حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

(يا أنا يا هو) جيم كاري أو محمد سعد

بقلم : د. وليد سيف

لا أعتقد أن المخرج تامر بسيوني قد تواتر إلي ذهنه وهو يرتكب هذا الفعل فكرة أنه يصنع شيئا ينتمي إلي الحداثة أو ما بعدها. ولكنه بالتأكيد قد حاول أن يقنع نفسه بشيء من هذا القبيل بعد أن رأي ما اقترفه علي الشاشة متجسدا أمامه في هيئة قد يراها لا تختلف كثيرا عما جري العرف أن يطلق عليها أفلام. وقد يجد شريطا من هذا النوع ناقدا من نفس النوع يستطيع أن يستنطق هذا الشيء أشياء وأشياء. ويتمكن من أن يصنفه ويوصفه ويدرجه ضمن قوائم الفن الطليعي التقدمي اللوذعي الجهنمي. ضد التصنيف أزعم أنني بحكم الخبرة أمتلك القدرة علي الربط بين المواقف والأحداث في الأفلام مهما كانت معقدة، فأستطيع أن أكون صورة عن حكاية الفيلم بشكل ملخص ومكثف . تمكنت من تحقيق هذه المسألة مع أعمال في غاية الصعوبة والتعقيد وفي أفلام أجنبية تعبر عن مجتمعات لا أعرفها وتتضمن تفاصيل في منتهي الغزارة وقد تكون ناطقة أو مترجمة للغات لا أجيدها تماما . ولكن مع شريط يا أنا يا هو أعيتني كل الحيل وفشلت عبر كل السبل في الربط بين أي شيء وآخر في هذا الفيلم ولم أتمكن من الوصول إلي أي جملة مفيدة أو صياغة مرضية أو فهم ولو هلامي لأي غرض أو نية أو معني أو هدف يسعي هذا الشريط لتحقيقه. بل إنه علي مستوي النوع لا أجدني بأي حال من الأحوال قادرا علي تصنيفه حتي ولو في إطار كوميديا الهزل ولو في أردأ مستوياتها. لكن لماذا إذا أكتب عن هذا الفيلم مادام بكل هذه الردائة. المسألة باختصار أن هذا العمل يجمع وحده كل صفات الرداءة التي لا تجتمع في أسوأ الأفلام. بل إنه يبدو لي الأكثر رداءة بين مجموعة الأشرطة التي خرجت لدور العرض في موسم العيد الصغير والتي تنافست جميعها للوصول إلي أدني مستويات الفجاجة والغلظة والبذاءة والافتقار للذوق والإساءة لمفهوم الفن بمعناه البسيط. ويشترك في هذا بدرجة أو بأخري عمل مثل شارع الهرم بكل ما فيه من استفزاز وسوقية وآخر لا يخلوا من لمحات فنية متواضعة مثل بيبو وبشير. ولكن في هذا السباق نحو الهاوية أري ( يا أنا يا هو ) يأتي في المقدمة وعلي مسافة واضحة بين أقرانه. بداية يأتي سيناريو يا أنا يا هو ليس كتمصير لعمل بعينه كما يزعم البعض ولكنه في الحقيقة كوكتيل من عدد لا حرص له من اللقطات لجيم كاري ومحمد سعد في أفلام مختلفة لهما. وهو يعد بذلك في رأيي الهبوط المتوقع إلي مستقر القاع المتدني لفن السيناريو في مصر والذي نتج عن عملية مشبوهة أصبح النجوم والمخرجون يقومون بها بمنتهي التبجح وتحت مسمي شيك وجذاب . إنهم يطلقون عليها وهم يتشدقون بملء أفواههم " عملية اللجوء للريفرانس "reference. والمقصود بها الرجوع إلي مشاهد بعينها من أفلام وتقليدها كما هي تماما بزواياها ودرجات إضاءتها وحركة الممثل وديكوراته وأزيائها وخلفياتها الصوتية ومختلف التفاصيل . هم يعتبرون هذا نوعا من تدعيم فيلمهم ببعض المرجعيات السينمائية تماما كما يطعم الباحث الأكاديمي دراسته العلمية ببعض النصوص المنقولة كما هي من بعض المراجع والمصادر . ولكن بالطبع شتان الفرق بين رغبة في تدعيم وجهات النظر بالمراجع والأسانيد وبين طرق ترقيع الأفلام بالسطو علي أفلام الآخرين. والمسألة تتم حاليا ببساطة علي النحو التالي : السيد النجم يشاهد بالطبع عددا لا بأس به من الأفلام علي مدار العام . وهو بالطبع يجد في بعضها مشاهد تثير إعجابه وشهيته ورغبته في أن يفعل مثلها فيقوم بتحديدها وتسجيلها في مفكرته. عندما يأتي إليه سيناريو أيا كان موضوعه أو قصته، فإنه يقدم هذه الذخيرة المهلهلة من المشاهد واللقطات للسيد المخرج وزميله السيناريست من أجل أن يضمنوها في السيناريو بشكل إجباري وملزم. وفي الغالب لا يجد المؤلفاتي والمخرجاتي أي غضاضة في هذا فهو يوفر علي الأول تأليف مشاهد قد تفشل قريحته في الإتيان بمثلها، كما يوفر علي الثاني إعمال ذهنه بأي أعباء إبداعية او تنفيذية تتعلق بأمور لا أهمية لها مثل البحث عن صورة خلاقة ومعبرة أو التفكير في التتابع البصري السليم وإحكام المشهد بتفاصيل من اللقطات التي يلزم تصورها تمهيدا لتركيبها بشكل سليم للوصول الي التأثير المطلوب. كل هذه الأمور توفرها المشاهد المنقولة بعينها مع ضمان عدم الوقوع في أي أخطاء أثناء عملية المونتاج مادامت سوف تأتي مطابقة تماما للصورة في الفيلم المقتبسة عنه. تشريح درامي لا أستطيع أن أدعوك لمشاهدة هذا الفيلم حتي تتحقق من صدق أقوالي ، بل إنني لا أتمني لأحد أن يعاني مثلما عانيت معه . ولا أنصح بمشاهدة هذا الفيلم إلا للباحثين في مجال التشريح الدرامي علي غرار الباحثين في مجال التشريح الطبي الذين قد يضطرون للتصدي لحالات من العيوب والتشوه الخلقي من أجل الوصول الي نتائج علمية معملية للنظر في كيفية تلافيها من أجل حماية المجتمع والبيئة من أضرار انتشارها وتفشيها. البطل في هذا الفيلم لن يغيب عن نظرك ولو للحظة واحدة هو شخص أقرب للتخلف وهو يعمل كصحفي في أحد الجرائد دون أي معاناة أو مصاعب مهنية وكما لو كان يمارس عملا يدويا متواضعا. والجديد أنه تتلبسه من حين لآخر شخصية شريرة علي طريقة دكتور جيكل ومستر هايد دون أي تفسير علمي أو حتي ميتافيزيقي . وهو يحب فتاة أو فتاتاين بنفس الشخصية ولكن بوجهين مختلفين في حدود فهمي واستيعابي اللي تضاءل إلي ادني الدرجات مع هذا العمل. وهو يسعي للتقرب منها أو منهما في خط عاطفي يطغي بلا مناسبة علي الأحداث مثل أي شيء في هذا العمل المتهريء ..و الوجه الشرير للبطل يتعاون مع عصابة شريرة بالطبع ولكن الوجه الطيب يسعي لإحباط هذا المخطط . وتتوالي المشاهد دون أي ضابط أو رابط سوي الظهور الدائم والمستفز للبطل وقيامه بحركات أقرب للبهلوانية بوجهه وجسده في تشنجات مفتعلة أو مونولوجات متشنجة تعود بفن التمثيل إلي مهده وعصوره الحجرية. لا يوجد اي شيء مفهوم عدا هذا سوي ان الشرير سيموت والطيب سيبقي علي قيد الحياة دون اي مبرر . الخلاصة أن الشريط لا يعدو في النهاية سوي محاولة فاشلة لتقليد محمد سعد وجيم كاري علي الرغم من افتقاد الممثل لإمكانيات أي منهما المدهشة تعبيريا وحركيا وانفعاليا. بل فنه لا يبذل جهدا ولو ضئيلا في الإمساك بأي من الشخصيتين والحفاظ علي درجة من الاتساق في الأداء مع كل واحدة . بالتأكيد يمتلك نضال مقومات ممثل تتيح له تقديم ادوار قصيرة او مساعدة بنجاح باهر وهو ما لاحظناه في فيلمي الحزيرة والديلر. ولكن المؤكد أيضا أنه يفتقد لكاريزما النجم التي تجعلك تتقبل ظهوره الدائم لمدة ساعة ونصف متواصلة علي الشاشة . بل إن حضوره المتكرر كان يدعوك للتهجد إلي الله أحيانا حتي ينقشع سريعا. ولكن يبدو أن النجم الصاعد وجد جوقة تحيطه به من المنافقين وتقنعه بأن المشاهد لا يطيق غيابه ولو للحظة. أستطيع ان أتصور أيضا كواليس تصوير هذا الفيلم والكل يضحك حتي يستلقي علي قفاه من مجرد مشاهدة البطل بمظهره الغريب وأدائه الهزلي ومظهره العجيب .و لكن الشائع أن الأعمال التي تثير ضحك صناعها الي هذا الحد لا تنال سوي رثاء جمهورها . تفنن البطل في اختيار قصات شعره وملابسه مقلدا جيم كاري وغيره من نجوم الكوميديا الأمريكان ليبدو في مظهر لا علاقة له بالمجتمع ولا الشخصية. المؤكد أن في هذا النوع من الأفلام يراعي بشكل ملحوظ الاهتمام بجماليات الصورة. وهذا علي اعتبار أن الصورة السينمائية نوع من الكارت بوستال وليست لها توظيف درامي أو فني . وهكذا يستفيد الفيلم كثيرا وبلاشك من الحرص التقني والتحقق التنفيذي السليم من المشاهد المأخوذ عنها ولكنه يفتقد بالضرورة هذه الحالة من الوحدة والانسجام التي تتحقق في الأفلام التي تعتمد علي نصوص سينمائية متماسكة، فتصبح هناك خطة مدروسة للتتابع الضوئي والربط المونتاجي وتواصل الحركة والحالة من مشهد إلي مشهد. في هذا الفيلم تتواصل عملية الخلطة السحرية للنجم. ويواصل نجم جديد في عمله الاول مشوار أجيال من نجومنا رسخوا لأسطورة النجم الأوحد وصنعوا الأفلام علي هواهم ومزاج مزاجهم . وإذا كان الخروج عن القواعد والأسس الدرامية والفنية قد يؤدي إلي التجديد والإبداع الحر . فإنه مع الأسف إذا ظل هذا الحق مكفولا للنجم وحده فهو كفيل بضياع الفيلم المصري . وافتقاده لأبسط الإمكانيات التي نجح في تحقيقها كثيرا ومنذ عهود بعيدة في عمليات تمصير الأفلام التي رغما عن رفض الكثيرين لها إلا انها وصلت إلي مستويات راقية جدا حققها الفيلم المصري منذ عهوده المبكرة. وها هي أجيال جديدة تأتي لتطيح بهذا الإنجاز المتواضع للسينما المصرية وتعود به الي أزمنة البدائية والارتجال العشوائي.

جريدة القاهرة في

20/09/2011

 

«صعود كوكب الشمبانزي»..

ثورة «سلمية» علي وحشية البشر

بقلم : أسامة عبد الفتاح 

بدأ عرض خمسة أفلام مصرية دفعة واحدة في موسم عيد الفطر وكلها أفلام تنتمي للكوميديا وتتأرجح بين الإسفاف الشديد والتهريج وكوميديا الموقف، أقلها قيمة فنية وفكرية "شارع الهرم"هو الذي حقق اعلي الايرادات للأسف الشديد! وقد أضاع محمد سعد الفرصة مرة اخري مع فيلمه "تك تك بوم"، الذي حاول من خلاله أن يواكب احداث ثورة يناير فأساء إليها عن عمد أو عن جهل! كل ما يتعلق بالاسم التجاري "تمرد كوكب القرود" - الذي تم اختياره للفيلم الأمريكي Rise Of The Planet Of The Apes المعروض حاليا في مصر - خاطئ.. فالاسم هكذا يوحي بأن هناك كوكبا قائما بالفعل للقرود وأن هذا الكوكب يتمرد، ولا ندري علي من، أو لماذا يتمرد أصلا - علي البشر أو غيرهم - إن كان قائما ومستقرا؟ الترجمة الصحيحة لاسم الفيلم الأمريكي هي "صعود" أو "قيام" أو حتي "ظهور" الكوكب، وهو ما يتسق مع مضمون الفيلم، الذي يحذر من صعود شأن القردة وتهديدها البشر واستيلائها علي الأرض إذا استمرت معاملة البشر السيئة لها، وكذلك إذا استمرت التجارب الطبية الخطيرة التي يجريها الإنسان علي الحيوانات. ثم ان الأمر لا يتعلق أصلا بالقرود، بل بالشمبانزي، وهذا واضح وضوح الشمس في حوار الفيلم وأحداثه، ويتسق - بدوره - أكثر مع المضمون، حيث إن الشمبانزي، بمعدل ذكائه، هو المؤهل لتحدي الإنسان إذا طرأت عليه طفرات علمية.. وعليه، تصبح الترجمة الصحيحة لاسم الفيلم: "صعود كوكب الشمبانزي". أسئلة فلسفية وقضية الاسم مهمة جدا فيما يتعلق بهذا الفيلم تحديدا، ولها علاقة مباشرة بنوعيته وهويته، حيث إن اسم "تمرد كوكب القرود" يحيل بشكل أو بآخر إلي نوعية الخيال العلمي المستقبلي، بكل عناصره وتوابله المعروفة، في حين أن الفيلم تدور أحداثه في الوقت الحالي، وفي قلب مدينة سان فرانسيسكو الأمريكية.. صحيح أن تصنيفه "الرسمي" يتبع الخيال العلمي، إلا أن وقوع أحداثه في الوقت الحالي، ومناقشته بعض القضايا الآنية مثل التجارب العلمية البشرية الجامحة ومرض فقدان الذاكرة التدريجي (ألزهايمر)، يمنحانه هوية مختلفة، اجتماعية ومعاصرة. كما يطرح الفيلم أسئلة فلسفية معقدة عن التقدم العلمي للإنسان، وما إذا كان من المفترض أن يتوقف عند حد معين، خشية أن يتحول إلي نقمة.. فالقصة تدور باختصار حول عالم شاب بأحد معامل الأدوية الأمريكية العملاقة يجري تجارب علي الشمبانزي لتطوير دواء لعلاج الزهايمر.. وبما أن الدواء علاج جيني بشري يعمل علي إصلاح خلايا المخ التالفة، فهو يؤدي إلي طفرات غير مسبوقة في معدلات ذكاء الشمبانزي تمكنه من تحدي الإنسان - بل والتفوق عليه - عند وقوع مواجهة دموية بينهما بسبب سوء معاملة الإنسان للشمبانزي في مركز يفترض أنه مخصص لرعاية هذه الحيوانات، لكنه يتحول إلي مكان لإساءة معاملتها وتعذيبها. وهناك قضية أخري يطرحها الفيلم بشكل غير مباشر، ويمكن وضع اليد عليها في المستوي التالي لفهمه واستيعابه، وهي أن الخطر القادم الذي يهدد الإمبراطورية الأمريكية يكمن في تطور قدرات وذكاء المخلوقات الأدني.. وهذه المخلوقات قد تكون - بالنسبة للإنسان الأنجلوساكسوني المتغطرس - غيره من البشر في العالمين الثاني والثالث، وليس فقط الشمبانزي! سلسلة لها تاريخ أما أغرب تفسير لنجاح الفيلم والإقبال عليه في مصر، حيث تجاوزت إيراداته مليون جنيه رغم عرضه في خمس صالات فقط، فهو المتداول علي بعض المواقع الإليكترونية، وملخصه أن المصريين أقبلوا علي الفيلم لأنه يعبر عن ثورة 25 يناير، فهو يشهد وصول جموع الشمبانزي إلي مرحلة الغضب والثورة بسبب القمع والتعذيب والمعاملة السيئة التي تتعرض لها في "المعتقل" الخاص بها.. كما يقدم هذه الثورة باعتبارها "سلمية"، حيث يرفض قائد الشمبانزي أي عمليات قتل غير مبررة للبشر، ولا يوافق سوي علي إيذاء من شاركوا بشكل مباشر في تعذيب أقرانه وقمعهم.. وتتأكد سلمية الثورة في النهاية، حين يتضح أن كل ما تريده جموع الشمبانزي أن يتركها الإنسان تعيش في سلام وهدوء في غابة الصنوبر علي أطراف مدينة سان فرانسيسكو. والمعروف أن سلسلة أفلام "كوكب القرود" من أشهر كلاسيكيات الخيال العلمي عبر تاريخ هوليوود، وقد جاءت بتصورات ورؤي مختلفة، كلها قائمة علي رواية الأديب الفرنسي بيير بول الصادرة بنفس العنوان عام 1963، وأول أفلام السلسلة أنتج عام 1968 من إخراج فرانكلين شافنر وبطولة تشارلتون هيستون، وكان بمثابة ثورة في تقنيات وماكياج الأقنعة المطاطية التي صممها ونفذها جون شامبيوز وحصل عنها علي جائزة الأوسكار. ثم صدرت عدة أجزاء منها "تحت كوكب القرود" عام 1970، و"غزو كوكب القرود" عام 1972، و"معركة من أجل كوكب القرود" عام 1973، كما تم إنتاج اثنين من المسلسلات التليفزيونية، وبعض مسلسلات الرسوم المتحركة، وكلها نسخ تستثمر نجاح السلسلة وتطور أشكال وأقنعة القرود.. وبعد "هدنة" دامت نحو ثلاثة عقود، قدم المخرج الكبير تيم بيرتون أحد أهم أفلام القرود عام 2001، ونظرا لنجاحه الساحق تم اختياره لحفظه في سجل الأعمال الوطنية الأمريكية من قبل مكتبة الكونجرس نظرا لأهميته الثقافية والتاريخية والجمالية. أسلوب مختلف وظن الكثيرون أن نجاح بيرتون سيكتب كلمة النهاية للسلسلة الشهيرة، حتي ظهر فيلم العام الحالي الذي قام ببطولته جيمس فرانكو، وجون ليثكو والممثلة الهندية فريدا بينتو، من إخراج روبرت وايت.. وبالأفكار التي سبق توضيحها، استطاع الفيلم الجديد الاستقلال عن ثوابت السلسلة المعروفة، وإعادة طرح القصة بأسلوب جديد مختلف تماما عما سبق.. صحيح أنه يستغل الاسم التجاري، لكنه يظهر بشكل درامي وتقني مميز يجعله مستقلا عن السلسلة، ويحمل من الإثارة بقدر ما يحمل من عمق بطرحه جدلا أخلاقيا دائرا حاليا في الدوائر العلمية التي تتخصص في علم الجينات، فيحذر من فكرة العبث بالجينات البشرية لما في ذلك من مضار وخطورة. كما تميز تقنيا بتصميم حيوانات الشمبانزي بتقنيات الكمبيوتر والجرافيك، علي عكس الأعمال السابقة، حين كان يؤدي ممثلون أدوار القرود مستعينين بالأقنعة وفنون الماكياج.. ومن فرط إتقان الجرافيك، تفوق أداء الشمبانزي "الإليكتروني" علي أداء الممثلين، الذين كانوا أضعف ما في العمل علي الإطلاق، بمن فيهم البطل جيمس فرانكو، الذي كان قد رشح للأوسكار عن دور شاب متسلق مغامر في فيلم "127 ساعة"، حيث لا يبدو مقنعا علي الإطلاق في دور العالم النابغة، مما يدل علي أنه مؤهل للعب أنواع معينة من الأدوار وليست لديه الموهبة الكافية لتجسيد كل الشخصيات. والمشكلة الأكبر في الفيلم أنه لا يوجد أي نوع من الانسجام أو "الكيمياء" بين فرانكو والممثلة الهندية فريدا بينتو، التي تؤدي دور دكتورة بيطرية تتعاطف مع قضية البطل وتقع في حبه، رغم جمالها وحضورها الواضحين.. والسبب الواضح في رأيي أن الدراما لم تهتم بهذه العلاقة وتطورها، حيث لا يبدو علي البطلين أنهما ارتبطا بعلاقة معا امتدت لسنوات، ويخيم البرود علي المشاهد التي تجمعهما. البطل الحقيقي للفيلم هو الفريق التقني من مصورين ومونتيرين ومصممي الخدع والمؤثرات البصرية، الذين دخلوا تحديا كبيرا لعمل "الجاميه فو"، أو ما لم يشاهده أحد من قبل، ونجحوا في ذلك إلي حد كبير، وتجلت إمكانياتهم - علي سبيل المثال - في عمل مشاهد الخدع والمؤثرات في "عز النهار"، في حين كان المتعارف عليه في السابق أن "تتستر" الخدع بمشاهد الليل، لمداراة أي عيوب أو هفوات.

جريدة القاهرة في

20/09/2011

 

مهرجان السينما المتنقلة الثاث ينطلق من البصرة

عبد الجبار العتابي من بغداد:  

تحت شعار (بالحب والسلام ننبذ العنف) وبرعاية دائرة السينما والمسرح بالتعاون مع دائرة العلاقات الثقافية العامة في وزارة الثقافة تقيم منظمة السينما المتنقلة مهرجانها الثالث الذي سينطلق ابتداء من يوم 22/9/2011 ويستمر لسبعة ايام حيث تكون محافظة البصرة المحطة الجنوبية الاولى حيث ستحتضن حفل الافتتاح وتحتفي بالمشروع كتجربة رائدة ويرافق الافتتاح اقامة معرضً تشكيلي يضم لوحات ورسوما من الافلام السينمائية المعروضة لنخبة من االفنانين التشكيليين منهم طالب جبار،نمير الكناني،عبد سلمان صبري المالكي، بعدها يتجه ركب المهرجان الى محافظة الديوانية ومن ثم الى بابل لغرض تقديم العروض السينمائية واشاعة روح المتابعة لنتاجات الفن السابع، ومن ثم يقام حفل ختام المهرجان يوم (29/9/2011) برعاية وزير الثقافة والمدير العا لدائرة السينما والمسرح حيث يتم تكريم شخصيات فنية ساهمت بأنجاح المشروع ومنهم فلاح ابراهيم،كريم محمد فاخر،خالد ابو زهرة،عباس عبد الرزاق،وستكون هناك فرصة لطلبة السينما للمشاركة بعرض تجاربهم السينمائية.

والافلام التي ستعرض هي: فيلم (الشقوق) سيناريو واخراج امير طه، وفيلم (الرحيل) سيناريو واخراج حسين الرماحي، وفيلم (الوطن) اخراج عبد الخالق جودت، وفيلم (الطيور) اخراج حميد الرماحي، وفيلم (خطوات الموت) اخراج بيشرو نبرد وفيلم (الحامل) اخراج شيرزاد هدايت وفيلم (الحلم) اخراج طارق الرماحي.

حميد الرماحي مدير المهرجان قال: بدأت الفكرة منذ سنتين، الخطوة الاولى كانت في جنوب العراق والخطوة الثانية كانت في كردستان اما الخطوة الثالثة التي ستنطلق يوم 22 سبتمر / ايلول الحالي من البصرة ومن ثم الديوانية وبابل ومن ثم بغداد، وسيتم تكريم مجموعة من فناني السينما ضمن احتفالية الاختتام، جاءت هذه الفكرةمنذ زمن طويل، منذ الحرب العراقية الايرانية، بعد ان بدأ انحسار المشاهد العراقي عن صالات السينما، ففكرنا كيف نبدأ ان ننقل الفيلم السينمائي الى المشاهد الى منطقته او الى الكازينو القريبة منه، فعرضنا اولا الافلام في مقاهي كردستان وهذه المرة اتفقنا مع مطاعم سياحية في البصرة واتفقنا مع مختاري المناطق لنعرض في مناطق شعبية حتى نستطيع ان نوصل الفيلم الى الناس لاسيما ان افلامنا تدعو الى السلام وتنبذ العنف وتدعم العلاقات الانسانية، وايضا ان المنظمة انتجت فيلمين سينمائيين بالتعاون مع دائرة السينما والمسرح ودائرة العلاقات الثقافية في وزارة الثقافة بمشاركة طلاب من معهد الفنون الجميلة / قسم السينما لنخلق جيلا واعيا ونحاول ان نأخذ بأيديهم، وهذه دعوة من خلالكم الى جميع الفنانين الشباب واننا مستعدون للتعاون معهم وان نأخذ بمشاريعهم وان نساعدهم في نقل ما يريدون نقله الى المشاهد العراقي .

واضاف: المهرجان في جزء منه سيخدم السينما العراقية العاطلة عن العمل، الجزء الاول ان ننقل السينما والجزء الثاني ان نصنع سينما، نحن نحاول كل ستة اشهر ان ننتج عملين طلابيين لنخلق كادرا، كما لدينا مشروع مهم جدا فاتحنا به فرنسا سندعو مجموعة من الاساتذة لاقامة دورة عن السينما في العراق، وغرضنا من كل هذا ان نحرك ما سكن في السينما العراقية، نحن نريد ان نوصل فكرة ان السينما جزء مهم من حياة الانسان وعندما يجد المشاهد من خلال السينما المتنقلة المتعة وقصصه الحياتية فسوف يحرص فيما بعد على الذهاب الى صالات العرض وهو هدف ليس بالسهل وبالتأكيد يدعو الى تحريك عجلة السينما العراقية .

إيلاف في

20/09/2011

 

اشارات من مهرجان تورنتو إلى اكاديمية هولييود

السينما تتعرّى للإيقاع بالأوسكار

يوسف يلدا –من سيدني:  

شكلت الأشرطة الفلمية ذات الموضوعات الجنسية القسم الأكبر ضمن مجموعة الأفلام التي عرضت في مهرجان تورنتو السينمائي الدولي الأخير في دورته السادسة والثلاثين، والذي أقيم ما بين 8 – 18 من شهر أيلول / سبتمبر الجاري، حيث يعد السوق الذي تتنافس فيه الأفلام قبل توزيع جوائز الأوسكار.

وإذا كانت النتائج الأخيرة لمهرجان تورنتو الدولي تمثل المؤشرالحقيقي للعبور الى هوليوود، فأن جوائز أكاديمية الفنون والعلوم السينمائية، وفي دورتها القادمة، سوف تكون الأكثر حرارة على مدى العقود الأخيرة. إذ أن العروض السينمائية التي قدمت خلال الأيام الماضية في تورنتو الكندية، والحملات التي رافقتها تمهيداً للأوسكار، هي بمثابة إعلان متواصل للجنس والإثارة، تخللت هذه العروض. حيث نشاهد كيرا نايتلي وهي تكشف عن نهديها، من دون أدنى حياء، في هذه القصة السادية والهستيرية، التي تتحول الى "آ دينجيرز ميثود". في حين تبدأ مادونا، في ثاني تجربة إخراجية لها، ومنذ الوهلة الأولى، الى تعرية أبطال فيلمها الجديد "دبليو. إي.". الى جانب ذلك، هناك العديد من الرجال المستعدين، والذين لا يتورعون في الكشف عن كل شئ، كما هو الحال مع ماثيو ماكونهي في الفيلم الكوميدي "القاتل جو"، أو ماثيو غود الذي يظهر في فيلمه الأخير "بيرننغ مان"، وهو يمارس العادة السرية.

ومن المؤكد أن الأكثر إيلاماً، والذي تلقى نقداً قاسياً، هو مايكل فاسبندر، الوجه الهوليوودي الجديد، الحاصل على جائزة أفضل ممثل عن دوره في فيلم "العار" خلال مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي الأخير. والفيلم يتناول قصة شاب نيويوركي، في الثلاثينات من عمره، مهووس جنسياً، وغير قادر على إرساء علاقة جنسية طبيعية في حياته.

هل في الأمر ما يمكن أن يشكل مخاطرة كبيرة، وبصورة خاصة،  فيما يتعلق بالأخلاقيات المتبعة في هوليوود؟ كما يبدو، الجواب كلا. لأنه، في نهاية المطاف، ومع إقتراب  توزيع جوائز الأوسكار، فأن القليل من الجرأة سوف لن يضرّ في شئ. وإذا كانت حفلات الأوسكار السابقة قد إعتمدت، في غالبيتها، على سعي النجوم لنيل إحدى جوائز الأكاديمية من خلال إبهار الجمهور ولجان التحكيم بأعمال سينمائية شاقة، تعكس المشاكل الجسدية والعقلية التي يعاني منها أبطالها، مثل "قدمي اليسرى" من بطولة دانييل دي لويس، و"مونستر"، و"خطاب الملك"، فأن إنتزاع جائزة أوسكار، في حفل توزيعها القادم، سوف يكون بقوة الجنس، لا غير.

وكما قال فاسبندر في تورنتو: "اليوم الجنس يقدم مع إفطار الحبوب". والحديث هنا ليس عن الجنس الراقي أو الذي يُمتع النظر، على طريقة سيلفيا كريستل في "إيمانويل"، بل عن الجنس الصارخ والمخدّش للحياء، حيث يكون الجسد مرئياً في غياب الإثارة الممتعة.

ومن الغريب أن كيرا نايتلي لم تكن متأكدة من قيامها بالتعرّي في دورها في فيلم"آ دينجرز ميثود". لكن، وبعد أخذ جرعتين من الفودكا، ودخولها في دردشة مع مخرج الفيلم ديفيد كرونينبيرغ، نسيت كل ما يمكن أن يحيل دون ظهورها عارية أمام كاميرات التصوير. وراحت النجمة الإنكليزية تكشف عن نهديها، حتى في اللقطات التي لا تمت للجنس بصلة. وأما كريستين دانست التي ظهرت في دور مثير في فيلم "ميلانكوليا"، فقد إرتفع رصيدها في تورنتو، وتحولت من صديقة لسبايدرمان الى إمرأة تتزوج في منزل شقيقتها التي تربطها بها علاقة متذبذبة وغير مستقرة. كذلك هو الحال مع الممثلة إليزابيث أوسلن، تلك الفتاة التي كانت قد ظهرت في المسلسل التلفزيوني "ذي أدفينجرز أوف ميري كيت آند آشلي" الى جانب شقيقتها التوأم، ها هي اليوم تخلع عنها ثوب البراءة ذاك، لتصور مشاهد في غاية الإثارة، في فيلمها الأخير "مارثا ميرسي ماي مارلين". وفي الوقت الذي يعلن الممثل الألماني مايكل فاسبندر عن الصعوبات التي واجهها أثناء الوقوف عارياً أمام كاميرات التصوير، تمنحه لجنة التحكيم في مهرجان فينيسيا جائزة أفضل ممثل، ويدور الحديث عن إحتمال ترشيحه لإحدى جوائز الأوسكار. ولا يبدو أنها المرة الأولى التي يطرق فيها الجنس أبواب الأكاديمية، حيث ترشح في عام 1974، فيلم "التانغو الأخير في باريس" لبرناردو برتولوتشي كأفضل إخراج سينمائي، ومارلون براندو كأفضل ممثل.

ولا تنتهي هنا قائمة الأفلام الأباحية المتلهفة لجوائز الأوسكار القادمة، كما هو الحال مع فيلم"سليبنغ بيوتي"، حيث تقوم إيميلي برونغ بتناول المخدرات حتى تفقد الوعي، كي تطلق الحرية لزبائنها في القيام بكل ما يحلو لهم. أوفيلم "تيك ذس فالس" الذي تمارس ميشيل وليامز الجنس مع صديقها تارة، وأخرى مع إمرأة أخرى، ومن ثم مع رجل آخ. وذات الجنس نشاهده في  فيلم "الجلد الذي أسكنه" لبيدرو المودوفار، ولكن بشكلٍ آخر.

أخيراً، نقول أن هوليوود، وفي مناسبات أخرى سابقة، والتي بدت فيها جريئة للغاية، لم تكن لتتجاوز الحدود، كما هو شانها اليوم. لذلك كله نتساءل: هل يعد لجوء السينما الى الجنس محاولة للإيقاع بالأوسكار؟!

إيلاف في

20/09/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)