برغم ان عمله المهني مخرجاً
لم يزد على خمس سنوات فلقد استطاع "دوم كاريوكوسكي" ان يكون من اهم الأسماء
في
السينما الفنلندية، لقد انطلق هذا المخرج الشاب” ولد في عام “1976 الى
مقدمة المشهد
بسرعة بفيلمه الطويل الأول "الحسناء والقذر-2005"،
كان هذا الفيلم هو مشروعه الختامي للتخرج من مدرسة
هيلسنكي للفن والتصميم، ولكنه ابتعد كثيرا عن كونه فيلماً لطالب ونال
مديحاً مفرطاً
من النقاد والمشاهدين على حد سواء. اما فيلمه الثاني "بيت الفراشات
الداكنة" فقد
حصل على 10 ترشيحات الى الـ "يوسي Jussi"
وهي المعادلة فنلندياً للأوسكار ونال ثلاث
جوائز منها، من ضمنها جائزة أفضل مخرج. وخلال فترة قصيرة تالية استطاع
كاريوكوسكي
ان يخرج فيلمين آخرين: "الفاكهة المحرمة" و"أوديسة لابلاند" وقد اختير
الفيلم
الأخير للمشاركة في مهرجان تورنتو السينمائي العالمي في كندا، كما تم
اختياره
للمشاركة في مهرجان هيلسنكي السينمائي.
·
تمتلك خلفية متعددة الثقافات،
ولدت
في قبرص، والدتك فنلندية ووالدك أمريكي، كيف تحددك هويتك الوطنية؟
-
من الصعب أن
أجيب، أنا اجتماعي وأحب أن أتكلم كثيراً، أما يداي فتتحركان طوال الوقت حين
أتكلم،
هذه الأجزاء من شخصيتي قبرصية، على الجانب الآخر فما هو فنلندي
لدي يكمن في العادات
الجيدة واحترام الآخرين وأشياء اخرى لا تعتبر مهمة دائماً في ثقافات اخرى.
·
ان تكون مخرجاً فذلك حلم
للكثيرين ولكنه (أي هذا الحلم) لا يتحقق إلا للذين هم على
استعداد لمطاردته، كيف حدث الأمر معك؟
-
ما حدث كان مزيجاً كلاسيكياً بين الحلم
والمصادفة، كان والدي ممثلاً، وقد كنت هاوياً للتمثيل والسينما منذ حداثتي،
ولكني
لم أكن أعرف كيف يمكنني تحقيق ذلك في فنلندا، في عام 1991 تقدمت لدراسة
الإخراج ولم
أكن أعتقد في حقيقة الأمر إنني سأقبل، ولكن المسؤولين ادركوا
ان تلك رغبتي لذا فقد
تم قبولي.
·
انطلقت الى النجومية مع فيلمك
الأول وحصلت على جائزة أفضل مخرج
ضمن الـ "يوسي Jussi"
عن فيلمك الثاني، ما هو سر نجاحك؟
-
لم أكن أستطيع قول ذلك
من قبل ولكني أستطيع الآن ان أقول إنني أعرف ماذا افعل، ان الإخراج ليس
شيئاً
تستطيع القيام به وحدك، لقد تهيأ لي أن أعمل مع أناس ممتازين ممن لم يكن
بإمكاني أن
أفعل أي شيء من دونهم.
·
الى أي حد تشغلك صناعة أفلامك؟
-
يمكن القول إنني من
نوع المخرجين اصحاب الاساليب، يشغلني اختيار الممثلين، كتابة السيناريو،
وكل
الأشياء الأخرى.
·
من أين جاءت فكرة آخر افلامك:
"أوديسة لابلاند" ؟
-
الفكرة
الأساسية هي لــ" بيكو بيسونين" كاتب السيناريو، وقد استمدها من تجاربه
الشخصية،
كما إننا قد اشتغلنا عليها معاً، لماذا اخترنا التصوير بالـــ
"digibox"
كما هو
الحال في الاخبار فلأننا خططنا لانجاز الفيلم في عام 2007 وهو عام انتهاء
العمل
الإذاعي بأسلوب الـــ"analogue"
في فنلندا، الفكرة الاساسية تكمن في التناقض
الكوميدي عندما لا يكون الانسان قادرا على الحصول على شيء ببساطة أو القيام
بشيء
مثل حمل القمامة الى الخارج.
·
ما هي التحديات التي واجهت تصوير
الفيلم في شتاء "لابلاند"؟
-
تغيرات المناخ كانت هي المشكلة الاساسية (لابلاند تقع في شمال
فنلندا قرب القطب الشمالي)، ربما تنخفض درجة الحرارة الى 20
تحت الصفر في يوم ما
لتكون صفراً في اليوم التالي، كان هذا يؤدي الى انجماد الممثلين والعاملين
الآخرين
في الإنتاج، كما ان المعدات الفنية كانت تتجمد ايضاً، لحسن الحظ لم يكن
هناك تصوير
لفيلم آخر في الفترة ذاتها، لذا فقد انضم الينا أفضل الفنانين في فنلندا
ممن يجيدون
التعامل مع صعوبات المناخ، في الوقت ذاته فإن تحديات العمل في شتاء لابلاند
جعلت
منا مجموعة ذات نسيج محكم للغاية.
·
تناقش أفلامك بعض القضايا
المهمة، هل تريد
من خلال ذلك أن توصل رسائل معينة؟
-
أنا لا أريد أن أنقل رسالة، لأن لدى كل شخص
تفسيراً خاصاً للفيلم، أريد أن اصنع عالما أفضل من خلال أفلامي، مع شيء من
التسلية
ايضاً، فحتى ان كان موضوع الفيلم جاداً فذلك لا يعني أن لا يكون مسلياً في
الوقت
ذاته.
·
ماهي رسالتك المهمة بالنسبة لك
في "أوديسة لابلاند"؟
-
في جملة واحدة
فقط: كل شيء ممكن.
·
ماهي مشاريعك المستقبلية؟
-
أنا على وشك ان أبدأ تصوير
فيلم تعليمي قصير في كينيا، سأشترك فيه كتابة واخراجاً مع "باميلا تولا"
والتي بدأت
ايضاً في"أوديسة لابلاند".
·
ما هي تفاصيل ذلك المشروع؟
-
لقد اتصلت بي جماعة "يوم
الأنف الأحمر" في YLE (هيئة
الاذاعة الفنلندية) لغرض اخراج اسكتش
sketch
لها،
وكنت في الوقت نفسه اقرأ دراسة عن الجنس لدى الفتيات الصغيرات، كما كانت
لدي فكرة
سابقة عن فيلم يتحدث عن عدم وجود تربية جنسية في بعض البلدان، هكذا تكونت
فكرة
الفيلم، انه يروي قصة عن فتاتين في كينيا تريدان شراء رداء
لأمهما وخلال الطريق
تواجهان ما يجعلهما امرأتين شابتين.
·
كيف تنظر الى وضع السينما
الفنلندية
الآن؟
-
رائع جداً، هناك أفلام كثيرة جيدة تنتج هنا، وفي مهرجانات السينما
العالمية تتميز الأفلام الفنلندية أكثر من أي وقت مضى ومعظمها
يحصل على الجوائز، ما
نحتاجه للتطور هو الدراما الاجتماعية، فالمواضيع الشائعة هي إما الكوميديا
المفرطة
او المواضيع الغارقة في الظلام، على أية حال أنا أشعر بالفخر لأني احد صناع
السينما
الفنلندية حتى الآن.
عن جريدة Six Degrees
التي تصدر في هيلسنكي
المدى العراقية في
10/02/2011
مسعود دهنماكي مايكل مور إيران
نجاح الجبيلي
عرف مسعود دهنماكي بصورة واسعة لعدة سنوات كونه المدافع الشديد
عن القوانين المحافظة التي تحد من حرية النساء والمجتمع. على
أنه في السنوات
الأخيرة ظهر كونه "مايكل مور" إيران إذ أخرج فيلماً وثائقياً عن القضية
المحرمة
المتعلقة بالبغاء كما صنع فيلما عن كرة القدم كمجاز للصراع السياسي.
وقد وجه كل من الإصلاحيين والمحافظين على حد سواء
نقدهم الصارم للسيد دهنماكي لإخراجه فيلمه الأول "الفقر والبغاء"، فكان
المحافظون
غاضبين لأن أحدهم لم يلق الضوء على الأمراض الاجتماعية الخارجة على الإسلام
فحسب بل
لأنه بدا متعاطفاً مع ضحايا البغاء. واعتقد الإصلاحيون إنه يبالغ بشكل
مقصود في
تضخيم المشكلة كي يخلق قضية ضد تيسير الشريعة الإسلامية.
وفي لقاء معه في
مكتبة وسط طهران قال السيد دهنماكي أن كلا الطرفين وقعا في الخطأ ورفض
الرأي القائل
إن آراءه هي دليل على تحوله الراديكالي وقال:"كنت دائماً أهتم بالعدالة في
المجتمع، وكان ثمة وقت اعتقدت فيه أن الناس هم المشكلة. لكن ذلك كان خطأ،
فالمشاكل
الحقيقية هي حكامنا الذين اعتادوا على الفساد ولم يستطعوا أن
يحققوا وعود الأيام
الأولى للثورة عن العدالة الاجتماعية والمساواة".
أشار النقاد إلى نقاط الضعف
العديدة في فيلم السيد دهنماكي الأول وليس من المفاجئ أن الفيلم لم يحصل
على إجازة
لتوزيعه، وبدلاً من ذلك وزعت نسخ مهربة بصورة واسعة وتم عرض أجزاء من
الفيلم من قبل
تلفزيون المعارضة في القنوات الفضائية.
وفي الفيلم يلتقي السيد دهنماكي العديد
من البغايا وزبائنهنّ فيتكلمن عن القصة نفسها المتعلقة بالفقر والحاجة إلى
إعالة
عوائلهنّ. وتقول امرأة تبكي بصوت عال وقد غطت وجهها لتخفي هويتها:" نحن
أختان نعمل
وبالكاد نحصل على ما يكفي لشراء الطعام ودفع الإيجار".
وتضيف وهي تكفكف
دموعها:" أحياناً أحلم بالحصول على الدجاج أو طعام جيد، في الأقل مرة كل
اسبوع. لقد
اشتغلت في بيوت أصحابها لديهم الكثير من المال إذ أنهم يرمون الطعام في
النفايات.
وكنت دائماً أحسد الناس الذين يأكلون طعاماً جيداً".
امرأة مكسوة بشادور
تقليدي من رأسها إلى أخمص قدميها قدمت نفسها كونها أماً لابنتين. قالت إنها
فكرت
بقتل نفسها وابنتيها في العديد من المرات بسبب ضنك العيش لكنها
لم تمتلك الشجاعة
على اقتراف ذلك.
وتحدثت امرأة شابة أخرى عن أبيها المريض الذي يحتاج إلى عملية
جراحية وقررت بناتها الأربع اختيار إحداهنّ بالقرعة للذهاب إلى
دبي إذ يدفع إلى
البغايا هناك الكثير من أجل الحصول على المال الكافي للعملية. فوقعت القرعة
على
البنت الصغرى التي رجعت من دبي محطمة. فالمرأة التي تفقد عفتها قبل الزواج
في
العائلة التقليدية في إيران تفقد شرفها وفرصتها في الزواج
الطيب. وفي السيارة التي
يقودها السيد دهنماكي إلى بيتها من المحطة انخرطت في البكاء قائلة: أن
أخواتها قد
خدعنها. ولكي يقنع هاتيك النساء بأنه لا يحمل تهديداً لهن غيّر السيد
دهنماكي مظهره
المحافظ وحلق لحيته ونزع ملابسه الفضفاضة ذات الأكمام
واستبدلها بـ"تي شرت" وبدأ
يسوق سيارة للأجرة للعثور على صيده.
يقول:" في إحدى المرات قالت إحداهنّ إنها
تطلب 200 ألف ريال(22 دولاراً) لتقديم نفسها فقلت لها أعطيك مليون ريال إذا
حكيت
قصتك بدلاً من ذلك فوافقت وعرفتني على باقي صديقاتها أيضاً".
ويعتقد السيد
دهنماكي (40 سنة) بحاجة إيران إلى التحديث ضمن قيود الإسلام المتشدد ولكن
ليس على
طريقة طاليبان.
ويضيف:" إذا كنا ضد الإسلام الذي تبنته طالبان فيجب أن نكون
قادرين على تقديم نموذج جيد للإسلام الذي نعتقد أنه أصل الرحمة
والرأفة لكن يجب أن
يكون ملبياً لحاجات العصر، لذا سيكون مقبولاً لدى شبابنا". مثله مثل العديد
من
مجايليه قاتل السيد دهنماكي ثلاث سنوات في الحرب العراقية الإيرانية
(1980-1988)
وكانت تجربة مخيفة وجرح ثلاث مرات ورأي الكثير من رفاقه يموتون ويبقى دافعه
القوي
هو محاولته الدفاع عن تضحياتهم. ما زالت تذكارات تلك الأيام هي الديكورات
الوحيدة
في مكتبه البسيط. العكازات التي استعملها مرة معلقة مع محفظة
الكتب ومعها صور مؤطرة
له مع رفاقه الذين قضوا في الحرب وبوسترات للجثث في المعركة.
بعد أن انتهت
الحرب ساهم دهنماكي في إنشاء ميليشيا إسلامية متطرفة عرفت بأنصار حزب الله
معروف
عنها هجومها على المساندين للديمقراطية لكنه تحرر أخيراً من
سحر المسار الذي اتخذته
الثورة وانفصل عن الجماعة بعد ثماني سنوات.
إن العديد من المساندين السابقين
لثورة 1979 قد غيروا آراءهم فيها عبر السنوات وأصبحوا إصلاحيين والتحقوا
بحركة
الرئيس السابق محمد خاتمي الذي أيّد الحريات الاجتماعية والسياسية
المتزايدة. وقد
أسس السيد دهنماكي صحيفتين أسبوعيتين صارت هدفاً للمحافظين للهجوم على
الإصلاحيين
الاجتماعيين والنساء غير المغطاة من الرأس إلى القدمين والتأثيرات الضارة
للمؤثرات
الغربية. لكن كلا الصحيفتين قد أغلقتا في السنة الأخيرة كجزء
من إجراءات صارمة
تستهدف أساساً المنشورات الإصلاحية.
وقال مشيراً إلى رفاقه الذين سقطوا في
الحرب مع العراق:" تحدثت في تلكما الصحيفتين عن جيل جرى خداعه فقد ضحوا
بحياتهم من
أجل مثاليات لم تتحقق أبداً". ومع ذلك ظلت الشكوك تحوم حول مدى الصدق في
تحول
معتقدات السيد دهنماكي وبالأخص حين جرى انتخاب محمود أحمدي
نجاد وهو ديني محافظ لكن
هذه الشكوك خفّت حين كتب السيد دهنماكي، رسالة مفتوحة إلى الرئيس يحذره من
أنصاره
الأصوليين والرجعيين الذين حولوا الدعوة إلى الفضيلة ومنع الرذيلة إلى
معركة ضد
لباس المرأة وأهملوا قضية العدالة في المجتمع".
ولا شك في أن السيد دهنماكي قد
كفّ عن أن يكون مدافعاً عن المحافظين وقد دعاه البروفسور "صادق سرفستاني" "
الرجل
الذي كان اسمه مرتبطاً بالعنف أصبح الآن فناناً يتعامل مع الأوجه الأكثر
رهافة في
الفن".
المدى العراقية في
10/02/2011
من أفلام السيرة (2):
ذات القرط اللؤلؤي أو هكذا كان الرسم في القرن السابع عشر
سعد هادي
ليس فيلم "ذات القرط اللؤلؤي" تأملاً سردياً في حياة الرسام الهولندي
الكبير جوهانس فيرمير (1632-1675) وليس أيضاً رواية عن رسمه للوحته التي
توصف بأنها "موناليزا الشمال" عام 1665(تشير بعض المصادر الى أنها رسمت عام
1667)، كما أن الفيلم لا يصور عشق فيرمير الصامت للخادمة الشابة التي
ألهمته تلك اللوحة وهو الذي عرف برسمه للخادمات في لحظات لا يمكن لأي رسام
آخر تكرارها، لحظات من الحياة اليومية قد لا تلفت إنتباه أحد، فالفيلم كل
هذه الأشياء مجتمعة مثلما هو بالأساس درس بتفاصيل متعددة عن الرسم في القرن
السابع عشر: كيف كان الرسامون يعدون ألوانهم، كيف كانوا يتعاملون مع
نماذجهم الإنسانية، كيف كانوا يهيئون مصادر الضوء، ماذا يوجد في مراسمهم،
أية أدوات كانوا يستخدمونها. وأكثر من ذلك عن أساليب تسويق اللوحات الفنية
وكيف كان التجار ورعاة الفن من الأرستقراطيين والإقطاعيين وسواهم يفرضون
شروطهم على الرسامين ويعاملوهم كأجراء. فالنبيل ريفن (الممثل توم
ويلكونسن1948) الذي يشتري لوحات فيرمير( الممثل كولن فيرث1961) أو يطلب منه
أن يرسم مايتفق مع ذوقه يقول للخادمة حين يراودها عن نفسها: أنت ناضجة
كالخوخة غير المقتطفة، إن فيرمير يرسمك لي. وهو يباغت فيرمير بسؤاله: هل
قررت ماذا سترسم، هل وجدت الوحي في غرفتك؟ كأنه يشير بطرف خفي الى الخادمة،
التي ستتحول الى أشهر موديل مرسوم عبر العصور، أما حين تقتحم الزوجة المرسم
الذي منعت من دخوله وترى لوحة الخادمة، تواسيها أمها قائلة: لوحات لأجل
المال لا تعني شيئا. وعلى العكس من ذلك الإقتحام يبدو دخول الخادمة(الممثلة
سكارليت جوهانسن1984) المتأني الى المكان ذاته(المرسم) كأنه رحلة لأكتشاف
المجهول، تنظر بحذر الى ما حولها وتتعامل مع الأشياء برقة تداعبها وتحاول
أن تتعلم منها. وحين تفتح النوافذ يبدو المشهد كأنه سلسلة من اللوحات صممها
خيال فيرمير ولكنه لم يرسمها، صور يعاد إنتاجها على وفق المنطق البنائي
الذي أستعان به هو قبل ثلاثة قرون ونصف. صور بحجم اللقطات المتوسطة
والكبيرة التي يؤكد عليها في مشاهده الداخلية(تعني بالمصطلح السينمائي ما
يصور داخل الجدران بأضواء صناعية) والتي تعكس الواقع بلمسة شاعرية. ولكن
مشاهد الغرف والصالات لديه (وفيها جميعاً بشر متوحدون ليسوا أكثر من ثلاثة
في لحظة فعل أو تأمل في زاوية ما) مضاءة بالضوء الطبيعي الآتي من نوافذ
مفتوحة.
في أحد المشاهد تسأل الخادمة "غريت" زوجة الرسام: هل أمسح نوافذ المرسم،
قد يتغير الضوء؟ فترد عليها سيدتها بحقد: نعم، إمسحيها، في مشهد لاحق يطلب
منها فيرمير أن تقف قرب النافذة ليشاهدها في الضوء، وحين تستجيب يدرك أنه
وجد الموضوع الذي يبحث عنه، هو البطيء في الرسم والذي لم تعرف له سوى 36
لوحة فقط تعد الأغلى بين رسوم أساطين الفن الآن. يسألها عن الغيوم ما
ألوانها، فتقول أنها بيضاء، يطلب منها أن تراها بشكل أفضل، فترد إنها بيضاء
وزرقاء ورمادية وصفراء، يقول لها: الآن بدأت تفهمين حقا، ما الذي تفهمه؟
إنها اللعبة المستمرة بين الضوء والعتمة، لعبة تبادل المواقع والمؤثرات
لمشاهدة الآخر والبحث عن كينوته، مشاهدة الجمال في أجلى معانيه وفي أنقى
صوره. تقول "غريت" لفيرمير بعد أن رأت صورتها: لقد نظرت في داخلي. بينما
يرد على زوجته ببساطة حين تسأله: لماذا لا ترسمني؟ قائلاً أنت لا تفهمين.
نعرف فيما بعد أن الزوجة أتلفت إحدى لوحاته والتي استغرق في رسمها ستة شهور
وصوَّر فيها خادمة سابقة، لذا فهي ممنوعة من الدخول ثانية الى المرسم. "فيرمير"
لا يرسم النساء المسنات، إنه يرسم الجميلات فقط. هذا ما يقال دائما عن
مواضيعه المفضلة.
"ذات القرط اللؤلؤي" هو أيضا عن الصراع الديني في أوربا ما بعد عصر النهضة،
والدة غريت البروتستانتية توصيها قبل ذهابها الى بيت مخدومها الكاثوليكي:
لا تستمعي الى صلواتهم وإذا إضطررت فأغلقي أذنيك، تعثر غريت لاحقاً على
قطعة المرمر التي رسم فوقها والدها موضوعاً دينياً وأهداها لها حين غادرت
البيت مهشمة بفعل فاعل. عشيقها الشاب يطالبها بقبلة لأنه عثر عليها كما
توقَّع في الكنيسة البروتستانتية صباح الأحد. نشاهد أيضا ما ترتديه أوربا
في تلك الأيام، طرز الملابس المغرقة في تحفظها وإنغلاقها، إنها هنا جزء من
النسيج الرمزي من الفيلم، "غريت" مثلا ترفض أن تخلع غطاء رأسها طوال الفيلم
وحتى حين تخلعه تستبدله بآخر(يشبه العمامة العربية) سيظهر في اللوحة وسيخلد
الى الأبد، والدة الزوجة التي تظهر بمسوح سوداء وتوحي طريقة ظهورها بأن من
رسمها هو هالز أو روبنز أو حتى غويا وليس صهرها، أعني إن ملامحها الخارجية
تنتمي الى الأساليب الضاجة بالحياة والحركة والفعل الخارجي لأولئك الرسامين
أكثر من إنتمائها الى الأسلوب التأملي الصامت الذي يرسم به فيرمير. فثياب
العجوز التي تتحكم في اللعبة بأكملها وتدير شؤون البيت على هواها، وتتواطأ
حتى ضد إبنتها بل تقول لغريت بقسوة حين يقرر فيرمير رسمها: ما أنت الا
ذبابة في شبكته، ترمز(تلك الثياب) لأوربا المتمسكة بتقاليدها المتفسخة
الموروثة عن القرون الوسطى والتي يسعى عصر النهضة لتحطيمها بقيمه التنويرية
المستلهمة من مبدأ فصل الدين عن الدولة والتبشير بحرية الإنسان الفردية
وإستقلاله الروحي تمهيدا لعصر الثورة الصناعية الذي سيمزج الرخاء المادي
بالرومانسية. كما ترمز أيضا لزوال الهيمنة وللحزن الخفي الذي يؤطر الحياة
داخل البيت مثلما يشير الى الأسى العميق الذي يغلف مظاهر الحياة خارجه.
والذي يمكن الإحساس به عبر إشارات عديدة: هدوء وصمت يسبقان عاصفة قادمة
ستطيح بالمثل والتقاليد وتعيد رسم الخارطة الإجتماعية وستعيد توزيع الثروة
أو تكشف عن مصادر جديدة لها في بقاع أخرى من العالم.
فيلم "ذات القرط اللؤلؤي" الذي عرض للمرة الأولى في 31 آب2003 هو العمل
الأول لمخرجه البريطاني "بيتر ويبر" وقد كتبت السيناريو له "أوليفيا هيتريد"
عن رواية بالإسم ذاته لـ"تريسي شيفالييه" صدرت عام2001 وقد رشح الفيلم
لثلاث جوائز أوسكار عام2004 هي: أفضل إخراج فني، أفضل تصوير، أفضل تصميم
ملابس.
saadhadixm@hotmail.com
الحلقة
الاولى
إيلاف في
10/02/2011
اكثر من الفي متظاهر من العاملين في الوسط
السينمائي يهتفون ضد النظام
أ. ف. ب. / القاهرة:
تظاهر اكثر من الفين من العاملين في قطاع السينما الخميس من امام مقر نقابة
السينمائيين في وسط العاصمة المصرية وتوجهوا الى ميدان التحرير.
ومر المتظاهرون وهم اعضاء في النقابة في عدة شوارع وصولا الى ميدان التحرير
حيث انضم اليهم بضع مئات من المتظاهرين الشباب.
وهتف المتظاهرون "الشعب يريد اسقاط النظام"، شعار الحركة الاحتجاجية
و"مبارك يا طيار جبت منين سبعين مليار" و"عاوز حقي حسني سرقني" و"حسني معاه
سبعين مليار واحنا عيشتنا مرار في مرار".
وتجمع عشرات الفنانين للمشاركة في التظاهرة بينهم منى زكي وخالد الصاوي
وخالد ابو النجا واسر ياسين ومنى هلا ويسرا اللوزي وفرح يوسف وعايدة عبد
العزيز واحمد عبد الحليم وكريم قاسم.
ومن المخرجين داود عبد السيد ومجدي احمد علي ومحمد خان وكاملة ابو ذكري
وهاني خليفة ومحمد ابو سيف ومريم ابو عوف وهالة خليل وعماد البهات ومحمد
ياسين.
كما شارك في التظاهرة المنتج غابي خوري وشقيقته المخرجة والمنتجة مريان
خوري التي تعرضت للاعتداء عليها من قبل بلطجية قبل ايام وانقذها الجيش،
والمنتج وكاتب السيناريو محمد حفظي وكتاب السيناريو هاني فوزي وسام سليمان
ونادين شمس ومريم نعوم.
وقال المخرج داود عبد السيد ان "تنظيم التظاهرة ومشاركته فيها نوع من
التعبير من السينمائيين عن مواقفهم المساندة للمطالب الشعبية".
واضاف ان "هناك بعض النجوم ونقيب السينمائيين كانوا ضد الحركة الشعبية
الموجودة وكان من الضروري اثبات تضامن السينمائين مع الشعب الذي نشكل جزء
منه".
من جهته اوضح يسري نصر الله ان "التظاهرة تأكيد على انه ليس كل السينمائيين
مرتبطين او مقيدين بمواقف نقيب السينمائين مسعد فودة" المحسوب على
التلفزيون المصري.
واضاف ان "هناك اعدادا ضخمة من السينمائيين يؤيدون مطالب الشعب المصري
المشروعة في تطلعها الى الديمقراطية والكرامة والحرية".
وكان ميدان التحرير شهد في ايام سابقة مشاركة العديد من الفنانين في
التظاهرات وكان من بينهم الفنان عمرو واكد ونجوم اكدوا تأييدهم لمطالب
المتظاهرين مثل الفنان احمد السقا.
ولم يدل عدد من كبار النجوم بارائهم في مساندة او عدم مساندة هذه التظاهرات
ولاذوا بالصمت في حين يطالبهم جمهورهم وزملائهم في النقابات بتحديد مواقفهم
إيلاف في
10/02/2011 |