أحدثت استعادة أفلام
المخرج الإيراني عباس كياروستامي حراكاً متواضعاً، لكنه مهمّ. صاحب «أين
منزل
صديقي؟» و«لقطة مقرّبة» وغيرهما من روائع النتاج السينمائي
الإيراني الحديث، حاضرٌ
في المشهد المحلي. حاضرٌ في وعي مشاهدين قادرين على التفاعل مع أفلامه.
حاضرٌ في
وجدانهم أيضاً. أحدثت الاستعادة إضافة نوعية إلى المشهد السينمائي المحلي،
لأنها
جعلت المهتمّين يأتون إلى صالة سينما «متروبوليس» في «أمبير
صوفيل» (الأشرفية)
لمعاينة، أو إعادة معاينة بعض ما أنجزه كياروستامي منذ نهاية الستينيات.
المتعة
حاضرة بدورها. إعادة المُشاهدة جزء من عملية حوار طويل الأمد بين المهتمّين
بالفن
السابع وأفلام كياروستامي. جزءٌ من قراءة المسار التاريخي
للسينما الإيرانية، في
ظلّ الراهن السياسي والإنساني والثقافي.
المختلف
بعيداً من هذا كلّه، بلغ
عدد مشاهدي أفلام عباس كياروستامي، التي بدأ عرضها مساء الأحد في السادس
عشر من
كانون الثاني الجاري بتنظيم من «جمعية متروبوليس»، 696
مشاهداً، وذلك لغاية مساء
الجمعة الفائت. يومياً، هناك فيلم روائي طويل واحد، بالإضافة إلى ثلاثة
أفلام
روائية قصيرة عُرضت أيام الجمعة والسبت والأحد. الرقم متواضعٌ للغاية.
لكنه، في
الوقت نفسه، مؤشّر إلى مكانة هذا النوع من الاشتغال السينمائي
في وعي مهتمّين بالفن
السابع. مؤشّر إلى رغبة ما في مشاهدة نتاج مختلف. التفسيرات قد تكون كثيرة.
لكن
أفلام كياروستامي، التي انتهى عرضها مساء أمس بتقديم «كورس» (1982، 17
دقيقة)
و«شيرين» (2007، 92 دقيقة)، مثيرة للمُشاهدة مراراً. هناك أناس جاؤوا إلى
صالة «متروبوليس» لمشاهدة إضافية، يحثّهم على ذلك
علاقة قديمة ربطتهم بهذا السينمائي
وبأفلامه، ورغبة في متعة العين والقلب أثناء مشاهدة الأفلام
بنسخ سينمائية. أحد
هؤلاء قال لي إن إعادة مشاهدة «أين منزل صديقي؟» (1987، 87 دقيقة، عُرض
مساء
الثلاثاء الفائت) مثلاً منحته، لمرّة جديدة، فرصة التمتّع بحكاية شفّافة
وإنسانية
بطلها هذا الصبيّ الصغير المهتمّ بإعادة الدفتر إلى صديقه قبل
صباح اليوم التالي: «هل
تتذكّر السحر الطالع من عينيّ الصبيّ، وهما تبحثان عن ذاك المنزل؟ هل
تتذكّر
تلك الرحلة التي قام بها وحيداً، كاشفاً ديكورات طبيعية رائعة، وحراكا
اجتماعيا
حسّاسا؟».
هذا تعليق لا يختلف عن تعليقات شبيهة به. هناك، في أعماق تلك
الأفلام، ما يحرّض على الذهاب بها إلى أبعد الحدود الممكنة.
إلى ما وراء الأشياء
الظاهرة، والحوارات المنسلّة من أفواه أناس لا تُتقن غالبيتهم الساحقة
آليات
التمثيل السينمائي، لكنهم برعوا في مواجهة الكاميرا، مطمئنين إلى قدرتهم
على جذبها
إلى عوالمهم الخاصّة. وهؤلاء، إذ يبدون عفويين جداً أمام تلك الكاميرا،
يفتحون
أبواباً عدّة تتيح معرفة تفاصيل هامشية، أو بالأحرى تفاصيل
العيش اليومي في الريف،
كما في المدينة. مثلٌ أول: «الحياة ولا شيء آخر» (1992، 91 دقيقة، عُرض
مساء الخميس
الفائت): اللحظة الأولى لإطلاق السياق الدرامي عاديّة جداً. في العام 1990،
ضرب
زلزال قوي شمال إيران. عباس كياروستامي أراد، من خلال شخصية
مخرج سينمائي، إيجاد
معادلة سينمائية للحدث المأسوي. أراد، ببساطة شديدة، البحث عن الصبيين
الصغيرين
اللذين احتلاّ الصورة كلّها في «أين منزل صديقي؟». في خضم الآثار
الدراماتيكية
للزلزال، والبؤس الذي أوجده في قرية «كوكر»، لم يتردّد
كياروستامي عن القيام بما
أراده تعبيراً عن حبّ أو شغف للسينما أولاً، وللناس الذين عملوا معه
ثانياً. بدا
المخرج، في مهمّته هذه، أشبه بصبيّ «أين منزل صديقي؟»، الذي واجه تحدّيات
ومصاعب
شتّى، كي يُحقّق مبتغاه. مثلٌ ثان: «الريح التي ستحملنا»
(1999، 118 دقيقة، عُرض
مساء السبت الفائت): البدايات مهمّة. الطريق الطويلة التي كادت ألاّ تنتهي،
دربٌ
إلى «سياه داريه»، القرية الكردية الواقعة في قلب طبيعة بديعة. الشباب
القادمون
إليها، الغرباء عنها أصلاً، لا يتيحون لأحد من أبنائها
والمشاهدين إمكانية إدراك
مغزى زيارتهم وإقامتهم فيها لأيام قليلة. هذا غير مهمّ. السينما أجمل هنا.
التصوير
أقرب إلى تمرين جماليّ في التقاط المناحي المتفرّقة للحالة والناس. مثلٌ
ثالث:
الأفلام الروائية القصيرة الثلاثة المختارة لعرضها في هذه الاستعادة. بدأ
كياروستامي حياته السينمائية بإخراج فيلم قصير. حدث هذا في العام 1969. أي
في العام
نفسه الذي شهد ولادة ما عُرف لاحقاً باسم «الموجة الجديدة» في السينما
الإيرانية،
بفضل داريوش مهرجوي وفيلمه «البقرة».
لحظات إنسانية
ثلاثة أفلام قصيرة فقط
عُرضت في الاستعادة اللبنانية: «خبز وزقاق» (1970، 10 دقائق) و«استراحة»
(1972، 11
دقيقة) و«الكورس» (1982، 17 دقيقة). الفيلمان الأولان صامتان. هنا، تجلّت
براعة
السيناريو في اقتناص اللحظات الإنسانية المنقولة سينمائياً إلى
لغة أعمق من أن
تُفسَّر بالحوارات. هنا، تبدّت قدرة الصورة على القول. أي على تقديم
اللحظات تلك
بأجمل وسيلة ممكنة. لا يعني هذا أن الحوارات الموجودة في الفيلم الثالث،
كما في
الأفلام الروائية الطويلة، أسقطت عن النصوص الدرامية جمالياتها
الفكرية والفنية.
الصمت لغة. هذا أمر مسلّم به في الاشتغال البصري. لكن الحوارات لغة أيضاً.
وهذا أمر
مسلّم به أيضاً. الفيلمان الأولان مرتكزان على شخصيات صبيان صغار. إنهم
العصب
الدرامي والخيط الجامع بين اللقطات كلّها. في الأول (خبز
وزقاق)، يجد الصبي نفسه في
موقف حرج للغاية: بيده رغيف خبز. في قلبه خوفٌ من كلب حال دون قدرته على
اجتياز
الزقاق. اللعبة بين الطرفين مبنية على العلاقة القائمة بين الصبي وذاته
أولاً
وأساساً. في الثاني (استراحة)، يتجوّل الصبي في شوارع ضيّقة.
بيده اليمنى، دفاتر
المدرسة. بيده اليسرى، كرة. التجوال وسيلة لمعاينة الشارع. للتواصل مع
الناس. للبحث
في ذات الصبي وعلاقته بنفسه أيضاً. الفيلم الروائي القصير الثالث (الكورس)
مختلف.
يُمكن القول إنه مرآة بيئة. العجوز وعلاقته بالأشياء والأمكنة. بالناس.
هناك
الضجيج. هناك الانتظار. هناك الشيخوخة. تفاصيل صغيرة قادرة على صناعة حياة
ومآزقها.
هذه نماذج مستلّة من أسبوع كامل أمضاه محبّو السينما في مشاهدة بعض أجمل
ابتكارات عباس كياروستامي. مساء أمس الأحد، انتهى الأسبوع.
مساء اليوم، تبدأ
استعادة أخرى في تقديم نماذج من نتاج سينمائي إيراني لا يقلّ أهمية
وجماليات بديعة.
ثلاثة أيام خاصّة بالمخرج جعفر بناهي،
تُعرض فيها ثلاثة أفلام روائية طويلة
بالتتالي، عند الساعة الثامنة مساء (باللغة الفارسية المرفقة
بترجمة إنكليزية): «البالون
الأبيض» (1995، 85 دقيقة) و«ذهب قرمزي» (2003، 95 دقيقة) و«تسلّل» (2006، 93
دقيقة). الفيلمان الأولان مكتوبان بقلم
عباس كياروستامي. هذه سينما مختلفة.
سينما شفّافة إلى أقصى درجة ممكنة. أي إنها تجاهر بواقعية حادّة، لكنها
تحتوي على
كَمّ هائل من المشاعر. «البالون الأبيض» عن عزم ابنة الأعوام السبعة على
شراء سمكة
ذهبية، على الرغم من المصاعب الجمّة التي تواجهها في ذلك اليوم
الطويل. «ذهب قرمزي»
عن شاب معقودة حياته على الألم والخوف والذلّ. على تفاصيل مثقلة بألف همّ
وقلق.
السرقة ثم الانتحار في بيئة متشدّدة. تحدّي
القدر أصعب من أن يحتمله المرء. «تسلّل»
عن امرأة ترغب في مشاهدة مباراة كرة قدم، فتتنكّر بزيّ شاب.
هذه صُور خارجية.
المبطّن في النصوص الدرامية الثلاثة تلك
أعمق من أن يُختزل. اختيار ثلاثة أفلام من
النتاج السينمائي لمخرج حُكم عليه بالسجن ستة أعوام لالتزامه
خطّ المعارضة السياسية
في إيران، دعوة إلى متعة من نوع آخر. دعوة إلى المشاركة في فهم جوانب عدّة
من
البيئة الإيرانية، اجتماعياً وإنسانياً وحياتياً.
السفير اللبنانية في
24/01/2011
إيريك رومير... المتواري عن الأنظار
رانية عقلة حداد
بعيدا عن الأضواء والوقوف أمام عدسات التصوير، هكذا آثر المخرج
الفرنسي إيريك رومير أن يمضي حياته الحافلة بالأفلام، والتي امتدت لأكثر من
خمسين عاما. فالاختباء كان دائما لعبة جان ماري موريس شيرر المفضلة، بداية
عندما توارى خلف اسم جلبرت كوردير حين اصدر روايته الأولى والأخيرة
(إليزابيث)، ثم لاحقا عندما توارى خلف اسم إيريك رومير حين بدأ الكتابة
النقدية والإخراج السينمائي.
هل ثمة ما يغوي في الظل؟
إنها المسافة الحميمة مع الناس التي لا يمكن أن يحميها إلا الظل،
فبقاء وجه رومير بعيدا عن وسائل الإعلام يبقيه مجهولا للعامة، مما يتيح له
فرصة البقاء قريبا منهم، لذا لم يرغب يوما بامتلاك سيارة أو بركوب التاكسي،
كما ذكر في لقاء نادر مع كليم افتاب، إنما فضل استخدام وسائل النقل العام،
التي تبقيه على تماس مع الواقع وتفاصيل حياة الناس اليومية لتجد طريقها
لاحقا في أفلامه، هذه إحدى الأسباب التي جعلت إيريك رومير لا يتمتع بشهرة
واسعة مماثلة لرفاقه المؤسسين للموجة الفرنسية الجديدة التي أحدثت دويا في
أنحاء العالم حينها.
أما الآن وقد توارى إيريك رومير نهائيا عن الأنظار، بعد أن غادر
عالمنا بهدوء قبل عام (في 11 كانون الثاني 2010 )، ستبقى أفلامه حاضرة
لتحدث عنه.
لم تعد موجة جديدة بعد
مطلع خمسينات القرن الماضي بدأ إيريك رومير ممارسة الكتابة النقدية في
مجلة (كراسات السينما) التي ترأس تحريرها لاحقا، وهي المجلة التي مهدت
كتابات نقادها لظهور الموجة الفرنسية الجديدة أواخر خمسينات القرن الماضي،
خصوصا أن اغلب منظرو المجلة من النقاد تحولوا إلى الإخراج السينمائي منهم:
إيريك رومير، جان لوك غودار، فرانسوا تروفو، جاك ريفيت، كلود شابرول...،
لينتقلوا بذلك من النظرية إلى التطبيق العملي عبر أفلام تركت أثرا كبيرا
على السينما في مختلف أنحاء العالم، بما حملت من بذور للتمرد على السينما
السائدة، حيث هجروا الاستديو للتصوير في الأماكن الحقيقية، وأنتجوا أفلامهم
بميزانيات قليلة، كما كسروا الكثير من القواعد السينمائية المعروفة، وكتبوا
بأنفسهم نصوص الأفلام التي أخرجوها، وهو ما عرف بسينما المؤلف. فمع أفلام
كـ "الضربات الأربعمائة" لـ تروفو 1959، و"اللاهث" لـ غودار 1960، شهد
العالم ولادة الموجة الجديدة، إلا أن أفلام رومير لم يحالفها الحظ -كرفاقه-
في لفت الانتباه إليها إلا بعد عقد من الزمان مع فيلم "ليلتي مع مود" 1969،
الذي اعتبر من أفضل أفلام رومير وأحرز عنه أكثر من جائزة عالمية.
هل بقي شيء من الموجة الجديدة على مسافة تزيد عن الخمسين عاما؟
"لم تعد موجة جديدة بعد، كلنا الآن كبار في السن" هكذا يضحك رومير في
مقابلته مع افتاب،
مستشعرا الزمن الذي من شأنه أن يحول الأشياء، لكن مع هذا لم يتمكن من تحويل
انتمائهم إلى المبادئ الأولى للموجة الجديدة، فيقول "اعتقد أنّا جميعنا
مخلصين بدرجة أكثر أو اقل للمبادئ نفسها التي كانت لدينا في ذلك الوقت".
بين بازان وهتشكوك
"مازلت اعتبر نفسي مخرج هتشكوكي. وما هو هتشكوك إذا لم يكن خالق
أشكال؟" هذا التصريح الحديث نسبيا لـ رومير في مقابلة أجريت حول أخر أفلامه
"مغامرات استريه وسيلادون الرومانسية " 2007، يكشف تأثر وإعجاب كبير
بالمخرج الفرد هتشكوك يعود في الحقيقة إلى بداية كتابات رومير النقدية في
كراسات السينما، ولم يقتصر الإعجاب بأسلوب هتشكوك على رومير وحده، إنما شمل
نقاد مجلة (كراسات السينما) حينها، حيث أعادوا في تلك المرحلة دراسة نماذج
من كلاسيكيات السينما الأمريكية، بحثا عن إمكانات وأشكال سينمائية تختلف عن
السائد، فكان لأعمال هتشكوك نصيب كبير من الدراسة والتحليل قدمها في كتاب
كل من رومير وشابرول. يستطرد رومير "أنا لا ادعي بأني أخلق أشكالا بنفس
طريقته، لكن استطيع أن أرى (موتيفات) الأشكال الهندسية حاضرة دائما في
أفلامي"، فيحدد رومير بذلك ملامح تأثره بهتشكوك.
"أحب أن اخذ الواقع بالطريقة التي هو عليها، حتى لو كان هذا الواقع قد
خَلقْتُه من خلال لوحات مرسومة، الحقيقة تأتي من اللوحات وليس من المونتاج.
تستطيع القول بأني مخلص لتعاليم بازان..." هكذا يقدم رومير في مقابلة مع (اورلين
فرينزي) مُعلّم آخر أثّر أيضا بأسلوبه السينمائي، فقد كان رومير مخلصا
للمبادئ النظرية للناقد الفرنسي اندريه بازان، وانعكس ذلك في لقطات رومير
الطويلة التي تترك الفرصة لانسياب الحدث أمامها دون تدخل، كذلك في تقليص
المونتاج إلى الحد الأدنى، وبالابتعاد عن اللقطات القريبة، وعن الموسيقى
غير العضوية وغير النابعة من الحدث نفسه، وكذلك بالابتعاد عن أي عناصر
مصطنعه قد تمنع الإحساس بالواقع الموجود.
ثيمات تتكرر... وميل للتجديد
خلفية إيريك رومير الدينية انعكست بشكل أو بآخر على طبيعة المواضيع
التي تناولها، إذ شغلت اهتمامه ثيمات أخلاقية وفلسفية تكرر حضورها في أغلب
أفلامه مثل: الحب والخيانة، اختبار مشاعر الشخصيات الداخلية والإغواء يعصف
بها، معاينة كيف ستقاوم الشخصيات ذلك الإغواء، كيف يمكن أن يتصارع القدر مع
الإرادة الحرة، التأكيد على الفردية وقبول عبثية الوجود البشري...، وحدة
الثيمة وتكرارها جعل أغلب أفلام رومير تتشكل في مجموعات كـ: مجموعة "حكايات
أخلاقية" وهي 6 أفلام منها: فيلم "ليلتي مع مود" 1969، وفيلم "ركبة كلير"
1970، ثم مجموعة "كوميديات وأقاويل" وتتكون من 6 أفلام أيضا منها: فيلم "بولين
على الشاطئ" 1983، واخرها مجموعة "حكايات الفصول الأربعة" تتكون من: فيلم
"حكاية ربيع" 1990، "حكاية شتاء" 1992، "حكاية صيف" 1996، "حكاية خريف"
1998.
لكن على الرغم من الانطباع السائد بأن أفلام إيريك رومير تتجه إلى نوع
وطابع واحد إلا أنه كان ميالا للتجديد في المواضيع من حين لآخر، فسعى
أحيانا لتناول قضايا سياسية كما في فيلم "الشجرة، رئيس البلدية والمركز
الإعلامي" 1993، وأحيانا أخرى ابتعد عن المواضيع المعاصرة ليخرج أفلاما
تتناول حقبا تاريخية كـ: فيلم "السيدة والدوق" 2001، "مغامرات استريه
وسيلادون الرومانسية " 2007،. بالمحصلة لم يكن الزمن ليأخذ شيئا من انفتاح
رومير على التجديد، فمنذ البدايات الأولى حين كتب رومير أول مقال نقدي في
حياته، دعا فيه إلى التجديد "باستخدام اللون فوق صور الأبيض والأسود
السينمائية، في الوقت الذي كان فيه الناس يفضلون البيض والأسود"، وحتى أخر
فيلم أخرجه عام 2007، فتح رومير -الذي قد تجاوز السابعة والثمانين حينها-
ذراعيه للتقنية الحديثة ليصور الفيلم بطاقم صغير، وباستخدام أحدث المعدات.
أدب وفن في
24/01/2011
يشق طريقه إلى الأوسكار بعد أن حاز بطله على الـ«غولدن غلوب»
«خطاب الملك» درس في براعة التمثيل
دبي - أسامة عسل
يأتي توقيت عرض فيلم «خطاب الملك» في صالات السينما المحلية نهاية هذا
الأسبوع، مواكبا لحصول بطله كولين فيرث على جائزة الكرة الذهبية (غولدن
غلوب) كأفضل ممثل عن دور الملك جورج السادس في الفيلم نفسه الذي يشق طريقه
بقوة إلى ترشيحات الأوسكار (كأفضل فيلم وتمثيل)، بعد أن حظي مهرجان دبي
السينمائي بعرضه في افتتاح دورته السابعة المنتهية منذ شهر تقريبا.
وجرت العادة على أن الأفلام التي تجسد أفراد العائلة الملكية في بريطانيا
دائما ما تحظى بإشادة دولية، وتقتنص دائما جوائز الأوسكار، فقد سبق أن نالت
الممثلة المخضرمة هيلين ميرين جائزة الأوسكار كأفضل ممثلة عن رائعتها
«الملكة» التي جسدت فيها وريثة العرش البريطاني الملكة إليزابيث الثانية،
كما يزخر تاريخ الأوسكار بالعديد من الجوائز التي حصلت عليها أفلام تناولت
العائلة ذاتها.
وفيلم «خطاب الملك» دراما تاريخية يحكي قصة الملك جورج السادس ومشكلة
التلعثم التي يعاني منها وكادت أن تبعده عن الحكم، وحسب أحداثه تلجأ زوجته
المحبة إليزابيث الأولى «والدة الملكة إليزابيث الثانية»، أدت دورها النجمة
هيلينا بونهام كارتر إلى الاستعانة بمتخصص في أمراض النطق يستخدم مجموعة
تقنيات غير مألوفة.
ويبدأ الفيلم منذ عام 1925 بعرض حالة الخجل الشديد التي يعاني منها دوق
يورك أو برتي، كما كانت العائلة المالكة تطلق عليه بسبب تلعثمه، وعدم قدرته
على إكمال حديثه أمام العامة من دون أن يثير سخريتهم، وتزداد الأمور تعقيدا
عندما يتخلى الملك إدوارد الثامن، والذي لعب دوره غاي بيرس عن العرش ليتزوج
من المطلقة الأميركية الليدي سيمسون، ويتولى بيرتي العرش بدلا منه ويجد
نفسه أمام لحظة حاسمة يتوجب عليه توجيه خطاب عبر الإذاعة للشعب البريطاني
ورعايا بريطانيا في 58 دولة، كانت تمثل الإمبراطورية التي لا تغيب عنها
الشمس لحشد الدعم للمملكة في حربها ضد دول المحور في الحرب العالمية
الثانية، وفي حين كان ملك إنجلترا يجد صعوبة في إخراج الكلمات من فمه كان
العدو اللدود أدولف هتلر يلقي خطابات رنانة وشديدة الفصاحة.وقد تألق الممثل
كولين فيرث في أداء شخصية الملك جورج وعبر عن انفعالاته وعذاباته وهو غير
قادر على التحدث من دون تأتأة باقتدار ونقلها للمشاهد من دون اصطناع، لذا
يعتبر الدور إعادة اكتشاف لقدرات فيرث الذي أعطى لشخصية الملك أبعادا
إنسانية رائعة.
خاصة في المشاهد التي جمعته مع زوجته والأخرى التي تفاعل فيها مع معالجه
الأسترالي.كما قدم جيفري راش دور ليونيل لوغ معالج الملك بتميز بالغ وفهم
عميق للخط الفاصل بين شخصية الملك والمريض، وبدا أداؤه متوازنا وهادئا على
الرغم من ثورة الملك عليه وعدم رضائه عن الأشكال الغريبة من العلاجات التي
يقدمها له، لكن المعالج كان واثقا من أن طريقته التي تعتمد على العلاج
النفسي قبل النطق ستكون مثمرة، ولم تكن إجادة راش جديدة على فنان مخضرم
مثله، فهو أول ممثل أسترالي يحصل على الأوسكار، وهو واحد من نادي الـ«21»
الذي يضم أشهر الممثلين الذين نجحوا بحصد جوائز عالميه عدة هي الأكثر شهرة
سينمائيا مثل جائزة طوني للتمثيل وإيمي والغولدن غلوب ونقابة ممثلي الشاشة
الأميركيين.وقد نجح المخرج توم هوبر في تقديم شخصيات الفيلم بطريقة ذكية،
معتمدا على رغبته في إظهار دراما إنسانية حيوية أكثر منها تاريخية جافة،
فابتعد عن سرد تفاصيل مؤامرات القصور ومكائد النبلاء، وابتعد عن تفاصيل
حياة العائلة المالكة، لينصب تركيزه على معالجة كبرياء الملك الذي لا
يستطيع نطق كلمة على نحو سليم، بينما عدوه على الجانب الآخر خطيب مفوه،
ويعتبر أن الحرب الحقيقية في الفيلم هي معركة (الكلمات) ضد هتلر قبل أن
تكون حرب الأسلحة والطائرات.
كولين فيرث
ممثل بريطاني، 50 عاما، شارك في أفلام عدة أبرزها «بريدجيت جونز» و«شكسبير
إن لوف» و«ناني مكافي» و«ماما ميا»، انطلق إلى عالم الشهرة بعد أن أدى دور
«السيد دارسي» في فيلم الكبرياء والإجحاف عام 1995، وحظي أخيراً بنجمة على
رصيف الشهرة في هوليوود حملت الرقم .2429
هيلينا بونهام كارتر
ممثلة إنجليزية (45 عاما) الأخت الأصغر بين 3 بنات، حصدت نجاحها منذ أول
أفلامها قبل أن يكون عمرها 20 عاما حين اختارها المخرج جيمس أفروي لدور
البطولة في احد أفلامه ومن بعدها قدمت العديد من الأدوار المهمة منها «كوكب
القردة» و«هاري بوتر والأمير الهجين» و«أليس في بلاد العجائب».
جيفري راش
ممثل استرالي (60 عاما) بدأ مسيرته المسرحية في كوينزلاند كعنصر فاعل، تألق
عام 1996 في الدور الذي لعبه في فيلم «راش» وفاز عنه بجائزة أوسكار أفضل
ممثل كما حصل على جائزة إيمي، ظهر في العديد من الأفلام منها «شكسبير في
الحب» و«ميونخ» و«قراصنة الكاريبي» في دور الكابتن باربوسا.
البيان الإماراتية في
24/01/2011 |