ثورة الشباب في مصر
يوم الخامس والعشرين من كانون الثاني/يناير 2011 هل يمكنها أن تكون أحداثا
ملهمة
للكتاب والمخرجين والنجوم.
تتمخض عنها ثورة فنية تغير ما أطلق عليه أفلام
الابتذال والاسفاف، وتعيد الفن الى مكانته الحقيقية التي يجب أن يحظى بها
هؤلاء
الشباب، الذي حرك الحياة في مصر والعالم العربي، وإلا سنجد انقساما شديدا
حوله بين
الناس، ولذا يرى الوسط الفني ضرورة الدخول الى تغيير نوعية
الموضوعات التي يطرحها
بشكل دائم، والجميع 'يعد العدة' حاليا لعملية التغيير الفني.
يقول المخرج
السينمائي محمد حمدي: هناك توجهات جديدة للسينما بعد ثورة 25 يناير وسيكون
الفكر
السينمائي أفضل. وأضاف: لا أطالب وزارة الثقافة بتحمل عبء
الانتاج السينمائي في
السوق، ولكن المطلوب دعمها لأن هناك أفلاما متعثرة وتحتاج الى الدفع بها
لإنقاذها
من الانهيار، وأن تراجع الوزارة الفضيحة التي حدثت قبل يناير الماضي وقبل
الثورة
عندما رفضت 17 سيناريو تقدم كتابها خلال مسابقة لاختيار 5
منها، للانتاج من خلال
الوزارة وكانت ستؤدي إلى إثراء السوق السينمائي ولا نعلم سبب رفضها.
يقول الكاتب
محفوظ عبدالرحمن: ثورة الشباب أوضحت اننا كنا مغيبين عن الوعي - وانه لا بد
من
إفاقتنا على الفور.
أضاف: لابد من وقوفنا على هذه الثورة التي جاءت عفوية لكنها
تمتد الى جذور وأعماق تحتاج الى التحليل، وطرحها في الدراما
أمر مهم للغاية لأنها
حديث الساعة، والجميع يسعى الى فهم ابعادها، وارتباطها بالدراما أمر اكيد
لأن
الجمهور سوف ينتظر ما تطرحه المسلسلات عن هذه الثورة المجيدة، التي جعلتنا
نشعر
بأنفسنا ونزهو باننا مصريون وعرب نبحث عن الحرية والديمقراطية،
مثلنا مثل أي شعب
متحضر في أنحاء العالم الغربي والشرقي.
يقول النجم الشاب محمد رجب: أنا سعيد
بثورة الشباب التي تبحث عن التطوير والتغيير والتقدم للأمام بما يعطي الأمل
في
الحرية التي يصاحبها هواء نقي بعيد عن الفساد الذي سمعنا عنه.
أضاف: أتمنى
بالفعل تجسيد شخصية أحد شباب ثورة 25 يناير، لأن هناك نماذج مليئة بالأحداث
والمواقف والصعوبات التي تبحث عن الدراما، سواء في السينما أو
التلفزيون وتجسيدها
سيطرح أفكارا جديدة على المشاهد المصري والعربي، وإذا عثرت على دور سأوافق
عليه
فورا.
أكد ان الثورة الشبابية ستحدث طرحا جديدا للفن خلال الأعوام المقبلة من
أهم هذا الطرح ماذا يحدث في مناخ الحرية؟
يقول المخرج مجدي أحمد علي: خريطة الفن
في مصر ستحدث بها تغييرات كثيرة، وكذلك في المنطقة العربية لأن الجميع يبحث
عن
الحرية والديمقراطية، والبلاد التي حاربت ذلك سوف تفتح الأبواب والشبابيك
امامهما
للطرح والتناول، وهذا أمر مهم سيعود بايجابيات عديدة على
المتفرج الذي حرم من
موضوعات كثيرة وقفت أمامها رؤوس البعض من الموظفين.
حول البعض الذي يخشى من
انحراف الفن تحت مبدأ الحرية قال: لا يوجد شيء اسمه انحراف الفن لأنه ابداع
والابداع لا ينحرف، بل انه يجمع الناس حوله ليناقشهم في
قضاياهم.
القدس العربي في
10/02/2011
هل عبر الجنس والعري يمكن للأفلام المغربية أن
تحصد الجوائز
السينمائية العالمية؟
علي مسعاد
'ليس
مقبولاً تصنيف السينما باعتبارها وسخة لأنها تضم بوسة أو
حضنا ولا نظيفة لأنها لا تضم أيا من ذلك'المخرج المصري خالد
يوسف.
من المشاهد
السينمائية الجريئة، التي أثارت الكثير من الجدل والنقاش، في أوساط
السينمائيين
أنفسهم كما عند عشاق السينما، هي تلك اللقطة التي ظهر فيها
إدريس الروخ وهو يمارس
العادة السرية في فيلم 'كازانيكرا'. الفيلم المغربي، الذي صاحبه الكثير من
الصخب،
ليس فقط بسبب جرأة إدريس الروخ غير المسبوقة في تاريخ السينما المغربية، بل
حتى
بجرأة مخرجه نور الدين الخماري، الذي كسر التابو والمألوف، عبر
لغة الحوار والكثير
من المشاهد التي اعتبرها الكثير من النقاد، أنها كانت 'وقحة 'وإن ساهمت،
إلى حد
كبير، في نسبة الإقبال عليه 'الأرقام تقول انه تخطى 150 ألف تذكرة'،
وارتفاع نسبة
الجوائز الحاصل عليها داخل المغرب وخارجه، 'قصاصات الأخبار
تقول انه مثل المغرب في
أوسكار 2010 لأفضل فيلم أجنبي'.
مخرج 'كازانيكرا' ليس وحده من أثار الكثير من
الجدل والنقاش، فهناك مخرجون آخرون وجدوا في اقتحام المسكوت عنه وتفجير
التابو،
المشجب لإخفاء الكثير من الإخفاقات التي تعاني منها السينما المغربية.
فها هو
فيلم 'سميرة في الضيعة 'وإن كان فيلما ضعيفا من حيث حبكته السينمائية، فقد
كان قويا
من حيث اللقطات الساخنة 'مشهد بطلة الفيلم وهي تمارس العادة
السرية 'وغيرها من
المشاهد العارية، التي أقحمت على الفيلم من دون مبرر لها، تماما كما العديد
من
الأفلام المغربية التي وجدت في غرف النوم والمواخير، الفضاءات الأكثر
تفضيلا لتصوير
مشاهد أفلامهم التي تدور عن وحول الجنس.
'سميرة
في الضيعة' وإن حقق إقبالا
جماهيريا، فهذا لا يشفع له أن يكون فيلما قويا من حيث السيناريو والتشخيص
والرؤية
الإخراجية، لأن حضور الجنس في أفلام كـ 'المنسيون'، 'حجاب الحب'، 'لحظة
ظلام'،
'ماروك'،
'رجاء' 'ياسمينة والرجال' وغيرها من الأفلام، التي لا يسع ذكرها الآن، قد
يساهم في نسبة الإقبال عليها والحديث عنها وحولها، لكنها لن تكون أفلاما
خالدة،
هناك أفلام لا تموت ولكنها تتجدد من تلقاء ذاتها كفيلم
'الرسالة' لمخرجه مصطفى
العقاد.
صحيح أن السينما المغربية، حقت في السنوات الأخيرة، طفرة نوعية (ما بين
13
و15 فيلما في السنة) كما عرفت تحولا جذريا على عدة مستويات، الاستفادة
من الدعم،
ولكنها في نفس الوقت مازالت لم تبرح مكانها وتدور في الفلك عينه، وإلا كيف
نفسر
موجة العري التي جرفت الكثير ممن يفترض فيهم، أن يقدموا لنا أفلاما إنسانية
ذات بعد
جمالي رفيع تماما كالسينما الإيرانية؟ مما يطرح أكثر من سؤال: لماذا ليس
لنا أفلام
كـ'الرياح التي تحملنا'، 'البالون الأبيض'، 'أطفال الجنة' 'اليوم الذي
أصبحت فيه
امرأة' وغيرها، ومخرجون مثل عباس كياروستمي، جعفر باناهي، مجيد
مجيدي، مرضية
مخملباف وغيرهم؟ خاصة أن السينما الإيرانية أبانت عن عبقرية مخرجيها
وتألقها في
العديد من المحافل السينمائية، ولماذا مازالت السينما المغربية، حبيسة
لقطات العري
والجنس ومشاهد الإثارة والإغراء، وهي أسباب، لعمري، قد تعجل بموتها وبقائها
حيث هي،
عوض تطورها وتألقها عالميا، في الوقت الذي تألقت فيه السينما
الإيرانية - كما قلت-
عالميا وبدون 'قبلات'.
وهل بالجنس وحده تحقق الأفلام المغربية الشهرة؟ وهل
بملابس النوم يمكن أن نحصد الجوائز السينمائية العالمية؟ أم بأفلام تقدم
مواضيع
إنسانية وتعالج قضايا تهم شريحة واسعة من الجمهور؟ أم بأفلام لا هم
لأصحابها إلا
دغدغة مشاعر وجيوب الجمهور عوض أن تحترم عقله وذكاءه؟
الجمهور السينمائي، يحتاج
أكثر من أي وقت مضى، إلى أفلام سينمائية تمتلك كل مقومات النجاح 'سيناريو،
تشخيص،
إخراج' وليس إلى أفلام كل مؤهلاتها جسد بطلاتها.
كاتب من
المغرب
Casatoday2010@gmail.com
القدس العربي في
10/02/2011
سقف الحرية المنخفض يؤثر سلبا:
كيف تستطيع الافلام الوثائقية
التأثير في المجتمع
محمد سعيد محفوظ
للأفلام الوثائقية في العالم العربي تاريخ وسوق وقناة، فهل لها
تأثير على المجتمع؟ قد يجد البعض سؤالي غريباً إذا كانت قناة
الجزيرة تنفق بالفعل
مئات الألوف من الدولارات كل عام على شراء وتمويل الأفلام الوثائقية وبثها
على
قناتيها الإخبارية والمتخصصة، وكثير من صناع هذه الأفلام اكتسبوا شهرة
النجوم، كما
أن أغلب القنوات الفضائية العربية تسير على درب نظيراتها في الغرب، وتولي
هذا اللون
اهتماماً كبيراً على خرائطها البرامجية.. فما فائدة السؤال؟
بنظرة على نظم
الرقابة على التصوير الميداني، وشروط التمويل، ومعايير البث على قنوات
التلفزيون،
يجد صانع الفيلم الوثائقي نفسه في مأزق، فإما أن يتجنب التصوير
في العديد من
الأماكن (مثل أقسام الشرطة والمصالح الحكومية)، ويتخلى ولو جزئياً عن رؤيته
الخاصة،
ويبلغ منزلة الكمال في جودة الصورة والإخراج، أو أن يبقى عمله قيد التعديل
والمراجعة من أصحاب القرار، وقد لا يرى النور على الإطلاق.
يؤدي ذلك إلى حرمان
المجتمع من مناقشة قضايا حيوية، وحرمان المشاهد من استيعاب أنماط فنية
جديدة،
وحرمان صانع الأفلام من التجرؤ على الأشكال التقليدية المطلوبة في سوق
الفيلم
الوثائقي العربي.. تؤثر الأفلام الوثائقية في المجتمع على هذا
النحو بالقدر الضئيل
الذي يؤهلها إليه سقف الحريات المنخفض في كل شيء.
جاء الإعلام الحديث ليوفر
الحل.. فمن بين معالمه البساطة، ومن أهم سماته التفاعل، وفي مقدمة آثاره
الانتشار،
بامتلاك هاتف محمول مزود بكاميرا وموصول بالإنترنت يمكن الآن صناعة فيلم
وبثه على
العالم في الحال.. فنياً قد لا يضارع المنتج مستوى تلك الأفلام
التي نراها على
قنوات الجزيرة الوثائقية وديسكفري وناشيونال جيوجرافيك، لكن بالتأكيد
سينطوي هذا
المنتج ـ موضوعياً ـ على فتوحات اجتماعية، عجز الفيلم الوثائقي التقليدي عن
إحرازها
في الماضي، ومن الأمثلة الجلية على ذلك، إنتاج أفلام وثائقية
بهذا النمط العصري حول
العنف في أقسام الشرطة، أو العنف الأسري، أو شيوع المخدرات في المدارس
والنوادي
الرياضية.. المصور سيصل إلى عمق هذه المحافل وسيلتقط ما شاء من صور ـ مع
مراعاة
المبادئ الأخلاقية ـ بدون أن يعاني ما يعانيه المحترفون،
بمعداتهم الثقيلة، وحاجتهم
للحصول على تراخيص بالتصوير وفقاً لشروط معنية.. المتلقي سيتمتع في الحالة
الأولى
بمزيد من الصور الواقعية التي تسمح له بالتعرف على عالم جديد لأول مرة عن
قرب..
الفرق واضح.
لم يعد المتلقى يكترث بجودة الصورة.. الحد الأدني صار يكفي إذا كان
مضمون اللقطة فريداً. وهو ما جعل قنوات التلفزيون تدرس بث هذا
النوع من الأفلام،
الذي صار إنتاجه سهلاً، فأتاح للهواة فرصة نادرة للالتحاق بركب المحترفين،
مما أثرى
عالم الفيلم الوثائقي بأفكار تنبع شخصياً من المستهلك أو المستخدم، الذي
يعلم
احتياجاته أكثر من المنتج.. إنه (المنتخدم) كما يصفه ألكس
برانز.
شجعت هذه
القناعة الكثير من الهواة على تعلم أصول الصنعة، كما دفعت الكثير من
المؤسسات
الإعلامية إلى تنظيم ورش لتدريب الهواة وأنصاف المحترفين على
صناعة أفلام وثائقية،
وخير مثال على ذلك الورشة التي نظمها لهذا الغرض مركز الإبراهيمية للإعلام
بمصر
خلال شهر كانون الاول/ ديسمبر 2009 وتشرفت بالتدريس فيها، وأثمرت نحو عشرة
هواة
تمرسوا على قواعد هذه الصناعة، ودخلوا إلى معترك المهنة من
بوابتها الخلفية، بوابة
الإعلام الحديث.
كم من الأفلام الجريئة سنشاهد؟ وكم من القضايا المثيرة سنناقش؟
وكم من الموهوبين سنعرف؟ هذه هي الأسئلة التي سيجيب عليها
المستقبل، إذا ما منحنا
هذه الظاهرة فرصتها للازدهار.
إعلامي مصري مقيم في
بريطانيا
m.said.mahfouz@googlemail.com
القدس العربي في
10/02/2011
التعبير عن الداخل والخارج في فيلم "حراس الصمت"
العرب أونلاين- رمضان سليم
لم يتم في السابق الاقتراب من أدب غادة السمان، قصصا وروايات، فلم
تتعامل معها السينما، رغم الاشارات التي وردت من بعض المخرجين على اختيار
بعض الأعمال الأدبية للكاتبة ولاسيما رواية ليلة الميلياردير.
وأظن أن الأسباب التي تقف وراء ذلك واضحة، حيث أن الانتاج السينمائي
في سوريا ولبنان قليل، وهو يحاول الابتعاد عن الأدب، لأن الموضوعات تكتب
مباشرة للسينما واعتمادا على رؤية المخرج وحده باعتباره كاتب السيناريو.
ورغم كل ذلك فقد تحوّلت بعض الروايات في سوريا الى أفلام سينمائية نذكر
منها بعض أعمال الكاتب حنا مينة، مثل قصة على الأكياس وكذلك رواية بقايا
صور، الشمس في يوم غائم وآه يا بحر. ومن الكتاب الذين اقتربت السينما منهم
الروائي غسان كنفاني وآخر الأعمال الروائية التي تحوّلت الى السينما كانت
للكاتب خيري الذهبي وهي بعنوان:" حسيبة" لريمون بطرس، كما أن هناك روايات
أخرى متناثرة، لم تلفت الانتباه بسبب ضعف الأفلام المقدمة.
رؤية سينمائية
بالاضافة الى قلة الانتاج السينمائي والتهرب من الروايات بحثا عن رؤية
سينمائية تكشف عن سينما المؤلف بطريقة أو بأخرى، يمكننا أن نقول بأن بعض
الروايات تضع في اعتبارها اللغة الأدبية في المقام الأول، فالرواية هنا
ليست رواية أحداث، بل رواية لغة وتعبير عن الداخل ووصف، ولا تترك الاحداث
إلا في حدود ضيقة جدا.
هذا الأمر ينطبق على أعمال الأدبية غادة السمان. إنها تحيل الرواية
الى لغة لا يتوقف السرد فيها، حتى أن هذه اللغة الشيقة تستدعي الحدث وتطغى
إليه.
في جميع الأحوال تحتاج مثل هذه الروايات الى صياغة سينمائية غير
تقليدية تحتوي على شكل من أشكال المجازفة. كما أن الاقتباس فيها حرّ، وهو
يخضع لمشيئة المخرج واختياراته، وبالتالي لا أظن أن السينما السورية قد
وصلت الى هذه المرحلة من التعقيد، رغم أن القضية تتوقف على المخرج في جميع
الأحوال. لكننا لاحظنا بأن معظم الأفلام المقتبسة عن روايات مطولة قد فشلت.
ويمكن أن نخرج رواية رجال تحت الشمس للأديب غسان كنفاني من هذه الدائرة،
فقد قدمها توفيق صالح في فيلم متميز بعنوان المخدعون. بالاضافة الى فليم
بقايا صور لنبيل المالح.
الرواية المستحيلة
هذه المقدمة يبدو أنها ضرورية، وذلك بمناسبة اختيار احدى روايات غادة
السمان لكي تقتبس للسينما، وقد وقع اختيار احدى روايات غادة السمان لكى
تقتبس للسينما، وقد وقع الاختيار على رواية فسيفساء دمشقية أو الرواية
المستحيلة لمناسبة تنفيذ بعض الأعمال المرتبطة بدمشق أو أن اختيارها عاصمة
للثقافة العربية، وهكذا ارتبطت المسألة بدمشف أولا وأخيرا، ولم يكن
الاختيار لمجرد أن الرواية مناسبة للسينما أو أنها أفضل روايات غادة
السمان.
بالطبع هذا المدخل ليس أساسيا، لأن المهم أن المهم ألأن العمل قد انجز
بصرف النظر عن المجازفات أو الدواعي أو المبررات.
هذه الرواية الطويلة والتي تسير فى نفس السياق: الجاذبية اللغوية
وطغيان السرد الأدبي والوصف الجزئي والكلي، قد انتقلت الى السينما وعرض
الفيلم المنجز بمهرجان دمشق السينمائي فى أواخر 2010، كما أنه "الفيلم" قد
عرض بمهرجانات وملتقيات أخرى.
أهم الافلام
عنوان الفيلم "حراس الصمت" والمخرج هو سمير ذكرى، ولقد سبق لهذا
المخرج أن قدّم أفلاما روائية طويلة، أهمها" حادثة النصف متر" ، ثم فيلم
"وقائع العام المقبل"، يلى ذلك فيلم "تراب الغرباء" ثم الفيلم الرابع
"علاقات عامة" وهذا هو الفيلم الخامس.
هذا الفيلم أثار جدلا بين النقاد، ليس باعتباره يحوي على امتياز خاص،
أو طرح جريء لافت للنظر، لكن لأسباب أخرى، أهمها أنه قد احتوى على الكثير
من المشكلات التي تعاني منها السينما العربية عموما ولاسيما في سوريا في
السنوات الأخيرة، فالقطاع العام الرسمي يقدّم أموالا من أجل الافلام
وأحيانا يقدّم الدعم الكلي أو الجزئي، ولكن النتائج تكون سلبية، وقد لمسنا
هذا في أفلام صنعت في سوريا وتونس والمغرب، فالمشكلة تتجاوز إذن القضية
الانتاجية الى ما هو أهم ونعني بذلك الجانب الفني وطريقة التعامل مع الفيلم
وأسلوب السرد والأهم ضبط ايقاع الفيلم والسيطرة عليه والتحكم فى التفاصيل
والجزئيات، ومعرفة ما هو مهمّ وما هو أهمّ.
أسلوب متكرر
لقد سبق للمخرج سمير ذكرى أن قدّم فيلم "تراب الغرباء" وهو يدور حول
شخصية المصلح عبد الرحمن الكواكبي، وسوف نجد أن هذا الفيلم "حراس الصمت"
يقترب قليلا أو كثيرا في أسلوبه من ذلك الفيلم. إن كلا من الفيلمين يعتمدان
على سيناريو تلفزيوني تتوسع فيه المشاهد الى اتجاهات كثيرة، فلا نعرف فيها
الرئيسي من الفرعي ويتطرق كل فيلم الى شخصيات كثيرة بعضها ليس ضروريا ولا
يخضع الى مقاييس الاختيار الدقيق.
وفي فيلم"حراس الصمت" الكثير من ذلك، فالفيلم يبدأ بمقتل امرأة بسبب
العادات والتقاليد، ورغم أن الأخ الكبير كان سببا في موتها إلا الفيلم
يلتقط خيطا آخر وهو الفتاة الصغيرة "زين" وهي التي تعيش بعد ذلك مع أبيها
وجدتها في بيت دمشقي كبير.وربما لأسباب معالجة قضايا المرأة يركز الفيلم
على الأمّ المتوفاة والخادمة في الجوار والمشكلات التي صادفت تحقيق رغبة
الفتاة زين في الخمسينيات في دمشق.
نقاط معينة
من أهمّ مشكلات هذا الفيلم أن السرد فيه لا يتحرك نحو نقطة معينة ولا
يضع في اعتباره تطور أيّ حدث، ولكن تأتي المشاهد في شكل بانورامي متباعد،
يمكن أن يستمر لأكثر من ساعتين وربما أربع ساعات، فالفيلم له بداية ولكن
ليس له نهاية الفتاة زين هي محور الفيلم، ولكن السيناريو يتتبع خطواتها،
بصرف النظر عن أهمية هذه الخطوات، إذ لا يجد المشاهد أمامه إلا محاولات
لفتاة تريد أن تؤكد ذاتها وهي تعيش في عالم من التقاليد والتي كانت سببا في
وفاة أمها وتكتم العائلة عن أسباب الوفاة.
لهذه الفتاة زين الكثير من الحرية الشخصية والسبب يعود الى الأب الذي
يدفع بها نحو هذا الاتجاه، وكذلك بسبب حضور الجدة والذي كان تعويض بحضور
الأم.
هناك زميلات لزين في المدرسة ومحاولات لتعلم الرقص والتأثر بالرقصات
التي كانت سائدة في فترة الخمسينيات وما بعدها، وهناك بعض التجارب العاطفية
المبدئية، وكل تلك حلقات لا تقدم أو تأخر، ولذلك يصاب جمهور الفيلم بالملل
وهو ملل لا يخفي وراءه الشيء المهم، لأن النتائج في النهاية تبقى هامشية.
فالفيلم لا يقول شيئا رغم الاطالة والتوسع الجانبي، وأظن مرة أخرى أن
مشكلة السرد قائمة، إذ ليس شرطا أن يأتي به بالفيلم بالمبهر ولكن بالبسيط
الواضح وبسرد مناسب له لقد احتاج الفيلم الى جهد واضح من أجل خلق خلفية
لمرحلة الخمسينيات، بواسطة الملابس بالدرجة الأولى، وبواسطة بعض الوسائل
والأدوات، واحيانا الخلفية السياسية والموسيقية. ولكن قضية الحرية بالنسبة
للمرأة لم ترتفع الى مستوى الرمز لأن الطرح تناول قضية شخصية محدودة يمكن
أن تكون حاضرة الآن، لكنها غير مؤثرة على الصعيد الدرامي.
تتجه زين الى الأدب، وتجد أن أمها كاتبة أيضا، ولكن دون أن يعلم أحد،
وهي "زين" تفوز بجائزة كالعادة، وتحاول أن تتعلم الطيران والذي له تعبير عن
الارتفاع والتحليق الى أعلى والمغامرة.
كما قلنا تنبني فكرة الفيلم حول فتاة متحررة في غابة من التقاليد وهذه
الغابة لها حراسها. إنهم حراس الصمت الذين يريدون أن تبقى الأمور في حالة
صمت مطبق، ولا أحد يرفع صوته بالصراخ أو حتى الكلام. والغريب أن الفيلم،
يعاقب حراس الصمت هؤلاء، عندما يضيف مشهدا لا مبرر له في أخر الفيلم ويجعل
شخصية من حراس الصمت والذين عاشوا من أجل كبت الحرية النسائية، تتحول الى
رجل مريض يعاني ويلات وسكرات الموت.
هذه الفتاة زين قدمت من حيث التمثيل لوحدها بشكل جيد "نجلاء الخمري"
لها ظروف خارجية وأخرى داخلية، لها حوافز تجعلها تنطلق الى الامام، ولها
عقبات أسرة أحيانا تتمثل في الاخوة وبعض الأقرباء، حتى أن الفيلم يبادر
فيجعلها ضحية على وشك القتل مثل أمها في أواخر الفيلم.
حسبما أفاد المخرج، فإن هناك مشاهد يمكن أن تحذف للتخفيف من طول
الفيلم، كما أن مشاهد الغرافيك ولاسيما طيران الأم بعد موتها ضعيفة ودخيلة
على الفيلم.
ولا أعتقد أن حذق هذه المشاهد يساعد على إصلاح الفيلم، فالمشكلة في
اختيار المشاهد وتتبع الرواية والدخول في متاهاتها والتمسك بالكثير من
الشخصيات التي احتوت عليها.
أقول أيضا إن الشكل التقليدي الذي تمّ اختباره قد أربك السرد، وجعله
ضعيفا، وهي مشكلات سبق أن عانى منها المخرج في أفلامه الاخيرة، فمتى يمكن
التخلص من كل ذلك والبدء من جديد!؟
العرب أنلاين في
10/02/2011 |