يؤكد المخرج أحمد عبد الله في فيلمه الروائي الثاني «ميكروفون» أن
المستقبل
للسينما المستقلة بعيداً عن الضخامة الإنتاجية والأجور الباهظة، إذ قدّم من
خلاله
رؤية جديدة تحلق بعيداً عن السائد والمتداول سينمائياً.
عن الفيلم ومستقبل السينما المستقلة كان اللقاء التالي.
·
بداية، لماذا اخترت السينما
المستقلّة تحديداً لتقديمها في فيلم «ميكروفون»؟
أختار السينما الصادقة التي يمكنني من خلالها التعبير عن نفسي وعن
جيلي، بصرف
النظر عن المسميات.
·
كيف ترى مستقبل هذه السينما
بعدما تواجدت بقوة في العامين الأخيرين؟
لا يمكن الحكم على السينما المستقلة إلا من خلال الجمهور، الذي للأسف
لم تتح له
مشاهدتها إلى الآن، لأن التجارب السابقة كافة كانت تُعرض في نطاق ضيق جداّ
فلم يتسن
للمشاهد الحكم عليها بشكل جيد، وقد كانت لي تجربة مريرة في فيلم
«هليوبوليس»، الذي
لم يعرض سوى في أربع صالات.
·
برأيك، لماذا يتم التعامل بهذا
الشكل مع هذه النوعية من
الأفلام؟
لأننا نرزح تحت رحمة الموزعين الذين يتعاملون مع السينما المستقلة
باعتبارها سد
خانة وليست أفلاماً جماهيرية، والمشكلة من وجهة نظري مشكلة ثقافة وأفكار
مسبقة عن
إرادة الجمهور وقد فشلت هذه النظرية، والدليل أن ثمة أفلاماً لنجوم كبار لم
تحقق
إيرادات والعكس صحيح.
·
كيف وجدت العمل مع محمد حفظي
وكيف أقنعته بإنتاج «ميكروفون»
وتوزيعه؟
حفظي هو الذي بادر بالاتصال بي وعرض علي تقديم تجربة مشتركة، وذلك بعد
أن شاهد
فيلم «هليوبوليس» وأعجبته هذه النوعية من السينما. أكثر ما ميز حفظي أنه
تعامل بشكل
إنتاجي سليم لم أشاهده في مصر سابقاً، إذ تبنى المشروع قبل كتابة السيناريو
فخرج
عمل جماعي بمشاركة كل الموجودين فيه.
·
يرى بعض النقاد أنك قدمت من خلال
«ميكروفون» فيلماً أكثر تطوراً عما
قدمته في «هليوبوليس»، فما رأيك؟
أختلف مع هذا الرأي، فـ{هليوبوليس» كان أكثر تطوراً وجرأة وقُدم بشكل
مختلف
تماماً سواء في كتابة السيناريو أو التنفيذ، أما «ميكروفون» فهو فيلم آمن
بدرجة
أكبر.
·
لاحظنا في «ميكروفون» أن
السيناريو ترك مساحات كبيرة للممثلين
والمشاركين ليقدّموا جزءاً من الحوار بشكل ارتجالي؟
أنا ضد نظرية «المخرج المقدس» وأؤمن بأن الفيلم ملك لجميع المشاركين
فيه، لذلك
من المنطقي أن يعبّروا عن آرائهم ورؤيتهم.
·
تضمّن الفيلم أجزاءً تسجيلية
دُمجت مع الأجزاء الروائية، فلماذا استخدمت
تلك الطريقة؟
كان «ميكروفون» في البداية فيلماً تسجيلياً، ثم وجدنا أنه يصلح كفيلم
روائي
طويل، لذا كانت هذه هي الطريقة المناسبة من وجهة نظرنا للتعامل معه لأنه
يتحدث عن
شخصيات حقيقية، خصوصاً أن تجربة هؤلاء الشباب تستحق أن تشاهدها شريحة أكبر
من الناس
فاستخدمنا المادة التسجيلية الموجودة لدينا، ولكن بشكل منسجم
مع إيقاع الفيلم.
·
ماذا عن التطويل الذي اشتكى منه
بعض المشاهدين؟
أرى أن إيقاع «ميكروفون» ملك صانعه ولا يمكن لأحد أن يملي على الفنان
إيقاع
فيلمه، ومن حق المشاهد أو الناقد أن يعجبه العمل أو لا يعجبه.
·
لماذا اخترت هذه المجموعة من
الفرق الاسكندرانية؟
في الإسكندرية 80 فرقة موسيقية، أعرف منها 15 أو 20 قابلت أفرادها
وتعرفت إلى
قصصهم واخترت منهم ما يصلح لفيلم روائي، إضافة إلى أننا كنا مرتبطين
بموافقتهم على
تقديم جزء من حياتهم من دون تحفظات، كذلك نعبّر من خلال هذه الفرق عن فكرة
حرية
التعبير.
·
ألّفت «هليوبوليس» و{ميكروفون»
أيضاً، فهل ستكتب كل
أفلامك؟
أنا أقرب الى تنفيذ الأفلام التي أكتبها بنفسي، ذلك لأنها تعبر عني
وعن جيلي،
ولكني بالتأكيد لو وجدت فكرة مناسبة وتتفق مع أفكاري فلن أتردد في تنفيذها.
·
هل يمكن أن تقدّم سينما تجارية؟
أحب تقديم السينما التجارية لكن تلك الجماهيرية وليس التافهة
المبتذلة، وأتمنى
أن يكون «ميكروفون» فيلماً تجارياً ضمن هذا الإطار.
·
هل كان الجمهور في ذهنك وأنت
تنفّذ «ميكروفون»؟
في الحقيقة، عندما أقدم على تنفيذ فيلم ما لا أضع في حساباتي أي شيء
وكل ما
يشغلني هو الصدق بعيداً عن التوزيع والجمهور أو حتى الجوائز.
·
حصل الفيلم على جوائز كثيرة،
فكيف تقيّمها؟
تخضع الجوائز دائماً للجنة التحكيم، ولكن هذا لا يمنع سعادتي بها
خصوصاً أنها
كانت من مهرجانات ولجان تحكيم مختلفة.
·
هل واجهت مشاكل مع الرقابة؟
على العكس، كانت الرقابة متعاونة جداً معنا، لكن كانت لديها تحفظات
مرتبطة ببعض
الجمل الحوارية، وتمت مناقشتها. في النهاية، كانت الرقابة منفتحة وقد وعد
الدكتور
سيد خطاب بعدم الحذف من «ميكروفون».
·
قامت أسرة {ميكروفون} أخيراً
بتحركات ضد العنف الطائفي، فهل ترى أن الفن
قد يؤدي دوراً في هذه الأزمة؟
بالتأكيد، فالفن هو ضمير الشعوب، ولا بد من أن يؤدي الفنانون دورهم في
مواجهة
الأزمات.
·
قال البعض إنكم تابعون لـ{حملة
البرادعي»، فهل هذا صحيح؟
أبداً، كل ما في الأمر أن البرادعي أرسل إلينا كلمة أثناء احتفال
«ساقية الصاوي»
الذي شاركنا فيه لصالح ضحايا كنيسة القديسين، فاخترنا قراءتها من بين أكثر
من
ثلاثين كلمة لفنانين وشخصيات عامة، ولم يكن من الممكن رفضها.
كانت الحفلة بمبادرة
شخصية من أسرة «ميكروفون» والفرق المشاركة فيه ولا يمكن وضعها تحت مظلة شخص
أو
جمعية بعينها.
الجريدة الكويتية في
21/01/2011
مخرجو الكليبات إلى السينما...تحوّل إيجابي أم مزيد من
الفشل؟
رولا عسران
تشهد السينما المصرية ظاهرة تحوّل مخرجي الكليب إلى الإخراج
السينمائي،
لأسباب يعزوها بعض النقاد إلى الفشل الذريع الذي منيت به مجموعة لا بأس بها
من
الأفلام لمخرجين سينمائيين معينين. السؤال الذي يطرح نفسه، هل يفيد هذا
التحول
صناعة السينما أم يساهم في هبوط مستواها؟
مع عرض فيلم «365 يوم سعادة»، ينضمّ المخرج اللبناني سعيد الماروق
رسمياً إلى
المخرجين السينمائيين. ليس الماروق الأول ولن يكون آخر المخرجين الذين
انتقلوا من
عالم الكليب إلى السينما، إذ يجهز مخرج الكليبات محمد سامي لفيلم تامر حسني
الجديد
وسيبدأ تصويره بمجرد انتهائه من تصوير مسلسل «آدم» مع حسني أيضاً الذي يدخل
به أولى
تجاربه التلفزيونية.
صعوبة ومتعة
المخرج طارق العريان أحد أبرز مخرجي الكليب الذين توجهوا إلى السينما،
كانت أولى
تجاربه فيلم «الأمبراطور» (1990) مع الراحل أحمد زكي، ثم «الباشا» (1993)،
إلا أنه
توقف عن الإخراج السينمائي واتجه نحو إخراج الأغاني المصورة قبل أن يعود
إلى
السينما بفيلم «السلم والثعبان» (2001) الذي لاقى استحساناً من
النقاد والجمهور،
ويصوّر راهناً «أسوار القمر» الذي شارك في كتابته تامر حبيب ومحمد حفظي،
ومن بطولة
منى زكي. لم يقف العريان عند عتبة السينما فحسب، بل امتد نشاطه إلى الدراما
التلفزيونية ويشهد موسم رمضان المقبل أولى تجاربه في مسلسل «السايس»،
بطولة عمرو
سعد أحد أبطال «أسوار القمر» مع ريم البارودي.
لا يعتبر العريان إخراج الأغاني المصوّرة أقل أهمية من الأفلام
السينمائية، ذلك
أن فترة الإعداد للكليب الواحد قد تقارب فترة الإعداد لفيلم سينمائي،
بالإضافة إلى
أن الكليب يعتمد على سيناريو للمشاهد التي يتم تصويرها، لذا يصبح مشروعاً
متكاملاً
له شكل درامي يتطلب جهداً من المغني والمخرج ومدير التصوير ليظهر بشكل جيد،
فهو
سيحمل في النهاية اسم صناعه في مقدّمهم المخرج.
يضيف طارق العريان أن الاختلاف بين الكليب والفيلم السينمائي يكون في
مدة كل
منهما وليس في الجهد المبذول، لكن صناعة فيلم سينمائي هي الأصعب والأمتع.
اختلاف
تشمل لائحة المهاجرين من الكليب إلى السينما أيضاً عثمان أبو لبن
وسامح عبد
العزيز، اكتسب الأول شهرته من إخراج كليب للمغني هشام عباس وتعاون من ثم
مع: أصالة،
إيهاب توفيق، وحمادة هلال.
عام 2005 أخرج عثمان أبو لبن: «فتح عينيك»، أول أفلامه و{أحلام
عمرنا»، الفيلمان
من بطولة مصطفى شعبان، ثم «عمليات خاصة» (2007)، ولم تحظَ هذه الأفلام
بالنجاح
الجماهيري.
أما المخرج سامح عبد العزيز فقدم «درس خصوصي» أولى تجاربه السينمائية
بطولة محمد
عطية، نجم «ستار أكاديمي»، أتبعها بثلاثة أفلام: «حسن طيارة»، «أحلام الفتى
الطائش»، و{أسد وأربع قطط»، قبل أن يخرج فيلمي «كباريه» و{الفرح» (2008)
أنضج
تجاربه السينمائية.
كرّ وفرّ
يؤكد الناقد طارق الشناوي أن سامح عبد العزيز استطاع في أفلامه ابتداء
من «كباريه»
أن يظهر أسلوباً سينمائياً مختلفاً عن أعماله السابقة، وأن مجال السينما
مفتوح أمام أي مخرج شرط أن يستوعب تفاصيل العمل في هذا المجال.
يعزو الشناوي اتجاه مخرجي الكليب إلى السينما إلى فشل مخرجي السينما
الحاليين،
لذا تبحث جهات الإنتاج عن مخرجين جدد، ويضيف: «ظهر عثمان أبو لبن بشكل أفضل
في فيلم «فتح عينيك»، لكنه لم يترك علامة مميزة في
مشواره السينمائي، عكس سامح عبد العزيز
الذي ظهر بشكل أفضل عندما خاض الدراما التلفزيونية في مسلسل
«الحارة» الذي عرض
أخيراً».
بدوره، تحوّل المخرج محمد جمعة من عالم الكليب إلى السينما في تجربة
وحيدة هي
فيلم «أحلام حقيقية»، فظهر بشكل مختلف، لا سيما أن الأحداث تدور في إطار من
التشويق
والإثارة، وهي نوعية من الأفلام يندر إنتاجها في الفترة الأخيرة، لكنه عاد
بعد ذلك
إلى الكليبات فأخرج أغاني ناجحة لمحمد نور عضو فريق «واما»،
جنات، وعبد الفتاح
الجريني.
قبل أن يتّجه إلى السينما بفيلم «7 ورقات كوتشينة»، أخرج شريف صبري
كليبات ناجحة
من بينها: «إنت عارف ليه»، الذي لاقى شهرة واسعة. أمّا الفيلم، من بطولة
روبي ويوسف
الشريف، فلم يحقق النجاج، وعاد صبري إلى إخراج الكليبات.
تضمّ القائمة أسماء أخرى، بعضها حديث العهد بالإخراج وبعضها الآخر
مخضرم خاض
تجارب في مجال الفن مثل ياسر سامي، محسن أحمد، وأحمد يسري.
خريجو معهد السينما
يوضح الناقد نادر عدلي أن مخرجي الكليبات في غالبيتهم من خريجي معهد
السينما، إذ
درسوا الإخراج أكاديمياً وتولى كثر منهم مهمة مساعد لمخرجين كبار ويعدّ
الكليب
تجارب عملية زادت خبراتهم، لذا لا مشكلة في دخولهم عالم السينما أو
التلفزيون.
يضيف عدلي أن ابتعاد هؤلاء عن السينما منذ البداية سببه قلة الأفلام
التي يتم
إنتاجها، لكن مع انتعاش سوق السينما والتلفزيون اتجهوا إلى الشاشة الكبيرة،
لذا يجب
أن يُحكم عليهم انطلاقاً من الأعمال التي يقدّمونها.
الجريدة الكويتية في
21/01/2011
الوتر... حالة من الجمال
محمد بدر الدين
من غير المجدي تلخيص أحداث «الوتر» بدقة، ليس لأنه فيلم بوليسي
ويتمحور حول
جريمة قتل (نتحفظ عن ذكر القاتل لتشويق القارئ)، إنما في الحقيقة لأنه،
بخلاف ما
يبدو للوهلة الأولى، ليس فيلماً بوليسياً من النمط المعتاد بل هو من طراز
سينما غير
تقليدية لا تعتمد على الأحداث وروايتها، بل على تقديم لمحات من
النفس الإنسانية
ورحابتها وما يعتمل فيها وما تنطوي عليه.
«الوتر» تجربة خاصة بكل معنى الكلمة، أقدم عليها مجدي الهواري مخرجاً
ومنتجاً،
ليقدم أنضج أفلامه... لا شكّ في أن مستوى النضج الفني والتقني والجمالي في
الفيلم
يجعله مفاجأة سارة، بكل معنى الكلمة، للمشاهد وأحد أحسن أفلام 2010
المصرية، ومسك
الختام بحقّ إذ عُرض في خاتمة العام.
يستند «الوتر» (سيناريو محمد ناير)، في بنائه الدرامي وسرده السينمائي
إلى معمار
القصيدة وروح المعزوفة الموسيقية، لذلك تبدو الأحداث مجرد «تكأة» أو حجة
درامية،
بما في ذلك جريمة قتل الموزع الموسيقي الشاب (أحمد السعدني) وتحقيق الضابط
الشاب
الرائد محمد سليم (مصطفى شعبان) على مدار الفيلم واتهام
الفتاتين الشقيقتين مايسة
(غادة
عادل) ومنة (أروى جودة). ذلك كله لتقديم حالة من الجمال، إذا جاز التعبير،
لها طابعها الموسيقي والشعري على غرار العمل الأوبرالي أو الباليه، حيث
تكون
الحدوتة، عادة، على درجة من البساطة والسذاجة، باعتبار أن
الأهم هو الإطار الكلي
والروح الجمالية التي تتدفق من ينابيع ومصادر الجمال، متنوعة متناغمة،
لتخاطب في
النهاية روح المتلقي ووجدانه وتحلّق به في عالمها ليكون مع العرض أو العمل،
ليس كما
قبله أو من دونه.
لذا نلاحظ جهداً خاصاً واجتهاداً مميزاً وروحاً وثّابة إبداعية على
صعد: التصوير
والإضاءة والمونتاج والموسيقى التصويرية والمؤثرات والديكور، منذ اللقطات
الأولى أو
السطور الشعرية الأولى أو النفحات الموسيقية الافتتاحية في هذا الفيلم ـ
القصيد.
لكل حالة جمالية في أي عمل فني من أي نوع ينابيع أو مصادر، وقد أدار
الهواري
مجمل عناصر الفيلم الفنية بحيث تتضافر وتتكامل لينبع منها الجمال الذي يشعر
به
ويسعى إلى حضوره كي يلمس «وتراً» خاصاً لدى المتلقي، ابتداء من النص، بل من
العنوان
«الوتر»
وصولاً إلى الفتاتين العازفتين إحداهما على الكمان والثانية على التشيللو
ووالدهما الموسيقار الراحل، حتى الشاب، الذي يخدعهما ويذهب ضحية نزقه وعدم
وجود أي
وازع أو مبدأ رادع في حياته، يعمل بدوره موزعاً موسيقياً، كذلك المحقق فإن
زوجته
الشابة، التي قتلت بدورها في موقف صادم، كانت ترسم اللوحات...
فيما جملة الاستهلال
أو الافتتاح في الفيلم هي: «لو الحياة آلة موسيقية والناس أوتار وفيه بيننا
وتر
فاسد، يبقى لازم نضبط الأوتار عشان ميكونش فيه أي نشاز في اللحن».
لذلك، تفوّق الهواري وكان على مستوى طبيعة التجربة، وقد ساهمت مختلف
العناصر
الفنية، خصوصاً التصوير (مازن المتجول، عمرو فاروق) والمونتاج (غادة عز
الدين)
والموسيقى (محمد مدحت ـ أمير هداية)، في
إبراز الصورة على درجة إحكام ملحوظة دقيقة
في ضبط الإضاءة، بما يناسب غموض بناء الفيلم الشعري ـ الموسيقي
وروحه، من دون تعتيم
أو إشراق ظاهر ليس في مكانه.
جسدت الموسيقى جمالاً عذباً، على رغم تعبيرها عن أشجان وعذابات معظم
المشاهد،
واستطاع المخرج توظيف الـ «الفلاش باك» بقدر تضمينه التصورات المتخيلة غير
الواقعية، فرأينا، مثلاً، تصوّر المحقق لارتكاب الشخصيات جريمة القتل
مجسداً، فكان
المونتاج مرهفاً رشيقاً، يخدم الرؤية الكلية الجمالية للمخرج بدقة.
بقدر ما ساعد حجم اللقطة وزاوية الكاميرا واختيار التكوين على تجسيد
هذه الرؤية،
ساعد حضور وحركة الممثل داخل التكوين ومدى فهمه لروح الشخصية وطبيعتها
أيضاً،
فتضافر أداء الممثلين الأدوار المؤثرة في التعبير بالإحساس الداخلي
والإيماءة
والنظرة، في المقدمة غادة عادل لنضجها التعبيري، وتناغم معها
كلّ من أروى جودة
ومصطفى شعبان وأحمد السعدني وعلي حسنين وغيرهم.
نتيجة تجربة «الوتر» السينمائية، ذات الطبيعة والروح الموسيقية، جديرة
بتشجيع
مخرجها على التحليق بل الانطلاق إلى آفاق أبعد وأرحب جمالياً، موسيقياً
وشعرياً،
وبلورة عالم فني خاص وأسلوب سينمائي مميز يضيف إلى تجارب واجتهادات السينما
المصرية
العربية إسهاماً وملمحاً وروحاً جديدة.
الجريدة الكويتية في
21/01/2011 |