تمر صناعة السينما بمرحلة انتقالية مهمة فى تاريخها تقودها معظم شركات
الإنتاج السينمائى، للبحث عن طوق نجاة بعد أن تعرضت معظمها لخسائر باهظة
خلال الفترة الماضية، بسبب ارتفاع تكلفة الأفلام وأسعار النجوم، فى الوقت
الذى تأثر فيه التسويقان الداخلى والخارجى للفيلم سلبيا، كما تخلت القنوات
الممولة عن الشراء،
وهذا ما جعل صناع السينما يبحثون عن سبيل آخر لاستمرار الصناعة وسد حاجة
الشاشات، وكان الحل الانتقال من مرحلة الأفلام «باهظة التكلفة» إلى الأفلام
«منخفضة التكلفة» التى تتراوح ميزانيتها بين ٥ و١٠ ملايين جنيه، لترشيد
الإنفاق والابتعاد عن سطوة النجم، والتحول إلى التركيز على الموضوع
والموهبة،
وقد أعدت بعض الشركات خطة لتنفيذ مجموعة من هذه الأفلام، بعضها تم تصويره
والبعض الآخر فى مرحلة التحضير، وقد وصف بعض السينمائيين هذه المرحلة بأنها
انتقالية ومهمة ومرحلة قد تكون فاصلة وحرجة أيضا فى صناعة السينما، لأن
نتائجها ستؤثر بشكل كبير فى مسار هذه الصناعة، التى عاشت مؤخرا مرحلة ضعف
وانحدار، ويرى البعض الآخر أن هذه المرحلة ستفرز نتائج إيجابية تتمثل فى
ظهور مواهب جديدة فى التأليف والإخراج والتمثيل وأيضا فى الفنيين،
وكما ستخرج السينما من النمطية بتقديم موضوعات متنوعة وجريئة، لكنها أيضا
قد تفرز نتائج سلبية تتمثل فى انتشار أفلام المقاولات، التى ستجعل الجمهور
يهجر دور العرض. «المصرى اليوم» ترصد المرحلة التى تمر بها الصناعة الآن،
وتكشف عن وجهات النظر المختلفة لصناع السينما، للتعرف على طبيعة هذه النقلة
وأهدافها، والنتائج المتوقعة خلال الفترة المقبلة.
«ميكروفون»
و«الشوق» و«بيبو وبشير» و«أسماء» أفلام تقود
السينما نحو بر الأمان
أعد عدد من شركات الإنتاج خطة لتقديم مجموعة من الأفلام «منخفضة التكلفة»
لسد حاجة الشاشات والتخلص من الأسعار الجنونية للنجوم بعد أن تعرضت معظم
الشركات لخسائر باهظة خلال الفترة الماضية، ومن هذه الشركات شركة «نيوسنشرى»،
التى تنتج مجموعة من الأفلام بدأتها بفيلم «عائلة ميكى» للمخرج أكرم فريد،
وقد حقق رد فعل نقدياً وجماهيرياً جيداً، كما شاركت فى إنتاج «بهير وسمير
وشهير»، الذى يعتمد على بعض الوجوه الجديدة،
ورغم ذلك تجاوزت إيراداته ٥ ملايين جنيه حتى الآن، كما انتهت من تصوير فيلم
«٦٧٨» تأليف وإخراج محمد دياب، ويشارك فى بطولته أحمد الفيشاوى وبشرى
ونيللى كريم وماجد الكدوانى، وقد تم اختياره مؤخراً لتمثيل مصر فى المسابقة
الرسمية لمهرجان دبى السينمائى، الذى سيقام فى ديسمبر المقبل،
كما انتهى المخرج أكرم فريد مؤخرا من تصوير فيلم «auc»
بطولة عمرو عابد وكريم قاسم وبعض الوجوه الجديدة، وجار تصوير فيلم «بيبو
وبشير» بطولة منه شلبى وعزت أبوعوف وآسر ياسين وإخراج مريم أبوعوف، فى أول
تجربة سينمائية لها، كما تشارك الشركة فى إنتاج فيلم «أسماء» لهند صبرى
تأليف وإخراج عمرو سلامة، وأخيرا تستعد لإنتاج فيلم بعنوان «جدو حبيبى»
تأليف زينب عزيز وإخراج على إدريس ويشارك فى بطولته بشرى ومحمود ياسين
ولبنى عبدالعزيز، ومن المقرر أن يبدأ تصويره خلال أيام.
أما الشركة «المتحدة» فقد أعدت خطة لإنتاج بعض الأفلام، منخفضة التكلفة،
منها «إذاعة حب» بطولة منة شلبى وشريف سلامة ويسرا اللوزى وإدوارد وإخراج
أحمد سمير فرج، وقد بدأ تصويره منذ ١٠ أيام، تستعد الشركة لتصوير فيلم
«حكاية بنت» إخراج شريف مندور وبطولة السورية كنده علوش وعمرو يوسف، كما
أوشك المخرج حسام الجوهرى على الانتهاء من تصوير فيلم بعنوان «رد فعل»
بطولة محمود عبدالمغنى وعمرو يوسف وحورية، وجار التحضير لفيلم بعنوان «بنات
فى الجيش».
المنتج محمد السبكى يشارك فى هذه النقلة السينمائية بفيلمين أحدهما بطولة
غادة عبدالرازق بعنوان «بونسواريه»، ويشارك فى بطولته مى كساب وهو إخراج
أحمد عواض، والثانى «الفيل فى المنديل» لطلعت زكريا إخراج أحمد البدرى،
بينما بدأت شركة «مصر للسينما» تصوير فيلم «صرخة نملة» بطولة عمرو
عبدالجليل ورانيا يوسف، وإخراج سامح عبدالعزيز، كما تحضر لبعض الأفلام ذات
التكلفة المنخفضة.
ويحضر المنتج أحمد السبكى فيلم جديد تأليف أحمد عبدالله وإخراج محمد على،
وينتمى إلى هذه النوعية، كما يحضر لفيلم آخر بطولة سعد الصغير مع المخرج
إسماعيل فاروق، فى حين انتهى المنتج هانى وليم من فيلم «دقى يا مزيكا»
بطولة دينا وريكو ومروى عبدالمنعم وإخراج أحمد عويس، كما بدأ المخرج مازن
الجبلى تصوير فيلم «هاللو كايرو» بعد أن انتهى من تصوير فيلم بعنوان «سفارى»
بطولة أحمد بدير وسليمان عيد وعلاء مرسى.
وتستعد قناة «بانوراما أفلام» لإنتاج فيلم بعنوان «يانا يا هو» بطولة ديانا
كرزون ونضال الشافعى وإخراج تامر بسيونى، كذلك يجهز المنتج صفوت غطاس
لإنتاج عشرة أفلام من هذه النوعية خلال الفترة المقبلة، كما قام بعض
المنتجين مؤخرا بتقديم مجموعة من هذه الأفلام مثل فيلم «ميكروفون» إخراج
أحمد عبدالله، والذى حصل مؤخرا على جائزة التانيت الذهبى فى مهرجان قرطاج،
وفيلم «الطريق الدائرى» بطولة نضال الشافعى وفيدرا وتأليف وإخراج تامر عزت،
وتم اختياره مؤخراً للعرض فى المسابقة العربية للمهرجان وأيضا فيلم «حاوى»
إخراج إبراهيم البطوط، والذى حاز على الجائزة الأولى فى مهرجان الدوحة
تربيكا، الذى انتهت فعالياته منذ أيام، وأخيرا فيلم «الشوق» بطولة روبى
وشقيقتها كوكى وسوسن بدر وتم اختياره للعرض فى المسابقة الدولية لمهرجان
القاهرة السينمائى.
محمد حسن رمزى : أخطأنا فى إنتاج بعض الأفلام فى السنوات
الأخيرة
المنتج والموزع محمد حسن رمزى، أكد أن انهيار التوزيع الخارجى وارتفاع
أسعار النجوم وارتفاع تكاليف الأفلام اضطر شركات الإنتاج لتقديم أفلام
منخفضة التكلفة تعتمد على الموضوع وليس النجم، وقال رمزى لا أنكر أننا
أخطأنا فى إنتاج بعض الأفلام خلال الفترة الماضية،
وذلك لأن كل الأفلام كانت تباع للفضائيات، أما الآن فأصبحت قنوات
art لا تشترى الأفلام أما روتانا فأصبحت تختار عدداً قليلاً جداً وبأسعار
منخفضة، أما القنوات المحلية أمثال «الحياة» وغيرها من قنوات الأفلام لا
تمثل مصدر دخل قوياً، وهذا ما جعل المنتج يدخل فى مغامرة كبرى ويفكر فى طرق
أخرى لإنتاج أفلام جيدة وفى الوقت نفسه منخفضة التكلفة.
وأضاف رمزى: هذه النوعية من الأفلام لديها مميزات خطيرة أهمها إعادة
الجمهور إلى روح السينما الحقيقية وإفراز نجوم جدد، بالإضافة إلى موضوعات
مختلفة ولكن إذا قدمنا أفلام «زبالة» سنبعد الجمهور عن السينما، ولذلك
أعتبر أن هذه المرحلة هى سلاح ذو حدين وهى مرحلة انتقالية مهمة جداً جداً
فى هذه الفترة،
لأننا بصراحة أصبحنا غير قادرين على دفع أسعار النجوم فى ظل الأجور
الخيالية التى فرضتها الدراما التليفزيونية مؤخراً، والتى جعلتنا عاجزين
تماماً عن مسايرتها سينمائياً، خاصة بعد أن وصلت إلى ١٥ و٢٠ مليون جنيه،
لذلك فمن حق هؤلاء النجوم أن يصابوا بجنان ويرفضون تخفيض أجورهم فى
السينما، وهذا ما اضطرنا إلى تحقيق نقلة مختلفة فى السينما لإفراز جيل
جديد.
واستطرد رمزى: أفلام النجوم أصبحت تشكل خطورة كبيرة على شركات الإنتاج فى
ظل الظروف الحالية، كما أنها أصبحت غير مضمونة إطلاقا، لأننى قدمت أفلاما
لنجوم مثل فيلم «الديلر»، ووصلت تكلفته إلى ٢٧ مليون جنيه، ولكنه سقط
وتعرضت من خلاله لخسائر باهظة، كما أن المؤشرات تؤكد أن الأفلام قليلة
التكلفة أكثر ربحا وأقل مخاطرة، لأنه سبق وقدمنا فيلم مثل «إسماعيلية رايح
جاى»،
وكانت ميزانيته منخفضة جدا، ولكنه نجح فى أن يحقق ٢٧ مليون جنيه، كذلك فيلم
«صعيدى فى الجامعة الأمريكية» بلغت تكلفته مليون جنيه وحقق ٢٨ مليون، كما
أنه أفرز جيلاً من النجوم لذلك فهذه الأفلام هى الحل الآن، والمهم أن نهتم
بجودة هذه الأفلام وأن نتعامل معها مثل الأفلام الكبيرة وإذا كان هناك فيلم
يحتاج ميزانية كبيرة فلن نتردد فى ذلك، لأننا إذا فشلنا فى ذلك سنخسر
جمهوراً كبيراً وستتعرض دور العرض لخسائر باهظة.
محمد العدل: تعود إلى المسار
الصحيح
وصف المنتج محمد العدل هذه النقلة بأنها قد تعود بالصناعة إلى مسارها
الصحيح إذا تم التعامل معها كسينما بديلة وصحيحة لأنك لا تستطيع أن تضعها
فى موقع منافسة إذا كانت سيئة، وقال العدل: الأزمة الحقيقية أن يقدم
المنتجون أفلاما لا تعتبر أفلاماً ولكنه قدمها لمجرد الاستهلاك فقط، وهذا
سيجعل الجمهور «يطفش» من السينما، وستأتى النقلة بنكسة، ولكن إذا تم
التعامل مع هذه الأفلام باعتبارها أفلاماً كبيرة، كما فعلت فى فيلم «ولد
وبنت» مؤخراً سيحترمها الجمهور، وستكون نقلة إيجابية فى صالح الصناعة
بالكامل.
وأضاف العدل: أعترف بأن النقلة تأخرت كثيراً، فى ظل التطور الموجود فى
العالم كله، وتحولت معظم الأفلام إلى أشكال نمطية لم يكن بها أى تجديد،
وهذا ما جعل البعض يبحث عن سينما بديلة، وحاول بعض المنتجين السير فى طريق
مختلف، ولكن لم نستطع أن نقدم حركات إيجابية فعالة، خاصة أن معظم هذه
التجارب كانت فردية لا تثير رد فعل كبير، ولكن الآن تحول إنتاج الأفلام
منخفضة التكلفة إلى اتجاه عام، سواء من قبل الشركات الصغيرة أو الكبيرة،
بعد أن تعرضوا لخسائر كبيرة خلال الفترة الماضية.
واستطرد العدل: إذا قررنا أن نعتمد على اختيار موضوعات مختلفة ومهمة فى
الفترة المقبلة، فلابد أن نلغى تماماً نظرية النجم، ويكون النجم الحقيقى هو
الموضوع، كما كان يحدث من قبل، لأن الاعتماد على النجوم فى هذه الموضوعات
سيفسدها تماماً ويحولها إلى أشكال نمطية مرة أخرى.
ووصف «العدل» هذه المرحلة بأنها مفصلية وانتقالية وحرجة أيضاً، هدفها تحريك
المياه الراكدة فى السينما، وسيتم الحكم عليها خلال الفترة الماضية، ولكن
أرى أن المؤشرات الأولية تبدو جيدة، خاصة أن هناك أفلاماً نجحت فى تمثيل
مصر فى معظم المهرجانات، سواء داخل مصر أو خارجها، وحاز بعضها على جوائز
مثل فيلم «حاوى» لإبراهيم البطوط، كذلك فيلم «ميكرفون» لخالد أبوالنجا،
وتعد هذه التجارب إفرازات السينما المستقلة، كما أن هناك أفلاماً أخرى لم
نتعرف على نتائجها حتى الآن مثل «الطريق الدائرى» لتامر عزت، و«الشوق»
لخالد الحجر، و«٦٧٨» لمحمد دياب.
إيهاب أيوب : لم نختر شكل المرحلة والأسعار فرضت علينا
التغيير
المنتج المنفذ إيهاب أيوب أكد أن صناعة السينما شهدت ارتفاعاً رهيباً فى
الأسعار خلال السنوات العشر الماضية جعلت شركات الإنتاج تعجز عن تعويض ما
تنفقه على الأفلام، وشرح «أيوب» فروق الأسعار التى شهدتها الصناعة بقوله:
إيجار الكاميرا الواحدة ليوم واحد الآن وصل إلى ٢٢٠٠ جنيه، فى حين كان لا
يزيد على ٧٥٠ جنيها، كما وصل ثمن علبة خام السينما ١٤٤٠ جنيهاً بعد أن كان
٤٦٠ جنيهاً، وقد قفز إيجار الفيلا فى اليوم الواحد من ألفين إلى ٢٥ ألف
جنيه، وأصبح أجر مدير التصوير فى الأسبوع الواحد يتراوح بين ١٨ و٣٥ ألف
جنيه بعد أن كان يتراوح بين ٥ و٨ آلاف جنيه، ويتراوح أجره بين ٩٠٠ ألف
ومليونى جنيه،
بالإضافة إلى استحداث مهن عديده منها «اللودر»، الذى يقوم بجمع علب الخام،
بعد أن كان يقوم بها مساعد المصور، كما أن بعض مديرى التصوير أصبحت مهمتهم
الإشراف فقط ويعتمدون على مصورين لتصوير الأفلام بعد أن كان مدير التصوير
يقف على الكاميرا بنفسه، هذا بخلاف النجوم الذين يصطحبون مساعدين لهم
يحصلون على أجور، وكل هذه الأعباء كانت حملاً قاسياً على الصناعة،
وكان الاتجاه البديل هو الاعتماد على مواهب بديلة وضخها إلى سوق العمل للحد
من هذه الأجور، فأصبحت معظم الأفلام الجديدة تعتمد على ممثلين ومخرجين جدد
أمثال معتز التونى وأحمد رشوان وتامر عزت ومريم أمين وأحمد سمير فرج وحسام
الجوهرى وغيرهم لأن أجور هؤلاء المخرجين تتراوح بين ٥٠ و٤٠٠ ألف جنيه فقط،
وقد حان الوقت لإعطاء هؤلاء المخرجين فرصة بعد أن احتكرت بعض الأسماء
المعروفة الصناعة خلال الفترة الماضية.
أوضح «أيوب» أن هناك اتجاهاً عاماً من شركات الإنتاج لاتباع سياسة الترشيد
والاعتماد على تقديم موضوعات مختلفة تجعل هذه المرحلة تحمل العديد من
المغامرات لكنها تبدو مضمونة لأن خسائرها ستكون قليلة إذا كانت هناك خسائر،
لأن هناك أفلاما ستحقق مكاسب مقابل بيعها للقنوات الفضائية وقبل عرضها
تجارياً، وقال: المرحلة التى تمر بها الصناعة الآن فرضت على السوق وعلى
الشركات،
ولم نخترها بإرادتنا لأننا أصبحنا أمام أزمة كبيرة هى ارتفاع الأسعار، وكان
الحل الوحيد اختيار جيل بديل، وبصراحة أرى أن معظم الشركات أحسنت الاختيار،
وأن معظم التجارب التى يتم تصويرها الآن جادة ومختلفة مثل «أسماء» لهند
صبرى و«بيبو وبشير» لمنة شلبى و«auc» لأكرم فريد و«٦٧٨» لمحمد دياب و«الشوق» لخالد الحجر، وهذا يؤكد أن
السينما تسير فى اتجاه إيجابى ونجحت فى التخلى عن نظرية النجم.
روز اليوسف اليومية في
03/11/2010
الشـهرة وبدائلها
بقلم: جميل مطر
سنحت الفرصة لأقترب من مهرجان عالمى للأفلام السينمائية واقتنصتها. لم أحضر
يوما مهرجانا للأفلام ولا يربطنى بالسينما سوى علاقة غير مستقرة وغير
منتظمة نشأت بين مشاهد وشاشة، وعلاقة غير مباشرة ولكن منتظمة ومستقرة بين
قارئ متابع بشغف ومنغمس بحماسة فى جهود لفهم عالم المشاهير فى كل قطاعات
الشهرة. اقتربت من المهرجان مترددا قبل أن ألج فى دهاليزه وأشترك فى
مناسباته. وبالتأكيد استفدت. استفدت فائدتين على الأقل.
كنت أعرف أنه فى مثل هذه المهرجانات تتجسد بأقصى وضوح ممكن ظاهرة المشاهير
فى العديد من صورها وأشكالها. وبالفعل وخلال الأيام التى قضيتها فى صحبة
بعضهم ازددت فهما بطبيعة العلاقات الخاصة التى تقوم بين المشاهير من جهة
والصحفيين والمصورين من جهة أخرى، وبينهم ورجال الحرس الخاص، وبينهم
والحواريين وكذلك بين المشاهير وبعضهم البعض.
خرجت من التجربة أكثر استعدادا لفهم الدوافع وراء ما يكتبه أو يصرح به بعض
المحيطين بالمشاهير ومنهم متطفلون على مجتمعات الشهرة وبخاصة مجتمعات الفن
كالسينما والمسرح ومتخصصون فى كافة شئون الشهرة واحتياجاتها وحدودها. قيل
لى فى معرض تعريفى بهذا العالم المختلف نوعا وذوقا وحسا عن غيره من العوالم
إن الجماهير الحاشدة التى تنتظر، وقوفا لساعات غالبا ما تطول عن عمد، وصول
مواكب النجوم عيونها لا ترى الجميلات والمفضلات إلا وقد ازددن جمالا
والظرفاء خفيفى الظل وقد ازدادوا ظرفا. تعرف الجماهير أو لا تعرف أن لكل من
هؤلاء النجوم بضاعة لا يبخل عليها بجهد أو مال لإبرازها وتطويرها، وبعضهم
يبالغ أحيانا فى الجهد المبذول قبل أن يطل على الجمهور.
يعرف المشاهير قيمتهم. يعرفون مثلا أن مهرجانات الأفلام قد تقام فى غيابهم
ولكنها لا تنجح إلا بوجودهم. وقد عقبت إحدى الفنانات من الشهيرات على إشادة
بها ودورها فى نجاح المهرجان بقولها «مهرجان بدون مشاهير كسيرك بدون سباع
ونمور». وهم مدركون تماما أن الجماهير التى تتزاحم على جانبى السجادة
الحمراء فى مختلف المهرجانات إنما جاءت من أجلهم وليس من أجل مشاهدة
أفلامهم أو أفلام الآخرين المعروضة فى المهرجان. كثيرون ضيوفا كانوا أم
مضيفين أم نقادا أم متطفلين جاءوا من كل مكان لأن المشاهير هنا. بل إن بعض
المشاركين غير المعروفين جاء ليعرض شيئا جديدا، يتصور ويعتقد أنه جيد، وقد
يكون بالفعل جيدا، ولكنه يعرف أنه ما كان ليتحمس للمجىء لو اقتصر المهرجان
على عرض الأفلام وتخلف المشاهير عن الحضور واحتلال مكانة الصدارة فيه. هذا
البعض من طارقى أبواب الشهرة مع ما يحمله من أفلام وأفكار لا يقيم مهرجانا،
وإذا أقيم من أجله فلن تحضر الجماهير ولن تتسابق على تغطية المهرجان أجهزة
الإعلام العالمية والمحلية، ولن تتزاحم آلات التصوير لتلتقط آلاف الصور،
وسيضيع على فنان أو أكثر من المشاهير فرصة يحقق من خلالها نفعًا ماديًا
مجزيًا. كان هناك على سبيل المثال من وصل إلى حافة السجادة الحمراء مستقلا
آخر صيحة فى عالم السيارات الفاخرة وبرفقته صاحب الشركة الموزعة. كانت هناك
أيضا من وصلت متعلقة بذراع مصمم أزياء شهير جاء يعرض آخر إبداعاته.. رداء
السهرة الذى ترتديه الفنانة الشهيرة. فى الحالتين عمت الفائدة وعادت الشهرة
بعائد مجزٍ.
يقول طارق جديد إنه لا يخفى على الطارقين الجدد لأبواب الشهرة أن الجهة
الداعية والمشاهير المدعوين تجمعهم ثقافة مشتركة كتلك التى تجمع بين
المشاهير والدولة التى ينتمون إليها. أحد الطرفين، ويقصد الجهة الداعية،
دولة كانت أم مؤسسة، ملتزم حماية امتيازات المشاهير ومواقعهم من طموحات
طارقى أبواب الشهرة. والطرف الآخر، ويقصد طرف المشاهير، ملتزم بتبنى ثقافة
أهل الدعوة مثلما هو ملتزم بتبنى ثقافة أهل الحكم فى بلده لا ينحرف عنها
إلا بحساب دقيق أو تفاهم مسبق.
استفدت من اقترابى من مهرجان الأفلام استفادة أولى حين دخلت تجربة عملية
للتوصل إلى فهم أعمق لشريحة المشاهير ورؤيتهم لدورهم والمجتمع، واستفدت
استفادة ثانية لا تقل أهمية، وهى مشاهدتى «حاوى»، الفيلم الذى حصل على
الجائزة الأولى رغم خلوه من المشاهير وموقفه منهم، وربما لأنه يمثل ثقافة
بديلة.
الشروق المصرية في
03/11/2010
أحلام التسعينيات مهدت لثورة القرن الجديد ونصر
الله وخان وبشارة سفراء فى مهمة خاصة
إياد إبراهيم
تختلط الحقائق والتواريخ والمسميات وكل الأوراق عندما تحاول البحث عن
بداية حقيقية لما يسمى بالسينما المستقلة.. فالكل يحلل ويؤرخ تبعا لآراء
وأهواء، ولا يوجد اتفاق من الجميع على بداية أو حتى تعريف محدد لهذا
المصطلح.. لذا كان محاولة تقديم وتعريف تيار السينما المستقلة فى مصر مهمة
صعبة..
ولكن كان من الممكن القيام بالتقريب بين العديد من الآراء من خلال كتاب
«السينما المستقلة فى الوطن العربى»، والذى أصدرته إدارة مهرجان
الإسماعيلية الدولى فى دورته السادسه عام 2002، ويضم شهادات ومقالات
وحوارات قام بها مجموعة من المخرجين والكتاب وقام بتحرير الكتاب المخرج
أحمد رشوان وحسام علوان.. وأيضا من خلال الاعتماد على بعض المقالات
والقراءات من بعض المتخصين والمهتمين.
وأزمة التعريف التى ذكرناها فى البداية كانت بالفعل هى أول سطور الكتاب
المذكور وعبرت عنها كلمات أحمد رشوان حين قال: حينما اقترحت على أبوشادى
رئيس المهرجان إقامة برنامج للسينما المستقلة من ضمن برامج الدورة السادسة
كان على أن اجيب عن سؤال «ما هو المقصود بالسينما المستقلة؟».
وأنهى رشوان مقالته ولم يحدد اطارا عاما للكلمة ولكن قام بوصف وتحليل
التجربة، وقال أيا كان اسمها «مستقلة حرة أو مختلفة فهى تعبر عن جوهر واحد
ومتن متناغم رغم ما ينضح به من تنوع».
بعيدا عن التعريفات التى ستفرض نفسها يوما ما، سنحاول تتبع تاريخ تلك
الأفلام ولن نصنف منتج باسم أول فيلم مستقل.. فقط سنضع التجارب مقرونة
بتاريخها.
معروف أن بوابة عالم السينما المستقلة فتحته كاميرا الديجيتال عندما سنحت
الفرصة لشباب السينمائيين من التحرر من القيود الإنتاجية والرقابية وتحقيق
أفلامهم الخاصة محددين أطوالها وأشكالها.. وهناك العديد من التجارب وتحديدا
فى بدايات التسعينيات ولكن من الصعب الوقوف على أولى تلك الأفلام ولكن
سنحاول ذكر ما وصلت إليه أيدينا مقرونا بتاريخ العرض.
والسبب فى كون عام 1990 كما وصفه الكثيرون بعام البداية الفعلية لولادة هذا
التيار كان بسبب التفات 3 مؤسسات لهذا النشاط وإطلاق أولى الدورات
التدريبية للفيديو ارت والخاص بتعليم فنون التصوير الرقمى، وتلك المؤسسات
هى مؤسسة «بروهلفتسيا» السويسرية و«قصر السينما» بمصر، الذى أنتج أول فيلم
فى الدورات الحرة لقصر السينما عام ١٩٩١ بعنوان «رف الحمام» إخراج أيمن
خورى، وأيضا «معهد جوته» الألمانى.. ثم توالى بعدها تكوين الشركات
والكيانات التى تدعم السينما المستقلة.
حتى وصلنا فى مطلع القرن العشرين إلى إنشاء شركة سمات، التى ترمز إلى
«سينمائيون مستقلون للإنتاج والتوزيع».
شكل عام 1990 كما ورد فى كتابات كثيرة من شباب المستقلين، الذين عاصروا تلك
الفترة وأيضا من بعض النقاد والمتابعين لنشأة تيار السينما المستقلة فى
مصر، عام الظهور والتفات الجميع إلى هذا المصطلح الجديد. ولكن سبق عام 90
بعض التجارب القريبة مثل سرقات صيفية، الذى صوره يسرى نصر الله بكاميرا 16
مللى لتوفير النفقات، واستعان بممثلين غير معروفين ودعمه فى ذلك يوسف
شاهين.
وفى فترة التسعينيات قدمت العديد من الأفلام القصيرة نأخذ منها تجربة
لاثنين من المخرجين كنموذج مهم، وهم المخرج حسن خان وشريف العظمة، والتى
سردها حسام علوان فى الكتاب المذكور أعلاه.
والأول هو دارس للأدب الإنجليزى بالجامعة الأمريكية، وحقق كثيرا من الأفلام
الديجيتال عرضت فى دول شتى، أما العظمة فتخرج فى معهد سيرى بلندن حاصلا على
بكالوريوس فى الفيلم والفيديو.
التجربة الأولى لخان كانت بفيلم «العين صابتنى ورب العرش نجانى» عام 1997
وكان مدته 4 دقائق.. وكان الفيلم التالى بعنوان «هو دا الفيلم السياسى» 1
دقيقة عام 1998 «ثم صنع خان مع العظمة فيلم بعنوان» أم الفيلم ده «4 دقائق
عام 1998» ثم تعاقبت التجارب كما سرد علوان وشاهدا أيضا على مدى إمكانات
المخرجين فى إخراج صورة بديلة مما يؤهلهم لصنع أفلام روائية طويلة، مما
يدلل على أنها تجارب جادة ولم تكن تجارب هواه فقط.
ثم أتت نهاية التسعينيات لتشكل منعطفا غاية فى الأهمية فى الحديث عن
السينما المستقلة ولتفتح الباب لعالم أكثر افقا ورحابة أمام الشباب وهى
مهمة قام بها ثلاثة سفراء كبار أتوا من عالمهم لعالم السينما المستقلة
ويقول رشوان فى مقاله «الديجيتال.. مستقبل تحقيق اشرطة طويلة مستقلة» إن
فكرة صنع فيلم روائى طويل بنظام الديجيتال، لم تدر إلا فى عقل 3 مخرجين هم
يسرى نصر الله وخيرى بشارة ومحمد خان.. والسبب واحد تقريبا وهو التحرر من
قيود الإنتاج والتوزيع وأمراض النجوم.
أول ضربة كانت من يسرى نصر الله بفيلم المدينة عام 1998 وتم تحويل العمل
إلى 35 مل بالفعل وحاز جائزة لجنة التحكيم من لوكارنو وجائزة أحسن ممثل
باسم سمرة فى مهرجان قرطاج عام 2000، ولكن بعد تحويله إلى 35 مل عرضته
الشركة المنتجة ــ أفلام مصر العالمية عرضا جماهيريا فى قاعة واحدة وفى شهر
رمضان!
وفى مقال لضياء أبواليزيد كتب انه أجرى حوارا مع يسرى نصر الله وقال له:
«أنا لست شيخ طريقة» فى محاوله لشرح أنه كمخرج يهمه توفير أحسن ظروف
إنتاجية لعمله الفنى، وأكد أيضا أنه إذا امتلك إمكانات كاميرا السينما
العادية لفعل.. إذن يخرج نصر الله نفسه من كلمة الاستقلال، مؤكدا ذلك بكلمة
«إذا كان هناك سينما مستقلة فلابد من وجود سينما تستقل عنها أولا».
ثم تعرض رشوان لتجربة خيرى بشارة فى عالم الديجيتال، والتى بدأت فى أواخر
التسعينيات فى أمريكا بتصوير أفراد عائلته وأصدقائه، وكان المنتج 120 ساعة
ولكن لم يقم بمونتاج هذه المحاولة، ولكنها أهلته لخوض تجربته الأولى
الحقيقية «ليلة فى القمر»، والتى خاضها بعدما تلاعبت به الشركة العربية
عندما حاول تنفيذ فيلما لصالحها ــ كما ذكر رشوان فى مقاله ــ وليلة فى
القمر شاركت به رغدة وباسم رحومة وأدار التصوير طارق التلمسانى وهو الفيلم
الذى استغرق تصويره 3 أسابيع ونصف الأسبوع.
ثم تبعهم خان الذى أمن أيضا بالوسيط الجديد ونفذ الفكرة، التى دارت برأسه
طويلا «كلفتى» والذى سمى كلبه بهذا الاسم تعلقا بالفكرة قبل أن يبدأ
بتصويرها كما يقول رشوان.
وسافر خان إلى أوروبا وتساءل عن تكلفة تحويل الفيلم وعن بعض الفنيات، وعاد
ونفذ فيلمه متخذا من خيرى بشارة مستشارا فنيا لأنه درس الأمر طويلا.
وعاد السفراء إلى عالمهم بعد ان تركوا ساحة أكبر للشباب ولصغار العشاق فجاء
حاتم فريد بفيلمه الطويل الأول «حبة سكر» عام 2000، وبعد تنفيذه وعرضه عرضا
خاصا لم يستطع استكمال المشوار ويحوله إلى 35 مل، ولكنها كانت نبتة جديدة
ومهمة فى هذه الأرض الجديدة.
ثم أتى عام 2001 ليشهد نقلة مهمة أخرى فى هذا العالم وهو تأسيس شركة سمات
«سينمائيون مستقلون للإنتاج والتوزيع»، وضمت فى عضويتها 6 من شباب
السينمائيين، وهم كاملة أبوذكرى وهالة جلال وأحمد أبوزيد وإسلام العزازى
وسامى حسام وعبدالفتاح كمال، وهى شركة تهدف إلى صنع أفلام منخفضة التكاليف
وكلهم أصحاب تجارب مهمة قبلها، كما يقول سعد هنداوى فى مقاله المنشور فى
كتاب «السينما المستقلة فى الوطن العربى».
ودارت العجلة بعد ذلك وشهد العقد الأول من القرن الجديد تجارب مهمة طويلة
كعين شمس وبصرة وهليوبوليس وعشرات الأفلام القصيرة، وهى الأعمال التى فجرت
نقاشات متعددة وفتحت الطريق أمام أفلام عديدة يعمل عليها أصحابها الآن كآخر
أيام المدينة لتامر السعيد، والحاوى لإبراهيم البطوط، الذى عاد بجائزة من
مهرجان ترابيكا لتضاف إلى كثير من إنجازاته فى مجال السينما المستقلة،
وغيرها الكثير من الأفلام التى تفتح لتيار السينما المستقلة طريقا فى أرض
صخرية، ويؤكد قوة هذا التيار احتفاء مهرجانات العالم بها وأيضا تخصيص
مهرجانات وبرامج وندوات وورش ومدارس لهذا التيار المستقل.
قبل أن تعود السينما المستقلة مرة أخرى لاسئلتها الوجودية ليسأل البعض عن
معنى المستقلة.. فهل هى عن الإنتاج المحتكر أم عن الذوق السائد أم عن طريقة
التنفيذ، وإذا كانت عن الإنتاج، فماذا يشكل الآن دخول منتجين فى أفلام
الديجيتال، وربما نستمع بعد فترة عن تدخل هؤلاء المنتجين فى المنتج..
وأيضا هل ستستطيع الصمود فى ظل استحياء الجمهور من الإقبال عليها، وهل
ستتحول السينما المستقلة إلى مجرد أفلام تصور فقط على وسيط آخر ويمكن أن
نرى أفلاما تجارية رخيصة، أم ستظل محتفظة باستقلالها عن الأفكار الرخيصة..
أسئلة عديدة وكثيرة سنحاول تناولها فى الحلقات المقبلة.
(الشروق) تفتح الملف وتدعمها.. السينما البديلة.. آن أوان التغيير
محمد عدوى
لم يعد يخفى على أحد أن المسكنات التى يقدمها صناع السينما لعلاج
أمراضها لم تعد كافية وأن المستوى الذى يتحسن على فترات ويعطينا أملا نكتشف
فيما بعد انه سراب، لم يعد يقنعنا مبررات وأعذار يسوقها من يريد ان يظل
الفن السابع أسير شباك التذاكر ويخضع لسطوة النجوم، لن نرضى باكليشيهات
وتابوهات وضعها السينمائيون أنفسهم من عينة «الجمهور عايز كده» لن تخدعنا
فوضى التوزيع ومعادلات الإنتاج ولن نقف مكتوفى الايد أمام العبث الدائر فى
أروقة البلاتوهات.
فى هذا الملف سوف ننشد السينما ولا شىء آخر.. ذلك الحقل الذى لو تركناه
أكثر لذبلت ثماره وبورت أراضيه، سوف ندعم السينما البديلة تلك التى لا
تعتمد على نجم ولا يهمها ضخامة الإنتاج وأجور الكبار، تلك التى تغزل قصصا
وحكايات عن ناس تعيش بيينا ويهتمون لأمرنا، السينما التى تخترق الحواجز
وتكسر كل التابوهات بحرية بعيدا عن حسابات السوق المعقدة التى كادت تفجر
مصانع الأمل، وتركت الخراب فى القصور الفخمة، سوف ندعو لسينما لا تعرف
الخوف ولا تنظر من ثقب باب وأمامها ملأ الفضاء، سينما لا يظلها لون واحد
والكون من حولها غابة من الألوان، سوف نبحث عن هؤلاء، الذين يملكون مشروعا
فنيا حقيقيا ونساندهم حتى نعثر على الضوء وسط العتمة.
فى هذا الملف سوف نقف أمام العقبات وضد الغيم، نمد الجسور وننظم الورش
والمؤتمرات، نستعين بالخبراء ونفتح الباب للجميع دون حسابات وهمنا الوحيد
التغيير وخلق جيل جديد من زهور السينما وعشاقها الحقيقيين المستقلين فعلا،
الذين يقدمون سينما مستقلة حقيقية وليس مجرد مسمى، سوف نحتفى بهؤلاء، الذين
عادوا بالفخر من ترابيكا قطر المخرج إبراهيم البطوط ومن قرطاج التونسى
المخرج أحمد عبدالله، والذين يمكن أن يثبتوا أننا على حق وأنه آن أوان
التغيير.
الشروق المصرية في
03/11/2010 |