حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

أكدت لـ«الشرق الأوسط» أنها اعتزلت التمثيل لأنه لم يعد هناك فن

آثار الحكيم: لن أرتدي الحجاب حتى لو قدمت برنامجا دينيا

سها الشرقاوي

على الرغم من شعبيتها، ورصيدها الفني الذي يجعلها واحدة من نجوم الصف الأول، فاجأت الفنانة آثار الحكيم جماهيرها مؤخرا بقرار اعتزالها الفن نهائيا، مؤكدة في حوار مع «الشرق الأوسط» عدم تراجعها عن هذا القرار. وتطرق الحوار لأسباب اتخاذها هذا القرار الصعب، خصوصا في توقيت يشهد صعودا قويا ومفاجئا للتيارات الإسلامية على سطح الخريطة السياسية، وسط مخاوف جمة من أن تنعكس أفكارهم وآراؤهم السلبية على مستقبل الفنون والأدب وتصيبه في مقتل. كما تطرق لجعبة تجربتها المتميزة عبر 40 عملا سينمائيا ونحو 70 عملا دراميا، وكيف دخلت في منطقة القطيعة على خلفية هذا القرار، وهي أعمال تنوعت فيها أدوارها مع كوكبة من صفوة النجوم، بينهم فريد شوقي، وأحمد زكي، وعادل إمام، ويحيي الفخراني، وحسين فهمي وغيرهم، في أعمال لا يزال لها بريقها مثل «زيزينيا» و«ليالي الحليمة»، و«ترويض الشرسة» وغيرها. وفي ما يلي نص الحوار..

·         كيف اتخذت قرار الاعتزال؟

- هذه الخطوة كانت متأرجحة بالنسبة لي منذ سنوات، وأخيرا استطعت أن أتخذ هذا القرار، حيث إنني لم أعد أستمتع بالعمل الفني كما كنت من قبل، فكل العوامل الموجودة الآن لم تكن مناسبة أن أكمل مشواري التمثيلي في الحقل الفني، فأنا أعمل ممثلة لكي أستمتع، وهذه هوايتي المفضلة عندما أدخل البلاتوه؛ ولكن لست أنا الوحيدة الموجودة في العمل، فيوجد فريق عمل آخر مكون من منتج وممثلين ومخرجين وعمال.. فأصبحت المنظومة مختلفة عما كانت في الماضي، فالبعض أصبح يتعامل مع الفن باعتباره «سبوبة» وليس نظاما وفنا، فلا أستطيع أن أعمل في هذا الجو.

·         لماذا اتخذت هذا القرار الآن وليس قبل ذلك؟

- منذ 10 سنوات تعرض علي سيناريوهات، وقبل أن أقوم بقراءتها كنت أتمنى أن أجدها سيئة للإسراع باتخاذ القرار، وهذا يرجع إلى معاناتي من سوء المعاملة، وأبرزها في المواعيد غير المنضبطة، حيث لا أحد يهتم بالمواعيد الآن، لدرجة أنني كنت أحضر قبل عمال النظافة، فأصبح الفن بالنسبة للبعض «هاخد كام» وسوف يستمر هذا في المستقبل، لذلك قررت اعتزال الفن الآن، وأيضا العمل الذي يستغرق تصويره 11 شهرا يتم اختزاله في 4 أشهر فقط، وهذا لا يعني أنني من مدرسة قديمة، ولكني من مدرسة صحيحة تحترم الفن وتريد إتقان العمل، فأنا أرى الآن أن المنتج هو سيد العمل وليس المخرج كما كان من قبل.

·         هل هروب شركات الإنتاج منك أحد أسباب الاعتزال؟

- لا.. شعرت أنني أصبحت عبئا ونغمة من نغمات النشاز بالنسبة لشركات الإنتاج، فالتدقيق في المواعيد والنظام عندهم شيء مختلف، حتى المخرج نفسه من الممكن أن يحذف العديد من المشاهد لضيق الوقت، أو لأنه يريد مشاهدة مباراة كره قدم، وهذا حدث بالفعل في أكثر من عمل شاركت فيه، ويكون المشهد شديد الأهمية للعمل، فأصبحت في حالة من النكد والإرهاق في كل يوم يمر علي في التصوير.

·         لماذا لم تحاولي أن تسيّري أمورك لكي تكوني موجودة على الساحة مثل كثير من الفنانات؟

- لم أنظر إلى الفن كمصدر رزق أو «أكل عيش»، ثم إنني لو لم أقدم شيئا له قيمة حقيقية وفيه رسائل عديدة أفضل البعد والحفاظ على تاريخي، فلدي رصيد من الأعمال، وعلى الرغم من أنها قليلة بعض الشيء فإنها تحسب لتاريخي، وتعاملت مع عمالقة التمثيل؛ فقد قدمت نحو 40 فيلما سينمائيا ونحو 70 عملا دراميا؛ ولكني أفكر الآن تعويضا عن عدم وجودي على الشاشة الاتجاه إلى تقديم البرامج، وبالفعل عرض علي الكثير من العروض ورفضتها جميعا لأنها تقوم على الوقيعة والنميمة.

·         لماذا لم تتجهي إلى الإنتاج حتى تنقذي نفسك من هذه المضايقات التي تحدث لك؟

- ما زال لدي العديد من طاقات الإبداع، ولو وجد موضوع استفزني وقوي جدا فمن الممكن أن أتجه إلى الإنتاج، على الرغم من أن العملية الإنتاجية أصبحت مكلفة جدا وباهظة، ومن المحتمل الرجوع إلى التمثيل؛ وهذا احتمال ضئيل، لأننا لم نعد نجيد الكتابة بشكل جيد، فأصبح المؤلف ينتهي من العمل الذي يستغرق سنة في شهور.

·     شاركت العديد من النجوم مثل عادل إمام وحسين فهمي ويحيي الفخراني.. وهم مستمرون في العمل بقوة على الساحة.. فلماذا لم تستمري مثلهم؟

- أعترف أن عندي جزء تقصير حيث إنني لا أجيد الحياة الاجتماعية حتى على المستوى الشخصي، لكنهم يجيدون هذه الحياة، فكلما كبرت تقل اهتماماتي عن ذي قبل، وأعترف أنني «بيتية» جدا وأحب الحياة داخل المنزل، فنحن نتقابل فقط في الرسميات والمناسبات الرسمية كالمهرجانات الكبرى لكي تلتقط لنا الصور الجماعية، كذلك أنا سعيدة ولست حزينة لأنني لم أعد موجودة أو سوف أترك الفن لأنني الآن بدأت أتعمق في الدين، وهذا الأبرز والأهم بالنسبة لي الآن.

·         معنى ذلك أنه من الممكن أن ترتدي الحجاب كما تردد؟

- منذ 15 سنة ويتردد هذا الكلام، فكلما أذهب إلى أي ندوات دينية أو غيرها تطلق هذه الشائعات، وهذا ربط تقليدي لاختفائي في بعض الفترات، وكذلك فنانات جيلي اللاتي تحجبن بكثرة؛ ولكني لن أفكر في ارتداء الحجاب، واعتزالي بعيد عن هذه الفكرة.

·         هل أنت مع عمل الفنانات المحجبات في العمل الفني بعد قراءاتك في الدين؟

- الحجاب قلص من أدوار الفنانات اللاتي تحجبن وتحددت أدوارهن بشكل كبير، ولكنه أصبح أمرا واقعا. إن الفنانات المحجبات يعملن في الفن، وهذه حرية شخصية، وقضية الحجاب أكبر بكثير مما يتحدثون عنه، وجميعنا لسنا ملائكة، فنحن نصيب ونخطئ، ولكن الحجاب ليس صك الدخول إلى الجنة، ولكنه من مظاهر الدين.

·         لماذا لم تفكري في ارتداء الحجاب؟

- الدين فيه آلاف من الأوامر التي أمرنا بها الله سبحانه وتعالى، فلماذا نحن نختزل الدين في نقطة وحيدة، مع أن هناك نقاطا مهمة كثيرة يمكن أن ننظر إليها، حتى الله سبحانه وتعالى ينظر إلى ما في القلوب ويحاسب به، فلماذا نتحدث فقط عن هذه النقطة ونترك الكثير من الأوامر الأخرى؟!

·         من الذي سمع بخبر اعتزالك وانزعج وحاول الاتصال بك لكي تعدلي عن هذا القرار؟

- «ناس كثيرة» جدا انزعجوا من قرار اعتزالي؛ ولكن الذي هزني وأوجع قلبي هو ردود الفعل التي جاءتني من بعض زملائي في الوسط، ولا أريد أن أذكر أسماءهم، ولكن من الممكن أن أتذكر مكالمة المطربة أنوشكا التي لم تكن تخطر لي على بال، كانت مكتئبة جدا عندما سمعت الخبر، وكنت غير متوقعة أن تكلمني لهذا الأمر، وكذلك جاءتني مكالمات من بعض الصحافيين يحاولون أن يقنعوني أن أعدل عن قراري، ولكن فات الأوان.

·         من الفنانة التي لو قررت الاعتزال من الممكن أن تصيبك بالاكتئاب أو حالة من الغضب؟

- الفنانة منى زكي لو فكرت في الاعتزال سأغضب جدا، فأنا ألوم عليها أنها مقلة في وجودها على الساحة فهي خسارة كبيرة لأنها قدوة حقيقية لجيل، وكذلك يوجد العديد من الفنانين أيضا قدوة، ولا يمكن أن يفكروا في هذه الخطوة.

·         ما هي شكل علاقاتك بزملائك في الوسط الفني؟

- علاقتنا ببعض أننا نلتقي في الأفراح والمآتم لتلتقط لنا الصور معا، وهذه هي العلاقة الواضحة فمتى شاهدنا أو قرأنا أن الزعيم عادل إمام أنه قام بعمل حفلة لزملائه؟ على عكس ما كان يحدث في الماضي، كان هناك كل يوم تجمع عند فنان معين في منزله، وكانت العلاقات وطيدة، ولا أنسى أن الفنان الراحل أحمد زكي كان صديقا مخلصا لكل الموجودين على الساحة في هذه الفترة، فعندما تعرضت شريهان إلى أزمتها مع شخص يدعي الرواس ذهب إليها وظل بجوارها حتى انتهت أزمتها، أما الآن فأنا على علاقة جيدة من وقت إلى آخر مع الفنانة معالي زايد وسماح أنور.

·     فنانات جيلك موجودات الآن ومتصدرات المشهد الفني بأدوار بطولة مثل يسرا وليلى علوي وإلهام شاهين.. لماذا لم تكوني مثلهن الآن؟

- كل منا عنده اختياراته منذ الصغر، وهي تختلف من شخص لآخر، فأنا لا يهمني أن أقدم عملا كل رمضان، ولا أوجود على الساحة إلا بعمل مميز، وأنا لا أحب الوجود في الأضواء أو في البرامج أو على أغلفة المجلات دون أي عمل أو حدث، مع احترامي للجميع من هؤلاء، فكل منهم عنده خطته في العمل.

·         تتحدثين في الدين بطلاقة.. لماذا لم تتجهي إلى البرامج الدينية؟

- بالفعل عرض علي أن أقدم برنامجا دينيا وطلب مني أن أتحجب، ولكني رفضت ذلك لأنني لو وافقت على تقديم هذه البرامج سأقدمها من وجهة نظري بعيدا عن الزيف، كما يفعل بعض المذيعات، فهن على الشاشة غير محجبات، وفي الحياة العامة يظهرن بحجاب، فأنا أحب البعد عن النفاق والكذب وأنا ضد النقاب بشكل قاطع لأنه أمن قومي.

·     الجماعات الإسلامية أصبحت تسيطر على المشهد السياسي وتقترب من السلطة الآن في مصر.. هل لديك مخاوف مثل العديد من الفنانين من حدوث ذلك؟

- لا ليس عندي أي مشاكل من الجماعات الإسلامية؛ ولكن هي مشكلة متراكمة عند البعض منذ زمن ولكن الآن الأمر مختلف، فكل من الطرفين سيحاول النزول إلى البعض الآخر في التفكير لوجود حل وسط ولغة حوار مشتركة، رغما عن الاثنين، والاختلاف شيء مميز حيث سيكون هناك حوار حول هذه الاختلافات، وكذلك الجماعات الإسلامية لو فكرت في دخول الفن فسوف تعمل أعمالا فنية لهدف الربح وسوف يفكرون جيدا في هذه الأعمال التي يقدمونها بعيدا عما يقال في دعاية انتخابيه، أما إذا قاموا بعمل أعمال مباشرة وغير مميزة فلن تلقى إقبالا، وبالتالي لن يكون هناك ربح، وأنا لا أمانع التعاون معهم في حالة وجود عمل جيد وهادف.

·         ألم ينتبك القلق من تدخلهم في الصناعة الفنية وأن يحدوا من بعض المواضيع الجريئة؟

- لا لست قلقة.. بالعكس، أعتقد أنهم سوف يكون عندهم تعامل في كل شيء سواء في أشياء اجتماعية أو اقتصادية أو دينية، فصعب أن يفرض أحد رأيه على الآخر، وأعتقد أنهم سيحاولون التحاور بهدف الوصول إلى حل مُرضٍ، حتى مع الليبراليين سوف فسيحاولون أن يصلوا معهم إلى حل وسط، والجماعات الإسلامية تعتمد على التجارة.

·         معنى ذلك أن اعتزالك ليس له علاقة بوجود الجماعات الإسلامية بقوة على الساحة السياسية الآن؟

- إطلاقا، قرار اعتزالي بعيد تماما عن هذه الجزئية، فعندما اعترضت على ظهور الراقصة دينا بملابس جريئة في مشهد لي في مسلسل «فريسكا» الذي عرض منذ أعوام اتهموني أنني من الإخوان المسلمين.

·         ولماذا تتدخلين في ملابس فنانة معك في المسلسل وهذه حرية شخصية وأنت من المؤمنين بالحرية الشخصية؟

- في مشاهدها الخاصة بها ترتدي كما تشاء؛ ولكن في مشاهدي لا أريد ذلك لأنني لدي عادات وتقاليد مجتمع معتدل وأنا أؤمن بها، وهذا ليس له علاقة بالحرية الشخصية، لأن هذا المشهد من الممكن أن لا يقبله المشاهدون، فلا أحب أن أكون موجودة في مشهد يغضب الناس نتيجة هذه الملابس.

·         أنت مع إنتاج أعمال عن ثورة 25 يناير (كانون الثاني) الآن؟

- حتى الآن لم ننتج أعمالا تليق بحرب 6 أكتوبر (تشرين الأول) فكيف ننتج أعمالا عن ثورة 25 يناير، أميركا ما زالت تنتج أعمالا عن الحرب العالمية الأولى، وأيضا يرجع إلى أن حال الفن كما هو عليه ولم يتغير أي شيء، ولم يظهر أي تغيير بعد الثورة عما كان قبلها.

·         هل تذهبين إلى دور العرض السينمائي وتشاهدين الأفلام السينمائية؟

- أشاهد كل أعمال أحمد حلمي وأحمد مكي، فهما اثنان يتمتعان بذكاء ولديهما وجهة نظر في أعمالهما تتسم بالرقي والعمق، بالإضافة إلى أنني أحب مشاهدة أفلام منى زكي، لأنها نجمة جيلها، وأرى أن منة شلبي موهوبة ولكنها ضحية ظروفها، وغادة عادل مجتهدة، وأيضا ياسمين عبد العزيز، ومي عز الدين اختلفت عن بداياتها الرومانسية، فلا يصح أن تقدم أعمالا لا تناسبها كأدوار الرقص، ويعجبني كثيرا اجتهادات تامر حسني فهو يتعلم ويسمع على عكس محمد سعد فهو تتغلب عليه النرجسية والغرور ولا يستمع لأحد.

الشرق الأوسط  في

16/12/2011

 

امتد لأسبوعين وعرض 15 فيلما روائيا طويلا

نظرة على مهرجان السينما التركية في لندن

لندن: شيماء بو علي  

عادة ما ينصب الجدل فيما يتعلق بالسينما التركية حول مسألة «الهوية». وتحديدا، يتمحور ذلك في سؤال: «ما هو التركي»؟ هل هو إسلامي أم علماني أم أوروبي أم شرق أوسطي أم تاريخي أم حديث وهكذا. خلال مهرجان السينما التركية في لندن، والذي انتهت فعالياته الأسبوع الماضي، ظهر هذا السؤال على السطح، سواء حرفيا أو على نحو مفاهيمي في كل من تحليلات الأفلام ومحتواها. أسس نظام برنامج المهرجان مفهوما أكبر لـ«تركيا»، بعرض قصص عن السلوكيات والأنماط المزاجية التركية. لكن كان العنصر الأبرز هو الأماكن والمناظر الطبيعية التركية وتجسيد الطابع الريفي والطبيعي والعالمي في سياق التاريخ الإقليمي الكبير والسياسات الحالية للدولة، إضافة إلى مكانتها السابقة كإمبراطورية، وهي حقبة ما زالت تشكل مصدر إزعاج وتضيف إلى أعاجيب الدولة الضخمة التي تضم أجناسا متنوعة والتي تدخل الجماهير في سياق تعقيد ما هو «تركي».

ركز المهرجان الذي امتد لأسبوعين على الكيف بدرجة أكبر من الكم. فمن خلال 15 فيلما روائيا طويلا، أوضحت جودة صناعة السينما للجماهير في لندن سبب اكتساب تركيا موقعها بين أبرز صناع السينما العالميين. في المقام الأول، توافقت الأفلام مع أعضاء لجنة التحكيم، الذين تألفوا من مخرجين ومنتجين وأكاديميين، بابتكار أحداث تعليمية تعطي بعدا أقوى وتثير الجدل حول السينما والثقافة التركية. من الملاحم الضخمة إلى الدراما النفسية والمقتطفات الأدبية المختارة المضفى عليها أبعاد عالمية، والتي تجمع عددا من المخرجين، إلى جانب خصائص الأفلام المختلفة التي تتنوع من الفيلم الرقمي إلى أفلام الـ16 مم التي أوشكت على الاندثار: كان مهرجان السينما التركية في لندن متعة بالنسبة لكثير من محبي السينما، وهو ما تجلى من خلال تركيز المدح على تنوع القصص والأجناس السينمائية المقدمة.

بعد عرضه لأول مرة في مهرجان السينما في لندن في أكتوبر (تشرين الأول)، كان الفيلم الملحمي «حدث ذات مرة في الأناضول» للمخرج التركي نوري بيلغ سيلان أبرز الأفلام المتوقع عرضها في هذا المهرجان. يتناول هذا الفيلم الذي تقترب مدة عرضه من ثلاث ساعات عملية البحث البطيئة عن جثة؛ ففيما اعترف شخصان بارتكابهما جريمة قتل، إلا أنهما قد نسيا أين قاما بدفن الجثة. وأنتج سيلان، المعروف بالصور المعبرة والتعمق في الريف التركي، فيلما آخر يهيئ الفرصة للتحاور بين المناظر الطبيعية الممتدة على مساحات شاسعة والجمهور. مثلما أوضح الدكتور يورغوس ديريس، المحاضر في الدراسات التركية بكلية الدراسات الشرقية والأفريقية: «سيلان لا يوجه كاميرته إلى الريف فحسب، وإنما يمكن الريف أيضا من النظر إلينا، والتعرف على ما نفعله». في حقيقة الأمر، يقرب التصوير الجمهور من المنظر الطبيعي، محيلا المشاهدين إلى غرباء وليس العكس. ويشير ديريس إلى أن هذا الفيلم قد عزز مساهمة المخرج في «التاريخ المتعلق بكيفية النظر إلى الأناضول، من خلال دراسة ثقافية مستمرة ومتعمقة». يعتمد الفيلم، المرتكز على مرجعيات سياسية وثقافية محلية، على خبرة المؤلف المشارك في كتابة السيناريو، التي اكتسبها من إجرائه تحقيقات حول جرائم القتل التي وقعت مؤخرا عبر أنحاء تركيا ولم يبت فيها والتي ارتكبها تنظيم القاعدة.

ويتناول فيلم آخر مدافع عن البيئة وهو «الوطن» منظورا آخر عن الريف. يقوم هذا الفيلم المعتمد على المناظر الطبيعية على فكرة الحنين للوطن بوصفه مهد الطفولة والسياسات التنافسية. ومخرج الفيلم، موزافير أوزدامير، الذي يعلن صراحة عن مناهضته للحداثة، معني بظهور الطاقة الكهرومائية والتنقيب عن الذهب وقرارات الحكومة بشأن الاستيلاء على الأراضي وبيعها. يقول: «الحكومة ليست على حق دائما»، هكذا يتحدث، مضيفا عبارة حول الرأسمالية نصها «إذا كان مسؤولوها عاجزين عن بيع ظل شجرة قاموا بقطعها». بطل الفيلم يتأمل الطبيعة التي هو في بحث دائم عنها وينام بين أحضانها ويتناولها بالدراسة ويتحاور معها، لكنه لا يستطيع العثور عليها. إنه فيلم إيقاعه بطيء، ولكنه غاية في العمق؛ إذ يقدم نظرة متأملة للطبيعة ويتنبأ بتأثيرات التصنيع على الريف في تركيا (وفي شتى بقاع العالم).

ومن الأفلام التي تتناول الريف، ولكن هذه المرة على طريق سريع، الدراما النفسية التي تندرج ضمن فئة الكوميديا السوداء «تول بوث». وهذا الفيلم الذي يتعمق في معضلة نفسية معقدة هو أول فيلم طويل لتولغا كاراسيليك. وانطلاقا من عمله بوظيفة محصل رسوم على البوابات بطرق السفر، يتناول كاراسيليك نمط الحياة التقييدي - على المستويين النفسي والعقلي - الذي يعيشه من يعملون بهذه الوظيفة التي باتت عتيقة الآن. يلاحظ الجمهور عزلة هذه الفئة التي يجسدها الفيلم، حيث تستمر بلا انقطاع حركة التعامل مع التذاكر والأموال وتبادل النقود مع مرور السيارات بلا نهاية. ويجسد الفيلم إيقاع هذه الوظيفة الرتيبة، من خلال تعمق الشخصية المحورية في خيالاتها الجامحة ومواطن قلقها، على نحو يضيف إلى ذروة أحداث الفيلم المتصاعدة. وفي تعقيد شديد، يتناول الفيلم الصراع النفسي الذي يمر به البطل جراء وفاة أمه وتحكم والده وعجزه عن عيش حياة طبيعية نتيجة لكل هذه الظروف.

لكن ربما يكون أكثر الأفلام تأثيرا هو فيلم يركز على المكان وهو «لا تنسيني يا إسطنبول». ويتألف الفيلم من ستة أفلام قصيرة لستة مخرجين مختلفين، كل منها يقوم على منظور عرق معين تأثر بالإمبراطورية التركية، من بينهم الأرمن والعرب واليونانيون والبلقانيون. وفي ذروة أحداث الأفلام الستة، ثمة خيط يصل بينها، والذي يوضح كيف أن تاريخ إسطنبول المثير للنزاعات تاريخ عالمي، كالصورة التي عليها المدينة نفسها الآن. بعد عرض الفيلم، تم إجراء حوار مع يورغوس ديريس، الذي تحدث عن فكرة «الحنين إلى الماضي» في صورة «ذكريات» وأناس منفيين. وعلى الرغم من ذلك، فإن فكرة «العودة إلى الماضي»، كما يشير ديريس، «ليس بالضرورة أن تكون فكرة شائعة». في العموم، يعرض الفيلم تاريخا محي بالأساس. تلقى فيلم «لا تنسيني يا إسطنبول» دعما من جانب مجلس السياحة بالمدينة بوصفه جزءا من عاصمة الثقافة لعام 2010 التي سعت لاستعادة ذكرى تلك الحقب التاريخية، وهي مبادرة، بحسب ديريس، كانت مهمة «لكنها لم تكن بلا منافس».

ولا يزال السؤال المتعلق بـ«ما هو تركي» جزءا لا يتجزأ من الجدل المستمر حول السينما التركية الجديدة. ومثلما يتجلى في هذه الأفلام، يعتبر المنظر الطبيعي والموقع عنصرا لا خلاف عليه. وفي حديث له عقب عرض فيلمه، علق تولغا كيراسيليك بقوله إن فيلمه تم رفضه مرة واحدة فقط من قبل إدارة أحد المهرجانات، وكان السبب الذي قدم له هو أن الفيلم «لم يكن تركيا بالدرجة الكافية». يكمن ثقل هذا التعليق بدرجة كبيرة في فكرة الحاجة الموضوعية لتحديد هوية هذه الدولة الضخمة الواسعة العتيقة، والتي تمثل جانبا محيرا بالنسبة للبعض. على النقيض، فإن ما تمت مشاهدته من خلال مهرجان لندن للسينما التركية لم يكن مجرد سينما عالية الجودة، وإنما أيضا التطور الإيجابي للوعي والحس النقدي والوعي الذاتي، الذي يتطور مع العقبات التاريخية، التي إذا ما تم التعامل معها على الوجه الصحيح، مثلما يتبين من خلال هذه الأفلام، ستتحول إلى مواطن قوة ثقافية.

الشرق الأوسط  في

16/12/2011

 

تعتبر مؤشرا لجوائز الأوسكار

جوائز «النقاد» و«نقابة ممثلي السينما» تعلنان قوائم ترشيحاتهما

لوس أنجليس: «الشرق الأوسط»  

تصدر فيلم الكوميديا الصاخبة «برايدزميدز» (وصيفات الشرف) قائمة الأفلام المرشحة لحصد الجوائز السينمائية في موسم الجوائز الحالي بعد أن تم ترشيح فريق التمثيل بالفيلم للفوز بجوائز نقابة ممثلي السينما (سكرين أكتورز جيلد) لأدائهم المتميز.

وتعتبر هذه الجوائز مؤشرا مفيدا لجوائز الأوسكار نظرا لوجود تشابك كبير من الأعضاء الناخبين بين النقابة و«أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة». وجاءت الترشيحات قبل يوم واحد من الإعلان عن ترشيحات جوائز غولدن غلوب.

كما رشح لجائزة الأداء المتميز لفريق التمثيل وهي الجائزة المعادلة لجائزة أفضل فيلم الفيلم الصامت «ذي أرتيست» (الفنان) وفيلم الدراما العائلية «ذا ديسندانتس» بقيادة جورج كلوني والفيلم الرومانسي «ميدنايت إن باريس» (منتصف الليل في باريس) للمخرج وودي ألن.

وشملت فئة أفضل ممثل كلوني وجان دوغاردان عن دوره في فيلم (ذي أرتيست) وبراد بيت عن دوره في فيلم «ماني بول» (كرة المال) وديميان بشير عن دوره في فيلم «بيتر لايف» (حياة أفضل) وليوناردو دي كابريو عن فيلم «جيه إدغار».

وشملت قائمة المرشحات لجائزة أفضل ممثلة جلين كلوز عن دورها في فيلم «ألبرت نوبس» وفيولا ديفيز عن دورها في فيلم «ذا هيلب» (المساعدة) وميريل ستريب عن فيلم «آيرون ليدي» (السيدة الحديدية) وتيلدا سوينتون عن فيلم «وي نيد تو توك أباوت كيفن» (نحتاج للتحدث عن كيفن) وميشيل ويليامز عن فيلم «ماي ويك ويذ مارلين» (أسبوعي مع مارلين).

وشملت قائمة المرشحين لجائزة أفضل ممثل مساعد كينيث برانا عن فيلم «ماي ويك ويذ مارلين» وأرمي هامر عن دوره في فيلم «جيه إدجار» وجونا هيل عن فيلم «ماني بول» (كرة المال) ونيك نولتي عن دوره في فيلم «وريور» (المحارب) وكريستوفر بلامر عن دوره في فيلم «بيجنرز» (المبتدئون).

ورشحت لجائزة أفضل ممثلة مساعدة كل من بيرنيس بيجو عن دورها في فيلم «ذي أرتيست» وجيسيكا تشاستين عن فيلم «ذا هيلب» وميليسا مكارثي عن فيلم «برايدزميدز» وجانيت ماكتير عن فيلم «ألبرت نوبس» وأوكتافيا سبنسر عن فيلم «ذا هيلب». وسيتم الإعلان عن أسماء الفائزين في 29 يناير (كانون الثاني) المقبل.

كما تصدر فيلما «هوجو» و«الفنان» قائمة الأفلام المرشحة للحصول على جائزة النقاد السينمائيين الأميركية.

وحصل كل من الفيلمين على أحد عشر ترشيحا من بينها أفضل فيلم حيث سوف يتنافسان مع أفلام المتحدرون (ذا ديسيندانت) والقيادة (درايف) وصاخب للغاية (إكسترملي لاود) وقريب جدا (إنكردبلي كلوز) والمساعدة (ذا هيلب) ومنتصف الليل في باريس (ميدنايت إن باريس) وكرة المال (ماني بول) وشجرة الحياة (ذا تري أوف لايف) وحرب الحصان (وور هورس).

وقد حصل فيلما درايف وذا هيلب على ثمانية ترشيحات لكل منهما في حين رشح فيلما ذا ديسيندانت ووور هورس للحصول على سبعة ترشيحات.

ويتنافس على جائزة أفضل مخرج كل من سكورسيزي وهازانافيكاس وستيفن دالدري عن فيلم «إكسترملي لاود» و«إنكردبلي كلوز» وألكسندر باين عن فيلم «ذا ديسيندانت» ونيكولاس ويندينج ريفين عن «درايف» وستيفن سبيلبرج عن فيلم «وور هورس».

وفي حين تضم قائمة المرشحين لجائزة أفضل ممثل جورج كلوني عن «ذا ديسيندانت» وليوناردو دي كابريو عن «جيه إدجار» وجان دوجاردين عن «ذا ارتيست» ومايكل فاسبندر عن فيلم «العار» (شيم) ورايان جوسلينج عن «درايف» وبراد بيت عن «ماني بول».

وتشهد قائمة المرشحات لأفضل ممثلة منافسة بين فيولا دافيس عن فيلم «ذا هيلب» وإليزابيث أولسن عن فيلم «مارثا مارسي ماي مارلين» وميريل ستريب عن «المرأة الحديدية» (ذا إيرون لادي) وتيلدا سوينتون عن فيلم «نحن يجب أن نتحدث عن كيفين» (وي نيد تو توك أباوت كيفن) وتشارليز ثيرون عن فيلم «يانج أدلت» وميشيل ويليامز عن «أسبوعي مع مارلين» (ماي ويك وذ مارلين). وتأتي هذه الترشيحات في الوقت الذي سيبدأ فيه موسم الجوائز في هوليوود بالإعلان عن مرشحي جائزة غولدن غلوب.

الشرق الأوسط  في

16/12/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)