حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

زيادة الاهتمام بصناعتها تغير خريطة الإنتاج عالمياً

الرسوم المتحركة "تسونامي" يجتاح هوليوود

إعداد: عبير حسين

قفزت الأفلام المتحركة إلى واجهة السينما العالمية هذا العام، وتحول الفن من مجرد مغامرات ملونة جمهورها الأول هو الأطفال، إلى “صناعة” متكاملة نجحت في اجتذاب ملايين المشاهدين من مختلف الشرائح العمرية، وحققت أرباحاً بالمليارات من عائدات شباك التذاكر، أو من حصيلة إعادة الإصدار على شرائط “دي في دي” DVD ، أو تحويل شخوصها إلى ألعاب فيديو .

رغم أن ظهور الأفلام المتحركة على الشاشة الفضية أمر ليس بجديد، لكن اللافت كان عام 2011 هو العدد الكبير من الأفلام التي تم إنتاجها، والتي اجتذبت نجوماً من الصف الأول للقيام بالأداء الصوتي لشخصياتها مثل جوني ديب، براد بيت، أنطونيو بانديراس، داستين هوفمان، انجلينا جولي، جاك بالاك، وسلمى حايك، ودانييل كريغ، والعشرات غيرهم . إضافة إلى تحمس مخرجين كبار لدخول عالم الكارتون وخوض تجربتهم الأولى في عالم الرسوم المتحركة مثل ستيفن سبيلبيرج الذي خاض تجربته الأولى في هذا المجال فيلم تان تان .

المثير أن تكلفة إنتاج بعض الأفلام بلغت أرقاماً فلكية مثل ميزانية فيلم “كونج فو باندا2” التي وصلت إلى 200 مليون دولار، وهي المرة الأولى في تاريخ صناعة السينما التي يتم فيها رصد مثل هذه الأموال الضخمة لإنتاج فيلم للرسوم المتحركة، وفي المقابل لم يخيب الفيلم رهان صناعه إذ وصلت أرباحه (الجزأين الأول والثاني) إلى 637 مليون دولار بدور العرض العالمية . والفيلم هو الأوفر حظاً لنيل جوائز “انمي” التي تمنحها سنوياً الرابطة الدولية لأفلام الرسوم المتحركة، بعدما حاز على 12 ترشيحاً .

ويقف وراء “تسونامي الأنيميشن” التي فرضت نفسها على الشاشة الكبيرة هذا العام أسباب عدة  أهمها التنوع الكبير في قصص موضوعات الأفلام واجتذابها لكبار كتاب القصص السينمائية والسيناريو، وتطور حبكتها الدرامية، ومعالجتها لموضوعات اجتماعية مختلفة تحمل رسالات هادفة، مثل فيلم MARS NEEDS MOMS  وهو من أفلام الخيال العلمي، كتبه وأخرجه سايمون ويلز، ويحكي قصة فتى في التاسعة من عمره مشاغب لا يطيع والدته، حتى يختطفه مجهولون من كوكب المريخ، وهناك يعرف جيداً قيمة الأم في حياته، ويعاهد نفسه على طاعتها، وفور عودته إلى الأرض يتمكن من إنقاذها من المخلوقات الفضائية الشريرة . ومثل هذه النوعية من الدراما الاجتماعية تلقي إقبالاً كبيراً، وتحرص مئات العائلات على اصطحاب أبنائها إليها لتأثرهم المباشر بالأفكار التي تبثها، وارتباطهم بشخصياتها الكرتونية، لذا تعتبر هذه الأعمال “دروساً أخلاقية “ غير مباشرة . يضاف إلى ذلك انتشار موجة من الذوق العام فرضت نفسها على صناعة السينما في هوليوود خلال العامين الأخيرين وهي الدعوة إلى الترفيه العائلي، واعتبار النزهات السينمائية في عطلات نهاية الأسبوع، وقتاً ممتعاً يقضيه أفراد الأسرة معاً يعوضون به انشغالهم عن بعضهم بعضاً بسبب أعمالهم، ودراستهم، لذا كانت هذه النوعية من الأعمال ملائمة لتوفير وقت مناسب تجتمع فيه العائلة ولا يخلو من الترفيه القيم .

ويعد التطور المذهل الذي وصلت إليه تقنيات الإخراج والصورة أحد الأسباب المباشرة لزيادة إنتاج أفلام الرسوم المتحركة، يضاف إليها تقنية الأبعاد الثلاثية التي أضفت إبهاراً غير مسبوق على هذه النوعية من الأفلام، ومن أهم أمثلتها هذا العام كان فيلم “تان تان سر اليونيكورن”، الذي توفرت له كافة عناصر السينما الناجحة، ليس فقط بإخراج سبيلبيرج، بل لوجود بيتر جاكسون (مخرج سلسلة أفلام ملك الخواتم) على قائمة المنتجين المنفذين، وبميزانية تجاوزت 135 مليون دولار، ونجح الفيلم في تحقيق 221 مليون دولار خلال أول أسابيع للعرض في الولايات المتحدة فقط .

صوّر الفيلم باستوديوهات “يونيفرسال” التي شاركت في توزيعه مع شركة “بارامونت”، فتوفرت له كافة عناصر النجاح من قصه مشهورة، وإخراج عبقري، وإنتاج سخي، ويتوقع أن يتصدر لائحة الأفلام المرشحة لنيل الأوسكار هذا العام .والفيلم يعد تكريماً لشخصية ارتبط بها الملايين منذ طفولتهم وحتى الآن، وتقدم نموذجاً للصحافي الباحث عن الحقيقة ومساعدة الآخرين، وفي الفيلم يدخل “تان تان” في مغامرة للكشف عن سر يعود إلى أزمنة غابرة تضعه في متاعب مع الأشرار الذين يعتقدون انه سرق كنزاً للقرصان راكهام الأحمر، في مطاردة مثيرة حيث يشعر المشاهد بأنه يشاهد شخصيات حقيقية لا رسوماً متحركة .

وإذا كانت السينما صناعة بالمقام الأول، فإن عائدات شباك التذاكر تعد معياراً مهماً للحكم على مدى نجاح أو فشل أي فيلم، لكنها ليست المقياس الوحيد عند تقييم أفلام الرسوم المتحركة التي ترتبط بها سلسلة من الشخصيات الكرتونية التي يتم استغلالها كعلامات تجارية تدر أرباحاً بالمليارات وتستمر لسنوات طويلة بعد عرض الفيلم .

يضاف إلى ذلك الهوس الحديث بألعاب الفيديو من خلال أجهزة “البلاي ستيشن”، أو عبر الانترنت، ويبقى بعد كل ذلك إضافة عائدات البيع عبر الوسائط المختلفة مثل ال “دي في دي” .

لذا يضع مديرو الاستديوهات نصب أعينهم قبل الإقدام على إنتاج فيلم للرسوم المتحركة، مدى قدرتهم على تسويق شخصياته تجارياً، قبل حسابهم عائدات عرضه في شباك التذاكر، التي تختلف من مكان إلى آخر في العالم، ومثال على ذلك أن أعلى عائدات لشباك التذاكر حققها فيلم “كونج فو باندا2” كانت في الصين وليس بالولايات المتحدة التي على العكس ارتفعت بها عائدات بيع ألعاب الفيديو المعتمدة على شخصيات الفيلم .

كل هذا لم يمنع وجود تجارب مذهلة حققت عائدات غير متوقعة، أهمها لعام 2011 كان فيلم  GNOMEO &JULIET  الذي بلغت ميزانية إنتاجه 10 ملايين دولار فقط، وحقق بالمقابل 195 مليون دولار، وهو حالة فريدة، نجح مخرجها كيلي آسبوري من رسم حالة حب رومانسية على الشاشة لاقت إعجاب الكبار والصغار معاً .

وفي المقابل لم يحقق فيلم RANGO  من إخراج جور فيربينسكي، وقدم الأداء الصوتي له جوني ديب وايسلا فيشر، النجاح المرجو منه إذ بلغت ميزانية إنتاجه 135 مليون دولار، ولم تتجاوز عائداته 100 مليون دولار .

وهذا العام احتفلت شركة “بيكسار” رائدة أفلام الرسوم المتحركة بالعيد 25 لتأسيسه، ففي عام 1986 تأسست الشركة التي غيرت بعد ذلك قوانين صناعة أفلام الكرتون، وأخذتها إلى آفاقٍ جديدة لم يكن من السهل بلوغها، وكان أول أفلامها المنفذة بالكامل على الكمبيوتر “حكاية لعبة1” 1995 . نفذت بعدها أحد عشر فيلماً طويلاً، ولم يعد التطور عند “بيكسار” يقف عند المفهوم التقني فقط، بل يتجاوز ذلك إلى أفضل ما في السينما وهو الخيال بلا حدود .

ورغم نجاحاتها الكبيرة واختيارها واحداً من أضخم الأعمال السينمائية لإنتاجها بهذه المناسبة هذا العام وهو فيلم cars2 من إخراج جون لاستير، وأداء صوتي لأوين ويلسون ومايكل كين، وبلغت ميزانيته 200 مليون دولار، إلا انه لم يحقق النجاح المرجو منه، وكان بحسب النقاد أسوأ ما نفذته الشركة عبر تاريخها.

تبقى الإشارة إلى نقطة مهمة بهذا الصدد، وهو دخول شركات جديدة إلى عالم إنتاج أفلام الأنيميشن، خاصة بعد جماهيريتها المتزايدة، ولم تعد الصناعة حكراً على العملاقين بيكسار وديزني، بل انضمت اليهما شركات أخرى مثل “SONY” و”HP “ .

الجديد أيضاً في 2011 كان بزوغ استوديوهات كبرى خارج هوليوود وأوروبا، لديها اهتمامات كبيرة بفنون الرسوم المتحركة، ونستطيع هنا تصنيفها إلى عدة أنواع، الأول موجود بالصين وهو بداية مشروعات ناجحة لإرساء دعائم صناعة جديدة بنفس البداية التقليدية عبر برامج وأعمال خاصة بالأطفال أولاً، ومن المتوقع تطورها بسرعة خلال الأعوام المقبلة، حيث تشير أرقام عائدات شباك التذاكر إلى أن هذه النوعية من الأفلام تحظى بإقبال كبير في السوق الصيني الذي يعتبر بوابة مهمة لدول جنوب شرق آسيا .

والنوع الثاني وتقدمه الهند، ويوفر استوديوهات تعمل بتقنية متطورة تمتاز بانخفاض تكلفتها المادية، لكن من دون طموح إلى إنتاج أعمال سينمائية طويلة للشاشة الفضية، لأسباب ربما تمتاز بها الحالة الهندية فقط والتي لا تحظى أفلام الكارتون بها بشعبيه حتى الآن، نظراً لكم الإنتاج الاستعراضي الدرامي السنوي الضخم لبوليوود، مضافاً إليه عدم قدرة أي منتج على خوض مغامرة إنتاجيه تتكلف ملايين الدولارات .

لكن بالمقابل ستجتذب هذه الاستديوهات فنانين من دول مختلفة، ربما يجدون فرصة مناسبة لتنفيذ أعمالهم بتكلفة مادية مناسبة وتقنية متطورة .

النوع الثالث وهو تجربة بعض الدول حديثة العهد بأفلام الرسوم المتحركة، مثل كوريا الجنوبية التي تقتبس قصص “المانجا” اليابانية المصورة لإعدادها على شكل مسلسلات “سيت كوم” كبرامج إرشادية وتعليمية للصغار، لكنها كانت محاولات صغيره لكن التجارب أثبتت دوماً أن الخطوات الصغيرة اليوم تقود إلى قفزات كبيرة غداً .

ولعل من أهم أسباب انتشار موجة أفلام “الأنيميشن” لهذا العام، هو زيادة عدد الرسامين والفنانين المهتمين بها، وتعدد المعاهد والجهات التعليمية حول العالم التي تقدم خدمات متطورة، وأصبحت منخفضة التكاليف بحيث منحت المئات فرصة الالتحاق بها بكلفة مادية مناسبة، يضاف إلى ذلك زيادة عدد المنح الدراسية التي تقدمها جهات إنتاجية مختلفة خاصة في دول أوروبا الشرقية ( تحديداً بولندا، ورومانيا) لدراسة “برامج محددة المدة” تتراوح ما بين 9 إلى 18 شهراً،يصبح بعدها الطالب مؤهلاً للعمل بمجالات مختلفة  الرسوم المتحركة، وهذا العدد المتزايد من المحترفين الذين ينضمون سنوياً سيكون كفيلاً بتحقيق “قفزة هائلة” فنية وتقنية لعالم “الأنيميشن” .

ويبقى زيادة عدد المهرجانات الدولية المختلفة المخصصة لأفلام الرسوم المتحركة، وانتشارها بعدد كبير من المدن المهتمة بهذا النوع من الصناعة السينمائية، أحد أهم أسباب زيادة الإنتاج السينمائي للأنيميشن في ،2011 يضاف إلى ذلك اهتمام المهرجانات ذات السمعة المرموقة بعرض أحدث تجارب الكارتون ضمن فعالياتها المختلفة، والظاهرة الأبرز هذا العام كانت “حمى الباندا” التي اجتاحت مهرجان كان السينمائي الدولي بسبب الإقبال الكبير على مشاهدة فيلم “كونغ فو باندا 2” .

وبعد عقود طويلة من الاهتمام الكبير بجائزة أوسكار أفضل رسوم متحركة وتمنحه أكاديمية العلوم والفنون الأمريكية، ظهر على الساحة السينمائية عدد آخر من الجوائز المرموقة مثل جوائز ANNECY  وهي مخصصة للأعمال المستقلة، تنافس بها هذا العام أكثر من 220 عملاً ما بين قصير وروائي طويل، ومهرجان لندن الدولي للأفلام المتحركة الذي تنافس فيه 288 عملاً مختلفا، ومهرجان siggraph  لأفلام الرسوم المتحركة للهواة في مدينة شيكاغو الأمريكية .

يضاف إليه مهرجان  yereve  في أرمينيا، وتجمع sopot  في بولندا الذي جمع هذا العام ما يزيد على 700 فنان ورسام ومخرج ومنتج لمناقشة مستقبل صناعة الكارتون.

الخليج الإماراتية في

28/12/2011

 

شهدت حركة ونجاحات سينمائياً وتلفزيونياً وتعد بالمزيد

عودة الروح للشاشة اللبنانية

بيروت - محمد حجازي

يُعد هذا العام مثالياً في نجاحات الحضور السينمائي والتقدم في مجال الدراما التلفزيونية في لبنان، ليس لأن أكبر دولتين عربيتين إنتاجاً وجماهيرية: مصر وسوريا، تعانيان أوضاعاً غير مستقرة منذ أشهر عدة، بل لأن التكثيف السابق في العمل والإصرار على الحضور والنجاح هو الذي أثمر مفاجآت عدة على الشاشتين، حيث تمكنت السينما اللبنانية من تسليط الأضواء عربياً وعالمياً عليها، من خلال مجموعة أفلام قصيرة وطويلة شاركت في مهرجانات ونالت جوائز، ولعل أبرزها “وهلأ لوين” لنادين لبكي و”تيتا ألف مرة” لمحمود قعبور .

كذلك تمكنت الدراما اللبنانية من النهوض من كبوتها والمشاركة في رمضان المنصرم وطوال العام في أكثر من عمل، سواء كان من خلال مسلسلات لبنانية صرف، أو من خلال مشاركة الكتّاب والمخرجين والممثلين في أعمال لبنانية وسورية ومصرية مهمة . وفيما يأتي نستعرض حركة السينما والدراما اللبنانية خلال ،2011 علماً أن عام 2012 سيشهد إنتاجاً أكبر خصوصاً في عالم التلفزيون وكأنها “عودة الروح” للشاشة اللبنانية .

سينمائياً، لا نقاش بأن فيلم “وهلأ لوين”، للمخرجة والممثلة وكاتبة السيناريو نادين لبكي،كان الحدث السينمائي الأول، وعدا عن إيراداته المرتفعة جداً في بيروت كما في معظم الدول العربية مشرقاً ومغرباً وصولاً إلى باريس وواشنطن،فإن الشريط يتنافس على أوسكار أفضل فيلم أجنبي غير ناطق بالإنجليزية، وهو يلملم شتات التداعيات في المجتمع اللبناني بفعل مستغلّي الطائفية من أعداء البلد لنشر ثقافة العنف .

وكانت نادين نفسها لعبت بطولة فيلم زميلها جورج هاشم بعنوان “رصاصة طائشة”، الذي تناول جانباً من مآسي الحرب التي شنّت على لبنان، مستنداً إلى التنوع الطائفي للولوج إلى عمق التركيبة اللبنانية وفرطها .

“عفواً أمي” ٍٍُ ؟ُْْس  أول فيلم روائي طويل للمخرج الشاب عماد الرفاعي، إنتاج يوري مرقدي وباسم كريستو، وبطولة نادين نجيم وسامر الغريب، عن أم شابة تنتقم من خيانة زوجها بأن توقع بأكبر عدد من الأزواج المستعدّين لخيانة زوجاتهم، وبرزت نادين في البطولة ممثلة متمكنة .

َّ َىًٌِّّو مِّز  للمخرج منير معاصري، نص وإنتاج مارون نصّار، تمثيل شربل كامل، روبرت كريمونا، كارمن بصيبص، وجيمي كيروز مع حضور شرف لعادل كرم، بيتي توتل، وبياريت قطريب، وفيه رصد لحقبة الوجود السوري في لبنان والضغط الأمني الذي مورس ضد الناشطين في القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر بين عامي 1990 و2005 في شارع هافلن القريب من الجامعة اليسوعية في بيروت، وشارك الفيلم في مهرجانات موسكو، ومونتريال وساو باولو .

 “خلّة وردة” للمخرج عادل سرحان إنتاج مركز بيروت الدولي للإنتاج الفني عن نص لمحمود الجعفوري، تناول صلف عملاء “إسرائيل” في تعاطيهم مع سكان إحدى القرى في جنوب لبنان، ولم يعتدل الوضع إلاّ بعد إسقاط شباب المقاومة من البلدة جميع العناصر المتعاملة واستعادت القرية هناءها، بطولة أحمد الزين، ختام اللحام، سعد حمدان، بولين حداد، عدي رعد،سليم علاء الدين، حسن فرحات .

“طيب، خلص، يللا” للمخرجة رانية عطية متعاونة مع الإسباني دانيال غارسيا، عن أثر الأوضاع اللبنانية العامة في الناس، خصوصاً الشباب الذين يشعرون بالفراغ وانسداد الأفق أمامهم لصياغة مستقبلهم، والشخصية المحورية يلعبها بثقة دانيال أرزروني، الذي يجد في الختام أن خير صديق له هو عصفور في قفص .

“ملاكي” لخليل درايفوس زعرور، شريط طويل(80 دقيقة) يحكي عن معاناة أمهات المفقودين والمخطوفين، حيث يوجد 18 ألف مفقود في حرب لبنان، بينما الملفات المتوافرة لا تتعدّى ال 640 ملفاً .

“تيتا ألف مرة” للمخرج محمود قعبور، في 48 دقيقة، يحكي المخرج عن أثر جدته في حياته ، وقد حاز عنه العديد من الجوائز “دوكس بوكس، والدوحة  وغيرها”، وما زال يحصد الجوائز وإعجاب الجمهور والنقاد حول العالم .

“همسات” للراحل مارون بغدادي، من إنتاج العام 1980 تم إطلاقه لأول مرة في 30 أيار/مايو الماضي على شاشة مسرح بيروت، في بطولة للشاعرة الراحلة عام 83 ناديا التويني . والفيلم كان ممنوعاً من العرض . ويبدو أن السينما اللبنانية بدأت تحقق ذاتها بعد عناء طويل .

أما تلفزيونياً، فتركز الاهتمام على محطتين رئيستين هما “الشحرورة” لأحمد شفيق عن نص لفداء الشندويلي إنتاج صادق الصباح، وجسّدت الدور الأول كارول سماحة مع عدد كبير من الفنانين من لبنان والعالم العربي، وشغل المسلسل الأوساط الفنية والإعلامية والجماهيرية، إضافة إلى ردود فعل وقضايا رفعت أمام المحاكم .

والمحطة الثانية كانت مع “باب إدريس” لسمير حبشي، إنتاج مروان حداد، عن نص لكلوديا مرشليان، بطولة يوسف الخال، تقلا شمعون وعشرات الشخصيات، ويجري حالياً الاستعداد لتصوير الجزء الثاني منه.

وهناك محطة ثالثة تتعلق بتجربة الإنتاج المشترك مع سوريا من خلال حلقات “آخر خبر”، لهشام شربتجي، مع ماغي أبوغصن، ووسام صباغ، وجاءت النتيجة في رمضان الماضي، بالغة الإيجابية لناحية النمط الكوميدي المعتمد في صهر طاقات من البلدين في عمل واحد .

ويمكن القول إن الدراما اللبنانية خرجت من إطارها الضيق واتجهت إلى المشاركات العربية، وستشهد ولادة مسلسلات كثيرة في العام الجديد .

الخليج الإماراتية في

28/12/2011

 

عين على الفضائيات

شاشة 2011 تتكلم سياسة

مارلين سلوم  

لا تأتي الولادات من العبث ولا بالمصادفة . حتى الأشياء تولد من بنات أفكارنا والأحداث نحولها بأيدينا من فراغ وعدم إلى كائنات ملموسة أو وقائع مرئية ومسموعة . فمن أين ولدت حركات التغيير ومن أين أزهر “الربيع العربي” عام 2011 فأحدث جلبة وأجبر الشاشة العربية على تغيير ملامحها بكل ما فيها وأياً كانت هويتها؟

لا نريد الدخول في أنفاق السياسة، لكن هذه الأخيرة أتت إلى الشاشة والفن لتفرض عليهما نفسها بالقوة، خصوصاً أنها كانت طوال العام لسان حال الشوارع والشعوب العربية . ورغم كثرة سلبياتها، إلا أن لها وجوهاً إيجابية، منها مثلاً أنها غيرت معالم الدراما والبرامج التلفزيونية، وأخذت الكاميرا من داخل الاستديوهات ومن أيدي المصورين المحترفين وسرقت المذياع من مراسلي القنوات، لتضعهما بين أيدي الناس العاديين، ليخبرونا عن أحوالهم ويلتقطوا المشاهد الحية ويبثوها على الهواء مباشرة عبر الفضائيات أو “اليوتيوب” .

عام تداخلت فيه الأحداث وتبدلت المواقع، وأصبح الكمبيوتر وسيلة إعلامية جديدة تبث الأخبار والصور، وتسبق أجهزة المخابرات إلى فضح كل الخبايا، متعاوناً مع أجهزة الهواتف النقالة “الموبايل” ليشكلوا فريقاً إعلامياً يوجد في كل الأماكن في وقت واحد، وينقل كل المشاهدين، ويجعل من المشاهدين مراسلين وإعلاميين .

كثير من المعايير سقطت، وألغيت الحواجز بين الشاشة والمشاهد . أحببنا المشهد في البداية، وتفاءلنا بقدرة الناس على إجبار القنوات على احترام عقولهم والارتقاء بما تقدمه لهم من برامج ومسلسلات وأفلام تليق بنهضتهم . وبقي تفاؤلنا صائباً مع ظهور برامج حوارية كثيرة وإفساح المجال لاستقبال اتصالات ورسائل أكبر عدد من المشاهدين، والأهم أننا رأينا في الاستوديوهات وجوهاً جديدة وضيوفاً لم نرهم في السابق، وجلس على مقاعد النجوم والخبراء أشخاص عاديون “من الناس” ليعبروا عن وجهة نظرهم سواء كانوا متضررين أو ثائرين، ومن مختلف الجهات ووجهات النظر، والمذيع يحاورهم بشكل جديد وبما يليق بالمرحلة الآنية .

لكن التفاؤل لم يستمر طويلاً، إذ انقلب التغيير إلى فوضى، وبات الكل يتكلم ويصرخ ولا أحد يسمع . الكل مذيع ومراسل وضيف، ولا أحد يجلس على كرسي المشاهد إلا “الصامتين” . الكل يصور ويعرض، والكل يشكك بصدقية الصورة ويقابلها بصورة مضادة .

مما تفاءلنا به هذا العام، هو التفاف قنوات الفيديو كليب “إلى الوراء در”، مع عزوف الناس عن مشاهدة الرقص والغناء، وكثافة الإقبال على متابعة الأخبار . لكن التفاؤل لم يدم طويلاً أيضاً، حيث ذهب بعض “أصحاب المصالح التجارية” إلى استغلال هذه الموجة لإنشاء قنوات متخصصة بالرقص الشرقي وهز الوسط 24 ساعة في اليوم . صحيح أن “الولادة الإعلامية الجديدة” لم تقتصر على الطبل والرقص، بل شهدنا موجة “تكاثر” القنوات المصرية الخاصة وانتشار برامج التوك شو، وزيادة في أعداد المذيعين . . لكننا أصبنا بالتخمة من كثرة التحريض والتحليل والتخوين وتسييس الشاشة بلا موضوعية، أو فلنقل بلا مهنية تعتمد الحياد أحياناً، وتغليب مصلحة الوطن دائماً .

كان لا بد للشاشة من أن تتكلم سياسة في ،2011 وأن تحكي حكاية الناس وأحوالهم، وأن تنزل إلى الشارع ويأتي هو إليها . كان من الضروري أن تنبض بنبض أهلها ووطنها بكل ما فيها من برامج وأفلام ومسلسلات . لذا جاء رمضان الشاشة مفعماً بروائح الثورات العربية، وشهدنا ولادة نوعية جديدة من الدراما ببطولات جماعية ومع خلطة من النجوم الجدد والمخضرمين . ولم يكن ضرورياً أن توثق الدراما للأحداث الآنية كي نحبها ونشعر بأنها جاءت في أوانها ونرى فيها مرآة لعصرها، بل كان يكفي أن يحكي السوري “الولادة من الخاصرة” عن الظلم والقهر وفساد بعض الكبار، وأن يقابله المصري “المواطن إكس” بحكايات من واقع الشباب المدمر والمقهور واليائس الذي تأتي شرارة ما لتشعل فيه فتيل الغضب وتخرجه من قوقعته إلى الشارع .

وبين سوريا ومصر شهدنا ولادة جديدة أخرى، فعرفنا القوائم السوداء والبيضاء، وقوائم العار والشرف . مسميات وتصنيفات لم نعرفها في الماضي، تم من خلالها فرز أهل الفن وفق مواقفهم السياسية من الأحداث ومن “السلطة” . قلة هم من نأوا بأنفسهم عن الساحة في هذا الوقت خوفاً من خسارة جماهيريتهم ومن الزج بأسمائهم في هذه اللائحة أو تلك، لكنهم تعرضوا أيضاً للنقد من قبل الناس الذين رأوا فيهم صورة للسلبية الوطنية التي تُبدّي مصالحها وعملها ونجوميتها على كل شيء آخر وحتى على حساب الوطن . صحيح أن تونس سبقت مصر وسوريا في الأحداث والقوائم، إلا أن فنانيها لم يتعرضوا لهجمات شرسة كهذه . 

بعض الفنانين تصدروا المشهد واختاروا طواعية تسجيل أسمائهم في القائمة السوداء أو البيضاء، من خلال المواقف المعلنة والتصريحات التي أدلوا بها، بل ذهبت فئة منهم إلى التعمق أكثر والتفرغ للأدوار السياسية في هذه المرحلة، كما فعلت تيسير فهمي وغيرها، لنشهد بداية حكاية جديدة بين الفنانين والسياسة .

كل هذه التطورات والتغيرات لم تبق بعيدة عن الفن السابع، بل ألقت بظلالها على بعض الأفلام التي نجحت في عيون حكام المهرجانات السينمائية في مختلف الدول العربية، وحصدت جوائز ليس لبراعة مخرجيها والتقنيات المستخدمة والأداء فقط، بل لأنها لامست إنسان هذه اللحظة، وخاطبت عقله ومشاعره . ومثلما عرفت الأفلام اللبنانية منذ ما بعد الحرب وحتى اليوم -رغم قلتها وضعف إمكاناتها - كيف تصل إلى العالم من بوابة القصص الواقعية وحكايات من قلب الحدث ومن ذكريات الحرب ومخلفاتها، قدمت الأفلام العربية الأخرى صوراً من واقعها ومن حكايات أهلها ومن أحيائها الشعبية وبيوتها الضيقة، ونجحت .

صحيح أن الإبداع يخلق من رحم المعاناة، لكننا لا نتمنى أن تكون هذه الولادة هي السبيل الوحيد إلى الإبداع في العالم العربي . يكفي ما شهدناه من مآس ومعاناة في 2011 وكلنا أمل بأن يحمل إلينا العام الجديد 2012 إبداعاً أكبر وشاشة أنقى، وأن تتوقف كل المشاهد المؤلمة والمؤسفة قبل أن تصبح حياتنا دراما أمر من أي تمثيل أو خيال .

smarlyn111@hotmail.com

الخليج الإماراتية في

28/12/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)