يرى الفنان طلعت زكريا أن الطهو لا يقل عن فن التمثيل، ويؤكد أن البحر
هو نقطة ضعفه، كما يستمتع بقيادته لسيارته، ويصف نفسه بالإنسان العاطفي
هادئ الطباع . كان يتمنى أن يعيش زمن الماضي الجميل.
·
ما سر ارتباطك بالمطبخ؟
طهو الطعام فن لا يقل عن التمثيل، وأنا بالفعل موهوب في إعداد أصناف
شهية من الأطعمة الحصرية الخاصة بي، ومن يتذوق أكلي لن ينساه مدى الحياة .
·
وهل فيلم “طباخ الرئيس” ترجمة
لموهبتك في إعداد الطعام؟
يمكن أن تقول هذا، فالفيلم كان ممتعاً بالنسبة لي، لأنه تماشى مع
هواية أحبها .
·
ما هو المكان الذي تعتبره علامة
في حياتك وتحب التواجد فيه باستمرار؟
البحر هو نقطة ضعفي، وأنا أعشقه ولا أستطيع أن أصف سعادتي وأنا أتأمل
مياهه وأعيش ذكرياتي على أمواجه .
·
وأين تقضي إجازتك؟
في الإسكندرية أو شرم الشيخ، وأحب قضاء وقتي في هدوء لأريح أعصابي
لأنني أتوتر كثيراً من كثرة العمل .
·
وهل نعتبر توترك مؤشرا لعصبيتك؟
أنا هادئ الطباع، ولكن كما يقولون “اتق شر الحليم إذا غضب”، أنزعج
كثيراً من الأغبياء والمتطفلين وأكره الكذب، وكل هذا يغير من حالتي النفسية
بطريقة صعبة لا أطيقها .
·
ماذا عن باقي عيوبك الشخصية؟
أنا إنسان عاطفي في زمن سيطرت عليه العلاقات المادية، وأعتبر
“عاطفيتي” عيباً في الوقت الحالي .
·
لمن تسمع من المطربين وأنت جالس
مع نفسك؟
أم كلثوم هي مطربتي المفضلة، وأرى أن أغنياتها تصلح لكل الأوقات،
لأنها تعبر عن الإحساس الصادق والرومانسية المفرطة .
·
ومن الجيل الحالي . .؟
أحب هاني شاكر وفضل شاكر وأصالة وشيرين عبدالوهاب .
·
ما موقع القراءة في حياتك؟
أهوى قراءة الصحف باستمرار لأنني أتواصل مع الحياة اليومية في مصر
والعالم من خلالها، ورغم وجود الإنترنت في حياتنا إلا أنني اعتبر انه لا
غنى عن الصحف الورقية .
·
وهل أنت متابع جيد للتلفزيون؟
من الطبيعي أن أفعل ذلك، وأهوى مشاهدة الأعمال الأجنبية، وأستمتع
بتراث الفن العربي القديم، وكنت أتمنى أن أعيش في الزمن الماضي .
·
ولماذا تحب الهروب للماضي؟
لا أعتبر ذلك هروباً، ولكنه حنين للأصالة والحب والقيم الوجدانية .
·
ما أكثر شيء يزعجك حالياً؟
زحام الشوارع والفوضى المرورية وعدم التزام الناس بالتعليمات، وكل فرد
في المجتمع تقع عليه مسؤولية النظام .
·
الملاحظ أن ابتسامتك لا تفارق
وجهك، فهل تكره النكد؟
طبعا لأنني متفائل، وأنتظر دائماً الأخبار السعيدة، كما أنني أضحك من
كل قلبي عندما أجلس مع الأطفال، لأنهم سر الحياة وإسعادهم واجب وطني .
·
أعلم انك تستيقظ مبكرا، عكس ما
هو معروف عن الفنانين؟
أحب الاستيقاظ مبكرا وهذه العادة مرتبطة عندي بالطفولة ومنذ أن كنت
اذهب للمدرسة وأنا ملتزم بمواعيد النوم والاستيقاظ .
·
هل تمارس الرياضة بانتظام؟
أحيانا أحرص على ممارسة رياضة المشي، وهذا مرتبط بالمكان الذي أتواجد
فيه، حيث أحرص على المشي في الأماكن التي بها مناظر طبيعية خلابة .
·
وهل تحب قيادة سيارتك بنفسك؟
نعم لأنني اشعر بسعادة وأنا أقودها، وللعلم أنا ملتزم تماما بتعليمات
قيادة السيارات وأطبق كل تعليمات الأمان .
·
معروف عنك ارتباطك الوثيق بمعظم
نجوم الوسط الفني، فهل أنت صديق مخلص؟
حب زملائي ما هو إلا ترجمة لإخلاصي ووفائي لهم، لذلك فأنا لا أستطيع
أن أنسى مساندتهم لي في محنة المرض، وأتمنى دائماً الخير لهم لأنني ضد
الغيرة الفنية، ومقتنع بأهمية الحفاظ على مساحة الحب التي تجمعني بزملائي
وبالجمهور .
الخليج الإماراتية في
22/12/2010
انصرف عنها الكبار لتصبح ملجأ ممثلي
الصفين الثاني والثالث
"قهوة
بعرة" دفتر ذكريات النجوم
و"الكومبارس"
القاهرة - محمد المصري
الوجوه في تلك القهوة مُتشابهة، تَشعر بما يُقارب اليقين أنّك رأيتها
من قبل، ترتفع الأصوات المُتشاحنة على أثر اللعب لينتهي الأمر بصوت قطعة
“الدومينو” التي تُنزلها أحد الأيادي على المنضدة بعنف يؤكد الاحترافية،
بينما صوت عبدالحليم في الخلفية يعطي “قهوة بعرة” في منطقة وسط القاهرة
بشارع عماد الدين أجواء كلاسيكية خارج نطاق الزمن .
القهوة قائمة منذ عقود، معروفة باعتبارها “قهوة الفنانين”، أخرجت
الكثير ممن حلموا بالأضواء والنجومية، ولكن مع الوقت انصرف عنها النجوم
وأصبحت لممثلي الصف الثاني ثم الثالث، ثم صارت أشهر قهوة لل”كومبارس” في
مصر، تغيّرت الدنيا خارجها كثيراً، ولكن القهوة وروادها ظلوا على حالهم،
ربما ازداد الشّيب في رأسهم أو لم تعد صحتهم في أفضل أحوالها، ولكن طبائعهم
ظلت كما هي، أو كما يقول صاحبها الحاج “سيد الزناتي” وهو يرتشف من كوب
الشاي: “زباين القهوة دول زي ما هم متغيروش يمكن من يوم ما اتبنت”، أسأله
عن الوقت الذي بُنِيت فيه فيخبرني بأن والده قد بناها في أواخر
الثلاثينيات، وأسماها “نادي الكريستال” وكانت الوحيدة في المنطقة خلال ذلك
الوقت، واجتذبت في البداية الكثير من الرواد خصوصاً الموظفين منهم، نظراً
لأنها الوحيدة في شارع عماد الدّين، وسرعان ما اجتذبت الفنانين الكبار
للجلوس عليها .
ويتحمّس الحاج سيد عند تلك اللحظة وهو يسألني “عارف مين هو اللي سمى
القهوة بعرة؟” أجيب بالنفي فيخبرني بنوع من الفخر “رُشدي أباظة”! ثم يُضيف
موضحاً أن الفنان الراحل كان دائماً ما يجلس على القهوة التي يديرها والده
الحاج “محمد الزناتي” تحت اسم شهرته “بعرور” وتعني الجمل نسبة لطوله
الشديد وضخامة جسده، ليطلق عليه رشدي أباظة لقب “بعرة” كاختصار لاسمه
ويقترن منذ ذلك الوقت بالقهوة حتى بعد وفاة صاحبها .
ويفسر “الحاج سيد” سمعة قهوته المعروفة في الوسط الفني نظراً لجلوس كل
الكومبارس عليها، قائلاً إن مكان القهوة في شارع عماد الدين المملوء بمكاتب
“الريجيسيرات” والمسارح وقربه من الاستوديوهات التي يتم التصوير فيها هو ما
جعلها مقراً لهم، كما أن رخص ثمن الأسعار فيها يجعلها في متناول يد
الكومبارس الذين لا يكسبون كثيراً من مهنتهم .
ويضيف أنه رغم انتشار المقاهي بالمنطقة، فإن قهوته بقيت هي المكان
الأول للفنانين في مصر، مُبدياً فخراً خفياً حين يقول “أي مخرج ولا فنان
عايز ممثلين هيقولوله روح بعرة”، ويدعم ذلك الوجود المستمر للريجيسيرات على
القهوة، لدرجة أن كلاً منهم أصبح له ركن ومجموعة خاصة بداخلها .
يحافظ الحاج سيد على قوانين صارمة في قهوته لا يجوز لأحد تجاوزها مهما
كان، فلعب الكوتشينة مُباح ولكن من دون أربعات منعاً للقمار، وحين يحدث ذلك
ويطلب الزبائن لعب “الاستميشن” يقف في وسط القهوة صائحاً بحسم “مفيش
تربيعات وإلا تشوفلكوا قهوة تانية”، كما أن تناول الخمور والمخدرات من
الخطايا التي لا يسمح بتجاوزها في المقهى ولن يُسْمَح لك بدخولها مرة أخرى
إن حدث، ويقول الحاج سيد “زباين القهوة القدام طيبين وعارفين بعض كويس، بس
المشكلة في الزباين الجدد اللي منعرفهمش ولا يعرفونا، هم دول اللي بيعملوا
المشاكل” .
زبائن القهوة القدامى، هؤلاء الذين حلموا دوماً بنجومية لم يطلها من
بقي منهم جالساً على “بعرة”، ومن أشهرهم “حسن كفتة” الرجل العجوز الذي بلغ
الثانية والسبعين، الذي ستعرفه بمجرد رؤيته ولكنك لن تتذكر أبداً في أيّ
فيلم شاهدته، ويقول “عم حسن” كما يناديه رواد القهوة، إن تلك هي مهنته التي
“يسترزق” منها، ورغم أن نقودها قليلة وتأتي على فترات متباعدة بعد عناء،
إلا أنه لا يعرف له مهنة أخرى، فقد بدأها منذُ أواخر الأربعينيات حين قدم
دوراً لم يتجاوز الثانيتين في فيلم “العيش والملح” بينما كان أكبر ظهور في
فيلم “أصحاب ولا بيزنس” عام 2001 حين قدم دوراً من مشهدين كوالد للفنان
طارق عبدالعزيز، ويتذكر قائلاً إنه على الرغم من انتظاره لساعات طويلة من
أجل التصوير ولكنه يسعد بالأمر حين يحدث، وربما يكفيه الأجر الذي يأخذه عن
دور في عدة ثوانٍ لأسابيع عدة .
ويسخر سلامة عوض بوجهه المتجهم من أمنياته القديمة بالنجومية، قائلاً
إنه حين جلس على هذا المقهى لأول مرة كان يظن أن أبواب الفن مفتوحة
وسيدخلها خلال فترة ليست بعيدة، ولم لا؟ وقد رأى فنانين مثل توفيق الدقن
وشفيق نور الدين ويوسف شعبان بل وعادل إمام وهم يجلسون عليها، إلا أن شيئاً
لم يحدث، ومع الوقت بقي منتظراً لدور يحضره له ريجيسير لا يأتي، ويتذكر
سلامة أن أطول دور ظهر فيه كان البواب مع المخرج محمد خان في فيلم “زوجة
رجل مهم”، حيث استمر حضوره على الشاشة لما يقارب الدقيقة أمام الفنان أحمد
زكي .
يأخذ فرج القاضي من سلامة خيط الحديث حين يصل إلى أحمد زكي، قائلاً
إنه تعامل معه في فيلم “البيه البواب” وكان يتعامل معه ومع بقية الكومبارس
بتواضع شديد . أسأله عن الفنانين الآخرين الذين عمل معهم، فيقول إنه عمل مع
أحمد حلمي في فيلم “جعلتني مجرماً” وكان أيضاً حسن الخلق معه، ومن القدامى
يقول إنه قام بدور عامل في فيلم “سواق الأتوبيس” مع الفنان عماد حمدي، وكان
الراحل في أواخر أيامه شديد الطيبة في تعامله مع الكومبارس .
ورغم أن هذه المهنة تبدو بسيطة لأي ممن يرى العاملين فيها من بعيد،
إلا أن الحقيقة غير ذلك تماماً، فهي مهنة مرهقة ومهينة في بعض الأحيان، وهو
ما أظهره جرح قديم في يد فتحي عبدالسلام الذي يبلغ سبعة وخمسين عاماً، حدث
أثناء تصويره مشهداً لمظاهرة في مسلسل “الشارع الجديد” مع المخرج محمد فاضل
بعد أن أدى التدافع أثناء التصوير لسقوطه فوق أحد الأرصفة على ذراعه .
ويقول فتحي إن هذه الأشياء تحدث دوماً، ويتعرض الكومبارس لجرح أو كسر في
أحد المشاهد ولا يهتم أحد بعلاجه، ويضطر لأن يعالج نفسه من النقود القليلة
التي يأخذها .
يضطر الكومبارس أحياناً لارتداء ملابس رثة وقذرة الرائحة نظراً
لوجودها بالمخازن لوقت طويل، وهو ما عاناه “كمال عباس” الذي قال إنه اشترك
في مسلسل “رجل الأقدار” مع الفنان نور الشريف في دور كومبارس بإحدى معارك
المسلسل، وحصل على 300 جنيه على دوره الذي لم يستغرق دقائق على الشاشة،
ولكن المشكلة كانت في الملابس التي أعطاها لهم الإنتاج ليقوموا بلبسها، فقد
كانت قديمة وبالية ورائحتها لا تحتمل، ويُكمل: “حين أخبرنا الإنتاج بذلك
سخر منا وعاملنا باستخفاف قائلاً إن من لا يريد الدور يترك النقود التي
أخذها ويذهب، واضطررنا في النهاية إلى تصوير المشهد بنفس الملابس” .
متاعب من نوع آخر يعبر عنها “أيمن سيما”، أحد أشهر مرتادي مقهى بعرة
والذي نال اسم شهرته بفعل السنوات التي قضاها هناك، حيث يقول إن الكومبارس
يبدو أحياناً غير مرئي ولا ينظر إليه أحد، رغم الانتظار الطويل ورغم
اضطراره إلى السفر أحياناً، فلا أحد يفكر مثلاً بماذا سيأكل أو كيف سينتقل
في مواصلاته، الإنتاج لا يهتم بمثل تلك الأمور لأنه لو غاب واحد “فيه عشرة
ممكن ييجوا”، خصوصاً مع رفض ضمهم لنقابة الممثلين وعدم وجود من يتحدث
باسمهم، ومن هنا جاء التفكير في جمعية تضمهم، خصوصاً بعد حادثة “بيت
الباشا” .
إذا كانت قهوة بعرة تعتبر المقر غير الرسمي للكومبارس، حيث يجلسون
ويتحدثون عن همومهم ومشكلاتهم، فإن جمعية الكومبارس في طريقها للإنشاء، وقد
تصبح ملتقى هؤلاء العاملين في الظل، وهي برئاسة إبراهيم عمران .
ومن المنتظر أن توفر وزارة التضامن مقراً رسمياً للجمعية، ليتم بعدها
إجراء انتخابات على مجلس إدارتها بين الأعضاء، لتتآلف الوجوه المُتشابهة
تحت مظلة واحدة تحميهم، وترتفع الأصوات للمطالبة بحقوقهم بدلاً من المشاحنة
في مقهى “بعرة” الذي سيظل رغم ذلك مقراً تاريخياً غير رسمي للكومبارس
المصريين .
الخليج الإماراتية في
22/12/2010
رحلت عن 37 عاماً تاركة 25
فيلماً
نعيمة عاكف و"لهاليبو" السينما
العربية
القاهرة - “الخليج”
عاشت نعيمة عاكف حياة قصيرة وسنواتها في الدنيا كانت معدودة، حيث رحلت
ولم تكن تتجاوز السادسة والثلاثين من عمرها . ورغم ذلك ملأت هوليوود الشرق
بشتى أنواع الفنون من الرقص والغناء والمونولوج والتمثيل، أسعدت الملايين
وكان حظها في هذا العالم قليلاً، حيث تزوجت مرتين ورزقت بطفل وحيد، وهاجمها
وحش المرض اللعين ليكتب نهاية حزينة لهذه الفتاة التي كانت مفعمة بحب
الحياة والسيرك والفن .
ولدت نعيمة عاكف في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول عام ،1929 في مدينة
طنطا حيث كان سيرك والدها “سيرك عاكف”، يقدم عروضه خلال ليالي الاحتفال
بمولد “السيد البدوي”، وشهر رمضان الكريم، ويتنقل إلى المدن المجاورة بقية
شهور العام .
وسط أجواء السيرك وألعابه خرجت نعيمة إلى النور لتجد نفسها بين الوحوش
والحيوانات والألعاب البهلوانية، مثل أبيها وأمها وسائر أفراد أسرتها .
وعندما بلغت الرابعة أراد والدها أن يعلمها الفن الذي يتوارثه أفراد
الأسرة، لكنها لم تظهر استعداداً أو تبذل أي نشاط، فلجأ إلى حيلة جعلتها
تتعلم المبادئ الأولى في بضعة أيام، فبدلاً من أن يقوم بتعليمها، قام
بتعليم شقيقتها الكبرى حركات جديدة أمامها وراح يشجع شقيقتها، وفي نفس
الوقت يقول لها إنها ضعيفة ولا تصلح للعمل مثل شقيقتها فامتلأت نفسها
بالغيرة، وتعلمت مبادئ الأكروبات في بضعة أيام . وبعد عدة أسابيع تفوقت على
شقيقتها وأصبحت نجمة الفرقة الأولى، مع أنها لم تكن قد أتمت عامها الرابع،
وكانت هي في هذه المرحلة من العمر تتشقلب وتغني وتستحوذ على إعجاب جمهور
الفلاحين الذين كانوا يشاهدونها، مما شجعها عندما بلغت السادسة أن تطلب من
والدها أن يخصص لها راتباً، وإلا فإنها ستبحث عن سيرك آخر تعمل فيه كان رد
الوالد “علقة ساخنة”، وفي اليوم التالي جمعت ملابسها وانطلقت في الشوارع
على غير هدى، وقابلها بعض زبائن السيرك وعرفوا أنها هاربة من أسرتها،
فحملوها على أكتافهم وأعادوها، وإزاء تهديدها بالهرب مرة أخرى قرر والدها
أن يخصص لها راتباً يومياً قدره “قرشا صاغ” إذا كان السيرك يعمل، و”قرش
صاغ” في حالة البطالة والإجازات الطويلة .
وكثيراً ما كانت نعيمة تحصل على هدايا من المتفرجين من قبيل الإعجاب
إضافة إلى الهدايا التي كانت تحصل عليها من والدتها، وكان معظم هذه الهدايا
“عرائس صغيرة” تتناسب مع مرحلة العمر التي تمر بها، ونتج عن ذلك حبها
للعرائس، فكانت كلما جمعت مبلغاً من المال تشتري به عروسة .
عندما بلغت الرابعة عشرة كان سيرك والدها يقدم عروضه في طنطا خلال
موسم الاحتفال بمولد السيد البدوي، ولاحظت نعيمة أن رجلاً ريفياً ميسور
الحال يبدو أنه من الأعيان تحيط به شلة من أتباعه، يحرص على حضور عروضها كل
ليلة، وكان يبالغ في التصفيق لها، ولم يكن إعجابه يتجاوز هذا الحد خصوصاً
أنه لم يكن مسموحاً لأي رجل الاتصال بالعناصر النسائية في السيرك .
ذات ليلة فوجئت نعيمة بسيدة ريفية تطلب مقابلتها وتقدم لها علبة أنيقة
وقالت لها: “سيدي البيه باعت لك الهدية دي”، لم تستطع نعيمة أن ترفض
الهدية، وكم كانت فرحتها عندما فتحتها ووجدت بها “عروسة” ذات خمسة مفاتيح
وكل مفتاح له رقصة تختلف عن رقصة المفتاح الآخر، وكلما أدارت مفتاحاً عزفت
موسيقا شرقية جميلة، ورقصت عليها العروسة رقصة بديعة . وسمعت نعيمة من
الناس وقتها أن أحسن راقصة في مصر كلها هي “سنية شيكابوم” فأطلقت على
عروستها لقب “شيكا بوم” وكانت عندما تنفرد بعروستها تقلد رقصتها، وبذلك
تعلمت الرقص .
وفي إحدى خلواتها بعروستها فاجأها والدها وهي ترقص وشيكابوم أمامها
تعزف الموسيقا وتتمايل مع الأنغام، فأخرج مسدسه وأطلق النار على العروسة
فحطمها .
مرت الأيام ونعيمة تنتقل مع السيرك من بلد لآخر، وذات يوم أحاط رجال
البوليس بأفراد أسرتها من كل جانب وظهر أن الأب المقامر خسر كل ما معه ورهن
السيرك بما فيه من معدات وأدوات .
اضطرت الأم إلى ترك السيرك مع أولادها، ليس فقط لأنه كان قد تم الحجز
على السيرك، بل لأنها اكتشفت أيضاً أن زوجها قد تزوج عليها من أخرى، فجاءت
إلى القاهرة وبصحبتها أولادها، لتستقر في شقة متواضعة في شارع الفن، “شارع
محمد علي” .
استقبلت القاهرة الأم وبناتها الأربع، وكن يسرن في الشوارع يتشقلبن في
أكروبات رائعة ليحصلن على بعض الملاليم، وكانت الأنظار تتابع حركات نعيمة
البهلوانية وهي تشفق على أنوثتها الصارخة أن تظل في الطريق .
تقدمت نعيمة للعمل مع والدتها وأخواتها في الصالات فرحبت بهن، وفتحت
لهن أبوابها شرط استغلال أنوثتهن، لكن الأم رفضت وفضلت الجوع، حتى جاء
الإنقاذ من خلال عمل نعيمة في ملهى “الكيت كات” لتكون هي المنقذ الذي أبعد
شبح الجوع عن الأسرة .
كان ملهى “الكيت كات” يرتاده معظم مخرجي السينما في ذلك الوقت، وهناك
شاهدها المخرج أحمد كامل مرسي، فالتقطها وقدمها كراقصة في فيلم “ست البيت”،
ومنه اختارها المخرج حسين فوزي لتشارك في بطولة فيلمه العيش والملح، وبعده
تعاقد معها على احتكار وجودها في الأفلام التي يخرجها لحساب نحاس فيلم،
وقامت بأول بطولة سينمائية لها في “لهاليبو”، ورغم فارق السن الكبير
بينهما، إلا أن المخرج حسين فوزي تزوجها عام 1953 وسكنت في فيللا فاخرة
وامتلكت سيارة وأصبح لها رصيد في البنوك، وشعرت بأنها لم تحصل على قسط كافٍ
من التعليم لأن عملها في السيرك كان يمنعها من الاستقرار في كتاب أو مدرسة،
فاستعانت بمدرسين تلقت منهم دروساً في العربية والإنجليزية والفرنسية،
وبذلك أصبحت تتحدث ثلاث لغات .
وتوالت أفلامها ولمع نجمها في السينما من خلال أفلام “بلدي وخفة، بابا
عريس، فتاة السيرك، جنة ونار، تمر حنة، يا حلاوة الحب” .
بعد عشرة أعوام من الزواج، انفصلت نعيمة عن زوجها في هدوء شديد بعد أن
أخرج لها 15 فيلماً آخرها “أحبك يا حسن” وكان 1956 اختارها زكي طليمات بطلة
لفرقة الفنون الشعبية في العمل الوحيد الذي قدمته هذه الفرقة، وكان أوبريت
بعنوان “ياليل يا عين” تأليف يحيى حقي .
في شهر سبتمبر/ أيلول من عام ،1956 سافرت نعيمة مع البعثة المصرية إلى
الصين لتقديم الأوبريت، وعام 1957 سافرت إلى موسكو لعرض ثلاث لوحات
استعراضية كانت الأولى تحمل اسم مذبحة القلعة والثانية رقصة أندلسية
والثالثة حياة الفجر، وحصلت نعيمة عاكف على لقب أحسن راقصة في العالم من
مهرجان الشباب العالمي بموسكو عام 1958 ضمن خمسين دولة شاركت في هذا
المهرجان .
بسبب انطلاق نعيمة عاكف في مختلف المجالات، إضافة إلى أسفارها
المتعددة، دبت الغيرة في قلب حسين فوزي مما أدى إلى تعثر حياتهما الزوجية،
فوقع الطلاق في نهاية عام 1958 . وبعد عام كامل من الطلاق تزوجت المحاسب
القانوني صلاح الدين عبد العليم، وكانت قد تعرفت إليه عندما ذهبت إلى مكتبه
لاستشارة قانونية، بعدها أصبح المسؤول عن عقودها وارتباطاتها المالية،
وأنجبت منه ابنها الوحيد محمد صلاح الدين عبدالعليم .
تغيرت حياة نعيمة عاكف بعد زواجها الثاني، إذ كان زوجها الأول المخرج
حسين فوزي، يبيح لها الظهور “ببذلة الرقص” في الحفلات والملاهي وعلى
الشاشة، أما أول عمل قام به الزوج الثاني فهو اعتقال “بذلة الرقص” في خزانة
ملابسها، وطلب منها عدم ارتداء ملابس الرقص، سواء على المسرح أو أمام
الكاميرا، وإن لم يمنعها من الرقص نفسه، وفعلت نعيمة ذلك عن اقتناع، ولم
تظهر بعد زواجها الثاني ببذلة الرقص، بل إنها راحت تدقق في الأعمال التي
تعرض عليها، خاصة بعد أن أصبحت أماً لولد وحيد فكان لابد أن تحافظ على
شكل وجودها على الشاشة، الأمر الذي انعكس على حياتها الخاصة، حيث عاشت
أياماً سعيدة، تهنأ بحياتها الخاصة، وانطلاقتها كفنانة تصعد بقوة الصاروخ،
لم يستوقفها سوى الآلام التي دهمتها في المعدة، حيث أصيبت بنزيف حاد نقلت
على أثره إلى المستشفى وظلت به أكثر من شهر، ثم تحسنت صحتها وعادت إلى
بيتها، وقبل أن تعاود نشاطها الفني مرة أخرى، هاجمتها الآلام من جديد، ولكن
هذه المرة كانت بقوة لم تتحملها نعيمة، فتقرر سفرها للعلاج في الخارج على
نفقة الدولة، لكن صحتها لم تكن تسمح بعد أن تدهورت حالتها بصورة خطرة
ومفاجئة، لدرجة أن وزنها تراجع بشدة وفي وقت قصير، لتصبح في وزن طفلة لم
يتعد عمرها الخمسة عشر عاماً، لترحل نعيمة عاكف في نهاية العام ،1966 وهي
لم تتجاوز السابعة والثلاثين من عمرها، تاركة للسينما خمسة وعشرين فيلماً،
ليحزن عليها الوسط الفني والجماهير العربية حزناً شديداً، لأنها ورغم صغر
سنها، استطاعت أن تحقق في وقت قصير نجاحاً كبيراً.
الخليج الإماراتية في
22/12/2010
قصة واقعية نقلت بحرفية إلى
الشاشة
"127
ساعة" فيلم يفقد الجمهور
الوعي
ترجمة: أشرف مرحلي
لم يحدث في تاريخ هوليوود أن فقد المشاهدون وعيهم ويسقطون مغشياً
عليهم أثناء مشاهدتهم فيلم حتى لو كان أحد أفلام الرعب، ولكن هذا ماحدث
أثناء عرض فيلم “127 ساعة” .
وسقط اثنان من المشاهدين مغشياً عليهما أثناء عرض الفيلم في مهرجان
“تيلورايد” السينمائي، وثلاثة آخرون في مهرجان “تورنتو” الدولي للأفلام،
ومشاهد في مهرجان ميل فالي، ليصل بذلك عدد المغشي عليهم 6 من المشاهدين .
كورتني فيلبس أحد من شاهدوا الفيلم يقول “بدأت أشعر بالغثيان وكأنني
سأتقيأ، وأصبت بدوار حالما انتهى مشهد البتر، وأسرعت إلى الحمام ثم سيطر
عليّ شعور بالدوار وبدأ قلبي في الخفقان” .
وسقط فيلبس مغشياً عليه وعثر عليه متمدداً على أرضية حجرة الاستراحة،
وتلقى العلاج على يد أحد المسعفين الذي استدعي بعدما فقدت مشاهدة ثانية
وعيها، والتي قالت “لم أمر بمثل هذه التجربة من قبل، رغم إنني واثقة بأن ما
رأيته ليس حقيقيا فأنا منتجة تلفزيونية وأعلم ذلك جيداً” .
ودائماً ما يتمنى صانعو الأفلام أن تترك أفلامهم أثراً قوياً وعميقاً
لدى المشاهد، إلا أن التأثير الجسماني والعاطفي القوي الذي سببه فيلم “127
ساعة” أثار دهشة مخرجه داني بويل وفريق عمل الفيلم، كما اعتبر كدعاية
تسويقية كبيرة لشركة فوكس للتصوير السينمائي، التي شاركت في تمويل وتوزيع
الفيلم، الذي بلغت تكاليف إنتاجه عشرين مليون دولار .
يقول ستيفن جيلولا مساعد التصوير “لم أكن أتمنى أن يفقد المشاهدون
وعيهم . فهناك 8 حالات إغماء في أماكن عرض مختلفة، ما يعد دليلاً قاطعاً
على جودة الحبكة الفنية للفيلم . ولعلي أستطيع القول إنه تجربة لم يسبق لي
أن مررت بها من قبل” .
وفيلم “127 ساعة” الذي استوحي فكرته المخرج بويل وكاتب السيناريو
سايمون بيوفوي من ذاكرة متسلق الجبال ارون رالستون لم يكن معنياً بأن يولد
لدى المشاهد هذا النوع من الفزع، إنها تقديم دراما راقية للمشاهد .
وتوقع الكثيرون أن يرشح الفيلم للفوز بجائزة الأوسكار لأحسن تصوير هذا
العام . وكان فيلم “المليونير الصعلوك” آخر أفلام المخرج بويل وحصد 8
جوائز، منها جائزة أحسن تصوير وأحسن إخراج وأحسن سيناريو .
وبطل الفيلم جيمس فرانكو جسد شخصية “رالستون” الذي انحصر بين الجبال
في العام ،2003 بسبب سقوط حجر صخري في أحد الأودية البعيدة في صحراء ولاية
آوتاه في غرب الولايات المتحدة . وانطلق رالستون في رحلته هذه وهو يحمل معه
قليلاً من المؤن، ولم يخبر أحدا بوجهته، وكان رالستون يدرك تماماً أنه إن
لم يتمكن من إنقاذ نفسه فسوف يقتله الجوع والعطش، بل والظروف الجوية في مثل
هذا المكان المقفر . وأمضى رالستون خمسة أيام في محنته هذه، وظن أنه لو قام
بكسر عظمتي ساعده الأيمن فسوف يتمكن من أن يستخدم أداة متعددة الوظائف كانت
معه كمنشار يقطع بها اللحم والعضلات والأوتار العالقة .
والقصة الحقيقية حدثت في العام ،2003 في واد يعرف باسم “بلو جون”
بالقرب من مدينة “مواب” شرق ولاية أوتاه الأمريكية غرب الولايات المتحدة،
كان أرون رالستون يتسلق الجبال عبر واد ضيق عندما سقطت صخرة من بين الصخور
لتصطدم بيده اليمنى وتقذف بها لترتطم بصخرة أخرى .
وخلال أيام خمسة عانى رالستون خلالها من آلام بدنية ونفسية لا تحتمل،
محاولاً التخلص من يديه التي كانت عالقة بالصخر، مستخدما آلة ليست حادة،
وبعدما فقد الأمل في النجاة بدأ يتأهب نفسياً لملاقاة الموت جوعاً وعطشاً،
فبدأ ينحت اسمه وتاريخ موته على الصخر، وبدأ يسجل كلمات الوداع لأهله
وأصدقائه على كاميرا فيديو كانت معه .
ولما أصبح الموت وشيكاً خاصة بعد أن نفذ الماء والطعام وسيطرت مشاعر
الهلوسة عليه، قرر أنه لم يعد لديه ما يخسره، فيده بدأت في الضمور، فانكب
عليها يقطعها .
وعندما حدثت هذه الواقعة في العام ،2003 تناولتها وسائل الإعلام كما
لو كانت من الأخبار القومية التي انتشرت في كل أرجاء المعمورة، وأثارت
سؤالاً لدى الناس: هل يمكن للإنسان أن يقدم على فعل شيء كهذا؟ هل يمكن أن
تضطره الظروف لعمل اللا معقول؟
وبالرغم من أن بويل لم يصف تلك العملية الجراحية بتفاصيلها الطبية
الدقيقة، إلا أن كاميراته التقطت أكثر مشاهد عملية البتر ترويعاً، مثل ذلك
المشهد الذي نزع فيه رالستون حبلاً عصبياً، كما لوكان ينزع حبلاً من
المعكرونة الإسباجيتي . فكل مشاهد الفيلم صورت بواقعية ووثائقية شديدة،
وكانت الكاميرات تكاد تكون ملاصقة للبطل .
واستغل بويل كل ما لديه من أدوات بدءا بالموسيقا، ومروراً بالمؤثرات
الصوتية، وانتهاءا بالخدع البصرية، فالقصة تحكي من خلال ذكريات الماضي
والمناجاة، بينما العواطف والمشاعر تصفها المشاهد البصرية والأصوات
المتداخلة . فالمشاهد يستشعر الجفاف الذي يعاني منه رالستون عندما يرى
الماء يأتي ويذهب بعيداً عنه سريعاً، كما ساعدت الكاميرات في توليد مشاعر
رهاب الاحتجاز لدى المشاهد بطريقة مثيرة .
ووظف بويل هذه المؤثرات الصوتية أثناء عملية البتر، بحرفية عالية
فضخمت صوت العظم وهو يتكسر، وصوت تمزق العصب واهتزازه، وبينما كان يقطع
اللحم وينزعه، قال البطل “لا تفقدوا صوابكم”، وربما كان يقصد بها المشاهدين
.
ومشهد كهذا ربما يستغرق ساعة كاملة لو كان على أرض الواقع، إلا أنه
استمر في الفيلم لبضع دقائق ولكن حدته أخذت لب المشاهد .
وإضافة لحالات الإغماء التي سببها الفيلم بين صفوف المشاهدين أثناء
عرضه في المهرجانات، سقط أربعة آخرون مغشيا عليهم في استوديوهات “بيكسر”،
وثلاثة آخرون أثناء العرض في شركة منتجي الأفلام التلفزيونية الأمريكية
“بروديوسرز جيلد”، وآخر في هنتينجتون بيتش في كاليفورنيا، وقالت شركة
التصوير إن المغشي عليه عاد إلى المسرح ليحدث إثارة من نوع آخر للفيلم .
ويختلف فريق العمل في تفسير ما أحدثه الفيلم في المشاهدين، وأرجع
بعضهم السبب إلى أسلوب معالجة المخرج للأحداث، فمشهد البتر ربما يستبعده
مخرجون آخرون لينصب تركيزهم على الجهد الذي بذله البطل لإنقاذ حياته، إلا
أن بويل ركز انتباهه كثيراً على مشهد رالستون وهو عالق في هذا الوادي الضيق
.
وقال بويل إنه أراد أن يشارك المشاهدون رالستون محنته والمأزق الذي
وقع فيه بالدرجة التي تجعلهم كما لو كانوا يريدون الهتاف والتصفيق له لبث
الأمل فيه، وبجعله تجربة شخصية يتخيل فيها المشاهد أنه بصحبة رالستون في
ورطته وأن حياتهم هي تلك المعلقة بين الجبال، وربما يكون قد نجح بالفعل في
تحقيق ذلك .
وما فعله بويل جعل المشاهد يفهم المشاعر التي تضطر الإنسان إلى أن
يبتر ذراعه بنفسه، وبالرغم من الرعب الذي أثاره المشهد، إلا أن الانتصار
الذي حققه الفيلم كان ساحقاً .
ويقول بطل الفيلم جيمس فرانكو: “كنت أنظر للكاميرات من حين لآخر وكنت
أشعر كما لو كنت أتخاطب مع الجمهور، إنها حقا تجربة عاطفية كبيرة” .
وأحد الأسباب التي عمقت تأثير الفيلم استثمار المشاهد في الأحداث،
فالمتفرج الذي يذهب لمشاهدة أحد أفلام الرعب يدرك تماماً أن الشخصيات
مستهلكة، ما يجعل تأثير أفلام الرعب خفيفا على المشاهد.
وأثناء العروض الأولى للفيلم أشاح بعض المشاهدين بوجههم بعيداً عند
عرض مشهد البتر، في حين غادر البعض الآخر صالات العرض، وعلق على ذلك المنتج
كرستيان كولسون بقوله “إن ذلك أكبر دليل على قوة الحبكة الدرامية للفيلم
التي جعلته يبدو وكأنه شيء حقيقي يجري على أرض الواقع، فالمشاهد يتعايش مع
التجربة ومع البطل بشكل تام” .
ويقول جاري ماير مساعد مخرج إنه لو حدث وقرر عرض الفيلم في مسرحه
“بالبوا” في سان فرانسيسكو، فسوف يضع لافتات تحذيرية تنبه المشاهدين لما
يحتويه الفيلم .
ويقول جاسون سكواير الذي يحاضر عن الفيلم في جامعة جنوب كاليفورنيا
لفنون السينما: “سوف تسبب حالات الإغماء التي أحدثها الفيلم بين المشاهدين
في زيادة إيراداته، وسوف يزداد عدد المشاهدين من المراهقين والشباب الذين
سيصطفون بالساعات انتظارا لعرضه” .
الخليج الإماراتية في
22/12/2010
ساحرة "هاري بوتر" تدخل مرحلة
الشباب
إيما واتسون: العلم أولاً
إعداد: محمد هاني عطوي
في التاسعة من عمرها كانت بطلة الفيلم متعدد الأجزاء “هاري بوتر”
وحالياً بعد أن بلغت العشرين غدت إيما واتسون الممثلة الشابة الأكثر ثراء
في القرن الواحد والعشرين، ودخلت هذه الممثلة الشهرة من أوسع أبوابها بل
دخلت العالم السحري منذ نعومة أظفارها بعدما قضت نصف حياتها في شخصية
“هرميون”، الساحرة الحكيمة والموهوبة أو الحارس الأمين لهاري بوتر ورون
ويسلي، وبعد ثمانية أفلام وعشر سنوات من التنقل بين استديوهات التصوير في
ليفسدن القريبة من مدينة لندن حيث تم تصوير واحد من أكبر الأفلام المربحة
في تاريخ السينما، خرجت إيما واتسون في نهاية المطاف من الشخصية التي طالما
جسدتها في هاري بوتر حيث كانت النهاية مع الجزء السابع والأخير “هاري بوتر
ومقدسات الموت” للكاتبة البريطانية ج .ك . رولنغ .
الواقع أن مستقبل هذه الفتاة الشابة انقلب رأساً على عقب في عام ،1999
حين تم اختيارها من بين آلاف الأطفال لتجسد دور الساحرة الصغيرة هرميون،
والمعروف أن إيما ولدت في فرنسا من أبوين بريطانيين في 15 أبريل/نيسان 1990
وكانت تقضي أيامها بين باريس واكسفورد خلال أيام الدراسة والتصوير وفي السن
التي تحلم بها المراهقات بأن يصبحن ممثلات شهيرات، كانت إيما الشابة
الإنجليزية تفكر في الدراسة ولذا ما أن أنهت عملها في هاري بوتر حتى سارعت
للالتحاق بإحدى الجامعات الأمريكية .
وفي سن العشرين أصبحت إيما واتسون مليارديرة، ولذا فهي ليست بحاجة
للبحث عن دور ثانوي في هذا الفيلم أو ذاك لتظهر كما أنها ليست متأكدة من
أنها يمكن أن تهب حياتها للسينما وإذا كانت قد قبلت بدور ثانوي في فيلم
“أسبوعي مع مارلين” لأنها أرادت أن تظهر موهبتها الفذة كمصممة أزياء وهو
دور يناسبها أو على مقاسها كما تقول، فعندما كانت في سن العاشرة، كانت تبدي
رأيها بأسلوب الملابس في سلسلة أفلام هاري بوتر وكانت لا تشعر بالارتياح إن
اضطرت لارتداء ثوب ليس على مزاجها، وعندما بلغت إيما سن الخامسة عشرة كانت
تساعد على تصميم ملابس هاري بوتر وجماعة العنقاء . واليوم تعد واتسون من
إحدى المقربات للمصمم كارل لاغرفيلد كما أنها الوجه الإعلاني لدار “باربري”،
وصممت هذه السنة مجموعة ملابس للمراهقين وأطلقت عليها اسم “حب من إيما”
وتستثمر في ماركة الملابس “بيبول تري”، وأخيراً أعلنت بعد سلسلة من
المغامرات أنها أنهت مرحلة المراهقة وشرعت في العيش على طريقة الراشدين
الذين يبحثون عن الحياة النبيلة والجادة .
ولكن ما هي طبيعة واتسون كفتاة عاشت لفترة لا بأس بها في سلسلة هاري
بوتر التي صنعت لها المجد والشهرة؟ هذا ما عبرت عنه في مقابلة معها في مجلة
“باري ماتش” هذا نصها:
·
ظهرت عنيدة ومتذمرة ومستفزة
ودائمة السخط في هاري بوتر أثناء تجسيدك لدور الساحرة بموهبة لفتت أنظار
الكثيرين، فهل أنت كذلك بالفعل؟
- عشت طفولة مضطربة بسبب طلاق والدي المحاميين
وكان عمري في تلك الآونة سبع سنوات وكانت والدتي جاكلين مقيمة في اكسفورد
في حين أن والدي كريس كان مقيماً في لندن وكنت أنا وأخي الأصغر الكسندر
نتنقل بينهما بلا هوادة ومرت بنا ذكريات سيئة جداً لكن مع تلك السنوات
الرمادية كان والدي يقرأ لنا أنا وأخي كل ليلة فصلاً من مغامرات الساحر
الصغير، وكنت أصاب بالهوس كملايين الأطفال في العالم لمعرفة المزيد، إلا
أنني كنت أنظر بإعجاب إلى الساحرة هرميون غرانجر تخميني لكثير من الأحداث
التي يمكن أن تقوم بها وكنت أجد في نفسي تشابهاً في الشخصية لذكاء الساحرة
الحاد وجديتها في التعامل وتلقائيتها وهوسها بالأشياء، علاوة بالطبع على
تذمرها وسخطها الدائم .
·
يبدو أن للمدرسة الدور الرئيسي
في شهرتك؟
- في سن التاسعة دخلت مسابقة شعرية نظمتها مدرسة
تنين اكسفورد وحصلت على المرتبة الأولى في المسابقة ولذا قدمتني المدرسة في
العام 1999 للاستديوهات التي كانت تبحث عن أطفال موهوبين وبالتحديد فتيات،
وهذا ما حدث بالفعل وقلب حياتي رأساً على عقب في هذه السن الصغيرة، بفضل
المدرسة .
·
هل لم تزل الصداقة والصحبة تربطك
بدانييل رادكليف وروبرت غرانت اللذين كونا معك الشخصيات الرئيسية في “هاري
بوتر”؟
- بالطبع وهل يعقل أن لا نكون كذلك، فلقد بدأنا
معاً منذ نعومة أظفارنا التمثيل في هذه السلسلة وكنا خلال فترة الاستراحة
التي تخصص لنا أثناء المؤتمرات الصحافية التي كانت متعبة بالنسبة لنا، نذهب
وراء الكواليس لنلعب بلعبة المونوبولي التي يحاول كل لاعب فيها تدمير
منافسيه . وها نحن الثلاثة لم نزل على ما نحن عليه بعد عشر سنوات من بداية
الصداقة، كما أن روبرت كان ملجأي الوحيد عندما كنت أشعر بالإحباط واليأس
فهو شخص خفيف الظل، أما بالنسبة لدانييل فالأمر معه يختلف بمعنى أننا كنا
كثيراً ما نتناقش مناقشات حامية في أمور الموسيقا والسينما والسياسة وكنا
لا نتوافق أبداً على رأي ما، كما أنه لا يتنازل عن آرائه أبداً، لكن ذلك لا
يعني أننا لم نكن على علاقة ودية في أمور أخرى فعلى سبيل المثال عندما كنا
نضطر إلى تصوير بعض المشاهد الصعبة أو المحرجة للصغار نوعاً ما كنت أتخيل
دانييل أخي الصغير ألكسندر . ولذا أقول إن علاقتنا نحن الثلاثة كانت
أفلاطونية بحتة .
·
ولكن ألم يكن ثمة شخص يلفت
انتباهك أو تشعرين بميل نحوه؟
- بالطبع، فلقد كنت معجبة إلى حد الافتتان بالممثل
توم فيلتون الذي كان يجسد شخصية دراغو مالفوي إلى درجة أنني كنت أتتبع خطة
عمله اليومي لأعلم إن كنت سأظهر معه في مشهد ما أم لا، واستمر هذا الأمر
لفترة طويلة، ولكن أعتقد أن كل ذلك كان مجرد هوى المراهقة فحسب، فعلى مدى
السنوات التي مرت بنا تبين لنا أن لكل عقليته الخاصة كما أن رؤيتي للأمور
كانت تتغير باستمرار وكان ذلك يؤثر في اختياراتي .
·
وهل كانت اختياراتك دائماً صائبة
خاصة أنك ارتبطت بعلاقة مع المغني وعازف الغيتار في فرقة رازورلايت جوني
بوريل الذي قيل إنه قادك إلى تعاطي المخدرات؟
- عندما تكون الفتاة في سن السابعة عشرة وتحمل كل
هذه الشهرة لابد أن تتلاعب بها الأهواء، فهذه السن هي عنفوان المراهقة
وبالفعل استمرت علاقتي مع جوني بوريل الذي كان يكبرني بعشر سنوات، نحو 4
سنوات إلى درجة أنني تعودت معه على تعاطي المخدرات إلى أن تدخل والداي
وأوقفا هذه الحالة المزرية التي وصلت إليها وأنا أشكرهما على ذلك، لأنني لم
أكن أعلم أين سيكون مصيري لولا تدخلهما الجدي والصارم .
·
ولكن هل توقفت عن تتبع الأهواء
أم أقمت علاقات أخرى أكثر توازناً واتزاناً مع أشخاص آخرين؟
- بعد هذه المرحلة الصعبة تعرفت إلى لاعب الرغبي
الشهير توم دوكر وأمضينا أياماً جميلة في أماكن عدة، لكن هذا الشاب الطالب
الوسيم الذي اعترف أنه كان على درجة عالية من الخلق وصاحب موهبة، كان لا
يحقق طموحي كفتاة لم تزل صغيرة وتحب المزاح واللعب . ولذا أقول إنه لم يكن
سوى فقاعة في حياتي .
·
واليوم أين أنت الآن من هذه
العلاقات؟
- اعتقد أن علاقتي مع الشاب جاي باريمور (27 سنة)
كان لها تأثير في حياتي العاطفية فلقد عرفت الحب الحقيقي معه، لكن يبدو أن
حظي سيئ مع الجادين . واليوم أجد نفسي في تفاهم تام مع الموسيقي الإسباني
رفائيل سيبريان الذي قابلته في الجامعة ونمارس معاً التمثيل على المسرح
كهواة.
·
هذا عن الحب، ولكن ماذا عن
الموضة والتصميم في حياتك؟
- بالطبع لن أنسى هوايتي الثانية المحببة كثيراً
إلى نفسي والتي سأتفرغ لها بشكل جدي في الآونة المقبلة . ولقد قمت بزيارة
إلى بنغلاديش لأشاهد مصانع النسيج والخياطة ولاختيار المواد الأولية من أجل
تصميم ماركتي “حب من إيما” بالتعاون بلا شك مع صديقي المصمم كارل لاغرفيلد
.
·
كل من شاهدك في اليوم الأخير من
التصوير قبل أشهر عدة قال عنك إنك اجتماعية وودودة ومحبة للآخرين بشكل يلفت
الأنظار، فهل أنت هكذا؟
- كل من يعرفني لا يسعه إلا أن يقول ذلك، فأنا
بطبعي أحب الاختلاط بالناس وكثيراً ما أوثر الآخرين على نفسي ولقد نظمت
عشاء كبيراً في شقتي اللندنية عشية الانتهاء من تصوير آخر مشاهد الجزء
الأخير من هاري بوتر واشتريت أطناناً من الورود وأشعلت عشرات الشموع وطبخت
بيدي لكل الفريق لأنني أردت أن نفترق على الود والحب كما التقينا منذ سنوات
.
·
هل تعتقدين أن ثمة حياة بعد هاري
بوتر في عالم السينما بالنسبة لك؟
- الواقع أنه السؤال الذي طرحته على نفسي قبل
سنتين عندما قررت العودة إلى مقاعد الدراسة، وذلك حين قررت الدخول إلى
كامبريدج ثم عزمت على الذهاب إلى أمريكا أمام اعتراض الجميع من حولي . وها
أنا اليوم أنهيت سنتي الثانية من الدراسة في جامعة براون الأمريكية الشهيرة
في ولاية رود أيلاند حيث درس جون كينيدي ج .آر وتدتيرنر، واتابع دراستي في
الأدب الإنجليزي وأمارس حياتي كطالبة عادية وليست ثرية مع زميلة تدعى صوفي
حيث نعيش سوياً في شقة صغيرة بالقرب من السكن الجامعي، كما أتابع دراستي في
تاريخ الفن والجيولوجيا .
·
ولكن لماذا كل ذلك وأنت تستطيعين
قضاء حياتك كلها بعيداً عن الأمور المتعبة خاصة أنك اشتريت للتو شاليهاً
بمليون يورو في ميريبيل وهو منتجع للتزلج على الثلج في جبال الألب
الفرنسية؟
- علمتني الحياة مع أنني لم أزل صغيرة أن الإنسان
لابد أن يكون متعلماً أولاً وحذراً وذكياً في تعامله مع المال ولكن لا أحد
يعلم متى كل ذلك يزول وأعتقد أن العلم سلاح للإنسان ولي في ممثلات شهيرات
أمثال جودي فوستر ونتالي بورتمان وميريل ستريب القدوة . ولقد تساءلت يوماً
“هل حلمي أن أصبح ممثلة؟” فإذا كان ذلك نعم فلابد لي أن أثقف نفسي، لن
يمنحني أحد إياها إلا الانكباب على الكتب والتعلم وأعتقد أن الوقت لايزال
أمامي فأنا مازلت صغيرة ويمكنني تحقيق الكثير إن أردت أن احقق المزيد
لشخصيتي ولشهرتي كممثلة ناجحة . وأعتقد أن دوري في الفيلم المقبل “أسبوعي
مع مارلين” الذي أقوم به بدور ثانوي هو البداية لمشواري الطويل من دون أن
أحمل بيدي تلك العصا السحرية في هاري بوتر، بل لأواجه أعباء مهنتي الجديدة
بكل حلوها ومرها .
الخليج الإماراتية في
22/12/2010 |