في ثاني تجاربه الإخراجية بعد «المشتبه»، اتجه محمد حمدي إلى الكوميديا
ليقدّم «محترم إلا ربع» من بطولة محمد رجب، وقد واجه الفيلم
مشاكل واعتذارات عدة
واعتراضات كثيرة جماهيرية ورقابية عليه.
عن هذه المشاكل وسبب قبوله إخراج هذا الفيلم، كان اللقاء التالي مع
حمدي.
·
هل أنت راضٍ عن مستوى فيلم
«محترم إلا ربع» النهائي؟
أنا راضٍ عن مستوى إخراجه، فالحكم على أي فيلم لا بد من أن يتناول شقّين،
الأول
يخصّ السيناريو وأنا لست مسؤولاً عنه نهائياً، أما الشق الثاني
وهو الإخراج فأعتقد
أنني نفذته بشكل جيد على مستوى التكنيك وإدارة الممثلين الذين لم أخترهم
أيضاً.
·
لماذا قبلت مهمة الإخراج وسط هذه
الظروف وهذا الكم من المشاكل؟
احترافياً ومهنياً، لا يمكن رفض الفيلم، إذ لديَّ تجربة إخراج واحدة،
وعندما
توافرت لي فرصة ثانية لإخراج «محترم إلا ربع» في موسم قوي ومع
ممثلين كبار مثل محمد
رجب ومادلين طبر كان لا بد من أن أوافق.
·
لكن الفيلم واجه مشاكل عدة بدءاً
من اعتذار عدد من الفنانات وأكثر من مخرج، ألم
يكن هذا الأمر مقلقاً بالنسبة إليك؟
بالتأكيد، لكنه كان تحدياً في الوقت نفسه، بمعنى أنني تمكّنت من إنهاء جميع
المشاكل ووضع خطة تصوير خلال خمسة أيام فقط، وهذا الأمر كان
شبه مستحيل، لكني نجحت
والحمد لله.
·
هل كانت لك اقتراحات وتدخّلات أم
قبلت بتنفيذ الفيلم من دون أي تعديل عليه؟
كانت لديَّ تدخلات خاصة بالسيناريو، إذ كان ثمة خلل واضح في تركيبة الصراع
بين
البطل محمد رجب ورجل الأعمال أحمد راتب، وكذلك العلاقة
بالسكرتيرة، وقد نفّذت
كثيراً من التعديلات بالاتفاق مع الكاتب.
·
قالت مادلين طبر إنها أضافت أحد
المشاهد الى الفيلم وإنك وافقت عليه، فما هو هذا
المشهد؟
اقترحت مادلين بعض الإضافات على مشهد المشاجرة بينها وبين زوجها في الفيلم
أحمد
زاهر، فرأيت اقتراحها مناسباً لذا وافقت عليه.
·
ألم تقترح تغيير اسم فيلم «محترم
إلا ربع» الذي رآه البعض غريباً؟
بالعكس، أعجبني اسم الفيلم لأن فكرته إنسانية، وهي أن البطل يتميّز بصفات
كثيرة
منها أنه صحافي مجتهد ولا يقبل الرشوة... إلا أنه ككل إنسان
لديه سيئات منها أنه
يتعاطى المخدرات وله علاقات نسائية متعددة، لذلك فهو «محترم إلا ربع». لست
مع فكرة
الخير المطلق أو الشر المطلق، كذلك فإن الإسم تجاري وجاذب للجمهور.
·
شهد الفيلم اعتذارات كثيرة نتيجة
تمسّك المنتج بالفنانة روجينا، فهل كان ذلك
إرضاء لزوجها أشرف زكي كي يصرّح بكل المشاركات العربية في
الفيلم؟
لا علاقة بين الأمرين، فروجينا ممثلة محترفة وموهوبة وملتزمة، وقد نجحت
تماماً
في أداء الدور.
·
لكن ألا ترى أن الوجوه الجديدة
في الفيلم كانت كثيرة وبما لا تحتمله دراما
الفيلم؟
هذا حقيقي وإن كان وجودها مرتبطاً بالسيناريو الذي وضعها كعنصر جاذب
للجمهور.
·
كانت ملابس لاميتا ومادلين طبر
مثيرة بشكل لافت في الفيلم، ما تعليقك؟
لا أوافقك الرأي، لأن الطبقة التي ينتميان إليها ترتدي مثل هذه الملابس،
لكن
مجتمعنا أصبح محافظاً بشكل مبالغ فيه.
·
انتقد الجمهور الصوت في الفيلم،
إذ لم يكن واضحاً وكانت فيه عيوب كثيرة؟
الصوت منفّذ في إيطاليا بطريقة «الدولبي»، لكن ربما يتعلّق العيب بأجهزة
الصوت
في بعض دور العرض.
·
لماذا جاء الفيلم خالياً من أي
موسيقى تصويرية، إذ كانت الخلفية عبارة عن أجزاء
من مقطوعات موسيقية عالمية؟
لم توضع للفيلم موسيقى تصويرية بل إعداد موسيقي عبر
اختيار مقطوعات موسيقية وتركيبها، وكان ذلك بسبب ضيق الوقت.
·
لكن ألست مسؤولاً كمخرج عن
الموسيقى التصويرية؟
بالطبع، وهذا خطأ أعترف به، إذ كان لا بد من أن أتمسّك بتنفيذ موسيقى
تصويرية
للفيلم.
·
لماذا ظهر بطل الفيلم محمد رجب
في حالة من الثراء الفاحش المفاجئ من دون أي
توضيح؟
السينما لا بد من أن يكون فيها اختزال وقد أوضحنا ذلك أثناء عرض الأغنية
حين كان
البطل يوقّع عقود عمل، ما يعني أنه بدأ نشاطاً جديداّ، وهو
هندسة الديكور الذي أدرّ
عليه أموالاً طائلة.
·
هل يُعقل ألا يكتشف بطل الفيلم
أن لاميتا هي ابنة غريمه أحمد راتب؟
هذا الخيط ليس مهماً برأيي، بل قصدنا فحسب التأكيد على أن مثل هذا الأب
وهذه
الأم لا يمكن أن تكون تربيتهما جيّدة.
·
هل أقنعتك لاميتا كممثلة؟
لاميتا لم تكن مطلوبة كممثلة بقدر ما كانت مطلوبة كفتاة جميلة و{دلوعة»
تتعامل
مع العلاقات الإنسانية بعدم مسؤولية وقد نجحت في حدود ذلك.
·
سمعنا عن مشاكل عدة واجهها
الفيلم مع الرقابة؟
بالفعل، اعترضت الرقابة على أغنية الفيلم «3 ستيللا» ومشهد آخر تضمّن عبارة
«هما
شعب الله المختار واحنا شعب الله المحتار»، وقد تمكّنا من
إقناعها بأن هذه الجملة
ليست مسيئة ولكن غيّرنا الأغنية.
·
لكن الأغنية ما زالت موجودة في
إعلان الفيلم؟
هذا مضحك، فكيف تمنع الرقابة الأغنية من الفيلم في حين تسمح بعرضها في
إعلاناته
التي تُعرض باستمرار؟
·
لم يكن مناسباً، برأي البعض، أن
تغنّي الطفلة أغنية شعبية لأنها ليست مناسبة
لسنّها ولا لطبقتها المتوسّطة؟
الأغنية كلامها بسيط ويمكن غناؤها في إطار الفرح.
·
بعد عرض الأفلام الحديثة بساعات
نجدها على شبكة الإنترنت بجودة عالية، فما هي
أسباب ذلك برأيك؟
تقصير وزارتي الداخلية والاتصالات في أداء دورهما للقضاء على ظاهرة
القرصنة، على
رغم تكرار وعودهما البراقة لمنع ذلك، وهي كارثة تهدّد صناعة
السينما.
·
هل يمكن أن تشارك في السينما
المستقلة؟
أجهّز فعلاً لفيلم من هذه النوعية، ونحن في مرحلة الكتابة مع شريف مهدي
وياسمين
سامي اللذين حصلا على جائزة ساويريس في الكتابة. التقينا
وتلاقت أفكارنا، فقررنا
تنفيذ فكرة مجنونة تحلّق بعيداً عن حسابات السوق.
الجريدة الكويتية في
26/11/2010
حرب الإيرادات في العيد...
حلمي يكتسح ورجب يتفوّق على
السقا وإمام في القمّة
رولا عسران
حققت الأفلام الأربعة التي عُرضت في موسم عيد الأضحى إيرادات غير مسبوقة في
تاريخ السينما المصرية مع أنها لم تتجاوز المستوى المتوسط
بشهادة النقاد والجماهير
وهي: «بلبل حيران»، «زهايمر»، «ابن القنصل»، و{محترم إلا ربع».
فاجأ أحمد حلمي الجمهور هذا العام بفيلم أقل من العادي ولا يرقى إلى مستوى
أفلامه السابقة، مع ذلك نجح «بلبل حيران» في تحقيق إيرادات غير
مسبوقة في تاريخ
السينما المصرية وصلت إلى مليوني جنيه في ثالث أيام عيد الأضحى، بينما حقق
في اليوم
الأول مليوناً و800 ألف جنيه، وهو الرقم نفسه تقريباً الذي حققه في اليومين
الثاني
والرابع، بالإضافة إلى 890 ألف جنيه إيراد ليلة الوقفة، مع أنه
عرض فيها بثلاث نسخ
فقط، ليصل إجمالي الإيرادات في أسبوع العيد وحده إلى سبعة ملايين ونصف
المليون جنيه
تقريباً.
هكذا عوّض أحمد حلمي تكاليف فيلمه (6 ملايين جنيه) الذي يدخل به أولى
تجاربه
الإنتاجية، وكان تقاضى مليوني جنيه لقاء ظهور إعلانات بشكل
مناسب في أحداث الفيلم
ليصبح إجمالي تكلفة هذا الأخير أربعة ملايين جنيه، وقد عاد إليه المبلغ
مضاعفاً قبل
مرور الأسبوع الأول من الموسم.
إمام والسقا
بدوره، حقق فيلم «زهايمر» لعادل إمام حوالى سبعة ملايين جنيه في أيام العيد
الأربعة، بحسب «الشركة العربية»، بالإضافة إلى أكثر من مليونين
لدى عرضه في الأيام
الخمسة التي سبقت العيد (طرحت فيها 50 نسخة من إجمالي 80 نسخة)، بهدف
الحصول على
إيرادات مضاعفة أو بتعبير أدق حجز مكان للفيلم على الخارطة قبل دخول الموسم
فعلياً.
هكذا، تجاوزت الإيرادات التسعة ملايين جنيه.
في السياق نفسه، وضعت «الشركة العربية» فيلم «محترم إلا ربع» لمحمد رجب،
الذي
توزعه، في المركز الثالث لمنافسة فيلم «إبن القنصل» لأحمد
السقا، إذ تراوحت إيرادات
الأول بين مليون ومليون و200 ألف جنيه يومياً خلال أيام العيد الثلاثة،
بحسب
تصريحات الشركة، فيما فشل «ابن القنصل» في تجاوز المليون جنيه في اليوم
الواحد،
بحسب تصريحات «المجموعة الفنية المتحدة» الموزِّعة للفيلم،
ليصبح إجمالي إيراداته
في أسبوع العيد حوالى أربعة ملايين جنيه، فيما نجح «محترم إلا ربع» في
تجاوز الخمسة
ملايين جنيه في التوقيت نفسه.
منافسة محتدمة
تبدو المنافسة هذا العام محتدمة بين جبهتي الإنتاج والتوزيع في مصر. إذ ليس
لدى
«الشركة
العربية» أي استعداد لأن تخسر رهانها، خصوصاً بعدما طلبت من عادل إمام
تخفيض أجره من 15 مليون إلى 10 ملايين جنيه واشترطت عليه الاستعانة بالنجوم
الشباب
لمشاركته البطولة، فيما تقف «المجموعة الفنية المتحدة» أمامها
بفيلم «بلبل حيران»
إنتاج أحمد حلمي وتوزيع وليد صبري، ما يعني أن الكعكة قسمت بينهما بالتساوي.
بعيداً عن المبالغة
يرى المنتج هشام عبد الخالق (رئيس مجلس إدارة شركة أوسكار للإنتاج الفني
والسينمائي) أن العملة الجيدة تطرد العملة الرديئة، والفيلم
الجيد يروّج لنفسه
بعيداً عن دعاية الشوارع أو تلك المبالغ فيها.
يضيف عبد الخالق: «ليس في مصلحتنا المبالغة في أرقام الإيرادات، لأن
للجمهور
الحق في معرفة الحقيقة كي يحكم بنفسه، مؤكداً أن الشركة لا
تتلاعب في الإيرادات، بل
تحرص دوماً على الإعلان عنها بشفافية.
بدوره، يوضح رئيس غرفة صناعة السينما منيب شافعي أن الأمر لا يحتمل أي
مبالغات،
لذا ينتظر ردّ مصلحة الضرائب في شأن الطلب الذي تقدمت به
الغرفة للاطلاع على
الأرقام الحقيقية وإيرادات تلك الأفلام الصحيحة منعاً لأي مبالغات قد تضر
بصناعة
السينما.
أما أحمد السبكي، منتج «محترم إلا ربع»، فيؤكد أن فيلمه مصنوع بمواصفات
العيد
ويحقق أرقاماً مرضية لا تحمل أي مبالغات بدليل تهافت الناس على
مشاهدته في دور
العرض.
الجريدة الكويتية في
26/11/2010
ابن القنصل... كوميديا المؤامرة المتقنة
محمد بدر الدين
يُحسب لفيلم «ابن القنصل» (إخراج عمرو عرفة وسيناريو أيمن بهجت قمر) حرص
صناعه
على تقديم كوميديا متقنة، بعيدة عن الإسفاف والاستخفاف
بالمتلقّي. يؤدي بطولتها
ثلاثة ممثلين لامعين، لكنهم ليسوا من نجوم الكوميديا، وهم أحمد السقا وخالد
صالح
وغادة عادل، وقد وُفّقوا في هذه التجربة بوضوح وأضفوا عليها، بأدائهم
الطريف
المستوعب لطبيعة المعالجة، مذاقاً خاصاً وحضوراً جذاباً.
يُحسب للسقا، وهو أحد أهم نجوم اليوم، عدم رغبته في الاستئثار بالبطولة أو
تركيز
الضوء على دوره، ذلك في أكثر من فيلم وليس في «ابن القنصل»
فحسب.
يخرج القنصل (خالد صالح) من السجن بعد قضاء عقوبة سنوات طويلة، لاتهامه
بجرائم
تزوير متنوعة وبسرقة سبائك ذهبية مع شركاء له خدعهم واستأثر
بها لنفسه. يتلقّفه
عصام (أحمد السقا)، ويخبره أنه ابنه الذي تركه طفلاً عندما سجن، فيحتفي
الابن بالأب
ويستضيفه في شقته على سطح إحدى أبنية الإسكندرية، القريبة من البحر، ويتأثر
الأب
بهذا الاحتفاء.
شيئاً فشيئاً يدرك الأب أن ابنه، وهو ملتحٍ، ينتمي إلى إحدى جماعات التزمت
والتعصب الديني، ذلك على نقيض حياته وطبيعته هو، إذ عاش طليقاً
لاهياً مستمتعاً بكل
ما في الحياة من دون أي التزامات.
يحاول الأب الترفيه عن نفسه بمشاهدة التلفزيون، فيكتشف أن ابنه ألغى
القنوات
كافة باستثناء تلك التي تسودها روح التكفير والوعيد والترهيب
بعذاب القبر إلخ.
بعد ذلك، يطلب من ابنه تعليمه كيفية استعمال الكومبيوتر مدّعياً اقتصار
استعماله
على الخير، لكنه لا يلبث أن يختلس لحظات، يتعرف فيها إلى بوسي
(غادة عادل) عبر «النت»،
ويلتقي بها فعلاً ويقدمها لابنه باعتبارها ابنة أخته.
لكن ما لا يعرفه القنصل، ولم نعرفه نحن كمشاهدين حتى تلك اللحظة، أن هذه
الأحداث
كلها هي مؤامرة على القنصل نفسه انطلت عليه وعلينا، شارك فيها
كما نعرف لاحقاً
الابن المزعوم، بوسي، الصديق القديم المشلول الذي يتضح أنه بصحة جيدة،
أصدقاء الابن
الإرهابيون بزعامة أميرهم المستفز (خالد سرحان)، مع آخرين، بهدف اكتشاف
مكان
السبائك الذهبية (وصفت في الفيلم بسخرية: بأن أجيالاً ضحت في
سبيلها)، كذلك
الانتقام من القنصل لانفراده بها، على حساب شركائه (الإبن في حقيقته ابن
أحدهم)،
فينجحون في ذلك.
بالأسلوب الطريف نفسه، على رغم العنف الكبير في مشاهد الضرب (الأكشن)، يقع
القنصل في الشباك ويُزج في السجن مجدداً بعد تلقينه درساً
قاسياً، ثم تلجأ العصابة
إلى حيلة قانونية وتنجح في إخراجه مجدداً من السجن.
ربما بدا ثقيلاً على المشاهد كشف المؤامرة بصورة تقليدية، سواء للقنصل أو
للمشاهدين، وكان الأفضل إيجاد طريقة أكثر تفنناً وسلاسة، بما
يتفق مع الفيلم الذي
جاء، باستثناء ذلك، سلساً، متماسكاً، يتّسم بإتقان ملحوظ، سواء على صعيد
كتابة
السيناريو أو التنفيذ وحرفية المخرج الموفّقة، إلى جانب إدارة عناصر
التصوير
والمونتاج والموسيقى والمؤثرات الصوتية.
تركّزت مشاهد «ابن القنصل» في الشقة والسطوح، بما يناسب طبيعة الحبكة
الدرامية
وكوميديا المؤامرة، التي تطبّق على الشخص المستهدف من كل
ناحية، بل وبطابع مسرحي
مقبول في مثل هذه الحالة، وإن لم يخل الفيلم من مشاهد قليلة جميلة، تخرج
بنا إلى
طبيعة الإسكندرية، وتنبض بحب وحنين غامرين تجاه المدينة واعتداد بتفرّدها.
جمعت المصادفة بين عرض فيلمي «ابن القنصل» و{زهايمر» في الموسم نفسه،
اللذين
أخرجهما عمرو عرفة، وهذا أمر لم يسعَ إليه هذا الأخير إنما أدت
إليه تقديرات شركات
التوزيع، مع ذلك تجعلنا هذه المصادفة نقف على مدى جدية هذا المخرج واجتهاده
وقدراته
الحرفية الجيدة، وتجعلنا نثق بأنه يزداد خبرة ولديه الكثير ليقدّمه، فيلماً
تلو
آخر.
الجريدة الكويتية في
26/11/2010
أعجب أسماء الأفلام.. زمان والآن
القاهرة - خالد بطراوي
يحلو لبعض الأصدقاء أن يعقدوا من آن الى آخر في ليالي سمرهم ما اصطلحوا على
تسميته «جلسات نميمة»، فيتندرون على التصرفات غير المألوفة من معارف
وأصدقاء آخرين، ولا بأس أن تتخللها أيضا بعض الخفايا أو فلنقل الأسرار
الشخصية التي يحرص هؤلاء على إخفائها ولا أدعي أنني أنزه نفسي عن هذه
المجالس، أو أنني لا أضحك أو أستمتع بما يدور فيها، فهي فعلا مسلية، وإن
كنت لا أبرّ.ئها من اللاأخلاقية في بعض الأحيان، رغم ان المشاركين فيها لا
يضمرون شرا لأحد ممن يتناولونهم بالحديث، أو يعمدون إلى تجريحهم، ومع ذلك
فأنا لا أستريح إليها في أعماقي، وأحس بأنها تسبب لي حرجا في كثير من
الأحيان.
الطريف أن عدوى «النميمة» انتقلت إلى السينما، أو تطرقت إلى ظاهرة أسماء
الأفلام المصرية التي تسود السينما هذه الأيام.
ظاهرة غريبة ومثيرة تتكرر بصفة دائمة دون أن يعرف أحد على وجه التحديد
أبعاد هذه الظاهرة، التي تحولت فجأة إلى حديث كل الناس.
أسماء المأكولات
في بداية التسعينيات استهوت بعض المنتجين اسماء المأكولات كعناوين رئيسية
للأفلام، فظهر على سطح السينما المصرية مجموعة أفلام تحمل اسماء سمك لبن
تمر هندي، كابوريا، استاكوزا، يا مهلبية يا، طعمية بالشطة، بيتزا بيتزا،
تفاحة، قشر البندق، حرب الفراولة، إيس كريم في جليم، جرانيتا، شادر السمك،
سمكة و4 قروش، الفول صديقي، لحم رخيص وفول الصين العظيم.
وتحت التنفيذ حاليا سمك مكرونة، مكرونة بالصلصة، وفول بالزيت، حب بالصلصة.
كثيرون هم الذين يتساءلون «ما الأسباب الكامنة وراء تسلل تلك الأسماء
الغريبة لعناوين الأفلام السينمائية». وهي ظاهرة لم تكن تحدث إلا في نطاق
ضيق جدا قبل ذلك. وبالتالي لم يعد لاختيار عناوين الأسماء أي ظوابط أو
معايير.
ألفاظ جديدة
وقد تطورت هذه الظاهرة بكل ابعادها مع مرور الأيام إلى حد أن تسللت أسماء
غريبة لعناوين الأفلام، وكلها اسماء ذات الفاظ جديدة بعيدة كل البعد عن
نقاء الكلمة وعفة اللفظ، على آذان الجماهير مثل كلم ماما، اللي بالي بالك،
نمس بوند، بوبوس، بنت بنوت، دبوور، اللبيس، أوعى وشك، رشة جريئة، حبيبي
نائما، صباحو كدب، حوش اللي وقع منك، عليه العوض، هو في إيه، خالتي فرنسا،
إبقى قابلني، لا مؤاخذة يا دعبس، خلي الدماغ صاحي، أشيك واد في روكسي، عايز
حقي، خليك في حالك، الرجل الابيض المتوسط، حلق حوش، مفقود ومولود، الفيل في
المنديل، وسعيد حركات.
والظاهرة ببساطة شديدة هي أن هناك مخرجين يرون أنهم الأحق باختيار اسم
الفيلم ليكون عنوانا جذابا وتجاريا من أجل تحقيق اعلى الايرادات، لدرجة
أنهم يختارون اسماء لا تمت بصلة الى أحداث الفيلم، وأحيانا أخرى يرضخ
المنتج والموزع لأهواء نجمة أو بطلة الفيلم حتى لا تغضب، وأحيانا تعقد
جلسات تشاور طويلة بين المنتج والمؤلف والمخرج وبطلة الفيلم لاختيار اسم
ملائم.
وأحدث مثال على ذلك ما دار أخيرا حول فيلم «أحاسيس» الذي حمل أسماء عدد
كبير من السينمائيين في مقدمتهم المخرج هاني جرجس فوزي وبطلاه علا غانم
وباسم سمره، حيث واجه الفيلم أزمة من نوع جديد، فبعد خلافات عديدة بين
مؤلفه ومخرجه كادت تطيح به وتضعه في ثلاجة التأجيلات لمدة عامين، وقد تفجرت
الخلافات الحادة، مما جعلت بطل الفيلم باسم سمره يرفض حضور العرض ويرفض
مشاهدة الفيلم، وازدادت المشاكل أكثر وأكثر، عندما وجد باسم سمره ان
الفنانة علا غانم قد قامت بالدعاية للفيلم على حسابها الخاص، وطلبت من مصمم
الأفيش تغيير الأفيش وفقا لهواها.
سينما زمان
إلى هنا ولا أحد، بالطبع، يمكن أن يعترض على أن ما يحدث اليوم على الساحة
الفنية، عكس ما كان يحدث في سينما زمان، فقد كان اسم الفيلم لابد أن يكون
ملائما للأحداث، ومن الضروري أن يكون مناسبا للحدوتة التي تعرض على الشاشة.
ويمكن القول أيضا لم تكن السينما تستطيع أن تلفت انتباه الجمهور في بدايتها
الأولى إلا بالأسماء اللامعة من الممثلين والممثلات، فقد كان للأسماء
اللامعة تأثير كبير على الجماهير. وكان هذا هو الطريق لجذبهم لمشاهدة
الأفلام السينمائية.
وبنظرة سريعة إلى أفلام زمان، نجد أنه برغم وجود أسماء غريبة لبعض عناوين
الأفلام، فإنها كانت أفلاما تجسد شريحة من المجتمع كنا في غفلة عنها، تؤلف
تبعا لموضوع القصة مثل سلامة في خير، أحمر شفايف، سي عمر، بسلامته عاوز
يتجوز، للفنان الكبير نجيب الريحاني، وفيلم «زليخة تحب عاشور» بطولة آسيا
وزكي رستم وماري كويني عام 1940، وفيلم «الآنسة بوسة» للمخرج نيازي مصطفى
بطولة نور الهدى وبشارة واكيم الذي يؤدي شخصية رجل ثري يفكر في حيلة يختبر
بها أصدقاءه فيدعي الافلاس كي يختار زوجا لابنته الوحيدة لا يطمع في ثروتها
الطائلة، وفيلم «الحب بهدلة» للمخرج صلاح أبو سيف، وبطولة محمد أمين وهدى
شمس الدين عام 1951، وفيلم «إديني عقلك» للمخرج أحمد كامل مرسي، بطولة
اسماعيل ياسين وزمردة ومحمود المليجي عام 1952.
«والآنسة حنفي» للمخرج فطين عبد الوهاب، بطولة ماجدة واسماعيل ياسين عام
1954، أول فيلم مصري يسبق عصره وأوانه، يتناول حالة تغيير الجنس من ذكر إلى
أنثى، وفيلم «حميدو» للمخرج نيازي مصطفى وبطولة فريد شوقي وهدى سلطان وتحية
كاريوكا عام 1953، يتناول أضرار تجارة المخدرات، وأيضا فيلم «ابن حميدو»
للمخرج فطين عبد الوهاب، وبطولة اسماعيل ياسين وهند رستم عام 1957 الذي
يروي عملية تهريب المخدرات إلى داخل مصر، ولكن في قالب كوميدي.
وهنا أيضا فيلم «إحنا بتوع الاتوبيس» للمخرج حسين كمال، بطولة عادل إمام
وعبد المنعم مدبولي ومشيرة اسماعيل عام 1979، فالفيلم يروي أحداث واحدة من
أخطر المراحل السياسية، وذلك من خلال مجموعة ابرياء يحجزون بالمعتقل بتهمة
التآمر ضد نظام الحكم.
لغة شبابية
وعلى ما يبدو فإن «فيروس» اللغة الشبابية قد تسلل واقتحم الأسماء الغريبة
لعناوين الأفلام السينمائية المصرية، وخاصة بعد أن شاهدنا واستمتعنا بأعظم
وأروع الأفلام الكلاسيكية التي تحمل اسماء مؤثرة ورنانة مثل نهر الحب، بين
الاطلال، دعاء الكروان، الخيط الرفيع، الحب الضائع، شاطئ الغرام، يوم من
عمري، حب وكبرياء، ودمي ودموعي وابتسامتي.
أصبحت اسماء وعناوين الأفلام الموجودة حاليا في دور العرض المصرية «قول يا
باسط»
وهنا يكمن السؤال الذي يطرح نفسه: من اكثر صدقا في التعبير عن اختيار اسماء
الافلام سينما الأربعينيات والخمسينيات والستينيات أم سينما القرن الحادي
والعشرين؟
نميمة شبابية
من التعابير التي يستخدمها الشباب في نميمتهم وبرزت في عناوين الأفلام:
- الرجل الغامض بسلامته قاطع شحن.
- ولد وبنت عايشين اللحظة.
- علشان ربنا يحبك كلم ماما.
- هو في إيه في دكان شحاته.
- عايز حقي من اللمبي.
- عليه العوض في اللي بالي بالك.
- أوعى وشك من خالتي فرنسا.
- همام في امستردام وكذلك في الزمالك.
- ابراهيم الأبيض أشيك واد في روكسي.
القبس الكويتية في
26/11/2010 |