حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

«كف القمر» ملحمة إنسانية تحمل نبوءة سياسية

أعد الندوة للنشر   محسن حسنى

وسط حالة التخبط التى تمر بها صناعة السينما المصرية يأتى فيلم «كف القمر» كنقطة نور تضىء ظلام الشاشة الفضية وتمنح كل عشاق الفن السابع الأمل فى تقديم موضوعات جادة تعبر عن الواقع المصرى والعربى.

«كف القمر» أحدث إبداعات المخرج خالد يوسف، والمؤلف ناصر عبدالرحمن، يحكى بشكل أقرب للملحمة الإنسانية قصة أم صعيدية اسمها قمر تحاول أن تجمع شمل أولادها الخمسة قبل أن تموت، ولكن لا يتجمع الأبناء إلا بعد وفاة الأم ويعيدون فى مشهد بالغ الدلالة بناء منزلهم الذى تهدم فى إشارة إلى أن الجيل الجديد هو الوحيد القادر على البناء، فيما اعتبره البعض استشرافا للمستقبل حيث ترمز «قمر» إلى مصر، وأن هذا المشهد يعبر عن حالة مصر بعد ثورة ٢٥ يناير. «المصرى اليوم» استضافت من أسرة الفيلم المخرج خالد يوسف، والمؤلف ناصر عبدالرحمن وخالد صالح ووفاء عامر وجومانة مراد وصبرى فواز وحسن الرداد والممثل الأردنى ياسر المصرى الذين تحدثوا عن خصوصية هذه التجربة بالنسبة لهم.

خالد صالح: «ذكرى» أشبع رغباتى التمثيلية.

قال خالد صالح، الذى قدم شخصية الأخ الأكبر «ذكرى»: حين قرأت السيناريو شعرت بتحمل الأمانة، لأن الفيلم به أفكار كثيرة، وأعتقد أن المعجزة فيه هى تركيبته الاستثنائية، وإن كنت اختلفت كثيراً مع المخرج فى هذا الفيلم تحديداً بسبب ضغوطه الشديدة، لكننى كنت أتحمل، لأن أى شعور بالتذمر سيظهر أثره على ملامحى وسيتسرب لباقى الأشقاء، وبالنسبة للشخصية فقد عملت بنصيحة خالد يوسف، بأن هذا الفيلم تحديداً لو تم تصويره وكأنه مشهد واحد، سوف يخرج بالمستوى الذى نتمناه وسنشعر بجماله، أما إذا تراخينا فستكون النتيجة غير مرضية لأى منا.

وأضاف: قصة الفيلم لها روح «لبستنا ولبسناها» منذ أول يوم تصوير، فكنت أشعر بأننى ذكرى الأخ الأكبر الذى عليه تحمل المسؤولية، وهى شخصية قريبة جداً من واقع الصعيد، فهو لديه حنين لجذوره، والجميل فى هذا الفيلم أننا اقتنعنا بأن تركيبة محددة يجب أن تصل للمشاهد، لذا لم أكن حراً فى أى مشهد، وتركت كل قدراتى للمخرج ليديرها كيفما يشاء، وكلنا عملنا بهذه الطريقة، وبذلنا مجهوداً كبيراً أثناء التصوير، لذلك أتمنى أن يتم عرض «الميكينج» حتى يعرف الناس حجم التعب الذى نتعرض له خلال التصوير. وأكد «صالح» أنه شعر بالقلق حين علم أن وفاء عامر ستجسد دور أمه، وقال: أبلغت قلقى للمخرج خالد يوسف، لكنه طلب منى التأنى، وفى منتصف التصوير سألنى «إيه الأخبار؟»، قلت له إنها مفاجأة، وأنا سعيد جداً بها.

وشدد على انحيازه إلى «كف القمر»، وأضاف: شعرت فى «هى فوضى» بأننى فى فيلم مغلق، لكن هنا شعرت بتعويضى فنياً، فهو فيلم مفتوح، يجعل الممثل يشعر أنه يصور سينما، ويشبع رغباته التمثيلية.

وقال: هذا الفيلم يحمل إسقاطاً سياسياً غير مباشر على الوضع فى مصر والعالم العربى، لكن المخرج كان يصر على أن يلغى داخلنا الإحساس بتلك الرسالة السياسية، وطلب منا أن نهضمها وننساها، حتى تصل للمشاهد بالشكل غير المباشر الذى نريده.

وأشار «خالد» إلى مشهد «الدخلة»، الذى جمعه بغادة عبدالرازق فى المستشفى، وكيف أن المخرج صوره دون عرى، رغم أن طبيعة الدور تسمح باستخدام الإثارة، لكن المخرج يهمه أن يصل المعنى للمتفرج دون إثارة غرائز الناس بلا جدوى، موضحاً أن المشهد الذى جمعه بجومانة مراد تم تصويره بشكل يعكس معاناة تلك المرأة، فهى تنام فى أحضان شخص لا تحبه، وتتمنى فى الوقت ذاته إتمام زواجها من الشخص الذى تحبه.

ونفى «خالد» وجود أى تشابه بين دور «ذكرى» والشخصية التى قدمها فى مسلسل «موعد مع الوحوش»، مشيراً إلى أن شخصية «ذكرى» لها تاريخ وتكوين وذاكرة يومية مختلفة تماماً عن تلك التى قدمها فى «موعد مع الوحوش».

وأضاف: فى كواليس التصوير كان المخرج يطلب منا تقديم يوميات افتراضية لتلك الشخصيات، وما يحدث فيما بينها فى مرحلة الطفولة، وكان كل منا يقدم مذكرات لشخصيته بأحداث افتراضية كأنها حدثت فعلاً.

خالد يوسف: كنت أفضل عرض الفيلم قبل الثورة لأنه تنبأ بالهدم وإعادة البناء

أكد المخرج خالد يوسف أنه كان يتمنى عرض «كف القمر» قبل الثورة، موضحًا أن تأجيل عرض الفيلم لمدة ١٠ أشهر لم يكن فى صالح العمل، لأنه لو عرض قبل الثورة كان سيعتبر عملا استشرافيا تنبأ بالهدم وإعادة البناء، بينما طاقة الأمل موجودة حاليا، وبالتالى فهو إقرار للواقع.

وقال «يوسف»: التركيبة الدرامية للفيلم كانت تحتمل أكثر من طريقة للسرد، لأن الأشخاص والتفاصيل كثيرة، لكن اخترت بالاتفاق مع المؤلف أن نحدد مسار الدراما، فجعلناها تسير فى طريق لا يمل منه المشاهد وهو أن هؤلاء الأشقاء تفرقوا، ويجب أن يجتمعوا ليروا أمهم قبل موتها، فهل سيجتمعون أم لا؟ ورأينا أن هذا التناول يمنع الملل، لأن علم الدراما به مصطلح اسمه السينما المنتظرة، فكل مشاهد ينتظر حدوث شىء ما، فهل سيحدث أم لا؟

وعن اختيار وفاء عامر لدور الأم قال: أعتمد دائما على الحس الفنى للسيناريست ناصر عبدالرحمن، وسألته عن إسناد الدور لها فوافق وقال «الله»، وبحكم عشرتى مع ناصر أعرف أنه حين يوافق بسرعة تكون الأمور على ما يرام، وهذا أول معيار جعلنى أتحمس لإسناد الدور لها، بالإضافة لإيمانى بقدرات وفاء كممثلة، كما أنها أظهرت لى التزاما كبيراً حين شاركت فى «حين ميسرة»، فرغم أن دورها لم يتعد ٣ مشاهد فإنها طلبت منى أن تحضر كل أيام التصوير لكى تستمتع بالأجواء، فبدأت أبحث لها عن فرص للظهور وتزويد مساحتها لمكافأتها على هذا الالتزام، ولكل هذه الأسباب أسندت إليها دور الأم فى «كف القمر».

وأكد «يوسف» أنه يسعى فى أفلامه إلى تقديم رسالة، وفى الوقت نفسه يكون العمل جماهيريا ليصل لأكبر شريحة ممكنة من الجمهور المصرى والعربى، مشيراً إلى ثقته فى تحقيق الفيلم النجاح الجماهيرى، ولن يكون مثل الأفلام الجيدة فنيا لكنها ليست جماهيرية.

وأوضح أن الفيلم كان مقرراً منذ البداية إهداؤه للراحل حامد حمدان، لذلك كتب الإهداء على تتر المقدمة، ثم قرر إهداء الفيلم لشهداء ثورة ٢٥ يناير، مؤكدا أنه اختار حامد حمدان لأنه كان سيشاركه العمل فى عدة مشروعات سينمائية من بينها «كف القمر»، لكن الموت غيبه عن عالمنا، فقرر إهداء أول فيلم يخرجه لروحه.

وعن الاعتماد الدائم على الوجوه الجديدة قال: أعتقد أن أى مخرج عليه إسناد بعض الأدوار للوجوه الجديدة قدر استطاعته، والذى يستطيع فعل ذلك ولا يفعل أعتبره خائنًا لمهنته، لأن أى مهنة يجب أن تجدد دماءها باستمرار، وإلا ستصاب بالشيخوخة.

جومانة مراد: وقعت فى غرام «لبنى» لأن الدور مختلف

قدمت جومانة مراد دور لبنى، وهى شخصية مركبة حيث تريد الاستقرار، لكن كل قصص الحب التى عاشتها تنتهى دون زواج، وهذا جعلها تعيش خلال أحداث الفيلم بشخصيتين، إحداهما تريد الزواج من «بكر» لدرجة أنها تمنعه عن لمس يدها حتى يزداد شوقه لها والأخرى ترتبط بعلاقة غير مشروعة مع شقيقه الأكبر ذكرى، وتستمر على هذا الحال حتى يكتشف «بكر» علاقتها بشقيقه فيصاب بصدمة عاطفية.

جومانة أعربت عن سعادتها بتجربتها فى «كف القمر»، وقالت: حين قرأت السيناريو شعرت بأننى اقرأ شعرا، فهو مكتوب بشكل ملحمى، كما أننى أحب دراما الصعيد، وكنت أحلم بالعمل مع خالد يوسف، ولا أنكر أننى وقعت فى غرام دور لبنى لأنه جديد بالنسبة لى، فقد سبق أن قدمت دور فتاة شعبية، لكن الأمر مختلف هذه المرة، فالدور به نقلة أعتبرها مفاجأة للجمهور، وأنا بصفة عامة أستمتع بأدوار بنت الحارة المصرية.

وأضافت: أول مشهد صورته كان يجمعنى مع خالد صالح فى السرير، لذلك كنت أشعر بخوف ورهبة شديدة، لكن المخرج خالد يوسف شجعنى حتى استكملت تصوير باقى مشاهدى.

وفاء عامر: تدربت ساعات طويلة من أجل مشهد الكلب

بدأت وفاء عامر حديثها بالدموع، حيث استرجعت حجم المسؤولية التى كانت ملقاة على عاتقها، بسبب دور قمر وقالت : حين طلبنى المخرج خالد يوسف لتقديم هذا الدور شعرت بسعادة ومسؤولية فى آن واحد، ولو طلب منى الاعتذار عنه لتقدمه ممثلة أخرى مناسبة للدور أكثر منى، كنت سأوافق حباً فى الفيلم، الذى تعلقت به جداً، وأردت له أن يخرج فى أفضل صورة، فهذه المرأة هى فعلا مصر وهى الوحدة العربية، وقد تعب المخرج معى كثيرا كما أننى عشقت كل من عمل بهذا الفيلم، وشعرت بأنهم فعلاً أولادى. وعن المشهد الذى صورته مع الكلب قالت: كان هذا من أصعب وأهم المشاهد التى قدمتها، ومن أجل هذا المشهد كنت أذهب يومياً لأكاديمية الشرطة، وأقضى ساعات طويلة مع هذا الكلب الذى اخترناه أسود ليشبه كلاب الشوارع، والحقيقة أن ضباط شرطة ساعدونى كثيراً أثناء التدريب، وأعدنا تصوير هذا المشهد ٣ مرات، وأثناء تصويره كنت أشعر بمخاطرة، وطبقا للسيناريو يفترض أننى أصاب بغيبوبة، وأسقط على الأرض فيشمنى الكلب وينتهى المشهد، لكن ما حدث أن الكلب تحسس وجهى وظل يقلبنى ويحاول حملى من على الأرض، فى الوقت نفسه كنت مطالبة بألا يصدر عنى أى رد فعل يفسد المشهد. وأشارت وفاء إلى أن طبيعة هذا الفيلم تحتمل تحويله لمسلسل.

صبرى فواز: «جودة» نموذج للأخ المشاكس خفيف الظل

قدم صبرى فواز شخصية «جودة» أحد الأشقاء الخمسة الذى يسافر مع إخوته من أسيوط إلى القاهرة، ويسلك طريق التجارة فى المخدرات وينضم لإخوته فى نهاية الفيلم.

وقال صبرى فواز: أنا سعيد بالعمل مع خالد يوسف، فهو من المخرجين الذين يمنحون مساحة من الحرية للممثل لكن عجلة القيادة فى يده فيستطيع أن يحركه كيفما يشاء، وفى النهاية تأتى النتيجة رائعة وتجربتى معه فى ثلاثة أفلام هى «دكان شحاتة» و«كلمنى شكرا» و«كف القمر» كانت بهذا الشكل.

وأضاف فواز: أتعامل مع منطقة الكوميديا من زاوية التمثيل وليس لمجرد الإضحاك وهذه هى الطريقة التى أجيدها وتناسب العمل مع مخرج يقود فريق العمل ولديه رؤية ووجهة نظر.

وأكد فواز أن خالد يوسف اكتشفه سينمائياً ولولاه لظل يعمل فى الدراما التليفزيونية دون أن يشعر به أحد، موضحاً أن دوره فى «كف القمر» نموذج للأخ المشاكس الذى يضع الآخرين فى ورطة وتصدر عنه تعليقات خفيفة الظل.

ناصر عبدالرحمن: كتبت الحوار بأسلوب شعرى مثلما يتحدث أهل الصعيد

«هذا الفيلم تحديدا، يتعلق بطبيعة أهل الصعيد الذين يخرجون من بلادهم لبناء وتعمير المدن، بينما هم فى الحقيقة يتركون بلدانهم للخراب».. هكذا بدأ ناصر عبدالرحمن حديثه وأضاف: هذه هى الفكرة التى بنيت عليها الفيلم من النواحى النفسية والدرامية بشكل عام.

وعن ازدحام الفيلم بالأشخاص والأحداث قال ناصر: هذه الأزمة تواجهنا فى كل أفلامنا، ونفس الكلام قيل عن «حين ميسرة»، وقيل وقتها إن به ٣٥ شخصية، وأعتقد أن كثرة التفاصيل هى كرم فى السرد، والناس فى مصر تعودت على الاختصار، وأرى أن هذا الفيلم سيصل للناس بسهولة رغم أنه مختلف عن السائد.

وأشار عبدالرحمن إلى أن خالد يوسف أبدى له سعادته بالطريقة الملحمية والشاعرية التى كتب بها السيناريو، موضحا أنه طلب منه زيادة شاعرية الجمل الحوارية لتبدو الحكاية كلها ملحمة إنسانية، خاصة أن الشخصيات كلها ذات طابع ملحمى، وتمت كتابتها بشكل يربط أطراف الحكاية ببعضها.

وأضاف: الناس فى الصعيد يستخدمون السجع والجمل الملحمية بشكل تلقائى فى أحاديثهم العادية، فرغم بساطتهم وربما أميتهم فإنهم يقولون جملا بسيطة وعميقة فى الوقت ذاته، وهذه هى طريقتهم فى التعبير لأنهم لهم باع تاريخى طويل فى الملاحم والشعر، ولو نظرنا للشعراء المصريين فسنجد معظمهم من الصعيد، ولهذا السبب اعتمدنا على الحوارات الشاعرية الملحمية كأسلوب للحوار بين أبطال العمل.

وكشف ناصر عبدالرحمن عن تأثره بأستاذه يوسف شاهين، وقال: أحيانا تتضمن أعمالنا رؤى استشرافية، وأفلامنا موجودة وهى خير شاهد على صحة ما نقوله، ففى «دكان شحاتة» كنا نحكى قصة شحاتة الذى ولد فى عام ١٩٨١، ومات عام سقوط هذا النظام، وهو عمل استشرافى توقع المستقبل وحدث ما توقعناه، والأمر هنا فى «كف القمر» يتشابه بدرجة ما، وهى دراما إنسانية تخضع للتأويل السياسى والتأويل التاريخى لذا لم نصمم لها علامات ظاهرة لكى يفهمها كل متلق حسبما يشاء.

وأضاف: أشعر بالحزن لأننا أبعد ما نكون عن بعضنا، وهذا قدمته فى الفيلم من خلال ابتعاد أولاد «قمر» عنها، وابتعاد كل منهم عن الآخر، وهى صورة من الواقع، حتى إن الابن الأكبر لم يلاحظ قطع كف والدته، وهذا الجفاء موجود بيننا فى الواقع، وهى مشكلة إنسانية تعانيها مصر ويعانيها الوطن العربى كله.

ياسر المصرى: «ضاحى» أصابنى بالتوتر والقلق

قدم الأردنى ياسر المصرى شخصيتين خلال أحداث الفيلم، الأولى هى شخصية الأب الذى يتم قتله بعد أن يصل لصوص الآثار إلى الذهب، والثانية هى شخصية «ضاحى» أحد الأشقاء الخمسة، وأكثرهم حكمة.

قال «ياسر»: سعدت بترشيح خالد يوسف لى، وشعرت بالتوتر والقلق، لكننى تحملت لأنى كممثل أبحث عن دراما عالية، وأتمنى أن أكون عند حسن ظن باقى الزملاء، كما أن السيناريو كان مفاجأة لى، لما يحمله من صفات الملحمة الإنسانية.

وأضاف: أول مشهد صورته كنت أحاول من خلاله إثبات ذاتى أمام المخرج خالد يوسف، وهو المشهد الذى أحمل فيه جوال بصل فوق كتفى وأنقله فوق عربة كارو، وقد اتبعت توجيهات المخرج وحملت الجوال بسرعة ووضعته فوق العربة، فوجدت المخرج يبتسم ويبدى قبوله لأدائى فشعرت بالاطمئنان.

وأشار «ياسر» إلى أن المخرج أخبره بأن هذا الدور كان مرشحاً له ممثل آخر، ولكنه غير رأيه بعد أن شاهده بالصدفة فى أحد المسلسلات السورية، فبحث عن تليفونه وأبلغه بترشيحه لهذا الدور.

وقال «ياسر»: بمجرد أن رشحنى فرحت جداً ووافقت على خضوعى لاختبار قبول، رغم أننى أؤدى أدواراً كبيرة فى بلدى، كما عرضت على المخرج خالد يوسف أن أحضر إلى مصر على نفقتى الخاصة للخضوع لهذا الاختبار، لكنه رفض، وأبلغنى بأن تكاليف حضورى ستكون على نفقة الجهة المنتجة، وبعد ذلك وقعت العقد وبدأت العمل.

وأكد «ياسر» أنه لا يخاف من هاجس القولبة، أو أن يطلبه المخرجون فيما بعد لأداء أدوار صعيدية فقط، وقال: الممثل الحقيقى هو الذى يستطيع تقديم كل الشخصيات، وبيده يضع نفسه فى قالب معين إذا استسلم للترشيحات النمطية، وأنا بطبيعتى أميل للأدوار المركبة التى بها بعد «شكسبيرى» أو بعد «أفلاطونى».

حسن الرداد: «بكر» فرصة للهروب من أدوار «الجان»

قدم حسن الرداد شخصية «بكر»، الذى يقع فى غرام لبنى أثناء عمله فى محل عصير، لكنه يصاب بصدمة عاطفية حين يعرف حقيقة علاقتها بأخيه ذكرى. وقال حسن الرداد: شىء رائع أن أقدم دوراً مختلفاً عن أدوار «الجان»،خاصة أن الناس تصنف الممثلين نوعين، إما «جان» يهتم بمظهره، لأنه وسيم والبنات تحبه، وإما ممثلاً لديه الموهبة يستطيع تقديم العديد من الأدوار المختلفة، ومع الوقت أصبحت صفة «جان» بمثابة تهمة، وعلى الممثل «الجان» أن يثبت للناس أنه يستطيع التمثيل بشكل جيد، وهذا كان التحدى بالنسبة لى، وقد حاولت تغيير شكلى وطريقة أدائى لتبدو الشخصية أكثر صدقا.

المصري اليوم في

07/11/2011

 

 

الفنانة مرجان ساترابي....زهرة قديمة وأرض جديدة

كاترين إردمان ـ ترجمة: رائد الباش

مراجعة: هشام العدم  

أثار قبل أحد عشر عامًا كتاب القصص المصوَّرة "برسيبوليس" للفنَّانة الإيرانية مرجان ساترابي حول طفولتها في إيران ضجة كبيرة. كما نال فيلمها "برسيبوليس" إعجاب الملايين. والآن يعرض فيلم آخر لها عنوانه "دجاج بالبرقوق" في مدينة هامبورغ الألمانية، حيث تحدَّثت إليها كاترين إردمان حول الحنين إلى الوطن.

فمها المستدير مطلي بأحمر شفاه فاقع اللون، وحاجباها مرتفعان إلى أعلى في شكل مسرحي. تقول مرجان ساترابي وهي تضحك: "وشعري الأسود مصبوغ. تصوَّري فقط وجود الشيب أيضًا في رأسي مع هذا الوجه، فسوف أبدو حينها مثل الشيطان". تقوم رسامة الكاريكاتير ساترابي التي يبلغ عمرها واحدًا وأربعين عامًا بشدّ ملامح وجهها مكشِّرة وثم تضحك مرة أخرى من أعماق قلبها. وتقول: "أنا أحبّ الحياة. وفي كلِّ صباح أستيقظ بابتسامة عريضة على وجهي، وفي الحقيقة يحتاج المرء الكثير ووقت طويل لكي يعكِّر مزاجي".

وقد تبدو مرجان ساترابي سعيدة أيضًا لأنَّها تحمل سيجارة في يدها. فالتدخين جيِّد لها، وبإمكان الجميع رؤية ذلك، مثلما تقول وهي تغمز بعينها: "أعتقد أنَّ الدخان يحفظ المرء. وأنتم تعلمون بالطبع أنَّ اللحم أيضًا يتم تدخينه من أجل حفظه، ولهذا السبب لا توجد لدي على الأرجح أية تجاعيد". وعلى الرغم من أنَّ الفنَّانة مرجان ساترابي المولدة في إيران قد لاقت نجاحًا كبيرًا منذ عدة أعوام، إلاَّ أنَّها لا تبدو متكبِّرة قطّ، ويمكنها بالإضافة إلى ذلك الضحك من نفسها. حضرت ساترابي إلى مدينة هامبورغ الألمانية من أجل عرض فيلمها الجديد "دجاج بالبرقوق". تدور أحداث هذا الفيلم في طهران في فترة الخمسينيات. ومرجان ساترابي لم تعش تلك الفترة، ولكنها مع ذلك تستوحي الكثير مثلما تقول من هذه الفترة. وفي تلك الأيَّام عندما قام رئيس الوزراء محمد مصدق بتأميم عائدات النفط، سرت في إيران نسمات تشبه نسمات الديمقراطية. ولكن بعد ذلك قام الأمريكيون والبريطانيون بطرد هذا السياسي الشعبي المحبوب خارج البلاد، وغدت تلك النهضة أثرًا بعد عين.

حنين إلى الوطن الضائع

في فيلمها "دجاج بالبرقوق" تروي مرجان ساترابي في صور ساحرة بالاشتراك مع فنسان بارانو قصة عازف موسيقي تعيس يعيش في طهران في فترة الخمسينيات وتقول مرجان ساترابي إنَّ "الإيرانيين فقدوا شيئًا ما من خلال هذا الحدث". وهذا جانب من الفيلم، أمَّا جانبه الآخر فيتحدَّث حول فشل حب عازف يعزف على آلة الطار (الكمان) مع امرأة اسمها إيران. ومن خلال ذلك تبرز ساترابي حنينها إلى الوطن المفقود. فقد قام والداها بإرسالها إلى النمسا إبَّان الحرب العراقية الإيرانية، وفي وقت لاحق انتقلت إلى فرنسا، حيث ما تزال تقيم هناك بشكل دائم منذ عام 1994. وفي هذا الصدد تقول ساترابي إنَّ "هذا يشبه نبتة يتم أخذها من الأرض ووضعها في إناء؛ وبغض النظر عن مدى الاهتمام بهذه الزهرة والاعتناء بها، فهي تظل معتادة على أرض وطنها". تعود ذكريات ساترابي الخاصة بطهران إلى مرحلة طفولتها؛ تلك الجبال التي يتراوح ارتفاعها بين خمسة آلاف متر وستة آلاف متر، والقمم المغطاة بالثلج، والتلوّث البيئي، وبعض الأصوات والمأكولات. تقول مرجان ساترابي: "لقد احتاجت معدتي ثلاثة أعوام حتى تمكَّنت من هضم الطعام الفرنسي بشكل صحيح".

الحرية في المنفى وبعد النجاح الكبير الذي حقَّقه كتابها المصوَّر "برسيبوليس" في عام 2000 ومن بعده فيلمها، أصبحت هذه الرسَّامة والمخرجة وكاتبة السيناريوهات مطلوبة أكثر من أي وقت مضى. وعلى الرغم من أنَّها حصلت منذ فترة طويلة على الجنسية الفرنسية، إلاَّ أنَّها لا تشعر بالانتماء إلى المجتمع الفرنسي، وهي لا تريد ذلك أيضًا؛ وتقول: "لم يكن لدي أبدًا شعور بأنَّني جزء من أي مجتمع. أنا موجودة هنا ومن حولي أصدقائي، وهذه هي حياتي. أنا أعيش كأنَّني تحت جرس". لقد اختارت حياتها على هذا النحو. إذ غادرت إيران عندما أدركت أنَّه لا يوجد في إيران مكان للأشخاص الذين ينتقدون النظام. وبالنسبة لها لم يكن لديها بديل. تقول ساترابي "أنا أُكنّ احترامًا كبيرًا لهؤلاء الناس الذين ما يزالوا يعيشون في إيران. ولكني لم أتمكَّن من البقاء هناك، فأنا بحاجة إلى حرِّيتي التي من دونها يتعكَّر مزاجي وأصبح عدوانية".

الربيع الإيراني

يتحدَّث العمل الأوَّل لمرجان ساترابي "برسيبوليس" حول طفولتها في إيران منذ بداية الثورة الإسلامية وحتى بداية حرب الخليج الأولى وهي لا تجرؤ منذ فترة طويلة على العودة إلى إيران "لأنَّ المرء لا يعرف أبدًا إن كان سيخرج من هناك مرة أخرى". وفي الوقت نفسه تراقب ساترابي عن كثب ما يحدث في وطنها، كما أنَّها تعتبر التطوّرات هناك بعيدة المدى أكثر مما هي عليه في الدول العربية. وتقول إنَّ "الجميع يتحدَّثون عن الربيع العربي، ولكن بصراحة أنا لا أستطيع ملاحظته عندما أشاهد التقارير المصوَّرة في التلفاز". وثم تقول بلهجة جادة للغاية إنَّها لم تشاهد دائمًا إلاَّ الرجال في المظاهرات والاحتجاجات في الشوارع.

وتضيف أنَّ المساواة تعدّ الشرط الضروري للتطوّر الديمقراطي. وتقول إنَّ إيران متقدِّمة في هذا المجال أكثر بكثير من دول عربية أخرى، وإنَّ النساء في إيران يشاركن في المظاهرات والاحتجاج بجانب الرجال، ويدرسن ويعملن، كما أنَّهن لم يعدن يتلقين الأوامر من الرجال. ثم تقول ساترابي بفخر واضح: "هنا في إيران يحدث في الواقع شيء أساسي، والمجتمع يتغيَّر من أسفل". وهي واثقة من أنَّها سوف تعود في يوم ما إلى وطنها؛ حتى وإن كان ذلك فقط من أجل دفنها في التراب الإيراني.

حقوق النشر: قنطرة 2011

موقع "قنطرة" في

07/11/2011

 

فيلم"تناثر".. دراما نفسية تسعى للإفلات من مصيدة الصورة الجاهزة

رزق الغرابلي – حيفا 

في فيلمه "تناثر"، الذي عرض مؤخرا في مهرجان حيفا السينمائي، يرفض المخرج الفلسطيني توفيق أبو وائل الانصياع لنمط معين من الأفلام كنوع من إعلان تنوع قدراته على تناول أي قضيه يريدها.

تدور أحداث القصة في القدس الشرقية، ويبدأ الفيلم برسم الخطوط عن بداية علاقة بين طبيب جراح وفتاة حملت حملا غير مرغوب به وتطلب مساعدته للإجهاض، كونه الطبيب الوحيد الذي تعرفه رغم أنه لا يعرفها إلا أنه يعرف والدتها.

ينجح الفيلم في سرد دراما نفسية تثير القلب والعقل، وفي تصويره للفردانية المفرطة كحالة عقم شعوري، وفي إدخال المشاهد إلى الغرف الداخلية لعلاقة زوجية تتهاوى جدرانها من دون ضجيج سياسيّ، إلاّ أن نجاح الفيلم يظلّ متفاوتاً في رسم الشخصيات رغم توفّر المواد الدرامية القوية.

حين يبدأ الفيلم، يحيط الديكور المقدسي بالممثلين ويعطي تأثيراته حين لا تستطيع الفتاة المرور بسبب تركها للقدس لبضعة أشهر وسحب هويتها الزرقاء، والجدار الفاصل يصل الثواني ببعضها عند مرور السيارة بجانبه، ولكنه ينسحب ليحتل مكانا متواضعا على جدران المشاهد الخلفية.

يتوقف المشهد وتختلف الزوايا، وتبدأ حكاية الزوجين، حيث تركز الكاميرا على أبطال الفيلم ووجوههم بالذات، حتى يخيّل للمشاهد أن الصورة قد اقتطعت الشعر وأسفل الذقن لتركز فقط على الوجه. وكأن المخرج ينتقل من عالم الماكرو إلى عالم الميكرو، فهو لا يريدنا إلا أن نرى الأرواح المستهلكة وراء الوجوه التعبة.

وفي ثنايا الفيلم هنالك ثلاث مشاهد "مقدسيه"، مشهد الجدار الذي يتكرر أكثر من مره وهو مشهد قوي ومؤثر رغم أنه يستطيع أن يفعل أكثر بكثير من أن يكون مجرد جدار تمر السيارة بجانبه، ومشهد القدس الشرقية بجانب فندق الأقواس السبعة وهي الصورة التي اختارها المخرج لدعاية الفيلم وهذا يعني الكثير، مرّة أخرى تمر القدس الشرقية كلّها بكنائسها ومساجدها وكنسها لتسقط تحت يد الممثلة حين تحلم بأنها تطير وفي ذات الوقت تكاد أن تقع.

والمشهد الثالث هو مشهد غير مألوف لمن لا يعرف القدس حقا، إنه مشهد البطلة تقطع الشارع وأكاد أجزم أنه الشارع رقم واحد في القدس، وهي ضائعة في بحر من اليهود المتدينين بملابسهم الأوروبية الشرقية عندما تسقط حقيبتها فتعود لتلتقطها.

ويتضح اختيار المخرج لإلقاء كل البهرجات السياسية والدينية والجيومورفولوجية خارج المشاهد، ليركّز على الزاوية الإنسانية البحتة المجردة من كل الأكاذيب والأقنعة التي ننسجها على شخصيتنا لنروق المجتمع

تحضر المدينة بألقها الدينيّ الطاغي الذي يحيل البشر إلى ظلال، أو كينونات غامضة، عصيّة على السبر، أو آيلة إلى سقوط صامت ومكتوم، حيث لا صوت إنسانيّ حميميّ يعلو فوق صوت الجماعة وصوت معركتها من أجل خلاص سياسيّ أو روحانيّ موعود.

لكن فيلم أبو وائل يسعى إلى الإفلات من مصيدة الصورة الجاهزة، معلنا، عبر مقاربة ثورية في خفوت صوتها؛ الحدث الجوهريّ هو الذات وتقاطعاتها مع الذوات الأخرى، وبحثها الدائم عن تناغم معها أو عن معنى فيها أو سكينة من دونها.

الممثلان الرئيسيان، لنا حاج يحيى وعلي بدارنة، يبذلان جهداً مقنعاً في إحياء العوالم النفسية الدفينة للشخصيتين، الأداء خالٍ من المبالغة والحوارات غير متكلّفة، اللغة الجسدية للفيلم جريئة وفيها إيروتيكيّة مهذبة ومنسجمة مع إيقاع الفيلم.

ولكن لا يمكن التخلّص من الإحساس بأنّ الفيلم يتردّد أو يتكاسل في الذهاب بعيداً في الخوض في الأعماق النفسية للأبطال. إلا أنه يظلّ إنجازا هاما في السينما الفلسطينية الحديثة المثيرة، في مسيرة تحريرها من استبداد الموضوع السياسيّ المباشر والميلودراماتيكيّ أحيانا.

فارييتي العربية في

07/11/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)