كان على مجلة "شاشاتٍ تونسية" أن تصل إلى
عددها الرابع عشر كي أعرف بوجودها، ومن ثم انتظار أحد القادمين من تونس إلى
باريس
كي يقدم لي عددين منها (العدد 13 سبتمبر 2010 ـ العدد 14 أكتوبر 2010)،
وأعتقدُ
بأنها مازالت تصدر على الرغم من الثورة البيضاء التي عاشتها
تونس الخضراء.
ومن
عنوانها، يبدو أنّ هيئة التحرير تخيّرت بأن تكون محلية التوزيع، ومغاربية،
أفريقية
التوّجه السينمائيّ، وتبدو هذه الخطة التحريرية واضحة من خلال
عنوان المجلة نفسها (شاشات
تونسية ـ المغرب العربي، أفريقيا)، والمواد المنشورة في عددين منها.
بعد
قراءة عدد سبتمبر 2010، وقعت في حيرةٍ بين الاحتفاظ بأفكاري السابقة عن
ضرورة إصدار
مجلاتٍ سينمائية متخصصة، أو الاستعاضة عنها بمواقع سينمائية،
وطرحتُ على نفسي
سؤالاً:
ـ ما هي ضرورة إصدار مجلة تنشر أخباراً، ومقالات يمكن قراءتها في
الصحافة المحلية، والعربية ؟ ولكن، عندما تعرّفتُ على الملف الخاص بالنقد
السينمائي، تراجعتُ قليلاً عن تحفظاتي، وخاصةً عندما قرأت
العدد 14(أكتوبر 2010)
والذي خصص ملفين، الأول : أيام قرطاج السينمائية بعيون السينمائيين العرب،
والثاني :
كيف صمدت أيام قرطاج السينمائية ؟
حينها
أدركتُ بأنّ المجلة تخصص ملفاً في كلّ عددٍ، ومن هنا تنطلق أهميتها، حتى
وإن كان
الملف يحتاج إلى كتاباتٍ، وشهاداتٍ إضافية من النقاد أنفسهم،
كما حاجته إلى دراساتٍ
مُعمّقة حول النقد السينمائي في تونس، وعدم الاكتفاء بالجانب التاريخي،
والمعلوماتي.
ورُبما لا تسمح المجلة بالتوسّع كثيراً في طرح تيمة محددة، ولكنها
تحوي بين غلافيها 24 صفحة باللغة العربية، و26 أخرى باللغة
الفرنسية.
وعلى حدّ
علمي، فقد حسم الشعب التونسي، ومنذ زمنٍ طويل، إشكالية ازدواجية لغته،
وتخيّر
العربية، وهذا لم يمنع من إصدار صحف يومية بالفرنسية، ولكن، ما
هي مبررات إصدار
مجلة سينمائية متخصصة لن يتمكن من قراءة نصفها أيّ عربيّ لا يعرف اللغة
الفرنسية،
وعلى الرغم من اهتمام المجلة المُعلن بالسينمات المغاربية، والأفريقية،
ماذا يمنع
توزيعها في الأسواق العربية بطريقةٍ فردية بمناسبة المهرجانات،
والتظاهرات
السينمائية العربية، ولكني على يقينٍ بأنّ ازدواجية اللغة تُشكل عائقاً
توزيعياً،
ونفسياً أمام القارئ العربي، الهاوي، والمُتخصص الذي لا يعرف اللغة
الفرنسية عندما
يشعر بأنه يقرأ نصف مجلة، ويتساءل مثلي عن قدرة نقاد السينما في تونس على
الكتابة
بلغتهم الأمّ (وأعرف جيداً بأنهم يتقنون اللغة العربية أكثر مني).
اليوم،
تُذكرني "شاشات تونسية" بمُبادراتٍ مماثلة ظهرت بداية الثمانينيّات في
باريس، ومنها
مجلة متخصصة بعنوان "أضواء سينمائية" باللغتيّن العربية، والفرنسية بحجة
إيصال
الثقافة السينمائية العربية إلى القارئ الفرنسيّ، والعربي (الذي لا يُجيد
اللغة
العربية)، ولكن، من المفيد الإشارة بأنها ظهرت في باريس (وهذا
يمنح ازدواجية اللغة
في صفحاتها بعض الشرعية)، واليوم، يؤكد "محمد التليلي الخيري" ـ أحد
مؤسّسيها ،
بأنه مقتنعٌ بفشل تلك التجربة.
في تلك الفترة، قبل انتشار الأنترنت، كانت
المجلات السينمائية الفرنسية المُتخصصة أكثر عدداً بالمُقارنة مع واقعها
الحالي،
ولم يكن الفرنسيّ بحاجةٍ إلى مجلاتٍ إضافية مزدوجة اللغة تهتمّ بسينماتٍ
أجنبية لا
يشاهدها أبداًُ، وفي الثمانينيّات أيضاَ، كانت الغالبية العظمى
من المهاجرين
المغاربة تتحدث العربية، وتتقن قراءتها، وتفتخر، وتتفاخر بها، قبل أن تولد
الأجيال
اللاحقة التي انقطعت عن لغتها، وثقافتها الأصلية، ومن ثمّ تحولت هذه
القطيعة إلى
إشكالية، تأكدت سنوات فيما بعد، ووصل الأمر بالجيل الحالي إلى
حدّ جهله التامّ
باللغة العربية، والامتناع، أو الامتعاض من التحدث بها.
ربما تريد هيئة تحرير "شاشات
تونسية" الاهتمام بمن يرتاحون (نفسياً، ولغوياً) بقراءة اللغة الفرنسية،
وهو
وسيلة تُقربهم من ثقافة الجانب الآخر من المتوسط، ومع ذلك، أجد بأنّ مجلة
كهذه سوف
تكون نافعة أكثر لو وضعت في اعتبارها القارئ العربي الذي
يحتاجها أكثر من غيره (الفرنسي،
أو الفرانكوفوني) الذي تتوّفر له كتب، مجلات، ومواقع لا تُحصى.
لقد
ألهمت الثورة في تونس، وشجعت الشعوب العربية على اجتياز حواجز الخوف، وأكدت
لنا
بأنّ القواسم المُشتركة بيننا أكثر من الفوارق التي كرّستها
سلوكياتنا، تقاليدنا،
وآليّات تفكيرنا بتشجيع عشوائيّ، أو منظم من الأنظمة التسلطيّة، ولهذا،
فإنّ مبادرة
ثقافية من نوع "شاشات تونسية" يمكن أن تتحول إلى شرارة انطلاق "شاشاتٍ"
أخرى في كلّ
دولة عربية، نتبادلها بفرح، نقرأها بشغف، ونرفعها بحماسٍ في ميادين الثقافة
السينمائية العربية، افتخاراً بواحدةٍ من إنجازات المخاض الحالي، والقادم.
هامش :
هيئة تحرير مجلة "شاشات سينمائية" :
المدير المُؤسّس
المسئول : منير الفلاح.
مدير النشر : لطفي العيوني.
المُحررون المُساهمون في
العدد 13 (سبتمبر 2010) : الهادي خليل، محمد بوغلاب، حسن عليليش، محمد
الغريبي،
منيرة يعقوب.
الجزيرة الوثائقية في
11/04/2011
مولود سينمائي آخر في سوريا
المهرجان
الأول لأفلام التحريك
يامن محمد
بعد أن أصبح هناك مهرجان متخصص يقدم الأفلام
الوثائقية في سورية (دوكس بوكس) ثبَّت أركانه بمعونة زواره وجمهوره على مدى
أربع
سنوات حتى الآن.. ها هوَ مهرجان آخر يبدأ في دورته الأولى وتخصصه نوع جديد
لا يقل
جذباً في وقتنا الراهن عن الجذب الذي باتت الأفلام التسجيلية
تحققه للكثير من
الطاقات السوريّةٍ، الشابة على وجه الخصوص... سينمائيين محترفين كانوا أو
ساعين إلى
الاحتراف، أو جمهور شغوف بالجديد وبالرغبة الجامحة بما يمثله الطقس
السينمائي...
وخصوصاً بما
يتعلق بالمهرجانات.. والتهافت على حضور فعالياتها..
إذاً بدأ المهرجان الأول
لأفلام التحريك في الثالث من نيسان واستمر حتى الثالث عشر منه منطلقاً نحو
ثلاث مدن
رئيسية: دمشق وحلب واللاذقية بالتعاون مع مهرجان آنسي الدولي لأفلام
التحريك وقد
عرضت أيضاً أفضل أفلام ذلك المهرجان للعام 2009 من ضمن فعاليات مهرجان
سورية لأفلام
التحريك... بالإضافة إلى ورشات تدريب ومعارض بوستارات ونماذج.
طقس السينما علامة هامة في سوريا
اليوم
على ما يبدو أصبحت السينما علامة هامة بشكل عام في هذا
البلد، تدل على عنفوان الشباب الطامح إلى المدنية بكل معانيها.. فبرغم
الوضع القلق
الذي تعيشه البلاد إلا أن الإقبال من قبل الشباب المثقف على وجه الخصوص كان
ملفتاً
كفعل إضافي... كما كانت الأفلام والفعاليات ملفتة أيضاً..
فأفلام التحريك
والأنيميشن المعروضة كانت من العيار الثقيل "وهي ليست خارج الإطار بالمرة"
وأهمها
على الإطلاق الفيلم الأرجنتيني الحائز على جائزة "فيبريشي" الذي انتشر
انتشاراً
واسعاً على صفحات مواقع التواصل الاجتماعية، خصوصاً هذه الأيام... فيلم
"العمل"، أو
الوظيفة Elempleo
و هو فيلم قصير بدون حوار رسم على الورق باستخدام تقنيات
الكومبيوتر ثنائي الأبعاد من إخراج سانتياغو غراسو Santiago GRASSO .
الفيلم ذو
الإيقاع الهادئ والرصين يبدأ معنا منذ استيقاظ الرجل بطل الفيلم على رنين
المنبه..
ومنذ اللحظات الأولى نراه يستخدم بقية الشخصيات كأشياء؛ الطاولة الصغيرة هي
شخص
راكع، أحد أفراد أسرته.. والكرسي طفل آخر.. والزوجة علاقة ثياب وفي فمها
عُلق مفتاح
الباب... في الشارع ينقلنا الفيلم إلى مستوى آخر أكثر
عمومية... وبتهكم عالي
المستوى نرى وسائل النقل عبارة عن أشخاص يمتطيهم أشخاص (عاملون، أو موظفون)
وإشارات
المرور أشخاص أيضاً معلقون على الأعمدة يظهرون ألوان ثيابهم الحمراء
والخضراء حسب
التوقيت.. تفاصيل كثيرة أخرى في مبنى الوظيفة... وفي النهاية يتبين أن هذا
الرجل
"مستخدِم الأشياء" ما هو إلا شيءٌ يُستخدَم.. عندما يصل إلى غرفة رئيسه
في العمل
ينبطح على الأرضية
أمام الباب
بصمت.. ليأتي الرئيس ويستخدمه كممسحة لحذائه لا أكثر... فيلم موجع أثار
تصفيقاً في
صالة المركز الثقافي الفرنسي في دمشق مكان المهرجان المركزي.
هناك أفلام أضحكت..
وأفلام "رفهت" ولكن جميعها -بشكل عام- لم
تنقصها السوية المطلوبة والحساسية العالية
بالسينمائي فيها. كفيلم "أوركسترا" الياباني للمخرج يوتارو
أوغاوا Yutaro OGAWA
وهو
فيلم بدون حوار بتقنية رسم على الورق ثنائي الأبعاد... يحاكي بالصورة
والإيحاء
المقطوعة الموسيقية المرافقة... والأكثر تميزاً في هذا المجال
كان الفيلم الفرنسي "مدغشقر،
كراس سفر" Madagascar, carnet de voyage
الحائز على جائزة كانال بلوس
للمساعدة على الإبداع من إخراج باستيان دوبوا... هو فيلم
بتقنية رسم على الورق
وتحريك أغراض وكومبيوتر ثلاثي الأبعاد. يعيد الفيلم رسم مسار مسافر غربي
تواجهه
عادات مدغشقر عبر تكوينات وتشكيلات تولد انطباعات عميقة لدى المتلقي تبرز
كم العمل
العظيم الذي بذله الطاقم الفني لجعل كل صورة ولقطة لوحات فنية تتوالد من
بعضها
وتسبح في خيالنا كما يسبح خيالنا فيها.
ولكن يبقى التنويه المطلوب، أن أهم ما
يمكن أن يميز هذا المهرجان على عكس المهرجانات الأخرى في سورية، هو الكم
الكبير
نسبياً من الأفلام السورية المشاركة وإن كانت تمثل أحياناً تجارب أولى
لأصحابها...
إلا أنها أيضاً وبشكل عام حققت سوية جيدة مفاجئة لهذا النوع الصعب من
الأفلام والذي
يحتاج متطلبات أساسية للإنتاج لا يمكن أن تتحقق دون دعم رسمي أو شركات كبرى
تعنى
بالإنتاج فكان –مثلاً- فيلم "خيط الحياة" لرزام حجازي بإنتاج
مشترك للمؤسسة العامة
للسينما وتايجر برودوكشون... ولحسن حظ صناع الأنيميشن الجدد في سوريا أن
أنتجت
الأمانة العامة لاحتفالية دمشق2008 عشرات الأفلام القصيرة قبل سنوات والتي
كانت
زاداً كبيراً لمهرجان أفلام التحريك في دورته الأولى... ولا يسع المرء
أخيراً إلا
التساؤل حول مصير المشاركة السورية في الدورة الثانية منه دون
احتفالية جديدة لدمشق
كعاصمة للثقافة العربية!
الجزيرة الوثائقية في
11/04/2011
مطالبة بفتح ملفَيّ سعاد حسني وابنة ليلى غفران لتورط
النظام
السابق
هل يعاد التحقيق بمقتل ذكرى وسوزان تميم وحادث
شيريهان؟
محمد حسن/ القاهرة:
بعد
سقوط نظام الرئيس حسني مبارك، كشفت العديد من قضايا الفساد التي ارتكبها
النظام
السابق، من بينها ما يتعلق بالوسط الفني. وهي قضايا ظلت بمثابة
لغز محــير طوال
فترة وجــود النظام. وتتعلق بمقتل الفنانة سعاد حسني، الفنانة اللبنانية
سوزان
تميم، المطربة ذكرى وزوجها، ابنة المطربة ليلى غفران وصديقتها، ومحاولة قتل
الفنانة
شيريهان.
مقتل هبة ابنة المطربة ليلى غفران في قضية هزت الرأي العام المصري، هو
إحدى هذه القضايا. وقد عرفت بـ«قضية هبة ونادين» (صديقة هبة).
وقيل إن ابن رئيس
الوزراء السابق أحمد نظيف متورط في تلك القضية. ولكن سطوة السلطة الحاكمة
كان لها
عظيم الأثر على التعتيم على الموضوع. وتم القبض على شاب صغير السن وأصدرت
المحكمة
ضده حكماً بالإعدام.
ولكن بعد سقوط النظام، عادت المطربة ليلى غفران تطالب
بإعادة فتح ملف مقتل ابنتها، وإعادة التحقيق لمعرفة الجاني الحقيقي. خاصة
أن جريمة
قتل الفتاتين كانت علاماتها تؤكد أن الهدف هو الانتقام، وليس السرقة كما
أشيع، حيث
تلقت كلا منهما طعنات نافذة عدة، كما قطع لسان كل منهما. واستبعدت الجرائد
وقتها أن
يستطيع شاب في هذا السن أن يقتل فتاتين يكبرانه ويقطع لسانيهما.
ومن المتوقع أن
يعاد التحقيق في تلك القضية، ويتم الكشف فيها عن مفاجآت.
القضية الثانية تتعلق
بمقتل المطربة اللبنانية سوزان تميم، التي حــكم فيـها على كل من ضابط أمن
الدولة
السابق محسن السكري (منفذ العملية) وهشام طلعت مصطفى (المحرض
على القــتل). ولكن
بعد أكثر من عام من المداولات والاستئنافات، ورغم أن أصابع الاتهام كانت
تشير بوضوح
الى مرتكبي الجريمة، مصطفى والسكري. الا أن انتماء الأول الى لجنة السياسات
في
الحزب الوطني التي يترأسها جمال حســني مبارك شكل حصانة قوية
دعمت موقفه في
القـضية، وأدى ذلك الى تداولها وكسب الوقت لفترة طويلة. لذا فقد يعاد
التحقيق في
القضية للكشف عن الدور الحقيقي الذي لعبه جمال مبارك، من أجل حماية هشام
طلعت
مصطفى.
القضية الثالثة تتعلق بمقتل الفنانة سعاد حسني. فقد طلبت أسرتها إعادة
التحقيق في تلك القضية، واتهموا النظام السابق بالوقوف وراء
مقتلها. وقيل إن صفوت
الشريف رئيس مجلس الشورى السابق، الذي بدأ حياته ضابطا في جهة سيادية كان
جندها في
عمليات تجسس واستخدمها بشكل غير أخلاقي. وحين علم أنها بصدد كتابة
مذكراتها، قرر
إرسال مجموعة مدربة الى مسكـنها في لندن، لرميها من شرفة
شقتها. وقد طالـبت جانجاه
شقيقة سعاد حسني بإعادة التحقيق في الملف لمعرفة الجاني الحقيقي ومعاقبته.
والمعروف أن صفوت الشريف كان يعتبر الذراع الأيمن للرئيس مبارك، ولعب دوراً
كبيراً في رسم مخططات عملية توريث الحكم، وبالتالي كان
الاقتراب مـنه بمثابة خط
أحمر.
القضية الرابعة تتعلق بحادث السيارة الشهير الذي تعرضت له الممثلة
الاستعراضية شيريهان، وقيل وقتــها إن علاء حسني مبارك هو الذي
دبر هــذا الحادث
بهدف قتلها لأسباب عاطفية تتعلق بقصة حب بينه وبينها. وتم التعتيم على
القضية وقيدت
ضد مجهول. كما رفضت شيريهان التعليق في الإعلام، ثم تم إقصاؤها عن الوسط
الفني،
وتزوجــت من رجل الأعمال علاء الخواجة، ليعلن بعد ذلك إصابتها
بسرطان الدم ليغــلق
ملفها وتبتعد عن الأضواء نهائياً. الى أن ظهرت مؤخراً في «ميدان التحرير»
لتعلن
تأييدها للثوار المطالبين بإسقاط النظام. ويتوقع البعض أن يتم الكشف عن
أسرار جديدة
في هذا الملف.
أما القضية الخامــسة فترتبط بمقتل المطربة المغربية ذكرى وزوجها
رجل الأعمال أيمن السويدي. فبعد العثور عليهما مقتولين في
شقتهما، نشرت وسائل
الإعلام الرسمية أن زوجها قتلها ثم انتحر. ولكن ثمة أنباء أخرى ترددت بعيدا
عن
الصحف الرسمية، قيل فيها إن أيمن السويدي كان ينوي الدخول في مجال تجارة
السلاح،
وهو مجال يسيطر عليه كبار رموز النظام، فتم تحذيره ولم يستجب.
فتم قتله وزوجته
ليلاً حتى لا يترك الجاني أي دليل.
وفي تلك الأثناء كانت هناك أغنية لذكرى
أزعجت الملك السعودي، فاستغلت عصابة تجارة السلاح في مصر هذه الظروف،
للترويج أن
الأمن السعودي يقف وراء مقتلها. ويتوقع البعض أن يتم الكشف عن خيوط القضية
بعد سقوط
النظام.
السفير اللبنانية في
12/04/2011
من عكا إلى طهران والإسكندرية
سينما «الهيب هوب».. مين إرهابي وأنا عايش ببلادي
زياد عبدالله
هيب هوب الهوامش، العوالم السفلية، الأطراف وما يزنر المدن من فقر
وقهر، لكل عصر موسيقاه، إنه عصر «الهيب هوب» أو «الراب»، وصولاً إلى كون
هذا النمط الموسيقي آنيا وتوثيقيا بسرعة تتناغم والمتسارع والمتدافع من
أحداث، وله أن يكون سياسياً بامتياز، ورغم انطلاقته في سبعينات القرن
الماضي، فإن اجتياحاته الحقيقية لجيل بأكمله تحقق في العشر سنوات الأخيرة،
وربما عربياً بزمن أقل، إذ ما من بلد عربي الآن إلا وله فرقه الخاصة
المعروفة أو غير المعروفة، المغيبة منها أو الحاضرة بقوة.
عليّ أولاً أن أقول إنني لست بمتعمق في هذا النمط الموسيقي، لكنني أعمل على
ذلك، وعلاقتي معه سينمائية، متأتية من مجموعة من الأفلام العربية والشرق
أوسطية إن شئتم، فأنا لم أدخل عالم هذه الموسيقى من باب «بابليك انمي» على
سبيل المثال، بل من فيلم المخرجة الأميركية ذات الأصول الفلسطينية جاكي
سلوم
Killshot Hip Hop
(مقلاع الهيب هوب) إن صحت الترجمة، مع توافر دافع كبير إن تعلق الأمر بكون
هذه الموسيقى هي الأداة التعبيرية والجمالية والاحتجاجية لجيل عربي بأكمله.
ما بعد الحداثة
تأخذك هذه الموسيقى والأغاني في مجال تنظيري إلى ما بعد الحداثة في أعلى
تجلياتها، وتفكيك البنى الموسيقية التقليدية وتمازج الأغنية بالقصة
والبيانات والشعارات والمواقف، رصد الحياة كما هي دون تنقيح، والبناء
الشعري للأغاني آت من المفارقة ومن الالتقاطة الذكية والتهكم، بعيداً عن
الصور الشعرية والغنائية، التي إن استعملت وأنا أتكلم وأمامي تجارب عربية
في هذا الخصوص، فإنها ستأتي في سياق مغاير.
هذه التجارب الموسيقية ستكون ما بعد حداثوية في الملمح الذي يجعلها بعيدة
عن الهوس بالبنية الفنية الرصينة، أو تقديم ما يعرف بالفن الرفيع، وتلك
التوصيفات التي تأخذ الفن بعيداً عن الشارع، كنه أي «الهيب هوب» مشغول كما
سنرى بكل القضايا الكبرى: مسألة الهوية والانتماء، التاريخ، الصراع الطبقي،
التحرر من الاحتلال، وفي مسعى لأن يعكس الشارع، واستخدام لغته ومفرداته.
كسر الاحتكار في أي نمط إبداعي هو الميزة الرئيسة لهذا العصر، فالجميع
يمكنهم أن يكونوا كتاباً وصحافيين، لا بل ووكالات أنباء مع شبكات التواصل
الاجتماعي والمدونات، فالكتابة لم تعد تعني مقالاً أو أي شيء مطبوع في كتاب
أو صحيفة، كذلك الأمر بالنسبة للموسيقى مع الهيب هوب، آلة موسيقية واحدة،
وسيكون الأمر على أحسن ما يرام، وحتى من دون آلة موسيقية فإن الغناء وارد
والتفاعل أيضاً، ومن ثم بث ذلك سيكون في رحاب الـ«يوتيوب» الشاسعة.
في فيلم «مقلاع الهيب هوب» سنتعرف إلى الفرق الموسيقية الفلسطينية، وسيكون
الأمر مثيرا للإعجاب الكبير بهؤلاء الشبان الذين يوصلون قضايا شعبهم
ويتواصلون مع شعبهم عبر الموسيقى، فمن اللد سنكون مع فريق
MDR
سنتعرف إلى منابعهم الثقافية، سيخبرنا أحد أفرادها بأن الألبوم الذي يحمل
عنوان «قاسم السود المشاعر» لفريق أميركي هي العبارة نفسها التي يريد أن
يقولها باستبدال السود بالفلسطينيين، إنهم شباب مثقفون منفتحون، يقرأون
محمود درويش ويعشقون شاك دي.
سينتقل الفيلم من اللد إلى عكا حيث فرقة
MD ومن عكا إلى غزة وفرقة
PR، وبين فلسطينيي 48 وفلسطينيي 67 سيكون
الهيب صلة الوصل، سيسرد كل تاريخ الاحتلال ومرارته مع هؤلاء الشبان، وستكون
موسيقاهم وكلماتهم جنباً إلى جنب مع حياتهم «كيف إرهابي، مين إرهابي، وأنا
عايش ببلادي.. يا قاتلي يا قاتل أجدادي.. أنا ماني ضد السلام، السلام
ضدي..».
جمالية الفيلم من جماليات الشباب وموسيقاهم، أحلامهم خيباتهم ومرارات عيشهم
اليومي وقائمة طويلة يتنوع سردها برفقة الموسيقى بهذا الخصوص، في اللد إما
أن تكون عاطلاً عن العمل أو أن تغرق في تجارة المخدرات، وفي الرحلة التي
يأخذنا بها محمود في أزقة عكا، سيضعنا في صلب حياته اليومية، ومن ثم ذهابه
إلى تل أبيب، حيث يفتش عشرات المرات، يشتم ويلعن ويدخن، والشرطة توقفه
لمجرد أنه يتكلم العربية.
في غزة سنكون شهوداً على أول حفلة لفريق
PR، سنتعرف خلى المشاركة النسائية في الفرق،
الصعاب التي تواجههم، ردودهم في أغان تنادي بحرية المرأة وترى في ذلك عودة
إلى عصور وأد المرأة.
مواجهة الاحتلال
مع فيلم جاكي سلوم سنكون أمام «هيب هوب» في مواجهة الاحتلال ومعه المفاهيم
الاجتماعية المتحجرة، ولعل من مزايا هذا الفن أنه على اصطدام دائم مع
السلطة بكل أشكالها، وهو نقدي وتهكمي بامتياز، ولنا أن نعثر عليه في فيلم
آخر إيراني بعنوان «لا أحد يعرف عن القطط الفارسية»، كتبت عنه في ما مضى،
لكن أكتب عنه الآن لإضاءة جانب آخر من اصطدام الهيب هوب مع سلطة من نوع آخر
ألا وهي السلطة السياسية المتحالفة مع الدين، حيث الموسيقى محرمة، وتحديداً
هكذا نوع موسيقي شيطاني على اتصال بالقوى الامبريالية، كما يحلو للنظام
الإيراني أن يجد في فرق الهيب هوب والروك وغيرها من موسيقى أميركية.
لن أعود إلى سرد ما حمله هذا الفيلم الذي صوره بهمان غوبادي سراً، وهو يقدم
توثيقاً لموسيقى طهران وعوالمها السفلية، لكن في خط درامي بسيط يتمثل
بمصائر كل من نيغار وأشغان، بينما يطغى التوثيقي على ما عدا هذا الخط، ونحن
ننتقل من فرقة إلى أخرى وبرفقة مشاهد من مدينة طهران، ونتعرف إلى ما يواجهه
هؤلاء من قمع وصعاب، كأن يقوموا بالتدرب على موسيقاهم في غرفة مصنوعة من
الفلين على سطح بناية، لئلا يسمع الجيران الموسيقى ويشتكوا إلى الشرطة
الأخلاقية، وصولا إلى التدريبات في مزرعة أبقار، بعيداً عن المدينة وإقامة
حفلة يكون فيها والموسيقيون والمتفرجون محاصرين بروائح الأبقار.
فيلم ثالث سيضعنا أمام ملمح آخر من ما يحاصر هذه الموسيقى، وهنا سيكون
الفيلم مصرياً وهو «مايكروفون» للمخرج أحمد عبدالله، حيث سنتعرف إلى هوامش
من نوع مختلف في مدينة الاسكندرية، ولعل تتبع الفرق والشخصيات في الفيلم
سيضعنا أن موسيقى «الهيب هوب» وهي تتحرك بالفيلم في نطاق الطبقة الوسطى،
الشباب الذي يحمل أفكار ما بعد حداثوية، لكن كل ما حوله ضده، وليكون أيضاً
ماضيا في خط درامي بتمركز عند الشخصية التي قدمها خالد أبوالنجا، ولنمضي من
فرقة إلى أخرى، ولعل الصدام هنا سيكون ليس بالقسوة التي نقع عليها في
الفيلمين السابقين، لكن يمكن من خلال الفيلم تلمس مطمح الشباب المصري
للجديد والمغاير، الذي له على مر التاريخ أن يكون مهمشاً في البداية، الأمر
الذي ليس بذلك ونحن نسمع تلك الفرق ولها الآلاف من العشاق وصدامها في
الفيلم سيكون مع المتدينين والمؤسسات الرسمية، لكن متى كانت المؤسسة
الرسمية تتبنى الجديد؟
وفي ملمح نعيشه في أيامنا هذه يحضر «الهيب هوب» بوصفه الأداة الأسرع والأدق
لما يشهده العالم العربي، ولعله صار على ارتباط وثيق مع الثورات، ونحن نقول
ذلك بينما لكل بلد عربي شهد أو يشهد ثورة أغانيه الخاصة في هذا الخصوص،
تهكماً وتوثيقاً في آن معا.
السفير اللبنانية في
12/04/2011 |