فى الوقت الذى دخل فيه الكثير من الفنانين على خط المواجهة خلال الأزمة
التى تشهدها مصر حاليا سواء كانوا مناوئين للنظام ومطالبين بتنحى الرئيس
مبارك أو حتى مؤيدين له وداعين الى إكمال فترة ولايته، غاب عن المشهد
العديد من الفنانين الذى فضلوا الصمت تارة أو الحياد تارة أخرى. ورغم
الاهتمام الإعلامى الكبير الذى حظى به الفنانون الذين عبروا عن مواقفهم،
إلا أن عدم وضوح الرؤية المستقبلية دفع العديد من الفنانين إلى البقاء خلف
الستار ربما انتظارا لما ستسفر عنه الأيام المقبلة، وربما خشية أن تثير
مواقفهم غضب الطرف الآخر، وربما كان المشهد بمثابة صدمة لهم. الغريب فى
الأمر أن عددا كبيرا من الفنانين الذى اختاروا الصمت اشتهروا من قبل
بمواقفهم القوية فى مختلف القضايا السياسية، ولعل أبرز تلك الأسماء الفنان
حسين فهمى الذى امتلأت صفحات الجرائد بصورة خلال إدلائه بصوته فى
الانتخابات البرلمانية الماضية، وكذلك الحال بالنسبة للفنان نور الشريف
والفنان خالد زكى أيضا الذى جسد دور الرئيس فى فيلم «طباخ الرئيس». وهناك
من طال صمتهم حتى لمجرد الرد على التليفون ومنهم: نادية الجندى ونبيلة عبيد
وأحمد عز وأحمد حلمى ومحمد سعد. وعلى الناحية الأخرى، هناك من خرج عن صمته
وتحدث لـ«الشروق» مبديا أسبابه فى تفضيل عدم الكلام وكذلك رأيه فى أيام
الغضب.
محمود عبدالعزيز: لا أعرف ماذا أقول وبماذا أعبر فبداخلى مشاعر كثيرة عن
الثورة المشروعة، وأقول لمن أطلق البلطجية: كل شىء زائل والوطن هو الباقى
قال الفنان محمود عبدالعزيز وهو يبكى بشدة على ما يحدث وعلى الشباب الذين
قدموا أرواحهم فى سبيل نجاح الثورة «أنا لم أتحدث من قبل إطلاقا لأنى لا
أعرف ماذا أقول وبماذا أعبر لأن بداخلى مشاعر كثيرة جدا أود أن أطلق لها
جميعا العنان، وبداخلى كلام كثير أود أن أقوله يتعلق بمطالب الثورة
المشروعة لأى فرد لأن من حق المصريين أن يعيشوا فى مناخ يستمتعون فيه
بالحرية ومن حقهم أن يشعروا بالأمان ومن حقهم أن يعبروا عن مطالبهم
المشروعة» وأضاف: «لم أتحدث من قبل لأنى أشعر أنى لن أقدم جديدا عما قاله
كثير من العقلاء والحكماء على شاشات القنوات الفضائية، ولم أتحدث لأنى بجد
خائف أن تذهب أرواح الشباب الذى استشهدوا هباء، وخائف من محاولات بث بذور
الفرقة بين الشعب، وخائف من القادم الذى لا أعلمه، وكذلك من الذين يحاولون
استغلال الفرصة وركوب الموجة». وأيد الفنان محمود عبدالعزيز بشدة الثورة
ومطالبها قائلا: «هذه الثورة أكثر من رائعة وهؤلاء الشباب نجحوا فى فعل ما
عجز من هم أكبر منهم بكثير على فعله من سنوات طويلة، وبجد نحن اتعلمنا منهم
الكثير، ولابد من سماعهم وتلبية مطالبهم التى من حقهم».
وهاجم عبدالعزيز رجال النظام الذين أرسلوا البلطجية للهجوم على المتظاهرين
وقتلهم «من فعلوا ذلك فحتما يشعرون بالعظمة الفارغة الكاذبة، فكل شىء زائل
والوطن هو الباقى، ومن أطلق الرصاص الحى على الشباب ومن أطلق عليهم
البلطجية فحتما ليس إنسانا ولا توجد بداخله ذرة إنسانية على الإطلاق، فمهما
كانت المصالح المادية والمعنوية فلا يحق لهم أن يقتلوا نفسا». وعلق
عبدالعزيز على مسألة هروب بعض الفنانين خارج مصر «هل تعتقدى أنى سأكون
سعيدا لو كنت خارج مصر الآن؟ بالطبع لا، لأنى على العكس من ذلك لن أشعر إلا
بمزيد من الضيق، وفى النهاية لا استطع أن أصف أى شخص فيهم ولا أعلق على
موقفه لأن كل منهم له ظروفه الخاصة التى لا يعلمها أحد».
دلال عبد العزيز:لا أملك سوى الصلاة والدعاء
أكدت الفنانة دلال عبدالعزيز أن صمتها ليس صحيحا لأنها حاولت كثيرا التحدث
للتليفزيون المصرى لإبداء رأيها ولكن لم يحالفها الحظ، وقد قالت: «أنا
وبناتى وزوجى الفنان سمير غانم نؤيد بشدة موقف الرئيس مبارك وتصرفه بحكمة
كبيرة جدا وأحييه من كل قلبى على تماسكه وعلى قدرته على ضبط النفس وعدم
استفزازه، وموقفنا هذا من قبل خطابه وليس بعده».
وأضافت: «للأسف هناك الكثير من القنوات والجهات التى تحاول التدخل فى شئون
مصر وانتقادها وتحشد عدتها بالكامل ضد مصر للدرجة التى أشعرتنى بأن هناك
موجة ضد البلد وضد الرئيس مبارك، الذى بحق يستحق التكريم على كل ما فعله من
أجل الوطن، وحتى لو فعل بعض الأخطاء فلا يجب أن ننسى له ما قدمه، وربنا
يعطى له الصحة والعافية ويستطيع أن يكمل مدته على خير».
وعن موقفها من المتظاهرين فى ميدان التحرير، قالت عبدالعزيز: «ربنا يهديهم
ويزيل الغشاوة التى على أعينهم».
ومدحت الفنانة دلال عبدالعزيز موقف التليفزيون المصرى بقولها: «الحمد لله
إن الإعلام الرسمى لم يستعينوا بمن تحدثوا بصورة غير لائقة على الرئيس، وفى
النهاية الشباب الذى أقاموا المظاهرات حصلوا على حقهم وأكثر ولابد من تقدير
هذه الاستجابة واحترامها، ويكفى ما حدث ولابد أن نستمع لكلام الفنانة شادية
التى فضلت منذ فترة طويلة عدم الظهور ولكنها نظرا للظرف الدقيق خرجت لتدعو
الشباب ليوقفوا ما يفعلونه ويعودوا لمنازلهم، وكذلك الفنانة شمس البارودى».
ومن جهة أخرى، هاجمت الفنانة موقف إيران معتبرة أنه يحاول التفرقة بين
الشعب والجيش قائلة: «أشعر بأن هناك جهات تحاول بث فتنة مقصودة فى مصر
وللأسف لا أملك شيئا سوى الصلاة والدعاء للوطن بأن تمر هذه المحنة بسلام،
وأنا متفائلة خيرا من حكمة السيد الرئيس، هذه الحكمة التى ظهرت جليا أيضا
فى تعيينه السيد عمر سليمان نائبا له وتعيين الفريق أحمد شفيق رئيسا
للوزراء».
رانيا يوسف: حماية أطفالى أولى من النزول للشارع
أما الفنانة رانيا يوسف فأكدت أنها كانت تتمنى أن تشارك فى المظاهرات
والاحتجاجات ولكن عدم إحساسها بأمان تجاه أطفالها الصغار الذين لم يتجاوز
بعضهم 7 سنوات جعلها تتردد كثيرا قبل أن تأخذ قرارا بالجلوس معهم فى البيت،
وأن حماية أطفالها أولى من المشاركة فى المظاهرات.
وأشارت: كان من الممكن أن أنزل ولا أعود، بأن أتعرض للقتل أو يتم اعتقالى،
وفى الحالتين لا أعرف ماذا سيكون مصير أبنائى.
لذلك كان طبيعيا ألا أشارك جسديا، وأيضا لا يجب أن يتم مقارنتى مع الرجال
أو غير المتزوجات اللاتى ليست لديهن مسئوليات تضطرهن لفعل أمور من الممكن
أن يكونوا ضدها.
وأوضحت رانيا أنها مع رحيل الرئيس مبارك ولكن بشكل لا يسىء إليه، لأن
كرامته من كرامة الشعب المصرى، وإذا تعرض للإهانة فكأنما تمت إهانتنا
جميعا، لذلك أنا مع أن يرحل فى نهاية مدته كما قال فى الخطاب، وأن نختار
بأنفسنا الأفضل لصالح مصر بعد ذلك بعد تعديل المواد الدستورية المطلوبة.
حنان ترك: وقعت فى حيرة شديدة لأننى لم أعرف فى البداية من الصادق ومن
الكذاب
الفنانة حنان ترك بررت تأخيرها فى إعلان موقفها من احتجاجات 25 يناير، سواء
بتأييد المظاهرات أو بمعارضتها بأنها وقعت فى حيرة شديدة ولا تعرف من
الصادق ومن الكاذب.
أكدت حنان: عدم الشفافية والوضوح فى التعامل مع المتظاهرين وضعنى فى حيرة
شديدة، خصوصا أن كل ساعة يخرج علينا الكثير بتصريحات متضاربة، ورغم أن خطاب
الرئيس مبارك الثانى كان مؤثرا إلى حد كبير وأبكانى كثيرا، وجعلنى أتعاطف
مع بقائه، الا أن ما حدث فى اليوم التالى من هجوم من البلطجية بالجمال
والخيول على المتظاهرين وكأننا نشاهد فيلما هنديا جعلنى أتعاطف مع
المتظاهرين وبقاءهم خصوصا أن الثقة قد انعدمت تماما فى العلاقة بينهم وبين
النظام.
وأوضحت: شعرت بفخر شديد من نزول شباب 25 يناير الى الشارع بشكل حضارى جدا،
ليطالبوا بما هو فى صالح جميع الشعب المصرى، وليس لمطالب خاصة، وبالفعل هم
نجحوا فى مرادهم وجعلونا شعبا محترما متحضرا له كرامة.
ورفضت حنان التحدث عن موقف الداخلية والشرطة قائلة: لا أريد أن أنفخ فى
النار وهى مشتعلة، ولكنى أريد أن أعلق على منظر عربة المياه التى كانت
تعترض المصلين أثناء أدائهم الفريضة، فهذا لا يرضى دينا ولا رباً، ولا أعرف
ما هذه القسوة والعنف.
وترى حنان أن فى استمرار المتظاهرين بميدان التحرير حتى بعد تنفيذ جزء كبير
من مطالبهم حق كبير، وأكون مجنونه إذا طالبتهم بالرحيل خصوصا بعد أن تعرضوا
لعنف شديد من الشرطة والبلطجية، كما أنهم يعانون من عدم وجود الثقة فلا
يستطيع أحد أن يطمئنهم ويحثهم على فعل شىء غير الذى يرغبون فيه، رغم أنهم
جميعا كان لديهم كل الاستعداد للانسحاب من ميدان التحرير بعد الخطاب الثانى
للرئيس مبارك، ولكن هناك من استغل الموقف بشكل مريب، وزاد من الفجوة بين
النظام والمتظاهرين، وجعل لديهم كل الحق فى ألا يصدقوا أى ضمانات ستذكر من
النظام لأنهم سمعوا كثيرا.
ولكن فى الوقت نفسه سأكون مجنونة إذا طالبتهم بالاستمرار لأن كثيرا من
الشعب المصرى يعتمد على العمل المؤقت واليومى، لذلك الناس فى خراب شديد،
كما أن فاعلى الخير لا يستطيعون مساعدتهم لأنهم لا يملكون سيولة مالية بسبب
إغلاق البنوك.
وأشارت: فضلت عدم اعلان موقفى لأننى أولا لا أفهم فى السياسة، كما أننى
أرفض أن أكون تابعة لأحد فى الآراء المصيرية، خصوصا أن كثيرين ممن يظهرون
الآن فى الفضائيات وسط المظاهرات يبحثون عن مجد شخصى، رغم أن الحركة يجب أن
تظل من الشباب وإليهم دون السطو عليها من أصحاب المصالح الخاصة.
وشددت حنان على أن هناك قرارا عظيما جدا للجنة الحكماء والذى ينص على أن
ينوب عمر سليمان عن رئيس الجمهورية فى تعديل الدستور والتزامه بتنفيذ كل ما
جاء فى الخطاب، ويتعامل نائب الرئيس مع الشعب فى كل شىء، وأن يظل الرئيس
محمد حسنى مبارك فى موقعه ولكن بشكل شرفى.
مشاركون فى الثورة
الليلة يا جدع هنبات فى الميدان .. الجدع جدع والجبان جبان. كان هذا هو
الشعار الذى رفعه ثوار الخامس والعشرين من يناير وبالطبع رفعه معهم
الفنانون الذين شاركوهم النداء.
كان الفنان خالد أبوالنجا تحدث باسم الثورة ودافع عنها ووثقها بالكاميرا
وشاركه المخرج خالد يوسف ومعهما كل من يسرا اللوزى وأحمد عبدالله وإبراهيم
بطوط ومنى زكى وجيهان فاضل وعمرو واكد وخالد الصاوى وتيسير فهمى ومحسنة
توفيق وآسر ياسين ويسرى نصر الله وزكى فطين عبدالوهاب وسعد هنداوى وعمار
الشريعى ومريم نعوم وأحمد ماهر وفتحى عبدالوهاب وماريان خورى ونانسى
عبدالفتاح وأحمد مرسى ومريم أبوعوف وأسامة فوزى ومحمد خان وداود عبدالسيد
وعلى بدرخان وأحمد عواض وهانى فوزى وهانى سلامة ووفاء صادق ومحمد دياب
وخالد دياب وعمرو سلامة وتامر حبيب وروبى وشقيقتها كوكى وناهد نصرالله
وأحمد مرسى ونهى العمروسى وعماد البهات وأمير رمسيس وكاملة أبوذكرى وعباس
أبوالحسن ونادين شمس وصفاء الطوخى وعمرو سعد وأحمد سعد وصبرى فواز ورامى
غيط ومجدى أحمد على ولطفى لبيب وعزة بلبع.
المؤيدون للاستقرار ومبارك
على الرغم من مشاركة كثير من الفنانين فى ثورة الشباب ــ 25 يناير ــ
إيمانا منهم بأن وقت التغيير قد حان، ولتطلعهم فى مستقبل أفضل لهم
ولأبنائهم من بعدهم، وعلى الرغم من اختفاء كثير من الفنانين الذين فضلوا
الصمت تجاه الحدث لا مؤيدين ولا معارضين، نائين بأنفسهم عن أن يحسبوا على
فئة دون أخرى، إلا أن هناك من الفنانين من كان فيهم من الجرأة أن ينزلوا فى
المظاهرات المؤيدة لبقاء الرئيس مبارك فى سدة الحكم حتى تنتهى ولايته فى
سبتمبر المقبل.
وبدأ هذا الاتجاه الفنانة زينه والملحن عمرو مصطفى عندما قادا مظاهرة أمام
مبنى الإذاعة والتليفزيون «ماسبيرو» صباح اليوم التالى لخطاب الرئيس.
وكانت مظاهرة ميدان مسجد مصطفى محمود بشارع جامعة الدول العربية هى الأكبر
وشهدت مشاركات أكثر من الفنانين المحبين لنظام الرئيس وكان على رأسهم نقيب
الفنانين أشرف زكى الذى تم تنصيبه مؤخرا مساعدا لوزير الإعلام لشئون
الدراما، وهو الأمر الذى وضعه فى مأزق لا يحسد عليه، خصوصا أنه من وجه
الدعوة للفنانين الذين شاركوا فى التظاهرة، الذين هاجموا استمرار شباب
الثورة فى الاعتصام بعد تحقيق جزء كبير من مطالبهم ومن هؤلاء الفنانين طلعت
زكريا، وسماح أنور، وغادة عبدالرازق، وماجدة زكى، وهاله صدقى، وروجينا،
والمطرب محمد فؤاد، والإعلامى عماد الدين أديب، فيما شاركت الفنانة عبير
صبرى فى المظاهرة التى انطلقت من شارع الكوربه فى مصر الجديدة.
وكانت هناك أسماء أخرى داعمة لهذا الاتجاه من خلال المداخلات التليفونية
عبر الفضائيات وعلى رأسهم الفنانة الكبيرة المعتزلة شادية التى خرجت عن
صمتها وتحدثت بكلمات تعبر عن حزنها لما حدث من مواجهات دامية بين
المتظاهرين وبعضهم البعض فى اليوم التالى لخطاب الرئيس، وقالت للإعلامى
عمرو الليثى خلال مداخلة مؤثرة فى برنامج «واحد من الناس» إن مصر لا تستحق
ما تعرضت له ودعت بأن تمر الأزمة سلام.
كما ساهمت أيضا مداخلات تليفونية من الفنانة المعتزلة شمس البارودى، وزوجها
الفنان حسن يوسف، بالإضافة إلى عدد آخر من الفنانين بينهم أحمد السقا،
ومحمد هنيدى، وهانى رمزى والمطربين حكيم وتامر حسنى.
شارك في الإعداد: أحمد فاروق ومنة عصام وأحمد فاروق ووليد أبو السعود.
الشروق المصرية في
08/02/2011
في تظاهرات الغضب...
نجوم مع الريس وآخرون مع
رحيله
القاهرة - الجريدة
أبرز إيجابيات الانتفاضة الشعبية التي تعيشها مصر راهناً أنها أظهرت الكثير
مما في الصدور، وبيّنت المواقف الفعلية للشارع المصري بفئاته
وطبقاته كافة، ومن
بينهم الفنانون.
جاء موقف بعض الفنانين المصريين من التظاهرات واضحاً وصريحاً من البداية
بالانتصار للانتفاضة الشعبية، فيما غيَّر البعض الآخر موقفه
بعد سخونة الأحداث، ومن
بين هؤلاء عادل إمام الذي تراجع عن آرائه الحادة ومعارضته للثورة بعد
الهجوم
عليه.
إمام صرَّح بأنه ضد الثورة مبدياً تعاطفه مع النظام، لكن آراءه قوبلت بهجوم
حاد
دفعه إلى التراجع عنها عن طريق مداخلات هاتفية في عدد كبير من
البرامج والقنوات
التلفزيونية، وفي كل مرة كان يؤكد دعمه وتأكيده للثورة الشعبية.
على الجانب الآخر، بعض النجوم كان موقفه واضحاً منذ اليوم الأول، فهو مؤيد
للثورة ومعارض للنظام ويطالب بالتغيير مثل المخرجين كاملة أبو
ذكري وخالد يوسف
ويسري نصر الله وهاني خليفة وعمرو سلامة والسيناريستات بلال فضل ونادين شمس
وعباس
أبو الحسن وتامر حبيب، ومن الممثلين خالد الصاوي وعمرو واكد الذي اعتُقل
شقيقه يوم
25
يناير الماضي.
كذلك، شارك في التظاهرات المعارضة للنظام كلّ من حنان مطاوع ووالدتها
الفنانة
سهير المرشدي، تيسير فهمي، منى هلا، جيهان فاضل، خالد النبوي،
أحمد وفيق، فتحي عبد
الوهاب، آسر ياسين والمنتج محمد العدل.
هؤلاء أبدوا موقفاً واضحاً وصريحاً منذ اليوم الأول للثورة، فكاملة من
جهتها
شاركت المتظاهرين الهتاف قائلة «الشعب يريد إسقاط النظام»، ثم
رددت معهم في ما بعد «الشعب
يريد إسقاط الرئيس». تقول في هذا المجال: «لا أجد أفضل من هذا الهتاف
للتعبير عمَّا في داخلي من أوجاع وآلام يصعب التعبير عنها من خلال الكلام».
أما عمرو سلامة فقد عبَّر عمَّا حدث له في التظاهرات من خلال مقال كتبه على
صفحته في موقع «فيسبوك»، واصفاً فيه ما تعرَّض له من ضرب
وتعذيب على أيدي جنود
الداخلية، ذلك بعنوان «أنا اتضربت ليه»، مؤكداً أنه وعلى رغم كل ما حدث له
إلا أنه
سيواصل المسيرة والنضال لأجل التغيير.
دفاع
المخرج يسري نصر الله يقول إنه لا يعرف تفسيراً لما يحدث الآن، سواء من
فراغ
أمني، أو مؤامرات أو محاولات تشويه صورة المتظاهرين واتهامهم
بالتخريب، بالإضافة
إلى ضربهم وقتلهم كما حدث أخيراً في ميدان التحرير.
ويتساءل نصر الله موضحاً: «في النهاية، الأمر كله غير مقبول فكيف يمكن أن
يضحّي
شخص بأمن بلده لمجرد أنه لا يرغب في التخلّي عن كرسيه؟».
بدوره، كان الفنان أحمد وفيق أيضاً حريصاً على المشاركة في التظاهرات منذ
بدايتها وحشد الجماهير والدفاع عن الممتلكات الحكومية، بل إنه
تفرّغ في أحيان كثيرة
للدفاع عن زملائه. حتى أن أحد المتظاهرين وجّه السباب للمخرج خالد يوسف،
مستنكراً
وجوده بين المتظاهرين، ومتهماً إياه بتشويه سمعة مصر، فما كان من وفيق إلا
أن التفت
إليه وبدأ في رد الهجوم عن يوسف.
كذلك، كان لوفيق دور كبير في تجميع الناس ودفعهم إلى مواصلة المشوار. يقول
في
هذا الإطار: «لدي طموحات سياسية، أهمها أن يعود الأمن
الاجتماعي الى مصر، فلا حياة
من دون استقرار. لا أنكر أنني تغيرت كثيراً بعد مشاركتي في التظاهرات
الأخيرة، فقد
اكتشفت أن الأجيال الجديدة من الشباب أكثر تفتحاً ووعياً، ورأيت صورة مشرفة
للشباب
الذي لا ينتمي إلى أي أحزاب سياسية وكل ما يعنيه هو مستقبل أفضل لهذا البلد.
باختصار، خرجت من التظاهرات فخوراً بالشباب المصري وبزملائي الفنانين الذين
شاركوا
بكل حماسة فلم يخشَ أحدنا على مستقبله الفني بعدما كشفنا النظام لأننا جزء
من الشعب
ولسنا جزءاً من النظام الذي يقتل شعبه ليظل في موقعه».
وإن كان بعض الأسماء السابقة معروفاً بآرائه السياسية، إلا أن ثمة فنانين
لم
يعدهم الجمهور ذوي مبادئ سياسية. مثلاً، كانت جيهان فاضل
مفاجأة الشارع المصري
عندما شاركت في التظاهرات لأننا لم نعرفها يوماً صاحبة مواقف سياسية، بل
طالما كانت
بعيدة عن الحياة السياسية.
كما فاضل، فاجأت شيريهان الكثيرين بدعمها للثورة الشعبية من خلال مداخلة
هاتفية
في أحد البرامج قالت خلالها إنها تدعم الشباب المتظاهرين وتود
أن تتبرع لهم بدمها
لولا أنه مسرطن وهي المداخلة التي تأثر بها الكثيرون.
آسر ياسين أيضاً أصرَّ على التواجد والهتاف بقوة مع الشعب المصري، ولم
يتوقف عن
التواجد في ميدان التحرير وغيره من ميادين القاهرة.
هروب
المخرج علي رجب المعروف بحبّه للنظام المصري وتأييده الشديد لمحمد حسني
مبارك،
شوهد في شوارع مصر يسير في تظاهرات مع الشعب تطالب برحيل
الرئيس. عن موقفه يقول رجب
إنه لم يتغير فهو يعشق الرئيس وحبه له زاد بعدما أثبت بطولته لأنه لم يهرب
مثل بن
علي وأصر على أن يتحمل نتائج ما يحدث في الشارع المصري. أما عن تواجده في
التظاهرات
فيوضح رجب أنه جاء للمطالبة بالتغيير وبمجمل المطالب العادلة
التي لا يختلف عليها
أحد بمن فيهم الرئيس نفسه.
في الوقت نفسه، وجدنا تلك الوجوه المعروفة والتي توقّع كثر مشاركتها في
التظاهرات مثل خالد أبو النجا وعمرو واكد والإعلامي حمدي قنديل
والسيناريست محمد
العدل، وأولئك شاركوا بكل قوة وكان لهم دور كبير في حشد الجماهير منذ بداية
الأحداث
وتعرضوا لسخافات الأمن، وتحمّلوا الضرب والإهانات والإصابات... وذلك كله لم
يضعف
موقفهم بل زادهم قوة وصلابة.
ولا ننسى أولئك الفنانين الذين عبروا عن رغبتهم في المشاركة في الأحداث
لولا
وجود ظروف تمنعهم من ذلك، ومن بينهم فاروق الفيشاوي الذي
يتواجد راهناً في الأردن
لتصوير فيلم سينمائي، وقد أكد رغبته في المشاركة والتفاعل مع الشعب المصري
لولا
ظروف السفر.
كذلك، أكَّدت بسمة رغبتها في المشاركة لولا أنها خارج الوطن خلال هذه
التظاهرات
الغاضبة المنددة بالفساد والظلم، مشيرة إلى أن الشعب المصري
قال كلمته وعلى النظام
أن يسمعها ويحترمها.
يبقى أن نذكر هؤلاء الفنانين الذين كشفوا عن وجههم الموالي للنظام والسلطة
منهم
عمرو مصطفى الذي نظَّم عدداً من التظاهرات أمام مسجد مصطفى
محمود وفي ميدان التحرير
وزينة وغادة عبد الرازق ومحمد صبحي وعزت العلايلي وصابرين ومي كساب وإلهام
شاهين،
وحنان ترك وماجدة زكي وغيرهم من خلال آرائهم الموالية التي تتهم المتظاهرين
بالبلطجة في كثير من الأحيان و»الصياعة» بحسب تعبير زينة في
إحدى المداخلات
الهاتفية.
تقول غادة عبد الرازق إن الفنان لا بد من أن يكون له موقف سياسي واضح ولكنه
يفضّل ألا يكشف عنه كي لا يخسر جمهوره، مؤكّدة أنها ترددت
كثيراً في الخروج لتأييد
الرئيس مبارك في التظاهرات الداعمة له ولكنها في النهاية فضّلت مصلحة الوطن
على
مصلحتها الشخصية وخرجت إلى الشارع لإعلان موقفها على رغم تحذيرات أصدقائها
لها.
تضيف غادة أن دورها
كفنانة يحتّم عليها الخروج إلى الجماهير وتوعيتهم بحكم حبّهم
لها مؤكدة أنها لن تترد مطلقاً في خدمة وطنها.
تشدّد غادة على أن حس الفنانين الوطني يجب أن يتغلّب على المصالح الشخصية
في ظلّ
وجود أطراف كثيرة ترغب في إفساد الحياة في مصر وتراجع مكانتها،
لافتة الى أن على
الفنانين أن يساندوا الشرعية والدستور والقانون وألا ينساقوا وراء
التظاهرات.
من جهتها، تقول زينة إن موقفها السياسي من الرئيس مبارك واضح جداً من
البداية
لكنها لم تنزل إلى الشارع إلا عندما وجدت الشباب يقومون بأعمال
التخريب وليس
التظاهر السلمي كما كان في البداية، مؤكدة احترام الرئيس للشباب المصري ذلك
من خلال
قيامه بإصلاحات كثيرة طالبوا بها.
تطالب زينة الشعب المصري بأن يمنح الحكومة الجديدة فرصة للعمل وتحقيق مطالب
الجماهير مؤكدة على أن استمرار المواطنين في الشارع لن يكون
مجدياً وإنما سيؤدي إلى
شلل الاقتصاد المصري وتوقّف الحياة في الشارع المصري تماماً.
أما عمرو مصطفى فاعتبر أن الفنان لا بد من أن يكون موقفه السياسي واضحاً
للجماهير مضيفاً بأن هذا الأمر طبيعي ومعترف به في مختلف أنحاء
العالم حيث يساند
الفنانون المرشّحين في الانتخابات الرئاسية لجذب أكبر عدد ممكن من الأصوات.
يقول مصطفى إنه خرج للتعبير عن رأيه في أحداث مصر باعتباره مواطناً مصرياً
يرى
أن الرئيس مبارك خدم مصر لمدة 30 عاماً لم يشعر فيها يوماً
بالخوف، مؤكداً على أن
أعمال العنف التي صاحبت التظاهرات جعلته يشعر بعدم الأمان للمرة الأولى في
حياته.
يحمّل مصطفى وسائل الإعلام العربية مسؤولية أعمال العنف التي شهدتها مصر
أخيراً،
مشدداً على أنها ساهمت في تضخيم الأمور وأحدثت بلبلة في الشارع المصري
لنشرها
أخباراً خاطئة وإعادتها بث لقطات تظهر فيها أحداث العنف.
مواقف
عمرو واكد الذي انطلق في التظاهرات منذ 25 يناير، يؤكد أن الفنان مواطن ومن
حقه
التعبير عن رأيه، مشيراً الى أنه استخدم حقه الدستوري في
التظاهر والتعبير عن رأيه
بحرية.
يقول واكد إن مشاركته في التظاهرات جاءت نتيجة رفضه الأوضاع القائمة في مصر
سواء
اقتصادياً أو سياسياً أو اجتماعياً في ظل وجود عدد كبير من
أبناء الشعب المصري تحت
خط الفقر، وعدم حصول الشباب على فرص عمل وتدنّي الرواتب بشكل كبير وعدم
ملاءمتها مع
الأسعار والأجور.
يؤكّد واكد أن الشعب المصري كان بحاجة إلى الانطلاق إلى الشارع للتعبير عن
رأيه
بحرية، والتمرّد على الأوضاع القائمة، مشدداً على أن ما حدث من
تزوير للانتخابات
وفقدان الشعب قدرته على اختيار ممثليه في مجلس الشعب كان أحد أبرز الأسباب
التي
دفعت المواطنين إلى التمرّد.
وعلى رغم اعترافه بقلقه من تأثير مشاركته في التظاهرات على أعماله الفنية
في ظل
الأوضاع الأمنية، إلا أن واكد يؤكد أن الحياة تصبح بلا معنى
إذا فقد الإنسان أبسط
حقوقه، من بينها حرية التعبير عن الرأي.
من جهته، يعتبر خالد أبو النجا أن على الفنان أن يؤدي دوراً في توعية
المواطنين
السياسية، لا سيما في الدول النامية مثل مصر والتي تقل فيها
نسبة المشاركة
السياسية، لافتاً إلى أنه دعا سابقاً الى إجراء إصلاحات سياسية فاعلة
للحفاظ على
الشعب المصري من مرحلة الفوضى.
يؤكّد أبو النجا أنه مستمر مع المتظاهرين المطالبين بتنحّي الرئيس مبارك
وتخلّيه
عن السلطة، فهو يعتبر أن هذا الطريق هو المنفذ الوحيد لإعادة
الاستقرار إلى
مصر.
الجريدة الكيويتية في
07/02/2011
حينما يمرض المجتمع...
تمرض السينما!
محمد بدر الدين
سواء في ما يتعلّق بصورة القبطي في السينما المصرية أو بصيغة العلاقة بين
القبطي
والمسلم، يعكس الفن السينمائي الواقع بطبيعته وروحه، ولا تختلف
في ذلك السينما
التجارية والشعبية البسيطة عن السينما الفكرية المعبّرة عن موقف ورؤية.
في السينما القديمة، ظهر ببساطة حسن ومرقص وكوهين من دون عقد أو تعقيد،
وإذا
وُجه إلى أحدهم انتقاد أو قُدم بملامح كاريكاتورية على نحو ما،
يتقبّل المجتمع ولا
يضيق ذرعاً، لأن أحداً لم يكن يحمل ضغينة للآخر، وكان حسن النية هو السائد.
ينطبق هذا الأمر على اليهود أيضاً ولا ننسى الصورة الإيجابية المحترمة التي
جاءت
عليها شخصية اليهودي (سليمان نجيب)، في فيلم نجيب الريحاني
الشهير «لعبة الست»،
الذي يضطر إلى السفر إلى جنوب إفريقيا مع تصاعد وتيرة الحرب
العالمية الثانية
واحتمال دخول الألمان إلى مصر بنازيتهم المعادية لليهود، فيترك المحلات
الكبرى التي
يملكها بعهدة حسن (الريحاني) المصري المسلم البسيط الذي يعمل في محلاته،
عبر اتفاق
أهم ما فيه الثقة بين الرجلين.
عند إعلان كيان إسرائيل بالحرب واغتصاب أرض فلسطين السليبة (1948)، فرّق
المجتمع
والشعب ومن ثم السينما، بين اليهودي المصري والعربي الذي رفض
النهب الصهيوني لأرض
فلسطين العربية، واليهودي الذي انحاز إلى المشروع الصهيوني الاستيطاني
التوسعي.
في ظل ثورة يوليو (1952 ـ 1970)، ظلت الحياة سليمة والوطن بكامل صحته
وعافيته،
لا يعرف تفرقة بين المسلمين وغير المسلمين، فأنتجت الفنانة
الكبيرة المسيحية آسيا
داغر فيلم «الناصر صلاح الدين» حول الصراع الذي قاده القائد المسلم
لاستعادة بيت
المقدس من الصليبيين أو «الفرنجة»، وأخرجه المخرج المسيحي يوسف شاهين، أحد
أعلام
السينما في مصر والعالم، كذلك أنتج رمسيس نجيب فيلم «وإسلاماه»،
والأمثلة في هذا
الصدد كثيرة ورائعة وواضحة.
لا ننسى أبداً أجمل مشاهد الصيام و{إفطار رمضان»، أكثرها عذوبة وصدقاً تلك
التي
رأيناها في فيلم «في بيتنا رجل» للمخرج المسيحي هنري بركات،
أحد أقطاب الإخراج
والإبداع في مسيرة السينما المصرية.
لكن عندما مرض المجتمع مرضت السينما كذلك الشاشة الصغيرة، فأثيرت منذ عقد
السبعينيات الماضية لغاية اليوم الأزمات وبدا ذلك واضحاً في
مسلسلات: «أوان الورد»،
«بنت
من شبرا»، «مين اللي ما يحبش فاطمة»، «يا رجال العالم اتحدوا»... وصولاً
إلى
فيلمي «بحب السيما» و{واحد صفر»...
لم يخفف من الغضب المسيحي، مثلاً، أن سمير سيف المخرج المقتدر المسيحي هو
مخرج
مسلسل «أوان الورد»، أو أن فيلم «بحب السيما» مؤلفه ومخرجه
مسيحيان وهما هاني
وأسامة فوزي، وفيه رأينا رب الأسرة (محمود حميدة) مسيحياً متزمتاً يضيّق
على أسرته
فيمنع زوجته (ليلى علوي) من ممارسة هوايتها في رسم اللوحات، وإبنه من
الذهاب إلى
السينما... قدم الفيلم الشخصيات كبشر طبيعيين، بينهم المتشدد
والمتسامح والشباب
الذي يعشق الحياة...
ساهم ضعف النظام في الداخل وبداية اهتراء أو تفكك الدولة في ازدياد التشنج
في
المجتمع والالتباس بين المسلم والمسيحي، ووصل الأمر إلى ذروته
بعد المذبحة التي راح
ضحيتها 22 شخصاً من الأقباط أثناء حضورهم قداس ليلة رأس السنة 2011 في
كنيسة «القديسين» في الإسكندرية، كل ذنبهم أنهم
أرادوا أن يحتفلوا بالعيد وأن يصلّوا
ويتبادلوا التهنئة، فلقوا حتفهم على أيدي جناة أوصلوا المجتمع
إلى حالته المريضة
وتفكيكه المطرد منذ ما عرف «بحادث الخانكة» في مطلع السبعينيات الكئيب وحتى
اليوم.
مهما قلنا، حول السينما والفنون، فإنها تظل امتداداً وانعكاساً وتصويراً
لواقع
ومناخ، إذا كان صحيحاً صحياً تألقت وأبدعت بقوة، وإذا ترنح
واضطرب تعاني بدورها
وتهتز صورتها بشدة وقسوة.
الجريدة الكيويتية في
07/02/2011 |