الفنان القدير عزت العلايلي يقف قريبا امام شاشة التليفزيون ليقدم لنا
»سلطان«
في مسلسل
»سمارة« امام غادة عبدالرازق والسيناريو لمصطفي محرم والاخراج لمحمد النقلي
لنشاهده في رمضان القادم.
·
سألته عن
»سلطان« سينمائيا وتليفزيونيا والفرق بينهما؟
<<
فقال اعلم ان الفنان الراحل محمود اسماعيل قدم
شخصية سلطان في السينما باقتدار..
ولاقت نجاحا كبيرا..
وتقديمها الان من خلال عمل تليفزيوني لايعتبر تكرارا فالخط الرئيسي او »التيمة«
الرئيسية للشخصية ستكون موجودة ولامانع من تقديمها مرة اخري في عمل
تليفزيوني.
·
الا تخاف من المقارنة بينك وبين الفنان محمود
اسماعيل؟
<<
الفنان محمود اسماعيل فنان قدير وقدم الشخصية
بصورة جيدة وقد عملت معه في بداية حياتي الفنية في المسلسل الشهير
»ابن الحتة« وايضا حلقات »المنبوذ« وهو علي المستوي الانساني شخصية محترمة
ومتدين جدا وكفنان استفدت منه كثيرا وفكرة المقارنة غير موجودة واعتقد ان ملامح الشخصية سوف تختلف عما قدمه في السينما واتمني ان تصل للجمهور
بوجهة نظر ورؤية جديدة.
·
وهل انت كفنان مع إعادة الاعمال السينمائية
لمسلسلات تليفزيونية؟
<<
لا اجد اي مشكلة في الاعادة واثق في الكاتب الكبير
مصطفي محرم وهناك اعمال سينمائية كثيرة تم اعادتها ووجدت قبولا لدي المشاهد
ويكفي ما حققه مسلسل »العار«
وغير من الاعمال.
·
وماذا تقول كفنان ونجم في كتابة السير الذاتية في
اعمال تليفزيونية؟
<<
السيرة الذاتية ملك خاص
لصاحبها اذا جاءت موافقته واضحة في ان يشاهدها الجمهور فلا مانع.. وايضا من
الواجب موافقة الورثة ايضا واي مؤلف يتصدي للكتابة عن اي شخصية عليه ان
يتأكد من ذلك اولا.
·
وما رأيك في المبالغ
الكبيرة التي يطلبها النجوم الان؟
<<
هذا الكلام مبالغ
فيه جدا ولا اعتقد ان كل ما يكتب حقيقي واقولها صراحة اللي يساوي يأخذ كما
يشاء وربنا يزيد ويبارك ومفيش داعي »للقر«
ولكن اذا حصل الفنان علي هذا المبلغ فكم تكون تكلفة العمل ككل؟
·
وهل انت راض عن ادائك لشخصيتي الغرباوي في
»موعد مع الوحش«
وسيادة المستشار »في
الجماعة«؟
<<
الحمد لله راض كل الرضا واعتقد ان الشخصيتين نالا
استحسان المشاهدين واتمني ان اصل للجمهور في رمضان القادم مع شخصية سلطان
في مسلسل
»سمارة« واتمني دائما ان اكون عند حسن ظن الجمهور.
الأخبار المصرية في
25/10/2010
السينما المصرية: نهاية عصر؟
«بنحبّك يا ريّس» والآتي أعظم...
القاهرة ـــــ محمد خير
رفضت الرقابة مجدداً فيلم يوسف معاطي بحجة احتوائه على «دعاية سياسية
لا تتناسب مع الوضع السياسي القائم»!
ربما لم يتابع السيناريست يوسف معاطي أخبار الهجمة الرقابية على
الإعلام المصري، وإلا لما تقدّم بسيناريو «هما حبوا بعض» الذي رفضته
الرقابة حتى بعد تغيير اسمه وموضوعه مراراً. الفيلم المرفوض تقدم به صاحبه
للرقابة عندما كان يرأسها علي أبو شادي. كان اسم الفيلم آنذاك «ابن الرئيس»
ويدور حول حب ابن رئيس دولة غير محددة لابنة زعيم المعارضة (في إطار
كوميدي). لم تشفع الكوميديا ولا تجهيل الدولة للفيلم. رفضته رقابة أبو
شادي، ثم رفضته رقابة سيد خطاب الذي تولى منصب الرقيب عام 2009. وجاء رفض
الفيلم ضمن 10 أعمال أخرى رفضت في نيسان (أبريل) 2010، فكان الحل أمام صناع
الفيلم المرشح لبطولته محمد عادل إمام، أن يتنازلوا عن شخصية الرئيس. هكذا
أصبح ابن رئيس الدولة ابناً لرئيس الوزراء، وظلت الدولة غير محددة، لكن بلا
نتيجة. إذ جاء الرفض الرقابي الأخير قبل أيام متعللاً بسبب آخر أكثر
عمومية. الفيلم يحوي «دعاية سياسية لا تتناسب مع الوضع السياسي القائم».
ولا شك في أن سوء الحظ لحق بيوسف معاطي، وهو رفيق «الزعيم» عادل إمام في
أفلامه الأخيرة. ربما لأنه لم يجرب معالجة شخصية الرئيس ــــ أو ابنه ــــ
سينمائياً سوى في العامين الأخيرين، أي بعد سنوات من إفلات كتّاب أقل
نفوذاً بأفلام «رئاسية» خلال سنوات الحراك السياسي المصري الذي يخنَق الآن.
مَن يتذكر الضجة التي أثارها ظهور رئيس الجمهورية «بظهره» فقط، في
«جواز بقرار جمهوري» (خالد يوسف، 2001)، يصعب عليه تصور أن شخصية الرئيس
ستتجسد واقعياً على يد الكوميديان هاني رمزي في «ظاظا رئيس جمهورية» (علي
عبد الخالق، 2006). الفيلم الأخير كان ذروة الكوميديا السياسية الخفيفة.
وكانت مفاجأة السيناريست طارق عبد الجليل أنّ المواطن سعيد ظاظا يخوض
الانتخابات، ويفوز على الرئيس العجوز متولي الحناوي (كمال الشناوي). يصبح
ظاظا رئيساً ويسعى إلى الحصول على الأسلحة واستقلال القرار السياسي، فتقرر
جهات أجنبية اغتياله أمام شعبه.
لكن المخرج إيهاب لمعي تقدم خطوة إضافية في فيلمه »الديكتاتور»
(2009)، حيث الدولة الخيالية «بامبوزيا» يحكمها الرئيس المستبد شنن الجيوشي
(حسن حسني)، وللرئيس ولدان لاهيان هما حكيم وعزيز (يؤدي الدورين خالد
سرحان). النجلان فاسدان، يزور أحدهما الدولة المجاورة «مصر» في وقت تندلع
فيه الثورة في بامبوزيا ويُخلع الديكتاتور. لكنّه سرعان ما يعود، ليستأنف
استبداده. وقد رأى النقاد في الشريط تجربة جريئة عابها فقرها الفني.
عكس هذه المحاولات لانتزاع مساحة سياسية معارضة «كوميدية دوماً»،
فيوسف معاطي نفسه، خاض تجربة اقتباس شخصية الرئيس، لكنها الأكثر تجميلاً
لشخصيته. في «طباخ الريّس» (سعيد حامد، 2008)، يُختار متولي (طلعت زكريا)
ليصبح طباخ الرئيس (خالد زكي). يتحول متولي إلى صوت الناس الذي لا يصل إلى
الرئيس (طبعاً لأن معاوني الرئيس الأشرار يحجبون عنه الحقيقة). لكن بعد أن
يستمع الرئيس إلى طباخه الجديد، يقرّر النزول إلى الشارع والتعرف إلى
مشكلات الناس. لم يواجه العمل طبعاً أي مصاعب رقابية. بل إن الرئيس المصري
الحقيقي أعجب به. وعندما تماثل طلعت زكريا من وعكة ألمت به أخيراً، استقبله
مبارك في لقاء طويل. وأعلن زكريا بعدها أن الرئيس وافق على فيلمه الجديد
«بنحبّك يا ريـّس»!
الأخبار اللبنانية في
25/10/2010
يتحدّث عن آخر أفلامه
Hereafter
كلينت إيستوود: لا
أفكّر في التقاعد الآن
نيويورك - كاري ريكي
حظي فيلم
Hereafter (الآخرة) للممثل والمخرج كلينت إيستوود (وهو الفيلم الـ31
الذي يخرجه خلال أربعين عاماً)، بترحيب الجمهور خلال عرضه في لينكولن سنتر
في ختام
مهرجان نيويورك السينمائي نهار الأحد الفائت. في اليوم التالي،
كان إيستوود يتسكّع
على مقعد خارج صالة عرض الأفلام في شركة «وارنر براذرز» حيث كان أعضاء من
المجلس
الوطني للنقد (مجموعة في الولايات المتحدة تمنح جوائز سينمائية) يشاهدون
فيلمه
الجديد في الداخل.
الفيلم من بطولة مات ديمون بدور وسيط روحيّ مزاجيّ، وسيسيل دو فرانس
بدور مراسلة
تلفزيونيّة نجت من تجربة شبه مميتة. على رغم العنوان الذي يحمله والموضوع
الذي
يتناوله، لا يُعتبر الفيلم نوعاً من التأمل بما يحصل بعد الموت، لكن كمعظم
أفلام
إيستوود التي أخرجها خلال العقد الأخير، يأخذ الحبّ فيه مكانة
خاصة.
أمام صالة العرض، وقف إيستوود بسترته الرماديّة وقميصه الزرقاء التي
تعكس بريق
عينيه، وهو يبدو مرتاحاً ومفعماً بالقوة والنشاط على رغم بلوغه الثمانين من
العمر.
وفيما اعتزل كثر من عمره العمل، يتابع
إيستوود إخراج الأفلام. وقد صرّح الى مجلّتي
Modern Maturity
وMaxim: «لا أفكّر في التقاعد، ما زلت أتعلّم الكثير».
أفضل مخرج
لا يشبه إيستوود في مسيرته المهنيّة أيّ شخص آخر في هوليوود فهو النجم
السينمائي
المفضّل في الولايات المتحدّة وفق إحصائيات عام 2010 (على رغم أنه أصرّ على
أن Gran Torino
سيكون آخر عمل يؤديه)، كذلك، هو أحد أفضل المخرجين فيها وأكثرهم شعبيّة.
يقول المحلّل بول ديرغارابديان الاختصاصي في هذا المجال: «كلينت إيستوود هو
المعيار
الذهبي»، إذ حققت أفلامه:Space Cowboys
وMillion
Dollar Baby
وGran
Torino
أرباحاً
طائلة بلغت ما يقارب الـ100 مليون دولار. وحصد
Mystic River 90
مليون دولار.
تصرّح جانين بايزينجر، مؤرخة الأفلام وعضو في المجلس الوطني للنقد:
«يستطيع
إيستوود القيام بكلّ شيء بمفرده. هو منتج وممثل ومخرج، ولامع في دمج
التأثيرات
الخاصة وأساليب سرد القصص التقليديّة في أفلامه، لقد حظي بحياة مهنيّة
مدهشة، ولم
ينتهِ بعد».
حين يريد إيستوود اختيار نص الفيلم، يعوّل على قاعدة واحدة فيسأل
نفسه: «هل أرغب
في مشاهدة هذا الفيلم؟». عندما تحدّث المخرج ستيفن سبيلبرغ إليه هاتفياً،
وقال له «لديّ نص لفيلم مثير للاهتمام»، وافق
إيستوود (الذي تقدَّم إليه دائماً عروض
مماثلة) على إلقاء نظرة إليه. بعد قراءة بعض الصفحات من النص
الذي كتبه بيتر مورغن
حول الوسيط الروحاني المتردد والفتاة التي نجت من التسونامي، وجد إيستوود
نفسه «يتعاطف مع هذه الشخصيات».
بعد الاطلاع على موضوع الفيلم، لا بدّ من أن تتساءلوا: «هل يؤمن
إيستوود بوجود
حياة بعد الموت؟». يجيب عن هذا السؤال بصوت خافت وأقلّ خشونة مما يظهر في
التلفزيون: «لا أعلم، لكن حتى لو لم أكن أؤمن بوجود حياة بعد الموت، ترسّخ
إماني
بذلك بعد إخراج هذا الفيلم». يضيف إيستوود الذي أدى دور ملاك
الموت المتمرّد في
فيلمَي Pale Rider
وUnforgiven:
«لا
أرى أن الله يريد أن يحاسبنا لارتكابنا
الأخطاء، تكمن اعتقاداتي الروحانيّة في أنه على الإنسان أن يقدّم أفضل ما
لديه وهو
موجود على الأرض».
Hereafter
جزء من مجموعة أفلام أخرجها إيستوود حديثاً وترتبط
مواضيعها بالفناء،
لكن هذا الأمر لا يتعلّق بسنّه المتقدّم. في هذا الصدد، يقول إيستوود: «لا
شكّ في
أني عشت حياة طويلة، لكن لو توافرت لي الفرصة سابقاً، لكنت أخرجت هذا
الفيلم وأنا
في الأربعين من العمر، إذ إنني أحببت جوهر قصّته».
يضيف إيستوود: «لم أمرّ بتجربة شخصيّة خارجة عن الطبيعة، باستثناء
تنبؤات صغيرة،
حين تريدون الاتصال بأحدهم، فيرنّ الهاتف ويكون هو المتّصل».
مشاعر قويّة
لعلّ أفلام إيستوود ترفع النقاب عن حياته الشخصيّة، فهو يستوحي منها
لإخراج
الأفلام لكن ليس في سبيل الانغماس بالملذات، بل لأنه لا يستطيع أداء دور ما
إلا إذا
حرّك فيه مشاعر قويّة.
في أوائل السبعينيّات، أخرج إيستوود فيلمَيّ
Play Misty for Me
وBreezy
حول رجال
في متوسّط العمر يستمتعون بالملذات، حين كان هو يقوم بذلك
أيضاً. فضلاً عن ذلك،
أخرج فيلم Bird
عن عازف موسيقى الجاز تشارلي باركر وفيلم White Hunter, Black Heart
حول المخرج جون هيوستن، المتميّزين بميلهما نحو التدمير الذاتي، في
الفترة التي كان
يحاول فيها إيستوود تحديد نفسه كفنان. ثمّ أخرج فيلميّ
Space Cowboys
وGran
Torino
حول رجال مسنين ينتهزون الفرصة لإثبات أنفسهم، حين أصبح شخصاً محترفاً
يحاول
فرض نفسه في هذا الميدان وقد شكّلت تلك الرجولة، سواء كانت جريئة أو
متهورّة
موضوعاً تمحورت حوله مسيرته المهنيّة.
أما في ما يخصّ الطرق المهنيّة التي اكتسبها، يقول إيستوود: «تحصلون
في البداية
على دور في مسلسل تلفزيونيّ (Rawhide)، وتعملون مع مخرجين كثر، فتتعلّمون كيف
تجمعون في فيلم واحد وجهات نظر مختلفة. لاحقاً، يجمعكم عمل ما مع مخرج
إيطاليّ
(يشير
الى المخرج سيرجيو ليوني)، فتتعرفون الى أفلام وسترتن الأوروبيّة من منظار
أميركيّ، من ثم تعملون مع أشخاص آخرين، وفي النهاية تحصلون على فرصة لتنفيذ
عملكم
الخاص. تدركون أخيراً أن الأمر لا يتعلّق بوجهات النظر بل
بكيفيّة سرد الحكايات
وبالحماسة التي يتّسم بها الفيلم، وتحرزون في نهاية المطاف خطوةً بارزة».
لم يكن إيستوود يرغب في أن يصبح مخرجاً، نظراً الى تسلّط المخرجين
الذين عمل
معهم. لكن راودته فكرة الإخراج وهو في أواخر الثلاثين من العمر، إذ وجد
فيها وسيلة
لإعالة أسرته، بعد أن يسأم الجمهور من مشاهدته، لكن هذا الأمر لم يحصل بعد.
في البداية، أخرج إيستوود أفلاماً فنيّة ذات ميزانيّة متوسطة من دون
أن تحمل أيّ
ادعاءات فنيّة. جمعت أعماله بين أفلام صغيرة خاصّة وأفلام شعبيّة تحاكي
اهتمام
الجمهور الأساسي. مع الوقت، نجح في استقطاب الجمهور الى دراساته للعنف
والانتقام
التي ظهرت في
Unforgiven
عام 1992 والى أفكاره الساكنة حول الفناء المتجسّدة في Million Dollar Baby
عام 2004.
لاحقاً، أصبح إيستوود يستخدم الإضاءة كرسام متمرّس، لإضفاء التأثيرات
الخياليّة.
يقول: «هذا أمر رمزي، تتّجه الشخصيات في أفلامي نحو النور، تحاول أن تراه،
وتحيا
حياتها بين الظلال والنور». ويضيف: «ثمّة شخصيات عدّة في Hereafter
تسير نحو النور،
ودائماً ما يتحدث الأشخاص الذين يمرون بتجارب شبه مميتة عن رؤيتهم شعاعاً
من
النور».
رُزق إيستوود، من خمس نساء، بسبعة أبناء تترواح أعمارهم بين الـ13 و46
سنة. وعند
سؤاله: «بماذا تشعر وأنت أب في الثمانين من العمر لفتاة مراهقة؟}. يجيب
ضاحكاً: ثمة
أمور مخيفة كثيرة لا نتجرأ على التطرّق إليها».
حين سألنا إيستوود الذي نشأ في عالم لا يتكلّم فيه الرجال الحقيقيون
عن الرجولة
بل يخرجون أفلاماً عنها: «كيف تغيّر مفهوم الرجولة في الولايات المتحدة}.
وجدناه
محاصراً بالأشخاص الذين خرجوا من صالة العرض وأرادوا أن يلقوا التحيّة
عليه،
ويعبروا له عن مدى اعجابهم بالفيلم. وللحظة، تردّد بين إلقاء
التحية عليهم والإجابة
عن السؤال. ثم اتّخذ قراره وأجاب: «بالنسبة إلي، يجسّد روكي مارسيانو،
البطل الجبار
في عالم الملاكمة خلال الخمسينيات، هذا المفهوم. تكمن الرجولة الحقيقية في
الثقة
بعدم الحاجة الى إثباتها».
الجريدة الكويتية في
25/10/2010
CARLOS...
مهمّة صعبة لإدغار راميريز
نيويورك - بول فارشي
السؤال الذي يجب طرحه على إدغار راميريز، شاب ذكي شمولي ومتعدد اللغات
وعلى
الأرجح أفضل ممثّل لم يُسمَع به يوماً، ليس كيف جسّد دور إرهابي متوحّش في
قالب
إنساني؟ بل لمَ فعل ذلك؟
يجسّد راميريز شخصية كارلوس، الواردة في سلسلة
Carlos
التلفزيونية القصيرة التي
كانت تُعرض على قناة
Sundance
الفضائية واختُتمت يوم الأربعاء الماضي. يُشار إلى أن
هذا الفيلم التلفزيوني يتألف من ثلاثة أجزاء وتصل مدّته إلى خمس ساعات ونصف
الساعة.
السلسلة، المدبلجة إلى ست لغات والتي تُعرض في عشرات البلدان، قصّة
قائمة على
أبحاث دقيقة، ولو أنها مصوغة في إطار درامي، عن إيليتش راميريز سانشيز،
الملقّب
بـ{كارلوس إبن آوى»، الثوري الماركسي الذي أحدث اضطرابات كثيرة في أوروبا
الغربية
والشرق الأوسط خلال سبعينات القرن الماضي وثمانيناته.
كان كارلوس منبوذاً دولياً، خاطفاً وقاتلاً أدُين بقتل شرطيين
فرنسيين. في أوج
شعبيته، أعلن مسؤوليته عن تفجيرات سيارات وقطارات، محاولات اغتيال وهجومين
فاشلين
بواسطة قنابل يدوية على طائرات إسرائيلية تجارية. فضلاً عن ذلك، أسفر أشهر
هجوم له
على اجتماع لوزراء منظمة الدول المصدّرة للبترول في عام 1975
عن مقتل ثلاثة أشخاص
إضافيين. وهكذا ظل كارلوس الشخصية الأشهر صيتاً في عالم الإرهاب الملطّخ
بالدماء
لحين ظهور أسامة بن لادن. لكن ذلك على الأرجح تقييمنا الشخصي البسيط.
بحسب الشخصية التي يجسّدها راميريز بكل ثقة، يشكّل الشر جزءاً بسيطاً
من الصورة.
يُذكَر أن هذا الأخير لا تربطه أي صلة بالشخصية الأصلية، على رغم أن كليهما
يتشاطران اسم الشهرة عينه ومكان الولادة، فنزويلا. يغدو
كارلوس، بحسب تصوير راميريز
البارع، إنساناً معقداً ومتعدد الأبعاد، شخصاً متعجرفاً، سريع الغضب، ذا
رؤية
فلسفية، همجياً، ساحراً وجّذاباً، حتّى أنه زير نساء لا يُقاوَم. لكن
راميريز،
العميق التفكير والرقيق الصوت، لا يجد ذلك غريباً أو خادشاً
للأذن. يقول: «هو إنسان
في النهاية»، متحدّثاً بلكنة منكّهة بعض الشيء بلغته الإسبانية الأم.
يتابع: «كانت
لديه حياة وأسرة. أنا واثق من أنهم لن يدعوه مجرماً وسيكوّنون رأياً
مختلفاً عنه.
سيقولون إنه ناضل من أجل الحرية، إنه انتقل من النظرية الثورية إلى التحرك
العسكري،
وإن دوافعه كانت صائبة وحاول تغيير العالم».
يضيف راميريز: «ذلك ما يجعل الشخصية رائعة إلى هذا الحد، فهي تصوّر في
نظر البعض
قاتلاً، سفّاحاً، وإرهابياً، فيما تمثّل بالنسبة إلى البعض الآخر مناضلاً
من أجل
الحرية، وثورياً ينادي بالمثل العليا».
لكن ما رأي ممثّل الشخصية؟
يجيب راميريز: «برأي، هو مزيج من ذلك كلّه. نحاول في هذا الفيلم إذن
إيصال ما
يمكن من بين تلك الصفات كافة. فالكثير منها في غاية التطرّف، لذا ركّزنا
على محاولة
اكتشاف الجانب الإنساني من هذه الشخصية... لكن ما لفتني فيها مدى تعقيدها،
وكيف
تستطيع الأعمال الوحشية والبوادر الرقيقة التعايش معاً في سلوك
شخص واحد».
في المقابل، يكمن الخطر بلا شك في أن راميريز، ومخرج الفيلم الفرنسي
أوليفييه
أساياس، حقّقا نجاحاً باهراً. يبدو فيلم
Carlos، في استحضاره قصّة رجل طالح، شبيهاً
بـ Baader Meinhof Complex،
فيلم ألماني أُطلق في العام 2008 حول عصابة خارجة عن
القانون أحدثت اضطراباً غرب ألمانيا في السبعينات. قال بعض مشاهدي ذلك
الفيلم، لا
سيما المسنين الذين تذكّروا جرائم العصابة، إن الفيلم أظهر
أعمال التخريب التي
ارتكبتها العصابة بأسلوب جذاب ولم يسلّط الضوء على وجهة نظر الضحايا.
كذلك، لا يولي
Carlos
اهتماماً كبيراً بضحايا كارلوس، بل يتمحور حول هذا الأخير
الذي يظهر في كل مشهد تقريباً إلى حد أن الوقت لا يسمح بالتطرّق إلى أشخاص
آخرين.
لا يثني الفيلم دوماً على شخصيته الرئيسة، لأن الجزء الأخير بمثابة قصيدة
رثاء
طويلة حول أفول نجمه، لكن ثمّة لحظات كثيرة تشير إلى شغف كارلوس بثورته
وبسالته
المتهوّرة. كذلك لا يجد الفيلم الوقت أبداً للإشارة إلى لقب
إيليتش راميريز سانشيز
المشهور والسلبي، والذي ساهم إلى حد كبير في أسطورة كارلوس.
في المقابل، يقول راميريز وأساياس إن الفيلم لا يؤيّد تاريخ كارلوس
الوسخ. يوضح
راميريز: «اختلفت معتقدات شخصيتي عن تلك التي أؤمن بها، لذا كان علي إيجاد
السبل
المناسبة لعدم تبرير أفعاله وإنما تفهّمها لأن ذلك يؤثّر على واقع هذه
الشخصية. يجب
أن يستسلم المرء لكي يسمح لانفعالات الآخرين وأفكارهم بأن تسكنه. في
النهاية، لا
يتعلّق الأمر بنا إنما بهم».
لا شك في أن راميريز قام بواجبه، إذ اطّلع على مناقب كارلوس وتحدث إلى
أفراد من
أسرته. حاول إجراء مقابلة مع الرجل بحد ذاته، الذي يقضي اليوم عقوبة السجن
المؤبّد
في سجن فرنسي، لكنه لم يستطع تحقيق ذلك حين بدأ إنتاج الفيلم. فضلاً عن
ذلك، تطلّب
الدور من راميريز اختبار تحوّل جسدي كما روبرت دي نيرو. لتصوير
شخصية الإرهابي في
سنواته الأخيرة، كان عليه زيادة وزنه بمعدّل 15 كيلوغراماً («الكثير من
المعكرونة
والمثلجات»). بنتيجة الأمر، يبدو التحوّل مقنعاً ومذهلاً في الوقت عينه.
فخلال مجرى
الفيلم، يتحوّل راميريز من شخصية ساحرة شبيهة بتشي غيفارا تتصف بالأناقة
والحيوية
إلى رجل بدين أفل نجمه وشديد الحاجة إلى راتبه التالي.
من جهته، يتمتّع راميريز، 33 عاماً، بجاذبيته الخاصة. فهو متوسّط
الطول، قوي
البنية، عيناه شفافتان، وحجم رأسه أكبر بعض الشيء من رؤوس كثيرين من ممثلي
الأفلام
والتلفزيون، مع أن آلة التصوير تظهره بشكل متناسق بطريقة ما. فنراه يحرّك
رأسه وهو
يسير بخطوات واسعة في أحد مطاعم وسط المدينة.
يلفت أساياس، متحدثاً من مونتريال، إلى أنه خشي خلال كتابته نص الفيلم
من ألا
يستطيع إيجاد الممثل المناسب لأداء الدور. يقول: «كان لا بد من أن يكون
عمره
مناسباً، وينطق بثلاث لغات على الأقل، ويتمتع بجاذبية، ويتحدث اللغة
الأسبانية
بلكنة فنزويلية. كنت متأكداً بأنه كان عليّ التخلي عن إحدى هذه
الصفات أو أكثر،
وحتّى آنذاك لم أكن واثقاً بأنني سأجد من كنت أبحث عنه. كم من ممثل فنزويلي
أستطيع
اختيارهم لهذا الدور؟ تبيّن أن ثمة شخصاً واحداً، وكان إدغار الشخص المناسب».
وُلد راميريز في فنزويلا إنما تنقّل بين أماكن عدّة في مرحلة مبكرة
وغالباً بسبب
وظيفة والده كملحق عسكري. فعاش في كندا، البيرو، المكسيك، النمسا وفرنسا،
وأمضى
مواسم صيف في إيطاليا، ما يفسّر سبب إتقانه الإنكليزية، الفرنسية،
الألمانية،
والإيطالية، فضلاً عن لغته الأم.
درس الصحافة في كاراكاس، لكنه اختار العمل الديبلوماسي كمهنة أيضاً.
يُذكَر أنه
عمل لدى منظمة غير حكومية تشجّع الشبّان في أميركا اللاتينية على التصويت.
وبعد أن
وقع اختيار أحد الأصدقاء عليه للظهور في شريط مصوّر تجريبي حاز بعض
الانتباه، قرّر
راميريز، في السن الثالثة والعشرين،
التفرّغ للتمثيل. لكن والده كان «مشككاً»، على
حد قوله.
مع ذلك، ذاع صيت راميريز فوراً، بعد مشاركته على مدى سبع سنوات في
مسلسل
تلفزيوني درامي فنزويلي بعنوان Costa Rica، قبل أن تبدأ الأدوار في أفلام أميركية
لاتينية عدّة بالتهافت عليه. كان يُفترض به أن يحقق إنجازه الكبير في
هوليوود من
خلال فيلم
Domino، عبارة عن سيرة ذاتية أُطلقت في عام 2005 من
إخراج توني سكوت،
وشاركته التمثيل كيرا نايتلي وميكي رورك، لكن الفيلم فشل فشلاً
ذريعاً. من ثم قام
بأدوار صغيرة في The Bourne Ultimatum
وفيلم التشويق السياسي Vantage Point
في
العام 2008.
تمخّض Carlos
عن طموح كبير وميزانية منخفضة نسبياً. بلغت تكلفة إنتاجه من
استوديو
Canal Plus
الفرنسي نحو 19 مليون دولار وصُوّر على مدى ستة أشهر في ثلاث
قارات، ودُبلج إلى ثماني لغات مختلفة. وفضلاً عن عرضه على شاشات التلفزيون
الأميركية، تتوافر منه نسختان سينمائيتان، الأولى مختصرة في
160 دقيقة والثانية
كاملةً ومدّتها 319 دقيقة.
في هذا السياق، يوضح راميريز بأن الفيلم «ليست له أجندة سياسية، أو
أخلاقية».
يقول في المقابل: «كان من المهم بالنسبة إلينا إظهار الصراع بين المثالية
والفردية،
بين إرادة تغيير العالم وأحلام الثورة من جهة، والافتتان الشخصي بشغل مكانة
في
التاريخ من جهة أخرى. لعل السياسة في هذا الفيلم تشكّل جزءاً
من القصة، لكنه ليس
فيلماً سياسياً».
لكن ما هي الرسالة أو العبرة التي قد يستخلصها المشاهدون من هذا الوصف
الوافر
لجذور عصر الإرهاب الراهن الذي نعيش فيه؟ يبتسم راميريز مضيفاً: «أنا سعيد
لأنني لا
أملك جواباً لذلك. لكن أعتقد بأنه من المثير للاهتمام على الأرجح أن يطرح
الجميع
الأسئلة الخاصة بهم. ذلك، برأيي، هدف أي مسعى فني، وهو إثارة
الأسئلة: أن نفكّر،
نشعر، نُصدَم ونتأثر».
الجريدة الكويتية في
25/10/2010 |