يواجه الإعلامي الكبير روبرت مردوخ مشكلات متجددة منذ بضعة أسابيع، أي منذ
أن واجه معارضة قوية داخل أجهزة الإعلام البريطانية وبعض أعضاء الحكومة
لخطّته القاضية بشراء 61 في المائة من أسهم محطة «BSkyeB»
البريطانية.
سبب المعارضة هو أن مردوخ يملك حاليا 39.1 في المائة من هذه المحطة
المستقلة الضخمة (10 ملايين مشترك في بريطانيا وآيرلندا)، وإذا ما وضع يده
على الباقي فإن ذلك سيحوله إلى مالك أكبر مؤسسة إعلامية منفرد في التاريخ
البريطاني، أو ربما العالم، خصوصا إذا ما أضفنا حقيقة أنه، وعبر مؤسسة «نيوز
كوربوريشن»، يملك كل أسهم «سكاي إيطاليا» و78 في المائة من «سكاينتوورك
نيوزيلاند». يود مردوخ الاستحواذ على كل هذه السلطات لمزيد من الشأن
الإعلامي والمزيد من الشأن المادي أيضا، وهذا حقه إذا استطاع. ما يذكرني
بفيلم جيمس بوند «الغد لا يموت» (1997) الذي وجدنا فيه جيمس بوند يواجه
بارونا إعلاميا اسمه كارفر (جوناثان برايس) يود الاستيلاء على العالم
(إعلاميا) عبر إشعال فتيل حرب جديدة تتيح له متابعتها كونه المتسبب فيها.
مردوخ لا يود إشعال حرب، لكنه جاد في محاولته أن يتبوأ المركز الأول
إعلاميا علي أي حال.
يحتوى ماضي المخرج بيتر وير على ما يكفي للتأكيد على أنه مخرج مستعد لأن لا
يعمل على أن يحقق الفيلم الذي لا ينجزه تبعا لمعاييره وفهمه وأسلوبه. فمنذ
أول أفلامه التي جذب إليه الأنظار، وهو «رحلة عند هانكينغ روك» سنة 1975،
وهو ينجز أعماله تبعا لتلك المعايير الخاصة. رؤيته للأشياء لا رؤية غيره.
وفي حين أن أفلامه الأسترالية الأولى، مثل ذلك الفيلم المذكور، وأفلامه
اللاحقة مثل «الموجة الأخيرة»، و«غاليبولي» (الذي تم تصوير مشاهد منه في
مصر)، و«سنة العيش في خطر»، لم تعكس هذا الصراع الجاهز بين المبدع والممول،
إلا أن تلك اللاحقة لم تكن سهلة الإنجاز حتى وإن جاء بعضها على هواه، بداية
بـ«شاهد» (1985)، ثم «ساحل موسكيتو»، و«مجتمع الشعراء الموتى»، و«ترومان
شو».. لكن الأمور تعرقلت في «غرين كارد» الذي يشبه أفلاما كوميدية - عاطفية
أميركية كثيرة، ثم عانى في «سيد وقائد» قبل أن يستطيع تحقيقه على هواه.
فيلمه الجديد «العودة إلى الوطن» يجيء بعد انقطاع 8 سنوات عن العمل لأنه ما
عاد يحتمل شروط هوليوود. رغم ذلك هو فيلم لحسابها ولو على طريقته. إنه ليس
الفيلم الذي سيدخل تاريخ السينما كعمل فني مميز، لكنه - على الأقل - عمل ذو
معنى بالمقارنة مع معظم ما تورده هوليوود هذه الأيام. يدور حول 7 هاربين من
معتقل سايبري في مطلع الأربعينات يجتازون أكثر من 4000 ميل مدركين أن
الملجأ الوحيد هو ذلك الذي يقع خارج الحدود الشرقية الجنوبية. حكاية آسرة
وصعبة الإنجاز، وإن كانت تبدو بلا دافع إثر مرور أكثر من عقدين على انهيار
الاتحاد السوفياتي.
·
حسب معلوماتي فإن عمر هذا
المشروع لا يقل عن 5 سنوات.. أليس كذلك؟
- استرعت القصة اهتمامي مطلع سنة 2007 لكنني لم أجد الوقت الكافي للعمل
عليه إلا في العام الماضي عندما وجدت أنني فعلا متعلق بهذه القصة وأريد
نقلها إلى الشاشة. عام 2008 كانت أولى محاولاتي الجادة لتحقيق الفيلم، كتبت
السيناريو لكنني لم أجد أن أحدا مهتم لحكاية حول مساجين من سيبيريا يجتازون
المسافة إلى الهند هربا من الحكم في الأربعينات. وهي قصة حقيقية كما لا بد
أنك تعلم.
·
هل تعتقد أن السبب الذي من أجله
استطعت إقناع هوليوود بتمويل الفيلم اليوم له علاقة بالمستجدات السياسية
حول العالم؟
- ليس لي علم أكيد بهذه الناحية، لكني أفهم السؤال وأجده يحمل بعض المعاني
المتصلة بالفيلم فعلا، خصوصا ونحن ننظر إلى ما يحدث حول العالم من تغييرات
اجتماعية مهمة وعلى مختلف الوجوه، اقتصاديا وصناعيا وسياسيا. لكن في الوقت
ذاته، يتشبث الفيلم بأحداثه التي تقع في أربعينات القرن الماضي. لذلك فإنه
إذا ما كان هناك خيط رفيع بين الأمس واليوم، فهو خيط إنساني بالدرجة
الأولى.
·
لا بد أن التصوير في الأجواء
الطبيعية، حتى لا أقول الأماكن ذاتها، كان صعبا للغاية.. تلك الأجواء
الباردة وطول فترة التصوير وانتقاله من منطقة إلى أخرى..
- هذا أصعب فيلم صورته ليس من هذه الناحية فقط، بل أيضا من ناحية أنه فيلم
لا ينسى أن عليه أن يؤدي دورا ذهنيا ذكيا وليس تشويقيا فقط. وهذا ما يجعل
الممثل يبذل جهدا إضافيا لمنح شخصيته اختلافها وتطورها. هذا إلى جانب أن
هناك جهدا بدنيا فائقا وفره كل الممثلين المشتركين وأنا أقدر ذلك. لكن
بالدرجة الأولى أؤكد على التحدي الذي واجهه كل ممثل مع الشخصية التي يؤديها
وكيف يجعلها مثيرة لذاتها، وليس فقط بسبب الأحداث التي تقع معها.
·
هل اضطررت إلى أن تكتب مشاهد
إضافية خلال التصوير نظرا لأن ما لديك القيام به هو أكثر مما استوعبه
السيناريو لسبب أو لآخر؟
- ليس على هذا النحو. ليس تحديدا. ما فعلته بالطبع هو بعض التعديل هنا
وهناك.. وهذا عادي حتى في أفلام لا تتطلب التصوير الخارجي على هذا النحو.
لكن ما كنت حريصا عليه دائما هو أن أجل كل لقطة من الفيلم في محلها ومهمة
وتعني شيئا في الفيلم.
·
اختيارك جيم ستيرجز للبطولة أقرب
إلى الكشف عن وجه جديد لموهبة هذا الممثل الشاب لم نرها من قبل..
- كنت شاهدته في «عبر الكون» (2008) ولفت نظري. عرفت أنه موهوب وفكرت فيه
منذ ذلك الحين. علمت أنه صور فيلما قصيرا، وأرسله إلى مخرجة الفيلم (جولي
تايمور)، يؤدي فيه بعض المشاهد لإقناعها بصلاحيته، وهي اقتنعت بالفعل. طلبت
ذلك الفيلم وشاهدته وقررت أن شخصية ذلك البولندي الشاب الذي يحلم بالعودة
إلى زوجته طوال الوقت لا بد أن تذهب إليه. لقد أدركت لماذا اختارته حين
حققت الفيلم. على أي حال حين التقيت به غيرت رأيي.. (يضحك) بدا لي مشوشا
وقلت في نفسي ربما كنت على خطأ. لكنه عاد فأرسل لي شريطا مثّل فيه أحد
مشاهد «العودة إلى الوطن» المهمة، وحينها اقتنعت فعلا.
·
هذا هو فيلمك الأول منذ عام 2003
حينما قدمت «سيد وقائد»، هل عملت على مشاريع أخرى قبل هذا المشروع ولم ير
أي منها النور؟
- نعم... «أفاتار» (يضحك). جديا.. طُلب مني أن أحقق «هاري بورتر» (يضحك)..
لا. لم يحدث. لا أتحدث عن مشاريع لم أوافق عليها، لكن كان هناك 3 مشاريع
أخرى. أعتقد أن الحظ لم يكن معي خلال تلك الفترة. مرة لأني رفضت مشروعا
بسبب أنه لم يستحوذ على إعجابي، ومرة لأني لم أتفاهم مع المنتج.. كنت كمن
يغير سيارة تلو سيارة من دون أن يصل إلى غايته.
·
قرأت لك حديثا شيئا كان بمثابة
نقد لكيفية قيام هوليوود هذه الأيام بتحقيق أفلامها.. الشروط والالتزامات
التي يتطلبها الفيلم إلى آخره.. هل تغير رأيك بعد هذه التجربة على أساس أنك
حققت الفيلم بشروطك أنت؟
- نقدي كان ولا يزال ناتجا عن الاتجاه العام لصناعة السينما وليس لأني خضت
صراعا ضد هوليوود بخصوص هذا الفيلم. طبعا لم يكن تحقيق هذا الفيلم هينا
إنتاجيا، وتحدثنا عن السنوات التي قضيتها لإنجاز هذا الفيلم. إنه منهج عام،
وحين يكون هناك مخرج لا يستطيع إلا أن يحقق الفيلم الذي يريده هو فإن إيجاد
الجهة التي تصغي إليه وتوافق معه يصبح مسألة مهمة وصعبة. أفلامي هي صنع
اليد فعلا.
·
لسبب ما ذكرني هذا الفيلم بعملك
القديم «غاليبولي».. لماذا؟
- ربما لأنهما الفيلمين الوحيدين من بين أفلامي اللذين كانا اقتباسا عن
خلفيات حقيقية.
·
ما هو منهجك حيال الأفلام التي
تستند إلى أحداث حقيقية إذن؟
- منهجي هو أن علي أن ألتزم بالوقائع. هناك مسؤولية كبيرة ملقاة على كل ما
له علاقة بالحدث كما وقع. لا تستطيع مثلا أن تحوّر الحقيقة لتخدم مصلحة
خاصة.
·
ما أخذته من الفيلم الجديد أيضا
هو سؤال حول لماذا العودة إلى تلك الحقبة.. ما الذي أردت أن تقوله عنها؟
- ليس عنها، بل عن عزيمة مجموعة من الرجال قررت أن تستعيد حريتها بالهرب من
معتقلها في سيبيريا. لم تكن تعلم شيئا عن مستقبلها، وإذا ما كانت تستطيع
النجاح في هذه العملية وسط الصقيع والطبيعة القاسية وطول المسافة التي
عليها أن تجتازها للوصول إلى آسيا. روسيا بلاد كبيرة، وتستطيع أن تتصور،
وأعتقد أن الفيلم عكس ذلك، المسافة التي على الهاربين اجتيازها قبل الوصول
إلى الأمان. كل يوم كان يمر عليهم، كان يوما يمكن الاحتفال بمولدهم من
جديد. هذا ما أردت نقله وهذا ما أعتقد أنه يصل إلى المشاهد. أما الحقبة
ذاتها فهي مستمرة. هناك دائما حلم لفرد بالحرية التي حرم منها.
العالم يشاهد
*
The Sunset Limited
«الغروب محدودا» إخراج: تومي لي جونز.
تمثيل: تومي لي جونز، صمويل ل. جاكسون.
دراما - الولايات المتحدة – 2011.
* إلى حد بعيد، بدا قرار الممثل لي جونز الانتقال إلى الإخراج سنة 1995
عاديا، خصوصا أن النتيجة، متمثلة بفيلم «رجل البيت»، بدت متواضعة وانتهت
إلى الشاشة الصغيرة حيث ماتت هناك. لكن فيلمه الثاني «المدافن الثلاثة
لملغيديس استرادا» كان ملهما وبديعا وأفضل من الفيلم ذي الأجواء المشابهة
الذي أخرجه الأخوان كووَن من بطولته تحت عنوان «لا بلد للمسنين». هذا إذن
الفيلم الثالث وهو من بطولة شخصيتيه المذكورتين: لي جونز نفسه وصمويل ل.
جاكسون: الأول بروفسور كاد ينفذ عملية انتحار، والثاني خريج سجن أنقذ
حياته. الأول لم يعد هناك مجال للإيمان في قلبه، والثاني مليء بالإيمان،
ولساعة ونصف الساعة هناك ذلك الجدل بينهما. ليس فيلما سهلا، ولا كل ما
يتوخاه من أبعاد يصل جيدا، لكنه مثير للاهتمام وصعب التكوين مع ممثلين
اثنين وحوارات لا تنتهي.
عروض: محدودة
*
Sanctum «حرم» إخراج: أليستر غريرسون.
تمثيل: ريتشارد روكسبورغ، وفيلز واكفيلد، وأليس باركنسون.
تشويق - الولايات المتحدة - 2011.
* جيمس كاميرون هو المنتج المنفذ لهذا الفيلم المغامراتي حول فريق من
المتخصصين بالبحث عن الكهوف الخطرة المحفورة في أعماق الجبال أو تحت مستوى
الأرض، وقد قرروا النزول إلى أعماق أحد الكهوف المجهولة. بعد أن تبدأ
الطبيعة برفض وجودهم في رحمها وتنقلب عليهم. صحيح أنهم تسببوا في إغضابها،
لكن المشاهد سريعا ما يجد نفسه راغبا في أن يستطيع رجال ونساء هذا الفريق
الخروج من هذه التجربة بسلام. الحكاية، على الرغم من كونها مستلهمة من
حقائق، فإنها تعتمد خطا متوقعا من الأحداث، وبعض مشاهدها تبدو كما لو أنها
مستخلصة من أفلام سابقة تجمع بين التشويق والرعب.
العروض: عالمية
*
Wo Zhi Nu Ren Xin «ماذا تريد المرأة؟» إخراج: تشن دامينغ.
تمثيل: غونغ لي، وأندي لاو، وهو جينغ.
كوميديا - الصين – 2011.
* هل بدأ عصر الاقتباسات الصينية من السينما الأميركية؟ في العام الماضي
كان هناك «امرأة، مسدس ودكان نودل» الذي اقتبسه زانغ ييمو عن فيلم جووَل
وإيتَن كووَن «دم بسيط» (1983). الآن هناك هذا الفيلم الكوميدي المقتبس عن
فيلم نانسي مايرز «ما تريده المرأة» (2000). القصة حول ذلك الرجل الذي
يتمتع بالقدرة على سماع ما تفكر به المرأة بمجرد النظر إليها. المقارنة بين
الفيلمين لن تفيد أيا منهما، ففي حين كان شريط نانسي مايرز يشبه بطاقة
بريدية ملونة، يأتي هذا الفيلم خاويا وبلا سبب.
عروض صينية وعرض تجاري خاص في برلين.
شباك التذاكر: في الولايات المتحدة
ليست أهلا للثقة الفيلم الذي انطلق إلى القمة هذا الأسبوع شبابي الوقع
والتمثيل حول صداقة تتحول إلى عداوة تحت عنوان «شريكة الغرفة». فيلم جديد
آخر في المركز الثاني والباقي هو خلط أوراق.
المركز هذا الأسبوع ثم الأسبوع الماضي (بين هلالين) وعنوان الفيلم وإيراد
الأسبوع ثم عرض له.
1 (-)
The Roommate: 15,549,021 ** «شريكة الغرفة»: سارا (مينكا كيلي) تكتشف أن
شريكتها في غرفة الكلية (لايتون ميستر) لا يمكن الوثوق بها.
2 (-)
Sanctum: 9,244,970 ** «حرم»: ريتشارد روكسبورغ يقود بعثة من
المكتشفين ولا يستطيع ضمانة سلامتها في هذا التشويق 3(2)
No Strings Attached: $8,400,215
** «بلا روابط»: عاطفي خفيف حول رجل وامرأة يحاولان تطوير علاقتهما. نجاح
غير متوقع.
4 (4)
The King›s Speech: $8,310,584
*** «خطاب الملك»: كولين فيرث ممتاز في دور يبدو أنه سيقوده إلى الـ«غولدن
غلوب» والأوسكار.
5 (3)
The Green Hornet: 6,101,226 * «الدبور الأخضر»: الكوميديا التي يقودها
سث ريغن تتراجع سريعا بفعل ركاكتها المذهلة.
6 (1)
The Rite: $5,565,707 ** «الشعار»: رعب مع أنطوني هوبكنز في شخصية قسيس
منصرف لمحاربة الشر لكن ربما كان شريرا بدوره.
7 (3)
The Mechanic: 5,370,888 ** «الميكانيكي»: جون ستراذام في شخصية قاتل
محترف عليه الدفاع عن حياته في الوقت ذاته.
8(5)
True Grit: $4,311,004 *** «عزم حقيقي»: إعادة صنع لفيلم ويسترن كلاسيكي
مع جف بردجز ومات دايمون.
9 (6)
The Dilemma: $3,448,157 ** «المأزق»: فينس فون وكيفن جيمس صديقان تفرقهما
المرأة رغم صداقتهما.
10 (7)
Black Swan: $3,404,033 ** «البجعة السوداء»: نتالي بورتمان ترقص في سبيل الفوز والأوسكار
أيضا.
أخبار السينما
* «فهرنهايت» في المحكمة
* قرر المخرج مايكل مور رفع دعوى عاجلة ضد المنتجين هارفي وبوب واينستين
تقدر بنحو 3 ملايين دولار. الدعوى مفادها أن المنتجين اللذين أقدما على
تمويل فيلمه الأسبق «فهرنهايت 9/11» لم يدفعا بعد حصته من الأرباح حسب
العقد المبرم، وذلك على الرغم من مرور 6 سنوات على إطلاق ذلك الفيلم. وتبلغ
حصة المخرج 50 في المائة من أرباح الفيلم التي تقدرها بعض الأوساط بنحو 10
ملايين دولار علما بأن التكلفة، التي يتم اقتطاعها من الأرباح، لم تزد على
3 ملايين دولار كما نُشر حينها.
* «القنفذ» يهرب من العرض
* الأسباب التي من أجلها تم تأجيل عرض فيلم «القنفذ» من الشهر المقبل إلى
الصيف المقبل ليست معروفة، ولو أن الشركة المنتجة «سَميت» تؤكد أنه تم
لحاجة الفيلم إلى مزيد من الوقت قبل أن يصبح جاهزا. السائد في هوليوود أن
السبب غالبا ما يعود إلى خشية الشركة من أن تكون سمعة ميل غيبسون، بطل
الفيلم، ستحول دون إقبال الجمهور على هذا الفيلم الذي أخرجته جودي فوستر.
* رحيل راقصة التانغو
* تألقت الممثلة ماريا شنايدر، التي رحلت في الأسبوع الماضي، في فيلم
برناردو برتولوتشي «آخر تانغو في باريس» وحده، رغم أن الفيلم جعلها مشهورة
شهرة عريضة لبضع سنوات عمدت خلالها لتمثيل بضعة أفلام أخرى من بينها «فيولنتا»
و«ماما دراكولا» و«ليالي متوحشة»، لكنها كانت في معظمها أفلاما ذات شأن فني
وتجاري محدود. ويقال إنها رفضت التمثيل في أفلام أميركية مباشرة بعد نجاح
«آخر تانغو في باريس» الذي مثلته أمام الراحل مارلون براندو. ماريا توفيت
عن 58 سنة و42 فيلما آخرها قبل عامين عنوانه «الزبون» حيث لعبت فيه دورا
صغيرا للغاية.
الشرق الأوسط في
11/02/2011
ملامح جديدة لإبداع ما بعد 25 يناير
تأكيدا على أن مساحة من الحرية غير المسبوقة
باتت ممكنة في المقبل من الأيام
القاهرة: طارق الشناوي
نعم.. وُلدت مصر أخرى بعد 25 يناير (كانون الثاني) سياسيا وثقافيا وفنيا لا
يمكن أن نرى الوجوه نفسها التي كانت من رموز العقود الثلاثة الأخيرة وهم
يتصدرون المشهد مرة أخرى.. أسماء كانت تشكل حضورا مؤثرا ولافتا في دنيا
السياسة، سواء أكان ابتعادها عن البؤرة قسرا أم بإرادتها لا أعتقد أنها سوف
تحتل المساحة نفسها بعد 25 يناير.
مزاج الجمهور الفني يتغير تماما بعد كل أحداث مصيرية تمر بها الأمم.. لا
أعني بذلك أن يرى الناس فقط أعمالا تتحدث عن تلك الثورة السلمية التي فجرها
هؤلاء الشباب، لكن دائما ما تؤدي مثل هذه الأحداث العظيمة إلى تغير في حاسة
الاستقبال لدى الناس، ولهذا فإن كل المشاريع الفنية الكبرى التي كان قد بدأ
تصويرها أو الإعداد لها قبل 25 يناير لا أتصور أنها من الممكن أن يتم
تنفيذها من دون تغيير جذري أو إضافة مشاهد لترقيع النص الدرامي بما يتماشى
مع مشاعر الناس.
لا شك أن أفكارا أخرى سوف يلهث وراءها السينمائيون تدور حول تفشي
الفاسدين.. المناخ الفاسد يخلق بالضرورة وحوشا تبحث عن أي غنيمة.. سوف نرى
صورا مباشرة وغير مباشرة عن شخصيات نعرفها مدانة أو على أقل تقدير تحوطها
اتهامات بالفساد قد يلجأون إلى الإشارة في البداية وليس التصريح المباشر،
لكن المؤكد أن الفكر تغير.
زواج السلطة برأس المال أحد المحاور التي سوف تتناولها الأفلام والمسلسلات
المقبلة.. من الذي شرع لنمو الفساد سوى أن هناك قانونا تم تفصيله من أجل
شخص بعينه أو فئة داخل المجتمع تسعى لتحقيق صفقة مع اتجاه محدد أو مجموعة
ما؟
القضاء أحد المعالم التي سوف تتناولها الأعمال الفنية.. لا يمكن أن ننسى
موقف القضاة أمام نقابتهم عندما ارتدوا ثوب القضاء وأعلنوا غضبتهم وذلك قبل
نحو 3 سنوات ووقتها قالت الصحف القومية إن القضاة قد عبروا الخط الأحمر
بحجة أن القضاء ينبغي ألا يفقد هيبته وينزل إلى معترك السياسة.. لقد تمت
اعتداءات من بعض أفراد الشرطة على القضاة.. لا أتصور أن هذا المشهد من
الممكن أن يمحى من الذاكرة وسوف ينتقل برؤية إبداعية إلى الشاشة.
فكرة التوريث بكل ما تثيره من زخم إبداعي عندما يتعلق الأمر بنقطة حساسة
وفارقة في مصير مجتمع كان يعيش تحت وطأة هذا الهاجس.. إحساس يتردد بقوة بأن
هذا السيناريو هو المقبل لا محالة.. أعتقد أن توريث السلطة تيمة سوف نراها
في عشرات الأعمال الفنية.
العالم الافتراضي الذي يعتبر هو المؤشر الحقيقي وراء ثورة الشباب.. إنه
شباب النت الذي استطاع أن يتخاطب من خلال قنوات جديدة لم يستطع الجيل
الأكبر أن يتقبل قواعدها بسهولة.. كانت النظرة إلى هذا العالم تعتبره مجرد
تسلية شبابية.. البعض كان لا يتعامل معها بمثل هذه البساطة ولكنه يدينها
أيضا، يعتبرها فعلا يستحق أن يثير الريبة فيمن يفعله.
الحكمة القديمة تقول: إن الإنسان عدو ما يجهل.. وأتصور أن هناك نظرة
أخلاقية محافظة كانت ترفض النت باعتباره عاملا للإفساد وليس للإبداع.. فما
بالكم بالثورة؟ ولهذا فهم ناصبوه العداء؛ لأنهم لم يستطيعوا أن يستوعبوا
مفرداته.. هذا العالم الافتراضي تربة درامية صالحة لعشرات الأعمال الفنية.
قبل 25 يناير كانت السينما، وبالتأكيد الدراما التلفزيونية، غير قادرة على
الاقتراب من الكثير من تلك المناطق الشائكة، لكن هناك بالتأكيد من حاول أن
يمرر بعض تلك الأفكار.. أتذكر مثلا المخرج داود عبد السيد قبل قرابة 10
سنوات في فيلمه «مواطن ومخبر وحرامي» كان يشير بأسلوب رمزي إلى قضية زواج
رأس المال بالسلطة وقدم شخصية المخبر باعتبارها دلالة على الشرطة على الرغم
من أنه اختار أحد أفرادها الصغار مجرد مخبر وليس ضابطا كبيرا.. كان الحرامي
الذي أدى دوره شعبان عبد الرحيم الذي يسعى لتطبيق أحكامه الأخلاقية على
الأعمال الفنية ويحرق الكتب، فهي بالنسبة له مجرد مجموعة من الأوراق لا
طائل من ورائها وفي النهاية تم سحق المواطن الذي أدى دوره خالد أبو النجا.
ربما جاء آخر أفلام يوسف شاهين الذي شاركه في إخراجه خالد يوسف «هي فوضى»
عام 2007، هذا الفيلم قدم بجرأة الفساد داخل جهاز الشرطة.. بالطبع كانت
شخصية أمين الشرطة التي أداها خالد صالح هي البطل، لكن الفيلم لم يكتفِ
بهذا القدر.. هناك بالفعل فساد ورشا يشارك فيها الكبار في هذا الجهاز مع
مراعاة أن هناك أيضا داخل الجهاز من يرفض ذلك.. وجاءت النهاية لتقدم أفراد
الشعب وهم يقتحمون قسم الشرطة ويقذفونه بالحجارة وقتل أمين الشرطة نفسه مع
تترات النهاية.
في فيلم «حين ميسرة» عام 2008 لخالد يوسف قدم بانوراما أقرب إلى بوفيه
مفتوح لكل ما يجري في المجتمع من فساد، وأشار إلى العشوائيات المنتشرة على
ضفاف القاهرة التي تبدو وكأنها تتحين الفرصة للانقضاض عليها.
بعد هذا الفيلم صار لدى الرقابة خط أحمر اسمه جهاز الشرطة.. بالطبع الفيلم
قدم في عز قوة الوزير حبيب العادلي الذي أصدر أوامره لوزير الثقافة بعدم
الاقتراب من هذا الجهاز الأمني وصار الاتفاق هو أن الأعمال الفنية التي نرى
فيها ضابط شرطة ينبغي أولا أن تمر على جهاز الشرطة لدرجة أن فيلما كوميديا
بطولة هاني رمزي كان اسمه «ضابط وأربع قطط» اعترضت الوزارة على كلمة «ضابط»
وتم تغيره ليصبح «أسد وأربع قطط» كانت حجة الشرطة أنه لا يجوز المساس بهيبة
الضباط.. لهذا فإن أفرادا من رجال الشرطة شاهدوا الفيلم كاملا قبل التصريح
به.. صار السينمائي الذي لديه مشروع فني لن يستطيع أن يقترب من هذا الجهاز
إلا بعد الحصول على موافقة الشرطة؛ حيث إن هذا الجهاز كان يعتبر أن العلاقة
المتوترة بين المواطن والشرطة سببها مثل هذه الأعمال الفنية.
من الأفلام المهمة التي اقتربت من الوضع القائم بحذر فيلم «دكان شحاتة»
أيضا لخالد يوسف ولكن يظل هذا الفيلم ملتبسا في تفسيره السياسي.. الدكان
الذي قصده المؤلف ناصر عبد الرحمن، صاحب الدكان محمود حميدة لديه ثلاثة
أبناء يريد أن يورثه لأحدهم فيقرر أن يختار أصغرهم الذي أدى دوره عمرو سعد
لكي يكتب له الدكان وينتهي الفيلم باغتيال عمرو، وسبق ذلك أن أدخله شقيقاه
السجن في محاولة للتخلص منه.. يظل الشقيق الأصغر متسامحا مع شقيقيه على
الرغم من كل ما يلقاه منهما من عنت وظلم وتلفيق للتهم ولأنهما لم يرتضيا
بالتوريث فإنه يلقى حتفه ويصبح البديل في هذه الحالة هو الفوضى، ويشير
الفيلم إلى أن الجماعات الإسلامية سوف تتحين الفرصة للانقضاض على الثورة
وكأن المعادلة التي أرادها المخرج من خلال تلك القراءة هي إما التوريث وإما
الفوضى.
بالطبع فإن المخرج ينفي تماما تلك القراءة السياسية ويعتبر فيلمه على العكس
من ذلك تماما، كان يملك استشرافا ورؤية سياسية ترنو إلى اكتشاف الواقع
الحالي، مؤكدا أنه كان يواجه التوريث غير مروِّج له بهذا الاختيار القسري
وأنه كان يرصد رؤية مقبلة يخشى منها ولا يروج لها!! الإبداع الفني في جانبه
الموسيقى على كل المستويات لم يجد بين أغانينا سوى النشيد الوطني «بلادي
بلادي» لسيد درويش و«يا حبيبتي يا مصر» لشادية و«يا أغلى اسم في الوجود»
التي غنتها نجاح سلام.. كانت الجماهير تردد بصوت جماعي هذه الأناشيد التي
تعبر عن ثلاثة اختيارات وطنية «بلادي بلادي» التي كتبها يونس القاضي هي
أغنية ثورة 19 التي كان مفجرها وملهمها هو سعد زغلول، أما أغنية «يا أغلى
اسم في الوجود» التي كتبها إسماعيل الحبروك ولحنها محمد الموجي فهي من
أغنيات حرب 56 وبعد ذلك نأتي إلى أغنية «يا حبيبتي يا مصر» التي كتبها محمد
حمزة ولحنها بليغ حمدي فهي إحدى أغنيات انتصار 73.. كانت هذه هي الأغنيات
الرسمية التي أنشدتها الجماهير من الشباب وكانت الفرصة مهيأة لكي يستعيدوا
من الذاكرة أغنيات كانت ممنوعة في الستينات والسبعينات منذ عصر السادات
للشيخ إمام وأحمد فؤاد نجم.. بالتأكيد سوف نرى أغنيات أخرى تعبر عن هذا
الواقع الذي عاشته مصر ولا تزال في تلك الأيام.
ويبقى الحديث عن الإعلام، سواء الرسمي أو الخاص، المؤكد أن مساحة من الحرية
غير المسبوقة باتت ممكنة في المقبل من الأيام.. الإعلام الرسمي لن يعود هو
إعلام الدولة الناطق فقط باسمها.. التجربة أثبتت أن الإعلام لم يستطع
السيطرة على الشارع وأنه أسهم بسبب تلك الرسائل التي قدمها على رفض الشارع
لما يراه وزادت مساحات الغضب.. حاول الإعلام أن يغير الرسالة قليلا ولكن
هناك انطباعا راسخا بأن الإعلام الرسمي لم يكن منصفا في تناوله للأزمة.
بالطبع فإن هناك توجها قويا جدا من أجل إلغاء وزارة الإعلام الرسمية مثل
أغلب دول العالم التي لم تعد ترتكن إلى تلك المنظومة الرسمية، والنموذج
المرشح لكي نقدمه هو البريطاني «BBC».
نعم إبداع فني آخر مقبل؛ لأن هناك أيضا مزاجا فنيا مغايرا صار هو السائد
الآن على أرض المحروسة.
الشرق الأوسط في
11/02/2011 |