عندما وافق بيرغمان، عبر الهاتف، أن ألتقيه لإجراء مقابلة معه للقناة
التلفزيونية "بوزاتيف" تكلم معي بحماسة كبيرة حول هذه الفرصة، لاسيما إننا
كنا نستخدم نوعاً جديداً من الكاميرات الرقمية لبرنامج يُبث في سبتمبر ٢٠٠٢
والذي تمت الموافقة عليه أن يتحول إلى فيلم يستغرق إنجازه ثمان أسابيع.
قابلته في إحدى ردهات المسرح الملكي الدرامي السويدي، الذي سبق له أن
أشرف على إدارته من عام ١٩٦٣ إلى عام ١٩٦٦ وعاد إليه ثانية لإخراج أعمال
عديدة. وفيما هو يقودني عبر أروقة وسلالم مررنا بغرف البروﭬات التي لا تزال
تقبع في الطابق الثالث لبناية مثيرة للإعجاب. سألني فجأة إن كنت قرأت رواية
(الغريم) للكاتب والسيناريست والمخرج الفرنسي إيمانويل كارير. حين أخبرته
أنها أسوأ ما قرأت في حياتي، ضحك وقال:"ربما أنت على حق، لكنها مكتوبة بشكل
رهيب!".
(لقد كان بيرغمان يحس أن قصة المجرم د. روماند، بطل الرواية، تلتقي في
نقطة مشتركة ومسرحية إبسن "الأشباح" حيث تحيا شخصياتها كذبة مريعة ومهلكة.
لذا فقد أعطى حينها لكل ممثل نسخة من تلك الرواية لقرائتها ومن ثم مناقشتها
خلال فترة التدريبات على المسرحية). ثم أضاف:
"إنها تتحدث عن الخديعة التي تكاد تسود الحياة بأكملها، وعن المظهر
الزائف، التنكر، الكذبة التي تلتهم الأنسان من الداخل. قصة الدكتور روماند
ساعدتنا حقا في هذا الشأن. إنها رواية رائعة، فضولية ومخادعة، لكنها في نفس
الوقت، مفزعة وبغيضة على صعيد القراءة. حين قرأتها أحسست أنها تصرخ تريد أن
تتحول فيلماً".
لم يكن بيرغمان على علم أن مأساة الدكتور روماند قد عملت فيلماً قام
بإخراجه كل من أورينت كانتيت ونيكول غارسيا. وعندما أخبرته بذلك، أظهر
إهتماما كبيراً وقال أنه لا يستطيع الانتظار دون لقائهما.
ما يثير المرء وهو يتحدث مع بيرغمان هو أنه لا يزال حتى الآن يجد أن
السينما هي شيء مثير وممتع للتحدث عنه، فهو يتحدث عن الأفلام بحماسة
صبيانية: عن الأفلام القديمة، الأفلام الجديدة، المخرجين الشباب، المخرجين
الذين يفضلهم، وعن مجموعة أفلام الفديو ونسخ الأفلام حجم 35 ملم التي
يقتنيها. لم ألتق مطلقاً بمخرج مسنّ مثلما هو بيرغمان بهذه الشوق المتوقد
لمشاهدة الأفلام. لاشك إنها إشارة تشي بفضول عذب وحب حقيقي نحو السينما
التي تبدو له مثل سيل متواصل دون إنقطاع منذ بدء ارتياده مشاهدة الأفلام.
أخبرني أنه في كل ربيع، ووفقاً لقرار خاص أتخذ من قبل المجلس الأداري
لمعهد الفيلم السويدي، يقوم بإرسال قائمة لهم تتضمن مائة وخمسين فيلماً من
الأفلام التي يوّد مشاهدتها، والمحفوظة في أرشيف معهد الفيلم المشابه
للسينماتيك الفرنسي. وفي بداية شهر يونيو (حزيران) من كل عام تنقل هذه
الأفلام بشاحنة إلى منزله في جزيرة فارو لعرضها في قاعته المجهزة بكامل
عدّة العرض. هناك، أقام بيرغمان طقس دائم: فهو يشاهد الفيلم في الساعة
الثالثة بعد الظهر من كل أسبوع خلال فصل الصيف، بمصاحبة أطفاله وأحفاده في
عطلاتهم الرسمية غالباً، وكان يقوم بتسليمهم قائمة بأسماء أفلام الأسبوع كل
يوم أثنين.
وإلى جانب المائة وخمسين فيلماً، ثمة قائمة أخرى تتضمن أفضل الأفلام
التي عرضت في الأشهر الماضية لاسيما تلك التي جرى الحديث عنها كثيراً في
الصحف والتي عادة ما يبعثها له الموزعون بأنفسهم.
بهذه الطريقة ولو بفاصل قصير من الزمن، يكون على تماس متواصل بالأفلام
الحالية، السويدية والعالمية معاً.
إذا ذكرت له فيلم (تحت الرمل) للمخرج الفرنسي فرانشيس أوزون مثلاً،
سيقول لك أنه عمل رائع وقد ترك تأثير كبير عليه ما جعله يشاهده مرات عديدة.
الأكثر من ذلك، هو يهتم ويعنى كثيراً بوّد وحب عاليين بالمجموعة الخاصة
لمكتبة الأفلام والفديو لعناوين أفلام تقرب من الـ ٤٥٠٠ فيلم تجهّز له من
قبل شركة لندن التي تمتلك قائمة بمعظم أفلام الدرجة الأولى، منذ ظهور
الفيلم على أشرطة الفديو، تلك الأفلام التي تعرض على شاشة تلفزيونية كبيرة
جداً.
ليس ثمة شيء مدهش أيضاً أن تكتشف وأنت تتحدث معه انه يمتلك معرفة
موسوعية بتأريخ السينما، في جانبيها الفني والتكنيكي معاً.
صسليس مسألة كبرى بالنسبة لفنان مثل بيرغمان إن تكون وجهة نظره بشأن
بعض المخرجين وأعمالهم تكاد تكون غريبة أو ربما مغايرة تماماً للرأي
التقليدي والسائد. فموقفه من أورسن ويلز مثلاً يوجزه بالشكل التالي:
"ويلز بالنسبة لي شخص متغطرس ويبالغ في الأشياء بشكل كبير. إنه شخصية
ضحلة وليست ذات شأن. فيلمه (المواطن كين) الذي أحتفظ به ضمن مختاراتي، هو
بالطبع الفيلم المفضل لدى جميع النقاد، ودائماً ما يوضع على قمة أفضل
الأفلام لكل الأزمنة. لماذا؟ لماذا كل هذا الإطلاق؟
خذ أداء الممثلين، إنه شيء رهيب ومزعج. ويلز يمشي وهو مرتدياً قناع،
لاسيما حين يلعب دور المليونير، الذي يُفترض به أن يكون وليم راندولف
هيرست. شيء مزعج!. إنه فيلم رديء وقد أضجرني حد الموت. أو فيلمه (عائلة
أمبرسون الرائعة) هو الآخر مزعج وممل.
وينبغي أن أضيف لكل ذلك إنني لا أحب أورسن ويلز أيضاً كممثل. في
هوليوود، يوجد نمطان:الممثلون والأشخاص. إنه فارق مهم.
ويلز لا يمكن مقارنته كشخص. لكن في جزء من فيلم "عطيل".. لا أتردد في
أن أقول لك ما أعتقد - إنه فظ.".
أما أنطونيوني، فماعدا إستثنائين إثنين فقط لم يكن لدى بيرغمان شيء
جيد ليقوله بشأنه:
"أنا لا أحب أفلام أنطونيوني كثيراً بإستثناء فيلمين مختلفين تماماً
عن أفلامه الأخرى وهما فيلم (الليل) و فيلم (إنفجار). لدي نسخة فديو كاسيت
لفيلم (الصرخة). أوه يا إلهي! إنه فيلم مضجر وبليد.
أنطونيوني لم يتعلم حرفته كما ينبغي. إنه شخص جمالي بحت. ولأعطيك
مثالاً على ذلك. حين أراد أن يُظهر نوعاً محدداً من الشوارع في فيلمه
(الرغبة الحمراء) قام بإعادة دهان البيوت ثانية في ذلك الشارع. هذا موقف
جمالي.
مشكلة أنطونيوني أنه يهتم كثيراً باللقطة الواحدة فقط بشكل مستقل
تماماً عن الفيلم ككل، وهو يدرك تماماً أن الفيلم سيل إيقاعي من الصور،
عملية حية ومتحركة. العكس بالنسبة له هو المهم. لذا تجد ثمة أجزاء ونتف
رائعة حقاً هنا وهناك في أفلامه.
فيلم (إنفجار) مثلاً لو وضع جنباً إلى جنب لأصبح فيلماً مدهشاً، كذلك
(الصرخة) الذي أشاهده بين الحين والآخر بسرور وإعجاب شديدين. أما الفيلم
الذي أثنوا عليه كثيراً وأعني فيلم "المغامرة" فأنا لا أكنّ له أي اعتبار
على الأطلاق. حقيقة الأمر أنني لا أفهم لماذا كل هذا التبجيل لأنطونيوني؟.
ونفس الشيء ينطبق على مونيكا فيتي! التي لا يراودني أي شك بأنها ممثلة
قذرة".
أحس بشكل مختلف تماماً نحو فلليني وأفلامه. لقد تعوّد أن يسميني
(أخي). كان من المفترض أن نعمل فيلماً معاً في إحدى المرات، ومعنا مخرج آخر
ثالث هو من المخرجين المفضلين لديّ وهو أكيرا كوروساوا.
كانت الفكرة هي أن يعمل كلّ منا قصة حب تشكل جزءاً من الفيلم الذي
تكلف بإنتاجه حينها دينو دي لورانتيس. أنا كتبت قصتي وطرت إلى روما، يومها
كان فلليني قد أنهى فيلمه (ساتيريكون)، وقد أمضينا وقتاً رائعاً معاً لثلاث
أسابيع فيما كنا بانتظار قدوم كيروساوا الذي أصيب بألتهاب رئوي حاد فجأة
وإعتذر عن المجيء ما دفع دينو دي لورانتيس أن يتخلى عن الفكرة تماماً.
كن على يقين أن فلليني كان يواجه صعوبة في أن يقرر أي قصة يريد أن
يقول. أنا كتبت القصة وجلبتها بسيناريو مفصّل، أما هو فقد جلب ثلاث صفحات
موجزة أراد أن يطوّرها في كتابة سيناريو مع أحد المتعاونين معه. كل ما
أتذكره، أنهما ربما لم يكتبا شيئاً.
الخلاصة، كل شيء تلاشى في الآخر لسبب واحد هو عدم قدرة كوروساوا على
المجيء بسبب سوء صحته. لكن في الفترة التي كنا في انتظاره أمضيت بعض الوقت
مع فيلليني في الاستديو وهو يعمل على فيلمه (ساتيريكون). تعرف، إنني أشعر
بالأسف الشديد حقاً لأن فيلماً كهذا والذي كاد أن يجمعنا نحن الثلاثة لم
يستطع أن يرى النور.
أنا أحب فلليني كثيراً. لقد زرته هو و زوجته جوليتا ماسينا على
الساحل، وتناولت معهما عشاء عيد الفصح الذي لن أنساه. كنا نحب بعضنا البعض
بشكل كبير. وأنا مستمر بالطبع في مشاهدة أفلامه. أحب فيلمه "سترادا" والأهم
من ذلك فيلمه الرائع (أماركود)
سألته عن المخرجين الذين تركوا فيه أثراً ما إنعكس في عشقه الكبير هذا
لفن السينما، قال:
لو أردنا التحدث عن المخرجين السينمائيين الذين أثروا فيّ وألهموني،
فعلينا أن نبدأ بفكتور سيستروم [ممثل وسيناريست ومخرج سينمائي سويدي] الذي
يحتل المقام الأول بالنسبة لي. ومن بعده يأتي مارسيل كارنيه [مخرج فرنسي]
ثم كيروساوا وفلليني. أهميتهم لا تأتي بالطبع حسب التسلسل المذكور!. فأنا
أكنّ لهم جميعاً التقدير الكبير. ففيلم سيستروم "المركبة الوهمية" أحاول
مشاهدته مرة في العام على الأقل. بل أصبح عرفاً لديّ أن أبدأ موسمي
السينمائي بهذا الفيلم وأنهيه بفيلمه الآخر (فتاة من مارش كروفت). هذان
الفيلمان يمسانني في الصميم حقاً. لقد أصبحت مشاهدتي لهما مرات عديدة أشبه
بطقس. يمكن أن تسميه نوعاً من الإدمان أو العيب إذا شئت.
حين يجري الحديث عن أفلام فيكتور سيستروم الهوليوودية يحّب الناس أن
يذكروا فيلمه (الريح) في المقام الأول وهو عمل مذهل بلا شك، لكنني شخصياً
أجد فيلمه "الذي نال صفعة" هو الأكثر أهمية.
أتسائل أحياناً، هل من المعقول أن سيستروم إستطاع أن يتأقلم مع
هوليوود وهو لم يزل مخرجاً مبتكراً؟".
لقد أصبح فيكتور سيستروم فيما بعد المستشار الفني لأستديوهات سفينيسك
[وهي شركة سينمائية منتجة كبيرة وقفت خلف الكثير من أفلام بيرغمان] فقد قام
بيرغمان وهو في الثامنة والعشرين من عمره من إخراج فيلمه الأول "الأزمة"،
في ستديوهات الشركة في مدينة رازوندا القريبة من ستوكهولم.
"كان شخصا رائعا" يقول بيرغمان، مواصلاً حديثه:"كريماً بنصحه، بسيطاً
لكنه حكيم:
(لاتعمل مشاكل غير ضرورية وأنت تخرج فيلمك)، هكذا إعتاد أن يقول لي:
(لا تخلق مشاكل كثيرة لنفسك ولفريق عملك. ادرس حركات الكاميرا جيداً
قبل البدء بالتصوير ـ إنك مازلت بعد تجهل كيف تتحكم بأشياء كهذه، لذا لا
تزعج نفسك بها. لا تعقد الأشياء بالنسبة للمثلين. إجعل ديكوراتك بسيطة
ومقتصدة).
هذه نصائح نفيسة مقدمّة لشاب يمقت السائد ويتوق للتجريب!.
إنني أعشق البعض من الأفلام الصامتة، وأعتقد أنني لا أستطيع مقاومة
إغواءها، بل أشعر بضعف خاص إزاءها، لاسيما تلك التي أنتجت في النصف الثاني
من عشرينات القرن الماضي، قبل أن يستخدم الصوت في السينما، حيث كانت
السينما حينها مشغولة بمجرى عملية خلق لغتها الخاصة بها. وأحد تلك الأفلام
هو (الضحكة الأخيرة) للمخرج الألماني ف. مورنا عام ١٩٢٤، الفيلم الذي لعب
فيه الممثل إيميل جانينغز دور بواب الفندق، والذي يحكي قصته بلغة بصرية
وليونة فانتازية. بعده فيلمه الآخر (فاوست) ١٩٢٦. وأخيراً الفيلم الرائع
(شروق الشمس) ١٩٢٧.
ثلاث أعمال مدهشة، تؤكد لنا أن مورنا هو مثل إيريك فون ستروهيم [ممثل
ومخرج أسترالي] في هوليوود، كان مخرجاً في طريقه لخلق لغة مميزة وأصيلة
بشكل رائع. بالمناسبة، أنا أرجح السينما الألمانية في هذا الشأن بين
السينمات الأخرى.
ينبغي أن أعترف عن شعوري بالضعف إزاء أفلام الشركة الألمانية للإنتاج
السينمائي (SF)
والتي تم إنتاجها بعد الحرب العالمية الأولى.
حين بدأتُ العمل في (SF)
عام ١٩٤٢ كمساعد سيناريست في قسم السيناريو، وكان عمري يومها حوالي ٢٤
عاماً، كانت المهمة الرئيسة بالنسبة لي ولخمس أو ست من زملائي، هي تطبيق
المبادىء الدرامية الأمريكية في عملنا.
كانت هناك ثلاث غرف عرض في الطابق السفلي لقسم التوزيع يتم عرض
الأفلام فيها دون توقف، وكنت أهبط مسرعاً إلى هناك للمشاهدة حين يكون لدي
وقت. كان لدينا إذن غير محدود بالدخول إلى هناك والنتيجة أننا أصبحنا
متعودين على المعالجات الأمريكية للدراما والتي يصعب الخروج من أسرها بيسر.
حين أخرجت أولى أفلامي كنت سعيداً وراضياً أنني أمتلك أسساً ثابتة
كهذه أقف عليها. بعدها، بالطبع، تخلصت منها، لكنها كانت في البدء عوناً
قوياً وراسخاً.
- أما ما يتعلق بشأن الدراماتورغ الأمريكي، فليس هناك ممن يمثله يعني
لي شيء أكثر من العجوز النمساوي بيللي وايلدر [مخرج وسيناريست ومنتج وصحفي
أمريكي نمساوي الأصل ١٩٠٦-٢٠٠٢]. أما جون فورد، فيمكنني رؤية عظمته بجلاء
كمخرج، لكن المشكلة إن أفلامه لم تقل لي شيئاً.
أما مع بيللي وايلدر، فيحدث العكس. فهو مخرج عبقري حين يتعلق الأمر
بالمّمثل، لأنه ينتقي ممثليه بدقة وكمال دائماً حتى في حالة مارلين مونرو.
قابلته مرة حين كان على وشك الانتهاء من تصوير فيلمه (فيدورا) في
بافاريا. كنت يومها في ألمانيا للتحضير لفيلمي (من حياة ماريونيتس).
لقد أحببت أفلامه على الدوام.".
في طفولته وأثناء فترة مراهقته، كان بيرغمان يرتاد صالات السينما بقدر
ما يستطيع، لاسيما العروض الصباحية أيام الآحاد. فقد كان يشاهد غالباً
فيلمين بعد الظهيرة، الأول في الساعة الواحدة والآخر في الثالثة. يقول في
هذا الصدد:
"لقد كنت أشحذ وأستدين أو أسرق لأحصل على ثمن بطاقة الدخول إلى
السينما، لأن ثمنها قفز حينها بأضعاف مرتبي الأسبوعي. أما الأمر الأكثر
صعوبة فقد كان في المنزل، لاسيما الأصغاء إلى خطبة والدي القس إريك بيرغمان
يوم الأحد. كان يجب علينا نحن الأطفال أن نحضر الطقس الأسبوعي "قهوة
الكنيسة". الشيء الذي لم أكن أفهمه حينها هو إن علينا أن نسهم في إنجاز ذلك
الطقس وأن نتصرف على أحسن وجه!.
كانت خدعتنا العتيدة آنذاك هي الزوغان بهدوء في الوقت المحدد لبدأ عرض
الظهيرة الأول. أما إذا كان العرض الثاني طويلاً فقد كنت أغامر بالمجيء
متأخراً لحضور طقس عائلي إلزامي آخر، هو غداء الأحد، والذي يجري في الساعة
الخامسة. وهكذا فحين كنت مراهقاً كنت أمضي وقتي أجري وأجول. من حسن الحظ
كانت في ستوكهولم آنذاك دور سينما صغيرة كثيرة قريبة من بيتنا وذلك ما جعل
الأمر ممكناً".
س: وهل كان عشقك للأفلام يزعج والديك؟
"كلا على الأطلاق. كانا يحبان السينما ويذهبان معاً لمشاهدة الأفلام.
أتذكر أنني تصادمت مرة مع والدتي. كان عمري حينها ثمانية عشر عاماً على ما
أظن بسبب مشاهدتي الفيلم الأخير للمخرج الفرنسي جولين دوفيفير. قلت
لها:(أمي، ينبغي أن تذهبي لمشاهدته!.).
يتذكر والداي نصيحتي المتحمسة لهما تلك لمشاهدة فيلم جولين دوفيفير
"قاطع الطريق" الذي يلعبه جان غابان. بعد مشاهدتهما للفيلم غضبت والدتي
عليّ قائلة:(فيلم دوفيفير ليس تسلية مناسبة للقس إريك بيرغمان وزوجته. كيف
يمكنك أن تشاهد قذارة أخلاقية مريعة كهذه؟). بعدها لم أعد أقدم لهما نصائح
بشأن مشاهدة الأفلام.
هذه الحادثة تذكرني بمشهد صغير حدث في المهرجان السينمائي في فرنسا
خلال الستينات. كنت متواجداً مرة هناك لعدة أسباب لم أعد أتذكرها، وقد أراد
مني أحد الجالسين في قاعة النقد معرفة أي الأفلام أكثر أهمية بالنسبة لي.
أجبت بصدق أن أفلام كارنيه ودوفيفير كان لها الأثر والدور الحاسم في رغبتي
أن أكون مخرجاً سينمائياً. لقد شاهدت أفلام كارنيه (مرفأ الظلال) و (فندق
نورد) و (الفجر) وأفلام دوفيفير (قاطع الطريق) و (كريستين) في الأعوام
مابين ١٩٣٦ و ١٩٣٩.
كان لهذه الأفلام تأثير كبير عليّ. قلت لنفسي يومها: إذا ما استطعت
يوماً أن أكون مخرجاً، فسأعمل أفلاماً على شاكلة أفلام كارنيه!. نعم، لقد
كان لتلك الأفلام تأثير مذهل عليّ حقاً.
حين كنت أذكر أسماء كارنيه و دوفيفير في المهرجان السينمائي الفرنسي
كانت ردود أفعال الجمهور مشوبة بالضحك أو القهقهة يشيان بنوع من الازدراء
والاحتقار. كان بوسعي قراءة تعبيرات وجوههم لمعرفة ما يفكرون به:(أي أحمق
وأبله بيرغمان هذا!.). أما لو قلت أو ذكرت اسم جان رينوار مثلاً، فسيكون
ذلك شيء مسرّ لهم بالطبع!.
الإتجاه الأفتراضي الذي يعرف بـ (السينما السياسية) كان أمراً رائجاً
في ذلك الوقت إذا لم أكن مخطئاً،، وكان معظم النقاد الفرنسيين تنفّذاً ممن
تبعوا يومها الطريق الذي شقه لهم فرانسوا تروﭬو قد رفضوا لقب (أب السينما).
كان جان لوك غودار هو المخرج المّؤله والمعبود الجديد للسينما إلخ...
لذا فقد كانت زلة أو خطأ شنيع مني أن أثني حينها على هذين المهرجين
العجوزين!. ومع ذلك لا زلت أستمتع برؤية أفلامهما حتى هذه اللحظة. أشاهدها
بسرور كبير وأعتبرها أعمالاً ممتازة. لقد تضمنت تلك الأفلام الحزن والرقة
والشهوانية منجزة ببساطة مدهشة.".
كان فيلم بيرغمان (مونيكا) بمثابة إلهام لبعض الكتاب الشباب من (مجلة
الدفاتر السينمائية) لاسيما حين شاهدوه ثانية بعد سنين عدّة بعد الأستقبال
الأول غير الودي الذي قوبل به في عام ١٩٥٣. حينئذ أصبح الفيلم نموذجاً
لأولئك الكتاب الذي درسوا بطرقهم الخاصة كي يصبحوا أنفسهم مخرجين حسب
أنطوان دي بوك في كتابه (الموجة الجديدة: صورة الشباب) ١٩٩٨. غودار نفسه
كتب بإعجاب شديد عن فيلم (مونيكا).
الآن وبعد سنين مضت، يضيف مخرج فيلم (مونيكا) التالي بشأن تروﭬو :
"ثمة مشهد رمزي رائع في فيلم تروﭬو(٤٠٠ ضربة) الذي يسرق الصبيان فيه علب
الفيلم عندما يكون هارييت خارج الصالة. أنا معجب بتروﭬو وأحبه بشكل كبير.
تعجبني طريقته في خلق الصلة بالمتفرج، وأسلوبه في سرد قصة الفيلم،اللذان
هما بمثابة شيئين مدهشين ورائعين حقاً.
طريقته في سرد القصة لا تشبه طريقتي بالطبع، لكنها تعمل بشكل رائع
فيما يتعلق بالفيلم بإعتباره وسيطاً. (الليلة الأمريكية) فيلم ساحر. بوسعي
حقاً مشاهدة بعض أفلام تروﭬو مرة ثانية وثالثة دون الأحساس بالتعب أو
الضجر. أحب فيلم (الطفل المتوحش) مثلاً. إنسانيته تركت تأثيراً كبيراً
عليّ.".
من جانب آخر، عبّر بيرغمان عن نفوره الشديد من غودار ونزعاته
الأفانغاردية قائلاً: "أنا لا أستطيع أن أثمن أو أعجب أو أفهم أي فيلم من
أفلامه. كنا تروﭬو وأنا نلتقي في مناسبات عديدة في المهرجانات السينمائية،
وكان لدينا وفاق وفهم مشترك يمتد إلى أفلامه. أما غودار، فأفلامه، رغم أنها
مؤثرة وذهنية وتتضمن هواجس ذاتية إلخ.. إلا إنها، كسينما، ليست ممتعة أو
مثيرة للانتباه وهي بصدق غبية ومضجرة.
كثيراً ما أفكر أن غودار يعمل أفلام من أجل النقاد فقط. لقد صور أحد
أفلامه هنا في السويد، أظن اسمه (ذكوري ـ أنثوي). فيلم في منتهى السوء.
إن الذي أحبه من هؤلاء المخرجين الثلاثة من الموجة الجديدة، هو كلود
شابرول، المخرج المتخصص بالدرامات الإجرامية. إنه راوي فيلم من الطراز
الأول وبأسلوب من نوع خاص. أنا شخصياً أشعر بالضعف أمام أفلامه، تماماً
بنفس الضعف الذي أشعر به أمام افلام جان بيير ميلفيل ومعالجاته المؤسلبة
للدراما الإجرامية المصحوبة بذائقة ممتازة في إضاءة المشهد. أحب مشاهدة
افلامه باستمرار وهو أحد أوائل المخرجين الذين يفهمون حقاً كيفية استخدام
السينما البانورامية (السينما سكوب) بطريقة ذكية وحساسة.
كتب ناقد فرنسي بشأن فيلمي (سوناتة الخريف)، إن السيد بيرغمان قد بدأ
يشّكل ظاهرة إسمها [أفلام بيرغمان] عبر هذا الفيلم. لم يكن ذلك يعني ثناءً
لي بالطبع، لكنني مع ذلك لا زلت أفكر أنها ملاحظة ذكية ومتسمة بالتبصر
جعلتني أنتبه لها حقاً لأنني كنت أدرك بالضبط ماكان يعنيه ذلك الناقد. لقد
كان مصيباً بالمطلق. لذا ينبغي على المخرج تماماً أن يبذل جهوداً لتجنب أن
يكون (ظاهرة) بكل الأثمان.
فلليني عمل أفلاماً قليلة بشأن ما عرف بظاهرة [أفلام فيلليني]. لم
يستطيع أن يحيا مدة طويلة كافية من أجل ذلك، بل فترة وجيزة فقط. لكن ذلك هو
لا شيء بالمقارنة مع أندريه تاركوفسكي. أعني بالضبط مغادرته الأتحاد
السوفييتي التي كانت بمثابة كارثة فنية حقاً.
خذ فيلمه (التضحية) مثلاً، إنه مجرد فوضى ميؤوس منها. الممثل إيرلند
جوزيفسن، الشخصية الرئيسية في الفيلم، كتب مسرحية إذاعية كوميدية مذهلة عن
إحدى الليالي الصيفية التي كان فيها تاركوفسكي وفريقه السينمائي يصوّرون
لقطات خارجية للفيلم: إنها كشف مضحك جداً. لكن ينبغي القول رغم ذلك، أن
تاركوفسكي منحني أحد أعظم وأكبر الخبرات السينمائية التي لا تنسى في حياتي.
أتذكر أنني كنت والمخرج السويدي كجيل غريدي نشاهد فيلماً في غرفة
العرض في ستديو
SF،
وقد أثارت انتباهي خزانة تحتوي على كومة من العلب الفيلمية. سألت
العارض:"ماهذا؟".
أجاب:"أوه، إنها مجرد قمامة روسية". بعدها لمحت اسم تاركوفسكي مدوّن على
إحدى تلك العلب، وقلت لغريدي:"اسمع، لقد قرأت شيء ما عن هذا الفيلم. ينبغي
أن نرى عن أي شيء يتحدث". عندها رشونا العارض ليرينا الفيلم وكان فيلم
(أندريه روبولوف).
حين خرجنا حوالي الساعة الثانية والنصف صباحاً نترنح خارج غرفة العرض
وعيوننا محتقنة كنا مصعوقين ومرتعشين. ليس بمقدوري أن أنسى هذا الفيلم
مطلقاً. الشيء المدهش والأستثنائي إنه لم يكن يتضمن ترجمة باللغة السويدية!
بمعنى إننا لم نفهم كلمة روسية واحدة منه، لكن رغم ذلك كنا مصعوقين
ومندهشين بقوته. وقد عمل تاركوفسكي فيلماً آخر رائع أحبه كثيراً هو
(المرآة).
الممثل إيرلند جوسيفسن لعب الأدوار الرئيسية في فيلمين لتاركوفسكي
وكان هو تاركوفسكي يتحدثان طويلاً، وقد فهمت منه الموقف الغريب لتاركوفسكي
إزاْء الممثلين، فهو لم يكن يريدهم أن يمثلوا إطلاقاً، كما أخبرني.
بغض النظر عن أفلامه، تاركوفسكي يعجبني أيضاً كإنسان. وسأخبرك بشي حول
علاقتي به ظلت تؤلمني ذكراه حتى الآن. كان تاركوفسكي يصّور مشاهد خارجية
لفيلمه (التضحية) في السويد في مدينة غوتلاند كما أتذكر، وكان يتطلب مني
عشرون دقيقة فقط للوصول إلى هناك وزيارته لكنني لم أفعل ذلك!. تصّور إنني
لا زلت أفكر بهذا الموضوع حتى الآن: هنا يوجد شخص يعني بالنسبة لي الكثير،
شخص له تاثير كبير عليّ كمخرج وكإنسان، ربما في موقفه من الحياة أكثر من
كونه مخرجاً سينمائي، فلماذا لم أزوره وهو قريب جداً مني!؟
ربما كانت اللغة هي السبب! فتاركوفسكي لم يكن يتكلم الألمانية ولا
الإنكليزية، اللغتان الأجنبيتان الوحيدتان اللتان كنت أجيد التحدث بهما.
كان تاركوفسكي يتكلم قليلاً بالفرنسية وقليلاً بالأيطالية، لذا كان علينا
في هذه الحال اقامة الصلة بيننا عبر مترجم. إلا إنني كنت أحبذ التحدث معه
مباشرة عن أشياء كثيرة يكون وجود المترجم فيها ليس ذي جدوى. لذا لم نلتق
مطلقاً للأسف الشديد. تصور!. لقد شعرت بحزن عميق أكثر لأنه توفي بعدها
بسرعة.".
حينما سألت بيرغمان عن ردود أفعاله حول ما يكتبه النقاد عنه وعن
أفلامه؟ قاطعني ملوحاً بأصبعه نحوي قائلاً:
"إسمع، لقد تهجمت علي ّ أكثر من مرة! أظن أنك واحد من أعدائي!".
بعدها إنفجر فجأة بالضحك مضيفاً:"لا تقلق، أنا أمزح معك. واضح جداً
أنك كنت تقتفي أثري منذ سنين طويلة وهذا شيء جيد".
وحول البعض من النقاد الذين يتذكرهم بيرغمان بقليل من المرح والتسامح
رغم أنهم سببوا له جراحات مؤلمة، يقول:
"لقد بدأت مشواري الفني بصعوبة كبيرة لا يقدرها أحد الآن. كانت ظروف
صعبة للغاية حقاً. أتذكر ناقداً شهيراً، كتب حول فيلمي (النشارة والبهرجة)
في جريدة يومية التعليق التالي:(أنا لن أقلل من قيمتي لأذهب وأرى القيء
الأخير الذي تقيأه بيرغمان).
وثمة ناقد أدبي آخر معتبر في ميدانه وذو سمعه واسم معروف في النقاشات
الأدبية، تلطفّ وذهب لمشاهدة فيلمي (إبتسامات ليلة صيف) وفي اليوم التالي
كتب يحذر القراء بقوله: (أن الفيلم يشي بخيالات مقرفة لشاب تملأ وجهه
البثور. إنني أشعر بالخجل لأنني شاهدت هذا الفيلم].
تصّور ماذا سيصيبك ازاء تعليقات كهذه. لقد كنت مضطراً أن أحتمل كل ذلك مع
العديد من التعليقات الشبيهة الأخرى.".
س: يبدو لي أن النقاد من البلدان الأخرى كانوا أكثر فطنة وتقديراً من
النقاد السويديون في تقييمهم لأفلامك. ماذا تقول؟
"محتمل أن ما تقوله صحيح. لكن في ذات الوقت ينبغي ان تعرف شيئاً
واحداً جوهري هو إن تلك الشهرة التي ارتبطت باسمي كمخرج سينمائي شيء غريب
علي تماماً صدقني. لقد كان الأمر كما لو أن الناس كانوا يكتبون أو يتحدثون
عن شخص آخر، شخص بعيد القرابة مني، شخص لاعلاقة لي به مطلقاً. فأنا مثلاً
نادراً ما أشاهد أي فيلم من أفلامي القديمة".
س: ألأنك لا تحبها؟
"كلا، ليس هذا هو السبب. السبب أنها تشوشني وتتعبني جداً، وتجعلني
أنجرف بسيل من الذكريات تعيدني إلى ظروف إنتاجها، وهي ذكريات حزينة غالباً.
لقد أدركت من خلال تجربتي الطويلة أن ثمة شيء مدهش ورائع حين تكون
مخرجاً مسرحياً وليس مخرجاً سينمائياً: في المسرح تخرج مسرحية وتريها
للمتفرجين مرات عديدة جداً وبعد ذلك تنتهي ومعها ينتهي كل شيء. أما الأفلام
فهي تبقى إلى الأبد. وهذا الأمر يكون في بعض الأحيان مؤلم جداً. أحياناً
تكتشف أن أفلامك قطعّت إلى نتف صغيرة بأيادي تفتقد الحس.
دعني أحكي لك هذا الموضوع الطريف والمؤلم في نفس الوقت. أنت تعرف أن
كل نسخة من الفيلم تبدأ بشريط فارغ طويل هو الليدر يوضع في بداية الفيلم.
حسناً، في حالة فيلمي (بيرسونا) مثلاً، كنت أضع على قسم من هذا الشريط صورة
لعضو ذكر منتصب وتحتل هذه الصورة حوالي أربع فريمات منه. أنت تعرف إن شريط
الفيلم بحاجة إلى مرور ٢٤ فريم في الثانية الواحدة في جهاز العرض لكي تبدأ
الصورة في الظهور والحركة، فتصور حجم الصعوبة في رؤية وتمييز هذه الفريمات
الأربعة الآنفة الذكر على الشاشة، لأنها لا تمثل سوى ١ إلى ٦ من الثانية!
ومن الصعب أن يستوعبها الدماغ والعين. لكنها مع ذلك أكتشفت!.
لقد قوبل فيلم (بيرسونا) باهتمام كبير خارج السويد وشوهد في كل مكان
من العالم تقريباً، لكن تلك الفريمات الأربعة (أعني صورة عضو الذكر
المنتصب) كانت تحذف من الشريط في كل مكان كان يعرض فيه الفيلم على الرغم من
أنها لا تظهر على الشاشة!. وحين فحصت بالمصادفة نسخة النجاتيف السويدية
للفيلم، صّدق أو لا تصدق، وجدت أنها محذوفة أيضاً!.
المهم، إستطعت أخيراً، لحسن الحظ، أن أعثر على نسخة من الفيلم لا زالت
تتضمن تلك الفريمات الأربعة في بداية الشريط، لذا طبعت نسخة نجاتيف أخرى
مأخوذة من بوزاتيف الفيلم وطبعت نسخ عرض منها. أما اكتشاف تلك الفريمات
الأربعة فقد صدمني يومها حقاً.
عموماً، الشيء الحيوي والأساسي هو إن على الناس الذين يأتوا لمشاهدة
فيلم أن يقدرّوا المعجزة العظيمة للسينما، خاصيتها الإستثنائية، وأعني بها
اللقطة الكبيرة (كلوز آب)، أو الوجه الإنساني بالتحديد.
السينما هي مثل الموسيقى تماماً، وسيلة فانتازية، لأنها تجتاز ذهنك
وتتوجه إلى أحاسيسك مباشرة. لذا فإن إستخدام اللقطة الكبيرة (كلوز آب) بشكل
صائب وفي اللحظة المناسبة يمكن أن تخلق تأثيراً مذهلاً عند المتفرج.
إذا صّورت لقطة كلوز آب بدقة ووعي وتشكيل محكم ومضاءة على نحو كاف
ومرّكزة على ممثل موهوب أو ممثلة موهوبة، يمكنك أن تبقيها على الشاشة الوقت
الذي تشاء!.عندما كنت حيوياً - كمخرج سينمائي - كان حلمي الكبير أن أعمل
فيلماً مصوراً كله في لقطة كلوز آب واحدة فقط.
على أي حال، لنعد للشخص الغريب، البعيد القرابة مني الذي ذكرته آنفا
ً. بكلمة مبتسرة أقول، إنني لا أعتبر نفسي أي شيء مطلقاً أكثر من حِرَفي
كفؤ يجيد مهنته. هذا هو أنا وليس أكثر. لقد عملت أشياء، أفلام أو مسرحيات،
إعتبرها الناس ذا فائدة وهذا يكفي. لم أشعر مطلقاً أنني بحاجة إلى... أبدية
شبه بادية للعيان... (يقولها بالفرنسية). لم يسبق لي مطلقاً أن عملت على
موضوع "الأبدية" بعين واحدة. شيء كهذا لا يعني لي أي شيء. ما يعنيني بالضبط
هو إنجاز قطعة فنية محترفة بشكل ممتاز. نعم. أنا فخور أن أسمّي نفسي حِرّفي
مثل الحرفي الذي يصنع الكراسي والموائد التي يجدها الناس نافعة".
(*) أجرى هذه المقابلة الناقد السويدي (جان أغيد) للقناة التلفزيونية
السويدية بوزاتيف. ستوكهولم مارس آذار ٢٠٠٢.
المصدر: مجلة بروجيگشنس. العدد ١٣
تحرير إيزابيلا ويبريشت و جون بورمان ٢٠٠٤ (ص١٧٣)
a-film50@hotmail.co.uk
علي كامل مخرج سينمائي مقيم في لندن
الحلقة
الاولى
إيلاف في
11/01/2011
غموض منع
Fair Game
يثير
علامات الإستفهام
إيمان عبد الغني من القاهرة
أثار الغموض حول عرض الفيلم الأمريكي "اللعبة العادلة Fair Game"
في مصر الذي يشارك في بطولته الفنان خالد النبوي العديد من علامات
الإستفهام حول القرار المفاجئ بمنع العرض الأول للفيلم الذي
كان من المقرر إقامته
أول أمس الثلاثاء في عرض خاص بحضور خالد النبوي وعدد من الصحفيين والنقاد
تمهيداً
لعرضه الجماهيري الأول بدور العرض المصرية اليوم الأربعاء 12 يناير.
وكانت الرقابة برئاسة د. سيد
خطاب قد فرضت تأجيل الفيلم لحين مشاهدته بنفسه للتأكد من أن
الفيلم لا يسيء للعرب،
والذي يجسد فيه خالد النبوي عالم ذرة عراقي يدعى "حمد".
ولم تكن تلك الأزمة الأولى التي تلاحق فيلم
Fair Game
حتى
قبل وصوله مصر فأثار عرضه في مايو من العام الماضي في مهرجان "كان"
السينمائي أزمة
كبيرة بعد اتهام خالد النبوي بالتطبيع بموافقته مشاركة ممثلة إسرائيلية
الجنسية في
الفيلم والتصوير على السجادة الحمراء أثناء عرض الفيلم في
المهرجان، برر خالد
النبوي وقتها بأن الفيلم يضم عشرات الممثلين غير الممثلة الإسرائيلية وأنه
إنتاج
هيئة أبوظبي للثقافة كما أن بطله شون بين أحد أبرز مناهضي الصهيونة ومعروف
بمواقفه
الصريحة من الإدارة الأمريكية السابقة بسبب دورها في فلسطين
والعراق.
يذكر أن فيلم
Fair Game
من مذكرات الجاسوسة الأميركية
السابقة "فاليري بلايم" الصادرة عام 2007 بعنوان "لعبة عادلة
حياتي كجاسوسة وخيانة
البيت الأبيض لي"، ويسرد الفيلم تفاصيل ما عرف بالـ"بلايم جيت"
أو الفضيحة السياسية
التي هزت الرأي العام الأميركي.
فيلم قام فيلم
Fair Game
ببطولته الإسترالية ناعومي واتس
في دور "فاليري بلايم" والأمريكي حائز الأوسكار شون بن في دور
زوجها في رابع تجربة
لهما معا ومن إخراج دوج ليمان.
شريط في
11/01/2011 |