حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

حمير وموبايلات وعصيان جنسي:

رادو ميهيلانو... نبيّاً رغماً عنه؟

محمد الخضيري

اعتبر «نبع النساء» استشرافاً للثورة العربيّة، ونجح تجاريّاً رغم امتعاض المحافظين من موضوعه الحسّاس... عودة إلى فيلم المخرج الروماني الفرنسي، بين نجاح وإخفاق، عشيّة عرضه في بيروت

الرباط | في خضم الثورات العربية، تحوّل «نبع النساء» من فيلم عادي إلى حدث سينمائي.

شاءت المصادفة أنّ يجري إسقاط روح الحراك الشعبي الواسع على شريط السينمائي الروماني الفرنسي لرادو ميهيلانو، الذي مثّل المغرب في «كان» الأخير. صاحب «الحفلة الموسيقية» (2009)، الفيلم الذي شاهده أكثر من 3 ملايين متفرّج، يصوّر نساءً قررن الإضراب عن الجنس للحصول على حقوقهنّ! هكذا، تتقاطع في فيلم ميهيلانو ثورة الشعوب العربية، مع ثورة قرويات أجهدتهنّ قسوة العمل اليومي، في وقت يمضي فيه أزواجهن وقتهم في المقاهي، وإذا باقتراح عفوي لإحداهنّ، يتحول إلى عصيان جنسي.

حين تعلن نساء القرية إضرابهنّ المفتوح، يأخذ الرجال كلامهنّ على محمل الهزل، مشيرين إلى أنّ حرارة الجو أفقدتهنّ صوابهنّ... تماماً كما فعل أعضاء نادي الدكتاتوريين العرب ممن أخذوا عصيان شعوبهم بخفّة. لكنّ اعتصام النساء المفتوح يتحول إلى حقيقة، تقلب النظام الاجتماعي للقبيلة رأساً على عقب، وتهدّدُ سلطة الأزواج وامتيازاتهم بأكملها، وتدفعهم إلى التفاوض مع النساء. يدخل على الخطّ فقيه القرية، في حوار ثيولوجي مع المرأة الغاضبة، ويناقش معها الإضراب عن ممارسة الجنس، وموقع المرأة في الإسلام، لكنّه لا يمارس عليها سلطة دينية، بل يجادلها بالحسنى.

طاقم الممثلين في الفيلم من جنسيات وأصول مختلفة، منها المغربية، والجزائرية، والتونسية، والفلسطينية. تدور القصة في مكان غير محدد، لكنّها صوّرت في إحدى القرى المغربيّة، التي تبعد 50 كيلومتراً عن مراكش، فجاءت أجواء العمل مطبوعةً بطبيعة المغرب العربي. وقد عزّز ذلك منح أدوار البطولة لممثلين مغاربين: في البطولة الجزائرية ليلى بختي، والتونسية حفصية حرزي، والجزائريّة بيونة (باية بوزار)، كما يشارك في العمل الممثلان الفلسطينيان هيام عباس، وصالح بكري، والمغربي محمد مجد.

الفيلم محمّل بصور نمطيّة عن المرأة العربية والمسلمة، ابتداءً من شكل الحياة البدوية كما يصوّرها، إلى التركيز على سلطة الرجل المطلقة، لكنّه سرعان ما يأخذ شكل ملحمة صغيرة، تحكي قصص المقهورات في العالم، لكنّ الضرب على «الوتر الحساس»، جعل جزءاً من المحافظين المغاربة ينتقدون الفيلم بشراسة، كما أنّ مسألة تمثيل الشريط للمغرب في «مهرجان كان» الأخير، أثار موجة انتقادات واسعة، على اعتبار أنّ إنتاجه فرنسي، وأنّ مخرجه من أصول يهودية أقام فترة في فلسطين المحتلّة، كذلك تعرّض لانتقادات الصحافة المغربية بعد عرضه في افتتاح «مهرجان سلا لسينما المرأة»، إذ كتبت جريدة «التجديد» الناطقة باسم «حركة التوحيد والإصلاح الإسلامية» أنه «يصور مضامين سلبية. تضرب على نغمة اضطهاد المرأة المسلمة، ومضامينه تفتقر إلى الموضوعية».

الممثلون المغاربة في الشريط من جهتهم، أكّدوا في أكثر من مناسبة على جوّ من الانسجام والنقاش، ساد العمل مع ميهيلانو. هذ الأخير زار المغرب قبل تصوير الفيلم، وراقب الحياة القرويّة، استشار متخصصين كثيرين قبل بدء التصوير. هكذا، وقد استفاد فيلمه من الواقع المغربي المتناقض الذي تمتزج في مناطقه المهمّشة مظاهر الحداثة التخلف، على نحو مثير. القرويون يتنقلون على الحمير، لكنّهم يملكون هواتف خلوية في الوقت نفسه. وقد استغلّ «نبع النساء» هذه المسألة ليخلق جواً من الخفة والكوميديا.

تبقى المصادفة الأبرز تزامن إنتاج «نبع النساء» مع الانتفاضات العربيّة، ما جعله يأخذ بعداً سياسياً وتاريخياً، كأنّه يحكي باسم المستضعفين الثائرين على جلاديهم. رغم نجاح الفيلم تجارياً، تبقى قصته سرقة أدبية معلنة. يبدو أن ميهيلانو اقتبس أكثر من اللازم من فيلم «أبسردستان» (بلاد العبث ـــ 2008) لفيت هيلمر. يحكي الشريط القصّة نفسها، لكنّها تدور في آسيا الوسطى. وقد تجاهل السينمائي الروماني الحديث عن فيلم هيلمر في كلّ لقاءاته الصحافية، ناسباً فكرة «نبع النساء» إلى نفسه بالكامل... قبل أن يفتضح أمر السرقة.

الأخبار اللبنانية في

24/10/2011

 

«مهرجان بغداد الدولي» لم يفشل تماماً

حسام السراي 

بغداد | هل يكفي أن تسجّل وسائل الإعلام أنّ بغداد احتضنت مهرجاناً دولياً للسينما؟ أم أنّ الأهم تقويم ما جرى خلاله من هنات وضعف؟ بعد إقفال الستار على الدورة الثالثة من «مهرجان بغداد السينمائي الدولي» (بين 3 و11/ 10)، بقي في ذهن كثيرين سوء تنظيم حفل الافتتاح، والقصور الواضح في الترويج الإعلامي للحدث. وقيل الكثير في الوسط الثقافي العراقي عن محاولاتٍ لإفشال المهرجان، منها على سبيل المثال منحه ساعات عرض محدودة «قاعة المسرح الوطني» التابعة لـ«دائرة السينما والمسرح».

حفلة الافتتاح مثلاً، تضمّنت كلمات إطناب طويلة، ورقصات من الفولكلور الشعبي العراقي، جالت خلالها سيوف الراقصين وقاماتهم الحديدية، أمام جمهور انتظر تطابق محتوى المهرجان مع شعاره «بغداد ملتقى شاشات العالم». وكان من المتوقّع أن تشارك دار أزياء عراقية، اعتذرت لاحقاً عن عدم المشاركة، بحجة سفر كلّ العارضات.

المهرجان الذي انطلق بمبادرة من «سينمائيون عراقيون بلا حدود»، استضاف على برنامج دورته الثالثة 160 فيلماً، من 32 دولة عربية وأجنبية، ومنها Soul Kitchen لفاتح أكين، و«شتي يا دني» لبهيج حجيج، و«وداعاً بابل» لعامر علوان، و«بالروح بالدوم» لكاتيا جرجورة... ويسجّل للمنظّمين استقدامهم هذا العدد الكبير من الأفلام ومن دول مختلفة، بعضها يعرض للمرة الأولى في العراق أو العالم العربي. ويحسب لهم كذلك تكريم 24 مخرجة عربية من خلال عرض أعمالهن.

ويرى الناقد حسين السلمان أنّ مبادرة جمعية «سينمائيون عراقيون بلا حدود» قيّمة بحدّ ذاتها، لكنّها جاءت مخيّبة للآمال. «رغبة مديري المهرجان عمار العرادي، وطاهر علوان في أن تكون هناك مشاركة واسعة، فتحت الأبواب أمام كل الأفلام، يرافقها ضعف في التنظيم الإداري المسبق، ما أضعف المهرجان وأثّر على نجاحه فنياً». مختصون آخرون انتقدوا توزيع عرض الأفلام على ثلاثة أماكن، عوضاً عن مكان واحد... فيما يعزو البعض فشل المهرجان إلى طموح المنظّمين الشخصي الذي خرج عن حدوده.

من جهته، رأى مدير المهرجان طاهر علوان أنّ «معايير نجاح أي مهرجان سينمائي تحسب على أساس عدد الأفلام والدول المشاركة، إضافةً إلى احترافية لجان التحكيم، ونوعيّة الأفلام... «لكنّ إقبال الجمهور العراقي على المهرجان، كان ضعيفاً». ورأى علوان أنّ كثرة الانتقادات الموجهة إلى المهرجان، كانت محاولة «لإفشاله، وللنيل من عزيمة منظّميه». وأقرّ في المقابل بأنّ مشكلة المهرجان الرئيسية «هي غياب دعم مادي كافٍ له، إذ إنّ ميزانيته لم تتجاوز 25 ألف دولار، وهو مبلغ لا يكفي لإقامة مهرجان وفق المعايير المعتمدة عالمياً». ويختم علوان حديثه: «البعض غير منصف ويريد نسف كل الجهود».

الأخبار اللبنانية في

24/10/2011

 

جوني إنغلش: عميل سرّي للكوميديا الجوفاء

يزن الأشقر 

ربما كان العميل البريطاني جيمس بوند، من أكثر الشخصيات السينمائية التي تعرضت للاستهزاء. المحاكاة الكوميدية الساخرة له عديدة، بدأت تنتشر منذ الستينيات، تزامناً مع انتشار سلسلة أفلام بوند. من فيلم «كازينو رويال» (1967) من بطولة بيتر سيلرز، وصولاً إلى «سباي هارد» (1996) من بطولة الممثل الأميركي ليزلي نيلسن، وحتى في سلسلة «أوستن باورز» لمايك مايرز، كانت محاكاة صورة العميل الذي لا يُقهر بسخرية.

بعد النسخة الأولى من فيلم «جوني إنغلش» عام 2003، يعود روان أتكينسون في طبعة ثانية من فيلم الحركة الكوميدي تحمل عنوان «جوني إنغلش ولد من جديد» هذه المرّة. الممثل الكوميدي البريطاني الشهير، المعروف بشخصيّة «مستر بين» المحبّبة، يلعب هنا دور العميل الخاص في الاستخبارات البريطانية جوني إنغلش، هو اقتباس ساخر عن شخصيات بوند. في الجزء الثاني الذي وصل أخيراً إلى الصالات اللبنانية والعالمية، تبحث الـMI7 عن عميلها السري الغريب، المتواري تماماً عن الأنظار، بعد الكوارث التي تسبّب فيها في الفيلم السابق.

كان إنغلش منعزلاً لسنوات في التيبت حيث عمل على صقل مهاراته في الفنون القتالية. لكنّ الاستخبارات البريطانية تستدعيه، بعدما كشفت خطةً لاغتيال رئيس الوزراء الصيني على يد عصابة ارهابيّة دوليّة. ظروف تتطلب من دون شكّ تدخل إنغلش الذي اختير أفضل مرشّح لتنفيذ المهمّة. الشريط الذي يحمل توقيع المخرج أوليفر باركر، يتتبع العميل الطريف في تصدّيه للمؤامرة عبر العالم. تبدأ المغامرة في ماكاو، حيث يقع اغتيال عميل الارتباط الصيني الذي يتعامل معه إنغلش. يحطّ رحاله بعدها في هونغ كونغ، حيث ينجح في الحصول على واحد من المفاتيح الثلاثة التي تكوّن سلاحاً واحداً عند جمعها. لكنّ المفتاح يسرق منه لاحقاً، في طريق عودته إلى بريطانيا. وكما تجري العادة في هذه النوعية من الأفلام التجارية، يكون إضحاك المشاهد أولويّة، على حساب جماليات الفيلم وسياقاته التقنية، بل على حساب الاقناع والتماسك الدرامي. كما في الجزء الأول قبل ثماني سنوات، حصل الشريط على تصنيف نقدي سيئ. إذ هوجم Johnny English Reborn، بسبب أسلوبه الإخراجي الكوميدي الذي لم يتميّز بالسلاسة. وكان هذا التعثّر واضحاً، وقد جاء على حساب نجاح شخصية روان أتكينسون، في عودته السينمائية المؤجلة. وكالعادة في أفلام من هذا النوع، لا مكان هنا لسرد متميز، ولا لبناء قوي للشخصيات. لكنّه خيار محتمل للمشاهد الذي يرغب في الترفيه عن نفسه، بتذكرة سينمائية للضحك فقط.

Johnny English: Reborn: «صالات أمبير» (1269)؛ «غراند ABC» (01/209109)، «غراند كونكورد» (01/343143)؛ «غراند لاس ساليناس» (06/540975)

الأخبار اللبنانية في

24/10/2011

 

جعفر بناهي | را آزاد كنيد(*)

يزن الأشقر 

تعيش الساحة السينمائية في طهران اليوم، حالة غليان، بعد تثبيت الحكم على جعفر بناهي (الصورة) بالسجن لمدة ست سنوات، ومنعه من إنجاز الأفلام والسفر والحديث في الإعلام لمدة عشرين عاماً. وكان السينمائي الإيراني وزميله الشاب محمد رسولوف، قد خسرا الاستئناف بعد اتهامهما بـ«التآمر على الأمن الوطني، ونشر الدعاية السياسية المناهضة للنظام». وقد حكم على رسولوف بالسجن ست سنوات أيضاً، مع تخفيف الحكم إلى سنة واحدة.

وأمام هذا الحكم القاسي، يبقى أمام بناهي خطوة قضائية واحدة، هي التوجّه إلى المحكمة العليا ليستأنف الحكم مرةً أخرى، بحسب محاميته فريده غيرت. السلطات الإيرانية كانت قد اعتقلت أيضاً عدداً آخر من الفنانين، من بينهم مجتبي ميرطهماسب، وكتايون شهابي، وهادي آفريده، وشهنام بازدار، إضافة إلى ناصر صفاريان ومحسن شهرنزدار، اللذين أطلق سراحهما أخيراً.

في هذه الأجواء، اختار سينمائيون إيرانيون التصعيد والاحتجاج، وخصوصاً على الأحكام القاسية الصادرة بحق جعفر بناهي. هكذا، صدر بيان جماعي يحمل توقيع فنانين كثر، من بينهم محسن مخملباف وابنتاه سميرة وحنا وبهمان قبادي، وشيرين نشأت، وشهره آغداشلو. وقد وجّه الموقعون بيانهم إلى الحملة الدولية لحقوق الإنسان في إيران، مطالبين وزراء الخارجية والثقافة حول العالم، والمهرجانات الدولية والهيئات السينمائية والتلفزيونية، بإدانة حملة الاعتقالات، كما حثّ الموقّعون الرأي العام، على مطالبة الحكومة الإيرانية بالإفراج الفوري عن السينمائيين المعتقلين. وطالب البيان بمقاطعة جميع الهيئات السينمائية والتلفزيونية الإيرانية.بنبرته العالية، أجج البيان موجة من التضامن في الغرب، إذ دعت الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون السلطات الإيرانية إلى وضع حد «للملاحقات المهينة تجاه المجتمع الفنّي في إيران». وفي هوليوود، اجتمعت تسع منظمات للتضامن، من بينها «أكاديمية علوم الصور المتحركة وفنونها» مانحة الأوسكار، و«نقابة المخرجين»، و«نقابة الممثلين والكتاب» وغيرهم... وأصدر أعضاء هذه المؤسسات بياناً طالبوا فيه بالاهتمام الجاد بالقضية، داعين إلى إطلاق سراح المعتقلين، فهم «يستحقون كامل حرية التعبير التي يتمتع بها معظمنا، بغض النظر عن مكان عملهم، أو ما يؤمنون به».

(*) الحريّة لجعفر بناهي

الأخبار اللبنانية في

24/10/2011

 

زوم

مرحلة انتقالية لسنوات قبل إسترجاع التوازن!!؟

محمد حجازي  

تعبيراً منها عن عدم رضاها على مشروع سيناريو سينمائي طلبها المنتج كي تلعب بطولته، بادرت الفنانة عبلة كامل إلى القول:

اعتزلت السينما·· وذهبت هذه العبارة إلى كل مكان والكلام يتردّد بأنّ عبلة اعتزلت التمثيل والتزمت المنزل، أما الحقيقة فتقتصر على أنّ العبارة كانت فقط لتوصيف عدم اقتناعها بالنص·

هذه الواقعة لها ما يوازيها على مستوى الحِراك السينمائي الراهن في مصر بمعنى أنّ العديد من المشاريع التي تُطرح للتنفيذ تصب في خانة النوعية التي سبق وعُرِفَتْ بـ<أفلام المقاولات> أو <أشرطة الهلس>، وهي التي سادت بعد حرب 73 أو الأعمال محدودة الجودة التي عرفتها مصر بعد هزيمة 67· وبالتالي فالصورة تبدو ردة فعل على أوضاع غير متوازنة سياسياً واجتماعياً أدت إلى هذه النتيجة الحتمية، بمعنى أنّ الأعمال العادية، إنّما هي نتاج تطوّرات وأحداث ساخنة، يخاف معها كبار المنتجين من المبادرة فيتصدّى لها المنتجون الصغار·

الحصيلة والحال هذه منطقية وطبيعية، وأكد أكثر من فنّان أنّ الحاجة المادية، وبقاء الكثيرين عاطلين عن العمل طوال الأشهر العديدة الماضية، تقف وراء القبول بأعمال متواضعة المستوى، بدأت تطل برأسها خصوصاً بعد النجاح منقطع النظير الذي عرفه فيلم: <شارع الهرم> (مع سعد الصغير والراقصة دينا)·

بعد الحروب والأزمات المصيرية الصعبة تحصل مثل هذه الأجواء التي يحاول التجار وليس أبناء الفن والمسؤولية التسلّل إلى الفن الهابط، وأفلام <أي كلام>، وينعكس ذلك على المنتجين الجادّين الذين يعتقدون عن حق بأنّ الجمهور جنّ وطار صوابه، فإذا كان أُعجِبَ بالهراء والعبثية و<الهبل> فكيف سيتفاعل مع أفلام جادة يتم الصرف عليها، والعمل الدؤوب على إنجازها على أرفع مستوى·

هذه مشكلة حقيقية بالمناسبة عاناها لبنان بقوة، فقد ظهرت خلال حربنا المنصرمة عشرات الأفلام السطحية، دون المستوى أطلقها منتجون في غالبيتهم لا يعرفون السينما إطلاقاً، وبعد هدوء المعارك مرّت فترة خارج الجاذبية، ظلّت فيها المشاريع تتخبط من دون ضابط، إلى أنّ مرت عشر سنوات، استعاد فيها السينمائيون اللبنانيون جانباً من توازنهم، وها هي النتائج الإيجابية تظهر مع عدة نماذج مُبشّرة بصناعة جيدة تتكوّن مع نادين لبكي، فيليب عرقتنجي، بهيج حجيج، جوسلين صعب، هاني طمبا، دانييل عربيد، كاتيا جرجورة وجورج الهاشم وغيرهم·

لذا نعتقد جازمين بأنّ المشهد المصري في مجال الفن السابع سيمر في هذا الرواق، الذي يحتاج إلى وقت، خصوصاً أنّ مصر ما زالت على طريق تثبيت ثورتها، ورسم خطوط نهائية لبلد له تاريخه، حضارته ورجالاته، وكان السفير المصري الجديد في بيروت محمد توفيق متميّزاً في اختصار هذا الواقع وهو يتسلّم جائزتَيْ ابراهيم البطوط عن فيلمه: حاوي، في ختام مهرجان بيروت الدولي للسينما حين قال: أشعر بالفخر بأنّني أُمثّل حضارة قديمة، واليوم أصبحت أُمثّل ثورة جديدة·

إذن هناك فترة انتقالية حسّاسة على الوسط الفني عموماً والسينمائي في طليعته تحمل أوزار عديدة، حتى تستقر الحال على حال، وكانت فردوس عبد الحميد على حق حين اعتبرت أنّ الفن لا ينسجم مع الفوضى، الشرذمة، عدم الاستقرار، الفن يحتاج إلى هدوء وقدرة على التأمّل والحب، وهذا كله لن يتأتّى إلا من استرجاع الحياة التي عرفناها جميعاً مخيّمة ومظلّلة مصر والمصريين·

بعض التوقّعات أشارت إلى أنّ العام 2012 سيمثّل بداية جديدة، تُعيد الأمور إلى نصابها، لا نعرف ما إذا كانت الأعجوبة قادرة في غضون أشهر على حسم فعالية عاشها لبنان سنوات حتى استرجع جانباً من توازنه كي ينطلق من جديد· إنّها معادلة لا مضر منها في علاقة البلدان بالقضايا والأزمات الكبيرة ولا مجال لتجاوز هذه المحطات في وقت قصير· إنّها مصائر شعوب، وتاريخ يُعيد كتابة أحداثه من جديد، والكل يريد أنْ يكون بطلاً، بينما زمن الأبطال والأعاجيب ولّى منذ زمن·  

عروض

<سودربرغ> و<شيرفيغ> يناقشان القدر والحظ بحثاً عن مبرّرات الموت

فيروس سببه الخنزير يقتل 250 مليوناً في 135 يوماً حول العالم وحب يشتعل مرة في العام طوال 22 سنة وينطفئ في لحظة صاعقة···

محمد حجازي

شريطان جميلان مميّزان حاضران على شاشاتنا هذا الأسبوع، لهما اهتمام مختلف، الواحد عن الآخر، الأول ميلودراما متماسكة، والثاني رومانسي وعاطفي، منفتح على الحياة كما هي صورتها اليومية، مع تشكيلة فيلمية واسعة يتقدّمها شريط: <وهلأ لوين؟!> لـ نادين لبكي الذي يلاقي إقبالاً واسعاً ما بين دمشق، عمان، والخليج وهو مطلوب للعرض ما بين المغرب والجزائر، في وقت حاز جائزة جديدة من مهرجان أوسلو، بينما يعرضه حالياً مهرجان لندن السينمائي·

Contagion شريط قوي لـ ستيفن سودربرغ في 106 دقائق، صوّره في جورجيا، أتلانتا بميزانية 60 مليون دولار وتوزّعه شركة وارنر، عن سيناريو سكوت بيرنز، وتولى إدارة التصوير سودربرغ شخصياً على عادته في معظم أفلامه·

حشد من الأسماء في الشريط غوينيث بالترو (بيث) مات دايمون (ميتش) لورانس فيشبورن (الدكتور شيفر) جود لو (آلان كروموايد) ماريون كوتيارد (الدكتورة ليونورا اورانتس) كايت وينسلت، بينما يرد اسم عمرو واكد لكننا لم نره على مدى مدة العرض مع اننا تعمّدنا رصده دون نتيجة·

يتمحور الفيلم حول فيروس غامض يظهر فجأة في أميركا وتكون أولى ضحاياه بيث التي تعيش مع ابنها الصغير، وزوجها الثاني ميتش، فجأة تفقد توازنها وتسقط جثة هامدة، تماماً مثلما أصاب الصغير، بالطريقة نفسها·

حالات الوفاة تكثر، تتضاعف، والفيروس لا أحد يعرف ماهيته، رغم استنفار جميع الأجهزة والمرجعيات الصحية، ومحاولة البحث عن أي سبب أدّى إلى أول حالة إصابة من دون جدوى، لكن تساقط الضحايا بكثرة حتى بلغوا في العالم 250 مليوناً، وتم التوصل فجأة إلى عقار قادر على الشفاء من هذه الحالة يتم تأمينه بكميات كبيرة جداً، ما يوجد حالة من الهوس والجنون عند المصابين الساعين لأخذ العقار وحماية حياتهم بعدما ثبتت نجاعته وتأثيره الإيجابي، في وقت تبيّن أنّ أكثر من عنصر فاعل في مواجهة الفيروس عمل بطريقة استغلالية مشينة، منهم الدكتور إيليس شير الذي ثبت أنّه يدلي بتصريحات متناقضة عن الفيروس لذا منع من الظهور التلفزيوني والتحدّث في وسائل الإعلام، وكذلك هي الحال مع كروموايد الصحافي الذي استطاع جمع أربعة ملايين ونصف المليون دولار من خلال ثقة الناس به·

ونتعرّف في الشريط على ميتش الذي خسر زوجته وابنها، وحاول بأي طريقة حماية ابنته جودي (آنا جاكوبي هيرون) وينجح في ذلك، مُبعِداً إياها عن صديقها المراهق حتى لا تحصل أي عدوى، ولم يدعهما يلتقيان إلا عندما شاهد في معصمه سواراً يؤكد أخذه للعقار·

آخر مشاهد الفيلم يُقدّم سبب هذا الفيروس الذي يتبيّن أنّه الخنزير الذي نراه في لقطة واحدة مع أولى الضحايا بيث·

الموسيقى التصويرية جميلة جداً لـ كليف مارتينيز وساعد سودربرغ 13 مخرجاً متدرّباً بينهم اثنان من المغاربة هما: احمد حاتمي، محمد حمزة، فراقي، وتولّى إدارة المؤثرات المشهدية راندي غوكس·

One Day للمخرجة الدانماركية لون شيرفيغ (52 عاماً) التي عرفنا لها سابقاً: An education (2009)

Wilbur Wants To Kill Himself (2002) وItalian For Beginners (2000)، وهنا تقدم رواية ديفيد نيكولز عن سيناريو له، في شريط مدّته ساعة و47 دقيقة صوّرته في ادنبرغ، سكوتلندا بميزانية عشرة ملايين دولار

· عن الشابة إيما (آن هاثاواي) والشاب ديكستر (جيم سنورغس) اللذين يتعاهدان في سهرة التخرّج من الجامعة آخر العام الدراسي على أن يكون لقاؤهما ثابتاً كل عام بتاريخ 15 تموز/ يوليو الذي يصادف عيد القديس سويذن، لأنّهما يريدان العلاقة بينهما صادقة فحسب، وقد ارتضيا معاً هذا القرار، لتدور الأحداث على مدى 22 عاماً (بين 1989 و2011)، واللقاء يتكرّر من دون انقطاع والإثنان حريصان على الحضور في الوقت والموعد المناسب·

هو في يومياته العادية على مدار العام، يعيش حياة صاخبة ممتلئة بالمغامرات العاطفية فله معجبات كثيرات كونه يظهر في التلفزيون ويتمتع بوسامة مميّزة، وقد عرفناه قبلاً في العديد من الاشرطة المعروفة والناجحة: 21، و 50dead men walking (2008) Heartless ,Italian For Beginners (2009) وعمره 33 عاماً·

وهي نادلة في مطعم، حظها محدود، ولم تطلب يوماً سوى حياة هانئة مع رجل يحبها وتحبه· تلعب الدور آن هاثاواي التي شاهدنا لها مؤخراً: Rio (2011) وقبله: Love and Other Drugs ،Alice In Wonderland (2010) وعمرها 29 عاماً·

والحقيقة أنّنا نورد عمر كل منهما لأنها تبدو أكبر منه في الدور لكن سياق الفيلم مريح أليف، محبب، فيه فرح، ودراما، وتواصل من القلب بينهما، ويصادف أنّ ما يعيشانه على مدى عام كامل حتى الوصول الى 15 تموز تعتريه حال من عدم التوفيق في شريك بديل طالما انهما متوافقان على الصداقة فحسب·

هي تعرّفت وحاولت مع غيره، لكن لا نتيجة، هو لم يحاول بل عاش حياته مرتاحاً ولا اهتمام عنده لأي مستقبل يريد مع شريكة حياة، فالنساء من حوله يتقرّبون منه ولا يسعى وراء أي منهن، وهكذا امضيا 22 عاماً على هذا النحو، وهما لا يدريان أي حب بينهما يتسلل الى عمق قلبيهما من خلال اللقاءات المتباعدة، الى ان تفجّرت الامور عام 2011·· إنهما يشتاقان الى بعضهما بالحرارة ذاتها، وفي لحظة اندفاع منها لموافاته حيث ينتظرها، وكانت تقود دراجة هوائية صدمتها شاحنة عملاقة وأردتها بعدما كانت سجّلت لـ ديكستر على هاتفه رسالة صوتية تبلغه فيها بأنّها تحبه ومشتاقة اليه جداً·

اللقطة الاخيرة له، هو يذرف دموعاً حارة، حزينة، على فراق ايما، التي عاش 22 يوماً، في 22 سنة، ولم يتزوجا وهما لم يشعرا يوماً بالحاجة لبحث هذا الموضوع، فقط كان متقاربين جداً، ولم يعرفا الحب الا حين كان القدر ينتظر اخذها وفصلها نهائياً عنه·

موسيقى راشل بورتمان كانت موفقة تماماً، وقاد فريقي المؤثرات الخاصة كمشهدية كلاً من: مارك هولت، وتوم ديبنهام، فيما استعانت المخرجة بعشرة متدربين لمساعدتها، وشارك في اداء ابرز الادوار: توم هيسون، جودي ويتاكر، تيم كاي، رافي سبال، جوزفين دولابوم، باتريسيا كلاركسون، كيت ستون وهايدا ريد·  

قراءة

<إبن القنصل> لـ عمرو عرفة: كاراكتير متين لـ خالد صالح···

محمد حجازي

لكل من الممثلين خالد صالح وأحمد السقا كاريزما خاصة، وهما يجيدان غالباً ما يجسّدانه على الشاشة والواضح أنهما بعد عدة لقاءات سينمائية باتا ديو رجالي أمام الكاميرا·

في <إبن القنصل> لـ عمرو عرفة عن نص لـ أيمن بهجت قمر نكهة من السينما الأميركية في الكتابة حيث نظل نطرح الأسئلة حتى آخر عشرة بالمئة من الشريط عن مغزى ما يدور من أحداث بدءاً من خروج عادل (خالد) الملقّب بالقنصل من السجن ليجد في استقباله شاباً أصولياً يدعى عصام (السقا) يناديه يا والدي، وعادل يرد عليه بأنه لم ينجب أبداً في حياته، مروراً بكل أجواء الاهتمام به، ومتابعته ومساعدته على القيام بكل ما يحلو له ثم توريطه في عقود بيع مزوّرة قبل المرحلة الحاسمة، يعني وصولاً إلى انكشاف مكان وجود سبائك ذهبية خبّأها في إحدى المقابر واستعادها أمام عصام وبوسي (غادة عادل) ليفاجأ بأنّ لعبة مدروسة وقع في شباكها، فخسر كل ما كان معه بدلاً لكل ما كان احتال به على والد عصام وعائلته، ثم أطلقه من السجن وجعله يلتقي بكل الاشخاص الذين رآهم منذ خروجه من السجن، وكلهم على صداقة مع عصام، ما يجعل الرجل في حالة من الهذيان والجنون·

خالد صالح ممثل ذكي متمكّن استطاع ان يوفّق في اشرطة الاكشن، وفي الميلودراما، والكوميديا، ولم يزعجه أن يعرف النجاح في مرحلة متقدّمة من عمره فهو استغل هذا المناخ حتى آخر قطرة وبدا هنا مع المخرج عرفة في أحسن تجلياته·

والكلام نفسه يقال عن أحمد السقا هذا الممثل الشقي، الذي عرف حتى الآن كيف يميّز نفسه عن شباب النجوم ولم يتوان عن مشاركة محمود ياسين ومحمود عبد العزيز في فيلمين، رافضاً مبدأ البطولة المطلقة·

أدار التصوير محسن أحمد، وكانت الموسيقى موفقة جداً لـ محمود طلعت·

اللواء اللبنانية في

24/10/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)