يشكّل أحمد حلمى منذ عدة مواسم سينمائية الحصان الأسود الرابح، كما أطلقت
عليه الصحافة، حيث صار وجود اسمه على أفيش فيلم سينمائى يستدعى كلمة النجاح
الجماهيرى، وكثيرا من النجاح النقدى.. ليس لأنه الأكثر إضحاكاً بين نجوم
جيله أو الأكثر عضلات، ولكن لأنه الأرجح عقلاً.
وفى قانون الحياة البقاء دائماً لأصحاب العقول الراجحة، وهم قد لا يكونون
الأجمل أو الأكثر مرحاً أو الأقوى جسداً.
وكما هو قانون البقاء فى الحياة أيضاً هو قانون البقاء فى النجومية.
ولكن تُرى ماذا فعل حلمى فى فيلم «بلبل حيران»؟
تسلح النجم بمخرج -وهو خالد مرعى- شهد معه نجاحاته، وأكد من خلال أكثر من
فيلم أنه مخرج يملك قدرات إبداعية تضاف له، إلى جانب عمله كمونتير مجتهد،
وتسلح أيضاً بكاتب شاركه هو الآخر نجاحه السابق وهو خالد دياب.. فماذا فعل
الثلاثى؟!
قدموا قصة تحمل حكاية شاب ناجح يتمنى الارتباط بفتاة تتوافق مع أحلامه،
وحين يلتقى بها تبدأ المشاكل، فما كان يراه ميزة يتحول لعيب إلى أن يلتقى
بنقيضتها، فيرى فيها ما كان يفتقده فى الحبيبة الأخرى، فيترك الأولى ويسعى
للثانية التى يكتشف أيضاً أن ما دفعه إليها هو نفسه ما يكرهه فيها، ويعيد
الكرة بسبب حادث فقدان الذاكرة، إلى أن تنتقم منه الاثنتان، كل هذه الحكاية
تدور من خلال فلاش باك يحكيه لطبيبته.
فكرة الفيلم تطرقت لها أفلام أخرى سابقة مثل «امرأة واحدة لا تكفى» لأحمد
زكى وثلاث بطلات.. لسان حالها يذكرنا بما قاله الله تعالى فى الإنسان «قُتل
الإنسان ما أكفره»، فمهما منحنا الله من نعم نتمناها، فإننا نعود لنطلب
عكسها أحياناً والمزيد فى أغلب الأحيان ، هذا هو التفسير المتعقل، ولكن
التفسير الشعبى للأمر أن الرجل بطبعه يتمير بالطفاسة فهو يريد كل النساء
وواحدة أبداً لا تكفيه.
وفيلم «بلبل حيران» ما هو إلا تنويعة على هذه النغمة، الرجل فيها هو البطل،
والمرأة مفعول بها، ولكنه فى نفس الوقت أضاف خطاً يخص الشخصية النسائية
التى لعبتها إيمى فجعلها فاعلاً، ومن يريد الارتباط بها مفعولا به.
إذن قدم الثلاثى حلمى ودياب ومرعى فيلما مرحاً يحمل فكرة فى إطار مرح بدون
فذلكة، واستطاعت زينة وشيرى عادل أن تقدما دورين بالفعل جيدين، خاصة شيرى
الحديثة العهد بالتمثيل.
ولكنى أتوقف عند إيمى، ليس لأنها كانت الأفضل أو الأسوأ، لكنى أتعجب من عدم
الاستفادة بقدراتها الكوميدية فى هذا الفيلم، برغم أن مساحة دورها أكبر من
«عسل إسود»، المشاركة الأولى لها مع حلمى.
فالدور الذى أدته إيمى كان منطقياً أن نقبله منها قبل ظهورها فى «عسل إسود»
و«سمير وشهير وبهير»، لقد اكتشف المشاهد طاقة كوميدية رائعة فى هذه الشابة
الصغيرة، وساعدها حلمى فى إظهارها فى مشاهد قليلة فى «عسل إسود» فلِمَ لم
يستغل هذه الطاقة فى «بلبل حيران» وكانت الفرصة أكبر؟! سؤال لم أجد له
إجابة، ويتنافى مع صفات العقل التى تحدثت عنها فى البداية عن ميزة أحمد
حلمى بين أقرانه.. فالعقل يقول إن النجم خاصة الكوميدى بحاجة إلى كتيبة من
المواقف الكوميدية والبشر، وأظن أن إيمى وقدراتها تساوى جيشا، فلِمَ تنازل
صاحب العقل عن استخدامها؟ وحرم نفسه من قوة دفع؟!
«بلبل حيران» فيلم يحمل خطايا الرجال وأحياناً النجوم.
اليوم السابع المصرية في
09/12/2010
صدق أو لا تصدق.. ابن القنصل ليس ابنه
حنان شومان
أمازالت أفلام موسم عيد الأضحى هى التى تشكل الوجبة السينمائية التى يتجه
إليها الجمهور فى رحلته إلى دور العرض، ورغم ثقتى بأن الإيرادات اليومية
السينمائية قد انخفضت عما كانت عليه فى أيام العيدية إلا أن الأفلام
الجديدة الأربعة تشهد كل يوم جمهورا إضافيا.
وفيلم ابن القنصل الذى بدأ عرضه مع بداية العيد قد لا يكون بالتأكيد هو
الأعلى إيراداً ولكنه يعد حالة سينمائية وجب التوقف عندها لعدة أسباب فمؤلف
العمل هو الشاعر والكاتب الأكثر إثارة للجدل والإعجاب والانتقاد أيضاً فى
مجالات عديدة وهو أيمن بهجت قمر ومخرج الفيلم هو عمرو عرفة الذى ينافس نفسه
بفيلم آخر فى الموسم نفسه وهو زهايمر، أما بطل العمل أحمد السقا فهو أيضاً
حالة مثيرة للجدل، نجم كبواته الفنية كثيرة ورغم هذا يتمتع بحب الجمهور
الذى لم يمل بعد من أخطائه.. يقدم فى هذا الفيلم دورا يتصور أنه سيبعده عن
النيران الصديقة والعدوة فهو دور يحمل كوميديا ويبتعد فيه عن الأكشن الذى
أتى للسقا بكثير من وجع الدماغ ويشاركه البطولة خالد صالح بعد غياب سينمائى
وحضور تليفزيونى لم يكن مشرقا فى رمضان، ثم أخيراً وليس آخراً تأتى معهما
غادة عادل التى غابت لمواسم عن الظهور.
إذن يشكل فيلم ابن القنصل إلى حد كبير علامة فارقة نوعاً ما فى حياة كل من
شارك فيه أو على الأقل فى سجلهم الفنى الحاضر فترى ماذا فعلوا؟!
قدم لنا ابن القنصل قصة مزور عتيد يدخل السجن لسنوات وحين يخرج منه يواجه
موقفا غريبا فيكتشف أن له ابنا لم يعرف عنه شيئا من قبل، وتتوالى الأحداث
ليكتشف المشاهد والمزور «خالد صالح» معاً أنهما كانا ضحايا لخدعة كبرى من
الابن المزعوم وفتاة الليل وكل من شاركهم فى الأحداث وينتهى الفيلم برغم
هذه الخدعة نهاية سعيدة تريح كل الأطراف وربما المشاهد الذى قد يرتاح
للحكمة التى تقول داين تدان ويؤكدها الفيلم بدون عنف أو دماء أو انتقام.
إذن نحن أمام قصة ذكية ملامحها كوميدية ساخرة كطبيعة كاتبها أيمن بهجت قمر
ولكنها للأسف غير مكتملة.
هذه النوعية من الأفلام التى تعتمد على الخدعة أو ما يطلق عليه «بلوف» لها
أسلوبان لا ثالث لهما فى السينما، فإما أن يكون الجمهور مشاركاً فى الخديعة
ضد البطل ويعرف جميع تفاصيل الخداع من البداية أو أن يفاجأ الجمهور تماماً
بالخديعة مثله مثل البطل المخدوع، ولكن فى فيلم ابن القنصل ابتدع المؤلف
طريقة بين بين فلا هو أشرك الجمهور من البداية فى الخدعة ولا هو جعلنا
كمشاهدين ننام ملء جفوننا مصدقين أن السقا هو ابن المزور فعلاً ثم نفاجأ
بالحقيقة فى نهاية الفيلم، وفى الوقت نفسه أطال الجزء الأول فى الفيلم حتى
اعتراه بعض الملل، وأظن أن هذه المشكلة لا تعد فقط مسؤولية الكاتب ولكن
يشاركه فيها بشكل كبير المخرج وكذلك كلمة كان السقا يرددها فى ندائه لخالد
صالح والمفترض أنه أبوه وكان السقا يناديه بكلمة يا والدى وترديد هذه
الكلمة دائماً وضع المشاهد فى حالة دائمة من الشك لأن الأبناء عادة على
اختلافهم ينادون آباهم بكلمات عديدة ولكن «يا والدى» لا يطلقها الأبناء إلا
كدعابة مرة وليس بشكل دائم.
وعلى كل تعد هذه تفاصيل صغيرة ولكن من قال إن الأفلام لا تفسدها التفاصيل؟!
عمرو عرفة فى هذا الفيلم كان بالتأكيد يحتاج لروح أكثر مرحاً وجرأة وإيقاعا
خاصة فى النصف الأول من الفيلم. السقا فى هذا الفيلم ربما أراد أن يصالح
جماهيره ويريهم وجهاً سمحاً بلا دماء أو عنف قدم أداءً مرحاً وإن شابه بعض
التوتر ولكن يظل السقا بالتأكيد ممثلا يمتلك ناصية الأداء الجيد لو قاده
مخرج يحب الممثل.
خالد صالح فى هذا الفيلم يمثل البراعة الخاصة فى تقمص الشخصيات أو ما يطلق
عليه ممثل الكاراكتر الذى لا يتقيد بمواصفات فى الشخصية من حيث العمر أو
الحالة.
غادة عادل هى بكل المقاييس مفاجأة هذا الفيلم فهى ممثلة دائماً جميلة وإن
كانت تجاربها السابقة نمطية إلا حين عملت مع محمد خان فى فيلم «فى شقة مصر
الجديدة» ولكنها فى ابن القنصل كشفت عن قدرة تمثيلية أخرى جبارة مما يعنى
أن غادة كممثلة قادرة على الإبهار ولكنها لم تجد حتى الآن من يستطيع أن
يكتب ويخرج ما لديها من مواهب وطبقات فى الأداء، فيلم ابن القنصل كان لكل
من صُنَّاعه هدف خاص يسعى إليه وإن اجتمعوا على الرغبة فى النجاح بشكل عام
فأصاب بعضهم وخاب قليل منهم بشكل ما ولكن بالتأكيد سعيهم مشكور ومنظور.
اليوم السابع المصرية في
02/12/2010
عادل إمام يعيد صياغة علاقته بالجمهور
حنان شومان
لم أعتد على ارتياد السينما فى الأعياد لأنها عادة ما تحمل فى تصورى نوعا
من البهدلة وعدم الاستمتاع الشخصى بالفيلم بسبب الزحام، ولكننى خرجت عن
عاداتى هذا الموسم علّنى أتابع ما تصورته عن موسم سينمائى أتى للجمهور بعد
شوق للفيلم المصرى، فقد طال الأمد على جمهور السينما بدون أن يشاهدوا
أفلاماً مصرية جديدة، فالصيف كان قصيرا وأفلامه بالتالى قليلة لم تسمح
للجمهور بالشعور بالإشباع من الفيلم المصرى، ثم أتى رمضان الموسم الذى
يخاصم فيه الجمهور السينما، وبعده عيد الفطر الذى أيضاً لم يظفر فيه
الجمهور بأفلام مصرية قوية أو متنوعة.
خلاصة الأمر أننى تصورت أن الجمهور المصرى على اختلاف نوعياته سيخرج إلى
دور العرض السينمائية لمتابعة أفلام هذا العيد، وقد صدق حدسى.. فشاهدت
بالفعل الآلاف يرتادون دور العرض وعلى اختلاف شرائحهم، حتى أن كثيرا منهم
لم يبدوا بالنسبة لى من النوعية التى ترتاد دور العرض فى الأعياد، ولكن كان
هذا ما لاحظته وأكدته لى الإيرادات التى تجاوزت الستة ملايين فى الأيام
الأولى للعيد، وهو مبلغ كبير إلى حد ما لمثل هذا الموسم، إذ السينما
استطاعت أن تسحب من عيدية المصريين مبلغا لا بأس به، فقد أتت بعد شوق..
فماذا قدمت لهم؟!
أول الأفلام التى قدمها هذا الموسم كان «زهايمر» الذى يعود به عادل إمام
بعد غياب عام كامل، بل أكثر، عن شاشات العرض، فتُرى كيف كانت عودته؟
فى فيلم من تأليف نادر صلاح الدين، وإخراج عمرو عرفة، وتصوير محسن أحمد،
يعود عادل إمام بمشاركة من فتحى عبدالوهاب، وأحمد رزق، ونيللى كريم، ورانيا
يوسف، ليحكوا قصة رجل شديد الثراء يواجه مرض الزهايمر، وهو فى حالة رفض
لتصديق أنه مريض، ولكن كل الظواهر تؤكد مرضه، إلى أن يكتشف المشاهد أن هذه
خدعة من أبنائه الفاسدين فى محاولة منهم لوضع أيديهم على أموال الأب، وحين
يدرك الأب ما حدث تنقلب الأحداث إلى اتجاه آخر تماماً، إلى أن ينتهى الفيلم
كما يجب أن تكون الحياة لو كانت مثالية.
سيناريو الفيلم قد لا يكون فكرة غير مطروقة فى الدراما من قبل، فالأفلام
التى تتناول جحود الأبناء كثيرة، ولكن بالتأكيد استطاع نادر صلاح الدين أن
يمنح الفكرة غير الجديدة كثيرا من الابتكار فى التفاصيل والأحداث.
واستطاع عمرو عرفة أن يحول هذه الأحداث إلى شريط سينمائى يضج بالحياة، وإن
كنت أظن أن أهم إنجاز لمخرج هذا العمل أنه أعاد لنا صياغة خاصة فى الأداء
لعادل إمام، فعلى الرغم من أن عادل إمام هو صاحب أكبر كم من الألقاب فى
الوسط الفنى مثل «نجم النجوم» و«الزعيم» و«النجم الأكبر تربعاً على العرش
برغم طول السنين»، فإن النجم الكبير خاصمه الجمهور إلى حد كبير فى آخر
أفلامه «بوبوس»، ولكنه عاد بـ«زهايمر» ليصالح الجمهور ولكن بشكل غير متوقع.
استطاع عادل إمام فى هذا الفيلم أن يقدم وجها وتعبيرات فى الأداء لم نعتد
عليها منه، ليس لأنها تحمل آسى أو تراجيديا، ولكن لأنها تحمل حساً مختلفاً
عن أداء نجم من طول معاشرتنا له حفظنا تعبيراته عند الغضب والضحك وحتى
البكاء.
ففى علاقة النجوم بالجمهور تظهر أحياناً ملامح الملل التى تشوب العلاقات
تماماً كالزواج مثلاً، ولكن عادل إمام بدوره فى فيلم «زهايمر» استطاع أن
يبدو كالزوج الذى يفاجئ زوجته بهدية، برغم أنها تصورت أنه لم يعد قادراً
بعد عمر طويل على منحها هدية تفاجئها.
اليوم السابع المصرية في
25/11/2010
هوليوود تحكى عن العبقرى الشاب
حنان شومان
مقدمة لابد منها فى تاريخ البشر والأمم، رضينا أم أبينا، يعد الفن واحدا من
مظاهر تقييم وسائل قياس تمدن وحضارة الشعوب قديما وحديثا، فهل بقاء
الفراعنة حتى الآن فى عقول وأذهان أجيال تفصلهم عنهم قرون إلا نتيجة
لفنونهم التى استطاعت أن تبقى شامخة تحكى عنهم للاحقين فى صورة صور ورسوم
ونقوش ومعابد وأهرامات؟! وهل بقاء كلمة عصر النهضة فى أوروبا فى كتب
التاريخ إلا نتيجة لارتباط ذلك العصر بتقدمه العلمى ومخترعاته بفنون مازالت
ماثلة أمام أعين البشرية. عشرات بل آلاف من الأمثلة قد تستغرق صفحات إذا
رحت أذكرها ولكن كلها فى النهاية تؤكد أن الفن بكل صوره من وسائل قياس تقدم
الشعوب أو تدهورها، وإن كنت من الكارهين للمقارنة بآخرين فى حياتى الخاصة
لأن المقارنة الدائمة توجد حالة من عدم الرضا عند الأفراد وتزيد من
الأحقاد، وهو ما أطلق عليه المقارنة السلبية، ولكن المقارنة الإيجابية هى
تلك التى تخص الأمم ولذا فاعذرونى للمقارنة التى قد تكون فى ظاهرها سلبية،
ولكنى أتمنى لو أنها أوجدت حالة إيجابية ولو حتى لدى عدد على أصابع لليد.
كثر الحديث هذه الأيام وفيما سبق بقليل عن مسلسلات وأعمال فنية تتناول
السير الخاصة لكثير من المشاهير وخناقات الورثة وصناع الأعمال وحتى خناقات
الكُتاب والمنتجين فيما بينهم على هذه الأعمال، فمثلاً هناك ثلاث جهات
تتعارك حول من يقدم قصة حياة تحية كاريوكا، وهناك آخرون تعاركوا حول قصة
حياة الملكة نازلى، ومازالت الأحاديث تتناثر حول قصة حياة صباح ومشاكل
مسلسل شادية إلى ما لا نهاية من موضة مسلسلات السير الخاصة، وكان نجاح
مسلسلى فاروق وأسمهان قد أغرى منذ عامين صناع الدراما بحكايات السير الخاصة
حتى أصبحت موضة، ورغم انهزام حليم وسعاد حسنى وليلى مراد وملكة فى المنفى
إلا أن الموضة مازالت تلهث وراء الموضوعات نفسها.. مجرد موضة وسينسونها
ويجرون وراء موضة أخرى، هذا ببساطة لأن أغلب مبدعينا إبداعهم يقع فى دائرة
التقليد وهو ما يمكن أن نطلق عليه إبداع القرود.
وفى نفس هذا التوقيت والزمن يشاهد العالم فيلما أمريكيا باسم الشبكة
الاجتماعية «Social
Network»، يحكى عن قصة حياة وتاريخ الفيس بوك أو بالتحديد قصة مارك زاكر برج
مبتكر الفيس بوك وحكاية من زاملوه وساعدوه، ثم كيف تحول النجاح إلى طمع
وعراك وصل إلى ساحات المحاكم، شاب لم يتجاوز العشرين تحول فى غضون أعوام
قليلة إلى أصغر ملياردير فى العالم يمتلك 6.9 بليون دولار. لم يخجل الفيلم
من أن يشير إلى أن هذا الابتكار الإنسانى الأمريكى بدأ فى غرفة صغيرة فى
سكن الطلبة بجامعة هارفارد بسبب أن صديقة زاكر برج تركته فقرر أن ينتقم
منها ويفضحها فى الجامعة ثم يتطور الأمر إلى أن يبلور الفكرة ليصل إلى
الفيس بوك بشكله الحالى.
الفيلم مأخوذ عن رواية باسم بليونيرات بالصدفة «The Accidental
Billionas» للكاتب بن ميزرتش واستطاع المخرج دافيد فنشر أن يحوله إلى أحداث على
الشاشة من لحم ودم.
ولكنى لست هنا بصدد الحديث عن فيلم وتفنيد مواطن ضعفه وقوته ولكن أتحدث عن
أُمة وأحد فنونها وهى السينما وتعاطى الناس معها.
فالفيلم يحكى قصة حياة مجموعة مليارديرات شباب منذ عام 2004 مازالوا يعيشون
ويتصدرون المشهد العالمى، يحكى عن ضعفهم الإنسانى وعن عيوبهم قبل محاسنهم
وعن سقطاتهم قبل إنجازاتهم، ولم يرفع أحد منهم قضية على الفيلم ولم يبهدل
صناع الفيلم فى المحاكم ولم يتهمهم أحد بالسب والقذف فى حقه، ولم يخرج
علينا أمريكى ليقول إن فيلم الشبكة الاجتماعية يسىء لأمريكا وأخلاق شعبها
وأحد رموزها.
مارك زاكر برج نفسه حين عرف أنهم سيصورون فيلما عن حياته لم يقل إلا عبارة
واحدة وهى «لم أكن أتمنى أن يتحدثوا عن حياتى إلا بعد موتى».
فن أمريكا القوية الفنية التى نكرهها ونغار منها ونحبها ونتمناها يعبر عنها
بحرية وبدون قيود بلهاء، مثل الإساءة للسمعة أو تبييض الوجه والكفين من
خطايا البشر، ولهذا فهم قوم أسوياء يبدعون كالأسود. أما نحن بفنوننا التى
يعتمد أغلبها على إبداع القرود والحديث عن المحاسن فقط فى البشر دون
الأخطاء فهو فن زائل كاذب لن يبقى لأنه غير حقيقى، مجرد تعبئة لشرائط لن
تعيش.. فقط الفن الصادق الحقيقى هو الذى يبقى أما غيره فيغرق فى بحر
النسيان.
ليتنا ندرك أن بحر النسيان غرقت فيه أقوام قبلنا وسيأتى من يغرق فيه بعدنا
فإن لم نستطع أن ننجو بعلمنا فعلى الأقل بفنوننا.
اليوم السابع المصرية في
11/11/2010 |