هو فعلا الزمن المعكوس الذي تعيش فيه السينما ونجومها.. وقواعدها
التي أرستها
السينما طوال تاريخها.. وحرصت علي وجودها في كل أعمالها السينمائية
كنموذج يحترمه
كل من شاهد أفلامها.
ونموذج لكل نجم أو نجمة عاش معها في كثير من الأفلام.. وحرص النجوم
الدائم علي
مراعاة هذه القواعد التي أدت الي شهرة نجومها ليس في مصر ولكن في العالم
كله..
واعتبار هؤلاء النجوم قدوة الفن الجميل الراقي.. الذي يسعي اليه كل نجوم
الدول
التي دخلت عالم السينما الساحر..
وجلست أشاهد شريطا سينمائيا تاريخيا.. أدي
الي هذا الزمن المعكوس الذي تعيش فيه السينما هذه الأيام هي
ونجومها..
كان من
أهم القواعد.. أن النجم الذي يقدم إعلانات مثلا.. تهجره السينما..
ويصبح نجما
فقد الحق في دخول عالم السينما الساحر الخاص بالسينما ونجومها.. وانعكس
الزمن هذه
الأيام وحدث طوفان نجوم السينما الي عالم الإعلانات بشكل أصبح
المشاهد يهجر أعمالهم
السينمائية ويكتفي بمشاهدتهم في الإعلانات ويقارن تنافسهم ببعضهم في أداء
الإعلان.. وما حصل عليه مقابل هذه الإعلانات وهجر هو الآخر دور العرض..
ومن
متابعة نجومه الذين أحبهم وهو يشاهدهم في الأفلام.. وتابع
إعلاناتهم.. عن
السيراميك الذي فتح باب الإعلام من يسرا.. وعمر الشريف.. لينطلق بعد
ذلك هجوم
النجوم.. والنجمات الي كل نوعيات الإعلانات.. السيارات أحمد حلمي
ومني.. أحمد
عز وغيرهم.. ثم إعلانات المحمول.. يسرا عزت أبو عوف..
دنيا سمير.. أحمد
عز.. هند صبري.. حتي محمد منير.. هالة فاخر حسن حسني.. السمن
البلدي
والمياه الغازية.. وآخر المفاجآت الإعلانية أتت من الزعيم عادل إمام..
وهو
يرتدي كوفية علي الطريقة التركية الشهيرة في مسلسلاتهم ليقدم
اعلانا
للمحمول..
ويأتي دور المسلسلات التليفزيونية.. ذلك الغول الذي سحب كل نجوم
السينما اليه.. الا بعضا قليلا.. وكانت القاعدة ايضا.. أن نجم
التليفزيون..
لا يصح أن يعمل في السينما.. وإلا هجرته السينما.
ولكن تحطمت القاعدة..
وهجر كل النجوم والنجمات الي المسلسلات وملايينها.. مع
الإعلانات وملايينها..
وتركوا السينما سبب شهرتهم تقف في حيرة من أمرهم.. ولا يمدون لها يد
العون لحل
مشاكلها.. إلا أن بعض النجوم والنجمات.. الذين يحاولون مد يد العون عن
طريق
انتاج أفلام.. أو المشاركة في بعض الأفلام لإنقاذها مثل
إلهام شاهين.. التي
أنتجت فيلما.. وفي الطريق الي إنتاج الآخر.
وإشتراك النجم محمود ياسين في
بعض الأفلام الجديدة للشباب وهو من القلائل الذين لم يرحلوا
الي الاعلانات هو
والنجم عزت العلايلي والنجم محمود عبد العزيز.. واكتفوا بالتليفزيون
والقليل من
السينما.
ويأتي دور أفلام السينما التي ظهرت في الأعوام الماضية وتحاول
الاستمرار بما تقدمه.. معظمها تخطي الخط الأحمر تحت مسمي سطحي للحرية..
والديمقراطية.. وقدمت أفلام العشوائيات بموجات كبيرة
وكثيرة.. وأفلام
الفساد.. ورجال الأعمال الفاسدين.. وأخيرا أفلام الشذوذ.. وزنا
المحارم..
والإغراء الفاضح.. والألفاظ الفظة الخادشة للحياء.. والتي أصبح
يتناقلها
الأطفال الصغار دون معرفة أبعادها.. منها ما قدمته
السينما.. ومنها ما تحاول
تقديمه هذه الأيام بعد صراعها مع الرقابة.. التي نرفضها.. ولكن لا بد
من وجودها
عندما تتخطي الموضوعات الخط الأحمر الذي يحافظ علي المجتمع وأمن المجتمع
الاجتماعي..
وشاهدت فيلم الخيط الرفيع.. وتوقفت عند المشهد الذي شتمت فيه
نجمتنا المحبوبة فاتن حمامة.. نجمنا الوقور محمود ياسين.. بلفظ يا
ابن...
بعدها حدث طوفان الشتيمة في أفلامنا بسبب وبدون سبب.. ولم
ينكر أحد أن مشهد الخيط
الرفيع هو أول مشهد في السينما المصرية تصور فيه هذه الشتيمة ولم يتكرر
لأنه كان في
مكانه.. من الأحداث.. وعلي الرغم من ذلك أثار كثيرا من
الاعتراضات..
وانتقل بي الشريط السينمائي.. الي المحاولات الجديدة من بعض
الشباب في صنع جو جديد.. وسينما جديدة تكون نواة لأمل جديد في إعادة
الزمن
الحقيقي للسينما.. وهزيمة الزمن المعكوس.. فأفلام
الديجيتال, أو الكاميرات
العادية.. وبأفكار وموضوعات من واقع الحياة الحقيقية وبها كل الآلام
والآمال
المضيئة التي تنبئ بالوصول الي سينما حقيقية بعيدة عن السينما
الاستهلاكية..
وتعبر رسالة السينما السامية.. التي يرجوها كل من يهمه أمر
السينما.. والتي
يرجوها الجمهور في شوق ظاهر.. يهرب الي أفلام ومسلسلات تقدمها دول الجوار
وخصوصا
المسلسلات التركية التي تغزو القنوات التليفزيونية.. والمسلسلات
السورية!!.
وأغلقت مشاهدة اسطوانة الـCD
الذي أعطانيها التاريخ في زيارته
عندما انشق الزمن في ليلة رأس السنة هذا العام..
وأضأت أنوار الأمل في حجرتي
التي شاهدت فيها كل هذه الأحداث التي سجلها التاريخ..
محايدا.. ولكني أقدمها
لنعرف أن التاريخ يسجل كل صغيرة وكبيرة.. وأنه لا ينسي شيئا.. وأكتفيت
بهذا
الجزء من شريط التاريخ السينمائي.. ولنا معه لقاء آخر أكثر أملا في عودة
الزمن
الي حقيقته!!
أفلام المهرجانات.. تنافس أفلام
الكبار
مجموعة من أفلام الجوائز في المهرجانات تقدم مفاجأة أمل جديد
لعام2011. فقد
قررت هذه الأفلام الجديدة والتي وضعت نفسها علي خريطة الجوائز في
المهرجانات
العربية والمحلية ومشاركة بعض نجومها الشباب في بعض الأفلام الأجنبية مع
كبار النجوم
العالميين.. هذه الأفلام قررت أن تعرض نفسها للجمهور في
منافسة جديدة بينها وبين
أفلام الكبار التي يستمر عرضها منذ موسم عيد الأضحي حتي الآن.. والتي
أطلق عليها
إسم أفلام الكبار.. وهي زهايمر لعادل إمام.. بلبل حيران لأحمد حلمي..
إبن
القنصل ـ لأحمد السقا.. محترم الا ربع.. لمحمد رجب.. إلي
جانب بعض الأفلام
التي استمر عرضها من باب الأمل في الإيرادات..
قررت أفلام المهرجانات..
والتي حصلت علي جوائز في معظمها أن تدخل المنافسة بعد أن أكدت
وجودها.. وحصلت علي
ما تريد وما كان غير متوقع.. ووضعت كثيرا من شركات الانتاج والمنتجين في
موقف
غريب وجديد عليهم.. أمام هذه الموجة الجدديدة من أفلام المهرجانات
ومنها..
أفلام الشوق الذي حصل علي الهرم الذهبي كأفضل فيلم.. وسوسن
بدر كأفضل ممثلة..
وفيلم ميكروفون لخالد أبو النجا.. بسمة.. وحصل الفيلم علي جائزة أفضل
فيلم عربي
ـ وعمرو واكد في الفيلم الايطالي الأب والغريب كأفضل ممثل.. كل هذه
الجوائز كانت
في مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الماضية الـ34 ـ الي
جانب عرض أفلام الباب
وباقي الأفلام الجديدة التي عبرت إلي المهرجانات العربية لتؤكد تألقها
ووجودها
وفازت بجوائز مهمة.. تحققها السينما المصرية من خلالها لأول مرة.. فيلم
ميكروفون الذي حصل علي جائزة التانيت الذهبي في مهرجان قرطاج
كأول فيلم مصري يحصل
علي جائزة التانيت الذهبي في تاريخ المهرجان.. وجائزة المونتاج من مهرجان
دبي..
كما فاز فيلم678 ـ إخراج وتأليف محمد دياب علي جائزتي التمثيل أحسن ممثل
ماجد
كدواني.. وأحسن ممثلة بشري ـ وفيلم الحاوي فاز بجائزة أحسن
فيلم في مهرجان الدوحة
لابراهيم البطوط, إلي جانب لستة من الأفلام حققت جوائز وهي تعرض علي
الشاشات
المصرية.. وبعض المهرجانات العربية.. منها رسائل البحر ـ كأحسن فيلم
لداود عبد
السيد, آسر ياسين, بسمة بنتين من مصر أحسن سيناريو ـ أفضل ممثلة صبا
مبارك
وجوائز أحسن موسيقي تصويرية لراجح داود في فيلم رسائل
البحر.. وأحسن مدير تصوير
أحمد المرسي.. في رسائل البحر أيضا.. أحسن مونتاج أحمد عبد الله فيلم
هليوبوليس
إلي جانب ظهور نجوم ونجمات جدد في معظم هذه الأفلام ومنهم من يقف لأول مرة
أمام
كاميرات السينما.. وحققوا نجاحا كبيرا..
هذه الأفلام ستدخل المنافسة
بجوائزها أمام النجوم الكبار الذين مازالت تعرض أفلامهم علي
الشاشة.. إلي جانب
الأفلام الجديدة لنجوم.. كبار سيدخلون المنافسة كشركاء في العروض
السينمائية
القادمة التي سيشاهدها الجمهور.. ويقرر بإعتباره هو الحكم والمعلم الأول
نتيجة
هذه الأفلام!!.
تحذير واجب... لأفلام القرش
المفترس المصري!!
ظهور القرش المفترس في المياه المصرية... سيصبح ظاهرة سينمائية يسعي
كثير من
المنتجين والمؤلفين والمخرجين ونجوم السينما لتحويل أحداث القرش
المفترس...
المصري إلي سلسلة أفلام عديدة.
وطبعا المفروض أن تظهر أفلامنا كيفية مواجهة هذا: القرش, ووسائل
التغلب عليه
وحصره بالوسائل العلمية بعيدا عن شواطئ شرم الشيخ والوسائل الحديثة التي
يقوم بها
المسئولون هذه الأيام لمنع وصول القرش إلي الشواطئ والأماكن التي يتمتع
بالسباحة
فيها... أو الغوص في رحلات سياحية تحت الماء... والشعاب
المرجانية وأعماق
البحار وأسرارها الرائعة... ومهم جدا أن يدعو الفيلم للحفاظ علي نظافة
شواطئها من
هذا القرش القاتل... وتصوير ما يتم الآن من وضع وسائل جديدة تمنع القرش
المفترس
من الاقتراب من شواطئنا بهذه الشباك التي توضع هذه الأيام...
ومزودة بنوعية معينة
من الكهرومغناطيسية الطاردة لأي قرش يحاول لمسها أو الاقتراب منها..
وابراج
المراقبة الجادة وعليها مراقبون دارسون لاشكال القرش المفترس ونوعيته بخبرة
أجنبية
أو محلية... وأصناف القرش... وأخطرها القرش الأبيض الذي
يعتبر أخطرها علي
الإطلاق... ونتعاون مع من لهم دراية بحياة هذا القرش... وقد قرأت
تحقيقا مع
مديرة إدارة الغوص السابقة في البحر الأحمر الأستاذة نجوي عبد الحميد...
تشرح
أشياء مهمة... قالت أن سمك القرش... وخيار البحر هما
الوجبة المفضلة للسائحين
ليلة الكريسماس ورأس السنة... ويبلغ ثمن سمكة القرش10 آلاف جنيه...
وكثير من
السياح يعتبرون وجبة من لحم سمك القرش تعطي فحولة كبيرة في الحياة
الزوجية...
والصيادون يسعون لصيد القرش هذه الأيام.. بذبح أرنب أو أي
حيوان صغير ويلقون به
في عرض البحر وبمجرد انتشار رائحة الدم الخاص بالذبيحة في المياه تتوافد
القروش
بأعداد وهائلة, وتكون الفرصة مواتية للصيادين في اقتناص الفريسة...
وسمك القرش
لا يأكل الإنسان... ولكن يهاجمه دفاعا عن النفس... وإذا
هاجم وأكل جزءا من
الإنسان... يلقيها من فمه بسرعة... لأنه لا يحب لحم الإنسان...
والعيب
الأساسي.. يأتي من بعض الصيادين لعدم خبرتهم بعادات القرش... ويفضلوا
أن يلقون
بالدم الطعم بالقرب من الشواطئ, فيؤدي الأمر إلي ما حدث من
حوادث... ونحن لا
نحتاج إلي خبراء أجانب... فقط الرقابة علي الصيادين ومراقبة المساحات
البحرية
بأبراج تعلن عن أي خطورة بسرعة..
وطبعا السينما الأمريكية والأوروبية قدمت
سلسلة أفلام عن الفك المفترس... وكلنا شاهدناها سواء في دور
العرض أو علي قنوات
التليفزيون... لا مانع من أن تسرع السينما في تصوير أفلام عن القرش
المفترس
المصري ولكن مع الحرص الشديد علي عنصر الأمان والجذب
السياحي. وأي خطأ في التمادي
في مذابح القرش هو إصابة خطرة علي السياحة وسمعة السياحة في مصر... خصوصا
بعد
نجاح شواطئنا في جذب سياح العالم إليها.... وأصبحت السياحة من أهم روافد
الدخل
القومي... والسمعة العالية الآمنة لكل زوارها من العالم
كله!!
الأهرام المسائي في
12/01/2011
نهار خارجي
فيلم678.. خريطة
مرتبكة للتحرش
هاني مصطفي
كثيرا ما يقوم بعض كتاب السيناريو باستعارة افكار أفلامهم من الأحداث
العامة في
المجتمع وذلك من خلال الأخبار المنشورة في الصحف أو برامج التوك شو وصفحات
الحوادث
علي وجه التحديد ربما تعد الأكثر شهرة في عالم الاقتباس لدي كتاب ومؤلفي
الدراما.
إن الخبر المنشور في تلك الصفحات من المؤكد أنه يحمل بين طياته قصة
انسانية
تصلح لأن تكون مادة خصبة لموضوع فيلم, غير أن الخبر أو القضية لا تصنع
بالضرورة
فيلما جيدا أو متميزا.
فيلم678 هو واحد من تلك الأفلام التي ارتكزت علي
ظاهرة شديدة الأهمية والخطورة وهي ظاهرة التحرش الجنسي في مصر ويبدو ان
كاتب
السيناريو محمد دياب وهو يقوم بأول تجربة إخراجية له سعي لأن
يقدم للمشاهد المصري
والعربي تلك القضية التي بدأت في التصاعد في السنوات العشر الماضية بشكل
ملاحظ غير
ان السنتين الماضيتين انتقلت تلك القضية من مجرد مقالات في الصحف ودردشات
بين
المواطنين إلي مراكز الدراسات الاجتماعية والمرأة وتحديدا من
الممكن أن نكتشف ان
ذروة الاهتمام بتلك الظاهرة تفجرت بعد ان قامت فتاة تدعي نهي رشدي بمقاضاة
سائق
سيارة نقل قام بالتحرش بها في الشارع ونجحت نهي في ان تحصل علي حكم قضائي
يقضي بحبس
الشاب لمدة ثلاث سنوات في أول قضية تحرش في القضاء المصري.
مما لا شك فيه أن
مناقشة المشاكل الاجتماعية في مصر لها بريقها وجاذبيتها, غير أن مناقشة
عمل فني
شئ لا يجب أن يخفي علي الذهن إننا أمام شاب له عدة تجارب في مجال كتابة
السيناريو
منذ ثلاث سنوات وهو محمد دياب فهو الذي قام بتأليف فيلم
الجزيرة للمخرج شريف عرفة
عام2007 وهو مأخوذ من قصة تاجر المخدرات الشهير في عام2004 عزت حنفي في
قرية
النخيلة بمحافظة أسيوط وهي القضية التي كانت مانشتات للصحف طيلة عام2004
وبشكل
أقل في العامين التاليين حتي إعدامه في2006 دياب أراد في
تجاربه الأخري ان يسلك
طريقا اكثر سهولة من الناحية المهنية في الكتابة وهو استعارة بعض من
الأفلام
الأجنبية وتمصيرها قدر المستطاع مثل فيلم أحلام حقيقية من إخراج محمد
جمعة, والذي
ظهر مثل العديد من افلام الصف الثاني أو الثالث من أفلام
الإثارة والرعب في هوليوود
والتي في العادة ما ترتكز علي تقنيات التصوير والمؤثرات وتبتعد عن الدقة في
البناء
الدرامي والحبكة.
البناء في سيناريو فيلم678 استند علي ذات التقنية التي
استخدمت في العديد من الأفلام الأمريكية في السابق مثل فيلم ماجنوليا والذي
حصل به
بول كريستيان اندرسون علي الدب الذهبي في مهرجان برلين
عام2000 ايضا فيلم ترافيك
للمخرج ستيفن سودربرج والذي حصد عدد من جوائز الأوسكار في عام2000 منها
أحسن
إخراج ومونتاج وأحسن ممثل مساعد وأحسن سيناريو. وهذه الطريقة هي الانتقال
بين
العديد من الخطوط الدرامية وإرجاء ربط هذه الخطوط إلي ما يقترب
من نهاية الفيلم كما
في مجنوليا أو إلي منتصف الفيلم كما في ترافيك. استطاع دياب أن يقتبس تلك
التقنية
في السرد من الأفلام الأمريكية الشهيرة تلك غير ان بنية السرد ارتبكت في
العديد من
المشاهد التالية عندما قرر ان تترابط تلك الخطوط من خلال مشهد واحد, وهو
مشهد
نزول فايزة( بشري) من الاتوبيس في وقت كان فيه الطبيب
شريف( أحمد الفيشاوي)
بسيارته امام الأتوبيس هذا المشهد يكون هو عنصر التقاء العديد من تلك
الخطوط
الدرامية في طريقة للربط تتشابه تماما مع بعض من افلام الحركة الأمريكية
مثل
فيلمVantageDoint
الذي أخرجه بيت ترافيس في عام2007 وكان الفيلم تدور خطوطه
الدرامية المتنوعة لتتقاطع عند مشهد واحد هو المشهد المحوري في الفيلم وهو
محاولة
اغتيال الرئيس الامريكي في اسبانيا, وهذا المشهد بلا شك اختيار موفق من
السيناريست الأمريكي غير ان مشهد التقاء الخطوط في فيلم678
لم يكن له أي أهمية
درامية علي الاطلاق.
بلا شك تقنية البناء في السيناريو هي تقنية لم تعد مبتكرة
في السينما المصرية فقد سبقتها العديد من التجارب المتنوعة مثل فيلمي
كباريه والفرح
للسيناريست أحمد عبدالله والمخرج سامح عبدالعزيز ايضا سنجد ذات
التقنية في فيلم
واحد صفر للسيناريست مريم نعوم والمخرجة كاملة ابو ذكري وأيضا في فليم
هليوبوليس
للمخرج أحمد عبدالله.
خطوط الفيلم الدرامية ترتكز علي ثلاث فتيات يتعرضن
للتحرش الجنسي الأولي هي فايزة التي تعمل في الشهر العقاري ومتزوجة من
عادل( باسم
سمرة) وهو يعمل في وظيفتين صباحا ومساء ولديهما طفلان,
فايزة تتعرض للتحرش
الجنسي في الاتوبيس بشكل شبه يومي تقريبا ويسعي السيناريو لأن يؤكد أن تلك
الحالة
هي التي تنفرها من زوجها أما الفتاة الثانية فهي صبا( نيللي كريم) وهي
متزوجة
من الدكتور شريف( أحمد الفيشاوي).
تواجه صبا التحرش أثناء احدي مباريات كأس
الأمم الافريقية الأمر الذي اصاب زوجها بالنفور منها بعد ذلك
بشكل كبير وكأنها هي
المذنبة تقاوم صبا ما حدث لها بأن تقوم بعمل ندوات لتوعية النساء من التحرش
الجنسي
أما الفتاة الثالثة فكانت قصتها منقولة نقلا من قصة نهي رشدي الشهيرة
بتفاصيل عملية
التحرش والاستهتار الذي قام به رجل الشرطة في تسجيل المحضر, وهي تفاصيل
ذكرتها
نهي في أحاديثها الصحفية وربما يكون مشهد التحرش في الفيلم هو
الشئ الوحيد الذي قام
دياب باتقانه من الناحية الاخراجية. يغير السيناريست في هذا الخط الدرامي
من اسم
نهي ليصبح نيللي رشدي مبقيا علي اللقب ليؤكد واقعية الخط الدرامي خاصة أنه
يستعير
تفصيلة ان تلك هي أول قضية للتحرش في المحاكم المصرية.
لكن السؤال لماذا لم
يستعر السيناريست حياة نهي بتفاصيلها بدلا من أن يغفلها بعلاقتها يخطيبها
وهوايتهما
معا فالهواية هيStandupComedy وللأسف بدت تلك الهواية التي يمارسها الخطيبان من
أسخف التفاصيل في الفيلم ككل فالمواقف التي كانوا يقولونها للجمهور علي
المسرح لم
تكن مضحكة علي الأطلاق.
يحدث تحول عنيف في الفيلم من مجرد انه فيلم اجتماعي
يناقش ظاهرة إلي أن يصبح فيلما بوليسيا يقترب في بعض مشاهده من مسلسلاتCSl
الشهيرة عندما كان يسعي رجل المباحث عصام( ماجد الكدواني)
لكشف غموض اصابة
رجلين في اتوبيسين لهيئة النقل العام ويبدو ان الاقتراب من السينما
البوليسية كان
رغبة في حد ذاته لدي كاتب السيناريو والمخرج إذ ان تلك المشاهد كان الأكثر
ضعفا من
ناحية المنطق والحبكة. ففي مشهد ليلي نجد ضابط الشرطة عصام ومساعده
يذهبان
لمعاينة أتوبيسات هيئة النقل العام ونحن نعلم أن الهيئة تمتلك
مئات السيارات.
عصام ينظر داخلها ليكتشف نقطة الدماء التي علي الأرض بعد يوم كامل من حدوث
الجريمة
وسير عشرات الأشخاص فوق هذه النقطة وما قيمة تلك التفصيلة غير المنطقية في
عملية
التحقيق. ليس هذا فقط بل بعد عدة أيام يكتشف محقق الشرطة أن
مرتكبة الجرائم محجبة
لأنه وجد دبوسا ملقي في حارة ـ مكان حدوث أول مواجهة ـ والسؤال الذي يتبادر
للذهن
كيف وجد الدبوس في طريق غير ممهد بعد الجريمة بعدة أيام؟ ثم ما الذي يفيد
إذا علم
المحقق أن مرتكبة الجريمة محجبة؟ إن ما يقرب من90% من النساء
في الأماكن الشعبية
في مصر محجبات. هل مجرد معرفة أنها محجبة يقرب دائرة الاشتباه.
ضعف الدراما
في الفيلم لم يكن الشيء الوحيد إذ أن التمثيل علي جانب آخر كان عنصرا شارك
في ضعف
الفيلم بشكل كبير, والمتأمل في الفيلم لا يستطيع أن يستثني أحدا من
المشاركين في
العمل من كثرة الصراخ وبشكل أكبر البطلات الثلاث بشري ونيللي كريم وناهد
السباعي.
ومما لاشك فيه التعبير بالصراخ في مشاهد الفيلم ليس مشكلة الممثلين علي وجه
الخصوص
بل أنها تعد في الأساس مشكلة المخرج الذي لا يستطيع أن يقوم
انفعالات الممثل وهو
العين الخارجية للأداء. إن احدي وظائف المخرج الأساسية هي توجيه الممثل
في
أدائه. ويبقي هناك سؤال وهو ما الذي يدفع المخرج بأن يتجاوز عن أداء
الممثلين
بهذا الشكل؟ إما أن يكون تركيز المخرج لقلة خبرته علي أدوات
الأخراج المتنوعة
وبالتالي يغفل الأداة الأهم وهي توجيه الممثل, وهذه جريمة في حق
المخرج. أو أنه
يتصور أن الصراخ هو قمة الانفعال في المشهد وبالتالي يكون جرم دياب في
الحالة
أكبر, فالانفعال بخصوص قضية شديدة الأهمية مثل التحرش الجنسي
لايبرر الصراخ في
العديد من المشاهد, ومن الممكن التعبير عن حالات الانفعال الشديد بالعديد
من
الوسائل الفنية بعيدا عن الطريقة الركيكة في الانفعال.
إن الفيلم يبدو من
عنوانه ولم أعرف حتي الآن لماذا اختار صانع الفليم رقم الاتوبيس678 وما
أهمية هذا
الرقم ليكون اسم الفيلم إلا إذا كان بهدف أن يوضح أن هناك تصاعدا في الرقم
ليصل إلي
ماذا؟ عشرة أو ربما نحو الانفجار. إن عنوان الفيلم مرتبك
تماما كما هو الفيلم
ذاته يريد أن يقول شيئا للجمهور ولكنه يفتقد الدقة في ذكر هذا الشيء.
إن
الفيلم هو كتلة متكاملة تصبح فيها الفكرة مجرد طابق واحد في بناء ضخم.
لاشك أن
البناء لايستقيم بدون هذا الطابق, ولكنه أيضا لايتوقف علي طابق واحد.
ولا يبدو
بالنسبة لي أن فيلم678 قد خرج عن كونه إرادة عميقة من صانعه
محمد دياب لأن يقدم
شيئا مفيدا, غير أن الفيلم أصبح في النهاية مجرد شيء ولم يتحول إلي أن
يصبح عملا
سينمائيا متكاملا نستطيع أن نتوقف عند كل صغيرة وكبيرة فيه بالتأمل
والتفكير,
إننا أمام مجرد هتاف ضد التحرش وليس أمام عمل فني علي الاطلاق.
ويبدو أن هذه
النوعية من الأفلام كثيرا ما تجد بعضا من النقاد السينمائيين الراغبين في
الكتابة
عن القضية بشكل أكبر من رغبتهم في الكتابة عن قيمة العمل الفنية. إنهم في
الواقع
لا يعبأون كثيرا بالطوابق الأخري التي يتكون منها العمل
السينمائي ككل.
الأهرام المسائي في
12/01/2011 |