هي واحدة من الفنانين الذين تباينت انفعالاتهم خلال فترة الثورة، فقد شاركت
في الاحتجاجات منذ يومها الأول، وتعرّضت لمواقف كثيرة خلال
وجودها في الشارع، ثم
صدّقت خطاب الرئيس السابق حسني مبارك وتعاطفت معه كما فعل مصريون كثر،
لكنها بعد
هجوم «البلطجية» على المحتجين في ميدان التحرير أصرّت على ضرورة تنحيته،
فخرجت
تشارك الثوار مع زوجها الممثل أحمد حلمي ثورتهم، وفي حملة
تنظيف ميدان التحرير
والميادين المحيطة وتجميلها.
في اللقاء التالي تحدّثنا الى الممثلة منى زكي لنتعرف إلى رحلتها مع ثورة
25
يناير.
·
هل تعرّضت لمضايقات أمنية خلال
مشاركاتك في تظاهرات 25 يناير؟
لا أرغب في التحدّث عما شاهدته خلال الاحتجاجات، إذ كانت بداية احتكاكي
ببعض
ضباط الشرطة الذين عاملوني بطريقة سيئة واتهموني بأنني لا أعرف
شيئاً عن أحوال
البلد ومعاناة البسطاء، لكني كنت متأكدة مما أريد، ومن الهدف الذي شاركت من
أجله في
التظاهرات.
·
ما الهدف الذي دفعك الى المشاركة
في الاحتجاجات؟
القضاء على الفساد، تغيير الدستور بشكل يتيح حريات سياسية أكبر، والمطالبة
بتوقّف التعامل العنيف من جهاز الشرطة، بمعنى آخر مستقبل أفضل
للجميع.
·
صفي لنا شعورك أثناء مشاركتك في
تظاهرات يوم الأربعاء؟
شعرت بأن الحرية باتت قريبة جداً، وبأننا قادرون على التغيير وتشكيل مستقبل
جديد.
·
أنت في نظر جمهورك فتاة رقيقة
وممثلة ناجحة، ولم يتوقع أحد وجودك في
التظاهرات، فكيف تفسّرين ذلك؟
في النهاية أنا مواطنة مصرية وأعيش مع أسرتي داخل حدود هذا الوطن، ومن حقي
أن
أدافع عن استقلال بلدي بغض النظر عن مهنتي أو مستواي المادي أو
الاجتماعي، لذا أرغب
دائماً في أن تتقدّم مصر من النواحي كافة، اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً.
·
ألم تخشي على مكانتك الفنية بسبب
إظهار موقفك السياسي؟
لم أفكّر إلا في مصر، ولم أخشَ النظام ولا على مستقبلي. عموماً، الفنان
إنسان
حرّ ولا يستطيع أحد شراءه، ويعبّر دائماً عما يراه صحيحاً، فهو
في النهاية مواطن له
الحق في أن يعبر عن وجهة نظره السياسية ويدافع عنها. رغبتي في تقدّم مصر
وتأمين
مستقبل أفضل لابنتي أقوى من أي خوف قد أشعر به.
·
هل اختلفت الاحتجاجات في الأيام
الثلاثة الأولى من الثورة عن جمعة
الغضب؟
نعم اختلفت جداً، إذ لم تعد التظاهرات في ذلك اليوم مقصورة على الشباب، إذ
خرج
الجميع الى الشارع من مناطق عدة بعد صلاة الجمعة، كذلك استخدم
الكثير من ضباط
الشرطة العنف ضد المتظاهرين، فشاهدت في اليوم نفسه أكبر عدد من الإصابات.
·
لكنّ رأيك تبدّل بعد خطاب الرئيس
حسني مبارك الثاني، فما الذي حدث؟
لم أكن وحدي، فالكثير من الناس طالبوا بضبط النفس وإعطاء مبارك فرصة للقيام
بإصلاحات، فقد شمل خطابه وعوداً بتنفيذ غالبية مطالب
المتظاهرين، ثم إنني ضد إهانة
الرئيس السابق باللفظ، وهذا ما صرّحت به خلال أحد البرامج التلفزيونية.
·
كيف ترين تضارب مواقف الفنانين
المصريين من الثورة، وتراجع عدد منهم عن
تصريحاتهم بعد تنحّي الرئيس مبارك؟
كل شخص حرّ في رأيه، فكما ذكرت الفنانون مواطنون مصريون ولهم الحق في إبداء
رأيهم من دون تجريح، ولنفترض أن بعضهم فهم الموضوع بشكل خاطئ
ورغب في التراجع
فلماذا لا نترك له حرية التعبير؟ خصوصاً أن هؤلاء جميعهم عبّروا عما رأوه
بصراحة.
·
هل معنى هذا أن الفنانين لم
يتعرّضوا لضغوط للوقوف إلى جانب النظام
السابق؟
لا أعتقد، فالفنانون، في غالبيتهم، عبّروا عن رأيهم بمحض حريتهم ومن دون أي
ضغط
عليهم، وهذا ينطبق على كثر ممن أعرفهم.
·
ما المشاهد التي أثّرت فيك خلال
الثورة؟
المصابون والشهداء، مشاهد الظلم الذي تعرّض له الكثير من الشباب الحاصلين
على
مؤهلات عليا وغير قادرين على تأمين وظيفة، مشهد الجمال والخيول
الدامي والصادم
جداً، بالإضافة الى كثير من المواقف الإنسانية.
·
كيف تصفين الثورة المصرية من
وجهة نظرك؟
أصبحت مصر الآن بلدنا فعلاً، إذ حققت الثورة نقلة كبيرة في حياتنا وأعادت
إلينا
ثقتنا في مصر والمصريين، إذ يكفي ما رأيناه من تمسّك المحتجين
بسلمية التظاهرات على
رغم ما تعرّضوا له من عنف، والمظاهر الحضارية التي شهدها العالم كلّه أثناء
الاحتجاجات وبعدها.
·
كيف ترين مستقبل مصر؟
أرى تطوراً وتقدماً، فأنا واثقة بأننا سنحقّق نجاحاً على المستويين المهني
والاجتماعي. المهم أننا أصبحنا قادرين على رفع رؤوسنا أمام
أبنائنا والقول إننا
ساهمنا في تشكيل تاريخ جديد لمستقبلهم. علينا أن نفكّر في البناء ونقف أمام
الفساد،
ونحافظ على نظافة الشوارع بعد حملة التنظيف والتجميل التي شهدها الكثير من
ميادين
مصر في عدد كبير من المحافظات، وعلى الكثير من الأخلاقيات التي كنا نظنّ
أنها فُقدت
من الشارع المصري.
·
كيف كان شعورك وأنت تنظّفين
الشوارع مع زوجك وابنتك بعد نجاح
الثورة؟
كان شعوراً رائعاً لا يوصف، فهذا بلدنا وعلينا أن نعمل على تنظيفه وحمايته
بكل
ما أوتينا من قوة، وألا نرتكب أي أخطاء في حقه، وقد اكتسبت
خلال هذه التجربة «شحنة»
إيجابية لن أنساها وأتصوّر أن كل الموجودين في المكان اكتسبوا تلك «الشحنة».
·
هل تفكّرين في تحويل هذه التجربة
الى عمل سينمائي؟
لا. أعيش راهناً حالة من الضيق والحزن على الشهداء ولا أفكّر في أية عروض،
كل ما
يهمني كيفية الحفاظ على ما حققناه من نصر والاستمرار في
التقدّم.
الجريدة الكويتية في
28/02/2011
السينما والثورة... بين الصدق والنفاق
محمد بدر الدين
قرأنا خبراً يؤكد أن سامح عبد العزيز، مخرج الفيلم المصري «صرخة نملة» الذي
لم
يعرض بعد، قرر استبدال مشاهد النهاية بأخرى من «ثورة 25 يناير»
تشمل خطابات الرئيس
السابق وخطاب نائبه الذي يعلن فيه تخلي الرئيس عن السلطة والفرحة الغامرة
التي عمّت
المتظاهرين في ميدان التحرير، بعد سقوط رأس النظام، ونحسب أن هذا الأمر
سيتكرر مع
أفلام أخرى.
يذكّرنا الخبر بما أعقب ثورة يوليو 1952 في مصر، عندما استبدل الصناع نهاية
بعض
الأفلام بأخرى تتضمن حدث قيام الثورة. وثمة أفلام أخرى أنتجت
بالكامل بعد الثورة،
لكنها اختارت قيام الثورة أيضاً كنهاية سعيدة، ونحسب أن مثل ذلك سيحدث في
أفلام
جديدة ونرى فيها ثورة يناير 2011 كنهاية سعيدة هنيئة، تبدو فيها ومعها
المشاكل
وكأنها وجدت حلاً وأن كل شيء أصبح على ما يرام.
تراوحت الأفلام، التي تضمنت مشاهد عن قيام ثورة يوليو، كما ستتراوح الأفلام
التي
تضيف مشاهد عن قيام ثورة يناير، بين الصدق والحماسة الحقيقية
والانفعال المخلص،
وبين مجاراة السائد ومغازلة الوضع الجديد القائم ونفاق العهد الجديد.
لكن في الأحوال كافة، قيام أي ثورة في التاريخ، لا يحلّ المشاكل دفعة
واحدة، ولا
يشكّل نهاية سعيدة للأزمات كافة، إنما بداية جديدة حقيقية
لمواجهة الأزمات وتلمّس
الأساس الصحيح لتشخيصها وعلاجها.
لقد تملّق فعلاً بعض صناع السينما المصرية العهد الجديد بعد يوليو 1952،
لكن لم
تلقَ هذه الأفلام صدى حقيقياً أو لم تعش في الذاكرة طويلاً،
فيما بقيت أفلام تناولت
القضية بصدق وإحساس حقيقي، حيّة نابضة ومؤثرة.
من بين هؤلاء الصادقين المخرج الكبير صلاح أبو سيف، الذي آمن بأفكار
المجتمع
الثوري الاشتراكي الجديد، لذلك استمرت أعماله وما زالت مؤثرة
لغاية اليوم، خصوصاً
ثلاثية «الفتوة»، «بداية ونهاية»، «القاهرة 30»، التي حلل فيها وضع المجتمع
الذي
أفضى إلى الثورة، إنها ثلاثية ضرورة الثورة، بتعبير ميثاق يوليو، إذا شئنا
أن نطلق
عليها تسمية.
بدوره، لجأ المخرج الكبير عز الدين ذو الفقار في فيلم «ردّ قلبي» إلى
الصيغة
العاطفية الرومنسية الثورية، التي لا تخلو من مسحة ميلودرامية،
إنما لم تقدّم
تحليلاً سياسياً متعمقاً، مع ذلك ما زال الفيلم ينبض بالحياة ويعتبر
مؤثراً، بسبب
صدق صانعه الواضح.
الصدق، حتى من دون تعمّق كبير في الموضوع ما دامت المعالجة لا تتطلب ذلك،
هو
قيمة رائعة وحاسمة، معها يحيا العمل وينبض ومن دونها يذوي
ويموت، وبمدى توافرها
يكون أو لا يكون.
لا بد من أن نرى، في الفترات المقبلة، أعمالاً تعبّر عن حدث ثورة يناير
الشعبية
المصرية، سواء في فن السينما أو في غيره من الفنون، وستتحدد
قيمتها كلها بمدى
الجدية في التناول، ودائماً وفي الحالات كافة بمدى الصدق في الإحساس
والرهافة في
التعبير.
لن يستطيع أحد أن يمنع الأعمال الكاذبة، التي تزيف أو تتزلف، لكنها ستكون
دائماً
مكشوفة ومستهجنة، ولن يُكتب لها العمر الطويل بل ستلقى السخرية
كلما عُرضت.
الجريدة الكويتية في
28/02/2011
محسوبيات وقمع للحريَّة... سينمائيون مصريون يطالبون
بإلغاء الرقابة
القاهرة - فايزة هنداوي
وقّع أكثر من 250 شخصاً ينتمون إلى قطاع صناعة السينما في مصر من مؤلفين
ومخرجين وممثلين، يساندهم مثقفون، بياناً طالبوا فيه بإلغاء
جهاز الرقابة على
المصنفات الفنية وتحويله إلى جهة متخصصة في تصنيف الأعمال الفنية عمرياً.
من بين الموقعين على البيان كتاب السيناريو: محمد سليمان، عمرو سمير عاطف،
وائل
حمدي، تامر حبيب. المخرجون: محمد خان، أمير رمسيس، محمود كامل،
هاني خليفة، أحمد
صالح، خالد الحجر، عماد البهات، شهيرة سلام، هالة جلال...
تعتيم
تلاحظ المنتجة إسعاد يونس أن تعتيماً شديداً فرض، في ظل الأنظمة التي كانت
قائمة، على مواضيع حقيقية يجدر بالفنون عموماً أن تناقشها
بصفتها دفتر أحوال الوطن
اليومي.
تضيف يونس أن «لاشين»، «السوق السوداء»، «سهر الليالي»، «بحب السيما»،
«ليلة
سقوط بغداد»، «رسائل البحر»... التي منعتها الرقابة، تُعتبر من
أهم أفلام السينما
المصرية. كذلك، تشير إلى أن الرقابة منعت السينما من مناقشة قضايا التعذيب
والفساد
السياسي والاقتصادي ومشاكل العشوائيات ومجمل أمراض المجتمع الأخلاقية
والجنسية
الحقيقية.
تعزو يونس خوف البعض من إلغاء الرقابة إلى الاعتقاد السائد بأن هذه الأخيرة
وُجدت للحدّ من المشاهد الإباحية فحسب، وهو مفهوم خاطئ يسيطر
على العقول بسبب
المفاهيم الجنسية المغلوطة والقصور الشديد في الثقافة الجنسية التي تجد
المطالبة
بتدريسها مقاومة شديدة.
تصنيف وتعنّت
يتوقع المخرج أحمد رشوان أن يقتصر دور الرقابة في المستقبل على التصنيف
تبعاً
للفئات العمرية على غرار ما يحدث في دول العالم، مشيراً إلى أن
المشكلة كانت في
أعضاء مجلس الشعب الذين صنعوا من أنفسهم رقباء على الفن من دون وجه حق.
يضيف رشوان أن الظروف الحالية بعد ثورة 25 يناير ستتيح سقفاً أعلى من
الحرية
للتعبير عن هموم الوطن وتطلعاته وطرح قضايا مهمة أصبحت متاحة
عبر وسائل الإعلام،
فيما يبقى جهاز الرقابة على الأفلام مجمداً عند مرحلة سابقة تجاوزها الزمن
والوطن
بتغيراته اليومية المتلاحقة.
بدوره، يرى المخرج علي رجب أن التعنت غير المسبوق يتحكّم بجهاز الرقابة
الراهن
في مصر، ويظهر ذلك في رفض الأعمال الجادة أو تعطيلها فترة
طويلة بحجة أن الظروف
الاجتماعية والسياسية لا تسمح، وبحجة تهدئة الرأي العام الذي لا يهدأ بل
يتزايد
صراخه، عدا البيروقراطية في التعامل والتسويف واستخدام العراقيل القانونية
والإدارية لتعطيل أعمال المبدعين، بالإضافة إلى صراعات داخلية
بين العاملين في
الجهاز وانعكاسها على مقدّمي الأعمال السينمائية من خلال الإرباك والتناقض
في
مقاييس التعامل والحكم.
تغيير جذري
يطالب السيناريست تامر حبيب بتغيير جذري في جهاز الرقابة والقيّمين عليه
بما
يتناسب والمرحلة الحالية وضرورات الإبداع فيها، كذلك يطالب
بتطوير آلية الجهاز
لتصبح الرقابة على الشريط السينمائي وليس على السيناريو.
أما المخرج محمد حمدي فيؤكد أن الرقابة على فكر المبدع لا تليق بمصر في هذه
المرحلة، ذلك كخطوة أولى لإنهاء عصر الرقابة على الفن
السينمائي عموماً.
تعديل تشريعي
على صعيد آخر، لم يعترض رئيس «جهاز الرقابة على المصنفات الفنية» الدكتور
سيد
خطاب على طلب إلغاء الرقابة وتحويلها إلى جهة تصنيفية، مشيراً
إلى أنه تقدم بمشروع
لإلغاء الرقابة على السيناريو منذ فترة طويلة، إلا أنه كان يحتاج الى تعديل
تشريعي
لم يتح في الفترة السابقة متوقعاً أن يتم ذلك اليوم، فتتحول الرقابة إلى
جهاز
تصنيفي لتحديد عدد النسخ وأوقات العرض والفئات العمرية.
الجريدة الكويتية في
28/02/2011
الفنانون المصريون واللبنانيون...
بين الوضوح في
السياسة وعدم قطع شعرة معاوية
بيروت - غنوة دريان
ظاهرة لافتة بدأت تطل برأسها على الساحة الفنية العربية تتمثل في اندفاع
الفنانين اللبنانيين إلى تسجيل أغنيات تمجّد الثورة في مصر،
ومن المستغرب في هذا
المجال أن هؤلاء يقفون في معظمهم على الحياد إزاء الأحداث التي تعصف
بلبنان، في
المقابل ينقسم الفنانون المصريون بين مؤيد للثورة ومعارض لها. لماذا يخشى
الفنان
اللبناني الإفصاح عن مواقفه السياسية وانتماءاته وما الفرق
بينه وبين الفنان
المصري؟
في دردشة مع «الجريدة»، يوضح الدكتور سالم الخطيب، اختصاصي في الطبّ النفسي
العيادي، أن الفنان المصري مسيّس تاريخياً، منذ عهد جمال عبد
الناصر أي منذ اندلاع
ثورة 23 يوليو 1952، إذ كانت لها أصوات تمجدها وتروّج لها، من بينها: أم
كلثوم، عبد
الحليم حافظ، محمد عبد الوهاب... وقد ازدادت سطوة تلك الأصوات بعد عدوان
1956 وحربي
1967
و1973، عدا عن الأوبريت التي شارك فيها كبار النجوم في الوطن العربي
من بينهم:
شادية، نجاح سلام، وردة، صباح، عبد الحليم حافظ، نجاة الصغيرة... وأغنيات
تمدح
الأنظمة التي تتالت على مصر.
يضيف الخطيب: «في المقابل نجد أن الفنانين اللبنانيين يتغنون بجمال لبنان
وطبيعته: «لبنان يا أخضر حلو»، «لبنان يا قطعة سما» لوديع
الصافي... ولم يقدموا
مجتمعين أو فرادى أغنيات تحمل قضية معينة في طياتها، اللهم قلّة تتغنى
بصلابة
الجنوب وأهله عندما كان يتعرض للعدوان الإسرائيلي، من بينها: «إسوارة
العروس»
لفيروز و{الله معك يا بيت صامد بالجنوب» لوديع الصافي وأغنيات أخرى تشد من
أزر
الجنوبيين».
من هنا، يستنتج الخطيب أن الفنان اللبناني لم يتخذ موقفاً واضحاً وصريحاً
من
الأحداث السياسية التي تعصف بلبنان لأنه لم يكن يوماً مسيّساً،
والتسييس، برأيه،
نتاج تراكم مواقف سياسية على مدى سنوات، وهذا ما يفتقده الفنان اللبناني
ويتمتع به
الفنان المصري.
يلاحظ الخطيب أن الفنان اللبناني يركّز، باستمرار، على ما يسمى بالعامية
اللبنانية «خط الرجعة « أو «شعرة معاوية» بينه وبين الآخرين،
لذا يحسب ألف حساب قبل
اتخاذ أي موقف مع هذه الجهة السياسية أو تلك، كي لا يلومه الجمهور عليه أو
يحاسبه، «لذا نادراً ما نجد أصواتاً يمكن أن نطلق
عليها «أصوات السلطة» أو «أصوات النظام»
ربما لأن النظام اللبناني لا يخضع لقواعد الحكم المركزي والقبضة الحديدية،
ما يجعل
الفنان اللبناني أحد أكثر الفنانين حرية في الوطن العربي، وحذراً في الوقت
نفسه».
ملك الشعب
الفنان ملك الشعب في عرف الفنانين اللبنانيين، لذا نأوا بأنفسهم، منذ
اندلاع
الحرب في لبنان، عن الانزلاق في المستنقع السياسي، وزاد
تحفّظهم بعد الأحداث التي
وقعت على أثر استشهاد الرئيس رفيق الحريري عام 2005 وأدت إلى الانقسام في
الشارع
السياسي اللبناني، فلم تصرّح نجوى كرم، على سبيل المثال لا الحصر، أنها مع
هذه
الجهة أو تلك، إنما تشدّد على الدوام على ولائها للجيش
اللبناني.
بعد تعيينه سفيراً للنوايا الحسنة للحفاظ على البيئة في الأمم المتحدة،
يركز
راغب علامة هجومه على الطبقة السياسية عموماً، أما عاصي
الحلاني، فعلى رغم قربه من
قوى 8 آذار، إلا أنه يمسك العصا من النصف ويؤكد أن إسرائيل عدوه الوحيد،
والحال
نفسها مع وليد توفيق الذي لا يوفر فرصة وطنية إلا ويطلق أغنية يعبر فيها عن
حبه
لوطنه من جنوبه إلى شماله، وهيفا وهبي التي تفتخر بانتمائها
إلى الجنوب اللبناني
وتؤيد السيد حسن نصر الله بوصفه مقاوماً لإسرائيل، أما نانسي عجرم فلا
تقترب من
السياسة من قريب أو من بعيد، فيما أعلنت إليسا صراحة وبوضوح تأييدها لحزب
القوات
اللبنانية وللدكتور سمير جعجع، فشذت بذلك عن القاعدة مع فنانين
لا يتجاوزون ربما
عدد أصابع اليد.
قائمة العار
قبيل اندلاع الثورة في مصر، صرّح خالد أبو النجا أنه مع التغيير وضد
التوريث
وكان أحد الفنانين الذين استقبلوا محمد البرادعي، فدفع ثمن هذا
الاستقبال استبعاده
عن أي برنامج فني أو حواري في التلفزيون المصري الرسمي، إنما اختلف الوضع
بعد
الثورة بالتأكيد.
أما المخرج خالد يوسف فترجم سخطه على السلطة وتنبأ بما حصل عبر سلسلة
أفلام: «هي
فوضى؟»، «حين ميسرة» و «دكان شحاته»، وكان الفنان خالد الصاوي
على رأس تظاهرة مؤلفة
من 25 ألف شخص، وبسبب ثقل وزنه لم يستطع الشعب حمله فحمل الفنان عمرو واكد
الذي
نادى بضرورة سقوط النظام، بالإضافة إلى فنانين آخرين نادوا بالتغيير من دون
أن
يخشوا على شعبيتهم سواء نجحت الثورة أو فشلت.
هكذا، يبدو أن الجمهور اللبناني عاجز عن تقسيم فنانيه بين موالين ومعارضين
عكس
الجمهور المصري الذي قسّم فنانيه إلى قائمتين: قائمة العار
وقائمة الشرف، تضم
الأولى أسماء الذين ناهضوا الثورة والثانية أسماء الذين وقفوا إلى جانبها.
لا يعبأ الفنانون المصريون بردة فعل الجمهور كأن يقاطع أعمال هذا الفنان أو
ذاك
بسبب موقفه السياسي، ربما لإيمانهم بأن الشعب المصري يفرّق بين موقف الفنان
وبين
الأعمال التي يقدّمها، عكس الفنان اللبناني الذي يخشى تأثر
شعبيته بأي شكل من
الأشكال، ويظن، ربما هو على يقين، بأن الشعب اللبناني يتأثر بمواقف الفنان
السياسية، وخير دليل على ذلك تجربة جوليا بطرس (تميل إلى الحزب القومي
السوري) التي
تأثرت شعبيتها في الأوساط الموالية لقوى 14 آذار بعد إعلانها
الشهير أمام الإسكوا
أن حذاء أي مقاوم أشرف من أي مناوئ للمقاومة.
الجريدة الكويتية في
28/02/2011 |