اتجه السيناريست محمد دياب إلى إخراج سيناريو فيلمه الجديد «٦٧٨» عن
ظاهرة التحرش الجنسى فى مصر بعد تقديمه سيناريوهات «الجزيرة» و«أحلام
حقيقية» و«ألف مبروك»، ومع عرضه الأول فى فعاليات الدورة السابعة لمهرجان
دبى السينمائى الدولى حصل على جائزتى التمثيل لبطليه ماجد الكدوانى وبشرى.
■
لماذا تحرص على تقديم أفلام مستمدة من الواقع؟
- بالفعل، وقد بدأ الموضوع من متابعتى لكل الأخبار التى تكتب فى
الجرائد عن مشكلة التحرش الجنسى، وشعرت أن الأمر يشغلنى ذهنيا ونفسيا،
وشرعت فى البحث والمتابعة، ولأول مرة أتعرف على تفاصيل هذه القضية مثل ما
يحدث فى الأتوبيسات ومسألة الليمون الذى يضعه المتحرش فى جيبه وتشكلت لدى
تدريجيا رغبة فى الكتابة، وكتبت بالفعل فيلما قصيرا كنت أنوى إخراجه بنفسى
ثم ذات يوم التقيت وبشرى وتحدثنا عن الفكرة فعرضت على أن أحولها لفيلم طويل
على أن تتولى هى إنتاجه من خلال شركة «نيوسنشرى».
■
هل استغرقت وقتا طويلا ليخرج الفيلم إلى النور؟
- الإعداد لفيلم طويل يختلف عن مجرد تجربة قصيرة، فبعدها تفجرت قضية
نهى رشدى أول فتاة ترفع قضية تحرش جنسى، فذهبت إلى المحاكمة وحضرت الجلسة
وبالصدفة جاء جلوسى إلى جانب بعض المصورين التليفزيونيين والمراسلين
الصحفيين وكانوا يتحدثون فيما بينهم باستهانة عن القضية ، وشعرت بدهشة
شديدة وكتبت هذا الحوار بالنص فى إحدى نسخ السيناريو ثم قمت بحذفها.
■
متى تولدت لديك الرغبة فى إخراج هذا الفيلم؟
- فى الحقيقة منذ أول مشهد كتبته فى «أحلام حقيقية» أو «الجزيرة»
ورغبة الإخراج تراودنى.
■
هل كنت تكتب وتضع التصور البصرى للفيلم فى وقت واحد؟
- فعلا، كنت أقوم بالإثنين معا كنت أكتب المشاهد، وأنا أتصورها بصريا
وإخراجيا أو أكتبها، ولدى تصور معين عن كيفية خروجها فى النهاية، على سبيل
المثال مشهد معاكسة الظل الذى يغنى فيه المتحرش أغنية تامر حسنى مكتوب على
الورق بنفس الطريقة التى صور بها.
■
ألم تخش أن يكون اسم الفيلم غير مفهوم؟
- عندما كان مجرد مشروع فيلم قصير كان عنوانه «٦٧ بشرطة»، وعندما أصبح
مشروعا طويلا اخترت عدة أسماء لم تكن مقنعة بالنسبة لى، لكننى فى النهاية
شعرت بالاطمئنان لهذا العنوان.
■
حضور الشخصيات النسائية فى الفيلم أعلى من حضور الشخصيات الذكورية، هل كان
ذلك متعمداً؟
- هذا عمل يجب أن يروى بصوت ومشاعر وذهنية امرأة لأنه فى رأيى أن أحد
أهم الأسباب لزيادة ظاهرة التحرش هو أن الرجل لا يستطيع أن يفهم طبيعة
المرأة، فالمتحرش ليس مريضا، بل لا يعلم الفرق بين التحرش والمعاكسة، ولا
يدرك أن تلك اللمسة التى يتجرأ عليها يمكن أن تدمر حياة هذه الإنسانة
تماما، وفى الفيلم ثلاثة نماذج نسائية تنفجر حياتهن بسبب تلك اللمسة.
■
لماذا اخترت فكرة تكسير الزمن فى السيناريو، فتروى حبكة شخصية ثم نتوقف عند
نقطة معينة، لنعود بالزمن مع شخصية أخرى وصولاً لنفس النقطة التى توقفنا
عندها؟
- كتبت هذا الفيلم حوالى ١٥ مرة، وكان بطولة شخصية واحدة، ثم أعدت
تقسيم الوحدات الزمنية لكل حبكة وكل شخصية، والذى اختار هذا الشكل السردى
بنسبة تكسير الزمن الذى يحتويه هو المونتير عمرو صلاح، وعندما شاهدت
الإيقاع العام فى النسخة الأولى شعرت بسعادة كبيرة وباتساق كامل مع هذا
الشكل لأن أكثر ما كنت أخشاه هو أن أفقد تعاطف المتفرج مع شخصياتى النسائية
خاصة فى اللحظة التى تنفجر فيها وتطعن المتحرش، وقد أعطانى هذا الشكل
السردى تلك الميزة التعاطفية والإقناعية على حد سواء.
■
تعمدت أيضا اختيار الشكل البصرى الذى يعتمد على الكادر غير المستقر
والكاميرا التى تتلصص على شخصياتها.
اعترف بأن الأفلام التى تحتوى على دراما تسجيلية مطعمة بعناصر روائية
تستهوينى كثيرا، هناك شىء ما يربطنى بكل ما هو واقعى وحقيقى أو بدراما
الحياة، وبالتالى كانت تلك الخشونة أو عدم الاستقرار خلال الكادر تمنحنى
الإحساس أننى أصور أشخاصاً عاديين يمكن أن يكتشفوا وجودى بالكاميرا وسطهم،
ولذلك كنت أتلصص عليهم محاولاً كشف انفعالاتهم.
■
هل أسندت دور البطولة لبشرى، لأنها المنتج الفنى للفيلم؟
- بشرى كانت مرشحة من البداية للفيلم القصير، وكنت أراهن عليها فى دور
«فايزة»، ويكفى أنها تحملت فكرة أن تظهر بشكل غير جميل، لأن الشخصية من
المفترض أنها ليست جميلة، وكونها هى المنتجة الفنية يعتبر ميزة ولم يتعارض
مع كونها ممثلة.
■
ألم تخش الاتهام بتشويه سمعة مصر فى الخارج، خاصة أنك فضلت أن يكون العرض
الأول لفيلمك فى مهرجان «دبى»؟
- الاتهام بتشويه سمعة مصر فى الخارج لم يعد له معنى، وسأرد بمعلومه
بسيطة، افتح الآن أى كتيب سفر سياحى على الإنترنت أو فى صالات المطارات
الدولية سوف تجد فقرة صغيرة مكتوبة كإرشادات لكل من يتجه للسياحة فى مصر،
وهى الاهتمام بالسلامة الشخصية، والتحذير من وجود خطر التحرش الجنسى، أضف
لذلك أن مصر يزورها ١١ مليون سائح كل عام، يتعرض ٩٨% من السائحات منهن
للتحرش، أى ما يقرب من ٥ ملايين إمرأة كل عام، وتصور لو أن هذه الظاهرة
استمرت لعشر سنوات قادمة، أعلم أن البعض سيتأذى من الحديث عن التحرش، لكننى
مهموم بما يدور فى مجتمعى ولا أستطيع أن أتجاهل انشغالى بتلك القضية مهما
بدت للبعض محاولة للعب على قضية ساخنة وحساسة من أجل تحقيق شهرة أنا لست فى
حاجة إليها.
المصري اليوم في
29/12/2010
فيلم «٦٧٨» .. اضربى المتحرش «تحت
الحزام»
كتب
رامى عبد الرازق
يتخذ فيلم «٦٧٨» نوعية الفيلم القضية، حيث يقوم بناؤه الدرامى على
قضية التحرش الجنسى التى استشرت خلال السنوات الأخيرة..ويبنى المؤلف
والمخرج محمد دياب فيلمه من خلال خطوط متقاطعة لثلاث شخصيات نسائية وثلاث
ذكورية، لتمثل كل شخصية حالة أو نموذجا تختبئ خلفه أفكار وآراء صناع الفيلم
حول أسباب التحرش ومظاهره وإفرازاته النفسية والاجتماعية.
يبدأ الفيلم بلقطة قريبة ليد تصنع دمية صغيرة من أسلاك النحاس لرجل
وامرأة فى ظلام لا تضيئه سوى لمبة وحيدة.. إنها أشبه بيد الخالق التى تصيغ
الثنائى الذى سينبثق منه كل العالم فيما بعد.. هذا الثنائى هو الخلية
الاجتماعية والإنسانية التى تمثل أى مجتمع بشرى.. ولكن عند المنحنيات
السياسية والاقتصادية التى تؤدى إلى مشاكل اجتماعية تصبح تلك الخلية هى أول
ما يتأثر ويفسد أو يتفكك ويضيع.
يبدأ الفيلم بنموذج «فايزة» ربة الأسرة المحجبة التى تعمل موظفة
بالشهر العقارى، ونراها امرأة غير جميلة ترتدى طبقات من الملابس كى لا تشف
جسدها، لكنها لا تسلم من نظرات سائق التاكسى ولا من محاولة التحرش بها فى
أتوبيس النقل العام الذى يحمل رقم ٦٧٨.
تمثل «فايزة» وأسرتها نموذج الطبقة الدنيا التى تجاهد كى توفر حياة
الحد الأدنى لأولادها بينما يصيبها نفور من الرجال- زوجها رجل الأمن باسم
سمرة- نتيجة لما تتعرض له يوميا من مضايقات تضطرها إلى ركوب تاكسى بدلا من
الأتوبيس، وبالتالى تتأثر ميزانية الأسرة الضعيفة نتيجة لهذا الترف الذى لا
تحتمله مواردهم القليلة.
يتقاطع نموذج «فايزة» مع نموذج من طبقة أخرى هى «صبا» الفنانة صاحبة
الجاليرى، والتى تعرضت للتحرش العلنى أمام زوجها عقب إحدى مباريات كرة
القدم التى فازت فيها مصر، مما يصيبها بحالة كره عميق لكل ما ينتمى لهذا
البلد، والنموذج الثالث من الطبقة المتوسطة وهى «نيللى» التى تجسد شخصية
أقرب إلى شخصية نهى رشدى أول فتاة ترفع قضية تحرش فى مصر، حيث ترفض التنازل
عن القضية رغم الضغوط العائلية التى يمارسها عليها خطيبها ممثل الأستاند أب
كوميدى.. ورغم أن شخصية خطيب نيللى أكثر شخصية ذكورية سوية فى الفيلم، إلا
أنه يعانى من ازدواجية تتجسد فى كونه فنانا.. وفى الوقت نفسه منصاع لنظام
المجتمع، حيث يعمل فى بنك كموظف فى مهنة لا يطيقها، وبالتالى يصبح من السهل
تأثره بفكرة تنازل نيللى عن القضية مقابل الحفاظ على سمعتها وسط عائلته.
هذه النماذج الثلاثة تتفجر أزمتهن بشكل واضح عندما تبدأ فايزة بناء
على نصائح صبا فى اتخاذ موقف إيجابى ضد التحرش، يتمثل فى طعن الرجال فى
مكمن رجولتهم لتتحول المسألة إلى قضية عامة ويتدخل البوليس لحماية النظام
العام ممثلا فى شخصية ماجد الكدوانى الضابط الذى يمثل الجانب السلبى فى
تطبيق القانون وخلاصته: إذا لم يوجد بلاغ لا توجد قضية، وهو المنطق الذى
يعنى غياب الروح القانونية الفعلية.
يبدو الفيلم لوهلة دعوة لإخصاء المتحرشين لكنه فى حقيقة الأمر محاولة
لمناقشة أسباب المشكلة من خلال بناء سردى متكسر حيث يقوم الفيلم على تفتيت
زمن الدراما عبر المضى فى الأحداث.. ثم التوقف عند نقطة معينة والعودة إلى
الماضى القريب أو البعيد «فلاش باك» والتقدم مرة أخرى تجاه نفس النقطة
الدرامية التى تم التوقف عندها.. وكأن الفيلم يروى من ذاكرة راو عليم يعرف
كل شىء عن كل الشخصيات.. وهو هنا صانع الفيلم الذى يصور الأحداث من خلال
كاميرا مهتزة تبدو فى كثير من اللقطات وكأنها تتلصص على شخصياتها أو ترصد
مشاعرهم دون أن يشعروا، وهو أسلوب استلزم مونتاجاً خشناً وحاداً فى مشاهد
كثيرة، واستلزم أيضا فواصل إظلام وكتابة على الشاشة لبيان الموقع الزمنى
لكل حدث، لكن يؤخذ على السرد هذا الكم الكبير من الصدف التى حاول
المخرج/المؤلف من خلالها إغلاق الدوائر على الشخصيات، فزوج «فايزة» بعد أن
تمتنع عنه لفترة يتحول إلى متحرش نتيجة الكبت، مما يجعله يصاب على يد «صبا»
فى أحد الأتوبيسات.. وعندما تحاول «فايزة» أن تطعن أحد المتحرشين تكتشف أن
زميلتها العانس تقف أمامه بإرادتها متلذذة بملامسته كنوع من تفريغ الكبت!
ورغم استخدام المخرج أسلوب الفواصل المادية مثل الستائر أو قطع القماش
للفصل بين الشخصيات فى لحظات تباعدها فإن ميزته الأهم فى أولى تجاربه هى
قدرته على توجيه ممثليه بشكل جيد خاصة بشرى التى تقدم هنا أفضل أدوارها..
ولم يفلح دياب فى الإفلات من فخ المباشرة، ربما لأن الفيلم نابع من قضية
شديدة الحساسية، خاصة فى مشاهد مواجهة «فايزة» و«صبا» حول جدوى طعن
المتحرشين.. لكنه استطاع أن يعبر عن تشوش أفكارهما بشكل متوازن فى المشهد
الأخير عندما وقفت كل منهما تحاكم أفكار الأخرى وتحاسبها على ما يحدث لها
من تحرش.. وهناك أيضا نوع من البناء الرقمى، حيث نجد أنفسنا أمام عنوان من
ثلاثة أرقام وثلاث نساء وثلاثة رجال ثم ثلاثة أسئلة مهمة: هل تعرضت للتحرش
من قبل؟ كان رد فعلك إيه؟ وهل ممكن تبلغى ؟.. هذه الأسئلة محور أساسى
والإجابة عنها فى حد ذاتها هى الأزمة التى نعانى منها.
ريفيو
تأليف وإخراج: محمد دياب
إنتاج: نيوسنشرى
تمثيل: بشرى، نيللى كريم ، ناهد السباعى، ماجد
الكدوانى أحمد الفيشاوى، باسم سمرة
مدة الفيلم :١٢٠ق
المصري اليوم في
29/12/2010
ثلاث فتيات يروين تجاربهن مع
التحرش
كتب
ياسمين القاضى
لن تحتاج مشاهدة فيلم «٦٧٨» للحذر من التحرش داخل صالة العرض، المكان
آمن، الجمهور أغلبه من الفتيات، وأحداث الفيلم تخلق لدى الشباب رهبة من
التحرش، ولدى الفتيات استعدادا للدفاع عن النفس، وهو ما أدى فى بعض دور
العرض لخلاف بين الشباب والفتيات.
الطعن أو الحبس سيكون مصير كل من يقبل على التحرش بفتاة أو امرأة،
هكذا حذرت البطلات الثلاث «صفا ونيللى وفايزة» كل من يحاول التحرش بفتاة،
فالطعن ليس أقل مما تعرضت له ضحية التحرش، والحبس لا يشين المعتدى عليه
بقدر ما يشين المعتدى.
ولأن الدنيا «صغيرة» وكفيلة بأن تجعلك فى مكان الطرف الآخر فى يوم ما،
كان منطقياً أن يتكرر مشهد واحد بالفيلم أربع مرات، ليظهر به فى كل مرة بطل
جديد، كان موجوداً بشكل أو بآخر فى هذا المشهد، سواء كان معتدياً أو معتدى
عليه أو متفرجاً يرفض التدخل، أو حتى إنساناً لا يقدر ما تعانى منه ضحية
التحرش.. لكن بطلاً واحداً كان يجب أن يثبت طوال تكرار المشهد أربع مرات،
وهو أتوبيس رقم «٦٧٨» مسرح الجريمة.
بعد انتشار ظاهرة التحرش الجنسى بالفتيات فى مصر، ظهرت العديد من
الأنشطة المناهضة للتحرش، بدأت بقضية رفعتها المخرجة نهى رشدى التى تعرضت
لتحرش جنسى فى الشارع، ثم دورات الدفاع عن النفس للسيدات التى تقيمها ساقية
الصاوى منذ ٣ سنوات، وخريطة التحرش الجنسى الإلكترونية التى أسستها ناشطات
فى مجال حقوق المرأة، مهتمين بقضية التحرش، وأخيراً فيلم «٦٧٨»، إلا أن
الفيلم جاء مجسداً للحركات السابق ذكرها، عدا خريطة التحرش، حيث جسدت ناهد
الشرقاوى دور «نهى رشدى» وجسدت نيللى كريم دور «مدربة دفاع عن النفس
للسيدات» فى ساقية الصاوى، إلا أن دور بشرى جاء مجسداً لما تقوم به غالبية
الفتيات.. وهو الصمت لدرجة الانفجار.
لم يختلف كثيراً رد فعل الفتيات اللواتى تعرضن لتحرش جنسى خارج الفيلم
عنه داخل الفيلم، خاصة رد فعل «بشرى»، خاصة فى الخجل حتى من ذكر أسمائهن
صراحة.
ما تعرضت له «أ.ف» لم يكن أبداً مناسباً لمظهرها، فلم تمنع العباءة
السوداء التى ارتدتها، أو المصحف الذى كانت تقرأ به أحد ركاب السوبر جيت
الذى جلس وراءها من محاولة التحرش بها، تقول «أ.ف»: شعرت بشىء ما يلمس كتفى
أكثر من مرة، لكنى قلت أكيد ستارة الشباك.. وبعد حوالى ٢٠ مرة على مدار
رحلتى من القاهرة للمنصورة ترقبت.. فوجدت يد الرجل العجوز الذى يجلس خلفى
تمتد نحوى.
«أ.ف» واجهت الأمر فى البداية بالبكاء وتبديل المقعد، وبعد أن هدأت
قررت أن تثأر لكتفها: ذهبت للسائق وقلت له «هناك حقير يجلس خلفى»، فأوقف
الأتوبيس وذهب إليه وسبه أمام الجميع. وتواصل: جميع الركاب اشتركوا مع
السائق فى حفلة «تهزىء» هذا الرجل، وطول الطريق كانوا يشيرون إليه ويلومونه
بجمل على شاكلة «عيب على سنك»، و«اضربيه بالجزمة لو مد إيده عليكى تانى»،
لكنها أكدت أيضاً أن الرجل لم يحاول الدفاع عن نفسه ولو بكلمة.
الأتوبيس الذى تعرضت فيه «ى.س» للتحرش كان مكيفاً، حسب تأكيدها: كنت
فى الأتوبيس المكيف مرتدية ملابس محتشمة جداً..وفوجئت برجل لحيته صغيرة جلس
بجانبى، وقام بفتح ملابسه، لدرجة أننى لم أصدق ما رأيته بطرف عينى، فتخيلت
أن خيالى هو المخطئ وليس الرجل التقى الذى يجلس بجوارى، لكن بعد أن لاحظت
اقترابه منى بشكل مزعج تأكدت مما رأيته، وقمت على الفور مصدومة لا أعلم كيف
أتصرف، و الغريب أننى بعد عام ركبت نفس الأتوبيس ففوجئت بنفس الرجل يفعل
نفس الفعل الفاضح، فقمت قبل أن يجلس بجانبى، ولم أستطع أن أفعل أكثر من
نصيحة الفتاة التى جلس بجانبها، لأننى كنت مصدومة للمرة الثانية وكان
تفكيرى مشلول.. وخفت منه لأننى شعرت بأنه مجنون.
«س.م» استطاعت أن تفيق من صدمتها قبل أن تترك الميكروباص الذى كانت
تركبه، حينما تحرش بها أحد الشباب، وتقول: فى البداية لم أستطع أن أصدر أى
رد فعل، لكن قبل أن أنزل قلت له: «لو شفتك فى ميكروباص تانى هحبسك.. يا
قليل الأدب يا بيئة» ونزلت.
لم تكن تعرف «إسراء» التى أتت من الفيوم للدراسة فى القاهرة، أن مقياس
الأمان فى القاهرة يختلف عنه فى الفيوم، فلم يحمها سوق الخضار الذى كانت
تتجول فيه من التعرض للتحرش، «إسراء» فتاة «غير محجبة» وهو ما جعل بعض
الشباب يستبيحونها حسب تأكيدها - التف الشباب حولها أمام الجميع وتحرشوا
بها «كما حدث مع نيللى كريم فى الفيلم»، فى بادئ الأمر قررت «إسراء» ألا
تصمت وأبلغت شابين من أقاربها، لكنهما فشلا فى العثور على هؤلاء الشباب،
بعدما أكد جميع باعة السوق أنهم لم يشاهدوهم ولا يعرفون من هم.
المصري اليوم في
29/12/2010
ناهد السباعى: أسرتى لم تعترض على دور «نهى رشدى»..وأؤيد
العنف للرد على المتحرش
حوار
نجلاء أبوالنجا
لم يكن تجسيد شخصية نهى رشدى، صاحبة أول بلاغ رسمى تحول إلى أول قضية
تحرش فى مصر، أمراً سهلاً على ممثلة صاعدة مثل «ناهد السباعى»، وكان عليها
أن تبذل مجهوداً كبيراً لتخرج من أى مقارنة بينها وبين الشخصية الحقيقية،
وفى الوقت نفسه، تؤدى الشخصية بواقعية وصدق. «ناهد» تحدثت عن حساسية شخصية
«نيللى» وتفاصيلها والمواقف الصعبة، التى تعرضت لها أثناء التصوير، وموقف
أسرتها من هذا الدور.
■
هل كنت تدركين من البداية أنك تجسدين شخصية «نهى رشدى»، وهل كنت متابعة
لقضيتها؟
- طبعاً كل فتاة فى مصر، وكل أسرة تابعت حكاية نهى رشدى، وتعاطفت مع
قضيتها، ووقفت بشكل أو بآخر ضد فكرة التحرش، وقد كنت مبهورة من جرأتها،
وتمنيت أن تكون كل فتاة فى جرأتها وقوتها.
■
دورك اعتذرت عنه بعض الممثلات ووصفنه بالجرأة، ألم تترددى فى قبوله، وماذا
كان موقف أسرتك؟
- أعلم أن هناك أكثر من ممثلة اعتذرت عن الدور لأسباب مختلفة، لكنى لم
أضع هذا فى حساباتى على الإطلاق، لأنى أعجبت بالدور، ومازلت فى بداية طريقى
الفنى، وأحتاج نوعيات مختلفة من الأدوار، وبعد تجربتى فى فيلم «احكى يا
شهرزاد» ومسلسل «الحارة»، كان من الضرورى أن أتواجد فى عمل مهم، وهذا ما
وجدته فى فيلم «٦٧٨»، ولا أعتبر الدور جريئاً أو به أى شىء يخدش الحياء
ويدفع للخوف، بالعكس هو دور محورى ومهم جداً، وأسرتى لم تعترض على الإطلاق،
لأنها فى الأساس لا تتدخل فى عملى.
■
مشهد سائق السيارة النقل الذى سحب «نيللى» فى الفيلم، كان شديد القسوة هل
جسدتيه بنفسك؟
- ليس عيباً أن أستخدم «دوبلير» لو كان المشهد صعباً، لكن المخرج كان
مصمماً على أن يظهر وجهى أثناء المشهد، وهذا حَتّم أن أجسد المشهد بنفسى،
وصورته فعلاً، وكان شديد الصعوبة وتعرضت لإصابات شديدة بسبب سحبى لمسافة
طويلة، وكذلك انتابتنى حالة هيستيرية، وأنا أضرب الممثل الذى قام بدور
السائق، لأننى تخيلت نفسى فى الموقف نفسه، وتصرفت كفتاة عادية.
■
هل تعتبرين الحل الذى قدمه الفيلم إيجابياً، وهو أن تستخدم كل فتاة أداة
حادة لمعاقبة أى متحرش بها؟
- من وجهة نظرى، العين بالعين والسن بالسن، فأى فتاة يتم التحرش بها،
عليها معاقبة المتحرش بالعنف رداً على وقاحته، وأعلم أن العنف والجريمة
شيئان قبيحان، ولكن فى ظل الأوضاع المؤسفة، التى تتعرض لها الفتاة، لابد أن
تكون عنيفة وترد بمنتهى القوة.
المصري اليوم في
29/12/2010 |