حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

هالة صدقي:لست ضد الثورة

بقلم : رضوي عبدالكريم

قدمت أعمالا كثيرة تزيد علي الستين عملا سواء في السينما أو في التليفزيون أثبتت نفسها في كل منها، وتختار أشياء تميزها وتتناسب معها، إنها الفنانة المصرية المتميزة هالة صدقي، والتي قدمت منذ وقت قريب مسلسلا من جزئين، اثار كل جزء حوله العديد من التصريحات، حيث قدمت مسلسل "جوز ماما" بجزئيه الأول والثاني، الأول أعلنت عدم رضاها عنه كل الرضا وكذلك أعلنت انها لم تقدم للمسلسل سوي جزء واحد، لأنها تري أن فكرة الأجزاء مملة علي حد قولها، ولكنها عادت وقدمت الجزء الثاني من المسلسل نفسه. ونحن في هذا الحوار الخاص نتحدث معها عن سر تقديمها للجزء الثاني، كذلك نتحدث معها عن العيوب التي رأتها في الجزء الأول وعن رأيها في النجوم والإعلاميين الذين اتجهوا لتقديم البرامج السياسية، وكذلك نحدثها عن رأيها وتصورها للفن في الفترة المقبلة وأشياء اخري كثيرة في حوار خاص جدا معها. جوز ماما

·     نلاحظ من خلال أعمالك الأخيرة مثل "جوز ماما" وغيرها أنك تحرصين علي الأعمال الكوميدية أكثر من الأعمال الدرامية فما السبب؟

- من وجهة نظري أري أن هذه الاعمال هي المطلوبة حاليا في الوقت الذي نعيشه وفي ظل الأحداث الكثيرة التي نعيشها حاليا، فالناس لم يعد لديهما طاقة لمتابعة حلقة مدتها ساعة أو أقل بقليل في هذا الجو وفي ظل هذه الأحداث. أعتقد أن الناس تريد أن تبعد عن الهموم والنكد وأري أيضا أن المستقبل للأعمال القصيرة لأنها تصل للناس بسرعة وهي الأكثر نجاحا، وكذلك انا أحب الكوميديا جدًا وأراها مهمة جدًا للناس، ولكني لم أحصر نفسي فيها فأنا كنت اقرأ سيناريو مسلسلين دراميين ولكنني أجلت قراءتهما لحين انتهاء الأوضاع في مصر. انتقادات

·         لماذا انتقدت بنفسك الجزء الأول من مسلسلك "جوز ماما" وما الذي دفعك لذلك؟

- بصراحة شديدة أنا كنت غير راضية علي مستوي الجزء الأول تماما فأنا بحكم العمل في المسلسل كنت الأقدر من أي احد أن اري عيوب المسلسل فهناك أشياء كان من الممكن أن تخرج بشكل جيد سببها التسرع أو اي مشاكل اخري، فأنا كنت أود بالطبع أن يخرج العمل بمستوي افضل ولكننا تفادينا ما حدث في الجزء الثاني بقدر المستطاع رغم الظروف الانتاجية الصعبة التي مررنا بها. ظروف إنتاجية

·         قدمت الجزء الثاني من المسلسل بالرغم من الظروف الانتاجية الصعبة فكيف كان ذلك؟

- أنا بصراحة عن نفسي لا أعلم كيف كانت الأمور تسير بكل هذه السهولة في الجزء الثاني رغم الظروف الانتاجية التي كانت صعبة جدا وبحق، فنحنا صورنا اسبوعا واحدا من المسلسل قبل ثورة 25يناير وبعد الثورة توقفنا تمامًا مثل باقي الأعمال، ولكن الحظ حالفنا لأننا قررنا الصمود جميعا وتعاهدنا علي التكاتف جميعا بسبب الأشخاص الفقراء الذين يعملون معنا ومصدر دخلهم الوحيد من الفن، والحظ حالفنا في النهاية واستطعنا أن نستكمل تصوير المسلسل بالرغم من توقف أعمال كثيرة لنجوم كبار. فكرة الأجزاء

·         قدمت الجزء الثاني بالرغم من تصريحاتك بأنك لا تحبذين فكرة الأجزاء لأنها مملة علي حد قولك فما السبب؟

- أنا وبحق لم تكن لدي أي نية علي الإطلاق لتقديم جزء ثان من المسلسل وكذلك الشركة المنتجة للمسلسل لم تكن لديها أي نيــــة بإنتاج جزء ثان،فأنا كنت اري أن فكرة الأجزاء مملة وكنت احبذ أننا بدلا من أن نقدم فكرة جديدة في جزء ثان، أن نقدم مسلسلا جديدا، ولكن ما حدث وما فؤجئنا به نحن كفريق عمل وشركة منتجة أن عددا كبيرا من القنوات طلبت جزءا ثانىًا من المسلسل، ففكرنا بفكرة جديدة وقضايا مختلفة عما قدمه الجزء الأول وبالفعل تم طرح قضايا وفكرة جديدة في الجزء الثاني من المسلسل. تليفزيون ميت

·         ما السبب في وصفك للتليفزيون المصري في تصريحاتك بالميت بعد ثورة 25 يناير؟

- أنا وصفت التليفزيون بهذا الوصف لأنني لم أحصل علي مستحقاتي كاملة عن الجزء الأول والثاني من المسلسل حتي الآن، ولذلك أجلت الجزء الثالث والرابع لحين احصل علي مستحقاتي كاملة.

·         لاحظنا أنك لم تحاولي مثل الكثير من الممثلين تقديم أعمال عن الثورة أو عن الاحداث المهمة التي تمر بها مصر؟

-أنا من وجهة نظري أري أن الأحداث التي تمر بها مصر والثورة التي مرت بها والحياة التي يعيشها كل المصريين حاليا مثل شعلة النار المتوهجة ، فالاقتراب منهــــا غيــــــر محمود بالمرة، لأننا لم نستوعب الحدث حتي هذه اللحظة لذلك إذا قدمت تلميحات عن الثورة ستكون من وجهة نظري ساذجة، لأننا اذا قدمنا هذا الحدث العظيم في عمل درامي سيكون غير مناسب بالتاكيد، وكذلك علي الجانب الكوميدي، فإذا قدمنا هذا الحدث العظيم في عمل كوميدي سيكون استخفافا بهذه الثورة المجيدة الفاصلة في تاريخ مصر كله، لذلك أنا أري أن الناس في هذه الفترة متعبون من سرعة الأحداث التي تتسابق جميعها فهم لا يريدون دراما تضغط عليهم بالسياسة هي الأخري، إنما يريدون استراحة من كل هذا ولو لبعض الوقت، وأنا أقيس كل ما أقوله علي نفسي أولا وأهلي وأصحابي وكل من حولي ومن يحيطون بي.

·         ما رأيك في اتجاه كثير من الممثلين النجوم والإعلاميين لتقديم برامج سياسية تتناول الأحداث التي مرت بها مصر؟

- أنا من وجهة نظري أن هؤلاء النجوم والإعلاميين حسبوا هذه المسألة بشكل مخطئ جدًا لأن الناس لم تقبل علي متابعة هذه البرامج أو تتحمس لمتابعتها لأن الأحداث رأوها بأعينهم علي مدار ثمانية أشهر وأكثر وتابعوها بالصوت والصورة وعاشوا أحداثها بأنفسهم. دور مشرف

·         كيف تري الفن في مصر الفترة المقبلة وكيف يمكنه أن يتخطي الازمة؟

- أعتقد أن معظم النجوم قد قاموا بدور مشرف جدا في الفترة الماضية وهم بالتالي سيكملون المشوار حتي تدور عجلة الإنتاج ولا تتوقف فمعظم النجوم قد تنازلوا عن نصف أجرهم أو أكثر وكل من بيده شيء يقدمه دون كلل أو ملل بروح كلها إصرار وتعاون، وهذا الشيء في كل المجالات وليس الفن فقط حتي نتجاوز هذه المرحلة بسلام ونقف علي أقدامنا وننهض ولا نعود للوراء أبدا .

·         هالة صدقي بمنتهي الصراحة، أنت مع الثورة أم ضدها؟

- أنا بصراحة لست ضد الثورة وكل همي أن تقف مصر علي رجليها وتكون احسن بلد ولا نعطي فرصة لأي كان أن يتدخل فيها. > هل تحضرين لعمل جديد في الفترة المقبلة؟ - أنا حاليا اقرأ عدة سيناريوهات لمسلسل جديد وفيلم سينمائي ولكنني لم انته من قراءة أي منهما حتي الآن ولم آخذ قرارا نهائيا بقبولهما أم لا.

جريدة القاهرة في

13/12/2011

 

صبري فواز: جميع أعمالي مع خالد يوسف قدرية

بقلم : آلاء لاشين 

فنان موهوب يمتلك موهبة جعلت التمثيل بالنسبة له احترافاً.. الصدفة وحدها هي التي جعلته يتعاون مع المخرج «خالد يوسف».. ويستطيع أن يتلون في كل الأدوار التي يؤديها. تحدثنا معه في أشياء كثيرة وآخر أدواره في «كف القمر» وعن صدي دوره.. له رؤية ورأي في الفن والدين.. فتعالوا نتحاور معــــه.. خطط مستقبلية

·         بما أنك عضو مجلس نقابة المهن التمثيلية بعد ثورة 25 يناير ماذا قدمتم للأعضاء؟

- قمنا بعقد جمعية عمومية شرحنا من خلالها تقريرا مفصلا عما تم انتهاؤه حتي الآن وتم استعراض بعض الخطط المستقبلية.. وفعلنا عدداً من الأنشطة وتم تطويرها لصالح أعضاء النقابة.. وهناك خطة بالنسبة لبرنامجنا السياسي سوف نطرحه خلال الفترة المقبلة إن شاء الله. متطلبات الناس

·         ما رؤيتك فيما بعد الثورة لكونك عضو نقابة؟

- من الواضح أن الثورة تسير في اتجاهها الطبيعي برغم أن هناك متطلبات لبعض الناس ليست في وقتها الآن، ويجب علي الشعب أن يتحمل بعضا من الوقت لكي نعيد حساباتنا مرة أخري ولابد من توقع حدوث تآمر من جهات معينة لاتريد لمصرنا الحبيبة التقدم بل تتمني أن نعود للوراء وبإذن الله لن يحدث أبدا. ومن وجهة نظري لابد أن يكون الدستور في البداية ثم ندعو للانتخابات علي أساس أن الدستور هو الذي لابد أن يكون محور الارتكاز الذي تبني علي اساسه القوانين.

·         هل تعتقد أن الفن سيلعب دورا في الأيام المقبلة؟

- بالتأكيد فمن المفترض أن يسجل الفن كل هذا الواقع فهو دور حيوي لأن الفن يؤكد هوية البشر .

·         هناك إشاعات عن دخول الجماعات الإسلامية مجال الإنتاج الفني.. ما قولك؟

- دخول عالم الانتاج متاح للجميع ولايستطيع اي شخص منعه لكن لايجوز ولن نسمح بأي حال من الأحوال أن ينصب نفسه علينا واليا ........وأعتقد أن الدين هو عماد الامة الذي لايجوز قياسه بالفن فالديانات عقيدة سماوية ثابتة ومحددة وغير خاضعة للتغيير، أما الفن فهو يخضع لقواعد ومناهج متغيرة ممكن أن يتفقوا عليه اويختلفوا. عودة

·     معذرة أخذنا الحديث عن النقابة كثيرا فاسمح لي أن نعود لفنك مرة أخري.. هل قام خالد يوسف بورشة عمل كعادته في فيلم «كف القمر»؟

- بالفعل اجتمعنا معه وقمنا بعمل ورشة عمل بالقلم والورقة حول أدق تفاصيل الشخصية وعقدنا عدة جلسات حتي نستقر علي الشكل النهائي لتفاصيل جميع الشخصيات الموجودة علي الورق في السيناريو . تاجر مخدرات

·         لماذا اختار لك المخرج شخصية «جودة» تاجر المخدرات في «كف القمر»؟

- المخرج له وجهة نظر فما بالك اذا كان خالد يوسف فلابد انه رأي بعين المخرج ما لا أراه وشخصية «جودة» هذه سبق وان قدمت دورا مشابها لها في فيلم «دكان شحاتة» وهو دور صعيدي أيضا وكان شغلي الشاغل أن أضيف إلي الشخصية وأحاول أن أختلف عما قدمته من قبل .

·         ماذا عن مشاركة الأردني الفنان «ياسر المصري» بتواجده معكم في هذا الدور؟

- لقد نال اعجاب الجمهور من خلال تقمصه لدور الصعيدي حيث إن الجمهور كان لايعرف انه اردني اصلا كما انه هادئ الطبع وملتزم في عمله وهو فنان محترف واهلا به معنا في أي وقت. ماستر سين

·         ما المشهد الذي تعتبره ماستر سين بالنسبة لك؟

- المشهد الذي ينفصل فيه جوده عن شقيقه الأكبر بسبب اختلاف وجهات النظر.

·         ما آخر أعمالك ؟

- مسلسل «أشجار النار» آخر أعمالي من تأليف ياسر الضو واخراج عصام شعبان ومن انتاج قطاع الانتاج بطولة فتحي عبدالوهاب وداليا مصطفي ومحمد نجاتي ويحكي العمل عن أيوب وناعسة وحكايتهما الشهيرة حيث أقوم بدور «عمار» ابن عم ايوب الذي يغار منه علي ناعسة وهو أيضا يحب ناعسة ويتمني أن يفوز بها لنفسه ويبقي الصراع الدائم طوال المسلسل بينهما .

·         أخيرا هل العمل المقبل مع المخرج خالد يوسف؟

- يبتسم و يقول: اتمني ذلك.

جريدة القاهرة في

13/12/2011

 

«تحرير 2011».. الثورة تصل إلي السينما أخيرا

بقلم : أسامة عبد الفتاح 

بعد عام الثورة الصاخب، الذي أثرت خلاله الأحداث السياسية المتلاحقة بالسلب علي صناعة السينما، جاءت نهايات 2011 - وتحديدا يوم الأربعاء الماضي - لتحمل بعض الأنباء السارة للسينما المصرية.. ففي ذلك اليوم بدأ عرض فيلمين مصريين مهمين حققا العديد من النجاحات الدولية: الروائي "أسماء" والوثائقي "تحرير 2011: الطيب والشرس والسياسي".. والأهم أن اليوم المذكور شهد، أخيرا، وصول روح ثورة 25 يناير وبشائر التغيير التي تحملها إلي السينما، بعد أن ظلت تلك الأخيرة بعيدة كل البعد عما يجري في مصر من متغيرات. ولا يكمن وصول الثورة للسينما بالطبع في تناول "تحرير 2011" لأحداثها، بل في شجاعة التغيير التي تحلي بها منتجو وموزعو الفيلم ودفعتهم لعرضه تجاريا - وإن كان في ثلاث صالات فقط - في مواجهة الأفلام الروائية، في سابقة شديدة الندرة بتاريخ السينما المصرية.. وهنا لا أريد أن أقطع بأنه أول فيلم وثائقي مصري يعرض تجاريا، وأعتقد أن هذه المعلومة في حاجة لبحث دقيق - ليس هنا مجاله - لتأكيدها. يتكون "تحرير 2011" من ثلاثة أجزاء تعرض في ساعة ونصف الساعة تقريبا: "الطيب"، والمقصود به الشعب المصري، من إخراج تامر عزت، و"الشرس"، في إشارة لجهاز الشرطة، من إخراج آيتن أمين، و"السياسي"، الذي يركز علي الرئيس المخلوع حسني مبارك، من إخراج عمرو سلامة.. وبشكل عام، يعد الفيلم توثيقا سينمائيا مهما لثورة يناير سيحفظه التاريخ الذي لا يعترف بنشرات الأخبار، كما يقدم رؤية متزنة هادئة ليوميات وأحداث الثورة بعيدا عن التشنج السياسي ومحاولة استدرار تعاطف الجمهور بالمشاهد المؤثرة للشهداء والمصابين وعمليات الاعتداء المتعمد عليهم.. لكن ذلك لا يمنع أن عيون المشاهدين من الممكن أن تدمع - كما حدث معي - تأثرا بعظمة المصريين التي ينجح الفيلم في التعبير عنها من دون ادعاء أو "زعيق" سينمائي يجيد مخرجون آخرون ممارسته. يوميات وشهادات وفي إطار هذه الرؤية المتزنة، يسرد جزء "الطيب" يوميات الثورة من خلال شهادات عدد من أبطالها جري اختياره بعناية شديدة ليعبر عن كل التيارات والفئات التي شاركت في الثورة من دون الانحياز لإحداها علي حساب الأخري، في توازن يثير الإعجاب حقا.. فقد تابعت كاميرا تامر عزت واستمعت لأحد شباب الإخوان المسلمين، وناشطة ليبرالية "سافرة"، ومصور شاب قطع منحته لدراسة التصوير الصحفي في الدنمارك ليعود إلي مصر ويسجل مشاهد الثورة بالكاميرا، وطبيبة "محجبة" شاركت في إسعاف الجرحي بالمستشفي الميداني الذي أقيم خلال الثورة في زاوية مخصصة أصلا للصلاة. وقد أعجبني أسلوب القطع المتوازي الذي استخدمه تامر - بمهارة مهنة المونتير التي يجيدها ومارسها في فيلمي "المدينة" و"المسافر"- للتنقل بين الشهادات في وقت تصوير الفيلم وبين اللقطات الحقيقية وقت حدوثها، والأمثلة علي ذلك كثيرة، ومنها "الجزّامة" المستخدمة لوضع الأحذية في المسجد، والتي تشير إليها الطبيبة لتقول إنها استخدمت لحفظ الأدوات الطبية خلال الثورة، فيقطع المخرج عليها لنراها ممتلئة بهذه الأدوات وقت الأحداث. أما الجزء الثاني، المسمي "الشرس"، فهو أفضل أجزاء الفيلم الثلاثة، ليس لتفوقه التقني، فالجزء الأول أفضل تقنيا، لكن لفكرته الجيدة، وجرأته، وإقدامه علي كسر "تابوه" تقليدي في حياة المصريين، وهو جهاز الشرطة، خاصة الأمن المركزي، بكل اللغط الذي أثير حوله، وكل الانتقادات التي وجهت له أثناء وبعد الثورة.. وهذه محاولة تاريخية نادرة للاقتراب من هذا الجهاز الحساس، وسبر أغواره، ومنح ضباطه فرصة التعبير - وليس الدفاع - عن أنفسهم، والإنصات جيدا لهم، بدلا من الاكتفاء بمهاجمتهم وانتقادهم بشكل جماعي وكأنهم كتلة واحدة صماء لا سبيل لتفتيتها. نهاية موحية ورغم أن ضابطين فقط يظهران بوجهيهما في الفيلم، أحدهما من جيل الشباب والآخر من جيل الوسط، ورغم أنه يجري تغطية وجهي ضابطين آخرين رفضا الإفصاح عن شخصيتيهما بالشاشة المظلمة و"الكاشات" البصرية، إلا أن ذلك لا يضايق المشاهد، بفضل المضمون القوي، والحوار الجيد الذي أدارته آيتن أمين، ولقطات أحداث الثورة التي تقطع عليها المخرجة أثناء حديث الضباط، وكأنها تعلق علي كلامهم سلبا أو إيجابا. واختارت آيتن نهاية موحية ومعبرة للجزء الخاص بها، حيث تسأل الضابط ذا الوجه المظلم عن ضرب البلطجية، فيفهم السؤال بطريقة مجازية، ويرد قائلا إن ضربهم ضروري لإحلال الأمن، فتعود لتوضح أنها تقصد الضرب الجسدي، فيصمت الضابط طويلا ثم يبتسم قائلا: "ماعرفش"، لتنهي المخرجة تحقيقها السينمائي، ولتظل معضلة الشرطة قائمة إلي حين إعادة هيكلة هذا الجهاز الحيوي. ويعد الجزء الثالث، الذي أخرجه عمرو سلامة بعنوان "السياسي"، أضعف أجزاء الفيلم، وأقلها تأثيرا، بل يبدو غريبا عن العمل ككل، لأنه ينتقل فجأة من الأسلوب الوثائقي التسجيلي المتبع في الجزءين الآخرين، إلي أساليب البرامج التليفزيونية الساخرة الشائعة في القنوات الفضائية، وكأنه اختار طواعية التخلي عن اللغة السينمائية - المطلوبة في مثل هذا النوع من الأفلام - من أجل صناعة كوميديا سهلة قائمة علي النكات والقفشات والصور المركبة المنتشرة في مواقع الإنترنت، إلي درجة أنه يضطر لكتابة عبارة "محتوي من الإنترنت" عليها من باب الأمانة، فضلا عن المسرحيات الكوميدية التي يستخدم لقطات منها هي الأخري. شخصيات محروقة يتناول هذا الجزء شخصية الرئيس المخلوع حسني مبارك، ويتساءل عن سر تحوله إلي ديكتاتور رغم المؤشرات الإيجابية المشجعة في بداية حكمه، مثل إفراجه عن المعتقلين السياسيين وإعلانه أنه لن يبقي في الحكم أكثر من فترتين.. ثم يحدد المخرج، من وجهة نظره الشخصية، عشر خطوات - معظمها ساخر - قادت مبارك إلي طريق الديكتاتورية.. لكن المشكلة أن ذلك يتم بخفة شديدة لا تتناسب مع جدية الحدث، ولا مع باقي الفيلم الذي من المفترض أن يكون هذا الجزء الثالث مكملا له وخاتمة لأحداثه، حتي وإن كان منفصلا، ولو لم يكن هذا التكامل مطلوبا لما وضعت الأجزاء الثلاثة في فيلم واحد، ولقدم كل مخرج فيلمه مستقلا.. كما كنت أفضل أن يكون عنوان هذا الجزء "الديكتاتور" بدلا من "السياسي"، لأن الحديث كله يدور عن ديكتاتور لا يتمتع بحس السياسي. ويلجأ عمرو إلي شهادات عدد من الساسة والكتاب والأطباء النفسيين لتأكيد وجهة نظره، ولا غبار علي ذلك بالطبع، غير أن هذا الاختيار يؤكد للأسف الطابع التليفزيوني لهذا الجزء، لأن المصادر التي يلجأ إليها من الشخصيات "المحروقة" إعلاميا التي تظهر باستمرار في القنوات الفضائية، بعكس الشخصيات البكر التي يقدمها الجزآن الآخران، والتي تجعل متابعتهما ممتعة لأن هناك ترقبا دائما لما تقوله مصادرهما، في حين أن آراء شخصيات الجزء الثالث - ومنها الدكاترة محمد البرادعي ومصطفي الفقي ويحيي الرخاوي - معروفة سلفا وقيلت في أكثر من مناسبة سابقة. ورغم هذه الملاحظات، يظل "تحرير 2011" من أفضل وأهم أفلام هذا العام، ومن أنضج الأعمال الفنية التي تعرضت لثورة يناير، لأنه يحاول أن يكون موضوعيا، وينجح في ذلك إلي حد كبير، بالنظر إلي صعوبة الموضوعية عند التطرق لقضية محسومة عاطفيا وسياسيا.

جريدة القاهرة في

13/12/2011

 

المشهد الانتخابي من «زقاق المدق» إلي «عمارة يعقوبيان»

بقلم : د.وليد سيف 

تنشغل السينما المصرية إلي حد مقبول بالمشهد السياسي، بصرف النظر عن مستوي عمق الرؤية أو جدية الطرح أو حتي دوافع الاستغلال. فكثيرا ما تكون السياسة أحد التوابل أو المشهيات الجاذبة للجمهور في السينما والإعلام أيضا. ولاشك أن مدي الجدية في التناول والطرح، قد تصل إلي أدني مستوياتها ليس فقط في أفلام المقاولات لكن في أفلام كبري للنجوم السوبر حين تنحصر أهدافها في المتاجرة والادعاء ورفع أسهم النجم. وقد يغلب علي البعد السياسي طابع الترميز أو التلميح مثل رائعة شاهين «عودة الإبن الضال» أو يصل التصريح إلي مداه كما لم نر من قبل، كما حدث مع «حين ميسرة» لخالد يوسف. و يصل الطرح السياسي إلي أرقي مستويات الواقعية في العديد من أفلام الراحل عاطف الطيب مثلا. وقد تتسم الرؤية بكثير من العمق والرقي الفكري في كثير من أعمال داود عبدالسيد. لكن الغريب أنه في ظل هذا الزخم السياسي يظل المشهد الانتخابي نادرا في السينما المصرية. ربما يكون من أقدم المشاهد الانتخابية المؤثرة التي تعي عليها ذاكرة أبناء جيلي من فيلم «زقاق المدق» للمخرج حسن الإمام عن رواية نجيب محفوظ الشهيرة. فالسرادق الانتخابي الذي يقام في الزقاق بما شهده من مهازل هو الموقع الرئيسي في بداية الفيلم. وتبقي الصورة السينمائية لهذه المهزلة الانتخابية هي الأعمق تأثيرا في الذاكرة الجمعية لجماهير كثيرة لعب الفيلم المصري دورا كبيرا في تشكيل وعيها وثقافتها ليس في مصر فقط بل في الوطن العربي كله. وتكاد تشكل الأحداث التي وقعت أثناءه نقطة التحول الدرامي المفصلية حيث تتعرف خلاله حميده -شادية- علي القواد -يوسف شعبان- الذي جاء إلي الحارة لتأييد أحد مرشحي الانتخابات والترويج لحملته.. وحيث ترتبط من خلال شخصيته فكرة القوادة في عالم الدعارة مع القوادة في عالم السياسة. وهي فكرة سعي الكثير من كتّاب السينما إلي تجسيدها والتأكيد عليها في أعمال لاحقة ربما تتبلور وتبدو أكثر وضوحا في فيلم «الراقصة والسياسي» لسمير سيف عن قصة إحسان عبد القدوس الذي تتفجر أزمته حين تقرر الراقصة الترشيح لمجلس الشعب. ولكن مشهد «زقاق المدق» يظل حاضرا دون أن يأتي أي مشهد آخر ليشاركه الصورة لسنوات طويلة. في خدمة النجم ويبدو أن النجم عادل إمام هو الأكثر اهتماما بهذا المشهد الذي يتكرر في عدد من أفلامه. ولكنه يتصدر الصورة ويشغل مساحتها الأكبر في فيلمه «الجردل والكنكة» أو «بخيت وعديلة 2» في هذا الفيلم تشكل مراحل العملية الانتخابية وحملتها واجراءاتها ونتائجها الحبكة الاساسية فنتابع صراع بخيت وعديلة من اجل الفوز في الانتخابات في مجلس الشعب. وتتوالي امامنا صور مختلفة لنماذج المرشحين الفاسدين والاستغلالين والمنتفعين. وعبر الاحداث تتابع الانقلابات والتكشفات والمفاجآت الدرامية التي تنتهي بفوز غير متوقع لبخيت وعديلة ودخولهما إلي مجلس الشعب. لكن الفيلم في الحقيقة لا ينشد النهاية السعيدة الملفقة ولا يتخلي عن موضوعيته حين نري بخيت وعديلة داخل المجلس وقد أحاط بهما أغلبية من رموز الفساد لندرك أن فوز أصحاب النوايا الطيبة في إحدي الدوائر قد لا يعني شيئا في ظل سيطرة الأشرار. وعلي الرغم من أن شخصية المؤلف واهتماماته تبدو غائبة في أفلامنا التي تخضع عادة لتوجهات النجم وتوجيهاته إلا أنه بإمكاننا ان نلمح تكرار المشهد في افلام السيناريست الراحل عبدالحي أديب. فمن منا بإمكانه أن ينسي الجدل الدائر طوال أحداث الفيلم حول تأسيس رابطة للشيالين بالمحطة وانتخاب رئيس لها. وإذا كان خط قناوي هو الطاغي إلا أن لهذا الخط تأثيره وأهميته. يعود نفس الكاتب في «بيت القاضي» عن رواية إسماعيل ولي الدين مع المخرج أحمد ياسين ليركز هذه المرة علي انتخابات مجلس الشعب في إحدي الدوائر. يتفجر الصراع في حارة بيت القاضي حين يرشح المعلم نفسه في انتخابات البرلمان. فتنكشف كل الشخصيات التي تساعد تاجر المخدرات للوصول إلي المجلس كل من اجل مصالحه الشخصية. وحيث تتبدي الصورة المخيفة لمجتمع علي وشك الانهيار يسعي الكل فيه إلي خلاصه الشخصي دون إدراك أن هذا يأتي علي حسلب وطن يحتضر. تمثيلية الانتخابات ولا يغيب المشهد الانتخابي عن فيلم آخر من تأليف أديب وهو «امرأة واحدة لا تكفي». فتأتي انتخابات نقابة الصحفيين كحدث مفصلي ومؤثر يتمكن البطل من خلاله من استعادة أسهمه المنهارة وتجاوز أزماته بفوزه في انتخابات النقابة مستغلا تعاطف الناخبين معه بعد اصابته علي يد خصومه وظهوره بالكرسي المتحرك متظاهرا بالشلل وهو يروج لحملته في أداء تمثيلي ولكن مؤثراً علي جموع الناخبيين. لكاتب هذه السطور تجربة محدودة مع الانتخابات كان أولها في سيناريو طموح لفيلم «السياسي» من انتاج 1992 عن شابين يمارسان العمل النقابي من اجل حقوق المهنة وكرامة زملائهم. ينجح احدهما في الانتخابات والصعود إلي أعلي المراكز ولكنه يقع في شباك سلسلة من التنازلات تسقطه عن هدفه وتحيله إلي احد كلاب السلطة بينما يفشل الآخر في النجاح في الانتخابات ولكنه يظل علي عهده وولائه لزملائه ويواصل طريقه الصعب نحو الهدف. ولكن للأسف لم يأت الفيلم علي مستوي طموح السيناريو وأحالته ظروف التنفيذ إلي فيلم تجاري تقليدي ضعيف غلب عليه طابع الميلودراما وعناصر الجذب التجاري حتي تكاد تختفي الحبكة الأصلية ويتهمش موضوع الصراع في الانتخابات. علي النقيض من الصورة الجادة التي سعيت إلي تحقيقها في «السياسي» كانت هناك صورة هزلية لانتخابات تمثلية في فيلم آخر من تأليفي هو «تعالب أرانب» حين تجري العصابة انتخابات لإختيار زعيم جديد من أجل إغراء ضحيتهم بالسلطة وبأنه سيتبوأ منصب زعيم العصابة بانتخابات ديمقراطية تضمن شرعية بقائه في سلطة إدارة مؤسسة غير شرعية. وتتضمن مفردات هذا المشهد الطويل مواقف وحوارات تسخر من النظام الحاكم والتمثيليات الهزلية التي يمارسها في انتخاباته التشريعية والرئاسية. ديمقراطية البلهاء في مقابل هذه السخرية المستترة تأتي تجربة المؤلف طارق عبد الجليل مع فيلم «ظاظا» للمخرج علي عبدالخالق هي الأكثر صراحة ومباشرة وإثارة للدهشة. فالانتخابات هنا علي رئاسة الجمهورية والمثير حقا أن المواطن العادي البسيط ينجح في الفوز علي الرئيس العجوز الجاثم علي صدر الدولة منذ زمن بعيد. يأتي الفيلم كإحدي مغامرات نجم من جيل أحدث مع السلطة وهو هاني رمزي الذي اعتاد علي أن يحقق خليطا من النقد السياسي والهزلية المفرطة. وعلي الرغم من جرأة الفيلم الشديدة إلا أن إفراطه في الهزل يبعده عن المصداقية فضلا عن ان شخصية البطل هي أقرب للغباء والتخلف من الشخصية العادية. ولك أن تتخيل ان هذا الشاب هو الذي انتزع كرسي الرئاسة في انتخابات نزيهة لم نكن نعرفها. وربما يعد فيلم «عمارة يعقوبيان» أكثر الأفلام واقعية وجرأة في نقد فساد الانتخابات في عهد النظام السابق. يتشكل فيلم «عمارة يعقوبيان» من عدة خطوط أو شخصيات. يحظي من بينها بالقدر الاكبر من الاهتمام زكي الدسوقي ربما لأن الذي يقوم بالدور النجم السوبر عادل امام. ولكن خط الحاج عزام الذي يلعبه نور الشريف لا يقل اهمية في الرواية ولا في الحبكة الدرامية التي تسعي لعرض بانوراما لصور الفساد والقبح المخيم علي العمارة كرمز لتدهور الوطن. المجلس والحصانة ويتجسد هذا التدهور بمنتهي الوضوح في شخصية عزام الذي يصعد بفضل تجارة المخدرات من بدايته كماسح احذية ثم تاجر عملة ليصبح رجل اعمال. ولكنه يجد أن المال وحده لا يكفي بلا نفوذ يحميه، فيقرر الترشح لمجلس الشعب لنتعرف من خلاله علي التفاصيل العفنة والهبوط المنحط الذي وصل اليه النظام في صورة كمال الفولي الرجل المقرب من أعلي السلطات في البلاد والقادر علي توصيل عزام او غيره إلي مجلس الشعب برشوة لا تقل عن المليون. وهكذا يكشف الفيلم عن حقيقة أكذوبة الانتخابات والتأكيد علي انها لم تكن سوي تمثيلية هزلية او لعبة للتمويه ولكن نتيجتها معروفة مسبقا ولا يفوز فيها غالبا سوي من يقدر علي دفع التمن. ونخوض مع عزام مغامرته الطائشة في رفض السداد لندرك معه نتائجها الوخيمة. وكيف يمكن لمافيا الفساد أن تطيح بمن يلاعبها أو يتلاعب بها. ويعد فيلمي «عين شمس» لإبراهيم البطوط و«ميكروفون» لأحمد عبدالله من أحدث الأفلام التي ظهر فيها المشهد الانتخابي بصورة أقرب للواقعية. في الفيلمين لا تتجسد لديك صورة كاملة عن العملية الانتخابية ذاتها ولكنك بالتأكيد أيضا تطل علي صورة حقيقية وصادقة لما يدور في سرادقاتها او حملات دعايتها. وكيف يتعامل معها الأهالي وكيف يفكرون فيها والحوارات التي تدور خلالها. وبينما يغلب التجريد علي الصورة بما تحمله من دلالات في ميكروفون فتكاد تنحصر في الشاب المسئول علي حراسة الملصق الدعائي، فإن المشهد الانتخابي في عين شمس يكشف عن صورة المواطن المطحون في أحد ضواحي القاهرة والذي انهكه ثلاثي الفقر والجهل والمرض واضعف قدرته علي استيعاب ما يدور حوله واحاله إلي كائن محطم يتشبث بأي أمل في الإنقاذ أو حتي في فرصة للتعبير عما يجيش في صدره من آلام. قد تلمح مشاهد أو إشارات للانتخابات هنا أو هناك ولكن يظل غياب ظهور العملية الانتخابية بصورة إيجابية أو جادة في غالبية أفلامنا هو تعبير حقيقي عما تميزت به هذه العملية من هزلية وتلفيق. ولكن أهم ما يميز المشهد السينمائي في هذا المجال في غالبية إنتاجه انه لم يتملق النظام البائد ولم يزيف حقيقة المشهد ولم يحيد عن الواقعية إلا قليلا حتي وهو في قمة الهزل والسخرية.

جريدة القاهرة في

13/12/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)