حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

أكدت أنها لا تقبل الارتباط بشخص مثل الريان إلا في الدراما

درة: الإشاعات زوجتني وجعلتني أماً وأنا مازلت آنسة

هي «درة زروق» أو درة التونسية أو درة فقط.. المهم انها أصبحت اليوم واحدة من أهم نجمات مصر والعالم العربي.. والدليل مسلسل «العار» الذي عرض لها رمضان الماضي. وهذا العام شاهدناها في «آدم». و«الريان» لتثبت أن «درة التونسية» من شبرا.. انها نجمة التلفزيون والسينما هذا الموسم بعد ما عرض لها أيضا في العيد الفيلم الكوميدي «تك تك بوم» لتتحول الي بيرم التونسي جديد عاشقة لمصر.. لذلك جاء عشقها لأم الدنيا ولهوليوود الشرق.. وكانت لصحيفة الوفد هذا الحوار الذي نقتطف منه.

·     بداية مبروك على دور سميحة في «الريان» واتساءل هل قابلتي زوجة أحمد الريان أو حتى أحمد الريان نفسه لتتعرفي على طبيعة الدور؟

أحمد الريان قابل طاقم العمل سواء المؤلف حازم الحديدي أو محمود البزاوي وخالد صالح والمخرجة شيرين عادل. ولم تكن لي معه أي مناقشات حول الشخصية. بل فهمتها من خلال السيناريو وسألت المؤلف هل عرفتها بشكل شخصي. فقال لي لم أرها ولكنها «ست بيت» مصرية عادية ورفضت مقابلة أي شخص من العمل.. بل من خلال ما عرفوه عنها.. وأنا كممثلة لم أرغب في أن أراها حتى لا أتأثر بها وأكون محايدة لفهمي لها.. وحبها لزوجها لأنها سيدة أصيلة وطيبة. ووقفت بجوار زوجها رغم كل نزواته ومشاكله الاقتصادية الأخرى. فحتى الاسم تم تغييره.. أما الشكل و«اللوك» فهو ما يتناسب مع ملابس امرأة من منتصف السبعينيات وحتى بداية التسعينيات وجاهدت لتكون الشخصية كما أريدها.

قصة حب

·         قدمت في «آدم» دوراً مختلفاً فهل كنت على علم أن العملين سيقدمان في نفس الشهر ويتنافسان معا؟

بالتأكيد كنت أعرف انهما يعرضان في رمضان ولكن ما شجعني انهما مختلفان تماما وكل منهما يحمل قضايا مهمة وطاقم العمل فيهما محترم. وبه نجوم كبيرة واعتقد ان الجمهور لاحظ الاختلاف وان كان القاسم المشترك بينهما هو قصة الحب التي تحملها الشخصيتان للريان ولآدم!

·         أي شخصية كانت أقرب لدرة وارتاحت معها أكثر؟

لا استطيع أن أحدد فكل منهما بها نقاط اختلاف عن درة. فأنا لا يمكن في الواقع أن أقبل أن اتزوج رجلاً تزوج عليّ «12» امرأة بلا مبرر.. فحتى في «العار» تزوج عليّ سماح لأنها لا تنجب. ولكن «سميحة» شخصية محترمة ولكنها مستسلمة و«ست كاملة» ولا يوجد سبب سوى أن طبعه حب النساء. ولكن اعجبني أن الدور تطور خاصة في مشهد ثورتها عندما علمت أنه تزوج عليها أول مرة ثم محاولتها مساعدته في مشاكل زوجة أخيه بدرية، ببساطة الدور تطور من البراءة المطلقة الى الحنكة واحيانا الدهاء فتاة بريئة الى امرأة عالمة ببواطن الأمور.

·         في السينما يعرض لك الآن «تك تك بوم» لفتاة من العشوائيات. كيف دخلت هذا الدور؟

أنا أجد أي عمل عبارة عن تحد.. فالفيلم ككل مختلف لأنه كوميدي جداً فأنا سبق أن قدمت الكوميدي مع هاني رمزي في «سامي أكسيد الكربون».. ولكن محمد سعد مدرسة مختلفة تماما ودوري مع هاني كان فتاة متعلمة ثورية أما «قطيفة» مع سعد فهي فتاة أمية مقطوعة من شجرة ودور البنت الشعبية معايا من أول أعمالي «الأولة في الغرام» ثم «العار» جعل المخرجين يثقون في قدرتي على تقديم البنت الشعبية. ولكن التحدي لي هو اختلاف شكل البنت الشعبية في العار عن «تك بوم».. ومحمد سعد كان له دور في دخولي للشخصية بنجاح فشرح لي شكل البنت وبشكل عام أنا أركز مع أي شخص أقابله وأسمع وألاحظ وأتعامل مع كل فئات المجتمع واختزنه في عقلي حتى بائعات المناديل في الاشارة أحاول ان اتعرف على عالمهم.

كنت خائفة

·         محمد سعد متهم بأنه دائما ما يمحو شخصية الممثلة أمامه. كما حدث مع نجمات مثل ياسمين عبدالعزيز فهل شعرت بهذا معه؟

أنا كنت خائفة من العمل معه. لأنني سمعت مثلك ولكن عند التعامل معه وجدت العكس.. فأي مشاهد سيرى العمل سيجد البطلة أمامه واضحة.. فالموضوع عن «عروسة وعريس مش عارفين - «يتلموا على بعض» فالحدوتة قائمة على رجل وست ومن الصعب ان تلغي دور الست-

·         هل سنرى درة كوميديانة؟

أكيد محمد سعد عندما يجد أنني قادرة على تقديم الكوميدي سيسعد بالممثلة اللي أمامه. فمحمد سعد مختلف لأنه احياناً يرتجل في المشهد ويجب أن أكون واعية وارتجل معه «في الايفيه» فأنا عندما امسكت الشخصية وعرفتها فأصبحت أملكها واستطيع ان ألعب بها واجعلها تقول على لساني كل ما تريده. ففي لحظة ما تتحول درة الى شخصية «قطيفة» والتوحد يجعلها تقول ما أريده وهي مدرسة تلقائية الأداء مع محمد سعد!

·         هل تتوقعين له النجاح؟

أنا حالياً في تونس فلم اشاهد العمل ولكن أنا قدمته واعرف أنه جيد ويروق للمشاهدين من خلال آراء اصدقائي الذين شاهدوا العمل ورؤيتي كفنانة.

·         هناك مقاطعة على النت للفيلم لأنه يسخر من الثورة؟

الثورة من بدايتها كانت مليئة بالنكات والافيهات وخفة الدم. وكانت دائما موجودة خاصة في الأزمة.. فمن ميدان التحرير الى الفيس بوك والتنحي واليوم مع السخرية من القذافي.. فكوني «أهزر» لا يعني أنني اسخر منها فنحن لا نقدم التحرير. ولكن الناس العادية التي لا تفهم شيئاً اساساً.. فالبطل أهطل لا يعرف أن من يحكم مصر يختلف عن حاكم الإسكندرية مثلا. فليس كل الناس من المثقفين فالفيلم يظهر العلاقة القوية بين الجيران واللجان الشعبية. السخرية هنا من البلطجة والسرقات والسجون التي تم اقتحامها في اطار كوميدي!

·         انت في تونس عروسة الثورات وبدايتها فكيف هي الأحوال عندك الآن؟

رمضان والأعياد هناك تتركز على الخروجات العائلية. فبعد شهور من الثورة تنفس الناس الصعداء.. ولكن عندنا تحضير للانتخابات في اكتوبر القادم وكل الأحزاب تحضر برامجها الانتخابية. كما تشاهدين الحوارات دائرة بشدة حول القضايا السياسية. ولدينا رغبة في القبض على رموز النظام السابق لنحاكمهم كما فعلتم في مصر. فللأسف رموز النظام التوسني السابق «هربوا». كما أن هناك اهتماماً تونسياً بعمل كوميدي عن الثورة.. فالكل يبحث عن الكوميديا الهادفة بعيداً عن الدراما ولعل الدليل أن «سامي أكسيد الكربون» حقق أعلى الايرادات وهو ما لم تحققه الأفلام الجادة!

·         هل سينجح «تك تك بوم» ويتفوق على غيره من الأعمال الكوميدية؟

هو مختلف لأنه فيلم عائلي بدون افيهات جنسية.

·         ما عملك القادم؟

بعد عودتي من تونس سنحضر لفيلم «صوّر قتيل» اخراج كريم العدل مع اياد نصار وأحمد فهمي وهو تأليف عمرو سلامة. وتدور أحداثه في اطار تشويقي واثارة حول جريمة قتل وأقوم فيه بدور طبيبة نفسية.

·         سمعنا أن درة تزوجت؟

لا أعرف من اين أتوا بهذا الخبر. فأنا لم اتزوج بعد. والموضوع مجرد خطوبة وانتهت فتحول على ايدي مروجي الاشاعات الى زواج وانجاب وكلها فبركة وأنا لم ارتبط نهائياً!

النهار الكويتية في

30/09/2011

 

حينما يظهر الوجه البشع للسينما

«الدين» هوليوود تمجد بطولات «الموساد»

عبدالستار ناجي  

حينما يظهر الوجه الاخر للسينما نشاهد البشاعة.. وأيضا تلك المخالب والقوة الضاربة التي يتم تسخيرها من اجل الترويج الدعائي لهذه الجهة أو تلك، وفي مقدمتها اسرائيل واليهود على وجه الخصوص.

ومن تلك النوعية من الاعمال السينمائية التي تقطر منها رائحة العقل الدعائي المباشر يأتي فيلم «الدين» The Debt.

وقبل ان نقوم بأي تحليل دعونا نذهب الى حكاية الفيلم الذي بدأ عرضه في الاسواق العالمية بقيادة النجمة البريطانية هيلين ميرين، تدور احداث فيلم «الدين» في العام 1965 عن عملية «الموساد» راشيل سينغر (هيلين ميرين) خلال مهمة سرية لالتقاط وتقديم ديتر فوغل للمحاكمة باعتباره مجرم حرب نازيا، هكذا هو الاساس، اما المضامين فهو فعل دعائي آخر عن تصفية الحسابات القديمة بين اليهود والنازيين، حيث يذهب ثلاثة من عملاء الموساد بهويات فريقه الى برلين الشرقية لاعتقال مجرم حرب نازياً، وهو طبيب مهتم بعمل تجارب معملية على بعض اليهود أثناء الحرب العالمية الثانية ومحاكمته في اسرائيل.

وتقول التقارير التي نشرت عن الفيلم ان النجمة هيلين ميرين قضت وقتا في اسرائيل عام 2009 تعرفت خلال تلك الفترة على عدد من عملاء الموساد الاسرائيلي لانها قامت بتجسيد احدى العميلات السريات اللواتي عشن تلك التجربة.

كتب سيناريو الفيلم كل من ماتيو فون وجين غولدمان، اما الاخراج فهو من توقيع جون مادون (شكسبير عاشق).

قصة عن بطولات الموساد وايضا الحكاية الدائمة عن عذابات اليهود ابان حكم النازية، قصة بطولية تعد الى الحرب الباردة وايضا الحرب العالمية الثانية والمرحلة الراهنة حيث يقوم ثلاثة من عناصر الموساد بالذهاب الى برلين في مهمة سرية، هدفها القبض على نازي هارب.

والفيلم يعتمد على نص روائي كتبته ابنته العملية راشيل (جسدتها هيلين).

هارب نازي تورط في العديد من العمليات المخبرية التي أجراها على المساجين اليهود وهنا يدخل الفيلم في كم من الاحداث التي يجري بعضها في الماضي وقت اجراء تلك العمليات وايضا المرحلة الراهنة حيث المطاردات.

ولكل شخصية من تلك الشخصيات التي تقوم بتلك المهمة، ألمها وعذاباتها ورغبتها في تصفية الدين مع هذا المجرم النازي أو غيره.

وهنا أيضا يتم استدعاء حكايات وألم تلك الشخصيات وأفراد أسرهم الذين عاشوا تحت الحكم النازي.

من هنا تأتي قسوة المواجهات والاخذ بالثأر وايضا المقدرة عالية المستوى للمخرج مادن في السيطرة على تلك الدراما المتسارعة والازمنة المتداخلة والشخصيات المزدوجة، فنحن دائما امام شخصية وأخرى واحدة في المرحلة الراهنة وأخرى في الماضي.

ونصل الى مرحلة القبض على «فوغل» وحبسه في الشقة حيث تبدأ تلك الشخصيات تتحرك بنوازعها الذاتية وهي تحمل الرغبة لتصفية كل الديون، متمثلة في تلك الشخصية المتهمة.

مع هيلين الحاصلة على اوسكار أفضل ممثلة عن فيلمها «الملكة» كل من توم ويلكسون الذي شاهدناه في شكسبير عاشق وباتمان وغيره وجارين هندز، وهو ممثل ايرلندي وله «شبح الاوبرا» و«ميونيخ» وهذا يعني انه يشارك في عمل ثاني دعائي لليهود.

ولدور الدكتور النازي يطل علينا النجم السويدي جاسبر كريستنسون بدور يدعونا منذ اللحظة الاولى الى الحقد على الشخصية التي يقدمها.

في الفيلم يتم استخدام عدة لغات من بينها الانكليزية والالمانية والاوكرانية والعبرية وقد تكلف انتاجه 20 مليون دولار وحصد بعد أسبوعين من عرضه 26 مليون دولار.

فيلم يذهب الى الدعائية الفجة والى الترويج لبطولات تقوم بها «الموساد» وعناصر من اجل استيفاء ديون سابقة، كما هو الأمر في فيلم «ميونيخ» الذي يتحدث عن مجموعة اسرائيلية تمتد اليها تصفية الاسماء التي كانت وراء عملية «ميونيخ» الشهيرة التي راح ضحيتها عدد من اللاعبين الاسرائيليين، وهنا وهناك نحن امام استعادة دين.. وتصفية حسابات، ويبدو ان هذا النهج راسخ في الفكر الاسرائيلي، واليهودي.

ومن أجل هذا الفيلم الدعائي للموساد، تم الاستعانة بمخرج كبير ونجمة كبيرة، ميزانية قدرها 20 مليون دولار، سخرتها شركتان من كبريات الشركات المستقلة في هوليوود هي فووكس فيتشرز وميراماكس وهذا يعني ان هوليوود تروج للموساد!.

anaji_kuwait@hotmail.com

النهار الكويتية في

30/09/2011

 

هلآ لوين فيلم نادين لبكي أين ندفن المشكلة

ديمة ونوس

نساءٌ متشحات بالسواد، يمشين بإيقاع مسرحي على طريق متربة. كمن تفتح الستارة وتشقّ صمت الصالة، وتقترب من الجمهور على مهل. تقترب بخطوات مدروسة بعناية ولها دلالات مسرحية أكثر منها سينمائية. أيديهن الموضوعة على صدورهن تخفي وراءها صوراً. وحدها نادين لبكي تنظر إلينا من عين الكاميرا، لتبدأ برواية "الحدوتة".

قصة ضيعة مقطوعة عن العالم الخارجي منذ حرب سابقة. ضيعة تزنّرها الألغام. ضيعة لا يصلها بالعالم الخارجي سوى تلفاز يتيم وعتيق، درّاجة هزيلة يقودها شابان هما نسيم وروكز سعياً لتلبية حاجات الأهالي، بعض الصحف التي تأتي اليوم وتنقطع غداً.
التلفاز الذي يتحلق حوله أهالي الضيعة من صغيرهم إلى كبيرهم، عواقبه غير مأمونة على الإطلاق. تارة، يبث أفلاماً إباحية تحتج عليها النساء حرصاً على أطفالهن الصغار. وطوراً، تذاع عبره نشرة أخبار محمّلة بالمآسي والتفرقة الأهلية. ما يذكرهم بخلافاتهم واختلافهم. ما يداعب أحقادهم الدفينة وتراكمات مريرة من محاولة العيش مع الآخر والتعايش مع طقوسه وأفكاره.

هنا يجد المتفرج نفسه أمام مشكلة عويصة لطالما عاشتها مجتمعات العالم الثالث، ألا وهي تجاهل المشاكل والعقد بدلاً من مواجهتها. تبسيط الأزمة بدلاً من تأمّلها بعمق وروية. إذ ان نادين لبكي اشتغلت طوال فيلمها الثاني "وهلّأ لوين"، على امتداد مئة دقيقة، على فكرة "الخارج". كي تجنّب نفسها عناء الخوض المجهد بأصل الأزمة، تخففت من ذلك العبء وحمّلت "الخارج" مسؤولية الاقتتال الداخلي. كما حدث بالضبط بعد هزيمة الـ 67 عندما أطلقت عليها بعض الأنظمة تسمية "النكسة". كما حصل بعد الحرب الأميركية على العراق. وكأن القوات الأميركية هي وحدها المسؤولة عن الخراب الذي لحق بالعراق. وكأن أميركا احتلت أرضاً مزدهرة وشعباً راضياً ونظاماً ديموقراطياً. (دون تجاهل جرائم الاحتلالين الإسرائيلي والأميركي). كما حدث ويحدث يومياً عندما نتحدث عن مؤامرات خارجية لا ذنب لنا فيها. إضافة إلى العقلية الغيبية التي لم تبين لنا سبب واضح لحوادث عديدة مثل كسر الصليب في الكنيسة وتدنيس حرمة الجامع واستبدال الماء المقدس بالدم.

هذا ما يدفع السينمائية الشابة، ربما، إلى الاستعاضة عن تلك الخفة السياسية بتقنيات سينمائية عالية وبكوميديا سوداء وبإدارة بارعة للممثلين، المخضرمين منهم والجدد. تلك العناصر تحمل الفيلم وتنقذه من خطاب مؤدلج عن الفتنة الطائفية أو الحرب الأهلية. الحلول الدرامية أيضاً وقعت في فخ المباشرة في بعض اللقطات. كلقطة الأحذية المتراكمة بعضها فوق بعض على باب المسجد. أو لقطة أخرى تكررت أكثر من مرة، حيث تنهض المئذنة بمحاذاة الصليب دليلاً على التعايش وإن كان تعايشاً حذراً.

في النهاية، يكون "الخارج" هو الحلّ أيضاً. حيث تستعين نساء الضيعة بفتيات أوكرانيات، يأتين في زيارة تستغرق أياماً، يتوزعن على بيوتها القليلة. وجودهن يبعث على الفرح. شباب الضيعة يستعيدون هدوءهم وصفاءهم ونشاطهم. يعثرون على ما يجمعهم: النساء الأوكرانيات! لكن ما أن اعتادوا على وجودهن بينهم، حتى عادت المشاكل من جديد. كُسر الصليب في الكنيسة فثارت عقول المسيحيين وراح الأب (سمير عوّاد) يهدئ من روعهم ويدعوهم إلى الحكمة والتسامح. ثم استيقظوا ذات صباح ليجدوا الجامع ملعباً للدجاج وما يخلفه من قذارة تدنّس حرمته. ثم يُقتل الشاب نسيم "صلة الوصل مع الخارج" على يد مجهولة - على المتفرج أن يحزر هوية القاتل أو انتماءه الديني- مما يؤجج الفتنة من جديد.

اللافت في الفيلم، هو جرأة نادين لبكي على تخطي "هيبة الدين" وقدسيته المفرطة. حيث تتميز شخصيتا رجلي الدين الوحيدين في القرية، الكاهن والشيخ، بروح الدعابة وبقلة الحيلة. وتظهر تلك الجرأة في أصفى تجلياتها عندما تقتحم والدة نسيم الكنيسة وتهرول صوب تمثال السيدة العذراء لتنهرها وترميها بالتراب. تقول لها ما معناه: أهكذا تفعلين بمن يوصيكي بأطفاله؟ وترحل عن الكنيسة من دون أن تتراجع عن خطيئتها أو تعتذر للسيدة مريم. تفصيل آخر، يكسر صرامة الأماكن المقدسة. عندما تمثل إيفون دور القديسة في الكنيسة لتقول لمسيحيي الضيعة إن السيدة مريم حدثتها عن غضبها من ردّة فعلهم المتعجلة حول قضية كسر الصليب.

في مكان آخر، تبالغ لبكي بدور المرأة في حياة الضيعة. فتكون وحدها الواعية للمشاكل، القادرة على حلحلتها. بينما يتميز الرجال بسرعة غضبهم واستفزازهم وقلة إدراكهم وربما ذكائهم المتوسط.

تنظم النساء نهاية الفيلم بالتعاون مع كاهن الضيعة وشيخها حفلة مفتعلة في مقهى آمال (نادين لبكي). حيث يتحلق الرجال حول الطاولات حسب انتمائهم في البداية. ثم تبدأ زوجاتهم وأمهاتهم بتوزيع المشروبات والخبز و"المناقيش" المعجونة والمخبوزة بالحشيش والمهدئات والمسكنات. يشربون ويأكلون بشراهة. تخرج الأوكرانيات بملابس الرقص ويبدأن بمحاولات عابثة لهزّ خصورهن على الطريقة الشرقية. يسكر الرجال فتتعالى ضحكاتهم النهمة وتتبدد خلافاتهم وتتبخر أحقادهم. تستغلّ النساء ذلك المشهد الاحتفالي الصاخب لتخرجن من المقهى باتجاه رقعة محددة من أرض القرية. يحفرن بهمة عالية. يعثرن على الأسلحة مخبأة في صناديق. يتخلّصن منها إلى الأبد.

بعد تلك الليلة الـ "عرمرمية"، يستيقظ رجال الضيعة وشبابها ليروا نساءهم المسلمات وقد نزعن عن رؤوسهن الحجاب، تاركين خصل شعورهن تنهمر بخفة وبلا مبالاة. ليروا نساءهم المسيحيات وقد أخفين شعرهن بمناديل سوداء. المسلمة منهن "صارت" مسيحية. المسيحية "أصبحت" مسلمة. وكما يبدأ الفيلم بمشهد المشي باتجاه مقبرة الضيعة، ينتهي هناك. لكن هذه المرة، يصاب أهالي الضيعة بالارتباك وهم يحملون نعش وسيم على أكتافهم. أين يدفنونه؟ إلى يمين المقبرة أم إلى يسارها؟ مما يترك السؤال الرئيس للفيلم "وهلأ لوين؟" معلقاً في فضاء الصالة والمتلقي معاً.

السفير اللبنانية في

30/09/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)