حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

محمود عبد العزيز يستعيد ذكريات زمن الفن الجميل

أحمد فايق – القاهرة

سافر الساحر محمود عبد العزيز في فترة من الفترات إلى فيينا وعمل بائعا للصحف أمام الأوبرا النمساوية، في البداية أراد المنتج رمسيس نجيب أن يجد بديلا لدنجوان السينما وقتها "حسين فهمي" بعد رفع أجره، ووجد ضالته في محمود عبد العزيز الذي يتمتع بخفة ظل ووعي لما يحدث حوله، يوازيها ملل شديد من تكرار أي دور يلعبه حتى لو كان نجاحه مضمون.

محمود عبد العزيز لديه قدرة على المغامرة والتحول دون حسابات في بعض الأحيان، فهو يشبه البحر في تقلباته متأثرا بنشأته في مدينة الاسكندرية، ولا ينظر سوى إلى تاريخ سيتركه لأجيال من بعده، ربما لهث في بعض الأحيان نحو الافلام التجارية، لكن تظل في تاريخه دائما قفزات حلق بها في عالم التمثيل وأسست أسلوباً وأداءً لمن بعده.

في فيلم "حتى آخر العمر" ظهر كفتى أحلام الجديد، وطوال ثلاث سنوات بعده وضعه صناع السينما في نفس الشخصية، ولكن سرعان ما تمرد الساحر وعاد بتجربة مهمة مع مخرجه المفضل يحيى العلمي، وهي "طائر الليل الحزين" الذي أدان القهر والديكتاتورية في نظام جمال عبد الناصر، وفي الميلودراما الاجتماعية "العار" شارك الساحر في طرح العديد من التساؤلات حول الازدواجية بين الفساد والدين وطغيان المادة بعد الانفتاح الاقتصادي، بينما قدم نفسه ككوميديان كبير في فيلم "بيت القاصرات" مع المخرج أحمد فؤاد، كاشفا البيروقراطية والفساد الاداري الذي يتسبب في تدمير حياة فتاة أرادت أن تعيش حياة كريمة.

هنا تتضح ملامح علاقة محمود عبد العزيز بالمرأة في أعماله، فهو يضع لها مساحة كبيرة ولا يختزلها في شكل موديل لتجميل الصورة، وأحيانا تطغى مساحة البطولة النسائية عليه شخصيا، ويقدم في الكوميديا الاجتماعية "الشقة من حق الزوجة" إطارا يميل إلى الذكورية في الطرح، لكنه سرعان ما يعود لينتصر للمرأة في "عفوا أيها القانون" مع المخرجة إيناس الدغيدي، ويصل إلى مرحلة النضج الفني في ثلاثيته الفانتازية مع المخرج رأفت الميهي "السادة الرجال" و"سيداتي سادتي" و"سمك لبن تمر هندي"، الفيلم الذي شَرح المجتمع سياسياً واجتماعياً ونفسياً، وطرح أسئلة وجودية حول العلاقة بين الرجل والمرأة.

وصل عبد العزيز إلى قمة نضجه الفني في شخصية "الشيخ حسني" في فيلم "الكيت كات" الذي مثل فيه بكل جانب من جسده، الأذن تتحرك يمينا ويسارا والحواجب تصعد وتهبط والشارب بحضوره الطاغي، يكشف هذا الرجل الأعمى المجتمع ويعريه في مشهد بديع "الميكروفون".

تجربة محمود عبد العزيز الفنية ثرية بشكل كبير وتحتاج إلى دراسات وأبحاث تحللها، ولا يستطيع أحد أن ينسى مسلسل "رأفت الهجان" الذي يعد العلامة الأبرز في تاريخ مسلسلات الجاسوسية في الدراما العربية، وحينما يعاد عرض المسلسل فإن الجمهور لا يمل من مشاهدته رغم مرور عشرات السنوات عليه، وأصبح مرتبطا بحالة من "الحنين إلى الماضي" لدى أجيال كاملة من العرب، فهو البطل المفقود والرمز الغائب والعمل الفني الجيد الذي نفتقد مثله ويعبر عن زمن نبحث عنه.

·         كيف نجح رأفت الهجان وأصبح واحدا من أهم المسلسلات في تاريخ الدراما العربية؟

الصدق هو سبب النجاح، فإذا لم يكن العمل كله مترابط لن يصدقه الجمهور، وأنت كفنان تحاول أن تصل بإحساسك للناس بأن هذا شيء حقيقي، المخرج الكبير يحيى العلمي أخرج في المسلسل ببساطة شديدة لا تشعرك بوجود مخرج يستعرض عضلاته على الرغم من أنه مخرج عظيم، فقد كان يستطيع أن يخلق علاقة خاصة بينك كممثل وبينه كمخرج قائمة على الاحترام، كانت هناك روح جماعية ورغبة حقيقية صادقة بخلق عمل متميز. ولكنك تستطيع أن تفصل هذه الحالة الخاصة عن الحالة العامة، فتلك الفترة كانت مرتبطة بأسماء كبيرة من الكتاب والأدباء والمخرجين مثل نجيب محفوظ ويوسف السباعي ويوسف إدريس ويوسف القعيد وجمال الغيطاني ونور الدمرداش ومنتجين مثل رمسيس نجيب، وفجأة لا تجد أحدا منهم. في زمن رأفت الهجان كان الجمهور يفتقد للبطل، في وقت طغت فيه قضايا الفساد والمواد المسرطنة والمرأة الحديدة على الساحة الاجتماعية والسياسية، وحينما خرج البطل من ملفات المخابرات العامة المصرية بأسلوب صالح مرسي إلتف حوله المصريون والعرب، فنحن نعاني منذ رحيل الرئيس الراحل جمال عبد الناصر من غياب البطل والرمز، ووجده الناس في شخصية درامية مثل رأفت الهجان.

·     هناك مدرستان في التمثيل إحداهما تطغى فيها شخصية الممثل على الشخصية الدرامية التي يؤديها، ومن أشهر روادها فاتن حمامة، ومدرسة أخرى تطغى فيها الشخصية الدرامية على شخصية الممثل، ومن أشهر روادها سعاد حسني، وأيضا محمود عبد العزيز، فحينما رأينا رأفت الهجان شعرنا بأنك ألغيت شخصيتك الحقيقية وأصبحت رأفت الهجان.

أنا لا أعرف طريقة أو مدرسة معينة في التمثيل، المسألة بالنسبة لي هي مجرد إحساس وليس خطا هندسيا أسير عليه. حينما قرأت رأفت الهجان ذهبت إلى المخابرات العامة وأخذت منهم ملف فيه الأوراق الشخصية لهذا البطل وصور له في مختلف المراحل العمرية، وأحضرت المجلات والصحف التي صدرت في هذه المرحلة الزمنية وشاهدت فيها طريقة تصفيف الشعر والملابس التي كان يرتديها كل من عاش هذه الفترة الزمنية. وقد كان رأفت الهجان شديد الأناقة، كما رأيت جملة في أوراق المخابرات العامة المصرية عنه وهي بالعامية المصرية "بيتكعبل في النسوان"، وهي جملة بالنسبة لي شديدة الثراء في التمثيل، فالجملة تبرر علاقاته النسائية الكثيرة والمتشعبة، وحبه للنساء بشكل كبير لدرجة تجعلني أخلق علاقة خاصة بينه وبين أي إمرأة قابلها في حياته. في رأفت الهجان كنت أشعر بأنه شرف لي أن أقدم هذه الشخصية وهي أقل تقدير لروح هذا البطل وتجسيدها بمراحلها المختلفة، وهي في النهاية عملية إحساس بأن تضع نفسك مكان الشخصية في المواقف الدرامية التي يتعرض لها، حينما عبرت عن رد فعل رأفت الهجان على نكسة 67 وموت عبد الناصر ونصر أكتوبر لم يكن التعبير مختلفا عن إحساسي الطبيعي بهذه الأحداث. بعد رأفت الهجان عرضت علي عشرات من المسلسلات وأفلام الجاسوسية لكنني رفضتها فالجمهور شبع من هذه القصص.

وفي شخصية الشيخ حسني وفيلم "الكيت كات" قمت بقراءة كل ما يتعلق بحالات فقدان البصر، فهناك من ولد فاقدا للبصر، وهناك من فقد البصر في مرحلة عمرية معينة، وفي أحد المرات كنت أتجول في الشارع ورأيت معطفا أمسكت به وقلت "هذا هو" لأنه يناسب الشخصية، فالمعطف فيه بقعة في منطقة الرقبة، وهو يناسب تركيبة شخص فاقد للبصر فلا يخلو الأمر من وقوع بقايا طعام على رقبته وصدره. وفي فيلم "الشياطين" المأخوذ عن قصة للكاتب الروسي فيودور ميخايلوفيتش دوستويفسكي، كانت الشخصية إنتحارية وكان شبه ملحد، أول شيء إشتريت له قماش بدلة قديمة ثمن المتر فيه 84 قرشا، وقلت لنفسي طالما هي شخصية إنتحارية فلن ترتدي بدلة أنيقة، وجعلت الخياط يًفصل بدلة على الطراز القديم باللون الرمادي ووضعت نظارة كبيرة الحجم على وجهي، وإقترحت على المخرج حسام الدين مصطفى وضع صور لغاندي وبوذا في خلفية المكتب الذي تجلس فيه الشخصية. جعلته دائم التوهان وهادئ بلا إنفعال وحصلت وقتها على جائزة أفضل ممثل في أحد المهرجانات، وقال عضو لجنة التحكيم حينها شادي عبد السلام أنه "لو لم يحصل محمود عبد العزيز على هذه الجائزة سأستقيل من التحكيم"، وأضاف "هذا الدور يجب أن يدرس في معهد السينما".

·         لماذا مسلسل "محمود المصري" لم يكن بمستوى رأفت الهجان؟

كما أشرت سابقا، لقد كان الظرف السياسي والاجتماعي مختلفا، كما أن القدرة على الابداع لم تعد كما كانت، رأفت الهجان يجب أن تضعه في إطار آخر لأنه تركيبة بإحساسها وظروفها وطبيعة موضوعها مختلفة. لقد كان الهدف من مسلسل محمود المصري هو تقديم قدوة للشباب لأنه رمز للكفاح والصلابة والاصرار فقد خسر ثروته أكثر من مرة ونجح في إستعادتها، فهو بطريقة أو بأخرى قريب من الشخصية اللبنانية في شطارتها بالبزنس، وهذا ربما كان سبب نجاح المسلسل بشكل كبير في لبنان مثلا. أذكر أني إلتقيت سيدة مصرية قالت لي أنها فقدت كل ثروتها وحينما شاهدت المسلسل أصبح لديها عزيمة ووقفت من جديد وأصبحت مليونيرة الآن!

·         ولكنك تبدو بخيلا في التعامل مع الجمهور في الفترة الأخيرة؟

وصفي بالبخل جارح جدا لأنني كريم جدا في الحالتين والحمد لله والكرم يترتب عليه أن أقدم شيء جيد يدل على إحترامي للجمهور، وفي الفترة الأخيرة قلما تجد فيلم أو مسلسل يجذبك للمشاركة فيه، ففي بعض الأحيان يعرض علي 20 فيلما، قد تجد فيهم فيلم أو نصف فيلم جيد، والتمثيل بالنسبة لي ليس بالكم، المهم هو الكيف. مرت فترة كنت أقدم فيها الكثير من الأفلام في العام الواحد، كانت هناك مواضيع وأفلام تذكرها السينما المصرية مثل: العار وجري الوحوش وتزوير في أوراق رسمية، ولكن بعد ذلك أصبحت الاختيارات صعبة جدا على الورق، حتى أن بعض المسلسلات التلفزيونية الآن بدأت تفتش في دفاترها القديمة وتعيد تقديم أعمال مثل "العار" و"سمارة" وغيرها".

·         ولكنك معروف بالتردد هل هذا صحيح؟

هذا غير صحيح إطلاقا، حينما أقوم بقراءة السيناريو أقرر الموافقة عليه أو الرفض، وربما يكون التردد في التنفيذ لأن حياتي كلها في العمل فقط وأفكر طوال الوقت فيما سأقدمه للجمهور، ومتفرغ تماما لقراءة الأعمال التي تقدم لي. في هذا العام كان هناك تحضير لمسلسل رمضاني وبعد أحداث الثورة أصبح الوقت متأخرا للبدء في التصوير وتأجل للموسم الرمضاني المقبل، وهو عمل تلفزيوني يناقش قضايا كثيرة من خلال إنسان بسيط جدا يتم وضعه في موقف معين وتقابله متغيرات كبيرة في مصر بعد عودته من الخارج.

 

ولد محمود عبد العزيز في عام 1946 في حي الورديان غرب الاسكندرية وهو ينتمي الى أسرة متوسطة. ودخل عبد العزيز عالم التمثيل خلال دراسته في كلية الزراعة في جامعة الاسكندرية حيث كان يمارس هوايته من خلال فريق المسرح بكلية الزراعة. حصل محمود عبد العزيز على درجة البكالوريوس ثم درجة الماجستير في تربية النحل. وبدأت مسيرته الفنية من خلال مسلسل "الدوامة" في بداية السبعينيات حين أسند له المخرج نور الدمرداش دورا في المسلسل ومن ثم في فيلم "الحفيد" واحد من كلاسيكيات السينما المصرية 1974. وبدأت رحلته مع البطولة منذ عام 1975 عندما قام ببطولة فيلم "حتى آخر العمر." بلغ عدد أفلام محود عبد العزيز نحو 84 فيلماً، قام فيها بدور البطولة بينما أخرج فيلماً واحداً هو "البنت الحلوة الكدابة". وقدم عبد العزيز للتليفزيون مسلسل "رأفت الهجان" وحصل على جائزة أحسن ممثل فى مهرجان الاسكندرية السينمائي الدولي عن دوره فى فيلم "الجنتل" وعلى جائزة أحسن ممثل عن فيلم "الساحر" من مهرجان السينما العربية بباريس. ويٌعتبر عبد العزيز واحدا من القلة التى برعت فى تجسيد الادوار الصعبة كما في "ولا يزال التحقيق مستمرا" ودور الاعمى في فيلم "الكيت كات".

فارييتي العربية في

27/10/2011

 

متعة السينما من حلم الفنان الى حقيقة المخرج

بدار سالم – دبي 

ربما لم يكن إخراج الأفلام إختياره المهني الأول، فقد درس التصوير والموسيقى وهو يعمل في مجال الإعلام منذ حوالي ثمانية أعوام، ولكن مصعب عبد الغفور، أو مصعب اي جاي كما يُحب أن يطلق على نفسه، البالغ من 26 عاما من العمر كان دائما مفتونا بالأفلام وكيفية عملها وتصويرها وإخراجها، فهو يرى في السينما متعة تجمع ما بين البصر والصوت وعالم الخيال والأمل. 

"لقد كنت دائما شديد التعلق بصناعة الأفلام وأردت دائما أن أكون قادرا على سرد قصص تجمع ما بين الإثارة البصرية الصوتية،" يقول أي جاي مشيرا إلى أنه من كبار المعجبين بالمخرج البريطاني ريدلي سكوت والمخرج بيتر جاكسون صاحب سلسة أفلام "لورد اف ذا رينجز": "إنهم من المخرجين الرائعين الذين لديهم قدرة فائقة على خلق عالم جديد ومتنوع في أفلامهم، وهي دائما تترك تأثيرا عميقا علي."

عادة ما يكون الفيلم الأول لكل مخرج مشروع مليء بالشغف، حيث يكرس كل وقته وطاقته لجعله أفضل فيلم في مسيرته المهنية، وهكذا يبدو الحال بالنسبة لمصعب أي جاي، فقد تم عرض فيلمه الأول "المسافر" في ركن الأفلام القصيرة بمهرجان كان السينمائي الدولي 2011، وهذه تعتبر بداية جيدة لمخرج مبتدء، مصعب أي جي لا يخفي فرحته بذلك حيث يقول: "كانت لحظة في منتهى السعادة عندما إكتشفت أنه تم إختيار فيلمي الأول لركن الأفلام القصيرة في مهرجان كان،  لقد كان ذلك حافزا كبيرا لي للاستمرار وآمل أن تكون تجربتي مثالا لتشجيع أي شخص يحلم بأن يصبح مخرجا سينمائيا."

ما بين الشك واليقين

إن الطريقة التي يتحدث بها مصعب حول "المسافر" تطلق فيك الرغبة لمشاهدة هذا الفيلم، وبالرغم من صغر عمره، إلا أن مصعب يملك قدرا لا يستهان به من المعرفة بمواطن الضعف البشري والمخاوف والشكوك وعدم اليقين في عقولنا وقلوبنا وهو أمر جدير بالتقدير.

الفيلم يضم شخصية واحدة في الفيلم، وقد تم خلق الشخصية الأخرى عبر صوت الداخلي للشخصية الرئيسية وشكوكه ومخاوفه. كلا الشخصيتين تصطدم في الفيلم بهدف واحد كما يشرح مصعب، " أردت من خلال الصراع بين الشخصية الرئيسية ونظيرها إظهار العواطف الأخرى بما في ذلك الانتقام والحب والشعور بالذنب والشك، لا تظهر كل هذه المشاعر بالفيلم بشكل واضح ولكننا نٌلمح إلى ذلك. فالشخصية الرئيسية ليست جيدة أو سيئة مائة بالمائة، بل هي شخصية تصارع بين الجيد والسيء، ولكن القرار الأخير يرجع للمشاهد."

يشير مصعب اي جاي أن الفيلم هو إنجاز جماعي بما في ذلك كاتب السيناريو بيتر ميتشل الكاتب الروائي دومينيك كارفر، والممثل المؤدي والمقيم بالإمارات ابراهيم رنو والمصور السينمائي جاك إليوت، إضافة إلى ماجي مرهي المنتج المنفذ والمنتج زاهر مرهي وغيرهم، ويشير مصعب إلى أن نص الفيلم كان في الأصل فكرة لقصة من ثلاث صفحات لبيتر ميتشل، وقد عمل دومينيك كارفر على السيناريو على نطاق أوسع، مما جعل القصة أطول وأكثر غموضا.  ويقول: "استمر العمل على سيناريو الفيلم حتى ليلة التصوير، وقد كان كامل فريق العمل على ذات الطريق عندما يتعلق الأمر بالفيلم، إنهم يستحقون كل الشكر والتقدير على عملهم في هذا الفيلم."

لغز على المشاهد إختيار الحل

وعلى الرغم من وجود فريق داعم من الموهوبين، حاول مصعب اي جاي التغلب على تحديات كثيرة أثناء التصوير، ويشير: "لقد كان تصوير الفيلم كله تحديا بالنسبة لي، بما في ذلك تصوير اللقطات الصعبة، على مدى ليلة واحدة في ظروف جوية سيئة، كانت تلك مخاطرة كبيرة، كما قمت بإدارة ما يقرب من 30 فردا من الطاقم، فضلا عن بعض المشاكل الفنية هنا وهناك والتأكد من أن ينتهي التصوير قبل فجر اليوم الثاني. ولقد قمنا بتأجيل التصوير ثلاث مرات بسبب عدة مشاكل لوجستية، وتم أيضا التخلي عن الكثير من الأفكار نظرا لضيق الوقت وقيود الميزانية ."

الفيلم الذي تم تصويره بالقرب من الفجيرة بالإمارات، هو "مكان سيريالي مليء بالجبال الجميلة" كما يصفه مصعب، كانت ميزانيته تعادل 13,000 دولار أمريكي فقط وهو بتمويل ذاتي، أما بشأن قرار جعل الفيلم باللغة الإنجليزية، فيشير مصعب: "أردت أن أؤكد على القصة والعواطف وإخراج عنصر اللغة من الموضوع لأنها ممكن أن تكون قصة غير مرتبطة بمكان أو زمان، كما أن  السيناريو كان مكتوبا أصلا باللغة الإنجليزية. وبالإضافة إلى ذلك فستساعد اللغة الانجليزية على تعزيز إمكانية عرض الفيلم في المهرجانات السينمائية الدولية. "

وردا على سؤال حول الأثر الذي يريد تركه على الجمهور الذي يشاهد الفيلم، أجاب مصعب: "أحاول دائما تحقيق التوازن بين هدفين هما الترفيه والفكرة الجيدة، أريد من الجمهور الاستمتاع بكليهما، فالقصة تشبه لغز أترك ​​للجمهور إختيار طريقةحله."  وحاليا، يعمل مصعب على فيلم قصير وفيلم روائي، وكلاهما في هذا النوع الدرامي/ الإثارة ويتم كتابتهما من قبل البريطاني كارفر دومينيك. فيلم "المسافر" هو فقط البداية، فيبدو أن رحلة مصعب أي جي في عجائب السينما قد بدأت للتو.

فارييتي العربية في

20/10/2011

 

يوميات مهرجان الاسكندرية الـ27: الفوضى هي العنوان

بقلم: هشام عبد الموجود 

اُختتم منذ أيام قليلة مهرجان الإسكندرية السينمائي السابع والعشرين لدول البحر المتوسط ليصبح بذلك أول مهرجان سينمائي يُقام هذا العام بعد الثورة وربما يكون الأخير أيضاً لهذا العام بعد إلغاء مهرجان القاهرة وعدم التأكد من إقامة مهرجانات أخرى.

السطور القادمة ليست تغطية للمهرجان وإنما تجربتي الشخصية معه وهي التجربة الأولى أنقلها إليكم.

قررت حضور المهرجان ممنياً النفس بمشاهدة أفلام ذات قيمة فنية عالية والاستمتاع بمناقشات بناءة وتبادل الآراء مع كل من هو مهتم بالسينما، إلا أن الفوضى التنظيمية العارمة التي حدثت عكرت صفاء الأجواء ولم أنجح في التخلص منها بشكل نهائي بعد ذلك.

سافرت مع الأتوبيس الخاص بالمهرجان يوم الافتتاح، وحتى موعد السفر لم تتوفر أي معلومة عن أماكن وبرامج العروض مما ولد لدي حالة من التوتر سببها الشعور بالاتجاه نحو المجهول.

وجدت جدولاً مع أحد الأصدقاء أعد بطريقة غريبة جداً وكأنه بالهيروغليفية، ولم نفهم منه شيئاً سوى أماكن العروض وهي سينما فندق الهيلتون جرين بلازا (حيث تقطن إدارة المهرجان وضيوفه)، مركز الإبداع، أتيليه الإسكندرية والمركز الثقافي الفرنسي الذي استضاف مسابقة أفلام الديجيتال والأفلام القصيرة.

عندما وصلنا مكثت في مكان بوسط المدينة ساعة واحدة كانت تفصلني عن عروض مركز الإبداع فذهبت إليه مباشرةً إذ سأتمكن من مشاهدة فيلمين عوضاً عن حضور حفل الافتتاح.

مركز إبداع الإسكندرية (تغير اسمه بعد الثورة وأصبح مركز الحرية للإبداع) عبارة عن قصر كبير مكون من طابقين وله طراز معماري خاص تسير في ممراته فتجد جدرانها مزدانة بلوحات بورتريه كبيرة لفنانين وأدباء ذوي تأثير على الفن والثقافة المصرية.

وصلت قاعة السينما وهي غرفة صغيرة مزودة بجهاز بروجيكتور وكان موصلاً عبر لاب توب ولكنها مناسبة لعدد الجمهور الحاضر ليلتها من رواد مركز الإبداع.

تم عرض الفيلم الأول في السادسة مساءاً (جميع عروض مركز الإبداع شهدت انضباطاً في المواعيد).

اقترب مني شخص من الحضور بعد انتهاء الفيلم يسألني عن بلد الفيلم القادم فأجبته سلوفينيا فقال الرجل " ايه سلوفينيا دي!" أخبرته أن سلوفينيا هي إحدى البلدان المستقلة حديثاً في التسعينيات عن يوغسلافيا رد على الرجل باستنكار وهو يضرب كفاً بكف بأنه لم يسمع بهذا البلد قط وهو في حالة غضب فكيف يحصلون على الاستقلال ودولة جديدة دون علمه!

انقطاع العرض

بدأ الفيلم السلوفيني بعد قليل وفي منتصف العرض انقطعت الكهرباء عن الغرفة دخل مسئول العرض وأخبرنا متأسفاً أن عامل قام بفصل ذراع الكهرباء الخاص بالغرفة عن طريق الخطأ وأنه تعود أن يفعل ذلك دوماً ونسي وجود جمهور هذه الليلة.

استكملنا مشاهدة الفيلم وإذا بالصورة تتوقف كل نصف دقيقة تقريباً وتقفز ثانيتين أو ثلاث حتى توقف الفيلم تماماً في إحدى المرات وتوقف أيضاً البرنامج على الكمبيوتر. دخل مسئول العرض هذه المرة ليقوم بمحاولة إعادة تشغيل البرنامج ثم أخذنا نرشد الرجل إلى مكان توقف الفيلم "لأ قبل كده....ارجع كمان....ارجع شوية.....لأ ارجع تاني" حتى وصل الرجل للدقيقة التي توقف عندها الفيلم ليتوقف الفيلم والبرنامج مرة أخرى و يخبرنا الرجل محرجاً أن العيب في اسطوانة الديفيدي ذاتها وأن نسخة الفيلم الواردة إليه من إدارة المهرجان غير أصلية لذلك سنضطر لقفز هذه اللقطة. قفز الرجل قفزة من قفزات الوثب العالي لينقلنا لمشهد آخر تماماً انتهى بعده الفيلم مباشرةً ونحن في حالة دهشة لا نفهم شيئاً

هل تعتقدوا أن الموضوع له علاقة ببلد الفيلم "سلوفينيا" ؟!!

كف القمر

انطلقت بعدها إلى مسرح سيد درويش لأشاهد فيلم الافتتاح "كف القمر" المقرر عرضه بعد نهاية الحفل الرسمي مباشرةً لأعلم هناك أن الفيلم سيُعرض بعد ساعة من نهاية الحفل في سينما جرين بلازا، ذهبتُ إلى هناك وقد مضت ساعة بالضبط.. انتظر بعدها الجمهور ساعة أخرى حتى يصل طاقم الفيلم بالكامل.

لاحظت مع عرض الفيلم حجم الفارق بين النسخة التي أشاهدها الآن على الشاشة وتلك التي كنت أشاهدها منذ فترة وجيزة بمركز الإبداع.

ولكن الجدول الهيروغليفي موجود به عرض واحد فقط يومياً بسينما جرين بلازا مما يعني عرض خمسة أفلام فقط في خمسة أيام هي مدة المهرجان فأين ستشاهد لجنة التحكيم باقي أفلام المسابقة الرسمية!

انتهى الفيلم حوالي الثانية صباحاً أسرعتُ بعدها في العودة لمحل إقامتي للحصول على بعض الراحة أخيراً.

سيرك كولومبيا

في اليوم التالي توجهت إلى جرين بلازا بعد الظهر لحضور العرض الخاص بفيلم "سيرك كولومبيا" من البوسنة (وهي معلومة بالمناسبة لم أعرفها إلا لاحقاً).

وصلت في الموعد المحدد بالجدول لأجد الفيلم بدء عرضه بالفعل، لم يطل جلوسي أكثر من ساعة انتهى وقتها الفيلم وسط تصفيق من الحضور، فقد دخلت على الفيلم في منتصفه بالضبط بفضل الجدول الهيروغليفي. بعد التصفيق طالت حيرة الحاضرين: هل توجد ندوة للفيلم أم لا ؟ ولا أحد يملك الإجابة!

ذهبت إلى المركز الصحفي بعد ذلك فوجدت مسئول الإعلام بالمهرجان يُعطينا جدولاً جديداً للعروض يشمل خمسة عروض في اليوم الواحد فاستبشرت خيراً بأن الأمور سوف تنتظم فيما تبقى من الدورة.

عُدت إلى السينما فوراً فالجدول كان يشير إلى فيلم قادم في الرابعة تماماً ولم يتبق إلا دقائق قليلة، حينها أخبرني مدير صالات السينما أن الفيلم القادم سيكون في السابعة مساءاً وهو الفيلم الفرنسي "سن الرشد" وليس الفيلم البوسني "المهجورة" كما يشير الجدول الجديد. أيقنت حينها أن أفضل ما تفعله مع الجداول في المهرجان هو أن "تبلها وتشرب ميتّها".

انتظرت بجوار مجمع السينما حتى تجاوزت الساعة السادسة سألت أحد العاملين فأخبرني: الفيلم سيبدأ في السادسة والنصف (جميع العاملين بالسينما كانوا على مستوى عالي من المهنية ودماثة الأخلاق، وكانوا يتأسفون كثيراً بسبب هذه الحيرة والتضارب الدائمين مع كل عرض وأنه خارج عن أيديهم فيعلمون عن العرض قبله مباشرةً).

دخلتُ الصالة بانتظار بدء عرض الفيلم، انضم إلى الموجودين بالصالة لجنة التحكيم. كُنا من ثمانية إلى عشرة أشخاص بالإضافة للجنة التحكيم التي تبلغ أيضاً مثل هذا العدد.

نظر الشخص المرافق للجنة التحكيم إلينا بارتياب ثم إذا به يطلب منا مغادرة الصالة لأن العرض سيكون للجنة التحكيم فقط متعللاً بأن العرض السابق شهد صخب و أشخاص قاموا بالرد على الهاتف داخل الصالة أثناء عرض الفيلم مما أثار غضب اللجنة.

خرجت من الصالة ومعي صديقي محمد يوسف العاشق للفن السابع تسيطر علينا حالة من الحزن لعدم تمكننا من مشاهدة الفيلم ولخروجنا بهذا الشكل غير المبرر بالنسبة لنا وغير اللائق أيضاً وكأن إدارة المهرجان تنظم فعالياته من أجل لجنة التحكيم ولا تعبأ بالمشاهدين الحقيقيين على الإطلاق.

كيف أخرج أنا من الصالة وأنا أقدس العرض السينمائي فكثيراً ما اشتكي من يعرفونني من تجاهلي لهم شخصياً أثناء عرض أي فيلم وتجاهلي الرد على اتصالاتهم ، شعرتُ حقيقةً بالحسرة حينها.

بعد مداولات لم نجد الناقد نادر عدلي حينذاك، أخبرونا أنه ذهب لحضور تكريم الممثل يحيي الفخراني...فاتصلت هاتفياً بالمسئول عن العروض الأستاذ ماجد حبشي ولا أعلم أين كان حينها وشرحت له الموقف فكان رده بأنه ليس في يده شيء لأن إدارة سينما جرين بلازا أعطت المهرجان صالة واحدة فقط هذا العام وبالتالي لا يستطيع التدخل في هذا الشأن وبعد سؤالي عن عدد الذين كانوا يريدون رؤية الفيلم استقلل العدد (عشرة أشخاص) وقال إنه ربما يُحاول عرض الأفلام التي لم يستطع الجمهور والصحفيين رؤيتها في اليوم الأخير من المهرجان بعد انتهاء لجنة التحكيم من مشاهدة جميع الأفلام!

كان الأستاذ أحمد الحضري (أعطاه الله الصحة والعافية) هو منسق عمل لجنة التحكيم، ذهبت أنا وصديقي نسأله أن تسمح لنا اللجنة بحضور العروض معها طالما أن إدارة المهرجان لم تكلف نفسها بتنظيم العروض وتقسيمها بين الجمهور ولجنة التحكيم وأخبرناه بما حدث معنا. غاب الرجل خمس دقائق وعاد إلينا بعدها فقال إن لجنة التحكيم أثار استياءها رد الناقدة ماجدة موريس على هاتفها أثناء عرض فيلم "سيرك كولومبيا" ظهر اليوم!

مشاهد عادي

انفعل حينها صديقي محمد يوسف قائلاً وهل قطعنا كل هذه المسافة من القاهرة يا أستاذ أحمد لكي نشاهد الأفلام على النُسخ الرديئة التي تُعرض في الأتيليه ومركز الإبداع؟ فأجابه الحضري لا بالطبع اكتب إذن عن كل ما تراه هُنا من إهمال وفوضى. ليخبره صديقي بأنه ليس صحفياً وإنما بالتعريف الذي يفضل دوماً تعريف نفسه به "مشاهد عادي". وعند هذه الكلمة بالتحديد استاء الحضري كثيراً وقال لصديقي إذا كنت مشاهدا عاديا فلا يحق لك مشاهدة أفلام المهرجان، فكيف أنت هنا؟ هذا المهرجان ليس للمشاهد العادي! 

ما قاله الأستاذ الحضري هو أغرب كلام تتوقعه من هذا الرجل فما نعرفه ونراه عنه يفيد بأنه رائد الثقافة السينمائية فهو يسعى لنشرها وهو يعمل دءوباً من أجل هذا الهدف خاصة في مجال الترجمة وإثراء المكتبة السينمائية العربية.

انتهى الموقف بعد وعد من الحضري شخصياً بدخول الصحفيين والجمهور لحضور أفلام الغد. وكان ما قال الرجل ففي اليوم التالي دخل بالفعل عدد كبير وكان عرض الفيلم الإيطالي "حياتنا"، لتبدأ مشكلة أخرى وهي نسخة الفيلم الرديئة للغاية التي كانت تُعرض ولا أبالغ إذا قلت أنها كنسخ الأفلام المسروقة من السينمات والمنتشرة على فضاء الإنترنت حتى أنني سمعت جيهان فاضل تتحدث لخالد الصاوي والاثنان أعضاء لجنة التحكيم بأنها لو شاهدت الفيلم على اللاب توب الخاص بها لكان أفضل.  

لم يكن الفيلم الإيطالي وحده على هذه الشاكلة ، بل عدد كبير من الأفلام أذكر منهم الفيلم المغربي "بيجاسوس" والإسباني "خطط للغد".

واستمر المهرجان على هذا المنوال المُخزي حتى النهاية والسؤال هو إذا كانت إدارة المهرجان غير مستعدة لتنظيم مهرجان على المستوى فلماذا لم تتريث ولم كل هذه العجلة ؟ فيبدو أن المهم بالنسبة لهم أن يقولوا لقد أقمنا مهرجاناً ولم يفكروا كيف أقمنا المهرجان!

عين على السينما في

27/10/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)