حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

ثلاثية "الطيب والشرس والسياسي":

صدمة وكشف وسخرية

أمير العمري

شهد مهرجان فينيسيا (البندقية) السينمائي الأخير، العرض العالمي الأول للفيلم المصري الوثائقي الطويل"التحرير 2011: الطيب والشرس والسياسي". وبعد فينيسيا توجه الفيلم الى مهرجان تورنتو، وسينتقل الى مهرجان أبو ظبي السينمائي الذي يفتتح في 13 أكتوبر، كما يتوقع أن يعرض في عدد كبير من المهرجانات السينمائية الدولية.

اشترك في كتابة وإخراج الفيلم ثلاثة من السينمائيين الذين اشتركوا في أحداث الثورة المصرية التي اندلعت في 25 يناير/ كانون الثاني الماضي وأسقطت نظام الرئيس حسني مبارك. المخرجون الثلاثة هم بترتيب الأجزاء التي أخرجوها من الفيلم: تامر عزت وآيتين أمين، وعمرو سلامة.

والأجزاء الثلاثة من الفيلم تعرض وجهات نظر أصحابها في الأحداث الدرامية التي وقعت والتي كانوا مشاركين فيها وشهودا عليها، وقد اختار كل مخرج جانبا محددا لرواية جزء من الأحداث، وتقديم صورة للعالم عما حدث في مصر، وتحديدا في عاصمة الثورة المصرية أي ميدان التحرير في قلب القاهرة.

في الجزء الأول "الطيب" يقدم مخرجه تامر عزت صورة قريبة لميدان التحرير: كيف تحول إلى "جمهورية" مستقلة، أو كما يردد أحد الشخصيات في الفيلم "منطقة محررة" بالكامل، يسيطر عليها الثوار، بعد أن تمكنوا من تأمينها وتزويدها بالحماية وبقوة تدافع عنها، كما أنشأوا مستشفى ميداني يعمل فيه الأطباء المشاركون في الثورة تطوعا.

ويتوقف الفيلم أمام عدد من الشخصيات التي تعبر عن شباب الثورة أولهم "نازلي" وهي فتاة مصرية تنتمي للشريحة العليا من الطبقة الوسطى، لم يسبق لها المشاركة في المظاهرات من قبل. تصحبها الكاميرا، سواء من خلال مشاهد ولقطات تسجيلية التقطت لها أثناء الأحداث، أو تعود بها الى ميدان التحرير في وقت لاحق بعد أن انتهت الأحداث الساخنة وان بقيت التظاهرات المليونية، لكي تروي للمشاهدين تجربتها في الثورة، كيف تغيرت حياتها تماما بعد أن رأت بعينيها للمرة الأولى شابا يسقط قتيلا برصاص رجال الأمن.

وينتقل الفيلم الى "أسامة حسام محمد" الذي ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين، وكيف كان يتشكك في امكانية النجاح في تنظيم مظاهرات ضخمة ففوجيء بالأعداد الهائلة للمتظاهرين، وكيف استمد الشجاعة الهائلة في مواجهة قوات الأمن من وجوده وسط تلك الأعداد، وأصيب برصاصة استقرت في فكه لم يمكن ازالتها حتى الآن.

والشخصية الرابعة في هذا الجزء هي شخصية طبيب شاب ساهم في تأسيس مستشفى "دولة التحرير" لعلاج المصابين، وهو يروي الكثير من التفاصيل المتعلقة بالعمل الشاق في هذا المستشفى وقت المواجهات الشرسة بين المتظاهرين وقوات الأمن، وما عرف فيما بعد بـ"موقعة الجمل" حينما حاول رجال مدسوسون من النظام السابق تفرقة الثوار في ميدان التحرير باستخدام أقسى درجات العنف البدائي.

ثم يتوقف الفيلم أمام شخصية المصور "أحمد" الذي تخلى عن منحة دراسية في الخارج وقطع دراسته في الدنمارك وعاد الى القاهرة للمشاركة في الثورة، وهو يروي تفصيلا الكثير عن عمله كمصور أثناء الثورة، ويستعرض الكثير من الصور الفوتوغرافية التي التقطها في ظروف شاقة، وتعتبر تلك الصور وثائق مهمة على الثورة.

يتوقف هذا الجزء أيضا أمام المظاهر الأخرى في ميدان التحرير مثل الغناء والمعارض التي تخصص لكتابة كل ما يود الثوار التعبير عنه.

ويعتبر هذا الجزء من أكثر الأجزاء في الفيلم توازنا وشمولية، وهو توازن بين اللقطات العامة التي تقدم لنا صورة توثيقية للحدث الكبير، واللقطات القريبة من بعض الشخصيات التي ساهمت في صنع الحدث.

الجزء الثاني "الشرس" تتوقف فيه المخرجة آيتين أمين أمام عدد من شخصيات ضباط الشرطة الذين شاركوا في قمع الثورة أو كانوا شهودا عليها، فهناك مثلا الضابط مصطفى جمال عبد السلام، وهو نقيب في قوات الأمن المركزي، يتحدث بشكل انتقادي للنظام الذي صنع من الشرطة على حد تعبيره (عفريت العلبة بالنسبة للشعب)، ولكنه ينفي أي تعامل مباشر مع المواطنين، ويتحدث الضابط الذي يتحدث دون أن يظهر وجهه بوضوح بعد أن رفض الظهور مباشرة بشخصه، عن وجود "عيال مندسة" وسط الجماهير قامت بالتخريب على حد قوله، لكن هناك عبارة شديدة المغزى تفلت منه وهو يصف تدفق الجماهير الثائرة على شوارع القاهرة عندما يقول "مرة واحدة وجدنا أنفسنا نواجه مصر كلها".

نقيب آخر في الشرطة يتحدث عن رغبته هو الآخر في اسقاط النظام، الذي يراه مستغلا له ولأمثاله، ساعات عمل طويلة، نقص للحماية، تدريب هزيل، أجور متدنية، مهمة صعبة لمواجهة الشعب.. الخ
وتنتقل آيتين من الضابط المتعاطف مع الثورة الذي يوجه نقدا للنظام يعكس وعيا سياسيا كبيرا (ضابط أمن دولة استقال من وظيفته)، الى الضابط الذي يصف الثورة بأنها عملية "مدبرة".

وتستخدم المخرجة الكثير من اللقطات التسجيلية في هذا الجزء منها لقطات لأقسام الشرطة التي حرقت خلال الأحداث، وشاب يتصدى لمدرعة من مدرعات الجيش، وتكشف عن جوانب مثيرة جديدة تتعلق بتصفية المساجين السياسيين الإسلاميين تحديدا وتغطية عمليات القتل الجماعي عن طريق اطلاق سراح المساجين الجنائيين الخطرين من السجون المصرية. كما يتناول هذا الجزء بالتحقيق سينمائيا، موضوع وجود مجموعات من القناصة ضمن فرق الأمن المركزي وهي التي ينفي المسؤولون في وزارة الداخلية حتى الآن، وجودهم أصلا.

وفي الجزء الثالث (السياسي)، ولعله أطرف الأجزاء الثلاثة وأكثرها امتاعا للمشاهد، نشاهد ميكانيزم صنع الديكتاتور تحت عنوان "كيف تصبح ديكتاتورا" على نمط "كيف تصبح مليونيرا".. وهو ما يلخصه المخرج عمرو سلامة في نقاط عشر يبدأها في مزيج من الجدية والسخرية، وهو يبدأها بالتوقف أمام "صبغة" الشعر التي ميزت حكم الرئيس السابق حسني مبارك الذي كان يستخدمها لاخفاء آثار الزمن ومعه زمرة من كبار المسؤولين في عهده.

ويشرح هذا الجزء ببساطة وبطريقة قريبة للغاية من المشاهد العادي البسيط، كيف تمكن نظام مبارك من الاستمرار في السلطة طيلة هذه السنين، من خلال صو رة قريبة من مبارك سواء من خلال نقاد نظامه مثل الكاتب بلال فضل أو الروائي علاء الأسواني، أو بعض من عملوا معه مثل الدكتور حسام بدراوي الذي تولى أمانة الحزب الوطني، أي حزب الرئيس قبل السقوط مباشرة. وهو ير وي في مقابلة نادرة حقا، تفاصيل اللقاء بينه وبين مبارك لاقناعه بالتخلي عن السلطة وكيف أن مبارك تراجع عن الاتفاق الذي تم بينهما وألقى خطابا ثانيا يعلن فيه تمسكه بالبقاء مما أشعل نيران الغضب لدى الثوار.

ولاشك أن الفيلم بهذه الثلاثية المتناغمة يعكس تماسكا وتكاملا رائعا من خلال وحدة الموضوع والحدث والترابط بين الشخصيات، بحيث تكمل الأجزاء الثلاثة بعضها البعض، وتعكس أيضا تآلفا فريدا بين المخرجين الثلاثة. فنحن عندما نشاهد الفيلم فإننا نشاهده كفيلم واحد بأجزائه الثلاثة وليس كثلاثة أفلام متفرقة منفصلة.

الملحوظة الثانية أن  هناك مزجا جيدا جدا بل ومحكوما بدقة شديدة، بين التسجيلي المأخوذ من اللقطات الأرشيفية للثورة من مصادر شتى بما فيها دون شك شبكة "يوتيوب" على الانترنت، وبين ما تم تصويره خصيصا للفيلم سواء من لقطات في ميدان التحرير أو مقابلات مع عدد من الشخصيات.

ولعل هذا الترابط يخلق تأثيرا عاطفيا هائلا على المشاهد، دون أن يفقد الفيلم قدرته على التحليل، والرؤية الواضحة المنهج سياسيا، وبالتالي يتميز الفيلم عموما بتقديم كم كبير من المعلومات حول أحداث يناير- فبراير 2011، مع تحليل متميز، وتوازن في البناء، مع الابتعاد عن التعليق الصوتي التقليدي اكتفاء بما تكشف عنه الصور من قوة،  أو بما يأتي في سياق الفيلم من تعليقات من جانب الشخصيات التي تظهر في الأجزاء الثلاثة منه.

ورغم قسوة ما يصوره الفيلم من أحداث ووقائع خاصة في الجزئين الأول والثاني، إلا أنه لا يخلو من المتعة والجمال.. فمن تلك الروح الجماعية الكبرى التي يعكسها الجزء الأول "الطيب"، وتصوير ذلك الاصرار على هزيمة مبارك وابتعاده عن السلطة، مع تصوير الابداعات المباشرة للثائرين في الميدان، بل وكيف عقد أحدهما قرانه على زوجته في الميدان أيضا، إلى تلك الصورة الجريئة التي تظهر في الجزء الثاني (الشرس) وأإنية الشيخ إمام العبقرية "أنا رحت القلعة وشفت ياسين" التي تنزل على لقطات للسجون والزنازين التي استقبلت طوال عهود كل أنواع المسجونين السياسيين، إلى السخرية والمرح.. سلاح الثوار أيضا في مواجهة حماقة الديكتاتورية في الجزء الثالث، وكيف أصبح مبارك حبيسا في أوهامه الخاصة بل وكيف كان يتصور أيضا أن بوسعه أيضا أن يورث السلطة لابنه من بعده!

إن فيلم "التحرير 2011" وثيقة مهمة دالة، وشهادة صادقة، لثلاثة سينمائيين عن وجودهم المباشر في ذلك الحدث الفارق في تاريخ مصر الحديث.

الجزيرة الوثائقية في

27/09/2011

 

قراءة أولية في مهرجاني الدوحة وأبو ظبي 1/2

بشار إبراهيم 

في افتتاح رسمي لموسم المهرجانات السينمائية العربي للعام 2011، أعلن كل من مهرجان الدوحة ترايبيكا السينمائي، ومهرجان أبوظبي السينمائي، جداول الفعاليات الكاملة، أو شبه الكاملة، للدورة القادمة لكل منهما، وعلى رأس كل منها قائمة الأفلام المشاركة في المسابقات الرسمية، أو على الأقل المسابقات العربية، التي استحدثاها، على مستوى الأفلام الروائية الطويلة، والأفلام الوثائقية.

وبالانتباه إلى جملة الأحداث، والتطوّرات، التي جرت في غير بلد من العالم العربي، منذ نهايات العام المنصرم، وطيلة العام الحالي، فمن الجدير بالانتباه إلى أن عدداً من المهرجانات السينمائية العربية، التي كان من الممكن لها أن تكون فاتحة الموسم المهرجاناتي السينمائي العربي، قد غابت، أو غُيّبت، هذا العام، نذكر منها على سبيل المثال: مهرجان وهران للفيلم العربي، ومهرجان الاسكندرية السينمائي، ومهرجان الإسماعيلية للأفلام الوثائقية والقصيرة، وهي الأفلام التي تنعقد عادة مبكراً، في الصيف وبدايات الخريف، الأمر الذي جعل من مهرجان أبوظبي السينمائي (13- 22/10/2011) البداية الرسمية لموسم المهرجانات السينمائية العربية، هذا العام، يليه في ذلك زمانياً مهرجان الدوحة ترايبيكا السينمائي (25- 29/10/2011) بفارق أيام معدودات، لا أكثر!..

وفي وقت تقرر انعقاد المؤتمر الصحفي لإعلان برامج مهرجان أبوظبي السينمائي، بتاريخ 21/9/2011، فقد بادر مهرجان الدوحة ترايبيكا السينمائي لإعلان برامجه، من خلال نشرة إعلامية، بتاريخ 20/9/2011، أي قبل أقل من أربع وعشرين ساعة، لترتسم للمهتمين والمتابعين، ومن خلال النشرة الإعلامية والمؤتمر الصحفي، الملامح النهائية للدورتين القادمتين.

ومن المثير في هذا الشأن أن مهرجان الدوحة ترايبيكا السينمائي آثر أن يقتصر الإعلان عن الأفلام العربية المشاركة في مسابقتيه المخصصتين للأفلام العربية، وهكذا وجدنا أنه في «مسابقة الأفلام العربية الروائية الطويلة»، سيشارك كل من فيلم «إنسان شريف» للبناني جان كلود قدسي، و«قلب أحمر» للعراقي هلكوت مصطفى، و«قديش تحبني» للجزائرية فاطمة زهرة زعموم، و«الشوق» للمصري خالد الحجر، و«أغنية المهرّب» للجزائري رباح عامور زايميشي، و«طبيعي» للجزائري مرزاق علواش، و«عمر قتلني» للمغربي رشدي زم.

أما في «مسابقة الأفلام العربية الوثائقية»، فسيشارك فيلم «الكلمة الحمراء» للتونسي إلياس بكار، و«اختفاءات سعاد حسني الثلاثة» للبنانية رانية اسطفان، و«توق» للسورية لينا العبد، و«أقلام من عسقلان» للفلسطينية اللبنانية ليلى حطيط سلاس، و«العذراء، الأقباط وأنا» للمصري نمير عبد المسيح، و«بنات البوكس» للمخرجين لطيفة ربانة دوغري وسالم الطرابلسي، و«في الطريق لوسط البلد» للمصري شريف البنداري.

النظرة الأولى، تبين أن مهرجان الدوحة ترايبكا السينمائي شاء أن تقتصر مسابقتيه للأفلام العربية: الروائية الطويلة، والوثائقية، على عدد محدود جداً من الأفلام، بما لا يتجاوز سبعة أفلام في كل قسم: (7 أفلام روائية طويلة + 7 أفلام وثائقية)، وهذا مما يعني أن البرنامج اختار جانب التواضع على المستوى العدديّ، إذ غالباً ما تتعارف مهرجاناتنا السينمائية العربية على أن تتراوح الأفلام المشاركة في أيّ شقّ من المسابقات الرسمية: (روائية طويلة، روائية قصيرة، وثائقية)، على ما لا يقل عن 12 فيلماً، في مراعاة منها للتنوع فيما بين البلدان العربية، وإتاحة الفرصة للمزيد من المخرجين والمخرجات لخوض غمار التنافس للفوز بالمسابقة، ونيل الجوائز.

الملاحظة الثانية تتجه نحو مسألة أن عدداً وافياً من الأفلام العربية المشاركة في المسابقتين، لاتبتعد عن كون المهرجان، أو إحدى مؤسساته الموازية، شريكاً إنتاجياً، سواء أكان معلناً، أو ما بين السطور، الأمر الذي يعني أن مهرجان الوحة ترايبكا السينمائي يبدو وكأنه يجري المسابقة بين أفلامه التي اختارها، ودعمها، وموّلها!..

صحيح أن ما يجري في مؤسسة الدوحة للأفلام، بما فيها المهرجان السينمائي، الذي هي هو أحد أذرعها، يُقدِّم نفسه في إهاب المؤسسات التعليمية، من جهة أولى، والداعمة للإنتاج، من جهة ثانية، والممولة بالتالي، ولكن أن ينحصر حضور الأفلام، في المسابقة، بما هو مدعوم أو ممول، يتضمن دون أدنى شك غبناً بحظوظ أفلام أخرى، يمكن أن يكون لها نصيب من الحضور، وربما من الفوز، أو على الأقل شرف التنافس!..

يبقى من الضروري الانتباه إلى أن خريطة توزُّع الأفلام، كما وردت في برنامج مسابقتي المهرجان، تنحصر في دوائر ضيقة، تغيب عنها بلدان عربية عديدة، على حساب حضور واضح لبلدان أخرى. هنا ثمة ثلاثة أفلام من الجزائر، مثلاً، وتغيب بلدان عربية هامة على مستوى الإنتاج السينمائي. قد يكون هذا لأسباب إنتاجية، تتعلَّق بغياب الإنتاج السينمائي، في هذا البلد أو ذاك. وهو أمر مفهوم، دون أدنى شك، ولكن الإشكالية تتبدّى عندما يذهب البرنامج إلى اختيار أفلام تثير أسئلةً تتعلق بجنسيتها، أو تاريخ إنتاجها.

من هنا سنجد، مثلاً، أن فيلم «عمر قلتني» للمخرج المغربي الأصل رشدي زم، سبق له أن عُرض جماهيرياً في كل من المغرب وفرنسا، وحصلت التباسات حول جنسيته، ما بين فرنسي ومغربي، خاصة بما يتعلق بترشيحه لجائزة الأوسكار عام 2012، كما أن فيلم «الشوق» للمصري خالد الحجر، سبق له أن فاز في العام الماضي 2010، بجائزة الهرم الذهبي؛ أفضل فيلم في مهرجان القاهرة السينمائي، الأمر الذي يعني أنه بات قديماً في عُرف المهرجانات السينمائية العربية.

مهرجان الدوحة ترايبكا السينمائي، ومع وجود اثنين من المبرمجين السينمائيين العرب، اللذين لا يمكن إنكار براعتهما، وقدرتهما في مجاليهما، من طراز المخرج الشاب شادي زين الدين، والمبرمجة هانيا مروة، واتكاءً على استراتيجية المهرجان التي تتدامج فيه الأبعاد التمويلية الإنتاجية، مع الأبعاد التعليمية، يبدو أنه يمضي باتجاه اختيارات محددة، ربما تبدو ذات علاقة تنافسية مع كل من مهرجان أبوظبي السينمائي، ومهرجان دبي السينمائي، ولكن من الواضح أن كلاً من هذين المهرجانين له سياقاته الخاصة، التي لا نُنكر أنها قد تتأثر باختيارات مهرجان الدوحة ترايبيكا السينمائي، ولكنها دون أدنى شك تذهب نحو خياراتها الفنية والمضمونية، التي ليس لها بالضرورة أن تتطابق مع اختيارات مهرجان الدوحة ترايبكا السينمائي.

كل ما في برنامج مهرجان الدوحة ترايبكا السينمائي يشير إلى تواضع ملفت. ولكنه تواضع خادع، على أقل تقدير، فغالبية الأفلام المشاركة في المسابقتين الرسميتين، في المهرجان، هي من إنتاج أو تمويل أو دعم المهرجان، أو واحدة من مؤسساته. وربما من نافل القول إن مهرجان الدوحة ترايبكا السينمائي ينأى بنفسه، عبر هذا، أن يكون منافساً حقيقياً للمهرجانين اللذين ينعقدين في المنطقة ذاتها؛ منطقة الخليج العربي، حيث يتواجد الآن ثلاثة مهرجانات سينمائية عربية، هي: مهرجان دبي السينمائي الدولي في دورته الثامنة، ومهرجان أبوظبي السينمائي في دورته الخامسة، ومهرجان الدوحة ترايبيكا السينمائي في دورته الثالثة. ومع هذا فإن مهرجان الدوحة ترايبكا السينمائي يبدو الأكثر قدرة على استخدام إمكانياته المادية، لاستقطاب ما يريد من أفلام، تماماً بما يفوق مهرجاني أبوظبي ودبي، السينمائيين، ولكن دون أن تتضح هويته، واتجاهاته، الذي يريد!..

يبقى ثمة من جملة لابد قولها، وهي أننا لا نعترض على سياسات واستراتيجيات مهرجان الدوحة ترايبكا السينمائي، وخياراته، الراهنة، والمتحولة من دورة إلى أخرى!.. إنما كل ما نريده هو أن يوضّح، لنفسه ولنا، هويته واستراتيجيته، التي يمكن من بعدها معرفة كيفية التعامل معه. أي مهرجان يريد هو أن يكون. أي استراتيجية يطمح لها. وأي هدف يسعى إليه. ماذا يريد. وإلى أين يمضي. وعندها كل شيء يهون!..

يقيننا أن مهرجان الدوحة ترايبكا السينمائي، بقوته المالية المعروفة، يستطيع الذهاب إلى هدفه. أي هدف يريد. ويحققه. حالما يحدده.

الجزيرة الوثائقية في

26/09/2011

 

أفلام عراقية للمرة الأولى في مهرجان "رين دانس" السينمائي

بغداد – محمد جبارالربيعي  

تشارك مجموعة من الأفلام العراقية للمرة الأولى في بريطانيا ضمن فعاليات مهرجان رين دانس السينمائي، أحد أهم المهرجانات الأوروبية للأفلام المستقلة، وذلك ضمن مجموعة أفلام من الشرق الاوسط، في دورته التاسعة عشرة ابتداء من 28 سبتمبر ولغاية 9 أكتوبر، وتتضمن العروض أفلاما لسينمائيين عراقيين وأفغان ومن جنسيات أخرى, ملقياً بضوء جديد على تجاربهم في بريطانيا وخارجها، الى جانب أعمال حول بلدانهم الأصلية.

يعرض السينمائي العراقي قتيبة الجنابي فيلمه "الرحيل من بغداد" الذي يتناول الأحداث التي يتعرض لها المصور الشخصي لصدام حسين لدى محاولته الهروب من العراق في نهاية التسعينات، وفي طريق هروبه يلتقي البطل بعراقيين وعرب وأكراد، ويحمل كل منهم حكايته وخوفه وحذره الذي اعتاد عليه وعاش معه,  كل الممثلين في هذا الفيلم تقريبا وقفوا أمام الكاميرا للمرة الأولى، لكنهم عكسوا إحساسهم وعلاقتهم بالخوف والشعور بالملاحقة الذي عاشوه لعقود عدة. 

وثمة تداخل في الفيلم بين الوثائقي والدرامي من خلال لقطات وثائقية تستعرض الرئيس العراقي السابق صدام حسين المبتسم في عيد ميلاد ابنته، وفي لقطة لحفيده يبكي بحرقة وهو جالس في حضنه، فيما تتبادل اللقطات مع مشاهد مروعة للتعذيب والقتل التي تعكس الرعب الحقيقي أثناء المرحلة البعثية، وهي مشاهد حقيقية, وقد حصل عليها المخرج من مؤسسة الذاكرة العراقية، وكان فيلم "الرحيل من بغداد" قد حصد الجائزة الأولى للأفلام الروائية في مهرجان الخليج السينمائي في دورته الأخيرة مطلع العام الجاري.

ويُعرض كذلك فيلم "مسوكافيه" وهو من إخراج وتأليف المخرج العراقي "جعفرعبدالحميد"، يتناول الفيلم قصة أخرى لشخصية عراقية تغادر العراق، على أن جوهر الشريط يركز على تجربة الشخصية عند وصولها إلى المملكة المتحدة. فبطل الشريط هو مدون سري يرحل من بغداد إلى لندن بغاية الترويج ضد العقوبات الإقتصادية التي كانت تفرضها الأمم المتحدة على العراق.  أثناء تواجدها في لندن، تتعرف الشخصية على بعض أفراد الجالية العراقية التي تجتمع في "مسوكافيه"، المقهى العراقي اللندني الذي تقصده أيضاً الحسناء بيسان.

كما يعرض المهرجان الفيلم الوثائقي "أين ينبض قلبي؟" الذي يستعرض عودة الصحفية السويدية (من أصل أفغاني) كازار فاطمي الى بلدها الأم أفغانستان، بعد أن أجبرت على الهروب منه عام 1989 . تقنع كازار والدتها بأن تأتي برفقتها رغم اعتراضاتها في البداية,  فيلم كازار شخصي للغاية ويأخذ المتلقي الى ما وراء الأخبار والحرب لعرض الحياة الواقعية  وحكايات الناس العاديين الذين يعيشون هناك.

وفيلم "كيف تصنع ثورة" الذي يدور حول المرشح لجائزة نوبل "جين شارب"، الخبير العالمي لصناعة الثورات السلمية، شخص يتكلم بهدوء، ومن غير المتوقع ان عمره 83 عاما، وقد أصبحت كتاباته بمثابة النصوص الأساسية والمرجع لكل "قادة الثورات في العالم". 

فارييتي العربية في

27/09/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)