ماذا حينما نعشق
انساناً ونجد ان كل الظروف تكالبت على ان تمنعنا من الاقتراب منه او
الاقتران به..
ولعل مثل هذه الحكاية لطالما تصدت لها السينما في انحاء العالم، ولكن فيلم
«مكتب
التعديلات» adjustment Bureau
يذهب بعيدا، بل ابعد مما نتوقع، عبر مغامرة سينمائية
تجمع بين الرومانسية والمغامرة، والحب والعنف الانساني الذي يحاول منع تلك
العلاقة.
الفيلم مقتبس عن قصة لفيليب دبك، سرعان ما التقطها المخرج جورج
نولفي (اوشن الفن - وبروني التميتم) ليحولها الى سيناريو مشبع
بالمغامرة، وفي الحين
ذاته بالعواطف الانسانية الجياشة.
فما هي حكاية هذا العمل الجديد والذي
سيعود به مجددا النجم الاميركي مات ديمون الى لعبته المفضلة، حيث سينما
المغامرات.
مات ديمون، يلعب شخصية «ديفيد توريس» وهو لاعب سابق لكرة السلة
بجامعة فوردهام في الولايات المتحدة يخطط لبداية مشواره
السياسي، من اجل بلوغ
الكونغرس، عبر اجتهاد سياسي وحضور ومشاركات في العديد من المناسبات
الاجتماعية
والسياسية، وفجأة يجد نفسه امام فتاة جميلة، هي راقصة تدعى سيلاس اليز (ايملي
بلانت)، يقع في هواها، الا انه يلمس كماً من المفارقات التي
تحيل دون تواصله مع تلك
الصبية التي تعلق بها، واضافت الكثير الى حياته من الفرح والسعادة،
والنبض.
الان ان الاحداث تمضي بشكل يجعل ذلك السياسي الشاب الذي يسير الى
الكونغرس، يكتشف بانه لايستطيع الحصول على ما يريد، حتى لو
كانت امرأة يحبها، فثمة
من تحكيم بمصيره، وثمة من يرتب حياته، ومن يخطط له مستقبله.
مكتب متخصص،
يريد له ان يكون مثل القطار، يتحرك كما يريدون يتوجه الى مستقبلة كما
يريدون، وليس
له التصرف في اي شيء.
وهنا تبدأ المواجهة فهو يرفض تلك القدرية التي تحمل
الوصاية والهيمنة التي تلغيه وتحوله الى مجرد دمية خالية من الاحساس تسير
من خلال
برنامج زمني مرتب لبلوغ هدفه السياسي.
هنا يبدأ الرفض لذلك المصير الاصم..
الخالي من الاحاسيس، والحب والعاطفة.
فكيف ستكون تلك المواجهة «واي صراع
سيكون بين ذلك السياسي الشاب، الذي يرفض الخضوع الى منهجية ذلك المكتب الذي
يحركه..
ويحركه العشرات بل المئات من السياسيين..
ويتحكم بمصيرهم.. ومستقبلهم.. ويريدهم ان
يكونوا عبيداً لسطوته.. واوامره.. وقراراته.
انت امام شاب يمارس الرفض من
اجل الحب، الذي يبدو مرفوضاً في عالم السياسة، ولهذا يكون المواجهة عالية
الايقاع،
متوترة.. تجعلنا في كل مشهد نزداد غضبا اتجاه من يمنعون الحب والحياة..
والمستقبل.
فيلم يناقش الحب في زمن السياسة.. وزمن الطموحات والقرارات
المخطط لها منذ زمن طويل، من اجل المزيد من السيطرة، على كل شيء، حتى
الاحاسيس
والمشاعر.. والرغبات.
مكتب يصنع قدر الآخرين، ليتحكم في كل شيء، حتى في ادق
التفاصيل في حياتهم.
ونترك مشهد النهاية الى المشاهد.. من اجل مزيد من
الدهشة.. والمفاجأة.
ونعود الى مات دايمون، وفي هذا الاطار، نحن امام نجم
طموح، عرف النجومية منذ مرحلة مبكرة من مشواره، الى جوار صديقه «بن افليك»
ليذهب
بعدها كل منهما في طريقه الى النجومية المطلقة، وفي رصيد دايمون كم من
الاعمال
السينمائية، ومنها مؤخراً «تروجريت» و«غرين زون» وبروني «سلسلة
سينمائية» و«اوشن
13»
و«الاقلاع» و«سيريانا».. وغيرها.
وامامه في دور الراقصة، الممثلة
البريطانية الجميلة ايملي بلانت، التي كلما اطلت في الفيلم، حملت للمشاهد
مساحة
اكبر من العاطفة، وسط شخصيات صارمة.. عنيفة.. ومن رصيدها نشير الى افلام،
فيكتوريا
الشابة والشيطان يرندي برادا وولف مان، وحروب شارلي ويلسون
وغيرها من النتاجات
السينمائية التي رسخت حضورها كاحدى نجمات السينما البريطانية والعالمية.
اما
المخرج جورج نولفي، فيبدو أنه وجد خلالها ضالته المنشودة في نص قصير، سرعان
ما طوعه
ليحوله الى عمل سينمائي يضمنه مفردات المغامرة التي عرف من خلالها.. ولكنه
في الحين
ذاته، يقول الكثير على صعيد المضمون.. فما اروع سينما المغامرة
حينما تقترن
بالمضمون.
anaji_kuwait@hotmail.com
النهار الكويتية في
17/02/2011
30
سنة على رحيله
أندريه تاركوفسكي لا يزال منجماً من
الأفكار
محمد رضا
هذا العام هو الثلاثون على رحيل المخرج الروسي العبقري أندريه تاركوسكي .
ولا يزال فقط علامة فارقة في تاريخ السينما، بل إن أعماله لا تزال مطروحة
في ميدان الحديث عن الإبداعات الفنية التي لا مجال لإنكارها . وهي حبلى
دائماً بالأطروحات . إحدى هذه الأطروحات موقفه الإيجابي من الأديان (من دون
تفرقة) على أساس أنها روحانيات إنسانية ضرورية . هذا في الوقت الذي كانت
فيه مثل هذه المواضيع ممنوعة في الاتحاد السوفييتي آنذاك .
في فيلمه الرائع “أندريه روبلوف” قام المخرج برسم ملامح العلاقة المزدوجة
بين صانع أيقونات وربّه وبينه وبين واقعه . على جانبي هذه العلاقة بسط
تاركوسكي التاريخ كما لو كان سهلاً شاسعاً ممتداً نرى منه التعاضد والتناقض
بين الدين والفرد، كما بين الدين والدولة، وبين الدين والسياسة، وإذ تتابع
أحداثه المشغولة بصرياً بثراء لم يكرره سواه، يرتفع صوت الروح على ما عداه
. حينها فقط ندرك أن الفيلم ليس دينياً، بل إنسانياً لأنه إذا ما كان
الدين، بأبسط مفاهيمه، هو العلاقة الخاصّة بين الإنسان وخالقه التي لا تعرف
المتاجرة والمنفعة أو ما أضافه البعض بمحض اختياره إلى تلك العلاقة، فإن ما
تنضح به تلك العلاقة يخرج عن الخاص إلى العام . تلك اللقطات المنصبّة على
الماء في فيلم تاركوسكي (وفي كل أفلامه) هي، في عرف غير مناقض، تتماثل مع
كل ما نعرفه دينياً وعلمياً عن أهمية الماء وتكوينه للذات كما للحياة على
وجه الأرض . في ذلك، فإن هدف تاركوسكي كان التعبير عن مكانة الماء في
الحياة، فنجد كل أبطاله في كل أفلامه من دون استثناء وهي إما ترقب المطر أو
ترقب النهر أو تجد نفسها وسط شلال من الماء في ظرف غير متوقّع . وفي الكثير
من الحالات نراها تنظر إلى الماء في إمعان واحترام، تماماً كالكاميرا التي
تسبح فوق تلك المياه في حب واضح .
نجد هذا في “أندريه روبلوف” حيث تتابع الكاميرا رحلة صانع الأيقونات
الباحثة عن سبيل بث روح الإيمان في أجواء من الحروب بين فرقاء القرن الخامس
عشر، ونجده في “سولاريس” (197) حين يقف بطله الملاح في بستان والده ينظر
إلى الطبيعة والماء وذلك قبل انهمار المطر . والمثير للاهتمام القدر الكبير
من العاطفة حيال الطبيعة التي يشعر بها بطل الفيلم ثم القدر الكبير من
البرودة العاطفية التي سيشعر بها في الفضاء . الماء موجود في “المرآة” على
أكثر من شاكلة ربما أكثرها لفتاً للاهتمام تلك الرؤية التي يعايشها بطل
الفيلم حين يجد نفسه في غرفة ينسكب الماء متسللاً من جدرانها، وفي مشهد
ممطر آخر .
أما في “التضحية” (1987) فيكفي ذلك المشهد الدال في مطلع الفيلم ونهايته:
الأب وابنه يزرعان شجرة بالقرب من نهر ماء . في نهاية الفيلم نجد الشجرة قد
نمت وها هو الابن مستلقٍ تحتها ينظر إلى أغصانها المظلّة .
الماء إذاً مجاز مهم في أعماله تنشد الربط بين معالم الروح والحياة والدين
. وليس هناك أقرب إلى هذا المنحى مما ورد في فيلم أندريه تاركوسكي
“المقتفي” . إنه الأمثل من نواحٍ عديدة . حتى من أي فيلم أنجزه السويدي
إنغمار برغمَن الذي تمحورت العديد من أفلامه حول الفكرة الروحية وتأثيراتها
في شخصياته . في “المقتفي” لدينا ثلاث شخصيات فقط لمعظم أحداث الفيلم:
العالم (نيكولاي غرينكو) وهو غير مؤمن، والمثقّف (أناتولي سولونيتسن) وهو
أيضاً غير مؤمن، و”المقتفي” أو الدليل الذي يتسلل بهما إلى داخل المنطقة
الممنوعة (منطقة العقل المحظورة) للوصول إلى حيث تكمن الغرفة . هناك، يؤكد
المقتفي الأقل من رفيقيه مكانة اجتماعية أو ثقافية، كل ما يطلبه المرء
بإيمان يتحقق . لاحقاً، وفي غضون رحلة زاخرة بالأطروحات يتأكد للمقتفي أن
صاحبيه في الرحلة جاءا للفضول وليس للقناعة . يقول لهما العبارة التي تبقى
في صلب المعنى الشامل للفيلم بأسره:
“إذا كنتما لا تؤمنان بشيء، كيف تستطيعان الإيمان بالله”؟
سيحتاج “المقتفي” إلى كتاب وليس إلى صفحات لشرحه لقطات وجماليات وروحانيات،
لكن هذا الفيلم، النادر، هو أحد الأسباب التي تُحيل الإنسان إلى القيمة
الدينية أكثر مما تطلب منه التديّن . والمرء لا يمكن له أن يكون متديّناً
إذا لم يكن قادراً على استحواذ القيمة الدينية . تلك المعنية لا بمجرّد
الإيمان بالنبي الذي يتّبعه، وليس بالسير على خطى الأسلاف فقط، بل بالحاجة
القصوى للروح البشرية في تعاملها مع الذات والعالم لأن تستمد دينها من قيمة
هي أعلى من الدين ذاته، هي القيمة الإلهية بحد ذاتها .
عشّاق عبداللطيف عبدالحميد
مجانين
العشّاق في أفلام عبداللطيف عبدالحميد مجانين حب . متيّمون به لدرجة
السذاجة . لا تجد حكيماً في الحب ولا حكمة مسداة، ربما لأن الوقوع في الحب
منافٍ للحكمة . عاشقوه يركضون لمسافات ويحملون الورود وينظرون والكلمات في
عيونهم . ما هو مختلف، هو أن المانع الحائل في أفلام عبدالحميد الريفية هو
غيره المانع هنا . في تلك هناك الأب والتقاليد والأسرة التي تتدخل لتحد من
الحرية وتشيع قدراً من الاستبداد السُلطوي . في المدينة، هناك آخرون يقومون
بذلك ليس من بينهم ذلك الأب، فالأب عاشق مثله مثل أولاده، ومثلهم يكبته وضع
يحول دون سعادته . هنا الهم أكبر والمانع أشمل وهو خارجي يضع الجميع تحت
ضغط جناحه الداكن .
ما يتحدّث عنه فيلم عبدالحميد الجديد “مطر أيلول” هو القمع الآتي، في إحدى
أهم صوره، من ترتيب الأشياء المدنية بين القوي والضعيف . هناك عائلة مؤلفة
من أب وستة أبناء كلهم شباب والجميع في قلق ما . نتعرّف أولاً إلى الأب
(أيمن زيدان) الذي يعاني من واقعة تؤرقه . لقد ضرب رجلاً نافذاً (قاسم ملحو)
ويخاف من أن يؤذيه ذلك الرجل على نحو أو آخر، أو كما يقول له أحد العارفين
محذّراً من أن ذلك الرجل قد يلفّق له قضية ما هو بغنى عنها . وحين يتقدم
الأب للاعتذار يدّعي خصمه أنه لا يذكر الحادثة . وإمعاناً في الإهانة يدّعي
أيضاً أنه لا يذكره . لكنه يذكره جيّداً ويحاول تأليب صاحب المطعم الذي
يستأجر خدمات أولاده الأربعة لكي يصرفهم . يذكره جيّداً ويلتقطه المخرج
دوماً وهو يحاول الدوس على ينابيع الحب ليهدمه .
المسألة بالنسبة للأب هي جرح نازف يحول دون أن يطمئن على نفسه وأولاده .
يدرك أن مكروهاً لابد أن يقع ويحاول الحؤول دونه، لكنه عاجز عن فعل شيء .
والمخرج يعلّق على هذا الجرح بطريقة تحمل رمزياتها بسهولة ويسر، فهذه
العائلة التي تحب على نحو شامل، تعيش حالة خوف من خطر مضاد للحب (وأمثال
ذلك الموظف المحسوب على السُلطة على نحو أو آخر هم أعداء الحب) بذلك يصيح
“مطر أيلول” حول الضغط الذي يشعر به الإنسان العادي في وطنه ضد التبعيات
الناتجة عن المحسوبية والفساد والعلاقات السُلطوية وحول القمع الذي يمارسه
الناس على بعضهم بعضاً حتى وإن لم يتعرّفوا إليه على هذا النحو . هناك ذلك
المشهد الذي يحاول فيه جار للعائلة معرفة ما يدور داخل البيت بفضول مرفوض،
وعلى هذا النحو لم يختلف هذا الفيلم عن أعمال المخرج السابقة، فكلّها دارت
عن تلك السُلطة الكامنة داخل شخص ضد الآخرين . عادة، وفي أعماله الريفية،
وهي أغلبية ما حققه لليوم، هي شخصية الأب التي قد تعكس شخصية السياسي أو
تماثلها . لكننا هنا مع أب مختلف هو بدوره ضحية الوضع الجاثم ذاته .
ما لا يستطيع الفيلم تفادي الوقوع فيه هو ما قد يخرج المرء به وهو أن كل
ذلك القدر من الحب سيقود إلى كل ذلك القدر من البؤس ما يشي برسالة قد تكون
مختلفة عن المقصود في جوهر العمل . لدى المخرج أفكار نيرة وتأطير جيد
للمشاهد ومدلولاتها، لكن رسالته قد تكون إدانة مبطّنة للعاشق كونه ساذجاً
وليس ضد الحب كحاجة إنسانية أساسية .
لعل من أهم ميزات “مطر أيلول” خروج المخرج عن سياقه السابق، ليس فقط في
المكان المدني عوض المكان الريفي (ولو أنه سابقاً ما حقق أفلاماً في
المدينة)، بل أيضاً لناحية توظيف المكان وخلق الحركة فيه . بالنسبة لاختلاف
المكان، حقق المخرج حتى الآن ثلاثة أفلام تدور أحداثها في المدينة، مقابل
ستة ريفية، هي “صعود المطر” (1995) و”خارج التغطية” (2007) ثم هذا الفيلم،
وهي بدورها الأفضل بين كل أفلامه باستثناء “ليالي ابن آوى”، فيلمه الأول،
سنة 1989 ما يعكس حالة يواجه فيها المخرج الرغبة في التعبير الأكثر تعقيداً
من حكايات الريف الذي يعرفه المخرج ككف يده . دائماً هناك جديد إضافي في
الكيفية التي يمزج بها المخرج عالم المدينة بجوانيات رجالها وبذلك الغطاء
الداكن الذي ترزح المدينة وأبطاله تحتها . غطاء ليس موجوداً في أفلامه
الأخرى، حتى ولو دارت، إلى حد، حول السُلطوية الأبوية . في الريف هو الأب
من يمارس القمع، ولو بحب . في المدينة، الأب (في “خارج التغطية” و”مطر
أيلول” على الأقل) هو مُمارس عليه . في الريف هو ظرف (أو ظرف داخل ظرف) .
في المدينة هو ضحية الظرف (مباشرة) .
أوراق ناقد
الخريطة السياسية
منذ مطلع هذا القرن تواصلت الأعمال السينمائية التي تتعرّض لعالمنا بعد
الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول . العلاقة بين ما حدث في ذلك اليوم، وما تلاه
من حروب ما زالت آثارها قائمة، وبين السينما لم يكن من الممكن تفويتها .
عشرات الأفلام خرجت من رحى تلك العلاقة وكلها تعمد إلى بحث وضع العالم
الحالي تبعاً للمرحلة التي يمر بها حالياً .
والمواضيع متعددة: من الحرب الأفغانية إلى وضع الإسلام في أوروبا، ومن حرب
العراق إلى الوضع في غزّة وفلسطين عموماً، ومن البحث في انعكاسات التطرّف
الديني لانعكاسات التطرّف الغربي ضد الإسلام ذاته . وفي العام الماضي شهد
مهرجان برلين بعضاً منها، كذلك فعلت المهرجانات الرئيسة الأخرى . وهذا
العام في المهرجان الألماني عدد من الأعمال ذات الطابع السياسي وفي
مقدّمتها، ذلك التعليق الذي أعدّه الممثل رالف فاينس حول وضع العالم الغربي
اليوم استيحاء من إحدى مسرحيات وليام شكسبير، “كوريالانوس” .
المسألة الموازية، هي أن “برلين”، كونه اعتاد استقبال الأفلام التي ترسم
خريطة العالم السياسي والاجتماعي في الماضي والحاضر منذ أن كان نقطة لقاء
بين الشرق والغرب، بات محطّة مهمّة للاطلاع على الجهد الفني في هذا المجال
أكثر من سواه . المهم أن هذا لا يطغى على كون “برلين” محفلاً فنياً بالدرجة
الأولى، والأفلام المشتركة فيه لا تمر على شاشته لمجرد أنها تحكي شيئاً عن
هذا العالم، بل انطلاقاً من كيف تعبّر عما تريد التعبير عنه أساساً .
الفيلم المتلاشي
في كل عام، منذ بدء السينما وإلى اليوم، هناك مجموعة من الأفلام التي تخرج
إلى العلن ثم تتلاشى بالتدرج السريع وتختفي .
طبعاً حتى تلك التي تنال حظّاً تجارياً كبيراً قد تنتهي إلى نفس المصير . .
. . من يذكر اليوم “العزلة” الذي قام ببطولته توم هانكس؟ أو “المخبوء في
الأسفل” مع هاريسون فورد وميشيل فايفر؟ لقد انزويا تماماً كأي فيلم صغير لم
ينل حظّه من الاهتمام الجماهيري أو النقدي أحياناً .
والأيام الحالية تشهد وقوع ذلك مع أربعة أفلام حديثة تم عرضها في بضعة
مهرجانات لكن بعضها لا يزال يبحث عن موزّع . هناك “القاتل في داخلي” لمايكل
وينتربوتوم السوداوي (وربما من حظ المشاهدين الحسن أنه لم يعرض على نطاق
عريض)، و”مختصر ميك” للمخرجة كيلي رايشهارد وهو فيلم وسترن مختلف مئة في
المئة عن كل شيء سبقه في الإطار ذاته، و”قتل رئيسي” لييرزي سكوليموفسكي
الذي شهد عرضه العالمي الأول في فنيسيا قبل أشهر ومن المرجح أن يكون عرضه
الأخير الكبير، ثم “وعود كتبت في الماء” للممثل فنسنت غالو، الذي لعب بطولة
“قتل رئيسي” وبذلك يكون لديه عملان لم يحظيا بالتقدير ولو أن أولهما من بين
أفضل ما تم تحقيقه في الأشهر الأخيرة .
ماذا يحدث لهذه الأفلام؟ تتحوّل إلى ذرّات في الحياة تشبه الخلايا
المتوالدة في الجسم البشري . لا تشعر بها لكنك لا تستطيع العيش من دونها
أيضاً .
م.ر
merci4404@earthlink.net
http://shadowsandphantoms.blogspot.com
الخليج الإماراتية في
17/02/2011 |