حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

ويليام فريدكن يعرض جديده بعد رحلة في البوليسي والمرعب

عتيق في المهنة.. تواصلت أعماله لليوم وشملت عودته إلى سينما الرعب أكثر من مرة

* هوليوود: محمد رُضا

جولة في سينما العالم

ضبط ناقد لبناني زميلا له وهو نائم في فيلم، تركه في حاله، ثم حين انتهى الفيلم مازحه قائلا: «أهكذا تكتب عن الأفلام أيضا وأنت نائم»؟ طبعا حاول المستيقظ من عبء الفيلم القول إن الإجهاد قضى عليه وإنها المرة الأولى التي ينام فيها في فيلم، لكن الناقد الآخر اكتفى بالابتسامة.

لو لم يكن صديقا، ولو لم يؤمن بالستر، لراح ونشر الخبر بالأسماء وكتب عن الحادثة في مدونته، معتقدا أن هذا سيرفعه درجة.

وهناك بالفعل من يعتقد أن عليه نشر الغسيل ليل نهار، وأنه بذلك يرتفع درجات عن مستوى الآخرين. هناك زميل يحتار كيف يستدير لينتقد زملاء له. مدققاتي من النوع الأول ينكش ما يعتبره أخطاء وينصب نفسه مصححا. طبعا هو مصيب لولا مشكلتان: الأولى أنه يقع في أخطاء كثيرة بدوره، والثانية أن بعض ما يعتقد أنه خطأ ليس خطأ على الإطلاق، مما يجعله يقع في الخطأ. ثم ماذا عن الناقد الذي يعتبر أي كلمة تقال إنما تقال فيه، وأي رأي يرد ذكره عن فعل هو مشترك به إنما هو هجوم حاد عليه؟ ثم عندك الذي لا يعترف بالنقاد الآخرين ويراهم، في أفضل الأحوال، تلامذة يتعلمون؟

ما وراء هذه النماذج القليلة، حال متهاوٍ من العلاقات بين النقاد. شكوك وغيرة وحسد وضغائن وقلة ثقة بالذات تطالب صاحبها بأن يزأر ليخيف. لكنه لا يخيف إلا نفسه ولا يعيش إلا في ورطة تلك الذات، وهو أول من يعتقد، في داخله، أنه أقل قيمة من سواه فيحاول الدفاع عن نفسه ومنحها المكانة التي لم يمنحها أحد له.

بعض الحق لبعض النقاد: السوق مزدحمة بمن يكتب عن السينما وبعض الصحف والمجلات لا تدقق في هوية وحرفة من ينفرد بالكتابة فيها عن هذا الموضوع. ثم هناك عدد كبير من لصوص الكلمة، ليس في الميدان السينمائي وحده، بل في كل الميادين الأخرى من السياسة صعودا. وإذا لم يكن هذا كافيا، فإن الناقد موجود في بيئة لا تزال بعد أكثر من 120 سنة من السينما (الفيلم الأول صُنع عام 1888، أي قبل 7 سنوات من أفلام لوميير) «تؤسس» و«تنشأ» و«ترغب» و«تأمل». سينما بدأت فقيرة ثم ازدهرت في الستينات والسبعينات في أكثر من دولة، والآن هي في أزمات إبداعية كما اقتصادية وجماهيرية وسياسية. فكيف لا يخشى الناقد على رزقه إذا استمر هروب القراء واختفاء الأفلام؟

طبعا لا يمكن اتخاذ هذه المسببات مبررات للضغائن بين معظم النقاد. تلك لا مبررات لها ويجب ألا تكون موجودة على الإطلاق. النقد هو ارتقاء بذوق الفرد بدءا من الناقد نفسه. لا يهم إذا كان ضعيفا في صياغته إلى حد معقول، ولا يهم إذا كان اهتمامه منصبا في نواحٍ معينة فقط، أو إذا كان منفتحا على كل التجارب والاتجاهات ولا يتبع نظاما يرضي أو يعجب الناقد الآخر. ما يهم هو أن يحب فن السينما وهذا الحب كافٍ للإخلاص لها ولمهنته ولاعتبار نفسه فردا متواضعا بين جموع القراء يقدم لهم قدرته الخاصة على القراءة والتحليل. هذا الحب هو الذي سيشغله عن الرصد والتدقيق والمعاداة والمراقبة، وقديما قالوا: من راقب الناس مات هما!  

ويليام فريدكن يعرض جديده بعد رحلة في البوليسي والمرعب

عتيق في المهنة.. تواصلت أعماله لليوم وشملت عودته إلى سينما الرعب أكثر من مرة

بعد 3 سنوات على قيام المنتج فيليب د. أنطوني بتحقيق الفيلم الذي جلب له نجاحا مبهرا، وهو «بوليت»، قام سنة 1971 بإنتاج فيلم آخر من الطينة ذاتها عنوانه «الاتصال الفرنسي». مخرج ذلك الفيلم هو ويليام فريدكن الذي لا يزال مستمرا في العمل إلى اليوم والذي يعرض آخر إنتاجاته في مهرجان «فينيسيا» السينمائي الدولي وعنوانه «جو القاتل».

نقاد السينما عادة ما ينظرون إلى الفيلم البوليسي نظرة الطبيب إلى الداء المستعصي، لكن نقاد الأفلام، وهم الرعيل الأكثر تأكيدا على ما هو جوهري بالنسبة للسينما، بدءا من قيمة الصورة والأسلوب البصري المستخدم ومدى نجاحه، يعاينون هذه الأفلام بتفهم أكبر. وكما أن «بوليت»، الذي أخرجه البريطاني بيتر ياتس وقام ببطولته الراحل ستيف ماكوين، لم يكن فيلما عابرا في سماء السينما، فإن «الاتصال الفرنسي» حط بقوة حين عالجه ويليام فريدكن وقام ببطولته جين هاكمان وروي شايدر يبرهن عن جدواه اليوم كما فعل حين افتتح في الصالات الأميركية في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 1971.

في «بوليت»، المأخوذ عن رواية لروبرت ل. بايك، هناك التحري بوليت (تكتب مختلفة قليلا عن كلمة «رصاصة» بالإنجليزية)، الذي يوكل المدعي العام كالمرز (روبرت فون) إليه عملية حراسة شاهد عيان جيء به من شيكاغو للشهادة في قضية العصابة المنظمة. لكن مجرمين اثنين، أحدهما نال الشيب رأسه ويرتدي معطفا قديما حشر فيه بندقية «بوب أب» قصيرة المدى وفادحة التأثير، والثاني أطول قامة يرتدي نظارة طبية ويعتمر ما يشبه الابتسامة الدائمة، يقتحمان النزل الرخيص الذي تم وضع الشاهد فيه ويطلق أولهما النار على الشاهد وعلى حارسه، وهو أحد رجال بوليت.

بوليت الآن يريد تعقب القاتلين، بينما يرغب كالمرز تسجيل نصر يساعده في الانتخابات المقبلة، لكن بوليت يوقفه عند حده قائلا له: «أنت تمشي في جانبك من الشارع وأنا أمشي في جانبي». بوليت لا يستجيب لرغبة أحد وهو يمضي بعناد شديد للكشف عن القاتلين، وهذا لن يأخذ منه وقتا طويلا؛ لأن القاتلين يتعقبانه. وفي فصل من المطاردات هو الأفضل في السينما إلى اليوم، مزدان نصفه بموسيقى من لالو شفرين أنجز الفيلم نقلته كاملة من مستوى فيلم التحقيقات الجيد إلى مستوى فيلم المطاردات المبهر أيضا. تصوير ويليام أ. فراكر للمطاردة (مدير التصوير والمخرج كانا في السيارة التي قادها ستيف ماكوين بنفسه) أمن المعالجة التسجيلية لها، فإذا بها مثيرة وقابلة للتصديق في وقت واحد.

من سان فرانسيسكو إلى نيويورك نقل المنتج د. أنطوني أحداث فيلمه التالي «الاتصال الفرنسي»: أيضا تحر عنيد لا يوقفه شيء عن كشف الجريمة والجريمة هنا وهناك، نقلا عن رواية لروبين مور، يتعقب التحري جيمي دويل (هاكمان) وشريكه بدي روسو (روي شايدر)، تاجر مخدرات فرنسيا حذقا اسمه آلان (فرناندو راي) ولا يرضى أن يفلت منه. هناك العناد ذاته، البيئة المعايدة لشغل التحري المقبلة من داخل وخارج المؤسسة البوليسية، والمطاردة، وهي هذه المرة كناية عن سيارة وقطار المدينة؛ حيث يحاول دويل الحيلولة دون هروب اليد اليمنى لآلان (الفرنسي الراحل مرسيل بوزوفي) ويقتله بالفعل عند أعلى السلم المؤدي إلى جسر المحطة فوق منطقة قبيحة من نيويورك. أسلوب ياتس مختلف كليا، يحمل في نثراته خلفيته في الفيلم التسجيلي وفهمه الفني لماهية الفيلم البوليسي، كذلك يختلف تمثيل ماكوين عن تمثيل جين هاكمان كما النهار من الليل. كلاهما جيد، لكن ماكوين بإبقاء الشخصية تحت خط التفاعل العاطفي شحن الفيلم بطاقة أكثر تأثيرا من تلك التي شحنها جين هاكمان المنفعل دائما والحافظ لموقع الكاميرا منه طوال الوقت.

قبل وبعد

وفي حين أن فيليب د. أنطوني كان منتجا جديدا (بعد هذين الفيلمين أنجز فيلما بوليسيا آخر هو «ذي سفن أبس» قام بإخراجه بنفسه قبل أن يكتفي من السينما ويتجه إلى التلفزيون)، فإن ويليام فريدكن، مخرج «الاتصال الفرنسي»، الذي أعيد إطلاقه على أسطوانات قبل فترة وجيزة، كان قد خاض السينما من عام 1967 عندما ترك العمل التلفزيوني (بعد 3 أعوام فيه) طالبا المزيد من حرية التعبير وإثبات الوجود. فيلمه الأول، وهو «أزمنة طيبة»، لم يترك تأثيرا على أي صعيد، لكنه كان مركبة موظفة لحساب المغنيين صوني وشير (هو مات بعد عدة سنوات وهي لا تزال اسما فنيا معروفا وآخر أفلامها ورد قبل عامين بعنوان «برليسك»).

«حفلة عيد الميلاد» (1969) كان فيلم فريدكن الثاني. مصدره مسرحية هارولد بنتر حول رجلين ينزلان في فندق صغير ويغيران حياة موظف الاستقبال. حينها بدا الفيلم كما لو كان سيترك أثرا فنيا دائما، لكن اعتماده على المسرحية جعله يترجمها صوريا لا أكثر، مما استعجل خفوت الفيلم بعد أن أثار الانتباه لفترة وجيزة.

فيلمه اللاحق «الليلة التي غزوا فيها مينسكي» (في العام نفسه) كان أفضل حالا، لكنه مر كذلك بلا تأثير فني أو جماهيري يذكر.

حتى الآن لم يعكس المخرج ميلا صوب نوع معين، ولا يمكن القول إنه كان ذا أسلوب بصري يحمل بصمة. وهذا استمر في فيلمه الرابع «الفتيان في الفرقة» من أولى المحاولات الرئيسية للحديث عن المثليين في السينما. الناتج هو فيلم لا يؤذي مشاعر أحد له نكهة خفيفة ويثير الفضول أكثر مما يثير التقدير.

«الاتصال الفرنسي» ورد إذن في تلك الفترة التأسيسية، وكان أكثر أعماله نجاحا حتى ذلك الحين. المفاجأة، التي لم تكن موقوتة، هي الفيلم الذي ورد مباشرة بعده: «طارد الأرواح» أو (The Exorcist)، فيلم الرعب الذي لم تكن السينما قد خبرته على هذا النحو من قبل: شيطان يتلبس فتاة صغيرة (ليندا بلير التي لم تظهر في فيلم جيد بعد ذلك) ووالدتها (إيلين بيرستين) تسعى للأب ميرين (ماكس فون سيدو) لعله يستخرج ذلك الشيطان منها. ثم يتدخل البوليسي (لي ج. كوب) لمعرفة ما الذي يدور في هذا البيت الغامض ولماذا كل ذلك الصخب الدائر داخله.

«طارد الأرواح» فيلم به صراع بين الخير والشر، ثم بين الخير والخير، على أساس أن الراهب الشاب الذي جيء به لاحقا لإتمام ما سبق للأب ميرين القيام به، يبدأ بإفشاء سره، هو أيضا ليس على ثقة من إيمانه المبرم. في الفيلم الشيطان حذق، لكن الخير محظوظ، وهذا لا يمكن أن يكون نتيجة إيمان ثابت أساسا. إلى ذلك، فإن فريدكن، الذي برهن على ملكية تقنية جيدة في «الاتصال الفرنسي» يمارس هنا نوعا أكثر استشفافا. إنه مرتاح للتعامل المباشر مع الموضوع لأجل إبهار المشاهد بمهارات تقنية محضة: رأس الفتاة وهو يلتف حول نفسه ومشهدها وهي ترتفع عن السرير من تلقاء نفسها، والمزج بين الفكرة المرعبة والتنفيذ الرخيص لها، ذلك كله يمنح الفيلم درجة متوسطة فنيا، ولو أنه من أكثر أعمال السينما في السنة ذاتها التي شهدت «بادلاندز» لترنس مالك و«شوارع منحطة» لمارتن سكورسيزي و«لا تنظر الآن» لـ«المنسي تماما» نيكولاس روغ و«اللدغة» لجورج روي هيل و«أماركورد» لفديريكو فيلليني و«الأم والعاهرة» لجان أوستاش و«أو لاكي مان» لندساي أندرسن و«بات غاريت وبيلي ذي كيد» لسام بكنباه. لا عجب أن «طارد الأرواح» نال هذا القدر من المكانة بوجود مثل هذا الزخم من الأعمال الأكثر جدارة.

جو القاتل

* أعمال فريدكن تواصلت لليوم وشملت عودته إلى سينما الرعب أكثر من مرة من دون نتائج فنية أو جماهيرية تُذكر. في البداية كان هناك «المشعوذ» (1977) ثم «الحارس» و«المصطاد» و«حشرة»، وهذا الأخير أسوؤها على الإطلاق. إلى هذا النوع أنجز أفلاما بوليسية منها: «كروزينغ» حول آل باتشينو، يدعي أنه مثلي ويقتل المثليين، و«عملية برينكس» و«لكي تموت وتحيا في لوس أنجليس».

في عام 2000 أنجز فيلما بعنوان «شروط التعامل» حول حق الجندي الأميركي في قتل اليمنيين، لأن لا أحد منهم بريء من رغبة قتل الأميركي. فيلم رعب رابع بعنوان «المصطاد» لم يثمر عن شيء.

فيلمه الجديد «جو القاتل»، الذي سيعرضه مهرجان فينيسيا خلال أيام، هو معالجة كوميدية خفيفة حول شاب (ماثيو ماكونوهي) يريد قتل والدته الشريرة للاستئثار بمالها لدفع الدين الذي يطالبه به أشرار الفيلم. إلى أي مستوى سينتمي هذا الفيلم؟ هو أمر ينتظر المشاهدة، لكن لا شيء في ماضي المخرج يدفع المرء إلى توقعات كبيرة باستثناء ذلك الفيلم الفريد «الاتصال الفرنسي» وإدارة المخرج الجيدة لممثليه في معظم ما أنجزه حتى الآن.

بين الأفلام

* بعد كل هذه السنين.. صراع الموساد ضد النازيين يتجدد

* The Dept إخراج: جون مادن أدوار أولى: هيلين ميرين، توم ولكنسون، شياران هيندز، جسيكا شسترين، سام وورثنغتون، مارتون زوكاس، جسبر كرستنسن.

النوع: تشويق/ جاسوسية [بريطانيا - 2011] تقييم الناقد: ** (من خمسة).

* في مطلع هذا العام تم إطلاق أسطوانة لفيلم إسرائيلي بعنوان «الدين» أخرجه عساف بيرنستاين في عام 2007. ذلك الفيلم لم يحظَ بأي مميزات حين عُرض في إسرائيل، في 29 نوفمبر (تشرين الثاني)، ولم يعرض سينمائيا في أوروبا، بل توجه في العام الماضي إلى العروض التلفزيونية في ألمانيا وفرنسا فقط.

اليوم نحن أمام اقتباس مصنوع في بريطانيا عنه ممهور باسم المخرج جون مادن، ذلك الذي حقق في مطلع عهده فيلم الأوسكارات «شكسبير عاشقا» ومن بطولة ممثلين مخضرمين مشهود لهما بالإنجازات الجيدة، وهما: هيلين ميرين وتوم ولكنسون.

حين لا يكون الفيلم الأصلي ذا قيمة، على المرء أن يسأل لماذا تمت إعادة ذلك الفيلم تحديدا، لكن حين يأتي الفيلم الجديد متوعكا ولا يحمل أسبابا وجيهة أو مقومات جديدة، فإن السؤال يزداد إزعاجا.

الحكاية ذاتها تنتقل بين عامي 1966 و1997، البداية على مشاهد تقع في عام 1966 وتعرض لاستقبال رسمي حافل لـ3 عملاء موساد عائدين من عمليتهم الأخيرة. إنهم راتشل (جسيكا شسترين) وستيفان (مارتون زوكاس) وديفيد (سام وورثنغتون). لقد تشاركوا في التسلل إلى برلين الشرقية (حينذاك) بغية خطف سفاح نازي رصده الموساد ويريد خطفه. صحيح أن العملية لا تنتهي على هذا النحو؛ إذ تضطر راتشل لقتل النازي (جسبر كرستنسن) إلا أن الحكومة الإسرائيلية عاملتهم كأبطال قوميين. ننتقل إلى أواخر التسعينات؛ حيث نتعرف، تدريجيا، على العملاء الثلاثة وقد أضحوا أكبر سنا: هيلين ميرين وتوم ولكنسون وشياران هيندز، على التوالي. فجأة سيطرأ جديد على العملية التي اعتبرت منتهية بنجاح، ستقلب الافتراضات رأسا على عقب وتحيل حياة العملاء الثلاثة إلى عاصفة من الانفعالات العاطفية.

هناك إذن 6 ممثلين يؤدون 3 شخصيات، ومخرج يستند إلى سيناريو ينتقل إلى الماضي، ثم إلى الحاضر، ثم إلى الماضي على طريقة من يحاول إذكاء الاهتمام عن طريق هذا القفز المتواصل. هذا كله وسواه يجعلك تتساءل عن الجدوى من هذا اللعب. وبما أن أحداث الأمس شائقة، وأحداث اليوم تخلو من التشويق، فإن ذلك يزيد من وضع الفيلم على محك غير مريح. نصفه هنا ونصفه هناك ومن دون ضرورة فنية أو درامية تذكر.

في فحواه، هو فيلم آخر عن نازي آخر يعاد اكتشافه مختبئا وضرورة الاقتناص من أفعاله. البريطاني الراحل جون شليسنغر قدم فيلما في السبعينات كان أكثر تأثيرا وأفضل معالجة بعنوان «رجل الماراثون» حول قاتل نازي له وسيلة تعذيب تشبه، عموما، الوسيلة التي يتبعها النازي في هذا الفيلم، يكتشف وجوده يهود بروكلين في نيويورك وعلى دستين هوفمن التخلص منه بعدما خلع النازي له بعض أسنانه من دون مخدر. على الرغم من الثقوب، ذلك الفيلم حمل، على الأقل، وجهة محددة ومعالجة موحدة الزمان والمكان. هنا يفرش الفيلم بساطا عريضا، لكنه يحتل منها مساحة محدودة. على الرغم من ذلك، فإن القصة تضيع من بين يدي المخرج في النصف الثاني من الفيلم.

شباك التذاكر

* في الولايات المتحدة

* إيرادات ضعيفة على الرغم من تمسك فيلم «المساعدة» بالمركز الثاني (جامعا نحو 97 مليونا في 3 أسابيع) فإن المعدل العام للإيرادات هبط في الأسبوع الأخير من شهر أغسطس (آب)، عما كان عليه في مطلعه.

1 (1) The Help: $14.536.118 ** ثابت | الجنوب الأميركي كما تراه هذه الكوميديا الاجتماعية ذات الشخصيات النسائية 2 (-) Colombiana: $10.408.176 - - -

* جديد

* زو سولدانا (بطلة «أفاتار») مثيرة للشغب في هذا الفيلم التشويقي الذي يحط ضعيفا 3 (2) Rise of the Planet of the Apes:$8.867.741 ***

* تراجع

* القردة تتقدم على الإنسان في سان فرانسيسكو وعليه استرداد مكانته 4 (-) Don›t be Afraid of the Dark: $8.527.317 ***

* جديد

* فيلم رعب حول تلك المرأة التي تخشى على طفلها من أن يخطفه الجن 5 (-) Our Idiot Brother: $7.011.631 **

* جديد

* وضع متأخر لفيلم كوميدي حول شقيق غبي يفرض حضوره على شقيقتيه 6 (3) Spy Kids: All the Time in the World: $6.007.180 **

* سقوط

* الأسبوع الثاني من هذا الفيلم الكوميدي الجاسوسي ليس لديه وقت ليحصي خسائره 7 (6) The Smurfs: $4.754.066 **

* تراجع

* رسوم متحركة حول تلك الكائنات الزرقاء المطرودة من قريتها إلى عالم فانتازي 8 (4) Conan the Barbaian: $3.385.094 **

* سقوط

* يواصل فيلم المغامرات تراجعه السريع، وأحلام بطلها جاسون موماو في جزء ثان تضمحل 9 (8) $4.797.364 Love: Crazy Stupid **

* تراجع

* كوميديا عاطفية مع إيما ستون وستيف كاريل حول الرجل الذي عليه أن يبدأ من جديد 10 (5) Fright Night: $3.029.033 **

* سقوط

* فيلم رعب له بعض نواحيه الجيدة لكن غير الكافية لحياة طويلة في سلم النجاحات.

يحدث الآن

* بوند الثالث والعشرون يتجه إلى الهند

* أفلام جيمس بوند اشتهرت بتعدد مواقع التصوير، من مصر إلى لويزيانا، ومن روسيا إلى هاواي ومن كل أوروبا إلى الفضاء الخارجي. لكن للجزء الثالث والعشرين، الذي لا يزال بلا عنوان والمزمع الدخول في تصويره خلال الأسابيع القليلة الماضية، فإن معظم الأحداث ستنتقل إلى الهند. الإنتاج يحيط الموضوع بسرية تامة وما هو معروف أن مخرجه سيكون سام منديس (جمال أميركي) والبطولة لدانيال كريغ في دور بوند مع راف فاينس وجودي دنش وجافيير باردم.

* لورمان لا يزال يسعى

* رواية ف. سكوت فيتزجيرالد «غاتسبي العظيم» تستحق أن تتحول (مرة ثانية) إلى فيلم سينمائي، لكن هل باز لورمان، المخرج الأسترالي الذي أنجز «الطاحونة الحمراء» و«أستراليا» هو المخرج الصحيح للمشروع؟ إلى الآن لا يبدو أن هوليوود متحمسة لتحقيق هذا الفيلم الذي يسعى المخرج لإنجازه وعرضه في العام المقبل. ليس من بعد أن سقط فيلمه «أستراليا» سقوطا مريعا حين خرج للعروض قبل 3 سنوات على الرغم من وجود نيكول كيدمان وهيو جاكمان في البطولة. لورمان اختار جيما وورد للبطولة وذلك بعد انسحاب كيدمان آنفا.

* سبايك لي ينسخ فيلما كوريا

* يحضر سبايك لي للبدء بتصوير نسخته من الفيلم الكوري «أولدبوي» الذي كان المخرج تشان وورك بارك قد عرضه في مهرجان كان قبل نحو 5 سنوات بنتائج متفاوتة. نسخة لي ستكون من بطولة جوش برولين وموعد عرضها في أواخر العام المقبل. هذا سيكون أول فيلم لسبايك لي منذ 3 سنوات عندما أنجز فيلما لم يلق نجاحا تحت عنوان «معجزة في سانت آنا».

الشرق الأوسط في

02/09/2011

 

«محمد سعد» يفجر «محمد سعد»

«تك تاك بوم» من «فلول» الأفلام

القاهرة: طارق الشناوي 

في عام 2002 كان القدر على ميعاد مع محمد سعد. كانت القمة الرقمية في إيرادات الأفلام ينفرد بها محمد هنيدي، حيث إنه كان قبلها بنحو 5 سنوات قد أطاح بعادل إمام، وصار هو الملك المتوج لما عرف وقتها باسم سينما المضحكين الجدد، إلا أن محمد سعد كان هو الحصان الأسود، واستطاع بفيلمه «اللمبي» أن يحقق رقما غير مسبوق، وظل يعتلي القمة على مدى أربع سنوات، ثم كرر نفسه، وفقد قدرته على إضحاك الجمهور.

وبدأ السينمائيون كعادتهم يبحثون عن البديل، ووجدوه في أحمد حلمي، وأحمد مكي.. ومن خسارة إلى خسارة ظل سهم سعد في انحدار رقمي، وهو يصر على أنه سوف يستطيع اعتلاء القمة مجددا، إلا أنه مجددا أيضا يحقق خسارة.. في كل مرة يبدأ فيها محمد سعد محاولة الصعود الجماهيري، نكتشف أنه يهبط أكثر وأكثر.. وحتى كتابة هذه السطور لم يستطع سعد أن يكتشف أن الفيلم السينمائي يساوي المخرج، الفيلم بالنسبة لسعد يساوي «سعد»، ولا شيء آخر بجوار «سعد». وهكذا مني بخسارة قاتلة في معركة أفلام العيد، وتفوق عليه بمقياس الأرقام «سعد» آخر.. أقصد سعد الصغير في فيلم «شارع الهرم».

على وجه السرعة التي تصل إلى حدود «السربعة» قرر سعد، ومعه الكاتبة والمنتجة إسعاد يونس، أن يلحقا بقطار الثورة المصرية سينمائيا، ويقدما فيلما يلعب على «تيمة» الثورة. والحقيقة أنك من الممكن تاريخيا أن تعتبر فيلم سعد «تك تاك بوم» أول فيلم تم كتابته وإنتاجه بعد ثورة 25 يناير، فالأفلام الأخرى مثل «صرخة نملة»، و«الفاجومى»، و«سامي أكسيد الكربون»، أخذت مجرد لون ثوري لأنها كتبت وصورت قبل الثورة، وأضيفت لها مشاهد وبعض جمل حوار متفرقة من أجل أن تشعر الجمهور أنه من بنات أفكار الثورة.

إنه نوع من الغش التجاري، وعلى الرغم من ذلك فأنا أعتبر أن فيلم «تك تك بوم» لا يمكن اعتباره فيلما عن الثورة، على الرغم من أنه كتب من أجلها. الفيلم لا علاقة له بالثورة، لو شاهدته قبلها أو بعدها لا يهم، لن تجد فرقا. الفيلم يؤكد المأساة التي يعيشها فنان موهوب مثل محمد سعد، وهو لا يدرك حتى الآن أنه مع كل اختيار له يعجل بإعلان نهايته.

في هذا الفيلم لم يكتف سعد بالتمثيل، ولكن بالكتابة أيضا، فهو صاحب السيناريو والحوار، بينما إسعاد يونس هي صاحبة الفكرة، على الرغم من أنني لم أجد حتى الآن تلك الفكرة. والحقيقة أن سعد دائما ما يشارك في كتابة أفلامه من الباطن، بل هو كثيرا ما يشارك في الإخراج من الباطن أيضا. وليس سعد فقط هو الذي يفعل ذلك، أغلب نجوم الكوميديا في السينما المصرية دائما ما يفرضون شروطهم وآراءهم مع اختلاف الدرجة!! الفيلم تبدأ أحداثه ونحن نتعرف على بطل الفيلم الذي يعمل في صناعة (البمب).. الفيلم يضبط إيقاعه على العيد، يريد أن يستحوذ على العيدية، ولهذا يقدم للأطفال الذين يشكلون القسط الوافر من جمهور الأعياد البمب على الشاشة، وبتلك الوفرة التي لا نشاهدها إلا في الأعياد.

نشاهد سعد في البداية وهو يضع المقادير بنفسه لصناعة البمب؛ زلط وكمية من عنصر الكبريت. التترات مهدت لذلك، ولكن بإحساس فني تغيب عنه اللمسة الإبداعية. المشهد الأول تنفجر العبوة الناسفة، بينما أصحاب الدكاكين يعيدون البضاعة المضروبة. ونشاهد سعد وهو في أعلى السقف، وتتذكر أن سعد في قسط وافر من أفلامه قدم مشاهد مشابهة.

خيط الثورة يبدأ مع كلمة مكتوبة على شاشة الكومبيوتر لعدد من الشباب الذين يلتقيهم سعد. لا يدرك سعد ما هو المقصود بهذا التعبير، التخطيط لميدان التحرير، فقط يطلق عليهم تعبير شباب الـ«فيس بوك».. ولا يشبع المخرج مشاهد الثورة بمواقف، ولكنه ينتقل مباشرة إلى الحراسة الشعبية التي شاهدناها في الأحياء طوال أيام الثورة. ويقدم الكثير من المشاهد التي تعبر عن حالة الانفلات الأمني التي عاشتها مصر في أعقاب الثورة، ولا تزال تعاني من بعض تداعياتها، إلا أننا لا نرى حقيقة الثورة.

يسعى الفيلم إلى عقد مصالحة بين الشرطة والشعب، ولا بأس بالطبع من هذا. ويستعير محمد سعد شخصية الضابط «رياض المنفلوطي»، التي قدمها في فيلم «اللي بالي بالك». كان المنفلوطي في الفيلم السابق هو الضابط المسؤول عن السجن، بينما سعد يؤدي دور أحد المساجين.. «اللي بالي بالك» هو أنجح أفلام سعد على الإطلاق، أخرجه وائل إحسان قبل نحو 9 سنوات في عز نجومية سعد، وكان قد سبق أن أخرج له أول أفلامه كبطل «اللمبي»، والغريب أن مجرد استخدام شخصية درامية من عمل فني آخر يمنح الحق الأدبي للمؤلف الأصلي ليكتب اسمه في التترات ويتقاضى حقوقه المادية، والكاتبان اللذان تمت سرقتهما هما سامح سر الختم ونادر صلاح الدين.

الغريب أن محمد سعد أضاف عن طريق الماكياج والأداء، لمحات من وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، الذي تمت إدانته جنائيا، ولا تزال أمامه قضايا أخرى متهما فيها، على رأسها تعمد قتل المتظاهرين أثناء الثورة، ويشاركه في الاتهام حسني مبارك، الرئيس المخلوع، إلا أن المواقف تتعاطف مع هذا الضابط، ولا تعرف ما هي الحكمة في أن يتماهى سعد في أدائه للشخصية في ملامحه الخارجية لوزير داخلية مكروه شعبيا، وعلى الرغم من ذلك يبرئ ساحته دراميا.

الفيلم لا يقدم مثلا صورة مشرقة ومشرفة للمقاومة الشعبية، بقدر ما يتبقى في الذاكرة خناقات المصريين مع مصريين، بينما انتهاكات الشرطة للمواطنين، التي كانت واحدة من أكثر العوامل التي دفعت المصريين لتغيير النظام لم يقترب محمد سعد منها. إنه يقدم رؤية تصلح لمصر قبل 25 يناير وليس مصر الثورة.

محمد سعد لم يدرك أن عليه منح مساحات للشخصيات الدرامية بجواره، ربما وبمجهود مضني، تمكن محمد لطفي، الذي أدى دور زعيم عصابة للبلطجية، من الاستحواذ على مساحة عنوة، بينما كل الشخصيات بجواره تبدو مهمشة.. «درة» مثلا هي الدور النسائي الوحيد، لكنها لا تفعل شيئا في المشاهد الضئيلة المتاحة أمامها، فهي تنتظر فقط ليلة دخلتها على سعد، وفي كل مرة يتفجر موقف يمنع اكتمال الليلة، وهذا الموقف يذكرنا بعشرات من الأفلام السينمائية المصرية والأجنبية وآخرها «ليلة البيبي دول»، الذي عرض قبل ثلاث سنوات.

محمد سعد صار هو العدو الرئيسي لمحمد سعد، لم يعد سعد مطلوبا مثلما كان في الماضي، حتى إنه يكرر أخطاءه نفسها.. فيلمه الأخير مثلا «اللمبي 8 جيجا»، الذي عرض قبل نحو عامين، لم يحقق الإيرادات التي تعيده للمنافسة على قمة نجوم الكوميديا، حتى صار يسبقه الآن أحمد حلمي، وأحمد مكي، حتى محمد هنيدي، الذي يعاني من الأفول الجماهيري، يحاول أن يتماسك، ولا يزال يسبق سعد في تحقيق الإيرادات، بينما سعد يعرض فيلمه في العيد منفردا، فلا يوجد بجواره أفلام يلعب بطولتها نجوم كوميديا، وعلى الرغم من ذلك فإن سعد لم يستطع حتى بمقياس الأرقام أن يتفوق، حيث فاز عليه سعد الصغير، والراقصة دينا بفيلمهما «شارع الهرم». المطلوب من سعد أن ينفتح أكثر على الأفكار الجديدة، أن يمنح الممثل بداخله الفرصة لكي يمثل فقط، وألا يحتل الشاشة كلها.. لو عدت لأفلامه سوف تكتشف أنه في أغلبها يمثل دورين أو ثلاثة، ووصل الأمر في بعضها إلى ستة شخصيات، فهو يبدو أن لديه قناعة أنه فقط القادر على إضحاك الناس، ولهذا لا يثق في أي فنان بجواره من الممكن أن يحصل على مساحة ويضحك الناس.

سعد لا يمتلك موهبة الكاتب الدرامي. إنه من الممكن أن يضيف (إيفيه)، ولكن الدراما ليست (إيفيه). ولو أعدت النظر للمشاهد التي كتبها في الفيلم سوف تكتشف أنها مجرد مشاهد متفرقة، ليست بينها رابطة موضوعية، ولكنها تنتقل من مشهد إلى آخر، بلا منطق، فقط ما يعني سعد أن المشهد يحتوي على إمكانية الضحك، بعيدا عن حتمية يفرضها قانون الدراما، وفي مجملها تبدو كأنها مسروقة من المحفوظات السينمائية العامة للأرشيف.. كما أنه يتعاون للمرة الثانية مع المخرج نفسه، أشرف فائق، الذي أخرج له آخر أفلامه «اللمبي 8 جيجا»، ولم يستطع الفيلم أن يحقق شيئا لمحمد سعد، وعلى الرغم من ذلك فإنه يعيد التجربة مع المخرج نفسه.

وتستطيع أن تدرك ببساطة أنه يبحث عن المخرج الذي ينفذ طلباته، فهو يتخيل دائما أن أي كادر سينمائي ينبغي أن نشاهد فيه سعد، وفي النهاية نرى فيلما تم تفصيله على سعد، بنفس مفردات ومقاييس سعد، التي تشبع منها الجمهور حتى أصبح عدو سعد الرئيسي هو سعد». إنه أول فيلم روائي بعد الثورة، كتب وفي يقين صناعه أنهم يتناولون الثورة، ولهذا تخللته أكثر من أغنية تتناول مواصفات الرئيس القادم، إلا أننا في نهاية الأمر نرى فيلما رجعيا كأنه «فِل» من فلول الأفلام.

الشرق الأوسط في

02/09/2011

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2011)