ليس أمراً جديداً أن تكون طنجة الواقعة في أقصى الشمال الغربي من المغرب
مدينة
اللقاء بامتياز. غير أن الاكتفاء بهذا التأكيد المتوارث سيحجب عن الرؤية
أموراً
كثيرة إذ يوحي، في أحسن الأحوال، بنوع أو نوعين من اللقاءات غالباً ما
يكونان
جغرافيين،
لكن الواقع إن هذه المدينة التي تبدو للوهلة الأولى مماثلة
لمئات المدن الساحلية تتميز بأن اللقاءات التي تعبّر عنها متعددة الى درجة
مدهشة،
من اللقاء الأكثر وضوحاً بين البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي (وهو
لقاء يمكن
رصده من نافذة الفندق) الى اللقاء بين أوروبا وأفريقيا (إسبانيا قريبة جداً
الى
درجة انها ترى – من نافذة الفندق أيضاً في أي يوم صحو)، مروراً باللقاء بين
الحاضر
الأكثر حداثة والماضي الأكثر إيحاء بدءاً من المطار الذي يحمل اسم ابن
بطوطة الى
بارات ومقاه تجول فيها أشباح صامويل بيكيت وترومان كابوتي وبول بولز
وويليام بوروز
وغيرهم من كتاب وفنانين غربيين ارتبطت أسماؤهم باسم المدينة إذ اختاروا ان
يعيشوا
يوماً سحرها وكوزموبوليتها وشرقها (الحقيقي أو المتخيّل). ويعرف كثر بالطبع
أن
اللائحة يمكن أن تطول وصولاً الى السينما مروراً باللقاءات العرقية
واللغوية
والأيديولوجية وتلك التي تجمع بين شتى ضروب الحرية – الى درجة حرية قرصنة
الأفلام
وكل أنواع الماركات العالمية.
من هنا لم يكن غريباً ان يستقر، منذ سنوات،
الاختيار على طنجة كي يقام فيها سنوياً
المهرجان الوطني للسينما المغربية. وهي تلك
التظاهرة الفريدة التي تعرض ما تم إنتاجه من أفلام خلال العام المنصرم أمام
لجنتي
تحكيم تختاران أفلاماً مميزة – في رأيهما - لمنحها مجموعة جوائز نقدية أقل
ما يقال
عنها إنها مشجعة. هذه الجوائز تقدّم من المركز الوطني للسينما الذي يكون هو
نفسه من
انتج أو ساهم في إنتاج العدد الأكبر من الأفلام المعروضة ناهيك بأنه هو من
ينظم
المهرجان. ولعل أول ما يلفت النظر هنا هو أن اللجنتين التحكيميتين اللتين
تحكمان
بين الأفلام ليستا مؤلفتين من سينمائيين ونقاد مغاربة فقط بل من أهل فكر
ومهنة يؤتى
بهم من بلدان وقارات عدة. بالنسبة الى نور الدين صايل، الناقد المعروف
ورئيس المركز
السينمائي المغربي الذي يقف منذ سنوات خلف هذا كله، من المهم ان تشاهد
الأفلام من
وجهات نظر متنوعة وان يحكم عليها من خارج المنظومة المحلية التي غالباً ما
تحمل
أهواءها وصراعاتها وتميل الى أن تحكّم بها اختياراتها.
ضجيج ما
ومع
هذا لا يخلو الأمر من سجالات واحتجاجات تشغل أيام المهرجان حتى وإن كان قد
لوحظ هذا
العام ان الهموم السياسية العربية بدت أكثر طغياناً. ذلك ان «صدف التاريخ»
جعلت
أحداث تونس ولبنان ومصر تواكب المهرجان لتكشف عمق اهتمام الطبقة السينمائية
المغربية بما يدور في البلدان العربية. مهما يكن لا بد أن نقول هنا ان الهم
السياسي
لم يمنع من احتدام السجال حول الأفلام في شكل زاد من حدته انه إذا كان هناك
فرح
بالكمّ الإنتاجي السنوي الذي بات يضع المغرب في موقع متقدم بين الدول
المنتجة (بما
يقارب العشرين فيلماً طويلاً ونحو ضعفها من الأفلام القصيرة سنوياً)، فإن
ثمة في
المقابل قلقاً عاماً يتعلق بالمستوى الذي يبدو هذا العام في شكل خاص
متراجعاً عن
أعوام سابقة وعلى الأقل في مجال الأفلام الطويلة حيث لوحظ ان المستوى العام
للأفلام
القصيرة أتى أرفع بكثير. كان السؤال الحائر أمام ما لا يقلّ عن نصف الأفلام
المتسابقة ليس كيف أدخلت الى المسابقة بل كيف أنتجت أصلاً وكيف حدث أن
عددها في
ازدياد نسبة الى مجموع ما أنتج هذا العام، والأدهى من هذا ان بعض هذه
الأفلام («خمم»
لعبدالله تكونة و «ميغيس» لجمال بلمجدوب و «الخطاف» لسعيد ناصري) نال
تصفيقاً من الجمهور العادي فيما كان أهل السينما والنقاد ينددون به. مهما
يكن فإن
جواب ناقد مغربي راح يسخر من الأمر كله: إننا في حاجة الى كل شيء كي نصنع
عالماً.
وهذا صحيح على أية حال. فالمغرب اليوم يريد أن يحقق إنتاجاً
سينمائياً متشعباً وحقيقياً بعدما ساهم
طليعيو سينمائييه في الحقب السابقة في صنع
سينما تنتمي الى الثقافة السينمائية. هؤلاء لهم اليوم مكانهم ومكانتهم غير
أن كثراً
منهم إذ يتأملون ثلاثة أو أربعة من قدامى السينمائيين المكرمين في حفل
الافتتاح
يحسّون بشيء من الرعب: يخافون أن يصبحوا بدورهم مكرمين أي متحفيين،
وبالتحديد تحت
وطأة زحف جيل سينمائي جديد يبدو في بعض الحالات متميزاً. وكذلك تحت وطأة
ردود الفعل
التي تكون من نصيب مخضرمين إذ يصرون على الاستمرار في تحقيق أفلامهم حتى
وإن أوصلهم
ذلك الى حافة الفشل.
فلسطين والمخضرمون
بالنسبة الى الحال الثانية
يبرز مثال المخرج المخضرم عبدالله المصباحي الذي على رغم بلوغه
التسعين وأمراضه
وعدم قدرته على الحركة لا يزال مصرّاً على
استكمال طريق سينمائي لم يحقق اي نجاح في
أي يوم. وها هو هنا يشارك بفيلم طويل «يعدنا» بأنه فاتحة «ثلاثية» عن
فلسطين. هذا
الفيلم يحمل عنوان «القدس حي المغاربة» وهو، نظرياً على الأقل، يتطلع الى
سرد حكاية
حيّ في مدينة القدس كان صلاح الدين أقطعه لمقاتلين أتوا في تلك الأزمان
لمشاركته
القتال. ويربط الفيلم تلك التسمية بكون المغرب في شخص ملكه رئيساً للجنة
القدس في
زمننا هذا. كل هذا منطقي وكان في إمكانه ان يصل الى حكاية نزيهة لطيفة حول
شخصيات
محورية تعود من فلسطين الى المغرب تحت ضغط الأحداث. وهذا موجود في الفيلم
الى جانب
أطنان من النوايا الطيبة لمخرجه وأطنان من المواقف الوطنية.
لكن النتيجة في
نهاية الأمر أتت ساعتين مضجرتين من القصّ واللزق ومن الثرثرة ومن المواقف
المفتعلة
ومشاهد نشرات الأخبار. بين مشاهد لإلقاء الراحل محمود درويش قصائده
والدراما
العائلية والمجازر الإسرائيلية وكل شيء كل شيء كل شيء ... ما عدا حيّ
المغاربة نفسه
الذي لم يكن له نصيب من الفيلم سوى عنوانه وبعض الجمل العابرة. طبعاً لا
يتوجب لوم
المصباحي الذي أمضى حياته وهو يفهم السينما على هذا النحو و... يحب فلسطين
ويريد أن
يحقق عنها فيلماً، ولكن يمكن التساؤل عما يفعله فيلم كهذا بين أفلام ينتمي
معظمها
الى أجيال جديدة من السينمائيين وربما الى حداثة سينمائية لا شك في
فاعليتها. كما
يمكن القول بالتأكيد ان مثل هذا الفيلم، معروضاً هنا، يساهم في صبّ الماء
في طاحون
الذين يريدون النيل من نور الدين صايل منددين باختياراته. غير أن هذا كله
لن يعفينا
من الإشارة الى ان هذا الفيلم الديماغوجي – بحسب وصف بعض النقاد له - نال
من
التصفيق اكثر مما ناله أي فيلم آخر، وبالطبع أكثر كثيراً مما ناله الفيلم
الآخر عن
فلسطين المشارك بدوره في المسابقة الرسمية. عنوان الفيلم هو «أرضي» ويدور
تحديداً
حول أرض فلسطين في لغة وثائقية تخرج الى حدّ ما عن المألوف. ذلك ان مخرج
الفيلم
نبيل عيوش الذي صار منذ سنوات أحد أبرز المخرجين ثم المنتجين في السينما
المغربية
أراد هنا ان يقدم مساهمة جديدة عن فلسطين. وبالتحديد مساهمة تنتمي الى
الزمن
الراهن. فأخذ كاميراه وفريق عمله ليشتغل في منطقتين تقعان على جانب وآخر من
الحدود
بين لبنان وإسرائيل: صوّر في مخيمات اللجوء الفلسطيني في لبنان، فلسطينيين
يتحدثون
عن أوضاعهم الراهنة كما عن ديارهم الفلسطينية السليبة وعن حنينهم، ثم عبر
الحدود
ليتحدث الى إسرائيليين من أجيال متنوعة ولا سيما من أجيال الشباب طالباً
منهم ان
يعلقوا على المشاهد التي التقطها للفلسطينيين. وكانت النتيجة مدهشة لأن
المشاهد
أثّرت بالفعل ولكن ليس الى حد إحداث أي تغيير في الذهنيات.
بالنسبة الى
الغالبية ليس ثمة مكان في هذا «السرير» إلا لحلم واحد ولئن كان الفريقان
يسميان
الأرض نفسها باسم واحد مشترك هو «أرضي» – ومن هنا عنوان الفيلم - فإن ياء
النسبة في
الكلمة تختلف جذرياً بحسب ناطقها. جميل ورائع الصورة من الناحية التقنية
فيلم نبيل
عيوش هذا، لكنه قاسٍ ومحبط تماماً من الناحية السياسية وهو بالتالي واحد من
أصدق
الأفلام التي حققت عن فلسطين في الآونة الأخيرة وبالتالي لن يعجب كثراً. هو
من
السينما التي تفرز متفرجيها ما يجعله النقيض التام وعلى المستويات كافة
لفيلم
عبدالله المصباحي.
الى هذا النوع الذي يفرز متفرجيه تماماً تنتمي أفلام عدة
عرضت ولا تزال في المهرجان الذي يختتم
أعماله ويوزع جوائزه غداً ولا يزال نصف
أفلامه لم يعرض حتى كتابة هذه السطور، ومن
أبرز الأفلام التي عرضت فيلم طلال
السلهامي الأول «أيام الوهم» الذي سبق عرضه
في الدورة الأخيرة لمهرجان مراكش، وفيلم «الجامع»
لداوود أولاد سيد. ولن نتوقف عند هذين الفيلمين إذ سنعود إليهما في كتابة
مقبلة لدى التقييم النهائي لنتائج المهرجان بعد صدور نتائج مداولات لجنتي
التحكيم
ولكن نكتفي بالقول إن «أيام الوهم» وفي كل المقاييس فيلم شديد الحداثة
ينتمي الى
زمن العولمة وينهل – لمرة نادرة في سينمات عربية اعتادت ان تنهل من منابع
اخرى غير
الفن السابع - ينهل من فن السينما نفسه محاولاً تحقيق فيلم من السينما وعن
السينما.
كثر لم يلتقطوا هذا البعد الما - بعد - حداثي في الفيلم، ولكن يبدو
في المقابل ان لجنة التحكيم التقطته بحيث يتكهن البعض بأنه مفضّلها حتى
الآن ينافسه «الوتر
الخامس» الكلاسيكي المغرق في جماليته وفي بعده الموسيقي موضوعاً وتركيبية
وهو من إخراج الشابة سلمى برقاش وستكون لنا عودة اليه. مع وجود هذه الأفلام
الثلاثة
وحدها منطقياً حتى اللحظة في تفضيلات المحكمين وجمهور السينمائيين يبدو عمل
لجنة التحكيم الخاصة بالأفلام الطويلة أقلّ صعوبة من عمل لجنة تحكيم مسابقة
الأفلام
القصيرة إذ هنا يبدو المشهد أفضل وبالتالي أكثر تعقيداً وذلك انطلاقاً من
ملاحظة
تؤكد أن ما عرض من أفلام قصيرة يتميز – وكثيراً أحياناً - عن الطويل
المعروض. هذا
الأمر سنعود إليه ولا سيما الى بعض الأفلام القصيرة المتميزة مثل فيلم سناء
عكرود «اعطني
الناي وغنّ» أو فيلم عبدالكريم الدرقاوي «المحاكمة» أو «القرقوبي» لجايس
زينون أو حتى «العرائس» لمراد الخودي. كل هذا سنعود إليه وفي الانتظار نركض
لنحصل
على مكان نجلس فيه وسط الزحام المدهش الذي تعرفه قاعة الندوات يومياً حيث
الواقفون
أكثر كثيراً من الجالسين وحيث تحتدم النقاشات. فالسينما في المغرب محط
سجالات وصخب
غالباً ما تتجاوز الأفلام. أوليس في هذا، دليل صحة وانتصار آخر للسينما؟
الحياة اللندنية في
28/01/2011
عدي رشيد: أشحذ سكيني على المجتمع العراقي
في «كرنتينة»
أبو ظبي - فيكي حبيب
تغوص كاميرا المخرج عدي رشيد في فيلمه الروائي الثاني «كرنتينة» في عمق
المجتمع
العراقي فيعرّيه من خلال مكاشفة صريحة مع الذات، راسماً صورة
قاتمة لنفوس مضطربة
معزولة وراء جدران من الخوف، بما يشبه كرنتينات أيام زمان.
صحيح لم يشهد التاريخ كرنتينات مخصصة لأصحاب الأمراض النفسية،
بما ان الحجر الصحي كان يمارس على أصحاب الأمراض الجسدية
المعدية بغية تجنيب العالم
خطر انتشار الأوبئة... ولكن أليست الصورة مشابهة حين نتحدث عن مجتمع تنخر
جسده
مفاهيم راسخة تقوده نحو السقوط، تماماً كما يتفشى المرض في جسم
المصاب فيُرديه؟
على الأقل هذا ما تشي به شخصيات الفيلم. هنا، وخلافاً للمعهود، الأبطال لا
يرشحون إيجابية، أو على الأقل يتوزعون بين شخصيات إيجابية
وأخرى سلبية، إنما هم
جميعاً شخصيات غارقة في السواد، في انعكاس مباشر لمجتمع لا يُمكن إلا ان
يُخرّج
نفوساً ممزقة.
حروب داخلية
في «كرنتينة» (هي أيضاً اسم منطقة معروفة
في بغداد) خمس شخصيات تتشارك داراً واحداً وأزمات مجتمع: في الطابق العلوي
شاب
ثلاثيني (لم يشأ المخرج ان يمنحه اسماً) تحوّل الى قاتل مأجور بعدما خلع
عباءته
الجامعية وارتدى لباس الميليشيات في عراق ما بعد الاحتلال
الأميركي. وفي الطابق
الأرضي عائلة ممزقة مكوّنة من أب متسلط («صالح») تدور حوله شكوك في ما خصّ
قضية
تتعلق بزنى المحارم، وابنة مصدومة («مريم») لا تنبس ببنت شفة على امتداد
دقائق
الفيلم، حتى بعد استعانة والدها بمشعوذة لاستخراج «ابن
الشيطان» الذي تكوّن في
أحشائها. وهناك أيضاً زوجة الأب («كريمة») التي لا تتوانى عن خيانة زوجها
الذي
يكبرها بعشرات السنوات مع ساكن الطابق العلوي، وأخيراً ابنها الطفل
(«مهند») الذي
ترك مقاعد الدراسة ليعمل ماسحاً للأحذية نتيجة ضغوط الحياة.
·
شخصيات سلبية
تعيش حروبها الداخلية بصرف النظر عما يحدث في الخارج من دمار
وقتل واحتلال. ولكن،
أليست الحروب الداخلية هذه انعكاساً لتأثيرات حرب الخارج؟
«الحرب
داخل
النفس البشرية في اعتقادي من أشرس الحروب»، يقول عدي رشيد لـ»الحياة» أثناء
مشاركته
في مهرجان أبو ظبي، ويضيف: «صحيح هي تمتزج مع تأثيرات حروب تقليدية، سواء
كنا نتكلم
عن احتلال او عن حرب اهلية، لكنني من الناس الذين يؤمنون انه قبل ان أفهم
الآخر،
يتوجب عليّ ان أفهم نفسي، عندها افهم علاقتي بالآخر. ولكن،
للأسف المجتمع العربي،
عموماً، يعاني من مشكلة جبن في مواجهة الذات. نعم، الخارج له تأثير كبير
علينا وعلى
مسار حياتنا، ولكن قبل هذا الخارج هناك قرارات اتخذناها واتفقنا عليها
بلاوعينا،
وهذا ما يثير رعبي. من هنا شحذت سكيني على مجتمعي في هذا
الفيلم في سبيل ان اعلن
قدرة المثقف العراقي على مواجهة نفسه ومجتمعه. نحن مسؤولون عن الطريقة التي
حكم بها
صدام حسين... نحن مسؤولون عن الطريقة التي انتهى بها... نحن مسؤولون عن
دخول القوات
الأميركية الى العراق... نحن مسؤولون عن الحرب الطائفية». فهل المجتمع
العراقي قادر
على النقد الذاتي؟
«طبعاً»،
يجيب رشيد، «فنحن نتكلم عن مدينة عمرها 1400
سنة. عن بلد عمره اكثر من 6 آلاف سنة. عن وطن حيّ لا يمكن
اغتياله. وطن لا بد
لأبنائه من ان يصحوا. طبعاً هذا لا يتم بالتمني او بالعمل النضالي، ولكن من
خلال
الثقافة والإصرار وعدم خوف المثقف من تداعيات الأحداث».
وإذ يشدد رشيد على
دور المثقف في التغيير، يسأل: «كم كرنتينة يوجد في مجتمعنا العراقي
والعربي؟ للأسف
الكرنتينات متجاورة، وقد لا تكون هناك مساحة لحدائق بين
كرنتينة وكرنتينة». فهل
يكمن السبب في المجتمع الذكوري الذي صوّره الفيلم؟
«أعتقد
ان احد أسباب
تخلفنا هو المجتمع البطريركي الذي نعيش فيه، كونه مبنياً على فكرة الإقصاء
بتكريسه
سلطة مطلقة للذكورية. فالذكر بمفهومه هو المركز، وكل ما عداه يتحرك من
حوله. في هذا
الفيلم، اعرف أنني سأُلعن من الذكوريين، والمتسترين وراء الدين لأهداف
بشعة،
والسياسيين... لكنّ هذه اللعنة مدعاة فخر بالنسبة إلي، فأنا
أؤمن بأمي بمقدار ما
أؤمن بحبيبتي. أؤمن بأن المرأة شريكتي في الحياة، وان سلطتي عليها لا تتعدى
إطار
الحب».
انتصار للمرأة
أمام هذا الكلام لا يعود غريباً ان يكون
الانتصار في نهاية الفيلم للمرأة على حساب رجلي الفيلم، فالأول (القاتل
الماجور)
تكون التصفية الجسدية في انتظاره بعد
تجاوزه تعليمات رئيسه بتصفية اناس لم تشملهم
قائمة الموت. والثاني (الأب) يواجه الهجر بعد ان تغادر زوجته
بيت الزوجية برفقة
ابنته، قبل ان يلحق بهما الفتى «مهند»، الذي جاءت خطوته هذه لتنادي بأمل في
مستقبل
يرسمه جيل يمثله «مهند»، الذي قرر ان يستبدل السكين بكتاب، لأنه بنظر
المخرج «مسؤول
عن فكرة الرجولة القادمة».
إذاً نهاية مفتوحة على أمل، كسرت المرأة فيها
قتامة الأحداث حين قررت ان تمسك قرارها بيدها، وكأن المخرج أراد ان يقول ان
التغيير
إنما ستقوده نساء ينتفضن على واقعهن.
ولا يخفي رشيد إيمانه بأن التغيير في
المجتمع لا يمكن ان يحدث دون ان يكون للمرأة دور رئيس فيه. و»برأيي، على
المرأة
ألاّ تنتظر الفرصة من الرجل، انما ان تأخذ المبادرة بنفسها. من هنا، ارى ان
اخطر
وجوه «الديموقراطية» الحديثة في العراق هو وضع «كوتا» ثابتة
للمرأة في البرلمان.
فإذا كان هذا المجتمع غير قادر على ان ينتج امرأة سياسية بنسبة معينة
ويدخلها الى
البرلمان، فهذا يعني ان هناك مشكلة في المجتمع، كما أن هناك مشكلة في
مفهومنا
للديموقراطية. هذا النظام عليه ان يكون مدعاة خجل للمرأة، لأنه
يعني انها موجودة في
البرلمان ليس بقوة الناخب إنما بقوة الكوتا. وهذا برأيي ملخص بسيط عن أزمة
المجتمع».
رشيد الذي يقول ان
حياته رسمتها 4 حروب متتالية على العراق (الحرب
العراقية الإيرانية، احتلال الكويت، الاحتلال الأميركي، وبينها «حرب اشرس
من هذه
الثلاث، هي حرب الجوع في التسعينات»)، يرى ان السينما «هي بالدرجة الاولى
ممارسة
وجودية. هي فعل التقرب من المطلق على طريقتي. وأحد اوجه هذا
الفعل هو الانعتاق من
كل القيود، من هنا ترين أنني لا اهتمّ بصناعة فيلم بمقاييس تجارية».
·
ولكن،
ألا يهم صاحب «غير صالح للعرض» ان يصل فيلمه الثاني الى
الجماهير
العريضة؟
«أتمنى
ان يصل الى أكبر عدد من الناس. ولكن هذا لا يعني أن
أقدم تنازلات. فإذا نظرنا الى البلدان الأوروبية التي نجحت في
هكذا أفلام، نرى أن
صانعيها ضغطوا كثيراً لكي تنجح. من هنا أهميه المركز العراقي للفيلم
المستقل الذي
أسسناه في بغداد، والذي يضم نحو 85 شاباً من مختلف الاختصاصات. شباب يتشارك
الهمّ
الواحد، ويجعلني أراهن على السينما العراقية المقبلة».
ورغم ان «كرنتينة»
يواصل جولة المهرجانات، وأحدثها مشاركته
التي بدأت امس في مهرجان روتردام السينمائي
الدولي ضمن تظاهرة «مستقبل لامع»، وتتواصل حتى الإثنين المقبل،
بعد مهرجان أبو ظبي
الذي شكّل محطته الأولى، ومهرجان وهران الذي منحه جائزة لجنة التحكيم
الخاصة، ينتظر
عدي رشيد بحماس عرض فيلمه تجارياً في العراق. ويعبّر عن حماسه قائلاً:
«للمرة
الأولى منذ 20 سنة يعرض فيلم تجاري في العراق، وما هذا إلا جزء
من إعلان
المشاكسة».
الحياة اللندنية في
28/01/2011
وجهة نظر - «السينما المغربية» بين
«الخطاف»
و«البراق»!
مبارك حسني
الدورة الثانية عشرة للفيلم المغربي المعقودة حالياً، دورة عُشرية جديدة،
بعد
عُشريتين عرفتا حضوراً سينمائياً ملموساً. الأولى تأسيسية، ثم
تكريسية في مرحلة
ثانية. تأسيس لما نُطلق عليه الإنتاج المتواتر المستمر الذي لا يتعرض
لانقطاع ما،
كما حدث في عقدي السبعينات والثمانينات. ثم تكريس وتأكيد هذا الإنتاج منذ
بداية
الألفية الثالثة.
وخلال كل هذه المدة، لم يتم التطرق كثيراً بالنقاش والجدال الموضوعيين
والعميقين
للمضامين والأهداف والمأمول من هكذا حضور للفيلم المغربي كنتاج
فرجوي يروم السوق
الوطنية وأيضاً، وهذا هو المهم، كمنتوج فني إبداعي غرضه التعبير الفني
الحقيقي
والوظيفي بما هو شكل رمزي يمثل كل ما يميز المغرب.
ونظن أن آن الأوان كي نناقش الفيلم الذي نريد فعلاً، بعدما تحقق شرط
الإنتاج،
وبعدما انخرطت الدولة في شكل واسع في دعمه وخلق ظروف إشعاعه
وطنياً ودولياً. وبعد
تجاوز كل الكلام التبريري والموافق والمهادن الذي يرى بأن ندعم الفيلم
أولاً من دون
النظر كثيراً في جودته وقيمته ومحموله من جهة الموضوع ومن جهة التناول.
فالحالة
أننا بكل الفيلموغرافيا المحترمة في عدد لا بأس به من أعمال،
وبما أوجدته من ظواهر «اجتماعية
إعلامية»، وولدته من معارك وصراعات وشد وجذب، بكل هذا لم نستطع بعد أن
نبعث روائع سينمائية ذات ألق عالمي، ولم يظهر من بين ظهرانينا مخرج من
شاكلة
العربيين يوسف شاهين وصلاح أبو سيف، ومثيل العميد الأفريقي
صمبين عصمان والإيراني
عباس كياروستامي. نذكر هذه الأسماء المشعة لكونها قريبة وجدانياً وجغرافياً
وتاريخياً وثقافياً منا وتتنفس هواءنا الروحي نفسه.
نعم، هذه في رأينا معركة السينما المغربية حالياً، بعدما استتبت كمعطى لم
يعد
يثير سوى سؤال الجديد والمستجد. ونطرح الأمر بعد أن تبين نزوع
بعض السينمائيين وبعض
المهتمين إلى الاهتمام بـ «إخراج» أفلام فقط، أي الاكتفاء بالمراكمة من دون
تمحيص
كبير، ومن دون دافع من أسئلة ملحة يتطلبها أصل وجود السينما في البلد.
فللتذكير،
السينما المغربية ليست منتوجاً مقاولاتياً أو تابعة لقطاع خاص،
ورهانها الأول كان
أن تعبر لا أن تسلي أو أن تكون مطية أو سبيلاً لمشوار حياتي واختراق مجتمعي
وربح
مادي أو طريقاً نحو الإنتاج السمعي البصري التلفزي! كيفما كان الشكل الذي
تتخذه هذه
الأفلام، شعبية، تجريبية، فنية، وفي أي نوع سينمائي تبدت، كوميدي، اجتماعي،
درامي،
فيلم حركة، بوليسي، تشويقي، تاريخي، إلخ... المهم أن تكون أفلاماً ذات نفس
حكائي
ومحتوى محترمين جداً ومرتكزين على قناعات وإعداد قبلي حقيقي.
ولا نبغي من وراء
الحديث أن تتم العودة إلى مرحلة الأفلام «المثقفة» أو «الغامضة» أو «غير
الكاملة»
التي كانت رهينة تذبذب البدايات.
والدورة هذه مناسبة للتفكير في التغيير والانتقال إلى مرحلة أكثر جذباً.
بما
أنها مفصلية زمنياً، وبما أن المهرجان صار قاراً وسنوياً منذ
سنوات قليلة. الأمر
الذي يمكّن من المتابعة والاستمرار، فالسينما من دون نقاش حولها يطاولها
النقص، وقد
تنحو مناحي غير مرغوبة خصوصاً إذا تم التساهل والانسياق وراء مقولة «عاونوا»
السينما المغربية. فهذا الإنتاج السينمائي المغربي لم يعد في حاجة إلى
المعونة بل
أن يكون نتاجاً إبداعياً بكل معنى الكلمة، وليس فقط منتوجاً يُستهلك ويذهب
أدراج
الرياح.
فما يُشاهد حالياً من ركام كبير جداً من الأفلام القصيرة التي بلا لون ولا
طعم،
كما ما ُيشاهد من أفلام طويلة تخرج إلى العلن تخرجها أسماء
قديمة وأخرى جديدة تطفر
من حيث لا ندري، تتضمن خليطاً يتطلب الغربلة وإعادة البوصلة نحو الخيارات
الأساسية
التي أرساها مثقفو هذا البلد قبل عقود. لأن الخيار المطروح حالياً ما بين
شريط يحقق
المداخيل مثل «الخطاف» (للكوميدي سعيد الناصري) الذي يعتمد على
الإضحاك فقط، وشريط
ينال الجوائز والتقدير النقدي مثل «البراق» للتجريبي محمد مفتكر، حتى وإن
كان من
دون أفق فني ممكن إعادة إنتاجه، يجعلنا في حيرة من أمرنا، ما يطرح السؤال
حول
مستقبل السينما المغربية.
الحياة اللندنية في
28/01/2011
كبار السينمائيين رفعوا الراية البيضاء
أمام نجوم الكوميديا وظروف السوق
القاهرة - سعيد ياسين
استسلم طوال الأعوام الخمسة عشر الأخيرة كبار
السينمائيين من مؤلفين ومخرجين
لظروف السوق التي ضخت جيلاً جديداً أحدث انقلاباً في نوعية الافلام التي
غلب عليها
الطابع الكوميدي الاستهلاكي بنجوم جدد طغت شخصياتهم على جميع من حولهم بمن
فيهم
المؤلفون المخرجون. من هنا لم يعد مهماً اليوم البحث عن قيمة فنية تبقي مع
الزمن
قدر اهتمام بتضمين أفلام أكبر قدر ممكن من الافيهات اللفظية
والايحائية للعب على
مشاعر جمهور شاب تسيطر السذاجة والسطحية عليه. وهكذا تعثرت عشرات المشاريع
السينمائية لدى الكبار وباتت حبيسة أدراجهم، خصوصاً أن المنتجين وجدوا أن
أعمالهم
لن تحقق النجاح الجماهيري ومن ثم المردود المالي الضخم سواء في
دور العرض أو من
البيع إلى الفضائيات السينمائية على رغم اعتراف بعضهم أنها يمكن أن تحقق
جوائز
كثيرة في مهرجانات عالمية وعربية ومحلية.
وفي الوقت الذي قاوم فيه بعض
الكبار، استسلم كثيرون منهم لظروف السوق تماماً ورفعوا الراية البيضاء
مكتفين بما
قدموه على رغم وجود أعمال جاهزة لديهم للتصوير.
ومن بين هؤلاء المؤلف
إبراهيم الموجي الذي لقب بـ «ساحر السيناريو» بعدما قدم عدداً
من روائع الأفلام
منها: «حب في الزنزانة» و «المشبوه»
و «قطة
على نار» و «النمر
والأنثى». كان آخر
عهد للموجي بالسينما عام 1998 من خلال فيلم «كوكب الشرق» الذي تناول حياة
أم كلثوم
وحققه محمد فاضل ولعبت بطولته زوجته فردوس عبدالحميد، وسقط
الفيلم سقوطاً مدوياً،
خصوصاً أن المسلسل الذي كان دشنه محفوظ عبدالرحمن وإنعام محمد علي ولعبت
بطولته
صابرين في العام نفسه كان حقق نجاحاً فاق كل تصور، علماً أن الموجي قدم
تجربتين في
مجال الإخراج هما «عيون الصقر» و «المرشد».
كما اختفى المخرج محمد راضي الذي
قدم عدداً من الأفلام المختلفة في مواضيعها ومضامينها ومنها «أبناء الصمت»
و «العمر
لحظة» و «وراء الشمس» و «أمهات في المنفى» و «الانس والجن» و «الهروب من الخانكة»
و «الحجر
الداير» وكان آخر عهد له بالسينما عام 1998 من خلال فيلم «حائط البطولات»
الذي لم ير النور إلى الآن لأسباب متفاوتة، وبعده قدم مسلسلاً تلفزيونياً (الكومي)
لم يلق النجاح المأمول فابتعد مع مشاريعه
السينمائية التي كان يحلم
بتنفيذها.
وكان المؤلف الدكتور يحيى عزمي صاحب ملحمة «الطوق
والإسورة» لعزت
العلايلي وشريهان وإخراج خيري بشارة عام 1986سبقه في الابتعاد من السينما
واكتفى
بدوره كأستاذ للسيناريو في المعهد العالي للسينما.
وهو ما تكرر مع الدكتور
محمد كامل القليوبي الذي كافح كثيراً بعد فيلميه «البحر بيضحك
ليه» و «3
على
الطريق» وقدم فيلمين لم يكتب لهما النجاح نفسه هما «أحلام مسروقة» و «اتفرج يا
سلام» حتى رأى فيلمه «خريف آدم» النور وفتح النجاح الكبير الذي
حققه شهيته وبطله
هشام عبدالحميد ومدير تصويره رمسيس مرزوق لتقديم المزيد وفكروا فعلياً في
تكوين
شراكة بينهم لتقديم أكثر من مشروع، وهو ما لم يحدث إلى الآن، على رغم وجود
سيناريو
لفيلم راهن كثيراً عليه القليوبي يحمل عنوان «الهتيف» كان يأمل
أن يقوم ببطولته
محمود عبدالعزيز، والقليوبي اكتفى أمام ظروف السوق برئاسته قسم السيناريو
في معهد
السينما إلى جانب إخراجه مسلسلي «الابن الضال» و «بعد
الطوفان».
قطيعة
وكان آخر عهد لسعيد مرزوق الذي ولد عام 1940
بالسينما عام 1998 من خلال فيلم «قصاقيص العشاق» وهو الفيلم الذي لم يحقق
أي نجاح
يذكر، وكان سبباً في قطيعة بين مؤلفه وحيد حامد ومرزوق بسبب
اتهام حامد له بإفساد
النص بعد تدخلاته فيه بالحذف والتعديلات، ومرزوق الذي قدم على رغم مشواره
الطويل مع
السينما عدداً قليلاً من الأفلام المهمة ذات القيمة الفنية والفكرية
العالية بدأها
بـ «زوجتي والكلب» عام 1971 ثم «الخوف» و «أريد
حلاً» و «المذنبون»
و «حكاية
وراء
كل باب» و «إنقاذ
ما يمكن إنقاذه» و «المغتصبون»
و «هدى
ومعالي الوزير» و «المرأة
والساطور» قام بمحاولات جادة للعودة إلى السينما من خلال فيلم «القنبلة
والمسطول»
لمصطفى محرم ولكن المشاكل الإنتاجية عطلت هذا الفيلم كثيراً، ما أدى إلى
اعتذار
مرزوق خصوصاً بعد تعرضه لظروف صحية صعبة، وذهب الفيلم بعدها إلى محمد فاضل
الذي رشح
لبطولته محمود عبدالعزيز ومن بعده عادل إمام، ثم دخل الفيلم
نفقاً مظلماً حتى استقر
عند محمد خان الذي رشح عدداً من الفنانين لبطولته كان آخرهم أحمد الفيشاوي
وروبي
وفاروق الفيشاوي وميرفت أمين، وجاء اعتذار الفيشاوي الصغير ثم والده ليعيد
الفيلم
إلى نقطة الصفر.
أما خيري بشارة فقدم هو الآخر عدداً من الأفلام
التسجيلية
المتميزة ومنها «صائد الدبابات» و «طبيب في الأرياف» و «طائر النورس» قبل أن يتجه
إلى تلك الروائية ويقدم عدداً لا يتناسب مع مشواره الطويل.
وبداية بشارة قبل نحو 30
عاماً من خلال فيلم «الأقدار الدامية» عام 1982 ثم «العوامة 70» الذي صنف
كبداية
للواقعية الجديدة في السينما المصرية. لكن بشارة ابتعد لمدة أربعة أعوام
قبل أن
يقدم «الطوق والإسورة» وأتبعه بفيلم كل عامين بداية بـ «يوم مر
ويوم حلو» مروراً بـ
«كابوريا»
و «رغبة
متوحشة» و «ايس
كريم في جليم» و «أميركا
شيكا بيكا» و «إشارة
مرور» و «قشر
البندق» والذي كان عام 1995 آخر عهد له بالسينما. وحاول أن يجد ضالته
في الدراما التلفزيونية التي فتحت ذراعيها لأبناء جيله فقدم
مسلسلات: «مسألة مبدأ»
و «ملح
الأرض» و «الفريسة
والصياد» و «قلب
حبيبة و «ريش
نعام».
وتكرر الأمر
نفسه مع داود عبدالسيد الذي قدم عدداً من الأفلام التسجيلية
منها: «وصية رجل حكيم
في شؤون القرية والتعليم» و «العمل
في الحقل» و «عن
الناس والأنبياء والفنانين» قبل
أن يقدم فيلمه الروائي الأول بعد
نحو 20 عاماً من تخرجه في معهد السينما «الصعاليك»
(1985).
ثم قدم «البحث عن سيد مرزوق» و «الكيت كات» و «أرض الأحلام» و «سارق الفرح»
و «أرض
الخوف». وفي عام 2001 قدم مرزوق «مواطن ومخبر وحرامي». وعلى رغم كل
التوقعات
بأن يواصل ابداعاته السينمائية الرائعة التي حاول فيها الخروج
على الأسلوب التقليدي
للسينما السائدة والتحرر من قيودها، إلا أنه لظروف السوق والمشاكل
الانتاجية توقف
لثمانية أعوام رفض خلالها كل الاغراءات لاتجاهه إلى الدراما التلفزيونية
قبل أن
يبصر فيلمه «رسايل بحر» النور العام الماضي.
عوالم الميهي
ويعد رأفت
الميهي واحداً من أبرز أبناء جيله حيث كتب عدداً من
السيناريوات وكوّن مع المخرج
كمال الشيخ ثنائياً رائعاً أثمر عن أفلام مثل «غروب وشروق» و «شيء في صدري»
و «الهارب»
و «على
من نطلق الرصاص» قبل أن يعلن عن نفسه مخرجاً سينمائياً من خلال
«عيون
لا تنام» وأتبعه بسبعة أفلام هي: «الأفوكاتو» و «للحب قصة أخيرة» و «السادة
الرجال» و «سمك لبن تمر هندي» و «سادتي آنساتي» و «قليل من الحب كثير من العنف»
و «ميت
فل» (1995)... إثر ذلك تجمدت مشاريعه السينمائية واختفى أيضاً عن الأضواء
قبل أن يقدم قبل عامين مسلسل «وكالة عطية» عن رواية لخيري شلبي.
من ناحيته
كافح محمد خان، أحد رواد السينما الواقعية في مصر، طوال 15
عاماً الأخيرة ليظل في
دائرة الضوء من خلال ثلاثة أفلام هي: «أيام السادات» و «بنات وسط البلد» و «في شقة
مصر الجديدة»، علماً أن أربعة من أفلامه التي قدمها عبر مشواره
والتي رصدت حياة
المصريين البسطاء وبدأها بـ «ضربة شمس» مروراً بـ «الثأر» و «موعد على العشاء»
و «الحريف»
و «مشوار
عمر» و «عودة
مواطن» و «فارس
المدينة» و «يوم
حار جداً» اختيرت
ضمن أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية وهي «زوجة رجل مهم» و «أحلام هند
وكاميليا» و «خرج ولم يعد» و «سوبر ماركت»، وعلى رغم وجود غير مشروع لديه أبرزها «ستانلي» إلا أنها لا تزال حبيسة الأدراج.
ومن الذين ابتعدوا أيضاً لظروف
السوق علي عبدالخالق الذي يعد واحداً من أهم مخرجي السينما العربية وهو ما
تجلى في
أفلامه «أغنية على الممر» و «بيت
بلا حنان» و «الحب
وحده لا يكفي» و «العار»
و «الكيف» و «جري الوحوش» و «بئر الخيانة» و «الوحل» و «اعدام ميت» و «المزاج»
و «عتبة
الستات» و «البيضة
والحجر». وعبدالخالق على رغم محاولته الحفاظ على وجوده
خلال الفترة الماضية من خلال أفلام «النمس» و «راندفو»
و «صيد
الحيتان» و «يوم
الكرامة» و «ظاظا»،
الا أنه فشل فشلاً مدوياً ما دفعه إلى الاتجاه إلى الدراما
التلفزيونية حيث قدم مسلسلات «نجمة الجماهير» و «أصحاب
المقام الرفيع» و «احلامنا
الحلوة» و «البوابة
الثانية» ولم يحقق فيها النجاح الذي حققه بعض زملائه الذين
اتجهوا إلى التلفزيون.
وبدأ المخرج سمير سيف في 1976 بإخراج فيلم «دائرة
الانتقام» لنور الشريف ومن بعده «قطة على نار» و «المتوحشة» و «المشبوه» و «غريب في
بيتي» و «احترس
من الخط» و «الراقصة
والسياسي» و «المولد»
و «الغول»
و «الهلفوت»
و «المطارد» و «شمس الزناتي» و «لهيب الانتقام» و «عيش الغراب» و «سوق المتعة»
و «معالي
الوزير» و «ديل
السمكة» الذي قدمه عام 2003 قبل أن يركز بدوره علي
التلفزيون ويقدم مسلسلات مثل «اوان الورد» و «الدم والنار» و «نور الصباح»
و «السندريلا»
و «بالشمع
الأحمر»...
وينطبق الأمر نفسه على بشير الديك الذي
قدم أول أفلامه «مع سبق الإصرار» وأتبعه بـ «سواق الأتوبيس» و «ضربة معلم» و «ضد
الحكومة» و «ناجي
العلى» و «النمر
الأسود» و «أيام
الغضب» و «زيارة
السيد الرئيس»
و «ليلة ساخنة» و «نزوة». وكان في موازاة ذلك كتب وأخرج فيلمي
«الطوفان» و «سكة
سفر» قبل أن يركز على المسلسلات التي وجدها متنفساً لإبداعه وقدم منها
«أماكن في
القلب» و «درب الطيب» و «ظل المحارب» و «الناس في كفر عسكر» و «حرب الجواسيس»
و «عابد
كرمان» الذي لم يعرض بعد، وفاجأ الجميع أخيراً بكتابته فيلم «الكبار» لعمرو
سعد وزينة وخالد الصاوي وأخرجه محمد العدل.
كما وجد مصطفى محرم بدوره ضالته
في الدراما التلفزيونية بعدما قدم عشرات الافلام مثل «الجوع» و «الحب فوق هضبة
الهرم» و «وصمة
عار» و «الوحل»
و «درب
الرهبة» و «الهروب»
حيث قدم مسلسلات «لن أعيش
في جلباب أبي» و «عائلة
الحاج متولي» و «المهنة
طبيب» و «العطار
والسبع بنات»
و «عيش
ايامك» و «ريا
وسكينة» و «بنت
افندينا» و «قاتل
بلا اجر» و «زهرة
وأزواجها
الخمسة» وتحيّن الفرصة وسط ذلك وقدم فيلمي «مجنون أميرة» و «القنبلة
والمسطول».
ومن كبار السينمائيين الذين ابتعدوا تماماً
عن السينما نادر جلال الذي أخرج عشرات الأفلام الوطنية والرومانسية
والكوميدية
والاستخباراتية والأكشن وغيرها، ليتجه خلال الأعوام العشرة
الماضية إلى التلفزيون
وترك أثراً طيباً، حيث يعد هنا الأبرز بين زملائه وهو ما تجلى في مسلسلات
«الناس في
كفر عسكر» و «عباس
الأبيض في اليوم الأسود» و «أماكن
في القلب» و «درب
الطيب» و «ظل
المحارب» و «حرب
الجواسيس».
وعلى رغم تحقيق محمد عبدالعزيز نجاحاً لافتاً في
السينما من خلال أكثر من 40 فيلماً منها «هنا القاهرة» و «خللي بالك من عقلك»
و «لكن
شيئاً ما يبقى» و «منزل
العائلة المسمومة» و «غاوي
مشاكل» و «قاتل
ما قتلش
حد» و «رجل
فقد عقله» و «البعض
يذهب للمأذون مرتين» و «عصابة
حمادة وتوتو»
وغيرها... إلا أنه
الحياة اللندنية في
28/01/2011 |