حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

«بيجاسوس» .. البراق المغربي يغتال ريحانة الحياة

بقلم : أشرف نهاد البيومي

تعاني السينما العربية قلة الاعمال التي تقدم رؤي جديدة واساليب مختلفة تخرج عن الأنماط السائدة وبما فيها اكثر الأشكال الواقعية التي لا تخرج عن "الحدوتة" او الحكاية معلومة النهاية منذ البداية، سينما تحرك الساكن وتثير تساؤلات وتدفع بالمشاهد الي التيقظ والتساؤل والجدل والاختلاف ومن هنا كان اختيار مهرجان الاسكندرية السينمائي للفيلم المغربي "البراق" او بيجاسوس للمخرج المغربي محمد مفتكر موفقا لخوض غمار المسابقة الرسمية لهذه الدورة وهو باكورة أفلامه الطويلة حملا لكثير من الجوائز المهمة يحكي الفيلم عن أب متسلط لم يرزق أطفالا ذكورا مما دفعه إلي أن يبرز ابنته الوحيدة (ريحانة) علي أنها ذكر (المهدي) محاولا إخفاء ملامحها الأنثوية، وتعليمها فن ركوب الخيل والفروسية. القصة لا تخرج عما يتم تداوله شفويا وهي حكاية بسيطة لكن المقاربة والتصور العام بدأ فيه نوع من الاحترافية والإبداعية علي مستوي السرد الفيلمي تيمة تراثية بداية يستحضر العنوان تيمة تراثية وكأنه يهيئ المتلقي لاستقبال رسالة مشفرة بفن يستلهم الديني والفلكلوري. لقد وفق الفيلم في إبراز عناصر القصة برمزية سينمائية متميزة فهناك الحصان (العود الأدهم) في بعده الديني وكرمز للفحولة والقلم كمؤشر علي الثقافة والوعي وما رفض الأب لتعليم (ابنته/ ابنه) إلا لأنها بهذا ستقاوم هيمنة الأسطوري والخرافي، إذ يمثل التعليم نوعا من التحرر. ناهيك عن أن إبراز الأب ابنته كذكر مؤشر علي واقع مجتمع ذكوري التفكير، والرغبة الملحة (للشريف) باستمرارية السلطة الدينية التقاليدية والتي لا يمكن أن يرثها سوي الابن الذكر بينما الأنثي ستجلب دما يختلط فيه الدم المقدس بدم واحد من الرعاع . وهذا ما يفسر عملية الاغتصاب، التي يفاجئ بها الفيلم المتلقي في النهاية بطريقة هتشكوكية وتبقي رمزية البيض والصورة أقل امتاعا .. فالبيض حاضر كمقدس يستعمل في المدنس ـ السحر والشعوذة ـ لكن التركيز عليه يسقط الفيلم في الفلكلورية . بينما نجد الصورة الممثلة في الرسم بحضورها الملفت للنظر يشكل شذوذا في الثقافة المغربية. زوايا التصوير. وتبقي قوة الفيلم في اختيار زوايا التصوير اللهم بعض النقص الذي يمكن ربطه وكما هو الحال دائما بضعف الامكانيات ـ لقطات ركض الحصانين علي سبيل المثال ـ إلي جانب أخري بدت نشازا مع الإيقاع العام لإبداعية التصوير المتقنة وهذا بالرغم من غياب حركية الكاميرا. أما المونتاج بدا متأرجحا بين القوة والضعف وهوسا بالابهار جعل الفيلم ـ من وجهة نظري ـ يسقط في مجانية بعض اللقطات مما سيمارس نوعا من التغريب ـ بالمفهوم البريختي ـ علي المتلقي. في حين كان الصوت متقنا إلي حد ما، ويبلغ قمته مع صهيل الخيل وما صاحب الصورة علي طول الفيلم من موسيقي تصويرية ـ تحكم في إدماجها صاحب الفيلم كلما برز ضعف الإرسال للقطة وتعابير وجوه الممثلين أو البياضات نهاية بعض المشاهد وبداية أخري .. وقد كانت حاضرة بشكل ملفت، بلغت قمتها حين تجمع ما بين صهيل الخيل وصهيل الحنجرة الأطلسية التي يعتبر حضورها تأثيثا ينضض تيمة الفروسية وحضورها في المتخيل الشعبي وارتباطها بحنين المرأة أو بكاؤها علي ذاك الفارس الذي غيبته الحرب أو الذود عن الحمي بثلاثيته " الدين و الأرض والعرض. خرافات وأساطير ربما يبقي التناول أقل قوة في الجمع ما بين المحيط القروي بحمولته التراثية وما يحبل به من خرافات وأساطير وسحر وشعوذة وتقاليد وأعراف، وفضاء المستشفي وما يختزنه في الذاكرة كفضاء للعلاج والعلم والمعرفة والحداثة إذ احتاج السرد لروابط وشيجة أكثر قوة لإقناع المتلقي بالانسجام والتآلف ما بين الفضائيين. أما أداء الممثلين فيبقي رهينا بتيمة الفيلم وبما ينتظر منهم علي صعيد التفاعل مع الشخصية .. وهذا أمر من الصعوبة بما كان في هذا النوع من الأفلام الذي يتعالي علي الواقعية، حيث تبدو الملامح متصلبة وتنحو تعابير الوجوه وميمية الأجساد منحي التعابير الكافكاوية مما صعب علي أغلب الممثلين إبراز قدراتهم الفنية رغم أن زوايا االرؤية وعين الكاميرا ـ وهذا نادر في الفيلم المغربي ـ لم تكن عائقا البتة. ونستطيع القول ان الفيلم الطويل الأول لمحمد مفتكر جاء حاملا بصمة خاصة ومختلفة، وحافظ علي نوع من الاستمرارية من افكاره السابقة، إذ نجد في فيلمه إشارات وعلامات سبق أن وردت في أفلامه القصيرة خصوصا "رقصة الجنين" (الخيل والبيض)، إضافة إلي حضور مرجعيات لمدارس علم النفس عند "فرويد" و"يونج" و "فاجنر". ومن خلال العاب ذكية لعب مفتكر جيئة وذهابا داخل فضاء حر وزمن ملتبس وغير محدد،ليفاجئنا في الأخيربنهاية قوية و صادمة وغير متوقعة،تجعلنا كمشاهدين نحس برغبة في إعادة مشاهدة الفيلم لمرات عديدة لعلنا نكتشف في كل واحدة بعضا مما بثه مفتكر من علامات ورموز، ونحاول فكها من خلال مستوي متميز للكتابة إذ استفاد مفتكرمن تجربته ككاتب سيناريو لينسج أحداثا وشخصيات ذات أبعاد نفسية معقدة وهو بذلك استطاع ضبط أدوات اشتغاله و تجاوز نقطة ضعف قاتلة(الكتابة) لطالما اشتكت منها السينما المغربية خاصة ان الفيلم لايقدم قصة تقليدية عادية واحداثا يمكن مسبقا توقعها او في الأقل رسم مساراتها او الاقتراب من الشخصيات ومحاولة سبر اغوارها، وعلي هذا فإننا امام فيلم يمكن تلخصيه بالبحث عن الذات الهائمة، الذات التي وقعت ضحية الآخر ووقعت ضحية البحث عن خلاص في وسط دوامة لانهائية من الميثولوجيا والسحر والميتافيزيقيا. مجتمع ذكوري من هذه الخلاصة المكثفة سنتوقف عند قصة فتاة ما في وسط مجتمع ذكوري لايراد لها ان تكون انثي، الأب الذي سيستخدم بطشه وقوته علي ذلك الكائن الضعيف، الفتاة وهي طفلة وعليها ان تتحول الي فتي، ان تتدرب علي ركوب الخيل وان ترتدي ثياب الفتيان، ذلك عالم مغلق علي ذاته في وسط قرية في مكان ما تحف بها الجبال وتمتد مزارع القمح لتكون ملاذا للصبية / الفتي ومكانا للعب مع صبي آخر، وهناك يمارس الأب سطوته علي ذلك الامتداد اللامتناهي، يقود ابنته الطفلة قسرا الي عالم الذكورة الذي لاخيار لها فيه .العالم الكامن المجهول عبر ذلك الامتداد عبر الوهاد والجبال لايصغي لأنين الطفلة التي كل ذنبها انها ولدت انثي وهي تجوس في مجهول لاتدريه وتدور في فضائه. ملاحظات السيناريو مما لاشك فيه ان هذا الفيلم علي ماعليه من ملاحظات في السيناريو لجهة انه ينحو منحي ذهنيا وتتداخل فيه الأزمنة والأماكن مبتعدا كثيرا عن التتابع والنمو المنطقي للأحداث وافعال الشخصيات وبسبب ذلك فإن من ينشد من وراء هذا الفيلم قصة تقليدية معتادة قائمة علي التسلسل المنطقي للأحداث فإنه لن يعثر عليها بسهولة إن شريط " البراق " يعد نقلة نوعية في السينما المغربية .. وما قدمه محمد مفتكر وطاقمه يؤكد أن السينما المغربية علي السكة الصحيحة.. ولا يسعنا في هذا المقام سوي أن نشد بحرارة علي يد جميع أفراد الطاقم التقني وكذا الممثلين، بمن فيهم الطفلين، ونقول لهم : شكرا علي ما منحتمونا من متعة، في انتظار متعة أبدع وأجمل .

جريدة القاهرة في

18/10/2011

 

«بأسنا الكبير».. دراما رومانسية

بقلم : ياقوت الديب 

لا أظن أن فيلم "بأسنا الكبير" يمكن أن ينتمي صراحة إلي مايسمي بالموجة الثالثة للسينما التركية الجديدة التي بدأت منتصف تسعينات القرن الماضي بعد فترة ركود استمرت عقدين من الزمان تلك الموجة التي تميزت أفلامها علي المستوي الفني المهموم بجماليات الصورة وطريقة السرد، والمستوي الفكري الذي يشكل في تصورنا العمود الفقري لأي بناء سينمائي علي خامة السيلويد.. وعلي الرغم من أن أفلام هذه الموجة يمكن تقسيمها الي ما يسمي بالسينما الشعبية الجديدة التي يغلب عليها الطابع الكوميدي وإلي مايسمي بسينما الفن التي تلقي تقدير النقاد وتحصل علي الجوائز في المهرجانات الدولية والمحلية، إلا أننا نجزم بأن مخرجي هذه الموجة تغلبوا بفطنتهم وثقافتهم وفكرهم المتميز علي تابوهات أنظمة الحكم البائد وعصور الظلام الفكري وسيطرة السلطة الجاهلة والدولة البوليسية التي تتذرع بمقولة الحفاظ علي أمن الوطن ومعتقداته وحرماته، لتتحول السينما فيها لمجرد بوق حامض يبث دعاية كاذبة لأنظمة فاسدة تمارس كل ألوان الانحطاط الأخلاقي والتلاعب بمقدرات الشعب لتبقي قدر المستطاع تتمتع بالسلطة والجاه والسلطان وتنعم بالعيش في أعلي درجات البزح والأبهة والعظمة الفارغة. هموم سياسية جاءت الموجة الجديدة للسينما التركية للتعبير عن هموم وقضايا المجتمع السياسية منها والاجتماعية، تلك القضايا التي كان مجرد الاقتراب منها أو الاسقاط عليها أو التلميح لكشف مفاسدها من الموانع والمحرمات ... تصدت هذه السينما لقضايا التعذيب واعتقال أصحاب الرأي والمعارضين للنظام الحاكم والمدافعين عن قضايا العمال وكياناتهم النقابية، وقضايا حرية الفكر وتنوع روافد الثقافة واعتناق المذاهب الأيديولوجية واليسارية منها بشكل خاص ... وعلي الجانب الاجتماعي عبرت أفلام هذه الموجة عن القضايا الاجتماعية الشائكة كمشكلة الفقر والبطالة والتفاوت الطبقي وحرية المرأة والانغلاق والتزمت الديني والفكر الرجعي المتحجر والعلاقات الأسرية، تناولت الأفلام كل ماكان تابوها محرما في السينما التركية التقليدية أو السينما المحافظة، وقد برز في طليعة أفلام هذه الموجة: فيلم "الخريف" اخراج أوجكان ألبر وهو أحد أشهر الأفلام السياسية في السنوات الأخيرة، فيلم "الغول" إخراج أتالاي اتاسدكين، فيلم "القرود الثلاثة" للمخرج نوري بيلج سيلان، فيلم "عسل" الحائز علي الدب الذهبي من برلين لمخرج "ثلاثية يوسف" سميح قبلان أوغلو، فيلم "حدف بحر" اخراج نسلي كولجسين، فيلم "العشق المر" اخراج تانر الهان، فيلم "فخ التنين" اخراج أوجور يوسيل، فيلم "الحب بلغة أخري" اخراج الكسن بساريس، وفيلم "العبور" اخراج سليم دميردلين ... وغيرها من الأفلام. إنتاج مشترك والأمر اللافت للنظر هو أن أفلام هذه الموجة تم انتاجها تحت عباءة مايسمي بالانتاج المشترك بين السينمائيين الأتراك وجهات انتاج أخري منها الألمانية والهولندية وغيرها التي تدعم وتشجع السينمائيين المستقلين في أي مكان من العالم، وعلي الرغم من تحفظنا تجاه نوايا هذه الجهات أو انتماءاتها، إلا أنها تثاب علي تشجيعها لإنتاج سينما جديدة متحررة من قيود الانتاج الرسمي أو المدعم أو التجاري الرخيص في بلادها. ولعل أبسط مقياس لمدي نجاح تجربة الانتاج السينمائي المشترك التي مارسها مخرجو السينما الجديدة في تركيا هو مدي قبول العالم متمثلا في مهرجاناته السينمائية الدولية لهذه النوعية من الأفلام مثل: "كان" الفرنسي، "برلين" الألماني، و"فينيسيا" الأيطالي، و"تورنتو" الكندي وغيرها من مهرجانات العالم التي كان للفيلم التركي في صورته الراهنة حضورا متميزا وأثرا بليغا في نفوس السينمائيين من كل بقاع المعمورة، ويؤكد ذلك حصول تلك الأفلام علي أرفع جوائز السينما ولعل أبرزها جائزة الدب الذهبي لفيلم "عسل" للمخرج سميح قبلان أوغلو العام الفائت والذي علق عنداستلامه هذه الجائزة بقوله: "الدب بيحب العسل"، وغيره من الأفلام. حالة خاصة نعود إلي فيلم "بأسنا الكبير"Our Grand Despair إنتاج مشترك هذا العام 2011، الذي عرض داخل المسابقة الرسمية لمهرجان الإسكندرية السينمائي لدول حوض المتوسط وفاز بجائزتي افضل مخرج وأفضل ممثل... نجد أنه لاينتمي صراحة إلي أفلام الموجة الجديدة في السينما التركية، ألا أننا بالقطع أمام حالة سينمائية تفيض علينا متعة بصرية جمالية وسكينة نفسية، لجمال الصورة ورومانسية الحوار ورقة المشاعر وبساطة الآداء.. الفيلم بعيد عن الصخب والضوضاء والابهار المصطنع أو اللقطات الرخيصة، انه نموذج للفيلم "التراجيكوميدي" أو مايطلق عليه حديثا "الدراما الكوميدية"Dramedy أو الكوميديا الدرامية الاجتماعية، بكل ماتحمل هذه العبارة من معني ... الفيلم أُخذ عن رواية كتبها "باريس بيكاكسي"Baris Bicakci الذي اشترك مع مخرجه "سيفي تيومان"Seyfi Teoman في كتابة السيناريو والحوار، حيث تدور أحداثه بالكامل في تركيا وأنقره بشكل أساسي ليروي لنا قصة "نهال" بطلة الفيلم (تمثيل غونيس ساينGunes Sayin هذه الفتاة الصغيرة طالبة الجامعة التي فقدت أبويها لتوها في حادث سيارة ولم تجد لها مأوي سوي المعيشة مع صديقي شقيقها "فكرت" (تمثيل باكي دافراكBaki Davrak بناء علي وصيته لهما وهما: "اندر" (تمثيل اليكر أكسيومIlker Aksum و"سيتين" تمثيل الـ فاتح Al Fatih الصديقين منذ الطفولة إلي أن بلغا مشارف الاربعينات من عمرهما، مما يعني أنهما بمثابة الأب أو الأخ الكبير لهذه الفتاة المسكينة المكلومة في والديها والقلقة علي مصير شقيقها والباحثة عن الحماية والأمان بعد أن فقدت الدفء العائلي. عالم رومانسي تعيش "نهال" حالة من الحزن غير المحتمل والاكتئاب المقلق والمصير المجهول مع "اندر" و"سيتين" وهي الفتاة الصغيرة الفاتنة الجمال والهادئة المعشر والرقيقة المشاعر، مما لفت انتباه الصديقين اليها والوقوع في فخ حبها مع مرور الأيام، ليجد الصراع الداخلي طريقه عند كل منهما، بين كونهما صديقين حميمين منذ الطفولة وبين رغبة كل منهما في تحقيق ذاته العاطفية وعالمه الرومانسي والفوز بقلب "نهال"... صراع بين الصداقة والحب فأيهما ينتصر علي الآخر، هذا هو المحور الفكري الذي يدور في فلكه "بأسنا الكبير" أو الهم النفسي والعبء الثقيل الذي يعيشه الصديقين" "اندر" و"سيتين" وصراع كل منهما بين الابقاء علي هذه الصداقة الأزلية وبين الفوز بحب "نهال" والاستحواذ علي قلبها... ثالوث مكتمل الأطراف يعيشون تحت سقف واحد، الغلبة لمن ياتري؟، لكن "نهال" لم يكن في أي منهاما فتي أحلامهما، علي الرغم من معاملتها الرقيقة التي توهم معها الصديقين أنها تحب أي منهما وترتبط به عاطفيا لدرجة الحمل منه .. وتبقي قضية الاجهاض والتخلص من الجنين، الذي لاينتمي إلي أي منههما، وسرعان ماتبيح "نهال" بسرها لـ "ستين" وبدوره يقص ماسمع منها علي صديقه "اندر" ليكتشف كل منهما أنه بعيد عن ارتكاب تلك الفعلة. تتخرج "نهال" من الجامعة ويأتي شقيقها "فكرت" لترحل معه حيث يعيش، وتترك ذكريات جميلة مع من احتضنوها وعاشت معهما في ظروف غاية في التعقيد النفسي والحزن الدفين داخلها، ألا أنهما استطاعا رغم معاناتهما النفسية والمادية أن يصلوا بها إلي بر الأمان وتتخرج في الجامعة، رغم الألم النفسي الذي خلفته لكل منهما، بعد أن اعتقد كل منهما أنها وقعت في غرام أحدهما. تصوير متميز علي المستوي الفني جاء الفيلم متميزا في عنصر التصوير مدير التصوير Brigit Gudjansdattir من حيث جماليات تكوين الصورة وتصميم الاضاءة، سواء فيما يتعلق بالتصوير الداخلي علي الرغم من ضيق المكان وصعوبة حركة الكاميرا أو تحرك الأشخاص أمامها في الغرف والدهاليز الضيقة أو المطبخ، أو التصوير الخارجي الذي يتطلب حرفية عالية في اختيار زوايا التصوير أو حركة الكاميرا لتصوير مدينة "أنقرة" أو الحدائق العامة أو الملاهي أو ملاعب كرة القدمز. مونتاج القيلم لـ Cick Kahramn وايقاعه الذي تميز بالهدوء الشديد لعله من الايقاعات البطيئة التي قد تبعث علي الملل لدي بعض المشاهدين، إلا أنه جاء مناسبا ومتفقا مع طبيعة الموضوع وطريقة السرد، إذ إننا أمام فيلم من الدراما الرومانسية التي تحتاج لرؤيتها الكثير من التأمل وفهم الصورة، وأدراك مكوناتها. عنصر التميل والأداء في الفيلم كان من عناصر تميزه بلا شك، فقد تابعنا مباراة في الأداء من العيار الثقيل للنجوم الثلاثة :"Gunes Sayin" نهال، "Ilker Aksum" اندر، "Ilker Aksum " سيتين، وبشكل خاص أداء بطلة الفيلم (مواليد عام 1987) التي تقف أمام كاميرا السينما لأول مرة وهي التي انتهت لتوها من دراسة فن التمثيل في جامعة اسطنبول، فقط ظهرت عام 2008 في مسلسل تليفزيوني باسم .A Man Without a Hearth . بقي أن نشير إلي أن مخرج الفيلم Seyfi Teoman سبق له أن قدم فيلما بعنوان Summar Book عام 2008 وهذا هو فيلمه الروائي الثاني والذي رشح لجائزة الدب الذهبي في مهرجان برلين الفائت. وفي هذا الفيلم استطاع تيومان أن يحقق للمشادين متعة الرؤية البصرية وقيمة الموضوع بأسلوب رومانسي أخاذ قلما نجده في أفلام هذا الزمان.

جريدة القاهرة في

18/10/2011

 

المسلمون والأقباط في السينما المصرية..

حيرة.. وحب فاشل.. وأشياء أخري

بقلم : محمود قاسم 

وسرعان ما تفتحت أمام عيني صورة كتاب يتناول دور الأقباط في صناعة السينما المصرية، يتضمن المخرجين والمنتجين والممثلين الذين عملوا علي ازدهار هذه السينما، وأيضاً المؤسسات القبطية، مثل المركز الكاثوليكي الذي يضم أكبر أرشيف منظم لهذه السينما، والذي أشرف علي تأسيسه باحث دؤوب هو فريد المزاوي، والمراجع الموجودة في هذا المركز باللغتين العربية والفرنسية، لا تتوفر في المؤسسات الرسمية لوزارة الثقافة التي أساس وظيفتها هو تدبير مثل هذه المعرفة عن السينما. وسوف نتوقف هنا عند المسيحية كدين في السينما المصرية، بالنظر إلي النص السينمائي الذي يشاهده الناس علي الشاشة، أي الحكايات التي يراها المتفرجون، ووجدنا أن هذا الأمر في حد ذاته ينقسم إلي عدة أقسام، فالقصص السينمائية مليئة بالشخصيات القبطية، موجودة في الحكايات مثل وجودها في الحياة، تتباين قصصهم مع أنفسهم، وأيضاً مع المسلمين مثلما هي قائمة في أي مجتمع، وهم في تلك الحالات مواطنون عاديون، لكن سرعان ما تتدخل مسألة الدين إذا حدث ما يبين هذا الفارق بين الطرفين، مثل أن تتولد قصة حب بين طرفين، ينتج عنها تغيير مصائر أشخاص كثيرين من الأطراف. وسرعان ما وجد الباحث نفسه أمام بحر خضم من المعلومات عن هذا الموضوع، فقد أظهرت السينما هذا الموضوع في عدة زوايا، الأولي منها تتحدث عن قصص حب يائسة بين المسلمين والمسيحيين، كأن تحب فتاة مسيحية شاباً مسلماً، وتصبح الديانة عائقاً ضد اقتران الاثنين، أو استمرار العلاقة بشكل سوي. أما الزاوية الثانية فتتمثل في تصوير قصص الحب التي نراها في الأفلام بين المسيحيين أنفسهم، مثلما حدث في أفلام من طراز «البوسطجي»، «شفيقة القبطية»، «ضحك ولعب وجد وحب»، و«الناصر صلاح الدين» و«الراهبة»، وفي هذه الحالات، فإن الدين لا يبدو بارزاً قدر الطائفية فلا يمثل الدين أي عائق في اقتران الحبيبين، وكأنما هي قصة عادية، لكن العواقب التي نراها واقفة أمام استمرار هذه العلاقة تتمثل في أي عراقيل ومتاعب تعترض أي عاشقين في أي فيلم، ليست فيه إشارة إلي ديانة البطلين، مثل وجود طرف ثالث من نفس الدين مثلما حدث في فيلم «الراهبة» لحسن الإمام و«شفيقة القبطية» لنفس المخرج ومثل العادات الاجتماعية في فيلم «البوسطجي». وسوف نفرد حديثنا هنا في البداية حول الأفلام التي تحدثت عن علاقات حب مستحيلة بسبب الدين بين طرفين، وخاصة تلك الأفلام التي تحدثت بشكل مباشر عن هذه القصص، والواقع أن هناك أفلاماً كثيرة ناقشت ذلك الموضوع بشكل مباشر، والبعض الآخر تعرض لها بشكل عابر. حساسية العلاقة اتضحت هذه العلاقة بشكل أكثر بلورة في أفلام من طراز «الشيخ حسن» لحسين صدقي عام 1954 و«لقاء هناك» لأحمد ضياء الدين عام 1975 . وبالنظر إلي هذه الأفلام سنجد أن هناك مجموعة من السمات تجمع فيما بينها منها: > أغلب هذه الأفلام تقوم أساساً علي أساس ان الفتاة قبطية، وأن الحبيب مسلم، ولعل ذلك يرجع في المقام الأول إلي حساسية العلاقة ومسألة الإنجاب، إذا حدث زواج بين الطرفين فحسب الشريعة فانه يمكن للرجل المسلم أن يتزوج بامرأة من غير دينه، وأن تبقي هي علي ديانتها، وذلك كي يكون الأبناء مسلمين لكن يجب ألا يحدث العكس، وقد راعت الأفلام التي رأيناها هذه النقطة، فكان الحبيب دائماً هو الرجل، هو الشيخ حسن طالب الأزهر الذي يحب الفتاة القبطية لويزا، وهو عباس في «لقاء هناك». ولم تحاول السينما المصرية أن تزج نفسها، مثلما حدث مع التليفزيون المصري في بداية عام 1996، بأن تجعل هؤلاء الفتيات العاشقات يتركن أديانهن، وكأن السينما بذلك تدعو إلي أن يترك كل من هو غير مسلم ديانته ليصير مسلماً، وهو ليس دور السينما بالمرة، ولعله لهذا السبب فإننا لم نر في القصص السينمائية المصرية مسيحياً يحب فتاة مسملة، ويترك دينه من أجلها. > كما أن أغلب هذه القصص قد انتهي بعدم الاقتران بين الطرفين ففي «لقاء هناك» أذعن كل من الشابين لضغوط الأسرة، فتزوج عباس بابنة عمه ليلي «زبيدة ثروت»، وعملت إيفون «سهير رمزي» موظفة، ثم اختارت دخول الدير كأنها لا تود أن تهب نفسها لرجل آخر، بينما قبل عباس بالأمر الواقع حيث تزوج ابنة عمه وأنجب منها الأبناء. وفي «الشيخ حسن» تزوجت لويزا «ليلي فوزي» من طالب الأزهر رغم إرادة أهلها، ولذا فإن أسرة الشيخ حسن «حسين صدقي» تنكر هذا الزواج، ويحاولون الضغط عليه ليطلقها فيرفض، وتبعاً لاستعطاف الأم، حتي لا يتحطم كيان الأسرة القبطية فإن حسن يقوم بتطليق زوجته، ويمنعه والدها من رؤيتها هي وابنه، فتموت لويزا من شدة الحزن، وتوصي القس بتسليم الابن لأبيها المسلم وان تسلم جثتها لزوجها ليدفنها. الجدير بالذكر أن هذا الفيلم تعرض لمتاعب عديدة، فمنع عرضه عند إنتاجه عام 1951، ويقال إن البعض أشعل دار السينما عند عرضه الأول وحسب إعلان منشور في مجلة «أهل الفن» - 4 أكتوبر 1954- فإن حفل الافتتاح سيتم تحت رعاية الرئيس جمال عبدالناصر، يخصص إيرادها للمؤتمر الإسلامي، وذلك في إطار إشارة في أعلي الإعلان «اليوم يتحقق مبدأ الفن في خدمة الإسلام». لكم دينكم وكما لاحظنا، فإن العاشق في أغلب هذه الأفلام طالب لا يستطيع الزواج بحبيبته لأسباب اقتصادية، خاصة عباس الذي لا يمكنه الاقتران بإيفون لحاجته المادية لأبيه التاجر، ولذا فإنه محكوم علي الحب في كل هذه القصص بالفشل، تبعاً للضغوط الاجتماعية، وذلك يعكس أحداث الواقع، فكم نعرف في دوائرنا الاجتماعية أشخاصاً يعيشون مثل هذه الحياة بأقل قدر من المتاعب، ربما أقل مما تصوره السينما. > أغلب هذه القصص السينمائية مستوحي من نصوص أدبية مصرية، كتبها أدباء يؤمنون بحرية العقيدة «لكم دينكم ولي دين» كما قدمها سينمائيون مسلمون أبدوا حماساً للتعامل مع طوائف الشعب وحدة واحدة، من هؤلاء الأدباء نجيب محفوظ وإحسان عبدالقدوس وثروت أباظة ومن بين السينمائيين هناك حسن الإمام، رأفت الميهي، أحمد ضياء الدين وحسين صدقي، هذا النسبة للأفلام التي تحدثت عن علاقات الح ب بين أقباط ومسلمين، أما بالنسبة لقصص الحب بين بنات وصبيان أقباط، فسوف نفرد لها حديث منفصل، ولكننا لن نرها تخرج كثيراً عن هذا الإطار. وقد تغيرت بعض النهايات والتفصيلات بين الروايات والأفلام، وعلي سبيل المثال فإن ماجي في «النظارة السوداء» مسيحية من أصل لبناني، ودائماً تضع الصليب علي صدرها، دون أن تدري أبعاد ما يرمز إليه، وقد تجاهل الفيلم الذي أخرجه حسام الدين مصطفي، وأعل له السيناريو لوسيان لامبير هذه العلاقة تماماً، ولم تحدد الهوية الدينية لفتاة عابثة باعتبار أن هذا النموذج يمكن أن نجده في أي مكان، أما مصير إيفون في «لقاء هناك» فكما أشرنا فهو مختلف عن الرواية في الفيلم، وأعتقد ان كاتب السيناريو قد رجع في ذلك إلي نهاية فيلم «المعجزة» المأخوذ عن «أنشودة برناديت» الذي رآه الناس في نهاية الخمسينات، ومن المعروف أن الكثيرات من النساء في السينما يذهبن إلي الدير عقب فشلهن في الحب ، ولكن هذه الظاهرة غير موجودة بنفس الكثافة في المجتمع المصرية. > قد يرجع ذلك إلي ارتباط هذه الظاهرة سينمائياً بالمرحلة الرومانسية التي ازدهرت في الخمسينات، ثم في الستينات فغالباً ما ترتبط الرومانسية بالتضحية من أجل الحبيب، أو بفقدان هذا الحيب في ظروف درامية مؤلمة، وهذان العاشقان البريئان يجدان نفسيهما يصطدمان بعقبات اجتماعية تحول تماماً دون اقترانهما، فيحطمان حبهما بأي شكل عند أعتاب معبد التقاليد الاجتماعية وفي السينما المصرية لم يرتبط هذا فقط بالحاجز الديني بل أيضاً بالحاجز الاجتماعي مثل العلاقة بين حبيبين أحدهما من عائلة ثرية ذات حسب ونسب، والثاني فقير معدم، وقد عزفت السينما علي هذا الموضوع لسنوات طويلة في أفلام عديدة، ولعل أبرز الأمثلة تلك المجموعة المتلاحقة المأخوذة عن «غادة الكاميليا» فعلي الحبيبة أن تضحي بحبيبها لأنها من عائلة فقيرة، وأيضاً لماضيها المشين، أما هو ابن الأصول فعليه ان يتزوج من امرأة من نفس طبقته الاجتماعية، وهذا الحاجز الاقتصادي والاجتماعي ينضم إلهي في أفلام أخري الحاجز الديني، وهو مرتبط في المقام الأول بالمجتمع، فلاشك أن الأبوين في فيلم «الشيخ حسن» يواجهان ضغطاً اجتماعياً، كل من الطائفة التي يمثلها ضد هذا الزواج الذي حدث بين طالب أزهري وبين لويزا، وقد رأينا الشيخ حسن قد امتثل للطلاق بناء علي رغبة والد زوجته، بينما عجز الأب نفسه أن يثني ابنه عن استكمال هذا الزواج واستمراره. ولذا.. فإنه في الأفلام التي قامت فهيا علاقات حب بين مسلمين وقبطيات، لم تكن هناك أي حاجة لوجود حاجز اقتصادي، واجتماعي بين الحبيبين، بل يكفي الحاجز الديني، ففي الأفلام التي نحن بصدد تخصصها بالحديث، هناك علاقة جيرة بين الطرفين بمعني أنهما يعيشان في نفس الحي، بل في نفس الحارة، وبالتالي فهما يتمتعان بنفس المستوي الاجتماعي، وأن الفارق في هذه الحالة ضئيل للغاية، ففي «الشيخ حسن» نري الأسرتين متجاورتين في السكن، تنمو بين الأطراف صداقة، وعلاقات حميمة، لكن هذا الزواج الذي تم بين الفتي وحبيبته، ينبه أعضاء الطرفين معاً أن هناك حاجزاً قوياً، ومن هنا تأتي الدراما التي تفرض نفسها علي الحدث. وفي «لقاء هناك» عادت العلاقة لتأخذ شكلاً رومانسياً، فهذا الحب موجود بين الاثنين منذ الطفولة، كما أنهما يسكنان نفس الحارة، وتتقدم بهما السنون، فيزداد الحب، حتي يصير طالباً، يصطدم حبهما بعقبات الموروث الديني، وكما أشرنا فليس هناك فارق اجتماعي يذكر بين الأسرتين، وقد وضع الفيلم بين العاشقين عائقاً رومانسياً هو شخصية ابنة العم ليلي (أدت الدور زبيدة ثروت)، فهي فتاة عاقلة وجميلة وتناقش عباس في أفكاره ومعتقداته. والعقبة التي يصورها الفيلم ليست الدين وحده، ولكنها أيضاً حاجته للمال كي يتزوج بمن يحب فالحبيبة إيفون تترك بيتها من أجل حبيبها، إلا أن أسرة خالتها لا ترحب بها لموقفها الاجتماعي، فتلجأ إلي عباس للاقتران به، لكنه يؤجل الفكرة إلي حين تخرجه، وسوف نراه فيما بعد قد تزوج بابنة عمه، أما إيفون فلم تجد أمامها سوي أن تدخل الدير. > في هذه الأفلام، كان المنطق أن الحب بين البشر لا يعرف أي عائق، وأن العلاقات الإنسانية كثيراً ما تبرز بين الناس من خلال منطق الآية القرآنية الكريمة «لكم دينكم ولي دين» وإذا كان رسول الله صلي الله عليه وسلم قد اقترن بماريا القبطية، وأنجبت منه وليدها إبراهيم فإن المجتمع في الأفلام المصرية لم يعترف بسهولة بهذا الحب المتنامي بين أقباط ومسلمين، وهي خطيئة مجتمع، يحول مثل هذه العائلات إلي مادة للثرثرة في الاجتماعات المختلفة، ومن هنا فإن العلاقات التي ينتمي إليها العاشقان تتعرض لما يسمي بالقيل والقال من حولها، رغم ان العاشقين في أغلب هذه الأفلام لم يرتكبا أي موبقات، وتأخذ العلاقة شكلها الرومانسي أو الشرعي، فلا خطيئة بين الطرفين ولا زلة، بل إن الشيخ حسن يتزوج علي السنة لويزا، ومع هذا فإن المتاعب تحوط الاثنين. ولذا فإنه محكوم علي مثل هذا الحب بالفشل مثل الحب الذي يجمع بين أي عاشقين ولا يقف الأبوان فقط ضده بل المجتمع، وتنظر هذه الأفلام إلي العلاقات الاجتماعية باعتبارها القيد الذي يعوق هذا الحب، بينما يسمح الدين نفسه بذلك دون أي عائق. ومثلما ماتت «غادة الكاميليا» ماتت لويزا بين يدي القس، وهي تطلب منه أن يسلم ابنتها إلي الشيخ حسن، وأن يقوم زوجها بدفنها بمعرفته، وعقب وفاة لويزا، يحس أفراد الأسرتين بمدي الظلم الفاحش الذي ارتكبه كل منهما، وسرعان ما يمتثل أمام العين موضوع الصراع بين عائلتين في «روميو وجولييت»، وكأن موت لويزا هنا هو الرابط القوي الذي سيكون بين الأسرتين، ويبدو هذا الرباط من خلال الابنة التي ستتم تربيتها بين العائلتين القبطية والمسلمة لكل طرف منهما الحق في امتلاكها. وفي هذه الأفلام يبدو الحاجز الاجتماعي الطائفي هو العزول الأكبر، أي أننا هنا أمام أفلام اجتماعية تتعدد فيها المستويات الدرامية، ولا تبدو فيها الشخصيات الرئيسية منفصلة عن الكيان الاجتماعي أسوة بالكثير من الأفلام العربية. ويمكن اعتبار فيلم «لقاء هناك» هو النموذج الأكمل الذي يجمع بين جميع السمات العامة لهذا النوع من الأفلام، فهو مأخوذ عن نص أدبي، كما أن جميع العاملين به من المسلمين، حتي لا يشوب مثل هذا الفيلم قول إن طائفة الأقباط تصنع فيلما لمناصرتها. كما أننا أمام فيلم رومانسي يقوم علي قصة حب بين إيفون «سهير رمزي» وجارها عباس «نور الشريف» منذ الصغر، في حي شعبي، وفي هذا المجتمع يزداد الاحتكاك بين الناس كما يزداد القيل والقال عند أول احتكاك من هذا النوع من العلاقات، ولذا فإن الأب «محمد السبع» تاجر، علي الأقل كما جاء في النص الأدبي، يتعامل بالبيع والشراء مع الناس، وكذلك مرقص «أحمد الجزيري» والد إيفون. قضية الحرية والفيلم كما جاء علي لسان عبدالمنعم سعد، في كتابه عن السينما المصرية في موسم «الكتاب التاسع»، يطرح عدة قضايا اجتماعة مهمة هي: < قضية العلم والإيمان وصراع الإنسان حول إيمانه وقيمه وحضارته العلمية. < قضية الفلسفة باعتبارها أساسا للوصول إلي الحقيقة وصراع الأفكار من خلال حرية التفكير. < التربية الدينية في الأسرة باعتبارها أحد مصادر مكونات شخصية الفرد. < قضية الحرية من خلال ممارستها بما لا يتعارض مع قيم المجتمع من دين وعادات. ويحاول الفيلم أن يمزج بين موقف عباس كطالب جامعي، يمر بمرحلة الشك الديني، وهو شك مرتبط بالتفكير العلمي لدي الشاب دارس الهندسة، وليس فقط نابعا لثقافته، وقراءاته في كتب التاريخ، والفلسفة، وقد تناولنا آراءه المليئة بالشك في فصل آخر لكن ليست هناك علاقة بين أفكار عباس هذه وبين حبه لفتاة مسيحية، فيصور الفيلم عائلة مرقص القبطية باعتبارها عائلة مصرية متدينة تحترم شعائر دينها وتمارسها ويبدو هذا واضحا في رفض الأسرة كاملة بل والعائلة، ويتضح في موقف الخالة حين لا ترحب بوجود إيفون ببيتها عندما تلجأ الفتاة إليها. كما أن أسرة عباس نفسها متدينة، بل إن الفيلم يحرص علي تصوير هذا التدين بشكل معتدل، دون أي تشدد نراه في آباء آخرين، فالأب يحرص علي تربية ابنه دينيا، ويعمل علي تحفيظه القرآن الكريم منذ صغره وأن يؤدي الصلاة في مواعيدها، وهو ما يطلبه معه كلما حان موعد إحدي الفرائض، وليس في هذا أي تشدد أو تطرف، والأب لا يفعل ذلك بنفس القسوة التي رأيناها في فيلم «الملائكة لا تسكن الأرض» لسعد عرفة، ومع هذا فإن الطفل عباس لا يقبل هذه الأمور التي يفرضها أبوه عليه بسهولة. وليس هناك سبب مباشر بين معاملة الأب وبين لجوء الابن إلي حب فتاة مسيحية، فكما أشرنا فإن وجود إيفون في عائلة متدينة قد يشكل عقبة نحو هذا الحب، لكن في الكثير من الأحيان، فإن الحب لا يعرف الجنس، ولا العنصر، والدين، كفاصل بين البشر، والسبب الأساسي للحب هنا، أن العلاقة منذ الطفولة تعد بمثابة أمر طبيعي بين إيفون وعباس الذي يجد تناقضا بين رؤيته العلمية لما يدور من حوله، وبين ما هو مرغم عليه، ولذا فإنه في النص الأدبي يهرب من أداء فريضة الجمعة ويكون ذلك سببا للمواجهة بين الطرفين. وقد وسع النص السينمائي من الدائرة الاجتماعية حول عباس، فابنة عمه ليلي فتاة مسلمة مؤمنة، وهي تدخل معه في نقاش دائم حول الدين، تحاول أن تشده إليها وإلي أفكارها، ولكن من الواضح أن عباس لم يتغير بسهولة بل إنه مبرمج علي ألا يتغير، وعائلة ليلي هي نموذج الأسرة المصرية المعتدلة التدين ترفض بشدة أفكار عباس، وينظر أفرادها إليه باعتبار أن الله يهدي من يشاء أو أن هداية ما سوف تأتي حتما. كما أن هناك طرفا آخر في حياة عباس يمكن من خلاله النظر إلي الأشياء، وهو الصديق شعبان الذي جسده الممثل سيف الله مختار، فهو يعيش في حياة اجتماعية مقتدرة عن حياة عباس، وهو شخص منقسم داخل نفسه، فرغم علاقته براقصة، وحياته المليئة بالنزوات، فهو لا يتوقف عن ممارسة الشعائر الدينية، فيذهب إلي الصلاة، ولكن هذا لا يمنعه أن يتردد علي الكباريهات، بل ويجذب عباس للذهاب معه، لكن هذا الأخير لا يتقبل هذا العالم بسهولة. وليس هناك تبرير في الرواية والفيلم أن يهجر عباس حبيبته إيفون، إلا أنه غير قادر علي ذلك ماديا باعتباره طالباً، ولذا فإنه في لحظة مواجهة مع الأسرة، تهجر إيفون منزلها وتلجأ إلي حبيبها الذي يبدو سلبيا للغاية، وفي رأينا لو كان مثقفا حقيقيا، أو لو كان صاحب موقف، لدافع عن حبه إلي النهاية، لكنه يقابل حبيبته بسلبية، تدفعها إلي اللجوء لأسرة خالتها، ثم بعد ذلك تقرر أن تدخل الدير، وكما أشرنا فإنها في الرواية تعود إلي أسرتها التي تتعامل مع كل هذه التجربة بالاجتماعية بأنها مجرد نزوة عابرة لفتاة مراهقة. وكما أشرنا فإن الفيلم يقدم أبطاله من الشباب، غير القادرين علي اتخاذ قرار يحدد مصائرهم، ولذا فهم فاقدو الأهلية، ولم يكن اللجوء إلي الدير من طرف ايفون سوي ضعف شديد علي اتخاذ القرار، ولكن قد يكون ذلك مبررًا باعتبارها فتاة صغيرة في مجتمع لا يرحم من حاول حتي أن يخطئ. أما عباس فلم يجد سوي الجوء إلي أسرة عمه وأن يتزوج بابنة العم ليلي، وذلك بعد أن تخرج في الكلية، وهي فترة قصيرة للغاية بعد انتهاء قصة حبه مع إيفون، أو فلنقل بعد أن لجأت الفتاة إلي الدير. الحل في الأزمة وقد بتر الفيلم بعد ذلك قصة الحب بين مسلم وقبطية، كي يتولي حل مشكلة الشاب الذي لم يتوقف عن الشك، وعلي طريقة حل الأزمة من خلال موقف عصيب رأينا مثله في فيلم «الوسادة الخالية» لصلاح أبوسيف عام 1957، فإن التغير الذي يحدث لصلاح تجاه زوجته يتحدد عندما تتعرض لأزمة صحية شديدة ويحس صلاح بأهمية زوجته في حياته، وأنه قد ظلمها فيلجأ إلي السماء يدعو لها بالنجاة ويدرك أن حبه الأول لسميحة كان بمثابة وهم، فإن عباس يتعرض لنفس الموقف مع اختلافات شكلية، عندما تتعسر ولادة زوجته ليلي وتصبح في موقف خطير للغاية، يناقش صلاح الطبيب فيما يمكن أن يفعله ويسأله أن يستخدم جميع ما لديه من كفاءة علمية، لكن الطبيب نفسه مؤمن ويعرف تماما أن الله موجود وأنه سبب لكل العلوم. وفي مشهد النهاية يجد عباس نفسه محاطا بكل من حوله من أفراد أسرته، وأسرة عمه، يبتهلون إلي الله بالدعاء من أجل إنقاذ ليلي، وأمام حالة التأثير الوجداني مع إلغاء العقل تماما الذي طالما استخدمه في الجدل يبدأ عباس في ترتيل الدعاء، وتركز الكاميرا علي وجهه، وتتغير ملامحه الجامدة ثم نسمع أصوات الوليد القادم، وتعلو الفرحة وجه عباس، ثم تركز الكاميرا علي وجوه الجميع، فقد تحققت المعجزة. تبقي إشارة، إلي أن بعض المخرجين الأقباط قد ناقشوا أحيانا قصص الحب في إطار كوميدي.. بين فتي مسلم وفتيات من أديان أخري مثلما حدث في فيلم «فاطمة وماريكا وراشيل» والفيلم اقتبسه أبوالسعود الإبياري عن مسرحية «زواج فيجارو» لوبمارشيه وصور فيه الشاب المسلم في حياته، يتلذذ بالعبث بالبنات ويعدهن بالزواج. منهن المسيحية ماريكا واليهودية راشيل، ومثل هذا التباين الطائفي غير موجود في النص الفرنسي، لكن الفيلم تمت صناعته في فترة كان اليهود والمسيحيون والمسلمون يعيشون معا في إطار نسيج اجتماعي واحد، وأي فتاة من الثلاثة تود الزواج بفتي ثري يقوم بتغيير اسمه حسب طائفة العائلة التي تنتمي إليها الفتاة، ولم تكن ماريكا هنا قبطية، بل هي مسيحية يونانية ابنة لإحدي الأسرات التي كانت تعيش في مصر في تلك الآونة، كما أن ماريكا في فيلم: «حسن وماريكا» لحسن الصيفي هي أيضا يونانية. وهذا الفيلم كتبه أبوالسعود الإبياري عام 1959، وهو يعتمد في المقام الأول علي كوميديا الموقف، فحسن «إسماعيل ياسين» يحب ماريكا «مها صبري» ابنة الحلاق اليوناني، وينافسه في حبها شخص آخر يدع فهلي، وعندما تصل رسالة من اليونان إلي الأب قادمة من شخص يدعي ماركو، وسرعان ما تنقلب الأحداث إلي كوميديا الموقف، وكما نري فإن أبطال هذه الأفلام الكوميدية بما فيها «حسن ومرقص وكوهين» لفؤاد الجزايري عام 1954 ليست لهم مواقف عاطفية وجدانية، وليست علاقة الحب بين طرفين من طائفتين مختلفتين تسبب أي متاعب من التي تعرض لها أبطال الأفلام التي تناولناها. تعليق الصلبان في السنوات العشر الماضية، ظهرت العلاقات الإنسانية بين الأقباط والمسلمين في السينما المصرية بشكل أكثر كثافة، من سينما القرن العشرين بأكمله، ورغم أن أغلب الأفلام في هذا العقد اتسمت بأنها أفلام سياحية، تدور في شواطئ عند أطراف الوطن، إلا أن قصص الأفلام، كان أبطالها في أحيان كثيرة من المسلمين والمسيحيين معا، وقد اتضحت هذه الظاهرة في أسماء الأبطال، أو ما يعلقونه علي صدورهم من رموز دينية خاصة بالصلبان. فيما قبل كان يمكن لأبطال بعض الأفلام أن تكون لهم أسماء مسلمة، والعائلة نفسها قبطية، مثل حالة سيرة يوسف شاهين الذاتية، التي اختار أن يكون بطلها باسم «يحيي» وهو اسم إسلامي أصله في التوراة يوحنا، وهناك مرادف له في الثقافات المصرية، والعالمية، وقد كان المسيحيون في بعض أفلام القرن العشرين يدخلون في إطار أسماء تناسب أبناء الطرفين: ماجد، مجدي، عادل، شفيق، وما شبه، أما أبطال أفلام العقد الأول من القرن العشرين، فقد كان أسماء الكثيرين منها قبطية مصرية، مثل اسطفانوس، وأخيه في فيلم «عمارة يعقوبيان». ظهور هذه الأسماء لا تعني أن الفيلم يود أن يخبرك أن هذا مسيحي، وذاك مسلم، ولكن أن الأسماء تمتزج ببعضها في الحياة، فما يمكن أن يفعله ذاك الشخص، قد يمارسه آخر، بصرف النظر عن اسمه، الأسماء هنا بنت الوطن في المقام الأول، بصرف النظر عن سلوك حامليها، وبالتالي، فلا تستطيع أن توجه انتقادا إلي طرف، لأن صاحبه له ديانة بعينها، بل لأن له ثقافة خاصة، وسلوكاً يعنيه هو، دونا عن عقيدته. وبالطبع هناك حالات استثناء، مثلما رأينا في أفلام بعينها، مثل «الرهينة»، و«بحب السيما» و«واحد صفر» والكلام في الممنوع» لكن كلهم مصريون أمام ما يحدث للوطن في أفلام كثيرة مثل «جنة الشياطين»، و«فيلم ثقافي»، و«رسائل البحر»، وغيرها. ومن الصعب أن نتوقف عند كل هذه الأفلام الكثيرة في العقد الأول الذي انصرم؟، من القرن العشرين، لكن من المهم أن نستجمع أولا أبرز أسماء الأفلام التي رأينا فيها أقباطاً «مع» مسلمين، بالإضافة إلي الأفلام المذكورة سابقا، فهناك «همام في أمستردام» و«مافيا» و«الآخر» و«حسن ومرقص» و«فيلم هندي». ولعل أهم ظاهرة في هذا الشأن قيام سينمائيين أقباط بأعينهم، بعمل أفلام عن المسيحيين أو إضافة الشخصية المسيحية حسب منظورهم، وفي بعض الأحيان اشترك مسلمون معهم في الكتابة، أو الإبداع ولعل فيلم «جنة الشياطين» من أبرز هذه الحالات، وهو الذي عرض في الأسبوع الأول من العقد الأول للقرن الواحد والعشرين، اقتبس قصته مصطفي ذكري عن رواية لجورج آمادو، وأخرجه أسامة فوزي. هو فيلم عن العالم السفلي، أو الخلفي لما يحدث في قاع المدينة بصرف النظر أن أبطاله مسلمون أو مسيحيون هم بشر لهم أسماء، ونزق، وجنون، يعيشون حياة العدميين في المقام الأول، ولذا فإن مسألة العقيدة لا تدخل في حساباتهم، ونحن نعرف أن واحدا منهم قد مات، وأنه يجب علي أسرته أن تسترد جثمانه كي تدفنه، حسب عقيدته التي ولد بها، ويقرر رفاقه القدامي، ثلاثة شباب وامرأتان أن يأخذوا الجثمان، كي يطالع الحياة العدمية التي عاشها قبل رحيله، خاصة في السنوات الأخيرة، فيطوفون به في المدينة ليلا، وفي الأروقة وفوق ضفاف النهر.. وهذا الرجل يسمي الآن «طبل» وهو اسم محايد رأي مصري، لكن خليلة الرجل الميت تنبه إلي أن الرجل ينتمي إلي عائلة كبيرة، ولابد من إبلاغ العائلة بأمر الوفاة.. ونفهم أن «طبل» قبطي، له اسم آخر قبطي، ويصير علي ابنته أن تسترد الجثمان لعمل مراسيم الدفن لأبيها، باسمه القديم القبطي وفي داخل الكنيسة حيث يحضر الأهل وذلك قبل أن يخطف أصدقاؤه الثلاثة جثمان الميت، وينطلقون به. وأنا شخصيا أعرف أن هناك كاتب سيناريو دفعه مرض الزهايمر أن يعيش حياة أخري بعيدا عن بيته بصرف النظر عن عقيدته، أي أن طبل كان يمكن أن يكون مسلما أو مسيحيا في الفيلم لكن من الصعب أن تنظر إليه حسب ديانته، بل حسب الحالة التي يعيش فيها، فقد آثر الرجل أن يعيش حياة عاشها مصريون آخرون، رأينا عنهم أفلاما، أو قرأنا عنهم روايات مثلما حدث في «شحاتين ونبلاء» و«البحر بيضحك» أي أن طبل لم يقم وحده بهذا الفعل، بل هناك مواطنون آخرون، أقباط ومسلمون. المكان.. مصري الفيلم الثاني الذي يمكن الوقوف عنده كان «فيلم ثقافي» من إخراج وتأليف محمد أمين عام 2000، فالشبان الذين استطاعوا الحصول علي شريط لفيلم جنسي، يسعون لمشاهدته في أي مكان، مهما كانت هويته أو قدسيته، المهم أن عليهم «المشاهدة» وقد تنوعت الأماكن التي ذهبوا إليها، أو حاولوا، وصارت مجرد أمكنة بديلة تعطي الفرصة للمشاهدة، ومن بين هذه الأماكن مركز إسلامي به قاعة لتحفيظ القرآن الكريم، وأيضا مركز طبي ومكان للصلاة، وقد فشلت المحاولة لمشاهدة الفيلم هناك، وأن جنازته تقام في الكنيسة، وهؤلاء الشبان لا يهمهم من الأمر، سوي مشاهدة الفيلم، وهم يذهبون إلي الكنيسة من أجل إحضار المفتاح من زميلهم كي يتمكنوا من أن يعيشوا لحظاتهم أثناء غياب الأسرة كلها في مراسيم الدفن، والعزاء، وهناك تفاصيل لما حدث في هذه الفترة. بصرف النظر عن التفاصيل، فإن الفيلم نظر إلي بيوت المصريين أيا كانت عقائدهم كفرص متاحة لمشاهدة الشريط الثقافي، وذلك باعتبار أننا في فيلم كوميدي يجعل من جميع الأشياء مادة ضاحكة، أو ساخرة، باعتبار أن الفيلم نظر إلي المركز الإسلامي أو القبطي، كمكان مصري، قد يصلح لتحقيق أهداف هؤلاء الشبان، وأذكر أن الفيلم عندما عرض لم يلق أي انتقاد من أي طرف وهو دائم العرض في القنوات التليفزيونية ويوكد أن للمصريين توحداً خاصاً في سبل الحياة. في فيلم «باحب السيما» كانت المفاجأة أن مبدعين مسيحيين أشاروا لنا أن المصريين متدينون بقوة، أيا كانت العقيدة التي يؤمنون بها، وقد سمعنا من الزوج عدلي «محمود حميدة» نفس العبارات التي يرددها أي مسلم متشدد، أو ماسك بقوة علي دينه، بنفس المفاهيم، والصياغة اللغوية خاصة ما يردده الأب، وهو يهدد ابنه الذي يحب السينما، بأن هذا الفن حرام وأن مصير المشاهدين هو الذهاب إلي النار، حيث إن ما يقوله عدمي أشبه بما نسمعه من عبارات ترهيب وترغيب للدعوة للتمسك بالدين، ولا شك أن الطريقة الجافة والوجه الجامد للأب جعل مثل هذه العبارات أشبه بطلقات الرصاص، رغم أن الأب لم يكن قاسيا بالمعني المألوف للقسوة، فهو لا يضرب الأبناء مثل أغلب المصريين، ولكنه يفتقد إلي المرونة حتي في معاشرة زوجته عايدة التي يتجنب معاشرتها جنسيا بادعاء أن الجنس فقط من وجهة تفسيره من أجل الإنجاب، وقد صور الفيلم هذه الزوجة وقد صارت مستنسخا من زوجها بعد وفاته، وصارت تحمل مسئولية أسرة بأكملها، عليها أن تحافظ علي كيانها. هذا الفيلم أثبت أن هناك توحداً ملحوظاً للمصريين كل في حياته الخاصة مهما كانت العقيدة التي يتدين بها، فجميعهم متمسك بقوة بدينه، يذهب إلي بيوت العبادة ويؤدي الشعائر ويخاف من الله، ومن العقاب الذي سيحل بالخارج علي ناموس الإله، فالمصير للعاصي في النهاية لدي الجميع واحد وهو «الحشر في جهنم». حكايات متشابهة هناك أفلام أخري مهمة كانت يجب التوقف عندها مثل النسيج الاجتماعي الموجود في فيلم «واحد صفر» من فتاة محجبة، تقبض عليها الشرطة بتهمة فعل ما في حديقة عامة، دون أن يحدث ذلك وأيضا هناك زوجة تهدد بأن تغير ملتها كي تتزوج، وتتمكن من الإنجاب، وقد أثار الفيلمان السابقان الكثير من الجدل حين عرضهما، خاصة داخل عشيرة الأقباط، لكن ما يهمنا هنا أن السينما عندما طرحت قضايا المصريين في القرن الواحد والعشرين كشفت أن الجميع لهم نفس المعاناة، أو يعيشون حكايات متشابهة.

جريدة القاهرة في

18/10/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)