ولد المخرج والباحث
السينمائي قيس الزبيدي في بغداد، لكنه يبدو وكأنه لم يعد يعثر على المكان
الذي ولد
فيه، بعد تراكم السنين والحروب، مثلما لم يعد يعثر على جنسية.
إذا سئل لا يعرف كيف
يجيب، مع أنه يفضّل القول إنه فلسطيني، حيث كرس عمره وبحثه وسينماه في خدمة
القضية
الفلسطينية. لم ينتج عن العراق سوى فيلم وحيد كان عن التشكيلي العراقي
البارز جبر
علوان، ولا يجد نفسه معنياً بأن يصور وأن يصنع سينما هناك.
يعتبر الزبيدي أن فيلماً
حققه أواخر الستينيات عن أطفال اللاجئين في المخيمات الفلسطينية في دمشق
شكّل هويته
وطريقه. من هناك شق طريقه إلى دائرة الثقافة في منظمة التحرير، ليحقق
العديد من
الأفلام التسجيلية حول القضية، ثم يتابع باحثاً في العديد من
الكتب والأبحاث، بل
ومبرمجاً ومنشطاً لسينما القضية في العديد من المهرجانات، العربية والدولية. «السفير» التقت المخرج الذي يقيم بين دمشق
وبرلين على هامش «مهرجان دمشق
السينمائي»، وكان هذا الحوار:
·
لماذا يجري تقديمك في المهرجانات
على أنك مخرج
فلسطيني؟
}
أول ما جئت إلى سوريا كان أول فيلم أخرجته في التلفزيون «بعيداً عن
الوطن» (1969) ثم «نداء الأرض» وأخرجت في المؤسسة العامة
للسينما فيلم «شهادة
الأطفال الفلسطينيين زمن الحرب»، ثم اشتغلت لفترة طويلة في دائرة الثقافة
في منظمة
التحرير، حيث كنت مسؤولاً عن قسم السينما، وفيها عملت مجموعة أفلام منها
«وطن
الأسلاك الشائكة» و«فلسطين سجل شعب».. كنت احضر المهرجانات
وأسافر مع الوفد
السينمائي الفلسطيني، وكانت أولى زياراتي لبغداد بعد سفري عنها لفترة
طويلة، إما مع
الوفد السينمائي السوري أو بعدئذ الفلسطيني. حين كنت عضواً في لجنة التحكيم
في أحد
مهرجانات دمشق احتاروا كيف يقدمونني فابتكروا تعريف المخرج
العربي. الألمانية اليوم
هي جنسيتي المكتسبة، وهذا زاد الأمور تداخلاً. لطالما جرى وصفي بأنني
فلسطيني
الانتماء. في الاسكندرية صدر كتاب لتكريمي بعنوان «عاشق فلسطين». والحقيقة
أنني
أتضايق من وصفي كمخرج عراقي، فأنا كسينمائي لم أصور حتى صورة
فوتوغرافية واحدة في
العراق، وحين أقدم على أنني المخرج العراقي يبدو وكأنني جئت من العراق، أو
اصنع
أفلامي فيه أو انني أمثله. حين أسأل من أين أنت؟ أفكر كثيراً حتى أرد،
والجواب يأتي
حسب مقتضى الحال. أحياناً أقول لهم إنني ألماني، فيقولون أنت تتقن العربية
أفضل
منا!
أعتقد أن فيلمي الأول «بعيدا عن الوطن» عن مخيم للفلسطينيين هو مخيم سبينة
صار عنواني من دون أن أقصد.
هناك تجربة مميزة في هذا الفيلم، وربما أكون أخذت
الجائزة بسببها (الجائزة الفضية في مهرجان لايبزغ) فقد أخذت
الأطفال بعد التصوير
إلى استوديو الصوت، عرضت عليهم ما صورته عنهم، فراحوا يتصايحون فرحاً
وشجاراً، أخذت
الصوت وركبته على الفيلم، مما أضاف إلى الفيلم ميزة ولمسة.
·
إذاً لم تكن على
خلاف مع العراق؟ ماذا يعني لك العراق اليوم؟
}
أنا خرجت من العراق للدراسة وعدت
إلى سوريا للعمل، دعيت مرات مع غيري على مستوى رفيع لأعمل أفلاماً في
العراق. لكن
الشيء الوحيد الذي عملته عن العراق هو الفيلم الذي حققته قبل عامين عن
الرسام
التشكيلي العراقي جبر علوان، وعرض في مهرجان الخليج، ونال
الجائزة الأولى. لا أحب
اليوم أن أذهب إلى العراق كي أعمل فيلماً ومعي تمويل خارجي. حين سقط النظام
أنتج
كثيرون أفلاماً وحصلوا بسببها على الدعم. أنا لم يكن عندي مشروع لفيلم عن
العراق.
المثقفون كانوا كلهم يعيشون خارج العراق، بعد الاحتلال وجدت عائلتي مشتتة
في
سوريا والأردن وسواها، والوطن هو العائلة، وجهت لي دعوة إلى
العراق للمساهمة في
تأسيس جديد للسينما، ولم أذهب.
·
عملك في الفيلم التسجيلي هل هو
خيار أم حل
إنتاجي؟
}
اكتشفت السينما التسجيلية وأهميتها في مهرجان لايبزغ منذ كنت طالباً
في معهد السينما، وكنت اعتقد وما ازال في أن يؤسّس لسينما
تسجيلية في البلاد
العربية، لتكون هي أساس للسينما الروائية ومنطلقها. لأن الجمهور إذا اعتاد
أن يرى
واقعه على الشاشة سيتعلم أن ليس مهمة السينما فقط أن تروي له قصصا خيالية
ملفقة
إنما ان تروي له قصصا واقعية مكتشفة. والفيلم التسجيلي يفتح
الشاشة على الواقع
لمواجهته وتصويره عن طريق النزول إلى الشارع، مع انه يواجه أحيانا الرقابة
والمنع،
إلا انه يمنحك الخبرة والتجربة. وهذا من شأنه أن يقود إلى سينما روائية
صادقة. في
كوبا لم تعد تفرّق بين فيلم روائي وآخر تسجيلي. السينما
التسجيلية هي هوية وذاكرة
الناس، ذاكرة حقيقية لا ملفقة.
حين جئت إلى سوريا كان هدفي أيضاً أن أعمل سينما
تسجيلية وبدأت العمل كمصور ومومتير واشتغلت لسنوات استمرت طويلا أفلاماً
روائية
طموحة اشتغلت مع نبيل المالح، محمد ملص، عمر أميرالاي، محمد شاهين، خالد
حمادة،
كريستيان غازي، مارون بغدادي، قاسم حول، غالب شعث.
المشكلة أن ليس لدينا مختبر
لتجارب السينما، في مصر كان هناك تجربة لم تستمر، حين أعطي شادي عبد السلام
فرصة
لكي يعمل أفلاماً تجريبية. السينما مختبر. في روسيا صار هناك سينما بعد
ثورة أكتوبر
وبعد تجارب مختبر كوليشوف عملوا معجزات.
اليوم لديك مثلاً في سوريا ولبنان
وسواهما من الدول العربية كم هائل من الأفلام بسبب سهولة عمل الأفلام. لكن
ما يحدث
أن المشتغلين غير مؤهلين. تجربة أميرالاي في «المعهد العربي للفيلم» في
عمّان كانت
مختلفة ومهمة في سياق تاهيل سينمائيين شباب جدد.
·
هل ترى أن الفيلم التسجيلي
اليوم يقدم القضية بشكل صحيح في أوروبا؟
}
بعد عام 82 فُقد كل ما عمل من افلام
فلسطينية. عملت مشروعاً في ألمانيا حاولت أن أجمع ما يمكن. وقد جمعت بالفعل
70
فيلماً عربياً وأوروبياً، كأفلام المخرجين الذين قدموا في السبعينيات
أعمالاً عن
فلسطين. حاولت مراراً وتكرارا «تنظيم برامج عن فلسطين في السينما
الأوروبية». عملت
ذلك في دورتين من مهرجان دمشق»، ومرة في الاسماعيلية ومرة
روتردام، ومرة في مهرجان
أبو ظبي تحت عنوان «تقسم فلسطين» . وتمت دعوة مخرجي تلك الافلام وكان من
بينهم
مخرجان ألماني وهولندي، بعدها عمل كل منهما فيلماً، الأول وهو روبرت كريغ
عمل
«أطفال
الحجارة، أطفال الجدار» بعد زيارة إلى فلسطين.
وهو عن حياة خمسة أطفال
فلسطينيين التقطت لهم صورة عام 1989، في بيت لحم، وهم من الجيل الذي أطلق
عليه جيل
«أطفال
الحجارة». ومن الصورة ينطلق الفيلم ليرصد التحولات التي طرأت على سكان بيت
لحم، وما حل بالفلسطينيين طوال تلك السنوات.
أما المخرج الهولندي جورج سليوزر،
الذي سبق ان أخرج ثلاثة افلام عن عائلتين فلسطينيتين، مسلمة ومسيحية، في
بيروت، فقد
عاد وهو الآن شبه مشلول، فأخرج فيلم «وطن» وتابع البحث، وهو مريض وشبه
مشلول، عن
مصير افراد العائلتين بعد كل تلك السنوات الطويلة مستعيناً
بمادة أفلامه السابقة
وعمل فيلمه الجديد «وطن» الذي نال جائزة كبرى في المهرجان. هناك كثر في
أوروبا
تخصصوا بالموضوع الفلسطيني، وكان هدفي وما يزال إحياء أفلامهم وتحريض بعضهم
على عمل
افلام جديدة عن فلسطين. مع الأسف أن ليس لدينا الوعي المؤسساتي، فأنا
الوحيد الذي
عملت لأول مرة فيلماً عن المقاومة الوطنية في لبنان «واهب
الحرية» (90 د) بدعم من
الحزب الشيوعي اللبناني، وقد نال الجائزة الذهبية في مهرجان دمشق، لكنه لم
يعرض في
أي تلفزيون. ليس لدينا وعي بالإعلام وبالصورة. اذهب إلى العراق أو لبنان،
لن تجد
سوى محطات تلفزيونية تنتج ما يخدم هذا الحزب أو ذاك الفصيل.
·
باعتبارنا نتحدث
في أجواء «مهرجان دمشق السينمائي»، كيف تفسر غياب السينما الفلسطينية عنه؟
}
العام الماضي رشحت للمهرجان فيلم «ملح هذا البحر» للفلسطينية آن ماري جاسر.
وعملنا
ندوة عن السينما الفلسطينية. باستمرار كان هناك مسعى لأن يكون أفلام عن
فلسطين. إذا
عدت إلى أفلام السينما السورية في السبعينيات تجد أنها كلها عن فلسطين.
أنا
تعرفت على الموضوع الفلسطيني من الأفلام نفسها التي اشتغلتها، في سوريا
ولبنان،
بالإضافة إلى أفلام ساهمتُ في مونتاجها. بالنسبة لـ«مهرجان
دمشق» إذا لم يتوفر
الفيلم الروائي الفلسطيني يمكن عرض أفلام تسجيلية مناهضة لإسرائيل. أفلام
عن الجدار
وغزة ورام الله. من يبحث عن أفلام للعرض يجد. كذلك فإنه لا يجب أن نخضع
الفيلم
الفلسطيني لمفهوم العرض الأول والثاني. أما عن عناصر إسرائيلية
في الفيلم الفلسطيني
فإيليا سليمان لم يعد إنتاجه اسرائيلياً. يمكن التذكير أيضاً بأن أفضل من
عمل
أفلاماً عن القدس هو المخرج الإسرائيلي عاموس غيتاي، الذي يمكن أن يأتي في
سياق «من
فمك أدينك». هناك مخرجون إسرائيليون ينتقدون إسرائيل بشدة، وهناك مخرجون
ينتجون في
فرنسا مثلا، مثل سيمون بيتون التي عملت أفلاماً عن محمود درويش
وعزمي بشارة
وسواهما. لكن يبدو أن هذا موضوع سياسي يحتاج إلى قرار أبعد من المهرجان.
·
ما
هي مشكلات التسجيلي في بلادنا؟
}
شئنا أم أبينا فإن الفيلم التسجيلي يكشف. إذا
كان حقيقياً عليه أن يكشف أسباب الفقر والبطالة وسواها، وهنا
غالباً يأتي اعتراض
الجهة المنتجة. التسجيلي يستفيد من المناخ الديموقراطي الموجود لحل
المشاكل، من أجل
تجاوزها. المؤسسات والوزارات تتحسس من هذا الأمر. حتى في لبنان تجد أنهم
يراعون
الحساسيات العربية. عموما يصطدم الفيلم السياسي التسجيلي
بالسلطة بهذا الشكل او ذاك
ويعرف تاريخ السينما محاولات لصنع افلام حتى سرية كما سبق غوتسمان أن فعل
في فيلمه
معركة تشيلي، حيث صور الفيلم بعد ان دخل إليها بشكل سري.
هنا ترى أن المسلسلات
السورية استطاعت أن تحكي عما لم تستطع السينما السورية أن تحكي عنه. إحدى
مشاكل
التسجيلي أن جهات الإنتاج غالباً ما تكون رسمية. تستطيع أن
تحكي عن محو الأمية
وبناء السد العالي، أما أن تكشف وقائع وحقائق تطالب هذه الجهة أو تلك بحلها
فهذا
صعب انتاجه.
·
لماذا لم تعمل أفلاماً روائية؟
}
كان من الممكن أن أعمل
فيلماً روائياً عن فلسطين، لكنني كنت أريده ضمن مواصفات حديثة في السرد،
وأن يكون
فيه بحث كي يكون صالحاً للعرض في العالم وليس هنا فقط. لا نريد لهذه
السينما فقط ان
تتحقق بتمويل خارجي، كما فعل يوسف شاهين، أو كما يفعل
السينمائيون في الجزائر مثلا.
مهم ان ننتج افلامنا وفقا لشروط ظروفنا وبالطريقة التي نريد ان نحكي فيها
عن واقعنا
لكن بطموح سينما بذات مواصفات السينما القومية في العالم.
·
أية شروط؟
}
منطقياً لا أحد يضع أموالاً إلا ليطابق بين تصورات منجز الفيلم وبين الجهة
المنتجة.
هناك استثناءات بالتأكيد، كفيلم «الليل»
لمحمد ملص، أو «صندوق الدنيا» لأسامة محمد.
أما قضية فلسطين فلا شك أنها شديدة الحساسية ومعقدة اكثر لمنتجي السينما.
·
كيف
جاءت تجربة فيلمك الروائي الوحيد «اليازرلي»؟
}
كان فيلماً تجريبياً عرضته في
النادي السينمائي، وهوجم بشدة، واتهم بأنه معادٍ للعمال وأن فيه دعارة. لكن
الفيلم
بيع، وعندما تغيرت إدارة المؤسسة العامة للسينما نشر خبر في الصحف يعتبر
إلغاء بيع
الفيلم إنجازاً. حين تغيرت إدارة المؤسسة مرة أخرى طلب مني
إعادة مونتاج الفيلم،
وأعدته بطريقة سردية أقوى وحافظت على المشهد الرئيسي. ولكن الفيلم ظلّ كلما
عرض
يحذف منه حوالى 20 دقيقة. عام 2001 جرت محاولة لعرض الفيلم في مهرجان
الفيلم العربي
قي روتردام، ووافق حينها مدير المؤسسة الجديد على طبع نسخة جديدة وعرضت
فعلا في
المهرجان كما هي. لكن الفيلم لم يعرض في الصالات ولم يوزع.
اكتشف متحف الفن الحديث
في نيويورك أن «اليازرلي» فيلم فني مختلف، وحصل اتفاق لعرضه اولا في مهرجان
أبو
ظبي. وعرض الفيلم، لكن مع الاسف لم تكن النسخة صالحة تماماً للعرض. وسيعرض
الفيلم
في نيويورك على أمل أن يحصل متحف الفن الحديث، بعدئذ، على نسخة
جديدة من المؤسسة
ويحتفظ بها وينظم لها عروضا في اوروبا ايضاً.
·
ماذا عمّا أثاره قاسم حول حول
كتابته لسيناريو الفيلم وإغفال ذكر اسمه؟
}
القصة الحقيقية أنه قال لي إن لديه
بعض الأفكار حول القصة فتركته يكتب، وفعلاً كتب بداية وفي امسية واحدة بعض
الأشياء
الجيدة. ولا أنفي أنني استفدت من بعض أفكاره. أما أن المؤسسة كلفته بكتابة
النص
وكتبه وما الى ذلك وأنها أرسلت له معي مالاً إلى بيروت، فهذا
كله مختلق تماماً. لا
أريد أن أثير الموضوع فهو صديقي، لكنه يكتب من الذاكرة، والشيء الوحيد
الصحيح في
حكايته أنني أهديته بالفعل قلماً. أنا آمل أن يقول حميد مرعي، مدير المؤسسة
العامة
للسينما آنذاك، رأيه حينما سيقرأ ما كتب حوله. حصل بعد ذلك أن كتبت
المعالجة وطلب
مني حنا مينه إضافة بعض المشاهد وأضفتها بالفعل، غير أن الفيلم
لم يعجب حنا مينه،
فمشاهد كثيرة في الفيلم هي من طفولتي، ولم يجدها من طفولته ولم يحبها. أما
الحلول
السردية والبصرية في الفيلم فأنا طبعا من ابتكرها. ثم إنه يقول إنني أحمل
الفيلم
وأدور به على المهرجانات في وقت، والكل يعلم، بقي الفيلم أكثر
من 35 سنة موقوفاً عن
العرض.
·
باعتبارك أحد المشتغلين في
السينما السورية، كيف تنظر إليها اليوم؟
}
هناك أسماء مهمة في السينما السورية من دون شك. لكن مشكلة الافلام دائماً
توجد على الورق، ليس بالضرورة أن يكتب المخرج النص، فالكتابة عملية أدبية
فنية، وكل
النواقص فيها تنتقل إلى الفيلم. إذا عدت أفلام الكبار لن تجد أن المخرج هو
الكاتب
بالضرورة. دائماً هناك الدراماتورغ الذي يشتغل على النص. هذا
الأمر لا يجري
الاشتغال عليه في السينما السورية. المخرج اختصاص، وكتابة السيناريو اختصاص
آخر. من
هنا تجري محاولة تفليم الروايات والاعتماد عليها في كتابة النص، ريمون بطرس
في
«حسيبة»
رواية خيري الذهبي، أو سمير ذكرى في فيلمه «حراس الصمت» عن رواية لغادة
السمان، هذه إحدى الحلول لكن تبقى مسألة النص السينمائي هي مشكل الفيلم
العربي
عموماً.
يمكن القول باطمئنان إننا لم ندخل بعد في السينما العالمية ولم نخرج من
المحلية. لم ننجز هذه المهمة، علينا أن نفكر بمن نخاطب، وما هو
طموحنا، فبالتأكيد
أننا لا نعمل سينما كي نعرض مرة أو مرتين في المهرجانات وحسب.
)دمشق(
السفير اللبنانية في
12/11/2010
«ديكودراما»
حول
العلاقات السورية ـ التركية
«صبحيـة
بحريـة»:
مزيـج بيـن الـوثـائقـي والـدرامـي
ماهر
منصور/ دمشق
يبدو المشهد
السينمائي الذي يرصده الفيلم الوثائقي - الدرامي «صبحية بحرية» مألوفاً
بالنسبة
لأبناء البحر الأبيض المتوسط. فمن خلاله يلاحق المخرج أسامة
شهاب الحمد والكاتب علي
سفر الحكايات المشتركة، التي يصنعها لسان حال صيادين أتراك وسوريين
يتقاسمون خيرات
البحر، ومعها يتقاسمون اليومي المعاش.
هؤلاء الصيادين يرسمون بذلك صورة إنسانية
للعلاقات السورية – التركية التي لا يحدها نمط العلاقة السياسية بين
البلدين، بقدر
ما يبدو العامل اليومي - الإنساني العنصر الحاسم فيها. «وتأتي مشروعية
الاتفاقيات
السياسية لاحقاً كنتيجة لوعي القيادتين السورية والتركية
لعلاقة المودة هذه»، على
حد تعبير المخرج الحمد.
وينحو العمل نحو رواية الحكاية بلسان الصيادين السوريين
والأتراك أنفسهم، إلا أنه يختار أن يبتعد عن التوثيق التقليدي، معتمداً
«أسلوب «الديكو دراما» في الطرح»، بحسب تعبير الحمد.
فالفيلم هو مزيج حقيقي بين شهادات
ووثائق تاريخية مستمدة من شخصيات حقيقية، أضيف لها مشاهد تمثيلية. وهو ما
يعده
المخرج الشاب العنصر الجديد في فيلمه. إلا أن التحدي الكبير يتمثل في
المجال التقني
لتنفيذه. «فقد حاولنا أن نعمل ضمن رؤية سينمائية على الرغم من أننا نعمل
بأدوات
تلفزيونية درامية»، يقول المخرج.
ويدافع كاتب سيناريو الفيلم علي سفر عن خيار
اعتماد صيغة «الديكودراما» في تنفيذ الفيلم، باعتباره الأسلوب الأنسب
للحديث عن
حياة الصيادين على الجانبين السوري والتركي، طالما أن هناك الكثير من
التفاصيل التي
لا يمكن للصيغة التسجيلية أن تعبر عنها».
ويعد سفر بحكاية بسيطة، تستمد عمقها
من خلال تفاصيل ويوميات هؤلاء الصيادين».
انطلاقاً مما سبق، يبدو العمل أمام
تحد كبير لمواءمته بين الشخصيات الحقيقة والشخصيات الدرامية المتخيلة فيه،
بشكل لا
تبدو فيه الشخصيات الحقيقة كما لو أنها تعلق على الحدث الدرامي، بل هي جزء
منها
بالكاد يتم الفصل بينها. فضلاً عن المواءمة بين بيئتي تصوير كل
منهما.
ويبقى
التقدير عن مدى نجاح الفيلم بنظر كل من الحمد وسفر رهن بعرضه، المتوقع
اليوم الجمعة
في «سينما الشام» في دمشق، ضمن تظاهرات الدورة الثامنة عشرة «لمهرجان دمشق
السينمائي الدولي». وذلك بالتزامن مع استضافة السينما التركية
كضيفة شرف في
المهرجان.
يشارك في العمل مجموعة من الممثلين منهم: زهير رمضان، حسين عباس، سعد
مينا، كندة حنا، ربى المأمون، غادة بشور، اسماعيل مداح، ومعن
كوسا.
وقد استغرق
تصوير مشاهد الفيلم الدرامية تسعة أيام في عدد من المناطق الساحلية
السورية، ومنها
ما تم تصويره في عرض البحــــر. وهو من إنتاج «الهيئة العامة للإذاعة
والتلفزيون
السوري».
السفير اللبنانية في
12/11/2010
ثقافات / سينما
رحيل الممثلة الامريكية جل كليبرغ
إيلاف – لندن:
رحلت الممثلة الامريكية جل كليبرغ ( 66 عاما ) بعد معاناة طويلة وقاسية
استمرت لاكثر من عشرين عاما مع مرض اللوكيما الذي تعاملت معه بشجاعة وهدوء
وبكثير من التكتم والخصوصية، ولعل اكثر ما تعرف به هذه الممثلة القديرة هي
ادوارها السينمائية في السبعينات من القرن الماضي والتي اوصلتها الى
الاوسكار لمرتين متتاليتين عن دورها في فيلم
An
Unmarried Woman
في عام 1978 والذي يتابع حياة امرأة نيويركية ثرية تحاول ان تلتقط قطع
حياتها المبعثرة كي تتمكن من مواجهة الحياة من جديد بعد ان يتركها زوجها من
اجل امرأة اخرى اكثر شبابا .وعن دورها في فيلم
Starting Over
في عام 1979هو فيلم كوميدي عن رجل مطلق يقع في الحب ولكنه لا يستطيع التخلص
من طيف زوجته الاولى.
ولدت كليبرغ في عام 1944 في نيويورك ستي وتربت في احضان عائلة ثرية معروفة
وكان والدها نائبا لرئيس شركتين كبيرتين وامها مغنية اوبرا، ومنذ طفولتها
كانت تحاول التمرد على هذا الموقع الاجتماعي المتميز الذي كانت تحظى به
وعملت جاهدة كي تنأى بنفسها عنه مما ادخلها في صراع نفسي حاد تطلب عرضها
على طبيب نفساني عندما كانت في التاسعة من العمر، وقد درست في افضل المدارس
وتخصصت في الدين والفلسفة والادب الا انها سرعان ما تركت هذه الدروس جانبا
وقررت ان تكرس حياتها للفن وانضمت الى مسرح
Charles
Street Repertory Theatre
في مدينة بوسطن، ثم انتقلت الى نيويورك في الستينات وشاركت في عدد من
نشاطات مسرح برودوي، وفي السبعينات وفي عام 1970 بالتحديد بدأت خطواتها
الاولى في ستوديوهات هوليوود وحصلت عل اول فرصة حقيقية في فيلم
Complaint في عام 1972 وقد بنت على مدى خمسين عاما من مهنة التمثيل تاريخا
حافلا على المسرح وعلى شاشة السينما والتلفزيون منها فيلم ،
Hustling وفيلم
I'm Dancing As Fast As I
Canوفيلم
Silver Streak
و فيلم
Running With Scissors
وعرفت مسرحيا بكثير من الادوار المهمة والمثيرة للجدل منها دورها في مسرحية
Design for Living.
ولعل ما يحسب لهذه الفنانة هو قيامها بادوار لم تكن مألوفة في زمانها ساهمت
من خلالها في تغيير الصورة النمطية التي كانت تظهر عليها المرأة في الافلام
التي كانت تنتجها ستوديوهات هوليوود في الخمسينات والستينات من القرن
الماضي حيث عملت هي والممثلة شيرلي ماكلين وجين فوندا على تقديم صورة
معاصرة للمرأة الناضجة والواثقة والقادرة والمثقفة التي لا يمكن ان تنهي
حياتها بانتهاء زيجة او فقدان حبيب او غدر رجل، وقبل هؤلاء الممثلات لم يكن
للمرأة ما تفعله على الشاشة سوى الاغراء والفتنة والحب والتركيز على مشاكل
سطحية عبر قصص خفيفة لاتمس وجدان المرأة وقد علقت جل كليبرغ على هذا الامر
في احدى لقاءاتها الصحفية قائلة:
- كانت مارلين مونرو ممثلة عظيمة، ولكنها لم تلعب غير الادوار المكررة التي
تكرس جانبا واحدا من شخصية المرأة وتركز فيها على الجنس وعلى مفهوم الانوثة
الذي يرتبط دائما بالضعف والهوان وقلة الحيلة.
عائلة جل كليبرغ اتفقت على الغاء التشييع الرسمي لجنازتها، واكد زوجها
الكاتب المسرحي ديفيد رابي على انه قرر وبعد مناقشة الامر مع اولادها
الثلاثة اقامة امسية استذكارية بعد ستة شهور من رحيلها وسوف يحددون الوقت
في حينه .
إيلاف في
12/11/2010
أي مستقبل ينتظر السينما في العالم العربي؟!
محمد أمين
لا يكاد ينتهي الحديث عن جدوى إقامة المهرجانات السينمائية العربية وخاصة
أنها لم تدفع طوال عقود نحو إنعاش الصناعة السينمائية أو نحو خلق نواة
حقيقية لهذه الصناعة بل يرى مراقبون أن حال السينما العربية لا يسر على
الإطلاق وليس هناك مؤشرات على نهضة سينمائية في المستقبل المنظور رغم تزاحم
المهرجانات سواء في المشرق العربي أم في مغربه وقد أجمع عدد من السينمائيين
العرب المواكبين لفعاليات مهرجان دمشق السينمائي في دورته الثامنة عشرة أن
المستقبل الذي ينتظر السينما العربية (وحِشْ) على حد تعبير المنتج المصري
المعروف ممدوح الليثي حيث يبدو أن الرجل وهو صاحب التجربة الطويلة في هذا
المجال لا يرى أن السينما العربية تسير في الطريق الصحيح الذي يؤدي بها إلى
فضاء أكثر رحابة واستمرارية وتجذر في المشهد الإعلامي العربي.
رفيق الصبان: كنت منذ عامين يائساً أما اليوم فأنا متفائل
ويرى الناقد والكاتب السوري المعروف رفيق الصبان أن المهرجانات السينمائية
العربية «تكشف وجود وعي سينمائي لدى الجمهور وعندما يوجد جمهور كهذا يجب أن
تكون هناك سينما» ويبدي الصبان تفاؤلاً بالحراك الحاصل في المشهد السينمائي
في منطقة الخليج العربي حيث «لم يكتفوا بتأسيس مهرجانات سينمائية ضخمة
ليكونوا بذلك مجرد مقر لعرض الأفلام من مختلف دول العالم وإنما بدأت تظهر
طبقة من المخرجين السينمائيين الشبان الذين بدؤوا بمحاولة دخول هذا الفن».
ويؤكد الصبان أنه متفائل بمستقبل السينما في العالم العربي بعكس ما كان
عليه منذ عامين حيث كان يرى أننا نفتقد للمبدعين الحقيقيين أصحاب الرؤية
المميزة والمشاريع السينمائية الجديدة «بالفعل كنت منذ عامين في مرحلة يأس
حقيقي حيث كان مستوى السينما العربية متدنياً للغاية وغير مشجع حيث سيطرت
النزعة التجارية على السينما المصرية وهي أعرق السينمات العربية فلم يكن
هناك فيلم مصري واحد جدير بالمشاركة في المهرجانات الدولية وهذا كان يعتبر
كارثة بحق السينما التي كانت تنتج 80 فيلماً خلال العام.
أما اليوم فأشعر أن هناك شعاعاً من الأمل لأني ألمس أن هناك مبدعين جدداً
في العالم العربي يبشرون بظهور سينما جديدة والدليل أن هناك أفلاماً مصرية
غير مكلفة استطاعت أن تحصل على جوائز في مهرجانات عربية (أبو ظبي، قرطاج)
وهذا يجعلني أتفاءل بالمستقبل».
ريمون بطرس: عدد الأفلام العربية التي ننتجها كل عام معيب
ويرى المخرج السينمائي السوري ريمون بطرس أن مصر وحدها في العالم العربي
التي تملك صناعة سينمائية «مكتملة الحلقات رغم أن سقف الإنتاج يرتفع وينخفض
من عام لآخر» ويشدد بطرس على أن ما تنتجه الأمة العربية من أفلام خلال
العام من حيث العدد «معيب بحق الأمة وبحق الثقافة العربية وأرى أن من
المخجل أننا لم نستفد من هذا الفن الرائع الذي يزرع الجمال في النفوس وله
تأثير وحضور فريد. هذا الفن يتيح لنا التعبير عن ثقافتنا وقضايانا وحملها
إلى العالم كله».
ويشدد بطرس أيضاً على أن الدراما التلفزيونية مهما بلغت أعداد المسلسلات
التي ننتجها عاجزة عن فعل ما تفعله السينما «لن يصل أي مسلسل عربي إلى
المتفرج الأوروبي مع تقديري للجهود التي يبذلها الدراميون السوريون والعرب،
السينما قوة هائلة وساحرة ولها خصوصية لأنك ببساطة نستطيع أن تعرض الفيلم
في كل صالات العالم».
ويرى بطرس أن هناك بوابات متعددة لعرض الأفلام السينمائية وليس مكانها
المهرجانات فقط ويدعو إلى الذهاب إلى العالم «لن يدق عليك أحد بابك ليطلب
منك فيلماً لعرضه في مهرجاناته وصالاته، يجب أن نواصل العمل للوصول إلى
المتفرج في كل دول العالم».
نجيب نصير: الدراما السورية ستموت والمسؤول بعض المنتجين «الهبلان»
الكاتب نجيب نصير غير متفائل بمستقبل السينما العربية ويرى أنها في المدى
المنظور «سوف تُؤثَّم وتُكفَّر ويتم القضاء عليها إلا إذا طغت الثقافة
الأمريكو- صحراوية في هذه الحالة سنرى أفلاماً معقمة».
ورداً على سؤال بطغيان الدراما التلفزيونية على السينما في سورية قال نصير:
أنا أرى أن الدراما السورية ستموت. ولدى سؤاله عن مؤشرات الموت الذي يتوقعه
قال: نقص الإنتاج. هذه صناعة إستراتيجية لا يجوز أن ننظر إليها كل عام على
حدة، لدينا منتجون لا يملكون مكاتب ويحملون (المصاري) بالأكياس السوداء وهم
من يمسك بزمام الثقافة الاجتماعية، هؤلاء مجموعة (هبلان) وهم من سيضيعون
الدراما السورية.
الوطن السورية في
12/11/2010 |