حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

شمس البارودي: تبرأت من الفن.. والممثلات أدوات في يد المخرج

قالت لـ«الشرق الأوسط»: كنت أعشق الفن.. وزوجي وأولادي يحبون مشاهدة أفلامي

هيام بنوت

التزامها واعتزالها الفن يكملان عامهما الثلاثين، في بادية العام المقبل، ولكن شمس البارودي ظلت نجمة في عيون وقلوب الناس. هي من الممثلات، ومثلها شيريهان من الفنانات اللاتي تحولن إلى «أيقونات» على الرغم من قلة أعمالهن ومشوارهن الفني الذي لا يتجاوز السنوات المعدودة.. وعندما تسأل شمس البارودي عن السبب يكون جوابها «إذا أحب الله عبدا حبب الناس فيه».

شمس البارودي، المتزوجة من الفنان حسن يوسف، لا تزال تحتفظ بالضحكة الرنانة نفسها، بالصوت نفسه الذي يضج بأذنينا، كما هي بالشكل الجميل الذي لم تمر عليه السنوات، ربما لأنها من أصول شامية - تركية، كما تقول، وربما أيضا لأنها تعيش حياتها بالطريقة التي تحبها بعيدا عن هواجس الفن والشهرة والأضواء.. في بيروت كان الحوار التالي معها:

·     هناك ممثلات قدمن عشرات الأعمال والبطولات، إلا أن الجمهور لا ينتبه لوجودهن أو غيابهن، وأخريات، وأنت من بينهن، تحولن إلى «أيقونات» عند الجمهور، على الرغم من ابتعادهن وندرة أعمالهن. فهل لديك تفسير لذلك؟

- إنها مسألة ربانية. إذا أحب ربنا عبدا قال في الملأ الأعلى «إني أحب فلانا فأحبوه»، ولذلك تكون المحبة خالصة من عند الله «ويا رب أكون كذلك».

·         ارتديت الحجاب، وابتعدت عن الفن والأضواء...؟

- .... (مقاطعة) في بداية العام المقبل أتمم 30 عاما من الالتزام والاعتزال والحجاب، وأنا أدعو دائما «اللهم ثبتني حتى ألقاك وأنا على التزامي».

·         ألا تفكرين أحيانا أنك بابتعادك عن الفن ظلمت جمهورا أحبك؟

- المهم ألا ألحق الظلم بنفسي، والله سبحانه وتعالى أمرنا بألا نظلم أنفسنا، وأنا أدين له بالشكر لأنه «بصرني وعلمني» في أول عمري. في تلك الفترة، كنت متزوجة وأما لولدين هما ناريمان ومحمود، ولم يكن عمر وعبد الله قد أبصرا النور. ولقد اتخذت قراري، عندما عدت مع والدي من أداء فريضة العمرة، فختمت القرآن الكريم، وقررت ارتداء الحجاب والاعتزال. قبل الحجاب والالتزام، كانت قراءاتي أدبية وفلسفية، ومن بعدهما انتقلت إلى قراء كتب السنة والسيرة النبوية والسلف الصالح.

·         شددت على مسألة ظلم النفس، فهل تعتبرين أن العمل في الفن فيه ظلم للنفس؟

- أنا لم أقصد ذلك، بل قصدت أنه كان يجب علي أن أتبع كتاب الله وسنة رسوله، وإذا لم أفعل ذلك، فسوف أظلم نفسي. عندما كنت صغيرة درست في مدارس فرنسية، وكنا نتعلم الإيتيكيت والبروتوكول، إلا أنني اكتشفت أنهما أفضل بكثير كما وردا في سنة رسول الله وكتابه، ويتناولان كل مجالات الحياة.

·         هل تشعرين بالندم لأنك اشتغلت في الفن؟

- طبعا! عندما أنظر إلى أفلامي وأشاهد نفسي في المايوه أشعر بحزن كبير وأقول إنه لم يكن يجب أن يرى جمالي سوى محارمي. ولكن في الماضي، كان المجتمع كله كذلك، وكان ارتداء المايوه شيئا عاديا ولم يكن أحد ينتقد أو يلتفت. نحن كنا نقتدي بمن يكبروننا سنا، وهم لم يكونوا يقولون لنا شيئا. في تلك الفترة كان هناك تعتيم ديني حتى في وسائل الإعلام والمدارس. أذكر أنني عندما كنت صغيرة، كانت المدرسة التي تعطينا دروسا في الدين الإسلامي، تتحدث عن الحجاب، ولكن في مصر لم يكن يوجد حتى محلات لبيع الإيشاربات، ولو سألت اليوم أكبر المحلات في مصر، لقالوا لك إنهم بدأوا بيعه منذ أن ارتديت الحجاب، ومن يومها انتشر الحجاب في مصر.

·     تبدين «متطرفة» في حجابك كما في تمثيلك. عندما كنت ممثلة، ارتديت المايوه والملابس المثيرة وأديت المشاهد الجريئة، وعندما التزمت دينيا ارتديت النقاب ولم تظهري من وجهك سوى عينيك؟

- بدأت العمل في الفن ولم أكمل السابعة عشرة من عمري، وبداياتي كانت مع فيلم «عسل مر»، ومن بعده شاركت في فيلم «الراهبة» مع الفنانة الراحلة هند رستم التي لعبت دور الأم، ومن ثم انتسبت إلى معهد الفنون المسرحية لكي أكمل العمل في الفن، وكنت قد انتهيت من دراستي في الثانوية العامة. في الفن، كان لا بد من أن نطيع المخرج والمؤلف وأن نعطي أقصى ما عندنا، ولكني ما لبثت أن وجدت أن لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، لأن الطاعة الواجبة هي لله سبحانه وتعالى ولرسوله، وبدأت المفاهيم عندي تتحسن بعد أن كانت مفاهيم مغلوطة، بسبب المجتمع، لأن المجتمع كله كان كذلك. كان الإعلام يقول عن الجماعات الإسلامية إنها إرهابية، لم نكن نعرف الحقيقة وأن ديننا هو دين وسطية، وعلينا أن نلتزم به وأن تكون الأمور بشكل يتقبله المجتمع كله، سواء أكان مسلما أم مسيحيا أو يهوديا، لأنها كلها أديان سماوية.

·         وكأنك تقولين إن الممثلة هي مجرد أداة في يد المخرج أو المنتج؟

- هذه هي الحقيقة فعلا. الممثلات أدوات في يد المخرج، يتحكم في «بيقولوا إيه وبيعملوا إيه». زوجي كان يملك شركة إنتاج وينتج لي أفلامي، وكان قد جهز لي مجموعة منها، قبل أن أغادر مع والدي لأداء العمرة، لكي أصورها عند عودتي إلى مصر، ولكنني عندما عدت رفضت العودة إلى التمثيل ثانية. التحول في حياتي حصل بعد أن أكملت قراءة كتاب الله. أذكر حينها، أنني كنت قد عدت قبل فترة من باريس وأحضرت معي أحدث الأزياء من بيوت الموضة العالمية، حتى أن عنواني في مصر كان مع أهم المصممين العالميين.

·         وكيف بدأ مشوارك مع الفن؟

- كنت صغيرة جدا وأتمتع بشكل جميل، ولكن والدي رفض كل العروض الفنية التي كانت تصلني. عندما أصبحت في الثانوية العامة، كان هناك شخص، شقيقته هي جارة لصديق قديم لوالدي نناديه «عمو قاسم» لأنه مقرب جدا منه. وكان شقيق هذه الجارة هو المخرج عبد المنعم شكري الذي رشحني لفيلم «عسل مر»، ومن ثم انتسبت إلى معهد الفنون المسرحية، مع أنني كنت أرغب في العمل بمهنة المحاماة أو بالانتساب إلى معهد الفنون الجميلة لأنني ماهرة في الرسم، ولكن القدر غير مسار حياتي.

·         نفهم أنك كنت تحبين التمثيل؟

- وأنا صغيرة كان التمثيل بالنسبة إلى شيئا مذهلا. المخرج عبد المنعم شكري شاهد في البراءة والسذاجة، ولذلك اختارني لفيلم «عسل مر»، وهو تحايل على والدي وأقنعه بأنه لن يشغلني عن الدراسة، وكنت أذهب للتصوير برفقته أو برفقة عمتي.

·         ألم يعترض على أدوارك الجريئة؟

- أبدا! نحن ست فتيات وصبي واحد، ووالدي منحنا حرية التصرف والإحساس بالمسؤولية. الجيران كانوا يحسدون والدنا علينا، لأننا كنا عندما نلتقي والدي أو والدتي نقبل يدهما ونضعهما على جبيننا، وهذا تقليد شامي، لأن أصلنا من الشام، ونحن من فرع «البارودية» في دمشق.

·         بصراحة، بماذا تشعرين عندما تشاهدين أفلامك؟

- أنا أحاول ألا أشاهدها، ولكن أولادي وزوجي يحبون ذلك، وأنا «أبقى زعلانة». ماذا يمكنني أن أفعل غير الاحتكام لله، حتى أنني كنت أتمنى لو أنني لم أرتد ثيابا من دون أكمام، مع أن تلك الملابس كانت عادية وترتديها كل فتيات المجتمع المصري. في بداية التزامي كنت لا أكف عن البكاء عند عرض أفلامي، ولكني اليوم اعتدت على الأمر وأصبحت أغض الطرف. «أنا مش عايزة حد يشوفني، وخلقتي التي أنعم الله علي بها، لا يجب أن يراها سوى زوجي ومحارمي. الفن كان قدري والحمد لله أنني تبرأت منه».

·         وكيف تبرأت منه؟

- نشرت إعلانا مدفوع الأجر، لأنهم حاولوا أن يعرضوا فيلمي «حمام الملاطيلي» الذي أخرجه صلاح أبو سيف بعد مرور سنتين على التزامي. عندما علمت بذلك شعرت بأنني سوف أنهار، لأنه لم يكن يحق لهم أن يطرحوا الفيلم على أنه جديد. فقال لي زوجي حسن «ماذا تريدين أن تفعلي»، فأجبته «مهما فعلت، فإن الصحافة لن تنشر ما أريد، إلا إذا نشرت إعلانا مدفوع الأجر»، وهذا ما حصل فعلا، ونشرت صورة لي وأنا أرتدي الحجاب واستندت في الخبر إلى حديث لرسول الله يقول «من ضار مسلما ضاره الله ومن شاق مسلما شاقه الله عليه». لقد التزمت بتاريخ كذا وأتبرأ من أفلامي التي تغضب الله.

·         نفسيا، كيف تتعاطين مع شمس البارودي الممثلة، وهل تشعرين بأنها غريبة عنك؟

- في الفن كنت أنا نفسي شمس البارودي الإنسانة. أنا لم أتغير، وما تبدل في هو السلوك الخارجي. أنا إنسانه هادئة بطبعي، أتكلم بصعوبة، ولكنني تغيرت بعض الشيء، وصرت أكثر كلاما، لأنه «عشان أربي أولادي كان لازم أتكلم أكثر». أثناء التمثيل، كنت أتقمص الشخصية، أؤديها، وأخرج منها بعد أداء المشهد.

·     أقصد اليوم، بأي نفسية تنظرين إلى شمس البارودي الممثلة الجريئة «العريانة».. هل هي تستفزك، تزعجك وهل تشعرين بالكره تجاهها؟

- إنه قدري، وأنا أتمنى لو أن أفلامي لا تعرض. أنا كنت قد نشرت الإعلان بهذه النية، وهناك من أحجم عن ذلك. المخرج صلاح أبو سيف اتصل بي قبل وفاته وتبرأ من عرض فيلم «حمام الملاطيلي»، لأنه كان منتجه أيضا، وقال لي «ما تزعليش مني أنا بعت الفيلم لحد تاني وهو اللي بيعرضه». لست أنا وحدي من يتحمل مسؤولية الفيلم، بل إن المنتج والمخرج هما اللذان يتحكمان في العمل.

·     من المعروف أن الأضواء والشهرة مغريان بالنسبة لأي فنان، ألم تشعري بالحنين إليهما أو إلى الفن طوال فترة ابتعادك، ولم تراودك مثلا فكرة خلع الحجاب؟

- أبدا، وطبيعتي لم تتغير على الإطلاق، وكنت أكره الشهرة والأضواء عندما كنت أعيشهما، مع أن الفن هو المهنة التي أحببتها والتزمت فيها، لكن الشهرة لم تعن لي شيئا في يوم من الأيام، وكنت أمضي كل وقتي في البيت. أذكر أن المخرج الراحل حسن الإمام كان يتصل بي ويقول «كلميني.. لاغيني، زي ممثلات كتير بتوعي»، كالفنانتين نجلاء فتحي وميرفت أمين، ولكنني كنت إنسانة خجولة ومنغلقة على نفسي «قاعدة في بيت بابايا». حتى بعد الزواج لم أتغير، فأنا لا أحب الاختلاط، ومعظم زيارتي تقتصر على أهلي وأهل زوجي، ولكن هذا لا يعني أنه لا يوجد في حياتي صداقات، ولكنها صداقات منتقاة، تعود إلى أيام الدراسة ولا تزال مستمرة حتى اليوم.

·     ثمة ممثلات لا يزلن يعملن في الفن على الرغم من أنهن ارتدين الحجاب، ويبررن ذلك بأنه لا مانع من أن تقدم الفنانة فنا يحمل رسالة في مضمونه، ما رأيك بوجهة النظر هذه؟

- كل شخص يلتزم بوجهة النظر التي يعبر عنها، ومن تتحدثين عنهن لا بد أن نحترم وجهة نظرهن. يجب ألا ننسى، وما أنا متأكدة منه، هو أن الفنانات المحجبات اللاتي لا يزلن يعملن في الفن، لا يفعلن حبا به، بل لأنهن محتاجات ماديا. لا أحد يشتغل في الفن من دون مقابل، ولكن من يلتزم بيته «بيقعد ببلاش». في بداية التزامي «هم حبوا يمسكوا فينا»، وتعرضنا لحرب إعلامية من الدولة واتهمنا بأننا قبضنا الملايين، ولذلك تركنا رسالة عند عبد الرحمن مطاوع في صحيفتي «الأهرام» و«الأخبار»، قلنا فيها «يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجاهلة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين»، فلو كانت هناك جهة تدفع، فمن الذي يدفع للمدرسات، المهندسات والطبيبات اللاتي ارتدين الحجاب، ونحن نريد أن نعرف الجهة، لأننا لم ننل نصيبنا، وكان ذلك من قبيل السخرية.

·         هل تقصدين أن الفن يتعارض مع الدين؟

- أنا لم أقل إنه يتعارض! الفن لا يتعارض مع الدين إذا كان يوصل رسالة محترمة. لكن أنا ضد الفنانة المحتجبة التي تضطر لوضع الماكياج وارتداء ملابس «مش ولا بد» بسبب ظروف التصوير، لأنها لا تقدم صورة صحيحة عن الحجاب الإسلامي، الذي يجب أن نلتزم به، وفي المقابل هناك فنانات ملتزمات بحجابهن، ومن دون ذكر أسماء، لو طلبت مني أن أذكر أسماء.

·         نفهم أنك ضد حنان ترك وأيضا ضد صابرين عندما استعانت بالباروكة في أحد أعمالها؟

- أنا لست ضد أحد، أنما أنا ضد معصية الله. كل فنانة لها مبرراتها، وأنا عرضت حجتي. بصراحة، عرض علي قبل 3 سنوات أن أظهر على الشاشة لكي أروي مذكراتي، وأن أتحدث عن طفولتي، كيفية دخولي الفن وزواجي، وفي لحظة من اللحظات فكرت أن هذا الأمر ممكن، لأن العرض كان مغريا جدا لأنه عرض على الملايين لقاء هذه الإطلالة، ولكني عدت وتراجعت، لأننا سوف نسأل «من أين أتينا بالمال وكيف أنفقناه» حتى لو كان مالا حلالا. لكن الناس غالبا ما تنسى أنه في يوم من الأيام «كل واحد فينا هيبقى لوحده مقفول عليه قبره ليسأل عن عمله».

·         تخافين القبر؟

- طبعا! أنا أخشى لقاء الله، لأنه سبحانه وتعالى هو الذي قال إنه يجب أن نخشى لقاءه. القبر إما روضة من رياض الجنة، وإما حفرة من حفر النيران، ونحن لا نعلم ما إذا كان الله سوف يتقبلنا أم أنه لن يتقبلنا، ولكن رحمته واسعة، وإن تقبلنا فإنه يتقبلنا برحمته، لأنه لا يوجد إنسان معصوم عن الخطأ.

·         ما هي أبرز أخطائك؟

- أنا لا أحب الأشخاص الذين يتحدثون عن أنفسهم وعن محاسنهم وأخطائهم.

·         ولكنك كسائر البشر لديك أخطاؤك؟

- طبعا! أحيانا يكذب الإنسان كذبة بيضاء ولكنها لا تحسب عن الله بيضاء. المشكلة أنني قرأت وعرفت، وهناك كثيرون لا يعرفون شيئا، وقد يتعجبون من كلامي، وكأنهم يسمعون كلاما من عالم آخر.

·         لم تقولي ما هي أبرز أخطائك؟

- شخصيا لا أستطيع أن أحدد أو أن أقول، وربنا سبحانه وتعالى هو الذي يقول. لا يمكن لأي إنسان أن يحكم عن نفسه أو أن يقول دائما «أنا وأنا»، ومن يفعل ذلك يكون «الأنا» عنده متضخما.

·         عملك في السينما، هل تدرجينه ضمن الأخطاء الكبيرة؟

- طبعا.. لا يمكنني أن أنكر أنني أشعر بالحزن عندما أتذكر المايوه والملابس الجريئة التي كنت أرتديها في أفلامي.

·     بعض الممثلات اللاتي يقبلن بالقبلة على الشاشة يتحدثن عن «قبلة سينمائية»، من جهتك هل تفرقين بين قبلة حقيقية وقبلة سينمائية؟

- لا شك أن القبلة على الشاشة تكون سينمائية تماما، ولكنها لا ترضي الله. هناك فتيات كثيرات غير محتجبات، إنما ملتزمات جدا بدينهن ولا ينقصهن إلا الحجاب، ولكنه ليس هو الدليل الذي يؤكد أن الله تقبل صاحبته، أو أنها صالحة أو غير صالحة. هذا بالنسبة للحجاب وبالنسبة للسلوكيات الأخرى فلا يجوز أن يقبل المرأة رجل سوى محارمها، هذا ما يقوله الدين. أما عن الفنانات اللاتي يقبلن على الشاشة فإنهن «حرات في روحهن وأنا ما ليش دعوة»، وأنا عندما قبلت على الشاشة ارتكبت خطأ كبيرا جدا، بل هو من أكبر أخطائي، ولكنني كنت جاهلة ولا أعرف شيئا، والله سبحانه وتعالى يقول «إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة».

·         ما هي النصيحة التي تقدمينها للفنانات؟

- ربنا يبصرهن ويبصرنا في الحق ويحسن خاتمتنا أجمعين، لأنه لا أحد منا يضمن الخاتمة، وأنا أسأله حسن الخاتمة. في يوم من الأيام أرسلت من أجل نشر الدعوة «سورة الكهف» إلى فنانة لن أذكر اسمها، ولكني أحبها لأنها إنسانة راقية وتواظب على الصلاة، ولكني لم أكرر ذلك على الإطلاق، ولكن اليوم وبوجود الفضائيات الكل صار يعرف كل شيء عن الدين. المواظبة على الصلاة مهمة جدا، لأنها لا تقطع علاقتنا بالله. قبل الحجاب كنت ملتزمة بالصلاة، وهي التي أعانتي في كل شيء. في المدرسة كنت أصلي من أجل أن أنجح في صفي، وفي الفن كنت أصلي لكي تنجح أفلامي، وهذا الالتزام منذ الطفولة، سببه أن أبي وأمي كانا يواظبان عليها، يؤديان فريضة العمرة ويقومان بكل واجباتهما الدينية. نحن لم نكن نعرف شيئا عن هذه الأمور، بل كنا نعتقد أنها للكبار فقط «أما الصغار فلسه بدري عليهم الحاجات دي»، ولكن لا أحد يضمن عمره.

·         وماذا حصل مع تلك الفنانة التي أرسلت لها «سورة الكهف»؟

- لم تعتزل ولم ترتد الحجاب، وآخر مرة شاهدتها، كانت عندما زارتني للتعزية في والدتي. يومها أرسلت لها الآية التي تقول «قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا». أنا قمت بواجبي وبلغت، ولكن لا أحد يعرف أيهما عند ربه أفضل. صحيح أن هناك فن قبلات وملابس عارية ولكن الفن بشكل عام، بعضه يؤدي رسالة، ولكني لا أحب أن تكون رسالة ملطخة أو رائحتها كريهة، كأن يتم استحضار قاع المجتمع أو عرض مشاهد مقززة تحت ذريعة الإضاءة على الواقع.

·         هل تمانعين عمل أولادك في الفن؟

- ابنتي ناريمان بدأت تعليمها في المدرسة الألماني - راهبات، ومن ثم أكملتها في الجامعة الأميركية وتخصصت في علوم الكومبيوتر، وهي مهندسة، كما حازت من جامعات إنجلترا على شهادتي ماجستير، الأولى في العلوم الإنسانية والثانية في الترجمة وهي تحضر حاليا للدكتوراه في «تاريخ المرأة العربية».

·         ألم يكن لديها ميول فنية، وهل كان لك دور في منعها أم أنك لم تتدخلي في الأساس في اختياراتها؟

- أنا لم أتدخل أبدا. ناريمان ميولها علمية وأنا كنت أشجعها على ذلك، تماما كما فعلت مع أشقائها الثلاثة. أكثر ما كان يزعجني في الوسط الفني هو الشهرة، لأنها قاسية جدا ولا تسمح للفنان أن يعيش حياته بشكل طبيعي. ابني عمر هو أكثر أبنائي حبا للفن، وعندما قرر أن يعمل فيه، قلت له «الشهرة قاسية.. هتستحملها؟!» فأجابني «أيوه يا ماما»، كذلك قلت له «كل لفتة وحركة تقوم بها يمكن أن تؤول تأويلا آخر»، لكنه أكد لي أنه يحب التمثيل. عمر موهوب فنيا، على الرغم من أنه درس الهندسة في سويسرا، ولكن من يشاهده يمثل، يعتقد أن تخصص في التمثيل، وأحيانا أقارن بينه وبين ممثلين تخصصوا في المجال، فأجد أنهم ليسوا بموهبته.

·         كنت منتقبة.. لم استبدلت الحجاب بالنقاب؟

- بعد حربي العراق وأفغانستان، انتابني حزن شديد، لأنه صار يروج للنساء المسلمات على أنهن مقهورات. نحن لسنا مقهورات، لأن المرأة التي تختار ارتداء الحجاب تفعل ذلك بكامل إرادتها، طوعا لله وتشبها بأمهات المؤمنين وابنة الرسول. عادة عندما أزور ابنتي في إنجلترا، لا أتعرض للمضايقات ولكن عندما حصلت تفجيرات «أندر غراوند»، التي أعتبرها تصرفات غير إسلامية، قلت «كيف يمكن أن أدخل البلد وأنا أغطي وجهي»، وهناك من قال لي «هل ستخلعين النقاب في إنجلترا؟» فأجبته «كلا.. رب إنجلترا هو رب الأرض كلها ويمكن أن أخلعه في أي بقعة من العالم.. وخلاص». أنا خلعت النقاب لسببين، الأول لكي أقول إن المرأة المسلمة ليست مقهورة وهي لا تغطي وجهها لأنه مشوه أو لأنها عجوز، فقلت «خليهم يشوفوا إحنا مش مغطيين علشان في عيب». من نعم الله علي أن من يراني لا يصدق عمري الحقيقي، مع أنه لا علاقة لي بـ«حكاية النيولوك والحاجات اللي بيعملوها لأني بخاف»، ربما لأن جذوري شامية وتركية، «يعني جامعة عربية»، والسبب الثاني، لكي لا يشعر الإنجليز بالقلق عندما أزورهم في بلدهم.

·         هل تتابعين أعمالا غير دينية؟

- بصراحة أنا لا أتابع مسلسلات ولا أشاهد سوى أعمال زوجي وابني عمر. أنا أنتقي ما أشاهده على التلفزيون، وأفضل متابعة «القناة الألمانية»، «الجزيرة الوثائقية»، «قناة أبوظبي» في برامجها الوثائقية، كما كنت أتابع أوبرا وينفري عندما كانت تقدم برنامجها على قناة «M.B.C4». لا يمكنني أن أتسمر على التلفزيون لكي أتابع قصة درامية «ما عنديش خلق» ولأنها «تمثيل في تمثيل»، وعندما أشاهد أعمال زوجي وابني أحاول أعطي رأيي، أنتقدهما، أشجعهما وأقدم لهما النصائح.

·         أليس ما يقدمانه هما أيضا «تمثيل في تمثيل»؟

- طبعا.. «دول جوزي وابني»، وهل يعقل ألا أشاهد تمثيل ابني؟ على فكرة، عندما أزور ناريمان في إنجلترا، نقصد صالات السينما وهي تختار لي أفلاما راقية، حتى أنني شاهدت هناك فيلما إيرانيا وكان جميلا جدا. أنا أتمنى أن تصبح صالات السينما في مصر كصالات السينما في إنجلترا، وأفلامنا بمستوى راق كأفلامهم. أنا انتقائية جدا في الفن ولا يمكنني أن أشاهد «كل حاجة وأي حاجة».

·         هل تلتقين ممثلات من الوسط أم أنك معزولة عنه؟

- أنا لم أكن مرتبطة بالوسط الفني في يوم من الأيام، وصداقاتي الشخصية كلها من أيام الدراسة، إلى ذلك نحن في البيت 7 إخوة، هذا عدا أخوالي وأعمامي وأولادهم. عندما زرت سوريا العام الماضي، لم نتمكن من رؤية كل أفراد العائلة، لأنها كبيرة جدا، ويومها رغبت ابنتنا ناريمان في التعرف على بلد جدها، فزرنا بيتنا القديم الذي تحول إلى فندق في سوق الحميدية، أما بيت جدي في «البارودية» فتحول إلى بيت للطالبات.

الشرق الأوسط في

30/09/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)