لن يعترف أحد أنه يغازل الثورة، ولكنهم جميعاً سوف يؤكدون أنهم كانوا
ثوريين حتى قبل أن تبدأ الثورة.. وهكذا اتجه بعضهم إلى الأفلام التي انتهوا
من تصويرها قبل الثورة، ولم تعرض بعد وبدؤوا في تغيير نهايات وأحياناً
إضافة مقدمات، وهناك من يضع مشاهد إلى الشريط السينمائي أو يحذف مشاهد من
أجل أن يخدع الجمهور قبل أن يكتشف أحد أن "أحمد" هو نفسه "الحاج أحمد".
أول الأفلام التي سوف تعرض قريباً وتنتقد بضراوة حسني مبارك "صرخة نملة"
تأليف "طارق عبد الجليل" وإخراج "سامح عبد العزيز".. الفيلم انتهى تصويره
قبل 25 يناير كان اسمه في البداية "الحقنا يا ريس" تستطيع أن تدرك بالتأكيد
من هذا العنوان ما الذي كان يرمى إليه الفيلم في البداية، حيث إنه يروج
لهذا المبدأ المرتبط عادة بالحاكم المستبد، والذي كانت الدولة ترحب دائماً
به، وهو أن الرئيس هو المحبوب وهو المنقذ.. إنه صاحب القلب الكبير الذي ما
إن يعلم بالفساد، فيتصدى فورا له.
تستطيع أن ترى في الدراما التي يقدمها الفيلم ما يقترب من كل الأفلام
المصرية التي قدمت في عهد الرئيس السابق، وكانت تراهن على ما يريده الرئيس
وتوافق عليه مؤسسة الرئاسة.
كان الهدف هو أن يتوحد الناس على الرئيس، لأنه ينقذهم في اللحظات الأخيرة،
والحقيقة أن الإعلام كان يحرص على تصدير هذه الرسالة للناس، حتى في أبسط
أشكالها، وهكذا مثلاً كان الرئيس السابق يتدخل لإنقاذ مستقبل طفلة من
الضياع، لأنها كتبت رأيها في موضوع تعبير ضمن امتحان اللغة العربية هاجمت
فيه النظام الحاكم ويتم إقصائها بعيداً وطردها من المدرسة وضياع مستقبلها،
ويقف وزير التعليم عاجزاً يخشى أن يعيدها للمدرسة فيغضب الرئيس، وبالفعل
الرئيس هو الذي يعيدها للمدرسة.
تدخل مبارك
كان الرئيس يتدخل حتى في التصريح بالأفلام التي لا تتناول شخصيته مباشرة،
ولكنها تتناول قضايا ساخنة، مثل التطبيع مع إسرائيل "السفارة في العمارة"
أو الفساد مثل "الجردل والكنكة" الجزء الثاني من "بخيت وعديلة"، برغم أن
الانتقادات التي تناولتها الأفلام من الممكن عرضها بدون الرجوع للرئيس
ولكنه الخوف.
وهكذا من الممكن أن ندرك ببساطة أن كل الأفلام التي تعرضت لشخصيته وافق
عليها أيضاً الرئيس، قبل أن يرى الفيلم النور، وهناك أفلام كانت تتناول
الرئيس، إلا أن مؤسسة الرئاسة كانت مترددة في قبولها مثل فيلم "ابن الرئيس"
الذي كتبه "يوسف معاطي" ورشح لإخراجه "عمرو عرفة" حيث أرسلته الرقابة أولاً
إلى مؤسسة الرئاسة ولم يخرج حتى بعد خروج الرئيس.
هامش الانتقاد
لا يستطيع أحد أن يدعي البطولة ويؤكد مثلاً أنه قدم فيلماً ضد رغبة مؤسسة
الرئاسة.. الكل كان يلتزم بما تريده الدولة.. هامش الانتقاد دائماً مقنن
وغير مسموح بتخطيه، ولهذا لا أصدق المخرج عندما يؤكد أنه انتقد مبارك في
"صرخة نملة" قبل ثورة 25 يناير، كيف يحدث ذلك ونحن نعلم أن الفيلم كان اسمه
قبل الثورة "الحقنا يا ريس"، والعنوان يحمل كل هذا الاستجداء للرئيس، فكيف
صارت النملة تصرخ بعد 25 يناير؟!
فيلم "الفيل في المنديل" الذي شهد مؤخراً معركة جانبية بين بطل الفيلم
"طلعت زكريا" والمخرج "أحمد البدري" يؤكد المخرج أنه لم يحذف مشاهد تحمل
مشاعر حب يوجهها بطل الفيلم لمبارك، بينما بطل الفيلم يؤكد أنه بالفعل صور
هذه المشاهد.
"طلعت زكريا" لم يخف أبداً حبه لمبارك، ومن المؤكد أنه صور هذه المشاهد،
فهو على عكس الآخرين الذين تنكروا لكل مواقفهم السابقة.
ورغم ذلك فلا أعتقد أن فيلم "الفيل في المنديل" من الممكن أن يعرض الآن في
ظل حالة الرفض الجماهيري التي يعانى منها "طلعت"، رغم تراجعه عن مهاجمة
متظاهري ميدان التحرير، إلا أن المؤكد أن الفيلم تأجل عرضه إلى أجل غير
مسمى.
وتبقى الأفلام التي صنعها مخرجوها من داخل ميدان التحرير وهى ما بين
الأفلام الروائية القصيرة والتسجيلية.. لا تزال هذه الأفلام في مراحل
الإعداد الأخيرة، وينبغي أن نلاحظ أن قسطاً وافراً من هذه الأفلام سوف يقدم
وكأنه مصنوع على مقاس الثورة، تتكرر خلالها المواقف نفسها والكلمات أشبه "بالكليشيه".
إننا ننتظر بين هذا الكم الكبير من تلك الأفلام أن نشاهد أفلاماً صادقة
تعبر حقيقة عن الثورة، بدلاً من تلك التي سوف يصنعونها حسب الطلب لمجرد
أنها تواكب الثورة وعلى مقاسها من النملة إلى الفيل!!
(*) ناقد فني، والمقال يعبر عن وجهة نظره
الـ
mbc.net في
04/04/2011
مطب كذبة إبريل.. وفيلم الضربة الجوية لعادل إمام
كتبت علا الشافعى
تناقلت بعض المواقع الإلكترونية خبرا يؤكد قيام الفنان الكبير عادل إمام
بالبدء فى تصوير أولى مشاهد فيلم الضربة الجوية والذى يمجد فى الرئيس
السابق محمد حسنى مبارك، ويركز على دوره الهام فى حرب أكتوبر المجيدة.
وتناقل الكثير من الصحف والمنتديات الخبر أيضا، مع تأكيد بعضهم بأن عادل
إمام بهذا الفيلم يتحدى مشاعر الشعب المصرى، وبلغ الخيال بالبعض الآخر
ليؤكد أن عادل إمام قام بإيقاف تصوير مسلسله "فرقة ناجى عطا لله" والذى من
المقرر عرضه فى رمضان المقبل، حتى ينتهى من تصوير الفيلم.
المثير أنه لم يتوقف أحد أمام تاريخ نشر التقرير، والذى نشرته صحيفة "عين"
الأسبوعية، وكان يوافق الأول من شهر إبريل، أى أن الخبر كان كذبة إبريل
الفنية.
والمفارقة أن كل الوسائل الإعلامية التى نقلت الخبر لم تتوقف أمام عدم
منطقيته، خصوصا وأن الخبر لا يحمل تصريحا واحدا لمصدر سواء كان اسم الكاتب
أو المخرج أو حتى النجم عادل إمام، والأهم هو كيف يقوم عادل إمام بإيقاف
تصوير مسلسله والذى من المفترض أن يعرض فى رمضان المقبل والذى سيحل فى
أواخر يوليو وأوائل أغسطس المقبل، والمسلسل متعاقد عليه من قبل العديد
الفضائيات، كما أن المخرج شريف عرفة والذى نشر فى الخبر أنه يقوم بإخراج
فيلم الضربة الجوية مشغول بتصوير الجزء الجديد من مسلسله "لحظات حرجة".
والأهم من ذلك أن النجم عادل إمام يقوم بتصوير مشاهد مسلسله فرقة ناجى عطا
لله حاليا ما بين أستوديوهات النحاس والجابرى، ومن المنتظر أن يسافر أيضا
إلى تركيا فى الفترة المقبلة لاستكمال تصوير المشاهد الخارجية من المسلسل،
حسبما أكد المنتج صفوت غطاس لليوم السابع.
المدهش أن كل من قاموا بنقل الخبر لم يفكروا ولو للحظة فى أصول المهنة وهى
العودة إلى المصدر للتأكد من صحة المعلومة، وهذا هو نص الخبر الذى تناقلته
وسائل الإعلام المختلفة:
"رغم الغضب الذى يتأجج به الشارع المصرى تجاه الرئيس محمد حسنى مبارك
والمطالبة بمحاكمته، بدأ الفنان عادل إمام تصوير فيلم "الضربة الجوية" الذى
يحكى السيرة الذاتية للرئيس المخلوع محمد حسنى مبارك من عام 1950 إلى عام
1981 وخطابه فى مجلس الشعب بعد توليه الرئاسة.
وقد صور عادل إمام عددًا من المشاهد الداخلية بأحد الأستوديوهات وحصل على
تصريح من المجلس الأعلى للقوات المسلحة للتصوير فى أحد المطارات الحربية،
ويركز الفيلم على دور سلاح الطيران فى حرب أكتوبر بعد ما بدأ البعض يشكك فى
دوره فى الحرب.
كما يتعرض الفيلم لقصة إلقاء القبض على حسنى مبارك برفقة ضباط مصريين بعد
أن تعرضت مروحيتهم لهبوط اضطرارى فى المغرب أثناء "حرب الرمال" بين المغرب
والجزائر، وكانت مصر تساند الجزائر عسكريًا، وكذلك البعثات العسكرية إلى
روسيا، ثم حالته النفسية السيئة بعد نكسة 1967 واشتراكه فى الحرب، ثم
تعيينه نائبًا للرئيس الراحل أنور السادات ثم حادث المنصة وتولى مبارك
الحكم.
من الجدير بالذكر أن الفيلم من تأليف يوسف معاطى وإخراج شريف عرفة، وكان من
المقرر أن يقدم الممثل الراحل أحمد زكى الفيلم.
اليوم السابع المصرية في
04/04/2011
فيلم "حقى وحقك" أول فيلم عن الانفلات الأمنى
كتبت علا الشافعى
صرح السيناريست طارق عبد الجليل لليوم السابع بأنه يقوم حاليا بكتابة
سيناريو "حقى وحقك" وهو اسم مبدئى يتناول الفيلم حالة الانفلات الأمنى فى
الشارع المصرى والتى بدأت منذ انسحاب الشرطة يوم 28 يناير.
وأوضح طارق أن الفيلم يحمل دعوة للتصالح بين الشعب والشرطة لأنه من المهم
فى المرحلة الحالية أن نفكر فى كيفية بناء مصر، وليس العمل بمنطق تصفية
الحسابات، وهو ما يتطلب الإعلاء من قيمة التسامح، مضيفا "قمت بتسجيل الفيلم
فى الشهر العقارى وانتهيت من المعالجة الدرامية وكتابة التسلسل الدرامى
للمشاهد وأعكف حاليا على كتابة السيناريو.
وأكد طارق على ضرورة فكرة المصالحة خصوصا أن تجاوزات بعض رجال الشرطة فى حق
الشعب كانت سببا أصيلا فى اندلاع ثورة 25 يناير لذلك يجب أن يعرف كل طرف
حقوقه وواجباته ليعود الاستقرار لمصر فى ظل هذه الظروف التاريخية الحرجة
لأنه من الضرورى أن يحكمنا القانون وليس البلطجة.
يذكر أن السيناريست طارق عبد الجليل كان من أوائل من انتقدوا الأوضاع
السياسية فى مصر من خلال أعماله السينمائية والتى طرحت رؤى سياسية وأراء
جريئة ومن هذه الأفلام "عايز حقي" و"ظاظا رئيس جمهورية" و"صرخة نملة"
المقرر عرضه بدور العرض السينمائية قريبا.
اليوم السابع المصرية في
04/04/2011
الاستثناء، والقاعدة في الثقافة السينمائية العربية
صلاح سرميني ـ باريس
يُشير الواقع الحاليّ (والسابق أيضاً) إلى افتقاد
الثقافة السينمائية العربية للمجلات، والمواقع المُتخصصة على السواء، ماعدا
استثناءاتٍ نادرة، ومنها "الحياة السينمائية"، المجلة الفصلية التي تصدر عن
"المؤسّسة العامة للسينما" بدمشق، وما زالت تُقاوم الاختفاء بظهورها في
فتراتٍ غير
منتظمة، والأهمّ، تتخطى التطورات السينمائية العربية، والعالمية موضوعاتها،
وخطتها
التحريرية التي تغلب عليها الترجمات، وأكثر من ذلك، لا تُوزع خارج سورية مع
أنّ
القارئ العربي الهاويّ، والمُحترف بحاجةٍ إليها.
في الفضاء الافتراضيّ، هناك بعض
المواقع، وأكثر منها المُدونات السينمائية الشخصية التي تنشطُ، وتتكاسلُ
وُفق حماس
أصحابها، وهي في كلّ الأحوال لا تُعوّض أبداً عن أيّ موقعٍ سينمائيٍّ
شاملٍ، أو
مجلة متخصصة.
رُبما يكون موقع "الجزيرة الوثائقية" الوحيد المُؤسّساتي الذي
يتعامل مع المُشاركين فيه بطريقةٍ احترافية مُرضية (أيّ
بمُقابلٍ ماديّ)، ولهذا
السبب، يستقطبُ عدداً من الأسماء المُتفاوتة في الخبرة النقدية، وأعتقد
بأنّ ملفاته
الموضوعاتية أهمّ، وأفضل ما فيه بفضل اختيار تيمة معينة في كلّ مرة،
والكتابة عنها
من طرف بعض النقاد، والباحثين كلٍّ من زاويةٍ محددة يختارها
الكاتب بنفسه (الفيلم
الوثائقي العربي العودة إلى البدايات، الوثائقي بين العلم والفن، هوامش
الفيلم
الوثائقي، الإيديولوجي والجمالي في الوثائقي، الوثائقي والعولمة، الفيلم
الوثائقي
نظريات عالمية وتجارب عربية،
...).
هذه الخاصية بالذات، التيمة، أو الملف، هي
التي تمنح مجلةً اختلافها، موقعاً تميّزه، ومهرجاناً خصوصيّته، ومن تابع
مسيرة "مسابقة
أفلام من الإمارات" التي كانت تنعقدُ في أبو ظبي، يعرف بأنها انطلقت من
فكرةٍ تخصصيّة تُجسّد رغبة مؤسسيها بإيجاد منصة عرضٍ محلية للأفلام
الإماراتية
تحديداً، حالما أثارت انتباه هواة السينما في الدول الخليجية
المُجاورة، واستقطبتهم
دورةً بعد أخرى، ولم يتباطأ هؤلاء عن اللحاق بزملائهم الإماراتيين،
فأصابتهم عدوى
إنجاز الأفلام، ومع ازدياد عددها، وتحسن نوعيتها نسبياً، تجمّعت في مسابقةٍ
خليجية.
بالتوازي، ومنذ دورتها الثانية، كانت "المُسابقة" تُطعم برمجتها بأفلام
عربية، وأجنبية تجمعها في برامج خاصة، أو في إطار تيمة مُعلنة
(السينما التجريبية،
سينما التحريك، هايكو سينما "الفيلم القصير جداً"، السينما الشعرية، سينما
الطريق/الطريق في السينما)، وكلّ من تابع مسيرتها (حتى دورتها السادسة)،
يشهد لها
اهتمامها بطرح تيماتٍ استثنائية تتخطى بوعيٍّ سينمائيٍّ مُتقدم
سهولة التجميع
العشوائيّ، والتبسيطيّ، وتتعمّق بما يكفي في بحث تفاصيل جوانبها المضمونية،
والشكلية.
ولكن، في بداية عام 2007
تغيّرت إدارة "المُجمّع الثقافي" في أبو ظبي (وتحوّل اسمه إلى "هيئة أبو
ظبي
للثقافة، والتراث)، وأول خطوة "ثورية" أقدم عليها المدير الجديد، مسح
إنجازات
الماضي تماماً (أغلق موقع "المُسابقة" الذي يُوثق 10 سنوات من تاريخها،
وتاريخ
السينما في بلدان الخليج)، ومثل الفطور السامّة، والأعشاب الضارة، ظهر من
"يُطبطب"
على كتفه (أو يمسح قماش جلابيته)، وينقل له تقارير مخابراتية عن
"المُسابقة"، وليس
في نعتي أيّ مبالغة، لأنني قرأت أحدها، كتبه واحدٌ من خبراء السينما
العربية (هكذا
يقول عن نفسه) بدون أن يتابع دورةً واحدةً من دوراتها السابقة، بالمُقابل،
قدمت له
إحدى شركات البزنس "الهرمية" دراسات جدوى لوغارتمية عن مشروع
تأسيس مهرجان دوليّ،
عالميّ، كونيّ عملاق يُنافس المهرجانات المريخية: كان، برلين، فينيسيا،
ولوكارنو،...، فبدأ هذا / ذاك المدير الجديد (الذي لم يكن يعرف عن السينما
أكثر مما
تعرفه جدتي)، يمارس هوايته في صيد "المُسابقة" بهدف القضاء
عليها تماماً (كانت
النية واضحة، ومُعلنة منذ البداية، هذه آخر دورة للمُسابقة يا أستاذ
"مسعود"، أنت
شخصٌ عنيد).
لقد انطلقت فكرة تأسيس "مهرجان الشرق الأوسط الدولي" في تلك الأجواء
القتالية، وبعد الانتهاء من الدورة السادسة للمُسابقة في مارس
2007، نجحت الإدارة
الجديدة لـ"هيئة أبو ظبي للثقافة، والتراث" في الضغط الماديّ، والمعنويّ
على
مؤسّسها، ومديرها "مسعود أمر الله"، أوصلته إلى الاستقالة الطوعية.
كان
المُفترض بأن تختفي "المُسابقة" من الوجود، ولا اعرف ما هي المُبررات التي
أدت إلى
تخفيف الرغبة في قتلها عمداً مع سبق الإصرار، والاكتفاء باختطاف مسارها
السينمائيّ،
التأسيسيّ، والتكوينيّ الخالص، وتسليم "عبد الله البستكي"
إدارتها (كان واحداً من
الطلبة الذين يتابعون "المُسابقة"، ولم يكن يظهر عليه نبوغاً،
عبقرية فنية، أو
طموحاً إداريّاً)، وخلال ثلاث دوراتٍ مُتعاقبة في سنتين (وهنا لا يوجد أيّ
خطأ،
وأقصد الدورة السابعة في فبرايرـ مارس 2008، والثامنة في أكتوبر 2008،
والتاسعة في
أكتوبر 2009)، أصبحت التظاهرة السينمائية الأولى، والوحيدة في
تاريخ المهرجانات
السينمائية التي تنعقد مرتين في عامٍ واحدٍ قبل أن تستدرك الإدارة العُليا
فداحة
النتائج الكارثية التي وصلت إليها، وفي إطار التغييّرات الشاملة التي طرأت
على
"مهرجان الشرق الأوسط السينمائي الدولي"، وتحوّله إلى "مهرجان أبو ظبي
السينمائي
الدولي"، تسلم الممثل، والمخرج الإماراتي "علي الجابري" إدارة "المُسابقة"،
وهو
بحقٍّ أكثر خبرةً، ونزاهة من سابقه "البستكي"، ويُعتبر واحداً من
المُحاربين
القدامى الذين رافقوها منذ بداياتها .
الأهمّ في تلك التغييّرات، بعد اندماج
"المُسابقة" تماماً في "مهرجان أبو ظبي السينمائي الدولي"، اختفت كلّ
البرامج
العربية، والأجنبية المُوازية التي كانت تُصاحب دوراتها الستة، ولا أعتقد
بأنّ
واحداً من المخرجين الإماراتيين، والخليجيين الذين تابعوها يُنكر أهميتها،
ومساهمتها في تطوير ذائقتهم،
وثقافتهم السينمائية
.
وعلى الرغم من تبني
مهرجاناتٍ سينمائية عربية أخرى، مغربية بشكلٍ خاصّ، تيمةً تخصصية دائمة، أو
سنوية،
إلا أنها تكتفي ببرمجةٍ تبسيطيّة تجاوزت تاريخ صلاحيتها.
مازالت بعض المهرجانات
الصغيرة، والكبيرة، تعلكُ تيمة المرأة في السينما، أو أفلام المرأة،
وتتفاخر بجمع
ما أُنتج في هذا البلد، أو ذاك من الأفلام التي أنجزتها المُخرجات (تنطبقُ
فكرة
التجميع هذه على معظم المهرجانات العربية، ويكفي لأيّ شخصٍ
يجمع نسخ أفلام د. ف. د
كي يصبح مديراً فنياً).
وما زالت بعض المهرجانات الصغيرة، والكبيرة أيضاً ترفع
شعارات الأرض، الماء، السماء، والبيئة،...وتُلملم أفلاماً من هنا، وهناك كي
تنجز
دورةً إضافيةً، ويرتاح ضمير المُشرفين عليها.
وعندما يريد مهرجانٌ كبير (هذه
المرّة) الافتخار ببرنامج يحتفي بالتجريب في السينما العربية، تفاجئنا
النتيجة
بتوقفه عند حدود "المومياء" لشادي عبد السلام، "اليازرلي" لقيس الزبيدي،
وبالمرّة "إيليا
سليمان"، بينما تُوحي بياناته بأنه يكتشف مجراتٍ جديدة.
ومنذ اليوم،
والأيام بيننا، أتوقعُ بأن ترفع معظم المهرجانات السينمائية العربية
القادمة (وحتى
الأكثر فساداً في إدارتها) شعارات الثورة، وسوف نشاهد نفس
الأشخاص "الفيسبوكييّن"
الذين كانوا حتى ديسمبر 2010 يستعرضون بطريقة مَرَضية صورهم، قصصهم،
حكاياتهم،
وزهقهم، ويتحمسون حالياً للتغيّير، والإصلاح، والديمقراطية، يدافعون حتى
العظم عن
هذه مثل هذه المُبادرات الانتهازية المُعلنة قبل ستة شهور من
تاريخ انعقادها
المُؤجل(أيّ كان من المُفترض انعقاد المهرجان في يونيو، وتأجل إلى سبتمبر
بسبب
الأحداث التي تشهدها البلدان العربية).
وقبل
الانتهاء من كتابة هذه القراءة، هاهو "المركز الثقافي المصري" في باريس
(وبنفس
إدارته السابقة) يعلنُ عن تكريم الروائي المصري "يوسف العقيد"، وتنظيم ندوة
بعنوان "الأدب،
والثورة المصرية 25 يناير 2011"، وحلقة سينمائية بعنوان "السينما، والثورة
المصرية..."، تتضمّن عروض أفلاماً روائية طويلة للمخرج المصري "خالد يوسف" :
ـ
هي فوضى، إنتاج عام 2007 (إخراج مُشترك مع يوسف شاهين).
ـ حين ميسرة،
إنتاج عام 2008.
ـ دكان شحادة، إنتاج عام 2009.
وندوةً مع المخرج،
يصاحبها عرض أفلام فيديو صُورت في ميدان التحرير، والمُلفت للانتباه، بأن
بطاقة
الدعوة تقدمه واحداً من شباب الثورة، وعلى حدّ معلوماتي
المُستقاة من مصادر فرنسية
تتحاشى المُبالغة، لم أقرأ كلمةُ واحدةً تصف المخرج "جان لوك غودار"
بالشاب، أو
السينمائيّ الثوريّ مع أنه كان واحداً من أكثر المُؤيدين، والمُشاركين في
الانتفاضة
الطلابية، والعمالية التي حدثت في فرنسا عام 1968، وقبل ذلك
التاريخ، وبعده، ساهم
مع مخرجي الموجة الجديدة بتغييّرٍ نوعيّ للسينما الفرنسية التي أثرّت
بدورها على
معظم سينمات العالم الفاعلة في تلك الفترة.
هذه المُبادرات المُتحمّسة،
والحماسية التي بدأنا نقرأ عنها، سوف تُساهم عن قصدٍ، أو بدونه، في تفرّيغ
الثورة
من أهدافها الحقيقية، والنبيلة، وربما تُنسينا إنجازاتٍ سينمائية أكثر
ثوريةً من
أشرطةٍ يمكن أن توصل المتفرج إلى حالةٍ من الشبع، والاكتفاء.
أفلامٌ قصيرة،
وطويلة، روائية، وتسجيلية ثورية في الشكل، والمضمون، تمّ إنجازها بوعيٍّ
ثوريٍّ،
ويكفي النبش في الميراث السينمائي المصري كي نتذكر "زمن السقوط" فيلم
التخرج للمخرج "مجدي
أحمد علي"، "حكاية ما جرى في مدينة نعم" لمحمد كامل القليوبي"، "حكاية
الأصل،
والصورة في قصة نجيب محفوظ المُسماة صورة" لمدكور ثابت، "المومياء" لشادي
عبد
السلام (الأكثر ثوريةً في جمالياته السينمائية، والاستثنائيّ في تاريخ
السينما
المصرية، والعربية)، "البحث عن سيد مرزوق" لداوود عبد السيد،
"التلاقي" لصبحي شفيق،
"شيء من الخوف" لحسين كمال، بدون إغفال المسيرة الثورية للمخرج "يوسف
شاهين".
كلّ هذه الأفلام، وغيرها، أنجزها مبدعون قبل 25 يناير2011، ورُبما تكون
أكثر صدقاً من أيّ فيلمٍ لاحقٍ يدّعي الثورة.
الجزيرة الوثائقية في
04/04/2011
ورشة فيلم الدقيقة الواحدة.. رسائل بين نساء
تُعقد
ورشة صناعة أفلام فيديو في الفترة من 27 مارس إلى 15 أبريل الجاري، من
الساعة
الرابعة إلى التاسعة يومياً، أي على مدار خمسة أيام تشارك
فيها كل من ترغب من
النساء لتصوير وتنفيذ فيديو مدته دقيقة واحدة. في هذا المشروع تقوم النساء
بتصوير
وإخراج أفلامهن، ولا توجد أي شروط للإشتراك سوى أن تكون المشاركات ممن ليس
لديهن
خبرة مسبقة في مجال الفيديو وأن تدور الأفلام التي يتم تنفيذها
داخل الورشة حول
الموضوع المختار وأن تكون مدته دقيقة واحدة بدون مونتاج، أي أن يتم تصويره
في لقطة –
مشهد.
تُنظم الورشة بدعم من السفارة الإسبانية في القاهرة وبتنظيم من كلاكيت
عربي للخدمات الإعلامية وبالتنسيق مع جمعية النهضة العلمية
والثقافية – جزويت
القاهرة. وتعقد جلسات الورشة في مقر جمعية النهضة العلمية والثقافية (15
شارع
المهراني، الفجالة، خلف مدرسة العائلة المقدسة).
تستهدف ورشة "رسائل بين نساء"
وفق تصورات القائمين عليه الدفع باتجاه الإبداع السمعى والبصري للنساء.
وخلق بنك
للمعلومات السمعية والبصرية تجتمع فيه التصورات المتعددة للمرأة عن الجوانب
المختلفة للواقع المحيط بها. بالإضافة إلى خلق صلة بين النساء
من بلاد محتلفة
بطريقة يستطعن بها التعرف على أفكار بعضهن البعض والتفاعل بينهن عن طريق
رسائل
الفيديو وعمل أفلام تدور حول نفس الموضوع في كل بلد على حدة.
يُذكر أن مشروع
فيديو الدقيقة الواحدة هي مبادرة بدأت في عام 1997 في برشلونة من قبل
المهرجان
العالمي لسينما المرأة – دراك ماجيك. ثم بعد ذلك بدأ التنسيق
له من خلال (تراما)
وهي الشبكة المنسقة لمهرجانات السينما التي تصنعها نساء في إسبانيا. ومنذ
عام 2008
بدأ تنفيذه في إطار قافلة "بين سينمائيات" وهي قافلة سينما المرأة العربية
واللاتينية، حيث يتم سنوياً اختيار أحد الموضوعات التي تدور حولها الأفلام
على
مستوى كل البلاد، وفي هذه الورشة يبدأ العمل على موضوع جديد
وهو "الآخر". تعرض
الأفلام في مهرجان القاهرة لأفلام المرأة العربية واللاتينية المزمع عقده
في شهر
مايو القادم بمركز الإبداع (دار الأوبرا المصرية)، ثم تستكمل العروض في
بلاد أخرى
داخل نطاق قافلة "بين سينمائيات" التي ستسافر إلى مدن متعددة في الوطن
العربي، وإلى
إسبانيا وأمريكا اللاتينية.
الجزيرة الوثائقية في
04/04/2011 |