يبحث المخرج خالد يوسف دائماً عن الجديد ليقدمه في أعماله التي يعتبرها
تصويراً لمعاناة الناس ولسان حال همومهم. ينتصر دائماً لقناعاته الفنية على
رغم ما يعترضه من مشكلات. يبحث مع كل تجربة سينمائية عن معنى جديد للحياة
ونقطة شائكة في واقعنا العربي ليسلط عليها الضوء والكاميرا. وعلى رغم الجدل
الذي قد يثيره هذا المخرج المتميز إلا فإنه يؤخذ على محمل إيجابي كونه يعكس
صدقاً في التناول حمل الناس إلى التفكير والتحليل.
·
ماذا عن فيلمك الجديد «كف القمر»
الذي تنجزه حالياً؟
- «كف
القمر» قصة إنسانية بسيطة عن أم تحتضر فترسل ابنها الأكبر في طلب إخوته
لتراهم قبل أن توافيها المنية. وفي رحلة بحث هذا الإبن عن إخوته، نكتشف كم
هم
مشرذمون متفرقون وبينهم الكثير من الخلافات والتناقضات والمشكلات. وفي
النهاية لا
يرجعون وتموت الأم من دون أن تراهم. الفيلم من تأليف ناصر عبدالرحمن وبطولة
عدد من
النجوم كخالد صالح ووفاء عامر وحسن الرداد وجمانة مراد وهيثم أحمد زكي.
·
هل هذه الحدوتة ذات إسقاط سياسي،
وكأن العرب لا يجتمعون إلا حتى ولو من حول
نعش هذه الأمة؟
-
كثيراً ما تُقدم قصص بسيطة للناس، ويرون فيها إسقاطات سياسية أو اجتماعية.
في
النهاية للمشاهد كل الحق في ما يصل اليه من استنتاجات من خلال مشاهدته
الفيلم.
·
ألا تتخوف من تقديم هذه الصورة
القاتمة في «كف القمر»؟
-
لا. لدي أمل كبير في نهاية الفيلم. أنا من الناس الذين يعتقدون في البعث
الجديد. ولأن هذه الأمة اليوم في آخر درجات الغيبوبة وفي أسفل المنحنى، لا
بد من
بعث جديد. والتاريخ يقول إننا عندما نصل إلى القاع لا بد من أن نعلو مرة
أخرى. ولدي
أمل كبير في ذلك؛ لأننا الآن في القاع.
·
ما الفيلم الذي قدمته وعبّر عنك؟
-
كل أفلامي تعبر عني.
·
لكنك أحياناً تقدم الواقع،
وأحياناً تحلق بخيالك كما في «الريس عمر
حرب»؟
-
كل فيلم له دراما مختلفة وطابع خاص أخاطب به المتلقي لأوصل فكرة معينة.
وعلى
رغم أننا حلقنا في عالم الخيال في «الريس عمر حرب»، فإنني لست ضد البعد
الواقعي في
الفيلم إذا ما ربط بعالم الكازينو.
·
كثيراً ما تتحدث عن أزمة السينما
ومشاكلها. برأيك ما المخرج؟
-
لا يمكن فصل المناخ العام عن السينما. ومع وجود حالة من التردي يعيشها
الفرد
سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، لا يمكن أن يكون هناك حل سحري لنهضة صناعة
السينما
أو أي صناعة أخرى. منظومة التقدم والنهضة منظومة متكاملة. ونهضة العلوم
تواكبها
نهضة في الفنون والآداب، وهذا يحدث على مر التاريخ، كما في الستينات، عندما
كنا
نعيش شيئاً من النهضة أو مشروعاً نهضوياً أو حلماً، وكان لدينا تقدم مذهل
في الفنون
والآداب.
·
هل اختلفت مواسم العرض الآن عن
زمان؟
-
طول عمر السينما مواسم. قديماً كان النظام مختلفاً تماماً، إذ كانت الأفلام
تنزل بنسختين أو ثلاثة (نسختان في القاهرة ونسخة في الإسكندرية) أو 4 نسخ
على
الأكثر. وتستمر في دور العرض على مدى سنة كاملة. وتتوالى عليها مواسم
الأعياد
والإجازات والمناسبات. وكان لا بد للجمهور أن يشاهدها. ثم يتم تدوير هذه
النسخ لمدة
سنة أخرى في سينما الأقاليم. الوضع اليوم مختلف.إذ تنزل ألأفلام بـ 70 أو
80 نسخة
للعرض في السينما لأسابيع، ثم يوزع الفيلم عبر الفضائيات.
·
ما رأيك في الأزمة الأخيرة
المرتبطة باحتكار السينما من خلال شركات الإنتاج
والتوزيع ودور العرض التابعة لها؟
-
ما يطبق في السينما المصرية لا يندرج تحت بند الاحتكار على رغم أني ضده وضد
أن
تنقسم السينما إلى فريقين متنافسين تتعارض مصالحهما إلى هذا الحد. فالمفترض
أن
صناعة السينما واحدة. وتصب النتيجة في خندق واحد، فإذا نجح هذا أو فشل يصب
في خندق
الآخر. لكن أن يتصارع كيانان منفصلان إلى هذا الحد ويصبح فشل أحدهما هو
نجاح للآخر.
فهذه كارثة لا تعكس علاقة صحية تزدهر بها صناعة السينما. أما من ناحية
القوانين،
فأعتقد أن الاحتكار لا ينطبق على هذه الحالة تحديداً، لأن الفيلم كأي منتج
أنتجه
وأعرضه في المحل الخاص بي. فالاحتكار يعني أنني أحتكر هذه السلعة وأستطيع
أن أمنعها
عن أي شخص وأستطيع أن أرفع أسعارها أو أخفضها كما أريد، لأتحكم في السوق.
وهذا ما
لا يحدث في السينما اليوم، فهناك كيانان ينتجان، وكلاهما يوزع أفلامه التي
ينتجها
في الصالات المملوكة له وهذا ما لا أؤيده مطلقاً لأنه يحرم فئات من
المشاهدين من
منتج أحدهما لمجرد أن هؤلاء المشاهدين لا يذهبون إلا إلى دور عرض معينة،
بسبب
الارتباط المكاني أو الجغرافي على سبيل المثال. فإذا لم تعرض هذه السينما
كل
الأفلام وعرضت بعضها حرم المشاهد من أفلام بعينها وحرم الممثلون من عرض
أعمالهم على
كل المشاهدين.
ضجيج
·
هل تجد أن ضجيج الساحة الغنائية
والتمثيلية تمكن من الساحة الإخراجية؟
-
الساحة الإخراجية لا تعاني الضجيج. مصر دائماً زاخرة بالمواهب والخبرات،
ولذا
نجد وفرة من المخرجين المتميزيين. ويكفي أن مصر أنجبت أمثال يوسف شاهين
وصلاح أبو
سيف وعز الدين ذو الفقار وهنري بركات وغيرهم من الأسماء التي لا يتسع لنا
المجال
لذكرها جميعاً.
·
لماذا برأيك أسماء الجيل الماضي
من المخرجين أكثر بريقاً من الأجيال
اللاحقة؟
-
هذا كلام ينطوي على ظلم، فالأسماء الكبيرة صارت كذلك بعد أن عملوا وكافحوا
لسنوات طويلة وأخذوا هذا الصيت بعد 30 أو 40 سنة. فكيف نقارن بهم جيلاً
يعمل منذ
عشر سنوات؟ هذا ظلم. وبعد 30 أو 40 سنة سنجد هذه الأسماء صارت بنفس بريق
الجيل الذي
سبقها.
·
من تود أن تعمل معه من النجوم؟
-
يحيى الفخراني، ومحمود عبدالعزيز.
·
ومن الشباب؟
-
عملت مع معظم النجوم الشباب. ومن لم أتعاون معهم حتى الآن: أحمد السقا،
وكريم
عبدالعزيز، وأحمد عز.
·
هل ستقدمهم أيضاً في أفلام ذات
صورة قاتمة؟
-هذا
اتهام خاطئ، فأنا لا أقدم مطلقاً في أفلامي صورة قاتمة. أنا مؤمن أن من لا
يملك أملاً لا يملك مستقبلاً. وأعتقد أنني أملك مستقبلاً لأني أملك أملاً
طول
الوقت. كوني واقعياً لا يعني أن الصورة قاتمة. وكوني محبطاً لا يعني مطلقاً
أنني
متشائم.
خارج النجومية
·
ولكن بعض نجوم الشباب ممن لم
تتعاون معهم يقدمون نوعيات معينة من الأفلام
كالكوميدية أو الأكشن!
-
أنا لا أصنع أفلاماً لنجوم أو أفصلها على مقاسهم. إذا كان ما لدي من دراما
يليق بالنجم ويتناسب معه، أقوم بعرضها عليه، فإذا وافق سنقدم الفيلم، وإذا
لم يوافق
فهو حر في اختياراته كما أنا حر في اختياراتي.
·
جازفت وقدمت هيفاء في «دكان
شحاتة» في صورة بعيدة من صورتها كمطربة. فهل
هذا يعني أنك لو قدمت السقا أو عز أو كريم في أفلامك سيكون في لون لم يره
الجمهور
من قبل؟
-
لم يسبق أن قدمت نجماً كما تعوده الناس. أحاول أن أجد في الممثل زاوية أو
جانباً لم يقرؤه مخرج قبلي. لتتحقق النتيجة الإيجابية من عمل الممثل مع
مخرج آخر،
ولتكون التجربة تحدياً جديداً. فلو قدمته كما قدمه الآخرون، فأين إضافتي؟
قدمت عمرو
عبدالجليل في غير ما اعتاده الجمهور لأني رأيته «ككوميديان». في حين رآه
وقدمه
الأستاذ يوسف شاهين في «اسكندرية كمان وكمان» كتراجيديان. قدمت هالة فاخر
في «حين
ميسرة» أماً مقهورة وعظيمة رغم كونها «كوميديانة». ولم يصدق أحد وهي نفسها
أنها
ستقدم هذا الدور. أعرف كيف أخرج ما أراه وأصدقه في الممثل، وعليه كممثل أن
يصدقني.
·
هل مقبول لديك الاتجاه إلى
التلفزيون والإذاعة والمسرح؟
-
نعم مقبول جداً. ولكن في حينه وبشروط محددة، لأنني سأقدم في التلفزيون فن
السينما الذي تعلمته. أي فن تكثيف اللحظة. وليس تطويل ومط اللحظة... ولأني
رجل
سينما، لا بد من أن أقدم المسرح صحيحاً كما تعلمناه وأقول من خلاله شيئاً
جديداً
وأقدمه بإيقاع مرئي. ولأن الإذاعة زاد البسطاء والمكافحين. كحارس البناية
أو
المقاتل على الجبهة أو الفلاح الذي يعمل في أرضه وغيرهم من أصحاب هذه المهن
العظيمة. الذي يمثل لهم الراديو تسليتهم وزادهم الوحيد. اعتز بالإذاعة جداً
ولا
أرفض لها لقاء أو طلباً. ولن أتأخر بكل تأكيد، إذا كان لدي رؤية ما جديدة
أستطيع
بها أن أقدم عملاً للإذاعة.
الحياة اللندنية في
07/01/2011
«تل
النسيان» غناء وحكايات عن حياة الناس
العاديين
القاهرة – محمد الصاوي
عالم افتراضي، هيّأته مخرجة الفيلم الروائي القصير «تل النسيان» هالة
القوصي،
لمعايشة جو الحكاية: شاشة عرض فوق خشبة مسرح وستارة وكراس
متناثرة لجمهور يود أن
يستمتع بالحكي، بالصورة، بالغناء. يدور الفيلم حول الحكايات والتفاصيل
الصغيرة في
حياة الناس العاديين، مع إسقاطات سياسية، بتواريخ لها دلالتها في تاريخ مصر
المعاصر
بطريقة غير مباشرة. عندما يرد على لسان أحد شخوص الحكاية الذين
لا يحملون حتى أسماء
عبارة مثل «جروبي انحرق»، سيكون هذا دلالة على حادثة حريق القاهرة في كانون
الثاني (يناير) 1952، وتعلق القوصي قائلة: حتى
الآن، لا يعرف أحد في مصر مَن المتسبب في
تلك الحادثة المثيرة في تاريخنا، والسؤال الأهم الآن: من له
مصلحة في ألاّ
نعرف؟
تعمل القوصي في فيلمها على استعادة صور وطقوس من الموروث الشعبي، ولكن على
طريقة
الوقت الحالي. هناك راو لكنه يرتدي ملابس عصرية، وأحيانا
فانتازية، مثل كرافات من
دون قميص ولا جاكت. والممثل رمضان خاطر لا يملك إمكانات صوتية – كما يقول
بنفسه – «للمرة الأولى أغني والتزم بقواعد الموسيقى
بفضل الموسيقي محمد عنتر عازف الناي
الذي قام بوضع موسيقى الفيلم». وتراه القوصي متفهماً لفلسفة العمل، وهناك
تفاهم في
ما بينهما بعد العمل في فيلمها السابق «يونس» الذي يتناول هجرة شباب احدى
قرى
محافظة الشرقية إلى إيطاليا. وهو فيلم أنجزته في العام 2005.
الفيلم الجديد مدته 27 دقيقة ويتضمن نحو 24 مشهداً أقرب إلى تشكيل لوحات
حيث
استفادت المخرجة من عملها كمصورة فوتوغرافية.
وتقول القوصي: «لا أسعى إلى خطف المتفرج. أريد أن أشعره بأن هناك طريقة
مختلفة
لرواية الأحداث ورؤيتها، أن أجعله ينفصل عن حياة المدينة
المعاصرة التي لا نرى ولا
نسمع فيها شيئاً من فرط ايقاعها وضجيجها، ولذلك فرضت طريقة أداء على كل
الممثلين،
بأن أجعلهم محايدين تماماً كأنهم يعيشون في عالم خيالي، خارج هذا العالم
لقد سمعنا
حكاية «حسن ونعيمة»، مثلاً، فماذا عن حكاياتنا الآن؟ هل تموت الحكايات؟ هل
نحكي
مثلاً عن السحابة السوداء؟ أم عن سر إطلاق أربعة أسماء على
الميدان المسمى الآن
طلعت حرب في نحو نصف قرن؟
الفيلم الذي يشارك في مهرجان نوتردام الدولي في دورته المقبلة، سرد لتاريخ
أناس
لا يبحثون عن بطولات كبيرة، سرد للتاريخ غير الرسمي، بطريقة
شاعرية غنائية، مختلفة
عن المألوف تحمل في طياتها الكثير من التساؤلات التي يكتشف المتفرج المزيد
منها مع
كل مشاهدة جديدة للفيلم الذي عرض في قاعة مخصصة له في غاليري النتاون
هاوس.
الحياة اللندنية في
07/01/2011
تكريم إلهام شاهين وندوة عن السينما
الجديدة
الكويت - «الحياة»
يكرم المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، ونادي الكويت للسينما،
الفنانة
الهام شاهين، ضمن فعاليات مهرجان القرين الثقافي، الذي يقام في
الكويت من 5 الى 26
كانون الثاني (يناير) 2010. وضمن الاحتفالية التي تقام لمناسبة اختيار مصر
ضيف شرف
المهرجان يعرض فيلم «واحد صفر» من بطولة الهام شاهين، خالد أبو النجا،
نيللي كريم،
زينة، أحمد الفيشاوي انتصار ولطفي لبيب، ومن اخراج كاملة أبو ذكرى. الفيلم
يستعرض
خلال يوم واحد صورة سريعة لمصر اليوم، ويقدم نماذج يصعب
التعاطف معها، كما يصعب
إدانتها، ويحلل شرائح المجتمع المصري على اختلافها من دون أي صراخ أو
حوارات زاعقة
مباشرة. ويصل عدد الجوائز التي حصل عليها الفيلم في عام واحد 40 جائزة، من
مهرجانات
دولية وإقليمية في سابقة لم تحدث في تاريخ السينما العربية.
ويعقب عرض الفيلم «ندوة عن السينما المصرية الجديدة»، تناقش بعض الظواهر
والمتغيرات التي حدثت في السينما المصرية، بعد أن قدمت قدراً
كافياً من الأفلام
الجيدة التي تستحق التقدير، ولها من السمات الخاصة ما يميزها عما سبق،
ويجعل منها
ما يمكن أن نطلق عليه السينما الشابة، أو الموجة الجديدة في السينما
المصرية.
ويشارك في الندوة الناقد السينمائي ومسؤول صفحة السينما في جريدة «الأهرام»
المصرية
نادر عدلي، وكاتبة السيناريو مريم نعوم، والفنان خالد أبو النجا. ويدير
الندوة
الناقد السينمائي ومدير نادي الكويت للسينما عماد النويري.
وتنطلق الندوة من فكرة أنه خلال السنوات العشر المنصرمة، كان يمكن رصد بعض
الظواهر والمتغيرات التي حدثت في السينما المصرية بعد أن قدمت
قدراً كافياً من
الأفلام الجيدة التي تستحق التقدير، ولها من السمات الخاصة ما يميزها عما
سبق،
ويجعل منها ما يمكن أن نطلق عليه السينما الشابة، أو الموجة الجديدة في
السينما
المصرية.
وترجع الطفرة التي تحققها السينما الشابة اليوم الى عاملين رئيسين أولهما
الأخذ
بوسائل التقنية الحديثة التي اجتاحت العالم، وأصبحت ميسرة
للجميع. والعامل الثاني
هو وفرة الخبرة البشرية بفعل التراكم، مع توالى دفعات خريجي معهد السينما
وانتشار
دورات التدريب السينمائية، إضافة الى توافر الثقافة السينمائية ووفرة
المعلومات من
طريق المطبوعات، أو شبكة المعلومات الدولية (النت)، إضافة الى تغلغل ثقافة
الصورة
في الثقافة المعاصرة. من هنا يمكن الإشارة الى تحولات بارزة في
سينما العقد الأخير
على المستوى الفني والثقافي وعلى مستوى أنواع الأفلام ومدارسها.
ندوة السينما المصرية الجديدة تحاول أن تلقي الضوء على هذه التحولات وتكشف
عن
قيمتها ومكانتها، ولعل ما قدمته هذه التحولات، وما تحمله من
إيجابيات، يثير قدراً
من الثقة بحاضر هذه السينما العريقة ومستقبلها.
جدير بالذكر أن مهرجان القرين الثقافي من أهم المهرجانات الثقافية في منطقة
الخليج، ويستضيف كل عام العديد من الفرق الموسيقية والمسرحية،
من مناطق عدة في
العالم.
الحياة اللندنية في
07/01/2011
وجهان خالدان ... أمينة رزق ومحمود
المليجي
سعيد ياسين
صدر عن وزارة الثقافة المصرية كتاب «وجوه سينمائية
خالدة» للدكتور أحمد شوقي
عبدالفتاح، في مناسبة إهداء الدورة الأخيرة الـ 34 لمهرجان القاهرة
السينمائي إلى
روح الفنانين الراحلين أمينة رزق ومحمود المليجي، اللذين اجتمعا معاً في
مسرح
«رمسيس»
الذي أنشأه يوسف بك وهبي للنهوض بالحركة المسرحية المصرية، وفيما كانت رزق
تقدم أدوار البطولة، كان المليجي يعمل ملقناً في الفرقة. وإذا كان وهبي
أعطى الفرصة
لرزق لتصبح نجمة مسرحية ثم سينمائية، فإن فاطمة رشدي هي التي
اكتشفت المليجي، سواء
على الخشبة أو أمام الكاميرا. وكان القاسم المشترك بين الاثنين أنهما
اختارا الفن
بنفسيهما وسارا في طريقه بمجهودهما الشخصي.
احتوى الكتاب الذي يقع في 184 صفحة على جزأين، خصص
الأول للحديث عن أمينة رزق،
وجاء في ثلاثة فصول، حمل الأول عنوان: « طفولة فنية جداً»، رصد فيه مولدها
في مدينة
طنطا (وسط دلتا مصر) عام 1910 وترددها في طفولتها على السيرك في احتفالات
مولد
السيد البدوي، وتقديمها بعض الاسكتشات على المسرح بتشجيع من
خالتها أمينة محمد التي
أبدت اهتماماً مبكراً بالفن أيضاً، ولم تكن تكبر أمينة سوي بعامين. ثم
انتقال
الأسرة عقب وفاة الوالد إلى حي روض الفرج في القاهرة وهي في الثامنة من
عمرها.
ولعبت الصدفة دوراً في انضمامها وخالتها إلى فرقة «رمسيس» حيث كان صعودها
الأول على
الخشبة في 14 تشرين الأول (أكتوبر) 1924. وكانت المفاجأة في قيامها
بالبطولة في
مسرحية «الذبائح» بدلاً من الفنانة والصحافية الرائدة فاطمة
اليوسف التي اختلفت
وقتها مع وهبي، وبدأ نجمها يعلو في المسرح إلى أن أصبحت البطلة الوحيدة
للفرقة
وعمرها لا يتجاوز الرابعة والعشرين، وتلا ذلك التحاقها بالمسرح القومي الذي
أمضت
فيه أكثر من ربع قرن كواحدة من بطلاته المعدودات.
وخصص الفصل الثاني لدخول أمينة رزق عالم السينما
في مرحلتها الصامتة حين شاركت
في فيلم «سعاد الغجرية» الذي نال وقتها هجوماً نقدياً عنيفاً ولم يستمر
عرضه سوى
أسبوع. وبعده شاركت في فيلم مصري خالص «أولاد الذوات» (1932) ثم «الدفاع»
(1935)
وخلال الأعوام الخمسة التالية قدمت «المجد الخالد» و «ساعة التنفيذ» و «الدكتور»
و «قيس
وليلي» و «قلب
امراة» و «رجل
بين امراتين». أما الفصل الثالث، فخصص لنضوج
السينما والممثلة خلال الفترة من 1941 وحتى 1944، وهي السنة التي انتهت
فيها فرقة «رمسيس» إلى الأبد، وقدمت خلاله رزق أفلام
«عاصفة على الريف» و «أولاد
الفقراء»
و «كليوباترا»
و «البؤساء»
و «الطريق
المستقيم» و «برلنتي»
و «من
الجاني» و «طاقية
الاخفا» و «ليلى
في الظلام». وتحدث الفصل الرابع «الأمومة السينمائية من صورة نمطية
إلى رمز» عن رزق التي تحولت بمثابرتها إلى أم لأجيال متعاقبة،
بحيث تحولت أفلامها
من دون قصد منها إلى سجل أمين للتحولات التي مر بها المجتمع وكيفية تعامل
الأم
معها، بداية من «بائعة الخبز» مروراً بـ «أربع بنات وضابط» و «دعاء الكروان» و «نهر
الحب» و «بداية
ونهاية» و «اريد
حلاًّ» و «أمهات
في المنفي» و «التوت
والنبوت»
و «الطوفان» و «العار» و «الانس والجن» و «المولد» و «الكيت كات» و «أرض الأحلام»
وغيرها.
نزيف وجودي
وخصص الجزء الثاني من الكتاب لمحمود المليجي، وجاء
في ستة فصول، حمل الأول عنوان
«النزيف
الوجودي للمليجي الصغير»، تحدث فيه المؤلف شوقي عبد الفتاح عن مولده في حي
المغربلين الشعبي العريق في القاهرة عام 1910 لأب مولع بالموسيقى، ما أدى
إلى
انتقال الحالة النفسية والمزاجية التي تصاحب وجود فرق موسيقية
في المنزل إلى الطفل
الذي حاول تعلم الموسيقي سواء في المنزل أو المدرسة، إلى أن اكتشف موهبة
التمثيل
لديه صدفة في مدرسة الخديوية الثانوية التي كانت تضم فرقة مسرحية قوية، ما
كان
سبباً في انضمامه إلى فرقة فاطمة رشدي، التي رشحته لاحقاً
لمشاركتها بطولة فيلمها
«الزواج».
وفي بداية الخمسينات من القرن الماضي أسس المليجي شركة فنية سينمائية -
النجم الفضي ـ قدمت عدداً من الأفلام عبّرت
عن رؤاه الفنية كمنتج، ومن أهمها «الأم
القاتلة» و «نحن بشر» و «سجين أبو زعبل» و «المبروك» و «سوق السلاح» و «أبو الليل»
و «الرعب»
و «مدينة
الصمت». ولم يهتم المليجي بتحقيق التوازن بين طبيعة أدواره
والبعد الإنساني لشخصياته التي يؤديها على الشاشة، لكن هذا
التوازن تحقق مع مرور
الزمن، وبدء مرحلة جديدة في حياته مع فيلم «الأرض» الذي جسد فيه الشخصية
السينمائية
الخالدة «محمد أبو سويلم».
وفي الوقت الذي عرض فيه الفصل الثالث «المليجي
شريراً» نماذج من أفلامه، ومنها
«أمير
الانتقام» و «آمنت
بالله» و «صورة
الزفاف» و «حميدو»
و «فتوات
الحسينية»
و «رصيف نمرة 5» و «العروسة الصغيرة» و «اسماعيل ياسين في الاسطول» و «سوق
السلاح»،
عرض الفصل الرابع «المليجي طيباً» نماذج من افلام «غرام وانتقام» و «الايمان»
و «يوم
من عمري» و «ولدي».
أما الفصل الخامس «المليجي أباً»، فقدم نماذج من «اللقاء
الأخير» و «شباب اليوم» و «الدموع الساخنة»، وخصص الفصل السادس لنماذج الأفلام التي
تعاون فيها مع المخرج يوسف شاهين من خلال أفلام «الأرض» و «حب إلى الأبد»
و «الاختيار»
و «حدوتة
مصرية».
الحياة اللندنية في
07/01/2011 |