم البطوط، ويندرج، على غرار «ميكروفون»، ضمن السينما المستقلّة الصاعدة، التي تملك حريتها (تنتزعها)، عبر الديجيتال والتقنيات الحديثة التي لا تعتمد على شركات الإنتاج الكبيرة والكلفة الإنتاجية الباهظة، ولا تخضع لشروط السوق السينمائي أو غيرها من قيود. إنه التمرّد المحمود للأجيال الشابة، للتعبير عن رؤية خاصة للمجتمع والحياة، ولتكون الفنون لنهوض المجتمع وحقوق الحياة الإنسانية.

«المسافر» هو الفيلم الأول لكاتبه ومخرجه الشاب أحمد ماهر، الذي أكد موهبته وقدراته في التفكير والتعبير، ويدخل الفيلم مع «حاوي» مناطق جديدة في الفكر، ففي كلا الفيلمين تأمل فلسفي جاد، وهذه النوعية من «السينما الفلسفية» نادرة في العالم، وأقطابها، على غرار الفنان السويدي العالمي العبقري إنغمار برغمان، هم قلة في تاريخ السينما، وجمهورها طليعة مثقفة وقليلة بحكم طبيعة الانشغال بقضايا الفكر، التي تتأمل وضع الإنسان في الكون وليس موقعه في المجتمع فحسب. مثل ذلك لا يضير هذه النوعية السينمائية، كما لا يعيب الجمهور العريض الذي يعرض عنها، فلا بد في الفنون كما في الحياة أن تتفتح الزهور كافة.

في «حاوي» و{المسافر»، نحن أمام رحلة صعبة متعمقة لنماذج من النفوس. في الأول يتمّ ذلك من خلال مراجعة البطل (عمر الشريف) في شيخوخته لمجمل رحلة عمره، بدءاً من الشباب (خالد النبوي) إلى الكهولة وحتى اللحظة الراهنة، وهو بطل ونفس بشرية في منتهى التعقيد، مع ذلك لم يأت الفيلم متحذلقاً أو مرتبكاً درامياً، وإن جاء مركّباً وثرياً بالأبعاد.

لم ينته العام حتى عرض «أسماء»، الفيلم الثاني لكاتبه ومخرجه عمرو سلامة، بطولة هند صبري وماجد الكدواني، وهو تحية حارة وصادقة إلى بطلته أسماء، المستلهمة من شخصية حقيقية لامرأة عانت وواجهت بشجاعة مرض نقص المناعة الذي ألم بها، وتحية إلى صلابتها الروحية وإلى الإرادة الإنسانية القادرة على المواجهة.

شارك عمرو سلامة وتامر عزت وآيتن أمين في إخراج «التحرير 2011 الطيب والشرس والسياسي»، أول فيلم تسجيلي طويل يعرض في دور السينما للجمهور المصري (يجب أن يعرض للجمهور العربي كله)، ويتناول ثورة يناير 2011 المصرية الشعبية بدرجة واضحة من النضج الفني والفكري، مع أنه أنجز وأنتج بسرعة ويعرض في عام الثورة نفسها.

الشباب هم أبطال2011 بلا منازع في الفنون والحياة، ولا نستغرب إذا لاحظنا أن معظم صانعي تلك الأفلام من الشباب الثائر في ميدان التحرير، فكانوا بحق يداً تقاوم ويداً تبدع.

الجريدة الكويتية في

30/12/2011

 

مهرجان وهران للفيلم العربي: تحية للمصريَّات وجوائز للبنانيَّات

كتب: وهران - مصطفى ياسين  

مدينة جزائرية تجبرك على احترام طموحها وعشق أحلامها، تحاول أن تجذبك بعقلها وتمنحك قلبها، تقع في غرامها من أول طلة على بحرها. إنها وهران، حسناء الساحل الغربي التي تحولت على مدى أسبوع إلى «أفيش» ضخم في الدورة الخامسة لـ «مهرجان الفيلم العربي»، وأضحت الحياة فيها مشاهد سينمائية تجعلك تعيش قصة حب «وهرانية» لها خصوصية وحكايات وكواليس وذكريات.

في حفلة ختام مهرجان وهران للفيلم العربي لفتت نظرنا اللغة العربية، التي عُزفت على المسرح الوطني مشاعر وأحاسيس وكلمات تسكن في القلب من دون استئذان. المسرح الوطني هو أعرق مسارح وهران وصاحبه الفنان الراحل عبد القادر علولة الذي اغتالته يد الإرهاب بعد إطلاق النار عليه هو وزوجته رجاء علولة، لتبقى الزوجة شاهدة على تلك اللحظة القاسية.

توالت المفاجآت في نهاية هذا العرس السينمائي، فبعدما حصد المخرج خالد يوسف جائزة أفضل مخرج عن فيلمه «كف القمر»، وقف أمام الميكروفون وأهدى جائزته إلى المرأة التي سُحلت في ميدان التحرير قائلاً إن عورتها لم تظهر، لكنها أظهرت عورات من سحلها ومد يده عليها بالقسوة التي رأيناها، فدوت القاعة بالتصفيق.

توالت من ثم كلمات الفائزين الذين وجهوا تحية إلى الثورة المصرية، وأهدى المخرج عمرو سلامة، الذي نال تنويهاً خاصاً من لجنة التحكيم عن فيلمه «أسماء»، جائزته إلى نساء مصر اللواتي أبهرن العالم بصمودهن وإصرارهن وقدرتهن على حماية الثورة ممن يريد الاستيلاء عليها. الأمر نفسه تكرر مع المخرج محمد رمضان، الذي فاز فيلمه الروائي القصير «حواس» بجائزة لجنة التحكيم، إذ أهدى الجائزة إلى نساء مصر.

هلأ لوين؟

كان لفيلم «هلأ لوين؟» للمخرجة اللبنانية نادين لبكي نصيب الأسد في الجوائز، إذ حصد الجائزة الكبرى «الوهر الذهبي» وقيمتها 50 ألف دولار، جائزتي أفضل سيناريو وأفضل ممثلة لكلود باز. أما السينما المغربية فحصدت جائزتي أحسن ممثل للطفلين بطلي فيلم «ماجد» لنسيم عباسي، وأحسن عمل أول لفيلم «الأندلس حبي» لمحمد نظيف، وفاز فيلم «ديما براندو» التونسي لرضا الباهي بجائزة لجنة التحكيم الخاصة.

أثناء توزيع الجوائز، فوجئت المديرة الفنية للمهرجان نبيلة رزايق بالمخرج العراقي قاسم حول يقول لها بغضب إنه نادم على المشاركة في المهرجان لعدم حصول فيلمه «المغني» على أي جائزة، فأكدت له أن موضوع الجوائز من شأن لجنة التحكيم. في الواقع، لا يستحق الفيلم أي جائزة على رغم فكرته البراقة.

تدور الأحداث داخل قصر رئيس طاغية يمارس لعبته الاستبدادية بإذلال شعبه، وفي ليلة عيد ميلاده يتأخر المغني عن الحضور بسبب عطل في سيارته والإجراءات الأمنية، فيثور الدكتاتور وعندما يحضر المغني يطلب منه، بدافع الإذلال والاحتقار، أن يغني ووجهه إلى الحائط لأنه لا يطيق النظر إليه وإذا أدار وجهه سيقتل في الحال، ثم يبدأ المدعوون في الحضور وتتصاعد الأحداث إلى أن تقع جريمة قتل… ذلك كله والمغني مستمرّ في الغناء ولا يرى ما يحدث خلفه.

الفيلم من بطولة: عامر علوان وكاترين الخطيب وخلود جبار، إنتاج قناة الـ ART، إلا أنه شديد الفقر ولا يتناسب مع الموازنة التي يستحقها عمل بهذه الضخامة صوّر في قصور الرئيس الراحل صدام حسين في مدينة البصرة. سبق للمخرج قاسم حول أن كتب سيناريوهات سينمائية وحاز جوائز عربية ودولية.

لم يتوقع المخرج الجزائري مرزاق علواش الهجوم الشديد على فيلمه «نورمال»، الذي عرض ضمن أفلام المسابقة الرسمية، إذ اتُّهم في الندوة التي أعقبت العرض بأنه يسيء إلى الشعب الجزائري ويظهره خالياً من الأخلاق أو الضمير ويعيش لنزواته فحسب.

يتمحور الفيلم حول زوجين مخرجين يحاولان إنجاز فيلم يتناول أوضاعهما، إلا أن الثورة تشتعل فيقرران إعادة تصوير بعض المشاهد بناء على الأحداث الجديدة.

أحد الأفلام التي لم تحظَ بالإعجاب «مدن الترانزيت» أردني للمخرج محمد الحشكي، بطولة صبا مبارك ومحمد قباني. تدور فكرته حول امرأة تعود إلى بلدها بعد غياب 14 عاماً، إلا أنها تكتشف أن الحياة تغيرت وتصطدم بالآخرين طوال الوقت.

لم يفز «دمشق مع حبي» بإحدى جوائز المهرجان، خلافاً لتوقعات كثر، وهو للمخرج السوري محمد عبد العزيز الذي اعتذر عن الحضور في آخر لحظة، بطولة: خالد تاجا وفرح جبر وميلاد يوسف.
يصور الفيلم التعايش بين الطوائف الدينية داخل أسوار دمشق القديمة من خلال بطلة الفيلم اليهودية التي تعود إلى دمشق بعد غياب 20 سنة، وتبدأ رحلة البحث عن حبيبها الذي انقطعت أخباره منذ تجنيده وذهابه مع الجيش السوري إلى لبنان.

أكاديمية للسينما

أحد أبرز المشاريع التي أثمرت خلال الدورة الخامسة لـ «مهرجان وهران للفيلم العربي» إنشاء أكاديمية للسينما في الجزائر، تضم اختصاصات سينمائية وتنمي المهارات والمواهب الفنية.

النجوم المصريون الذين حضروا دورة هذا العام هم: محمود عبد المغني الذي عاد إلى مصر قبل نهاية المهرجان، جمانة مراد التي حضرت عرض فيلمها «كف القمر»، المخرجون: خالد يوسف وعمرو سلامة وصبري فواز والممثل ماجد الكدواني.

على الهامش

- زار الوفد المصري جبل وكنيسة سانتا كروز وضريح «سيدي الهواري» اللذين يعتبران من أبرز معالم وهران.

- أصدر المهرجان نشرة يومية بعنوان «الوهر» ضمت تغطية فاعلياته وحوارات مع ضيوفه.

- انتقد كثر تكريم المهرجان للفنانين الجزائريين فحسب وتكريم فنانة واحدة من تونس هي فاطمة بن سعيدان.

- ألغيت ندوة المهرجان الرئيسة بعنوان «المنتدى العربي لمؤسسات السينما»، لعدم وصول المشاركين فيها.

- تعذر وصول المخرجة الفلسطينية نجوى النجار لتلحق بأعضاء لجنة تحكيم الأفلام الروائية الطويلة.

الجريدة الكويتية في

30/12/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)