حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

قررت التوقف عن الظهور في أكثر من عمل كل عام

سوسن بدر: كنت أنانية

القاهرة - حسام عباس

على غير عادتها في السنوات الأخيرة لم تقدم الفنانة سوسن بدر هذا العام، خاصة في شهر رمضان، كم الأعمال التي اعتدناها منها، حيث كانت تقدم بين 5 و6 مسلسلات، غير حضورها السينمائي اللافت . لكنها هذا العام لم تغب عن المشهد الرمضاني، وعرض لها الجزء الثالث من مسلسل “الدالي” مع النجم نور الشريف المؤجل من العام الماضي، كما عرض لها الجزء الثاني من مسلسل “لحظات حرجة” الذي تنتظر عرض جزئه الثالث . . وفي هذا اللقاء معها تتحدث سوسن بدر عن “الدالي”، و”لحظات حرجة” وفيلمها الجديد “ساعة ونصف” ومشروعاتها الأخرى .

·         عرض الجزء الثالث من مسلسل “الدالي” هذا العام هل أسعدك؟

- بكل تأكيد لأنه مسلسل متميز وعوضني عن غيابي عن الدراما، لأنني لم أشارك في أي عمل جديد .

·         ما الذي قدمته في الشخصية من جديد في الجزء الثالث؟

- الشخصية حدثت لها تحولات مؤثرة بعد زواج الدالي عليها، ما أثر فيها نفسياً وشعرت بأنه قلل من شأنها بين أولادهما، فتغيرت قراراتها ومواقفها وحالتها النفسية، لذلك أحست بأنها زوجة جديدة رغم أنها الشخصية نفسها في الجزأين السابقين .

·         ما سر ابتعادك عن الدراما هذا العام، فأنت لم تشاركي في أي عمل رمضاني جديد؟

- الحقيقة أنني كنت قد قررت أن أقلل وجودي في التلفزيون، وكان المفترض أن أصور “الحكر”، لكنه أجل بسبب ظروف تراجع الإنتاج، فكان ظهوري من خلال الجزء الثالث من مسلسل “الدالي” .

·         هل تراجعك عن العمل بكثافة في التلفزيون مرتبط برغبتك في التركيز في السينما؟

- هذا جانب، فقد فتحت لي السينما أبوابها من جديد بقوة في الفترة الأخيرة، وتوجت ذلك بفيلم “الشوق” الذي فزت عنه بجائزة أفضل ممثلة في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في عام ،2010 وقبله كان “الفرح” وأفلام أخرى كثيرة .

·         هل هي وقفة لعملية استهلاكك تلفزيونيا؟

- لم أكن أرى ذلك استهلاكاً، لكنني كنت أتعامل بمنطق الممثلة الأنانية التي ترغب في تقديم كل الأدوار، بصرف النظر عن مساحتها أو عددها كل عام، ولم أكن أستطيع رفض دور متميز ومختلف، لكنني قررت في العام الماضي الاستراحة والاكتفاء بعمل واحد تم تأجيله .

·         ماذا عن الجزء الثالث من مسلسل “لحظات حرجة”؟

- الجزء الثالث يركز على العلاقة بين الأطباء والحالات التي تدخل المستشفى من المصابين، سواء كانت إيجابية أو سلبية، وهي أحداث جديدة ومتنوعة، وهو مسلسل بشكل عام مختلف عن المطروح في سوق الدراما المصرية والعربية، وقد نجح لدى الجمهور في جزأيه الأول والثاني، ما دفع الشركة المنتجة وفريق العمل لتقديم الجزء الثالث .

·         ماذا عن ملامح شخصية الدكتورة ماجدة التي تقدمينها؟

- في الجزء الثالث تعود “ماجدة” إلى عملها وتعبر الأزمة النفسية التي أثرت فيها في الجزء الثاني وشكلت لها مشكلة كبيرة أعاقت عملها .

·         هل تتحمسين لمسلسلات الأجزاء؟

- في حالة أن يليق العمل بذلك، وبالمصادفة قدمت “الدالي”، و”لحظات حرجة” وكل منهما عمل متميز وموضوعه يستدعي ذلك، ومثلاً مسلسل “لحظات حرجة” نجح كثيراً على مستوى الوطن العربي، وكان الجزء الثالث بطلب من المشاهدين، و”الدالي” من الأعمال التي حققت نجاحاً كبيراً لذلك استمرت .

·         قلة الإنتاج هل كانت في مصلحة الأعمال المعروضة في رمضان الماضي؟

- لا أرى أن الأعمال المعروضة كانت قليلة رغم تراجع الإنتاج بالفعل، لكن في كل الأحوال ما عرض كان كثيراً، والمشكلة أنه قبل ذلك كانت هناك فوضى وسيولة في عملية الإنتاج، والمشاهد كان مظلوماً في ذلك، كذلك الأعمال الجيدة كانت تتوه وسط الزحام .

·         هل ترين أن الدراما التركية سحبت البساط من المصرية؟

- لا يمكن، لأن الدراما التلفزيونية المصرية لها طعمها ونجومها وموضوعاتها المرتبطة بالواقع وتاريخ الوطن وأحداثه، أما الدراما التركية فنجحت لأنها مختلفة في الشكل والمضمون وأشكال نجومها وعاداتهم وحتى علاقاتهم .

·         ما الذي شجعك للمشاركة بدور ضيفة شرف في مسلسل “بنات شقية”؟

-لأنه كان مع صديقاتي وزميلاتي من نجمات العمل مثل نهال عنبر ورحاب الجمل وياسمين جمال وميار الببلاوي، وهو عمل مختلف كل أبطاله فنانات والشخصيات نسائية، وقد أعجبتني الفكرة وأحببت المشاركة فيها .

·         هل تتحمسين لتقديم عمل عن ثورة 25 يناير الآن؟

- أرفض فكرة ركوب موجة الثورة الآن أو المتاجرة بها ولا أتوقع أن يقدم أحد عملاً عن الثورة بحيادية الآن، لأن الثورة ما زالت مرتبكة وغير واضحة في مصر، وفي حال اكتمال الصورة لا بد من تقديم أعمال تؤرخ لها.

·         ماذا عن أحدث أعمالك السينمائية؟

- شاركت في بطولة فيلم “ساعة ونصف” مع عدد كبير من النجوم، منهم سمية الخشاب وأحمد بدير ومحمد رمضان وهيثم زكي وجومانة مراد وحورية فرغلي وآخرون، وهو عمل مختلف يقدم شريحة من المجتمع تصادف أن وجدت في القطار الذي احترق بركابه، وأقدم خلاله شخصية مختلفة وجديدة رغم قلة عدد المشاهد.

الخليج الإماراتية في

14/12/2011

 

ابن "بولاق" الذي وصل إلى العالمية

صلاح أبو سيف أستاذ الفيلم الواقعي

القاهرة - “الخليج”:  

يعد من بين أبرز المخرجين الرواد الذين أرسوا قواعد وتقاليد للسينما المصرية منذ البدايات الأولى، حيث اشتهر بأفلامه الواقعية، حتى أصبحت أفلامه تمثل مدرسة سينمائية، لها مناهج وملامح ومراحل واختبارات، حتى استحق المخرج صلاح أبو سيف بجدارة لقب “أبو الواقعية في السينما المصرية”، لدرجة أن أفلامه أصبحت بمثابة المعايير الرئيسة التي تقاس بها جودة الأفلام الجديدة .

ولد صلاح أبو سيف في حي من أفقر أحياء القاهرة (بولاق) عام ،1915 مع بدايات الحرب العالمية الأولى، ونشأ في بيئة شعبية فقيرة، وقد كان حي بولاق في تلك الفترة يموج بالمقاومة الشعبية والاضطرابات والعنف بين المصريين والاستعمار البريطاني، وهو نفس الحي الذي اندلعت منه ثورة ،1919 وكان خاله من بين المناضلين الذين اعتقلتهم السلطات البريطانية . ومن الطبيعي أن يكون لكل هذا الزخم تأثير كبير ومباشر في نشأة صلاح أبو سيف وتشربه الروح الوطنية ضد الاستعمار، وبالتالي كان له أكبر الأثر في بناء شخصيته أيضاً وتكوين فكره السياسي فيما بعد .

كانت بداية أبو سيف مع السينما من خلال كتاب صغير وقع في يده وعمره لم يتجاوز عشر سنوات، يتحدث عن المخرج السينمائي، وكانت السينما قبل هذا الكتاب عبارة عن ممثلين، وبعده قرر الطفل أن يكون مخرجاً سينمائياً .

عمل أبو سيف في شركة “مصر للغزل والنسيج” بمدينة المحلة الكبرى، وخلال هذه الفترة حرص على أن يعمل أيضاً بالصحافة الفنية، وفي عزلته بعيداً عن الوسط الفني والسينمائي في المحلة، انكب على دراسة فروع السينما المختلفة والعلوم المتعلقة بها، مثل الموسيقا وعلم النفس والمنطق، علاوة على معايشته للظروف البائسة التي يعاني منها عمال المحلة، حتى قادته الصدفة عام 1936 لأن يلتقي المخرج نيازي مصطفى، الذي ساعده في الانتقال إلى استوديو مصر  التابع إدارياً لشركة مصر للغزل والنسيج  ومن ثم أصبح رئيساً لقسم المونتاج بالاستوديو لمدة عشر سنوات، تعرف خلالها إلى أهم مراحل العمل الفني بالنسبة لأي مخرج، وهي مرحلة المونتاج .

استمر أبو سيف في استوديو مصر كمونتير، ثم كمساعد مخرج، وخلال هذه الفترة أخرج عدداً من الأفلام التسجيلية والوثائقية القصيرة، أبرزها فيلم عن حركة المرور في الإسكندرية، وآخر عن الضجيج والصخب في القاهرة، تحت عنوان “سيمفونية القاهرة”، وثالث عن البترول، كما كان خلال هذه الفترة يعمل كمساعد للمخرج كمال سليم  الرائد الأول للواقعية في السينما المصرية  في فيلم “العزيمة” .

وفي بداية عام 1939 قرر صلاح أبو سيف السفر إلى فرنسا لدراسة السينما، غير أنه لم يستمر طويلاً، حيث عاد في أواخر العام نفسه بسبب الحرب العالمية الثانية .

كانت هذه الفترة من نهايات النصف الأول من القرن العشرين تشهد تبلور ونشاط التيارات السياسية والفكرية في مصر، وكانت الجمعيات الثقافية منتشرة في كل أنحاء القاهرة، تنظم الندوات والمحاضرات، واشترك أبو سيف في “جمعية الثقافة والفراغ”، وكان يتردد عليها آنذاك الفنانون كامل التلمساني وأسعد نديم وفؤاد كامل وحلمي حليم، وكانت أغلب حواراتهم ونقاشاتهم تدور حول السينما، وكان أبو سيف في هذه الفترة يشارك باعتباره أحد أهم المخرجين الجدد بعد أن أخرج تجربته الروائية الأولى “نمرة 6” الذي لعب بطولته نجم الكوميديا إسماعيل يس، ليقدم بعده فيلمه الروائي الطويل “دايماً في قلبي”، لتكون انطلاقة صلاح أبو سيف السينمائية في مطلع الخمسينات من القرن العشرين .

تعتبر هذه من أهم المراحل في حياة أبو سيف، وهي المرحلة التي أطلق فيها أهم أفلامه الواقعية، فعندما عاد من إيطاليا حيث كان يخرج النسخة العربية من فيلم “الصقر  1950”، كان قد تأثر بتيار الواقعية الجديدة في السينما الإيطالية، وأصر على أن يخوض هذه التجربة من خلال السينما المصرية .

فعندما عرض أبو سيف سيناريو “لك يوم يا ظالم  1951” على المنتجين، رفضوا هذه المغامرة، كما رفضوا من قبل فكرة المخرج كمال سليم في إخراجه فيلم “العزيمة”، ما اضطر أبو سيف إلى إنتاج هذا السيناريو بنفسه فباع أثاث بيته ومصاغ زوجته ليقوم بإنتاج الفيلم، حيث نجح ولاقى إقبالاً جماهيرياً ونقدياً كبيراً .

بعده قدم أبو سيف أفلامه الواقعية الخمسة، التي تعتبر نقلة فنية مهمة ليس في مشواره فحسب، وإنما في مسيرة السينما المصرية بشكل عام، فقدم “الأسطى حسن” ،1952 “ريا وسكينة” ،1953 “الوحش” ،1954 “شباب امرأة” ،1957 “الفتوة” ،1957 حيث ناقش أبو سيف في الفيلمين الأولين، الانهماك في الملذات التي تميز بها مجتمع ما قبل ثورة يوليو، إضافة إلى تجسيد ظاهرة الاضطهاد الاجتماعي وعلاقة المجرم بالسلطة الاجتماعية والمصلحة المشتركة بينهما، بينما وصف في الفيلمين الآخرين ألاعيب ودسائس النظام الاجتماعي والاقتصادي من خلال حركة الأفراد ومواقفهم الخاصة، أما فيلمه الخامس فناقش خلاله زواج السلطة برأس المال وإفسادهما الحياة الاقتصادية والاجتماعية .

بعد ثورة يوليو 1952 برزت موهبة صلاح أبو سيف بوضوح، فقد اتخذ من الإنسان الفقير والمسحوق بطلاً لأفلامه، بعد أن كان بطل غالبية الأفلام السابقة من الباشوات، وبفيلم “الفتوة” أنهى صلاح أبو سيف مرحلة مهمة تعتبر من أخصب مراحل مشواره السينمائي وأعظمها، ليدخل في مرحلة جديدة مختلفة، والتي بدأت من عام ،1957 وامتدت إلى عام ،1968 حيث قدم أبو سيف خلالها ستة عشر فيلماً، تنوعت موضوعاتها بين الواقعية والوطنية والعاطفية والغنائية، وتفاوتت في جودتها من فيلم إلى آخر، ففي أفلام مثل “الطريق المسدود  هذا هو الحب  أنا حرة”، ناقش موضوعات مهمة بالنسبة لتلك الفترة من حياة مصر السياسية والاجتماعية، مع بروز وتطور العلاقات الاجتماعية، وهو موضوع تحرر المرأة وخروجها للعمل جنباً إلى جنب مع الرجل، وأعطاها حق الانتخاب وحق الاختيار في الحب والزواج، أما أبرز أفلامه السياسية والواقعية في هذه الفترة، فكانت “بين السماء والأرض، بداية ونهاية، القاهرة ،30 الزوجة الثانية، القضية 68”، لتأتي المرحلة الرابعة والأخيرة من مشواره، والتي بدأت من عام ،1970 واستمرت حتى عام ،1986 وهي المرحلة التي بدأها بفيلم “فجر الإسلام” حيث قدم من خلاله رؤية متطورة لظهور الإسلام في منطقة الجزيرة العربية، بجعله الصراع رمزاً لكل صراع بين التخلف والتقدم، واتبع أسلوباً جديداً في الإخراج، ركز فيه على المعاني الإنسانية، ثم توالت بعد ذلك أفلام هذه المرحلة، حيث قدم مجموعة كبيرة منها، تفاوتت في المستوى وتعددت في النوعية، من أهمها “حمام الملاطيلي، والسقامات”، ليصل إلى فيلميه الأخيرين “البداية، والسيد كاف” اللذين شهدا عودة إلى الواقعية الرمزية لدى أبو سيف .

شارك صلاح أبو سيف في كتابة السيناريو لجميع أفلامه، حيث كان يعتبر كتابة السيناريو أهم مراحل إعداد الفيلم، فمن الممكن عمل فيلم جيد بسيناريو جيد وإخراج سيئ، غير أن العكس غير ممكن، لذا فقد شارك في كتابة سيناريوهات أفلامه لكي يضمن أن يكون كل ما كتبه السيناريست متفقاً مع لغته السينمائية، إضافة إلى أن أفلامه كانت تنبع عن مصدرين، الأول كان نابعاً من الواقع نفسه، عن حوادث حقيقية حدثت بالفعل وتم تحويلها إلى أعمال فنية، أو مصدر أدبي، وهي المرحلة التي عمل فيها مع الأديب الكبير الراحل نجيب محفوظ، حيث كان له الفضل في أن يكتب نجيب محفوظ السيناريو بعيداً عن الأدب، وارتبط اسم الروائي المصري الكبير بمعظم أفلام أبو سيف، ليعتبر تجانساً أدبياً وفنياً واقعياً، قد أثمر أفلاماً سينمائية جيدة وقوية في المضمون الدرامي والتكنيك الفني، وعمل الاثنان في أفلام كثيرة ليكونا ثنائياً فنياً ناجحاً، قدما معاً أفلام “المنتقم، مغامرات عنتر وعبلة، لك يوم يا ظالم، ريا وسكينة، الوحش، شباب امرأة، الفتوة، الطريق المسدود، أنا حرة، بين السماء والأرض، بداية ونهاية، القاهرة ،30 شيء من العذاب، والمجرم” .

نال صلاح أبو سيف في حياته شهرة عالمية، إضافة إلى شهرته في العالم العربي، بل إنه من أبرز المخرجين العرب شهرة في العالم، فقد اشترك بأفلامه في الكثير من المهرجانات السينمائية الدولية، مثل مهرجانات “كان، برلين، موسكو، كارلو فيفاري، فينيسيا، ومهرجان فيفاي”، لدرجة أن الناقد والمؤرخ الفرنسي العالمي جورج سادول قال عن أفلامه: “إن أبو سيف يعد واحداً من أفضل عشرة مخرجين في العالم، وأفلامه خلقت في مصر تياراً لا تقل فعاليته عن تيار الواقعية الجديدة الذي نشأ في إيطاليا، وأدى إلى خلق موجات جديدة في فرنسا وإنجلترا وأمريكا” .

ووصفته جمعية النقاد الفرنسية، بجملة: “إنه مخرج عالمي متميز”، كما كتبت الباحثة السينمائية الألمانية “أريكا ريشتر” عنه قائلة: “يعتبر صلاح أبو سيف بحق أستاذ الفيلم الواقعي في مصر، وتمثل أفلامه العمود الفقري للفيلم الواقعي العربي، وتحدد بظهوره اتجاه حساس في تطور السينما العربية” .

كما حصل أبو سيف على جوائز وشهادات تقديرية من هذه المهرجانات، وعرضت معظم أفلامه في الكثير من أسابيع الفيلم المصري والعربي في العالم، إضافة إلى الجوائز المحلية الكثيرة التي حصلت عليها أفلامه .

الخليج الإماراتية في

14/12/2011

 

كان البطل الأول في الأفلام الحديثة

"الماكياج" أزمة السينما المصرية

القاهرة - شيماء محمد:  

الماكياج من أهم عناصر العمل السينمائي، إلا أن استخدامه في السينما المصرية ظل مقتصراً على عنصر التجميل فقط، باستثناء بعض الأفلام التي لعب فيها دوراً مهماً ورئيساً، مثل فيلم “إسكندرية كمان وكمان” للمخرج يوسف شاهين، و”أيظن” عندما ارتدت مي عز الدين “دمية” ضخمة لزيادة حجمها، فيلم “إدرينالين” للمخرج محمود كامل، وفيلم “الداده دودي” لياسمين عبدالعزيز .

وفي موسم عيد الأضحى الماضي عرضت ثلاثة أفلام  من بين أربعة  كان الماكياج هو البطل الأول فيها، وهي “إكس لارج” للفنان أحمد حلمي، و”سيما علي بابا” للفنان أحمد مكي، و”كف القمر” للفنانة وفاء عامر وصبري فواز . وفي التحقيق الآتي نستعرض دور الماكياج مع أهم المتخصصين فيه .

نجح “إكس لارج” في الاستعانة بعنصر الماكياج وجعله بطلاً رئيساً، وذلك لاستعانة مخرجه شريف عرفة بالماكيير الخاص لبراد بيت في فيلمه الشهير “حالة بنيامين”، حيث بدا حلمي فعلياً شاباً شديد البدانة، ثقيل الحركة، بالكاد يعرف المشاهد ملامحه ولم يظهر حلمي بطل فيلم “إكس لارج” إلا في مشهد واحد فقط بملامحه، ووزنه المعتاد . أما وفاء عامر في فيلم “كف القمر” فقدمت دور سيدة عجوز وظهرت أغلب الفيلم بملامح مختلفة عنها، إلا أن ماكياج وفاء ظهر فقيراً جداً وبدت مواد الماكياج نفسه واضحة تماماً على وجهها .

وفي فيلم “سيما علي بابا” للفنان أحمد مكي ظهر أغلب أبطاله في الفيلم بماكياج لمخلوقات فضائية وصل مستواه إلى مستوى الأفلام الأمريكية، حيث تميز العمل بعنصري الماكياج والديكور .

ذلك الفارق الكبير بين مستوى الماكياج في السينما المصرية وبين مستواه في السينما العالمية، دفع صانعي فيلم “أسماء” إلى الاستعانة بماكييرة أمريكية لتبدو هند صبري أقرب إلى الهزال والمرض الذي أصاب شخصية “أسماء” .

عن أسباب ضعف مستوى الماكياج في السينما المصرية وكيفية الارتقاء بهذا العنصر يقول الماكيير محمد عشوب  رئيس شعبة الماكياج بنقابة المهن السينمائية  إن المشكلة تكمن في النجوم والنجمات الذين يستعينون في أعمالهم بمتخصصي ماكياج ليسوا أعضاء في شعبة نقابة المهن السينمائية وتجاهلهم لأعضاء النقابة، رغم كونهم الأكثر تخصصاً، موضحاً أنه بدأ في مطاردة هؤلاء الأشخاص مؤخراً بمساعدة النقابات الفنية عن طريق إرسال خطابات إلى الجهات الإنتاجية والأمنية بعدم الموافقة على دخول أي شخص منهم إلى موقع التصوير، إلا إذا كان يحمل عضوية نقابة المهن السينمائية أو التمثيلية، كما تقدم بطلب إلى وزير القوى العاملة لتحرير محاضر فورية للذين يعملون في المهنة دون ترخيص، مشيراً إلى أنه وضع إجراءات صارمة للماكييرات والكوافيرات اللواتي تقدمن بطلب الحصول على العضوية .

وأضاف عشوب: إن نقابة المهن السينمائية تعتزم إنشاء مدرسة خاصة تابعة للنقابة لتعليم فنون الماكياج لطلبة السينمائيين، ويدرس حالياً أعضاء مجلس إدارة النقابة ونقيب السينمائيين وضع الضوابط والمعايير لتشغيل المدرسة .

الماكيير الشاب تامر عبد الوهاب يؤكد أن مستوى الماكياج في مصر عالٍ جداً ولا يقل عن المستوى العالمي، ولا توجد أزمة في المهنة ولكن الأزمة برأيه تتمثل في النظام القائم بصناعة السينما في مصر، حيث ينظر كثير من صناع السينما إلى الماكياج باعتباره عنصراً غير مؤثر، لذا نجد أن المنتجين يضعون ميزانية هزيلة جداً للماكيير، لا تعطيه الفرصة لاستخدام الخامات التي تساعده على إتقان عمله فتأتي النتيجة ضعيفة، في حين أنهم يسخرون للماكيير الأجنبي جميع الإمكانات اللازمة التي تساعده على إنجاز عمله على أفضل وجه، كما يعطونه أجراً كبيراً جداً بعكس الماكيير المصري الذي يحصل على أجر ضعيف .

أما الماكيير سامح حنفي فيوضح أن هناك أزمة كبيرة يعانيها الماكيير المصري، فلا وجود لمعاهد متخصصة لتدريس الماكياج، خصوصاً بعد إغلاق قسم الماكياج في معهد الفنون المسرحية منتصف الثمانينات، وهو الجهة الوحيدة التي كانت تدرس الماكياج في مصر، وعلى الماكيير المصري أن يلجأ للدراسة بالخارج حتى يستطيع إتقان مهنته، ولاسيما فيما يخص ماكياج التشوهات والحوادث وغيره من العناصر العالمية للمهنة . وأضاف سامح: إن شعبة الماكياج في نقابة المهن السينمائية لا توفر أي دورات أو أي تواصل بين المعاهد المتخصصة أو متخصصي الماكياج العالميين والمصريين، ولا تكتفي بذلك بل تمنع الأجانب منهم من العمل بسبب القوانين التي تفرضها، معتبراً أن وجود هؤلاء الاختصاصيين هو الفرصة الوحيدة للماكيير المصري للتعلم والاحتكاك بالآخرين، إضافة إلى أن شعبة الماكياج هي الوحيدة في نقابة السينمائيين التي تقبل بمؤهلات متوسطة وبغير مؤهلين للعمل .

وأكد سامح أن الأزمة لا تتوقف عند هذا الحد بل تمتد إلى كون أغلب الأعمال الفنية المصرية تعتمد على نوع واحد هو الماكياج التجميلي فقط للنجوم، وبالتالي يخرج الفنان بنفس الشكل المختلف في بعض الأحيان عما يراد تقديمه في الشخصية التي يؤديها، إضافة إلى أزمة أخرى يواجهها الماكيير المصري، وهي عدم توافر الأدوات والخامات المستخدمة في مثل تلك النوعيات من الماكياج بسبب منع الدولة استيراد تلك النوعية من الأدوات ووضع عراقيل كبيرة لاستيرادها، خصوصاً أن الداخلية تتعامل مع الماكيير وحقيبة الماكياج على أنها “تهديد للأمن القومي” .

بدوره يرى المخرج خالد يوسف أن مستوى الماكيير المصري رائع جداً ولا بد من تشجيعه وعدم الاستعانة بمتخصص من الخارج، مؤكداً أن ماكياج وفاء عامر في “كف القمر”، الذي نفذه شريف هلال كان رائعاً على عكس رأي جميع من شاهدوا الفيلم .

أما المخرج عادل أديب فاختلف في الرأي مع المخرج خالد يوسف، حيث أكد عادل أن قطاع التجميل في مصر يعاني أزمة حقيقية، وهذا ما شاهده بنفسه في فيلم “ليلة البيبي دول”، حيث كان الماكياج عنصراً ضد العمل بسبب استعانته بفريق عمل مصري، لذلك حرص على الاستعانة بماكييرة أمريكية في مسلسله الجديد “باب الخلق” حتى يخرج العمل جيداً . وأوضح عادل أن عنصر الماكياج من أهم عناصر العملية الفنية في كثير من الأعمال، وأن نجاحه هو أحد أهم أسباب نجاح العمل، ويرى عادل أن المشكلة الحقيقية تكمن في عدم توافر متخصصي تجميل مدربين على الماكياج السينمائي بعيداً من الماكياج التجميلي الذي يمكن لأي ماكيير عادي أن يقوم به .

واتفق المخرج إسماعيل مراد مع عادل أديب في ضعف مستوى أغلب المتخصصين المصريين واعتمادهم فقط على الماكياج التجميلي بسبب اختفاء عنصر الخبرة، حيث لا يهتمون بتطوير مهنتهم من خلال السفر والدراسة بالخارج .

المشكلة أعمق من ذلك برأي الناقد وليد سيف الذي يؤكد أن هناك عدة عناصر تؤثر في مستوى مهنة الماكياج في مصر أهمها عدم احترام التخصص والدراسة، حيث يتم التعامل مع الماكياج باعتباره عنصراً غير أساسي والمخرجين الذين يهتمون بهذا العنصر هم المخرجون الذين يتعاملون مع السينما باعتبارها لغة الصورة مثل المخرج شادي عبد السلام، في حين أن كثيراً من مخرجي السينما المصرية يغلبون الموضوع على الصورة ولا يهتمون بجمالياتها وإن كان هناك عدد من الأفلام في السنوات الأخيرة أصبحت تهتم بهذا العنصر مثل فيلمي أحمد حلمي وأحمد مكي الأخيرين .

السبب الثاني برأي سيف يعود إلى أن ميزانية الأفلام تلتهمها في العادة أجور النجوم الكبيرة نسبياً، في حين أن باقي العناصر ومنها الماكياج لا يحصل إلا على نسبة ضئيلة جداً من ميزانية الفيلم تحول دون استخدام الخامات المناسبة والآمنة وهي خامات مكلفة جداً، لذا يظهر الماكياج غالباً بالشكل الهزيل الذي نراه في السينما المصرية . إضافة إلى أن الماكياج مرتبط بعناصر كثيرة، كما يقول سيف، مثل الإضاءة والتصوير لأن هناك مشاهد يمكن أن تظهر بشكل مختلف بعد الطباعة والتحميض، لذا لا بد من وجود عاملين على الكاميرا من فنيين ومديري تصوير لديهم الخبرة لمعرفة الشكل النهائي الذي ستخرج به الصورة .

سبب آخر مهم ومؤثر، برأي سيف، وهو عنصر التوريث في كل المهن المصرية ومن بينها الماكيير، حيث يحرص الآباء على توريث ما يسمى بأسرار المهنة لأبنائهم فقط ولا يهتمون بتعليم الأجيال الجديدة، ما يضيّق الحلقة التي تستفيد من خبرة هؤلاء .

المنتج والموزع محمد رمزي اختلف مع وجهة نظر سيف قائلاً: ميزانية الماكياج في الأفلام المصرية كبيرة وليس كما يتخيل البعض، خصوصاً أن جهة الإنتاج تأتي بماكيير للعمل، إلا إذا أتى فنان بماكيير خاص به تحسب ميزانيته على العمل حتى لو لم يكن دوره يتطلب إلا ماكياجاً تجميلياً فقط، ما يرفع كثيراً من ميزانية العمل . وأوضح رمزي “مراراً وتكراراً حاولنا الاستعانة بماكيير واحد يستطيع أن يخرج الشخصيات كما هو مرسوم، إلا أننا لم نستطع السيطرة على النجوم وعلى طلباتهم” .

أما عن رأيه في مستوى متخصصي الماكياج فأوضح أن العديد منهم يتميز بمستوى جيد، إلا أن نوعية الأعمال الفنية المصرية في الأغلب لا تستوجب ظهور كل طاقاتهم الإبداعية إلا في عدد قليل من الأعمال، والتي في الأغلب يلجأ مخرجوها إلى الاستعانة بأجانب تخوفاً من النتيجة النهائية للعمل، خصوصاً أن فشل الماكياج في نوعيات أفلام التشويق أو الخيال يؤدي إلى فشل العمل كله، فالجمهور أصبح منفتحاً على السينما العالمية، وبالتالي يجب أن يكون الماكياج جيداً حتى يقبله .

الناقد نادر عدلي أوضح أن “مستوى الماكياج في مصر سيئ وخصوصاً عندما نقارن بين وفاء عامر في فيلم “كف القمر” التي لم يقنع ماكياجها أي أحد على عكس ما حدث في فيلم “إكس لارج”، الذي استعان فيه المخرج شريف عرفة بفريق أجنبي، ما يوضح الفرق الكبير الذي نعاني منه، حيث تحول الماكياج إلى أهم عناصر العمل بل تفوق على عنصر الإخراج والتمثيل، لأنه استطاع إقناع الجمهور أن حلمي - الذي يعرف الجميع أنه فنان شديد النحافة - إنسان بدين، وليدخل المتفرج إلى عالم تلك الشخصية دون أي حواجز وليصبح فيلم “إكس لارج” علامة فارقة في صناعة السينما بمصر، لأنه أرانا تطوراً مهماً على عنصر الماكياج لم نشهده في السينما المصرية” .

واستطرد عدلي قائلاً: عنصر الماكياج في السينما المصرية، للأسف، من العناصر المهملة منذ إغلاق قسم الماكياج بالمعهد العالي للفنون المسرحية منذ ما يقرب من 20 عاماً، وبالتالي لم يحدث أي تطور للماكيير المصري، فنحن نرى النجم بنفس الشكل في أي عمل يقدمه، رغم اختلاف الشخصية، متناسين أنه ليس من المنطق أن يكون شكله واحداً، رغم أنه يؤدي شخصيات مختلفة ومتعددة .

الخليج الإماراتية في

14/12/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)